الأساليب الحديثة لتأهيل وتدبير الموارد البشرية في الوظيفة العمومية المغربية

الأساليب الحديثة لتأهيل وتدبير الموارد البشرية في الوظيفة العمومية المغربية

 

 

د. محمد بوكطب

باحث في العلوم القانونية والإدارية والسياسية بكلية الحقوق وجدة

تخصص التدبير الاستراتيجي للموارد البشرية في الإدارة والمقاولات

مقدمة:

لقد أصبح واضحا أن التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاستفادة منها في ترشيد وتطوير العمل الإداري وكذا التواصل مع المواطنين اختيارا لا يخضع للرفض وإنما أصبح ضرورة تحدد بقاء المنظمات. ومنه أضحى اختيار التقنية المناسبة وتعميم الاستفادة منها تحديا يواجه إدارتنا وأطرها كل يوم.

إن لتكنولوجيا المعلومات عدة انعكاسات على مفاهيم وفلسفة الإدارة وما يصاحب ذلك من تعديل في السلوك والممارسة الإدارية يطال العمليات والاجراءات والصالات والهياكل التنظيمية. فقد أحدثت تكنولوجيا المعلومات طفرة حقيقية في أساليب أداء العمل وفي سرعة وكفاءة ودقة إنجازه، الشيء الذي يساهم بشكل فعال في تحقيق التنمية الشاملة والمستديمة، حيث ينجز في دقائق ما كان يتحقق في أيام، فتزايدت قدرات المنظمات والإدارات وأصبحت المعرفة وإدارة المعلومات في مركز التطور ومحركا رئيسيا لهذه القدرة.

وقد ترجمت أهمية هذا المجال في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة المنظمة من لدن كتابة الدولة المكلفة بالبريد وتقنيات الاتصال والاعلام يوم 23 أبريل 2001 تحت عنوان: الاستراتيجية الوطنية لإدماج المغرب في مجتمع الاعلام والمعرفة حيث جاء في الرسالة السامية:” وسيضل إصلاح الإدارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بلادنا إذ يتعين أن نوفر لأجهزتنا الإدارية ما يلزم من أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها الانترنيت لتمكينها من الانخراط في الشبكة العالمية وتوفير خدمات أكثر جودة لمتطلبات الأفراد والمقاولات”[1].

وفي إطار مهمة الإصلاح والتحديث التي تنهجها الحكومة، تكون التكنولوجيا الحديثة بالنظر للإمكانيات التي تتيحها أداة فعالة وأساسية لتحقيق هذه الغاية، فاللجوء إليها يكون حلقة ضرورية لدخول الإدارة المغربية عهد المعلومات والمعرفة.

وإذا كان الإصلاح الإداري وتحقيق التنمية الإدارية يعتبران من الأساسيات الأولى لأي إصلاح مجتمعي شامل، فإن أهم خطوة لتحقيق تلك التنمية هي العناية بالعنصر البشري على اعتبار أن الإدارة هي بالأساس إدارة أشخاص لا أشياء[2].

غير أهم إشكالية تطرح في مجال تدبير الموارد البشرية تتمثل بشكل أساسي في غياب استراتيجية واضحة تحدد الإطار المرجعي للوظائف والكفاءات وغياب المعطيات والبيانات حول تدبير الموارد البشرية الشيء الذي لا يساعد على التحكم وضبط الاحصائيات المتعلقة بنوعية وطبيعة التركيبة الهرمية لهذه الموارد، كما أن التجربة أبانت على أن التدبير يقتصر على الجانب القانوني والتسيير اليومي للقضايا على حساب تدبير فعال مبني على منطق التدبير التوقعي والاستراتيجي للموارد البشرية.

ويشكل تدبير المناصب المالية إحدى المشكلات العويصة في التسيير الحالي للموظفين. فهي بمثابة مفترق طرق حقيقي تلتقي فيه كثير من الأعمال الإدارية المتعلقة بالموظفين. وفيه نظام يؤثر المراقبة الأولية للنفقات يخضع كل عمل يهدف إلى توفير أو تغيير أو نقل منصب من المناصب المالية لرخصة مسبقة من طرف وزارة المالية. ومن الناحية العملية فلكل الإجراءات الخاصة بتسيير الموظفين انعكاس على إدارة المناصب المالية. ويشمل هذا الانعكاس التوظيف والترقية والحركية وتغيير المناصب والتعويضات……..

وبغية تنفيذ تلك الأعمال الإدارية تستند مصلحة تدبير الموظفين خلال نشاطها العملي إلى الوثيقة المحتوية على المناصب المالية. ولا يمكن لهذه المصلحة – مبدئيا- إجراء أي تغيير يخص انتقال الموظفين دون الإشارة إليه في تلك الوثيقة. ولكن إذا كان كل تغيير يشمل المناصب المالية يمثل نظريا تغييرا في الحركة الانتقالية للموظفين، فمن الناحية العملية ليس هناك انسجام زمني بين هاتين العمليتين. فهناك تفاوت دائم بين حركة نقل الموظف وتنفيذ العملية المالية الموازية لهذا التغيير. إذ تسبق العملية الأولى العملية الثانية.

ينتج عن هذا التفاوت عدة ضغوط على المكلف بتدبير شؤون الموظفين الذي يتحتم عليه من آن لآخر أن يتحقق من وضعية المناصب المالية قبل أن يقوم بأي تصرف. وغالبا ما يدفعه هذا العائق إلى أن يلتجئ إلى بعض المراوغات والبدائل لكي يتخلص من هذه الوضعية. فحينما يعتزم هذا المكلف مثلا نقل أو تعيين موظف دون أن يتوفر له المنصب المالي للقيام بذلك، ويرى أنه من الضروري إجراء هذه العملية فلن يتردد حينئذ في البحث عن وسيلة تمكنه من تجاوز تلك الرخصة المسبقة. فإذن  إما أن ينفذ عملية التوظيف ولو تطلب منه ذلك إثباتها في الوثيقة المالية في وقت لاحق وإما أن يتصرف بطريقة أقل شفافية – عندما لا يكون في مقدوره إجراء هذه العملية- على حساب تسيير سليم للموارد البشرية. وهذا يبين مدى تعقيد عملية تسيير المناصب المالية من قبل المسؤول عن تسيير الموظفين.

لذلك، تمثل لائحة إعداد الموظفين المستند المرجعي للمسؤولين عن إدارة شؤون الموظفين. فهي تبين عدد الموظفين المسموح به في كل إدارة وتبين بشكل مفصل رتب ونوع الوظيفة الخاصة بالموظفين المنتسبين لأسلاك الإدارة[3].

وعليه، إن ما يتجلى بوضوح بعد وصف وتحليل نظام إدارة المناصب المالية هو حتمية اعتماد المناهج التدبيرية الحديثة للموارد البشرية، مع إبراز دور النظم المعلوماتية التي تساعد على التحكم في معلومات الموظفين( المبحث الأول)، في مقابل ذلك مكانة ودور القضاء الإداري في مراقبة  بعض التحايلات خلال عمل المصالح المكلفة بتسيير الموظفين وكشفه للتلاعبات التي تطال هذه العملية (المبحث الثاني).

المبحث الأول: التدبير التوقعي النوعي والكمي للموارد البشرية

إن مقاربة التدبير النوعي كإحدى المداخل الممكنة لوضع إطار مفاهيمي نظري، يؤسس لثقافة التدبير بالوظائف والكفاءات، عوض المقاربات الكلاسيكية بهاجس تدبير المناصب المتاحة. خصوصا وأنها تستحضر حجم وقوة المتغيرات التي قد تعصف بأية منظمة، إن غابت استراتيجية واضحة على هذا المستوى. ليقترح إذن، التدبير النوعي والكمي للموارد البشرية، مستويات أساسية للاشتغال: أولها يروم القيام بعملية تحليل الوظائف، مرورا بمستوى وصفها، ليباشر في الأخير مستوى التقويم     ( المطلب الأول) من خلال التحكم الجيد في تدبير قواعد البيانات، بطريقة تمكن من تقدير الحاجيات بأساليب ومناهج علمية قد تفضي في النهاية إلى ضرورة تقويم الوضعية العامة، عبر مجموعة من مداخل الإصلاح ذات البعد الكمي، مثلما هو الحال بالنسبة لعملية إعادة الانتشار أو نظام المغادرة الطوعية( المطلب الثاني).

المطلب الأول: حتمية اعتماد المناهج التدبيرية الحديثة

إن التدبير الحديث للموارد البشرية يعتمد على التخطيط المسبق للوظائف والكفاءات. ويتم ذلك عبر عملية توصيف الوظائف والكفاءات( الفقرة الأولى)، التي تعد لبنة أساسية لاعتماد التدبير التوقعي للوظائف والكفاءات(الفقرة الثانية).

 

الفقرة الأولى: توصيف وترتيب الوظائف

يعد توصيف وترتيب الوظائف مرحلة أساسية من مراحل مخطط التدبير التوقعي، وهو بمثابة تشخيص للوظائف والموظفين داخل إدارة معينة. حيث يتم خلالها القيام بجرد شامل يمكن من إعطاء صورة كاملة عن وضع المنظمة فيما يتعلق بمواردها الحالية وبنية وظائفها. وعلى مستوى الموارد البشرية، يتم القيام بجرد كل ما يتعلق بها من حيث : الأعداد، السن، الأقدمية، الجنس، التأهيل. أما على مستوى الوظائف، فيتم تحديد ووصف وضعيات العمل، المهام، الأنشطة والكفاءات التي تلائمها[4].

ويتم من خلال هذه العملية تجميع الوظائف بشكل منظم على أساس واجباتها ومسؤولياتها والمؤهلات اللازمة لشغلها، وذلك في مجموعة من الوظائف الرئيسية، والفرعية والنوعية، تتشابه من حيث نوعية العمل وطبيعة التخصص. مثلا نجد مجموعة من الوظائف الإدارية تتطلب مهارات خاصة للقيام بها، لذلك لا بد من البحث عنها ضمن الكفاءات المتوفرة، لتنصيب الرجل المناسب في المكان المناسب. وقد تتخذ واجبات الوظيفة ومسؤولياتها ودرجة صعوبتها ومخاطرها أساسا لتصنيف الوظائف، لأنها تساعد على معرفة المؤهلات العلمية والخبرات العلمية اللازمة لشغل الوظيفة ومن ثم تحديد الراتب.

وعليه، فإن توصيف وترتيب الوظائف على أساس الواجبات والمسؤوليات المطلوبة فيها، والصعوبات المرتبطة بممارستها، وشروط التعيين فيها تحقق عدة أهداف من أهمها:

  • وضع سياسة ثابتة ورشيدة للتعيين في الوظائف العامة، بعد التعرف على الحاجات الحقيقية للوظائف العامة، ومؤهلاتها المطلوبة، وشروط التعيين فيها، وعلى ظروف العمل الداخلية، لاسيما فيما يتعلق بعدد الأطر في نطاق كل فئة؛
  • ربط المرتبات على أساس سليم، حتى يكون الأجر على قدر العمل في مختلف الوظائف الإدارية، وحتى لا يكون هناك تفاوت في الأجور على أساس اعتبارات تتعلق بشخص الموظف؛
  • تنظيم السلك الوظيفي، بفسح قدر معقول من الأمل للترقية، لا سيما في الدول التي تعتبر فيها الوظيفة مهنة يتفرغ لها المواطن طيلة حياته، وذلك بجمع الوظائف المتجانسة من حيث خصائصها في طائفة واحدة، وترتيب درجاتها تصاعديا بما يتفق وحاجة العمل الحقيقية؛
  • تحقيق الغاية التي تستهدف قيام أقل عدد من الموظفين بالأنشطة العامة وبأقل قدر ممكن من النفقات، وفي أقصر وقت ممكن؛
  • تحقيق قدر معقول من الانسجام بين مختلف طوائف الموظفين، حتى لا يكون ثمة إجحاف في معاملة بعض فئات الموظفين، ومحاباة في معاملة بعضهم الآخر[5]؛
  • العمل على اختيار الموظفين، واستقطاب أجود العناصر المتوفرة على الكفاءات المتنوعة، ومن مستويات مختلفة على أساس المباراة المبنية على قواعد واضحة وأسس سليمة؛
  • العمل على التقدير السليم للميزانية المخصصة للوظائف، وتسهيل الأخذ بنظام حساب التكلفة، وميزانية الأداء، والعمل في الوقت نفسه على صيانة الأموال العامة؛
  • إن التصنيف أداة فعالة بيد الإدارة لتسهيل عملها، نظرا لازدياد أعباء الدولة، وبالتالي فهي ملزمة بإتباع سياسة التخطيط الشامل الممتد الى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المختلفة[6]؛

ولبلوغ تلك الأهداف، على الساهرين على عملية توصيف وترتيب الوظائف إتباع الخطوات الأساسية التالية:

  • حصر الوظائف بإعداد قائمة توضح أنواع الأعمال المطلوبة والوظائف اللازمة لتأديتها. ويعتمد في ذلك على تحليل الأنشطة الإدارية ودراسة الهيكل التنظيمي للمؤسسة؛
  • جمع الحقائق والبيانات عن مكونات الوظائف وخطوات تنفيذها وواجباتها وأعبائها والظروف التي تؤدى فيها؛
  • تحليل الحقائق والبيانات المجمعة حول الوظائف للوقوف على الخصائص المميزة لكل وظيفة؛
  • تحديد المواصفات المطلوبة لشغل الوظيفة، من حيث التعليم والمعرفة والقدرات والخبرات والمهارات والسمات والصفات، إلى غير ذلك من المؤهلات اللازمة لشغل الوظيفة؛

ويستعان غالبا في عملية تحليل الوظائف وتحديد مواصفات شاغل الوظيفة ببعض الأسئلة التي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، تلك التي تتمحور حول الجوانب التالية:

  • طبيعة العمل واختلاف وتعقد الواجبات؛
  • الرقابة الاشرافية الواقعة على الوظيفة؛
  • إشراف الوظيفة على أعمال الغير؛
  • الابتكار وحسن التصرف؛
  • طبيعة ونطاق القرارات والمسؤولية عنها وأهمية الأخطاء؛
  • التواصل والعلاقات الشخصية؛
  • المؤهلات المطلوبة لشغل الوظيفة.

وبعد القيام بالدراسة التحليلية للبيانات والمعلومات المجمعة عن الوظائف، واستبعاد ما هو غير ضروري منها، تقوم الجهة المعنية بتنسيقها وترتيبها ومراجعتها، ثم تسجيل تلك البيانات والمعلومات المرتبة في بطاقات وصف الوظائف[7]، ليصبح لدينا دليلا مرجعيا للوظائف والكفاءات يعتمد كلبنة أساسية لكل تدبير توقعي للموارد البشرية داخل الإدارات العمومية.

ورغم أهمية توصيف وترتيب الوظائف، خاصة في مجالات الإصلاح الإداري، إلا أن المغرب لم يتبع سياسة محكمة في هذا المجال، رغم المحاولات المتعددة التي تميزت باتخاذ تدابير قانونية وتنظيمية مجزأة ومتفرقة ومتباعدة من حيث الزمن، أضعفت مردوديتها.

 

الفقرة الثانية: اعتماد التدبير التوقعي للموارد البشرية

إن مصطلحي “التوقع” و “الاستراتيجي” يدلان على نفس المعنى، بحيث يتعلقان بما هو مستقبلي، إلا أنهما يحققان تكامل وظيفي فيما بينهما، حيث يعتبر التوقع منهجية للتخطيط الاستراتيجي المتوسط والبعيد المدى. لذلك، فإن التدبير التوقعي يخدم بشكل كبير الوظائف الاستراتيجية للدولة، خاصة إذا كان التوقع يتعلق بالموارد البشرية، بحيث إن المورد البشري هو المحرك والدعامة الأساسية للجهاز الإداري الذي يقوم بوظائف ضمن استراتيجية الدولة.

وتحديد المورد البشري المناسب للقيام بالوظيفة الاستراتيجية عن طريق التدبير التوقعي، سيساعد لا محالة في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وبالتالي إمكانية بلوغ الأهداف المرجوة دون تبذير في الجهد والوقت والمال. فضلا عن ذلك، فإن التدبير يعتمد في حقيقة الأمر على نسبة معينة من التوقع، نظرا لكونه يبحث في مجموعة من الخيارات في ظروف محددة وبشروط مسبقة، لاتخاذ القرارات الصائبة. والعمل بالتدبير التوقعي يعزز- ببساطة- هذا التوجه، إذ أنه يعمل على توضيح الخيارات، وهذه ضرورية لابد من توفرها في مجال تدبير الموارد البشرية، كما في مختلف المجالات المرتبطة بموارد الإدارة العمومية، بهدف بلوغ مراميها[8].

إن التدبير التوقعي للموارد البشرية أو الوظائف والكفاءات له تعريف يمكن التطرق إليه كالتالي:” حيث يعتبر طريقة تهتم بالمظاهر الجماعية والكمية لتطور مجتمع الموظفين(المظاهر الديمغرافية، السن…)[9]. ومع إدخال التكنولوجيات الحديثة بالإدارات، ووضع مقومات مهنية جديدة مرتكزة على الاستقلال التام، ومسؤوليات كبيرة، أصبح من اللازم الاعتماد على منظور جديد للتدبير التوقعي للموارد البشرية، وذلك بالانتقال من التدبير الكمي إلى التدبير النوعي ومن التدبير الجماعي إلى التدبير الشخصي[10]. لذلك، فإن التدبير التوقعي للكفاءات يهتم بتطور وتنمية القدرات والمؤهلات الشخصية للموظف، بعد معرفة طبيعة ونوعية الوظيفة التي يقوم بها.

وهناك أيضا التدبير التوقعي للوظائف الذي يسمح بتحديد تطور أو التحولات في مضامين وتركيبة المهن، والمهارات والوظائف. وفي الأخير، نجد التدبير التوقعي للمسارات المهنية، الذي يسمح بتحديد الحياة الوظيفية للموظف داخل الإدارة، والمراحل التي يمكن له المرور بها، والامتيازات المتوفرة له خلال مساره المهني.

والتدبير التوقعي للموارد البشرية يجمع كل ما سلف ذكره من تعاريف منفصلة، فهو يغطي مجموع المراحل والإجراءات والطرق التي تهدف إلى وصف وتحليل مختلف المستقبليات التي يمكن أن تواجهها الإدارة، بقصد تسليط الضوء على القرارات المتعلقة بالموارد البشرية، وملاءمتها مع الأهداف المتوخاة والرهانات المرتقبة[11].

وتنطلق هذه العملية من الأرضية التي ذكرناها سالفا، وهي توصيف وترتيب الوظائف، حيث على أساس هذا الإجراء يمكن للجهاز الإداري أن يوفق، أو العكس، في تدبيره التوقعي للمناصب والكفاءات.

وتتمثل خطوات التدبير التوقعي للموارد البشرية في :

جمع وتحليل المعلومات عن الخطط الاستراتيجية ومخططات العمل[12]: وتعتبر هذه العملية من أهم مراحل التدبير التوقعي للموارد البشرية في الإدارات العمومية، بحث تقم الإدارة بتكييف حاجاتها البشرية مع المخططات الواجب عليها إتباعها وبلوغ أهدافها، وبعد دراستها وتمحيصها وتحليل محتوياتها في إطار تدبير توقعي جيد للموارد البشرية؛

تحديد نوعيات الموظفين المطلوبين وأعدادهم[13]:  وتتطلب هذه المرحلة إسقاط الموارد البشرية بالأعداد والأنواع على زمن أو مدى زمني محدد[14]، وحصر أعمال الجهاز الإداري وأنشطته، وتصميم الوظائف اللازم توفرها لتنفيذ تلك الأعمال والأنشطة، ويعتمد في ذلك على الهياكل التنظيمية وبطاقات توصيف الوظائف.

بعد تحديد أنواع الوظائف خلال الفترة الزمنية المحددة للتوظيف، يتم حصر عدد الموظفين والأعوان المطلوبين في كل نوع من هذه الوظائف، مع الأخذ بعين الاعتبار حركية الموظفين، وحالات التغيب، والخروج من العمل وأثر التغيرات الهيكلية والتكنولوجية؛

التنبؤ بعرض العمل: ويتعلق الأمر بشاغلي الوظائف الجدد، سواء الموجودون داخل الإدارة أو خارجها، فالتنبؤ بعرض العمل داخل الإدارة يكون نتيجة الترقيات، أو التكوين، أو إعادة التوظيف، أو في إطار الحركية وإعادة الانتشار، أو وضع رهن الإشارة، خلال المدة المعدة للتوظيف. أما التنبؤ بعرض العمل خارج الإدارة، فيكون بتقدير المتاح من المرشحين خارج الإدارة، خاصة خريجي المعاهد العليا والمدارس والجامعات ومراكز التكوين، الذين يتطابق تكوينهم مع متطلبات الوظائف المتوقعة؛

تحديد الفائض أو العجز في كل مجموعة نوعية من الوظائف[15]: عبر دراسة وإيجاد الفوارق بين الحاجيات والموارد البشرية المستقبلية، والبحث فيما إذا كانت ندرة في الموارد البشرية المؤهلة لتحمل مسؤوليات بعض الوظائف أو العكس، مع مراعاة التغيرات في بعض الوظائف والمهن واختفاء بعض الوظائف وظهور وظائف جديدة[16]؛

معالجة الفوارق المحتملة: بعد تحديد الفائض أو العجز الكمي أو النوعي الحاصل في الموظفين، يمكن بلورة استراتيجيات وسياسات ملائمة للتوجهات المقررة لتدبير الموارد البشرية، والبحث في مختلف الأسباب التي أفرزت هذا الخلل، فإذا كان مستوى التأطير ضعيف، أو كان سوق العمل يتصف بالندرة، فعلى الإدارة إعداد سياسة ملائمة للتكوين و التكوين المستمر وإعادة التأهيل. أما إذا كان سوق العمل يتصف بالوفرة، فعلى الإدارة أن تلجأ إلى وسيلة إعادة انتشار الموظفين، وترك عوامل التسرب تأخذ مجراها مثل: الاستقالة، التقاعد، التوقيف المؤقت، المغادرة الطوعية…الخ[17].

إن العمل على بلورة هذا التوجه، يتعين الأخذ بعين الاعتبار مختلف الصعوبات والاكراهات القانونية والمالية والهيكلية، التي قد تواجه القائمين على اعتماد التدبير التوقعي للموارد البشرية، بهدف تجاوزها، أو على الأقل التكيف معها.

وعلى المستوى القانوني، لا يمكن تجاهل القواعد القانونية المنظمة لعمل الإدارة وتدبيرها للموارد البشرية، وإنما يمكن تطبيق هذه القوانين وفق منطق تدبيري، لا يروم تقليص القواعد القانونية، ولكن توظيفها باستعمال عقلاني، رزين، مجدد ومبدع. ويمكن كذلك استغلال الثغرات القانونية والسلطة التقديرية المخولة لها لخدمة أهداف مخطط التدبير التوقعي.

وهكذا، ستصبح عملية تحديد الحاجيات بناء على المناصب المالية المتوقعة ليلك السنوات، وليس على المهام والتغيرات المستقبلية، ولن يمس ذلك سوى كم تلك الوظائف التي ستتقلص بفعل الإكراه المالي، ولن يتأثر مضمون ونوع الوظائف والكفاءات المطلوبة[18].

وعليه، يشكل التدبير التوقعي محور التدبير الاستراتيجي للموارد البشرية، ليس فقط بتحديد الفارق بين الموارد الحالية للإدارة والموارد البشرية المتوقعة، بل له أيضا أن يؤدي إلى نتائج مهمة داخل الإدارة، وذلك باحتواء الوظائف فيها، بتطوير الكفاءات عبر التكوين والتكوين المستمر، وربطها بالترقية لشغل المناصب الفارغة أو في طريقها إلى ذلك، وكذا الحركية وإعادة الانتشار وإعادة التوظيف….، وبالتالي الاستغناء عن التوظيفات الجديدة من خارج الإدارة لما لها من آثار مالية مهمة.

ومساهمة التدبير التوقعي في تحسين نتائج الإدارة عبر تحكمه في وضعية الموظفين ومسارهم المهني ارتباطا بحاجيات الإدارة، يظهر تأثير وظائف الدولة على الموارد البشرية في حد ذاتها، بمعنى أن الوظائف الاستراتيجية للدولة هي المحدد الأساسي لمؤهلات الموارد البشرية وكفاءاتهم ووضعياتهم داخل الإدارة وتواجدهم في إدارات أخرى. وإذا أراد الجهاز الإداري أن يتلائم مع تلك الوظائف، عليه أن يوفر الموارد البشرية المؤهلة لذلك، توظيفا، تكوينا، حركية، وترقية……[19].

المطلب الثاني: وصف وتحليل نظام إدارة المناصب المالية

تعتبر الميزانية العامة السنوية أداة أساسية تستخدمها الدولة للتدخل والتأثير في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي والاجتماعي، لتوجيههما نحو تحقيق العديد من الأهداف التنموية[20]، فهي بذلك عبارة عن مجموعة من الأرقام تشير إلى اعتمادات مالية، تجسد السياسة الاقتصادية والاجتماعية المنتهجة من طرف الدولة، والتي تعتزم تنفيذها خلال السنة المالية الموالية.

ويكمن جزءا منها في تسيير موظفي الدولة في إطار الميزانية العامة التي تم التصويت عليها من قبل البرلمان كل سنة. وهكذا يصبح القانون المالي المستند المالي الأولي الذي يشمل الاعتمادات الممكن صرفها على النفقات المخصصة لتشغيل الموظفين.

وسعيا من الدولة للاستفادة من الدور المركزي الذي تلعبه التكنولوجيات الحديثة للمعلومات في الرفع من أداء الجهاز الإداري، فقد اعتمدت نظم التدبير المندمج لموظفي الدولة(الفقرة الأولى)، ونظام التدبير المندمج للموارد البشرية(الفقرة الثانية)، كما اعتمدت على نظام التدبير المندمج للنفقة( الفقرة الثالثة) من أجل الرفع وتحسين وجودة المعلومات المتعلقة بالمسار المهني للموظفين.

الفقرة الأولى: نظام التدبير المندمج لموظفي الدولة (GIPE)

Système  De Gestion Intégrée Du Personnel De L’ Etat              

 

يرمي هذا النظام إلى تحديد ومعرفة المناصب المالية والتحكم في كتلة الأجور عبر تدبير مسار الحياة الإدارية لموظفي الدولة منذ ولوج الوظيفة إلى الخروج منها.

ويعتمد هذا النظام على تبادل المعطيات بين الآمرين بالصرف من جهة والمراقب المركزي للنفقات والمحاسب العمومي من جهة ثانية، وتشمل هذه المعطيات تدبير ملفات الموظفين بواسطة الحوامل الالكترونية، نظرا لما توفره من ضبط المعلومات وفعاليتها.

وقد اقتصر استعمال هذا الإجراء، في بداية الأمر على بعض الوزارات النموذجية(المالية، التجهيز، والتعليم العالي)، وبعد التأكد من نجاح العملية تم تعميمها بصفة تدريجية على باقي الوزارات.

وللانخراط في هذا النظام التدبيري يشترط أساسا التوفر على نفس التجهيزات المعلوماتية الموجودة لدى المراقبة العامة للنفقات وعلى البرمجة المعلوماتية الملائمة بين المتدخلين في عملية تدبير شؤون الموظفين(الآمر بالصرف، الخزينة العامة، المراقب المركزي، المحاسب العمومي، والصندوق المغربي للتقاعد الذي انضم إلى هذه العملية منذ سنة 2004).

ولتسهيل عملية الانخراط في هذه العملية والإلمام التقني بها، تم في هذا الإطار على مستوى المراقبة العامة للنفقات إحداث خلية مكلفة بتتبع انخراط القطاعات الوزارية في نظام التدبير المندمج لموظفي الدولة، من خلال الاتفاقيات المبرمة بينها، بعد التأكد من التوفر على التجهيزات المعلوماتية الملائمة، كما تقوم هذه الخلية بالسهر على تكوين المكلفين بتدبير الموارد البشرية على كيفية استعمال هذا النظام.

وقد أبان هذا النظام الذي أصبح استعماله معمما على جميع الوزارات على بعض النواقص، نظرا لاكتفائه بالتدبير المالي للموارد البشرية العاملة بالإدارات العمومية دون أن يأخذ بعين الاعتبار الجوانب الأخرى للوضعيات القانونية للموظف، وهو ما تم تداركه من خلال نظام معلوماتي آخر متكامل يسمى النظام المندمج لتدبير الموارد البشرية.

الفقرة الثانية: النظام المندمج لتدبير الموارد البشرية   (GISRH)

Système Intégré De Gestion  Des Ressources Humaines

في إطار السياسة التي تنهجها الحكومة من خلال بلورة برنامج إصلاح الإدارة العمومية وترشيد مختلف الوسائل المتعلقة بالموارد البشرية والمعتمدة على حلول برمجيات SAP ، ارتأت بعض الوزارات الاستفادة من نظام التدبير المندمج للموارد البشرية لوزارة الاقتصاد والمالية، التي كانت سباقة ورائدة في بلورة الإدارة الالكترونية، بحيث تلتها بعد ذلك وزارة الداخلية وذلك بغية تحقيق أفضل النتائج في هذا المجال وبأقل تكلفة.

ومن بين الأهداف المنتظرة من نظام التدبير المندمج للموارد البشرية مايلي:

  • ضمان حسن استرداد البيانات؛
  • عقلنة تدبير الموارد البشرية: تدبير شؤون الموظفين ، التدبير التنظيمي، تدبير التكوين، التدبير التوقعي للمناصب والكفاءات، تدبير الوقت……
  • ضمان امن المعلومات وجودة معالجتها؛
  • تمكين الموظفين من استخدام البوابات الشخصية للحصول على المعلومات؛
  • وضع أدوات التحليل والتتبع والإشراف واخذ القرار.

ويشمل مجال هذا النظام معظم وظائف تدبير الموارد البشرية ومن بينها:

  • التدبير الإداري، ويتناول جميع الإجراءات الإدارية، التوظيف، الترقية، الحركية، الحذف……
  • التدبير التنظيمي لإدارة الهياكل وعلاقتها مع وظائف ومهام الأشخاص؛
  • إدارة وتنظيم التوظيفات(المباريات والامتحانات المهنية) لتحديد الاحتياجات واختيار المواصفات الملائمة؛
  • إدارة التكوين آخذا بعين الاعتبار خريطة التكوين، تصنيف الاحتياجات، ووضع خطط  التكوين وإدارة الدورات…..
  • تدبير المناصب والكفاءات حيث يمكن الحصول على أفضل المواصفات للمناصب والوظائف، وكذا تنظيم المسار الوظيفي.

ومن بين الأهداف المنتظرة نجد نظام التدبير المندمج للموارد البشرية الذي يتضمن مايلي:

  • ضمان حسن استرداد البيانات؛
  • عقلنة تدبير الموارد البشرية من خلال: تدبير شؤون الموظفين، التدبير التنظيمي، تدبير التكوين، التدبير التوقعي للمناصب والكفاءات، وتدبير الوقت….؛
  • ضمان أمن المعلومات وجودة معالجتها؛
  • تمكين الموظفين من استخدام البوابات الشخصية للحصول على المعلومات؛
  • وضع أدوات التحليل والتتبع والإشراف وأخذ القرار.

وتشمل هذه الخطة معظم وظائف تدبير الموارد البشرية ومن بينها:

  • التدبير الإداري: ويتناول جميع الإجراءات الإدارية من: التوظيف والترقيات في الدرجة، والرتبة، حركية الموظفين، الحذف و التوقيفات، وكل المسار المهني للموظف؛
  • التدبير التنظيمي: من خلال إدارة الهياكل وعلاقتها مع الوظائف ومهام الأشخاص؛
  • إدارة وتنظيم التوظيفات: (المباريات والامتحانات المهنية) لتحديد الاحتياجات واختيار المواصفات الملائمة، خصوصا مع تبني المغرب لسياسة جهوية موسعة؛
  • إدارة التكوين: آخذا بعين الاعتبار خريطة التكوين، تصنيف الاحتياجات، ووضع خطط التكوين وإدارة الدورات، والتسجيل، والتقييم وتتبع التكاليف؛
  • تدبير المناصب والكفاءات: حيث يمكن الحصول على أفضل المواصفات للمناصب والوظائف، وكذا تنظيم المسار المهني، بمعنى توطين الموارد البشرية في إطار خريطة شمولية للموارد البشرية.

إذن، إن تجهيز الإدارة بالتكنولوجيا الجديدة ، يمكن من[21]:

  • تطوير وتحديث العمل الإداري؛
  • مكننة المهام Automatiser Les Taches؛
  • الولوج لمختلف مصادر المعلومات؛
  • التواصل السريع مع مختلف المصالح.

هكذا، يمكن أن نتصور نظام معلوماتي للتدبير الكمي والنوعي للموارد البشرية، من خلال إعداد مخطط للمعلوميات من أجل[22] :

  • تحديد الإطار العام للمعلومة Cadre Général D’Informatisation  ؛
  • توضيح الأهداف الكمية المحددة؛
  • سبل وطرق والأجرأة والتنفيذ، على مدى عدة سنوات.

وعمليا هناك جانبين أساسين في هذا المخطط في شقه التقني:

*جانب يهم تدبير الأنظمة القانونية والتنظيمية بإعداد:

1- نظام مقنن: Système de Codification:

– يشمل البرامج، كميكانيزمات للتحليل والمعالجة المنطقية والمتسلسلة؛

– جداول إعلاميات: تشكل المرجع، وتخزن من خلالها المعطيات، تستأنس بها البرامج.

2- نظام للتدبير الوثائقي: يهم جانب توثيق كل النصوص بمختلف أنواعها:

– الظهائر، القوانين التنظيمية، القوانين، المراسيم، القرارات، التعليمات، مع تحليلها وتحيينها Système de Gestion Documentaire؛

 

*الجانب الآخر، يهم تدبير الموظفين، يضم مستويات ثلاثة:

المستوى الأول: يهتم بإعداد نظام جداول معلوماتية Table Informatique، من تطبيقاته الممكنة، مكننة العمليات التالية:

– التنقيط؛

– الترقية بمختلف أنواعها؛

– جداول الإعداد أو القوائم العددية  ……….Etats Numériques.

 

المستوى الثاني: هو إيجاد نظام بمثابة لوحات القيادة Tableau Bord:

لنحصل مثلا على:

  • تتبع أعداد الموظفين، على المدى القريب و المتوسط؛
  • هرم الأعمار والأقدمية لكل فئة؛
  • تطور التوظيف؛
  • الغياب حسب كل فئة Par Catégorie؛
  • المتابعة الاجتماعية للموظفين….

المستوى الثالث: يتضمن معطيات أساسية للتدبير التوقعي من خلال:

1- عملية مركزة Centralisation، لطلبات الموظفين من مختلف المصالح؛

2- تحليل تطور مختلف هيئات ومجموعات الموظفين؛

3- القيام بالإسقاطات اللازمة والممكنة، قبل الإقدام على اتخاذ القرار المناسب….

إن طبيعة البيانات موضوع التدبير الكمي، تتعلق ببيانات عمليات الجرد، وتنصب على الموظفين المتواجدين فعليا Réellement في مواقعهم Postes، وتتم على المستوى الذي يضمن المعلومات الأكثر شخصية Information les plus Personnalisées لتشمل بالنسبة لمجموعة وظيفية بمعناها الواسع (الهيئة، الدرجة….) Catégorie ;entendu au sens larges:

– العمر Age؛

– الجنس Sexe؛

– الأقدمية.

وأيضا المعلومات المسجلة في السنوات السابقة. هذا إلى جانب معلومات أخرى، لا تقل أهمية مثل:

– الأقدمية في الإدارة؛

– الأقدمية في الوظيفة؛

– مستوى التكوين، طبيعته، مدته؛

– المصلحة أو إدارة الانتماء؛

– الموقع الجغرافي؛

– معدل الغياب؛

– الحالة العائلية.

وبتجميع هذه المعطيات الأولية، سوف نتمكن من ملاحظة، أو التأكد من تناسق وانسجام، مختلف عناصرها، وبالتالي الإجابة مثلا على الأسئلة التالية:

– مدى التناسق ما بين الأنظمة والدرجات من جهة، ومستوى التكوين لدى الموظفين من جهة أخرى؛

– هل توجد حالات الفائض أو العجز النوعي؟

– مدى الانسجام في مضمون المهن Métier أو الوظائف، ووضعية الموظفين الذين يشغلونها؟ هل من علاقة بين الأقدمية ودرجة المسؤولية؟

– ما التناسب بين مضمون المهن أو الوظائف ومستوى التكوين؟

– هل من تفاوت ما بين الوظائف على مستوى هرم الأعمار، الأقدمية، وتوزيع الجنسين؟

– التفاوت على مستوى المصالح في التوزيع من حيث الأعمار، الأقدمية، الأجناس، مستوى التكوين؟

 

 

 

 

الفقرة الثالثة: التدبير المندمج لنفقات الدولة (GIDE)

Gestion Intégrée Du Dépense De L’ Etat

في إطار برنامج إصلاح الإدارة وتطوير الحكامة، يأتي نظام التدبير المندمج للنفقة كحلقة مكملة لمختلف الإجراءات المتخذة والتي لازالت في طور الدراسة أو التجريب .

ويمكن تعريف هذا النظام المندمج للنفقة كنظام معلومات ميزانياتي ومحاسبي موحد ومشترك بين مختلف المتدخلين في عملية النفقة، يتوخى تحقيق الأهداف التالية:

  • تقليص آجال معالجة قرارات النفقة؛
  • ترشيد كلفة معالجة هذه القرارات؛
  • التوفر في الوقت الفعلي على المعلومة المالية والمحاسبية؛
  • منح خدمة جيدة للمتدخلين في عملية النفقة.

ونظرا لثقل مساطر النفقات وعدم تجانس عمل المتدخلين فيها، وأثر ذلك على مسطرة إعداد قانون التصفية كان لزاما على السلطات العمومية والهيئات المتدخلة في تدبير النفقات العمومية، أن تفكر في نظام جديد يتسنى لها من خلاله عقلنة عملية الانفاق العام من ناحية المعالجة الاعلامية لتفادي التكرار وربح الوقت. ويمثل التدبير المندمج للنفقة الاستجابة المناسبة لذلك نظرا للمزايا المتعددة له عند الأخذ به[23].

المبحث الثاني: رقابة القضاء الإداري على تدبير المناصب المالية في الوظيفة العمومية المغربية

مما لا شك فيه أن القانون رقم 90 – 41 قد وسع دائرة اختصاص المحاكم الإدارية عندما نقل إليها طائفة من الاختصاصات التي كانت للمحاكم العادية إلى جانب دعوى الإلغاء. ومن أهم هذه الاختصاصات مادة المنازعات الضربية، والمنازعات المتصلة بالمعاشات، ودعاوي التعويض عن نزع الملكية، ومادة الانتخابات، وتسوية الوضعية الفردية للموظفين والعاملين في مرافق الدولة والجماعات الترابية إلى غير ذلك من الاختصاصات.

وبذلك، أصبحنا أمام جهة قضائية تبت في دعوى الإلغاء إلى جانب دعاوي القضاء الشامل، بل إن الأوراق تختلط أكثر عندما يتعلق الأمر ببعض الاختصاصات التي يميزها قاسم مشترك بين دعوى القضاء الشامل ودعوى الإلغاء كما هو الأمر بالنسبة لتسوية الوضعية الفردية (المطلب الأول)، وهذا لا يمنع الموظف المعني بالأمر من أن يتجه إلى المحكمة ليطلب تسوية وضعيته الإدارية  (المطلب الثاني).

 

 

 

المطلب الأول: الانحرافات المرتبطة بإجراء الإلحاق

وهو الوضعية التي يخرج فيها الموظف عن سلكه الأصلي مع بقائه تابعا لهذا السلك ومتمتعا فيه بجميع حقوقه في الترقية والتقاعد[24].

و يتم الإلحاق بطلب من الموظف الرسمي[25] حيث ينتقل مؤقتا من سلكه الأصلي مع بقائه تابعا لهذا السلك محتفظا بكامل حقوقه المرتبطة بحياته الإدارية خاصة ما يتعلق منها بالترقية والتقاعد، ويكتسي صبغة تكون في جوهرها قابلة للإلغاء.

ومن خلال هذا التعريف، نستنتج أن الإلحاق غير إجباري إلا في الحالات المنصوص عليها صراحة في القانون[26]، فهو يتم بطلب من المعني بالأمر وبعد موافقة الإدارة التي ينتمي إليها، ولا يعتبر إجراء تأديبيا كيفما كانت المبررات. كما يقتضي أن تتوفر الإدارة التي سوف تستقبل الموظف الملحق على منصب مالي شاغر مطابق لوضعيته الإدارية في الحالات العادية، أو منصب من مناصب المسؤولية في حالة تعيينه مكلفا بالدراسات، أو بأحد المناصب المخصصة لأعضاء الدواوين الوزارية، أو منصب من المناصب العليا التي يتم التعيين فيها كمنصب كاتب عام أو مدير للإدارة المركزية[27].

و قد حدد الفصل 48 من ظهير 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الحالات التي يقع فيها الإلحاق، وهي:

1- إدارة الدولة؛

2- جماعة ترابية؛

3- المؤسسات العامة وشركات الدولة والشركات التابعة العامة والشركات المختلطة والمقاولات ذات الامتياز المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، والصادرة بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.195 بتاريخ 16 من رمضان 1424(11نونبر 2003)؛

4- هيأة خصوصية ذات مصلحة عامة أو جمعية معترف لها بصفة المنفعة العامة؛

5- دولة أجنبية أو منظمة جهوية أو دولية.

كما يمنح للموظف الحق في الإلحاق تلقائيا، في حالة القيام ببعض المسؤوليات العليا الإدارية والسياسية وطيلة مدة انتخابه في البرلمان[28]. وتطبيقا لأحكام الفصل 38 المكرر مرتين من قانون الوظيفة العمومية، وفي حالة تحويل المصالح من إدارة عمومية إلى أخرى أو في حالة لا تركيز أو لامركزية إحدى المصالح الإدارية فإن الموظفين المنتمين لهذه المصالح ينقلون أو يلحقون بصورة تلقائية.

في الواقع، لا يشير الفصل 48 الذي يعالج مختلف حالات الإلحاق، بتاتا إلى الإلحاق التلقائي الذي أدرج ضمن النظام الأساسي العام بمقتضى القانون رقم: 97-10، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن عدم قيام المشرع بتحيين الفصل 48، بالرغم من أن هذا الإصلاح قد مر عليه أكثر من 18 سنوات.

ويمنح الإلحاق لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لفترات متساوية، وللإدارة الحق في إلغائه ما عدا الحالة التي يتم فيها الانتخاب في البرلمان[29]، خلال هذه المدة يمكن تعويض الموظف نظرا لطول مدة الإلحاق لما يترتب عن عدم تعويضه من انعكاسات على السير العادي للإدارة. وقد يكون الإلحاق لمدة قصيرة أقصاها 6 أشهر غير قابلة للتجديد، حيث لا يعوض الموظف الملحق في وظيفته خلال هاته المدة نظرا لقصرها.

ويمكن للموظفين الملحقين بإدارة عمومية أو جماعة ترابية منذ مدة لا تقل عن ثلاث سنوات أن يدمجوا بطلب منهم في أسلاك الإدارة العمومية أو الجماعة الترابية المحلقين بها.

ويتم الإدماج في إطار يكون مشابها لإطاره الأصلي من حيث شروط التوظيف وسيرورة الحياة الإدارية وطبيعة المهام[30]، كما يتم إدماج الموظفين المنتمين للهيئات والأطر المشتركة بين جميع الإدارات العمومية في نفس الإطار الذي ينتمون إليه برسم إدارتهم الأصلية بتاريخ الإدماج،  وتتولى تحديد الإطار الذي تدمج فيه هذه الفئة من الموظفين وكذا الدرجة والرقم الاستدلالي الذي يستحقونه في الإطار الجديد لجنة تتألف من:

– السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية أو ممثلها، رئيسا؛

– السلطة الحكومية المكلفة بالمالية أو ممثلها؛

– رئيس الإدارة أو رئيس الجماعة الترابية التابع له الموظف أو ممثله؛

– رئيس الإدارة أو رئيس الجماعة الترابية الملحق الموظف لديه أو ممثله،…[31].

ويتم الإدماج بقرار مشترك للوزير أو رئيس الجماعة التابع لها الموظف والوزير أو رئيس الجماعة الملحق لديها الموظف.

ويتم الإلحاق بموجب قرار للوزير الذي ينتمي إليه الموظف المعني باقتراح من الوزير الذي يلحق به الموظف أو من السلطة المسؤولة في الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية، ويتم الإلحاق في الحالات التي يشير إليها الفصل 48 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية بواسطة قرار للوزير المعني بالأمر، وبناء على اقتراح من رئيس الإدارة أو المؤسسة أو الهيئة التي يلحق لديها الموظف[32]. وعند انتهاء مدة الإلحاق يرجع الموظف الملحق وجوبا إلى سلكه الأصلي ويشغل أول منصب شاغر حيث يباشر من جديد مهام المنصب المماثل لدرجته، وتعطى له الأسبقية في التعيين في المنصب الذي كان يشغله قبل إلحاقه، فإذا رفض المنصب الذي عين فيه لا يمكنه الحصول على المنصب الذي يحق له أو على منصب مساو له إلا بعد شغور منصب في الميزانية[33]، باستثناء الموظف الملحق للقيام بمهمة عمومية لدى دولة أجنبية أو منظمة دولية، الذي يرجع إلى سلكه الأصلي، ويعين زيادة على العدد المحدد بموجب قرار يصدره الوزير المعني بالأمر بعد ما تؤشر عليه السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزارة الاقتصاد والمالية، وتستدرك هذه الزيادة بمجرد شغور أول منصب في الرتبة المقصودة بالذات[34].

ومن الآثار المترتبة عن الإلحاق احتفاظ الموظف بحقوقه في الترقية والتقاعد بسلكه الأصلي، لذا تعطى له النقطة السنوية من لدن الإدارة أو المنظمة الملحق بها والتي توجهها إلى إدارته الأصلية، وعلى هذا الأساس، فإن الموظف الملحق يستفيد من الترقية في الدرجة حسب نفس المناصب المالية الشاغرة، وذلك على قدم المساواة مع زملائه المزاولين لمهامهم بإدارتهم الأصلية، ونفس الشيء بالنسبة للتأديب، فهو من اختصاص الجهة الأصلية، تطبيقا للقاعدة العامة التي تقضي بأن “من يملك التعيين يملك التأديب”[35]. كما يتقاضى مرتبه من الجهة التي هو ملحق بها، وهو لا يتحدد باتفاق الموظف مع الإدارة، بل تحدده القوانين ولا يجوز أن يتقاضى مرتبا أقل من مرتبه في إطاره الأصلي، ويتحمل الموظف الملحق الاقتطاع من المرتب من أجل اكتساب حقوقه في التقاعد على أساس الرتبة التي ينتمي إليها في إطاره الأصلي، ويخضع للاقتطاع من أجل حقوقه في الضمان الاجتماعي على أساس المرتب الذي يتقاضاه في الوظيفة التي هو ملحق بها[36].

فإذا كان الإلحاق يمثل أصل الحركية الأفقية حيث يسمح بمزاولة أنشطة أخرى خارج الإدارة الأصلية في إدارة مختلفة أو في مؤسسة عمومية أو خاصة أو في دولة أجنبية أو في مؤسسة تعليمية أو في نقابة أو منظمات دولية (الفصل 48)، فإنه من الملاحظ أن الإلحاق داخل الوظيفة العمومية لم يلعب الدور الذي سطره صراحة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية في تفعيل الموارد البشرية، ويبدو أن هناك عدة عوامل موضوعية وذاتية قد ساهمت في خلق هذه الوضعية، وهكذا فإن التوظيفات غير الملائمة، وعدم الرضى عن عمل يتميز بضيق الأفق الوظيفي، والفوارق في الأجور من قطاع إداري إلى آخر (منح وامتيازات مختلفة) لم تخدم، بل عملت على تحريف الأهداف الأساسية لمسطرة الإلحاق ألا وهي الحركية وتجديد الكفاءات الإدارية[37].

أما بالنسبة لمسطرة الإلحاق فقد بينت الممارسة العملية مدى تعقدها وصعوبتها بالنسبة للموظفين الملحقين خاصة فيما يتعلق بالترقية في الإطار الأصلي، حيث غالبا ما تعرقل ترقية الموظف في الدرجة، إذ تعطى الأولوية في الترقية للموظفين الذين يمارسون مهامهم فعليا في إدارتهم الأصلية، ومن جهة أخرى فإن وضعية الإلحاق لا تسمح للموظف الملحق بإدماجه في إدارته الأصلية إلا عندما يتوفر منصب شاغر يطابق رتبته[38].

كما أن هذه الوضعية تجعل الموظف المعني بالأمر يواجه عدة صعوبات عندما يطلب إدماجه في الإدارة الملحق بها، فيجد نفسه أمام مسطرة طويلة ومعقدة تجعله مجبرا على تمديد فترة إلحاقه على فترات.

وبالرغم من الأهمية التي تكتسيها مراجعة مدة الإلحاق[39]، إلا أنها لا يمكن أن تحجب المعوقات الحقيقة التي تكتنف مسطرة الإلحاق والتي تقف حجر عثرة أمام تحقيق أهدافه واستعماله كآلية للحركية تسهل انتقال الموظفين بين الإدارات.

فمدة الإلحاق يمكن أن تكون قصيرة (ستة أشهر على الأقل غير قابلة للتجديد) أو طويلة  (ثلاث سنوات قابلة للتجديد)، فإذا كانت الحالة الأولى لا تطرح أي إشكال حيث يمكن للموظف الملحق أن يرجع إلى منصبه بمجرد انتهاء مدة إلحاقه، فإن الحالة الثانية، حيث يتم تعويض الموظف في وظيفته، تطرح عدة مشاكل ترتبط بإنهاء الإلحاق دون التأكد من توفر الإدارة على مناصب شاغرة قصد إعادة إدماج الموظفين الملحقين في أسلاكهم الأصلية.

ففي هذا الصدد، فقد أكدت المحكمة الإدارية بالرباط في قضية السيد عبد العزيز التازي ضد وزير التجارة والصناعة على أن “الموظف الملحق بعد انتهاء مدة الإلحاق يرجع وجوبا إلى سلكه الأصلي، حيث يشغل أول منصب شاغر، ويباشر من جديد منصبا مماثلا لرتبته في هذا السلك وتعطي له الأسبقية في مباشرة المنصب الذي كان يشغله قبل إلحاقه”،… وأضافت في حيثية أخرى “بأن الإدارة المدعى عليها وهي وزارة التجارة والصناعة، لم تدل للمحكمة بما يثبت عدم توفرها على أي منصب شاغر منذ وضع حد لإلحاق المدعي، فيبقى جوابها مجرد ادعاء غير مدعم بأي دليل يثبته، وبالتالي فلا مبرر للإدارة والحالة هذه في أن تحرم المدعي من منصبه المالي الذي اكتسبه منذ  1966[40]“.

وبناء على ذلك، قضت المحكمة بأحقية المدعي في الحصول على منصب مالي بإرادته الأصلية مع تمتيعه بكافة حقوقه المترتبة عن وضعيته الإدارية والمالية ابتداء من تاريخ 10 دجنبر 1987.

وفي نازلة أخرى، قضت المحكمة الإدارية بالرباط[41] بأحقية المدعي في تسوية وضعيته الإدارية منذ 30 يونيو 1990، وأسست حكمها هذا على أن حل المنظمة العربية للثروة المعدنية التي كان الطاعن هو أمينها وملحقا بها، كان يقضي من إدارته ( وزارة الطاقة والمعادن) إرجاعه إلى سلكه الأصلي ولو عن طريق إدماجه في منصب زيادة على العدد، إذا لم يوجد منصب شاغر لرتبته وذلك طبقا للفصل52 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وتستدرك هذه الزيادة بمجرد شغور أول منصب في الرتبة المقصودة بالذات.

وإلى جانب هذه المشاكل التي ظهرت خلال المسطرة المطبقة في إلحاق الموظفين، فإن الإدارة في بعض الأحيان قد تنحرف في استعمال سلطتها التقديرية في نقل موظفيها. وفي مثل هذه الحالات يعمد الموظف المتضرر إلى الطعن أمام القضاء لفحص شرعية القرار الذي تملك بشأنه الإدارة سلطة تقديرية، وعندما يثبت أن هذه الأخيرة قد انحرفت في استعمال سلطتها التقديرية يتصدى القضاء لإلغاء هذا القرار.

هذا ما ظهر جليا من خلال قرار المجلس الأعلى في قضية حدو اوتبيحت ضد وزير الفلاحة الذي جاء في إحدى حيثياته،” وحيث إن إقدام الإدارة على إلحاق الطاعن من جديد بعد انتهاء إلحاقه الأول بالمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لدكالة رغم معارضته وتمسكه ببقائه في إدارته الأصلية بعد انتهاء مدة إلحاقه الأول يكتسي شططا في استعمال السلطة المتمثل في مخالفة القانون ولا يدخل في نطاق السلطة التقديرية للإدارة في نقل موظفيها من مصلحة إلى أخرى مما يتعين معه إلغاء المقرر المطعون فيه”[42].

وهكذا، فالملاحظ أن الإلحاق داخل الوظيفة العمومية لم يلعب الدور الذي سطره له صراحة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية في تفعيل حركية الموارد البشرية.

ويبدو أن عدة عوامل موضوعية وذاتية قد ساهمت في خلق هذه الوضعية، وعملت على تحريف الأهداف الأساسية لمسطرة الإلحاق ألا وهي الحركية وتجديد الكفاءات الإدارية، ففي حالات عديدة، يتجلى الهدف غير المفصح عنه من طلبات الإلحاق في الرغبة في قطع الصلة نهائيا بالإدارة الأصلية، هذه الرغبة التي يغذيها الأمل في الاندماج داخل إدارة الإلحاق [43].

المطلب الثاني: الوضع رهن الإشارة

وهي وضعية الموظف الذي يمارس مهامه بصفة فعلية في إدارة أو مصلحة أخرى غير إدارته الأصلية، مع استمراره في شغل منصبه بسلكه الأصلي وتقاضي الأجرة المطابقة له[44]. وبالتالي، فإن هذه الوضعية تسمح للموظف أن يظل في إطاره الأصلي ويتقاضى أجرته منه مع خضوعه لتصرف إدارة أخرى وممارسة مهام محددة، وقد يشكل هذا الإجراء آلية جديدة للحركية تمنح الإدارات إمكانية الحصول على الموارد البشرية اللازمة والكفأة، ويجنبها اللجوء إلى عملية الإلحاق التي تتميز مسطرتها بالتعقيد والصعوبات، كما تتيح هذه الوضعية للموظفين فرصة الممارسة المؤقتة لمهام معينة بإدارة أو مصلحة أخرى تكسبهم تجارب ومهارات جديدة.

وعلى الرغم من عدم التنصيص على وضعية الوضع رهن الإشارة في النظام الأساسي العام للموظفين في الفصل 37 منه، فإن الفصل 46 مكرر مرتين نص عليه صراحة، ويتم اللجوء إليه في حالة ضرورة المصلحة كما هو معمول به في نظام الوظيفة العمومية الفرنسي.

وهكذا، فإن اللجوء إلى هذه الوضعية أصبح أمرا يفرضه القانون، من خلال المرسوم رقم 422-13-2 بتحديد كيفيات تطبيق الفصل 46 مكرر مرتين[45]، و ما تواترت عليه الممارسة العملية لتسيير شؤون الموظفين، بالموازاة مع بعض الأنظمة القانونية التي أشارت إليها بصفة صريحة أو ضمنية، نذكر منها:

القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري الذي نص في المادة 42 منه على أنه “في انتظار توظيف المجلس الدستوري للموظفين الخاصين به، تضع الحكومة رهن تصرفه موظفين يحدد عددهم وصفتهم بمرسوم يصدر باقتراح من رئيس المجلس الاستشاري”[46].

كما تنص المادة 16 من الميثاق الجماعي على أنه  »…يمكن للموظفين والأعوان المشار إليهم في الفقرة أعلاه والذين انتخبوا رؤساء للمجالس الجماعية أو رؤساء مجالس المقاطعات أو رؤساء لمجموعات الجماعات والذين يلتزمون بالتفرغ التام لممارسة مهام رئاسة المجلس، الاستفادة من نظام الوضع رهن الإشارة بطلب منهم.

يكون رئيس المجلس في حالة وضع رهن الإشارة، في مدلول هذه المادة، عندما يظل تابعا لإطاره بإدارته داخل إدارة عمومية أو جماعة ترابية أو مؤسسة عامة ويشغل بها منصبا ماليا، ويمارس في الآن نفسه مهام رئيس المجلس الجماعي أو مجموعته بتفرغ تام.

يحتفظ الرئيس الموضوع رهن الإشارة، داخل إدارته أو جماعته أو مؤسسته العامة التي ينتمي إليها، بجميع حقوقه في الأجرة والترقية والتقاعد[47].

وقد تنتهي حالة الوضع رهن الإشارة إما بطلب من المعني بالأمر أو بحكم القانون بانتهاء مدة انتداب المجلس أو في حالة حله أو انقطاع الرئيس عن مزاولة مهامه لأحد الأسباب المنصوص عليها في هذا القانون« .

وإذا كانت هذه المادة قد حددت شروط معينة للاستفادة من الوضع رهن الإشارة، وبالتالي  قصرت إمكانية الاستفادة منها لفئات معينة من الموظفين، فإن النظام الأساسي لرجال الأمن[48] قد نص في المادة الخامسة منه على الوضع رهن الإشارة كوضعية إدارية بالنسبة لكافة موظفي الأمن.

وتتميز إجراءات الوضع رهن الإشارة بالبساطة، حيث أنها تتطلب فقط موافقة الإدارتين الأصلية والمستقبلة ، كما أنها تحافظ على الوضعية النظامية للموظف، إذ يظل مساره المهني مستمرا في إدارته الأصلية ويستفيد من حقوقه في الترقية وتقاضي الأجرة، وهذا ما يجعل الكثير من الموظفين يقبلون عليها تجنبا للإلحاق الذي تتميز مسطرته بالصعوبة والتعقيد.

وعليه، فإن هذه الوضعية يمكن اعتبارها أداة مهمة للحركية الأفقية وإعادة الانتشار التي تسمح للموظف بممارسة مهامه في إدارة أخرى، وتشكل ممارسة يتردد استعمالها كثيرا بالإدارة المغربية، وتتم كما هو الشأن بالنسبة للإلحاق في صيغة إعارة إدارية للموظفين[49].

خاتمة:

إن اعتماد آليات التدبير التوقعي للوظائف والكفاءات (GPEC)[50] التي تساهم بشكل إيجابي في تفعيل مجموع العمليات المرتبطة بتدبير المسار المهني للموظف، وتسمح بالمعرفة المسبقة لحاجيات الإدارة من الأعداد والكفاءات، عندما يتعلق الأمر بالتوظيف أو الترقية أو التكوين أو الحركية وإعادة الانتشار، وكل الإجراءات التي تستلزم الأخذ بعين الاعتبار التطورات المستقبلية للوظائف والمهن.

وإذا كان التحليل التوقعي للمناصب والكفاءات والمؤهلات يسمح بتكوين رؤية على المدى المتوسط للحاجيات في مجال التوظيف لدى مجموع الإدارات، فإن ذلك مرتبط بإعداد ما يسمى بالدلائل المرجعية للوظائف والكفاءات (REC)، الناتجة عن تحليل الأنشطة المهنية، والتي من خلالها يمكن تحديد مجموعة من الأهداف اللازمة لإعداد سياسة حقيقية لتدبير المسار المهني للموظفين تتعلق بالتوظيف، التكوين، الحركية وإعادة الانتشار، الأجور…..وتندرج عملية إعداد هذه الدلائل في إطار عملية تقييم وتوصيف وترتيب الوظائف، وهذا ما يسمح بتكوين رؤية استراتيجية شاملة ومشتركة بين الوزارات تسمح لهم بإعداد برامج تغطي جميع الإدارات المتدخلة في مسلسل التحديث.

وعلى الرغم من الأهمية البالغة لهذه الآلية في التدبير الحديث للموارد البشرية، فإننا نجد معظم الإدارات العمومية[51] والجماعات الترابية تفتقر إلى دليل مرجعي للوظائف والكفاءات[52]، فيما لا تزال دلائل قطاعات أخرى في طور الإنجاز. وهذا بطبيعة الحال يحد من التطبيق الفعال والمستديم لمبدأ تبادل المعلومات، ويحول دون بلوغ أهداف التدبير التوقعي المتمثلة أساسا في إعادة توزيع الموظفين، وخلق توازن في الأعداد والكفاءات بين مختلف الإدارات العمومية.

وعلى العموم، فإن تبني مثل هذه الإجراءات وإغنائها بالمعطيات من شأنه أن يؤسس لنظام فعال يساهم في تحسين وتطوير سبل تدبير الموارد البشرية.

ومن خلال الوقوف على مكامن القصور والاختلالات التي تطال نظام تدبير الموارد البشرية في الوظيفة العمومية، يستخلص أن تجاوز هذه الاختلالات والإكراهات التي تقف حاجزا أمام الموظفين ، تبقى رهينة بتظافر جهود جميع الفاعلين من قطاعات إدارية وفرقاء اجتماعيين والموظفين أنفسهم من أجل وضع منهجية شاملة تسمح بخلق نظام مندمج يساعد على تطوير الموارد البشرية  في الوظيفة العمومية.

 

 

[1] – الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك الى المشاركين في مناظرة” الاستراتيجية الوطنية لإدماج المغرب في مجتمع الاعلام والمعرفة”، الاثنين 23 أبريل 2001، انبعاث امة، الجزء السادس والأربعون القسم الأول 2001، ص: 331-336.

[2] – المملكة المغربية: وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري: الإدارة المغربية وتحديات 2010، أرضية المناظرة الوطنية الأولى حول الإصلاح الإداري بالمغرب، الرباط 23 و 24 صفر الخير 1423 الموافق 7 و8 ماي 2002، ص: 188.

[3] – وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري: تدبير الموارد البشرية بالإدارة المقاربة الجديدة للتحديث، دراسات وأبحاث رقم 3، أبريل 2002، ص:99.

[4] – السعدية حساك: تدبير الموارد البشرية ودوره في التنمية – نموذج الإدارة المغربية-،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 2007-2008، ص: 99.

[5] – سليمان محمد طماوي: مبادئ علم الإدارة العامة، دار الفكر العربي، 1984، ص: 215-216.

[6] – الحاج شكرة: نظام ترتيب الوظائف، دراسة مقارنة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 71، نونبر-دجنبر 2006، ص: 133.

[7] – محمد باهي: تدبير الموارد البشرية بالإدارة العمومية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2002، ص: 100-101.

[8] -Patrik Gilbert : La Gestion Prévisionnelle Des Ressources Humaines, la découverte, Paris, 2006, P: 3.

[9] – Françoise Kerlan : Guide De La Gestion Prévisionnelle Des Emplois Et Des Compétences, Editions D’organisation, Paris, 1999, P : 14.

[10] – حميد أبولاس: تدبير الموارد البشرية نموذج الإدارة الجماعية، مرجع سابق، ص: 68.

[11] – Françoise Kerlan : Guide De La Gestion Prévisionnelle Des Emplois Et Des Compétences, Op. Cit, P : 14-15.

[12]-Petit Bélanger : Benabou, Foucher, Bergeron : Gestion Stratégique Et Opérationnelle Des Ressources Humaines, Gaetan Morin Editeur, Canada, P : 130.

[13] – محمد باهي: تدبير الموارد البشرية بالإدارة العمومية، مرجع سابق، ص: 112.

[14] – عبد الله ادريسي: التدبير التوقعي للمناصب والوظائف والمهن والكفاءات، محاضرات القيت على طلبة ماستر التدبير الاستراتيجي للموارد البشرية في الإدارة والمقاولات، جامعة محمد الأول بوجدة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السنة الجامعية 2008-2009، ص: 6.

[15] – محمد باهي: تدبير الموارد البشرية بالإدارة العمومية، مرجع سابق، ص: 113.

[16] – عبد الله ادريسي: التدبير التوقعي للمناصب والوظائف والمهن والكفاءات، محاضرات القيت على طلبة ماستر التدبير الاستراتيجي للموارد البشرية في الادارة والمقاولات، مرجع سابق، ص: 7.

[17]– محمد باهي: تدبير الموارد البشرية بالإدارة العمومية، مرجع سابق، ص: 114.

[18]– السعدية حساك: تدبير الموارد البشرية ودوره في التنمية – نموذج الإدارة المغربية-، مرجع سابق، ص: 10.

[19]– أحمد عمراني: ملاءمة الجهاز الاداري للوظائف الاستراتيجية للدولة، بحث نهاية الدارسة لنيل دبلوم الماستر في التدبير الاستراتيجي للموارد البشرية في الإدارة والمقاولات، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2009-2010، ص:191.

[20]  – منصور عسو: المالية العامة، مكتبة المعارف الجامعية، فاس، 1999، ص: 29.

[21]-Driss Bouzaffour : «Les Nouvelle Technologies De L’ Information Et De La Communication Au Service De La Modernisation De L’administration Publique » Revue Marocaine De L’administration Locale Et Développement, N° 56, Mai-Juin, 2004, P :157.

[22]-Rhomari Mostafa : « La Gestion Des Effectifs De La Fonction Publique : Règles, Méthodes Et Moyens », Revue Marocaine De Droit Et D’économie Du Développement, N° 21, 1989, P :35-36-37.

[23]– العرابي الغمري: تحديث الإدارة الترابية للدولة في المغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الأول بوجدة، السنة الجامعية 2003-2004، ص:90.

[24]– ينظم الإلحاق بمقتضى الفصول من 47 إلى 53 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.

[25]– الفصل 04 من المرسوم الملكي رقم 62.68 بتاريخ 19 صفر 1388 (07 ماي 1968) بتحديد المقتضيات المطبقة على الموظفين المتمرنين بالإدارات العمومية، ج. ر. ع. 2899 بتاريخ 22 ماي 1968، ص.1051، يمنع الموظف المتمرن من أن يستفيد من وضعية الإلحاق.

[26]– يمكن طبقا للفصل 6 من النظام الأساسي الخاص برجال القوات المساعدة أن يلحق المفتشون الممتازون والمفتشون والمساعدون بصفة تلقائية لضرورة المصلحة. الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 533-72-1 بتاريخ 4 أبريل 1973، ج.ر.ع 3154 بتاريخ 11 أبريل 1973، ص. 1092.

[27]– محمد والضحى:” وضعية الإلحاق بالإدارات العمومية، القانون، العرف و المسطرة“، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 46، سبتمبر- أكتوبر 2002، ص 148.

[28] بوعلام السنوسي:” قانون الوظيفة العمومية التابعة للدولة، للجماعات المحلية، للبرلمان والوظيفة العمومية المؤقتة”، مطبعة دار النشر المغربية، عين السبع، الدار البيضاء 2008، ص. 156.

[29]– راجع القانونين رقم 97-31 و97-32 المتعلقين على التوالي بمجلس النواب ومجلس المستشارين والمنفذين بالظهيرين رقم 185-97-1 ورقم 186-97-1 بتاريخ 4 شتنبر 1997، ج. ر. عدد: 4516 بتاريخ 11 شتنبر 1997.

[30]– المادة الأولى من المرسوم رقم 104-99-02، صادر في 9 محرم 1420 (26 أبريل 1999) بتحديد كيفية تطبيق الفصل 50 من الظهير الشريف رقم 008-58-1، (24 فبراير 1958)، بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، ج.ر عدد 4697 بتاريخ 7 يونيو 1999، ص. 1476.

[31]– أنظر المادة الثانية من نفس المرسوم.

[32] مرسوم رقم 02.08.448 بتاريخ 21 ماي 2009، يطبق بموجبه الفصل 48 الخاص بمسطرة الإلحاق من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، ج.ر. عدد 5745 بتاريخ 22 يونيو 2009 .

33– الفصل 51 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، ظهير 24 فبراير 1958.

[34] الفصل 52 من نفس الظهير.

[35]– مليكة الصروخ:” القانون الإداري دراسة مقارنة، التنظيم الإداري- النشاط الإداري- أسلوب الإدارة و امتيازاتها، رقابة القضاء على أعمال الإدارة”، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب، الدار البيضاء، الطبعة السادسة، نونبر 2006، ص:393.

[36]– بوعلام السنوسي:” قانون الوظيفة العمومية التابعة للدولة، للجماعات المحلية، للبرلمان والوظيفة العمومية المؤقتة”، م. س، ص. 156.

[37]– وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري: تحديث النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية لماذا وكيف؟ ص: 36.

[38]– راجع الفصل 51 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، مرجع سابق، و كذا منشور الوزير الأول عدد: 7، (بتاريخ 29 أبريل 1986).

[39]– تم تقليص مدة الإلحاق من خمس سنوات إلى ثلاثة بمقتضى القانون رقم 97-10 ، الذي ينص على أنه ” يتم الإلحاق لمدة أقصاها ثلاث سنوات”، م. س.

[40]– حكم المحكمة الإدارية بالرباط رقم 8 بتاريخ 7 يناير 1997، ملف رقم 59/98 غ، قضية عبد العزيز التازي ضد وزير التجارة والصناعة، حكم، أشار إليه عبد الإلاه الإدريسي: دور القضاء المغربي في حماية الموظف العمومي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق بوجدة 2000/2001، ص.48.

[41]– حكم إدارية الرباط، رقم 105 بتاريخ 04 مارس 1999، قضية أحمد العلوي ضد وزير الطاقة والمعادن ومن معه، منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 28 يوليوز- شتنبر1999.

[42]– قرار عدد 482 بتاريخ 29/04/99. منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 41، نوفمبر- دجنبر 2001، ص.127-128.

[43]– وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري: تحديث النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية لماذا وكيف؟ مرجع سابق ص: 36 .

[44] Voir le : Décret n° 85-986 du 16 septembre 1985 relatif au régime particulier de certaines positions des fonctionnaires de  l’Etat et à certaines modalités de mise à disposition et de cessation définitive de fonctions, Article à consulter : 1à13, Et circulaire n° 2167 du 5 août 2008 relative à la réforme du régime de la mise à disposition des fonctionnaires de l’Etat . www.fonction -publique .gouv.fr, site visité le : 21/12/2009.

[45] – مرسوم رقم 422-13 -2 الصادر في 28 من ربيع الاول 1435(30 يناير 2014)، بتحديد كيفيات تطبيق الفصل 46 مكرر مرتين من الظهير الشريف رقم 008-58-1 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958)، بمثابة النظام الاساسي العام للوظيفة العمومية المتعلق بالوضع رهن الاشارة.

[46]–  القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري و الصادر بتاريخ 28 يناير 1994 والمنفذ بواسطة الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 25 فبراير 1994 ج. ر عدد 4244 بتاريخ 2 مارس 1991 ص. 284 والمتمم والمغير بالقانون رقم  98-8 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 126-98-1  بتاريخ 28 شتنبر1998 ج. ر عدد:4627 بتاريخ 5 أكتوبر 1998.

[47]– ظهير شريف رقم 153-08-1 صادر في 22 من صفر 1430 (18 فبراير 2009) بتنفيذ القانون رقم 08-17 المغير والمتمم بموجبه القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي كما تم تغييره وتتميمه  الجريدة الرسمية عدد: 5711  بتاريخ 23 فبراير 2009 ص:536.

[48]– ظهير شريف رقم 1.09.213 صادر في 8 ربيع الأول (23 فبراير 2010) يتعلق بالمديرية العامة للأمن الوطني، والنظام الأساسي لموظفي الأمن، ج. ر. عدد: 5817 بتاريخ 14 ربيع الثاني 1431( فاتح مارس 2010).

[49]– Najib BENHADAD: « la mobilité des fonctionnaires », Mémoire de cycle supérieur, Ecole Nationale d’Administration Publique, promotion 1986-1987, p. 90.

[50]– وهو وسيلة أساسية لتدبير عصري وفعال للموارد البشرية، تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المستقبلية للإدارة وتهدف إلى تقليص الفوارق بين الاحتياجات من الكفاءات المطلوبة وكفاءات الموظفين الممارسين، ويشمل التدبير التوقعي للأعداد، للوظائف، للكفاءات، وللمسارات المهنية، راجع عبد الله الإدريسي:” التدبير التوقعي للمناصب والوظائف والمهن والكفاءات”، السنة الجامعية 2009-2010.

[51]– باستثناء وزارة الفلاحة والتجهيز التي شرعت في الإعداد الفعلي لهذه الدلائل منذ أواسط التسعينات، ثم وزارات، المالية والخوصصة، تحديث القطاعات العامة، الشؤون الاقتصادية والعامة، وكتابة الدولة في المياه والغابات، التي قطعت أشواط مهمة في هذا المجال.

[52]– للمزيد من التفاصيل راجع،  كريمة شادي:” دور التدبير التوقعي للموارد البشرية في ترشيد وعقلنة الجهاز الإداري”. بحث لنيل دبلوم سلك التكوين في التدبير الإداري، المدرسة الوطنية للإدارة، سلك التكوين في التدبير الإداري، شعبة الإدارة الترابية، الفوج الثالث، 2006، ص 14.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *