Site icon مجلة المنارة

إسهامات القاضي الإداري في حماية الحق في معاش التقاعد

إسهامات القاضي الإداري في حماية الحق في معاش التقاعد

عائشة فضيلي:

  باحثة بسلك الدكتوراه

بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بسلا

نظام التقاعد هو نظام الإحالة على المعاش الذي تفرضه الدولة على موظفيها ومستخدميها لتؤمن لهم، بمقتضاه المعاش عند الحذف أو الإعتزال من الخدمة بعد مدة معينة، يدفعون خلالها أقساطا من الإشتراكات لصناديق التقاعد المؤسسة لهذا الغرض، والغاية من هذا النظام، تمكين هؤلاء الموظفين وعائلاتهم من الحصول على الرزق عندما يتركون وظائفهم لأسباب معينة في القانون.

فالموظف يتمتع بحق التقاعد بعد أدائه للوظيفة، ويعتبر من الآثار الناتجة عن تولي الشخص وظيفة عمومية، ويحال الموظف على التقاعد إما بعد قضائه سن معينة في الوظيفة، أو عند نص القانون على ذلك، كما يمكن أن يحال الموظف على التقاعد بموجب قرار تأيبي.

ويعتبر حماية حق التقاع من الأمور الأكثر تشبتا بها من طرف الموظف لما لهذا الحق من آثار مادية على الموظف وعائلته، لذلك فالمحاكم الإدارية بالمغرب تحرص على حماية حق التقاعد للموظف، وتؤكد على إختصاصها بالنظر في المنازعات المتعلقة به.

فالقاضي الإداري يتمتع في إقرار  بسلطة واسعة في إطار تفسير المقتضيات القانونية خاصة في إطار منازعات التقاع من خلال تكريسه  في إقرار إمكانية الجمع بين الحق في المعاش والحقوق الأخرى (الفقرة الأولى)، حيث يسعى من خلال تفسيره الواسع إلى تكريس البعد الإجتماعي وسد الثغرات القانونية، و الرقابة على أعمال الإارة حماية للمشروعية، ويشكل ضمانة للحقوق مع التوفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، فيما يتعلق بالإحالة على التقاعد نظرا للآثار المترتبة عنها (الفقرة الثانية) .

الفقرة الأولى: مدى جواز الجمع بين راتب التقاعد وموارد مالية عامة إضافية.

                        إن بلوغ الموظف مرحلة التقاعد تعني، بصورة أو بأخرى، نقص في الموارد المالية، نظرا لهزالة راتب المعاش الذي يتم إحتسابه إنطلاقا من الراتب الأساسي الذي، في بعض الأحيان، يعادل نسبة 30% من الراتب، يضطر معه المعني بالأمر إلى البحث عن موارد مالية أخرى، مما يتيح إمكانية جمع المتقاعد بين المعاش وبين الحقوق الأخرى.

                        فالموظف المحال على التقاعد، يتمتع بحق الإستفادة من راتب المعاش بعد إنقطاع العلاقة التي تربطه مع الإدارة التي ينتمي إليها. لكن، في بعض الأحيان، قد يستمر بعض الموظفين في القيام بمهام الإدارة التي ينتمون إليها، أو غيرها، سواء في نفس الإطار أو غيره، أو عن طريق التعاقد، مما يجعل المعني بالأمر يحصل على راتبين: راتب التقاعد، وراتب العمل الذي يباشره، الأمر الذي يطرح تساؤل حول ما مدى قابلية الجمع بينهما؟

 وللإجابة عن هذا التساؤل، وجب التمييز بين مرحلتين فاصلتين، سواء من الناحية القانونية أو من ناحية الإجتهاد القضائي، مرحلة جواز الجمع بين راتب المعاش وموارد مالية عامة إضافية (أولا)، ثم بعد ذلك مرحلة منع الجمع بينهما (ثانيا).

أولا:  إقرار القاضي الإداري  جواز الجمع بين راتب التقاعد وموارد مالية أخرى.

                        أولا، وقبل التطرق إلى مدى إمكانية الجمع بين المعاش ومورد مالي آخر كأجر يستحقه عن العمل الذي يؤديه، بغض النظر عن تقاضيه للمعاش أولا، فإنه، في البداية، يتوجب التعريف بهذا الأجر، على إعتبار أن تعريف المعاش تم التعرف عليه سابقا، فالأجر وحسب قانون المتعلق بالوظيفة العمومية:  “يشمل على المرتب، والتعويضات الأخرى، والمنح بواسطة نصوص تشريعية وتنظيمية[1].

                        والأجر هو كراء الأجير، ويقال إستأجر الرجل، أي إتخذه أجيرا. وقد إستعمل المشرع في النص الفرنسي كلمة  salaire،  وهي مقابل الراتب، أو المرتب، أو الأجر[2].

                        ويعتبر الأجر بالنسبة للموظف مقابلا ماليا يتقاضاه عن عمله، ويستحقه من تاريخ تسلمه العمل[3]. وللأجر أهمية كبيرة، لأن الأغلبية الساحقة من الموظفين تعتمد عليه، بالضرورة، لتوفير قوته قبل إحالته على المعاش[4]،وبعد إحالته على هذا الأخير، فإنه قد يجده غير كاف، وبالتالي يضطر إلى الإرتباط مع الإدارة بعقدة عمل، رغم إحالته على المعاش، وحذفه من أسلاك الوظيفة العمومية، حيث إن المعاش في هذه الحالة، حسب القانون، لا يشكل إمتدادا للراتب الذي يتقاضاه الموظف، أو المستخدم (أي العون)، مدة قيامه بعمله في منصبه، بل يكون مقابلا عما تم إقتطاعه من راتبه طيلة الفترة المذكورة. لذلك لا يمكن حرمان الموظف المتقاعد من هذا المعاش إلا في الأحوال المنصوص عليها صراحة، وذلك بإقتطاع معاشه من المعاش المدني[5].

في إطار الإرتباط بعقدة الحق العام، على إعتبار أن ذلك سيعكس مشاكل عدة، كتدني المستوى المادي والأخلاقي، فيعم التكاسل ونقص في المردودية، مما يفسح المجال أمام إنتشار الأمراض الإجتماعية، كالرشوة، والإخلال بالواجبات.

                        فهذه المرحلة تؤرخ لما قبل صدور القانون رقم 77.99[6]، حيث عرفت هذه الفقرة فراغا تشريعيا فيما يخص الجمع بين راتب المعاش وراتب العمل المؤدى من خزينة الدولة، الشيء الذي أعطى مبررا كافيا ومقنعا للقاضي لسد هذه الثغرات القانونية، من خلال قراراته وأحكامه، ليجيز، بموجبها، الجمع بين راتب التقاعد وراتب آخر في بعض الحالات، مع المنع في حالات أخرى[7].

                        وقد إستقر الإجتهاد القضائي، في هذه المرحلة، سواء على مستوى الغرفة الإدارية، أو المحاكم الإدارية، على توجه، مؤداه أن لا شيء يمنع الجمع بين راتب التقاعد وراتب العمل، سنده في ذلك مدلول المعاش الذي لا يعد إمتدادا للراتب، بل هو مقابل لما تم إقتطاعه طيلة المسار المهني للموظف.

          وقد إشترط القضاء على الموظف الذي يشغل المنصب الذي كان مرتبا في إطاره، أو العمل عن طريق التعاقد، مادام لا يوجد نص قانوني يمنع الجمع بين راتب المعاش وأجرة العمل، الذي لم يصبح مقررا إلا إبتداء من تاريخ 15/03/2003. حيث جاء في قرار للغرفة الإدارية أنه “لا يعتبر معاش التقاعد إمتدادا للراتب الذي كان يتقاضاه الموظف أو العون العمومي، بل هو مقابل لما تم إقتطاعه من راتبه لأجل التقاعد، يجوز الجمع بين التقاعد والراتب المرتبط بعقدة الحق العام”[8]

                        وفي قرار آخر للمجلس الأعلى في، قضية منيب محمد[9]، إعتبر كذلك بأن  المعاش التقاعدي، في الوضعية الراهنة للتشريع، لا يعتبر إمتدادا للراتب الذي يتقاضاه الموظف، أو العون العمومي، مدة قيامه بعمله في منصبه، بل يكتسب صبغة مقابل لما تم إقتطاعه من راتبه طيلة الفترة التي عمل فيها في أسلاك الإدارة. لذلك لا يمكن حرمانه من هذا المعاش إلا في الحالات المنصوص عليها صراحة، وأن الإدارة، عندما أوقفت صرف المعاش التقاعدي للطاعن بعلة أنه أصبح يشغل منصب محتسب، تكون قد خرقت القانون. فالطاعن، بصفته محتسبا، لا يعتبر منتميا إلى أي إطار من أطر الدولة، خاضعا لنظام أساسي عام أو خاص. وقد جاء في جواب المطلوب في النقض: “ذلك أنه، طبقا لظهير 21/06/1986، الصادر بتنفيذ القانون رقم 02 ـ 82، المتعلق بإختصاصات المحتسبين وأمناء الحرف، فإن المحتسب يعتبر كعون إداري لمراقبة الأثمان وجودة المواد، له سلطة فرض غرامة على مرتكبي المخالفات، وهو بهذا العمل، يساهم في فرض سلطة الإدارة على قطاع التجارة والصناعة، كما أنه يتقاضى أجرة محدودة، وليس تعويضا، وهي أجرة في مستوى أجرة أعلى الأطر الموجودة في السلم الإداري، وتدفع من الميزانية العامة للدولة”.

                        وجاء في قرار آخر للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى[10]:”حيث يطلب السيد بوعنان بسبب الشطط في إستعمال السلطة، إلغاء المقرر الصادر عن السيد الخازن العام بالرباط، المؤرخ في 19/12/1989، والقاضي بإقتطاع معاش التقاعد من المعاش المدني للطاعن عدد 261.214، بدعوى الجمع بين راتب العمل والمعاش.

                        فعندما يتعلق بالمشروعية، فإن المعاش التقاعدي في الوضعية الراهنة للتشريع، لا يشكل إمتدادا للراتب الذي يتقاضاه الموظف أو العون العمومي مدة قيامه بعمله في منصبه، بل يكون مقابلا لم يتم إقتطاعه من راتبه طيلة الفترة المذكورة. ولذلك، لا يمكن حرمان الموظف المتقاعد من هذا المعاش إلا في الأحوال المنصوص عليها صراحة، وأن النصوص المستدل بها من طرف الخازن العام تتعلق فقط بالموظف أو العون العمومي، الذي يستمر في العمل بعد إحالته على التقاعد، وذلك في نفس الإطار الذي كان يعمل فيه إطار من أطر الدولة.

                        وقد إرتبط الطاعن، بعد إحالته على التقاعد، بطلب من وزارة الشبيبة والرياضة بعقدة مهنية لتدريب الفريق الوطني، وأن كتاب السيد الوزير الأول، المؤرخ في 12/03/1979، وإن كان أضفى على هذه العقدة صبغة العقد العام بصورة إستثنائية، إلا أن المهام التي أسندت للطاعن، بمقتضى العقدة المذكورة، تنحصر في إعداد الفريق الوطني لكرة السلة لعدة مظاهرات دولية. وكذلك، فإنه لم يصبح منتميا بمقتضاه إلى أي إطار من أطر الدولة، مما إستنتجت معه المحكمة عدم أحقية الإدارة  في حرمان الطاعن  من معاشه التقاعدي، خلال الفترة المتراوحة بين 01/01/1980 و 31/12/1984، مما جعل قرار المطعون فيه متسما بالشطط في إستعمال السلطة، وتعين إلغاؤه[11].

                        والملاحظ أن القاضي الإداري، من خلال الإجتهادات القضائية السابقة الذكر، قد رخص، وإن كان بصفة ضمنية، للمتقاعد بإمكانية الجمع بين المعاش والراتب، المرتبط بعقدة الحق العام، وهو بذلك، في النازلة الحالية، لم يكتف بتفسير النصوص القانونية فقط، بل إنه كان له دور في إنشاء مجموعة من القواعد والمبادئ، هدفه في ذلك مراعاة البعد الإنساني للمتقاعد.

          وفيما يتعلق بالجمع بين راتب التقاعد والتعويض عن الضرر الذي أصاب المعني، فالقرار الصادر عن المجلس الأعلى، في قضية أرملة اعبدو[12]، إعتبر بأنه ليس هناك أي نص قانوني يمنع الموظف، أو ذوي حقوقه، من المطالبة  بالتعويض عن الضرر الذي أصابه، على أساس الفصل 79 من قانون الإلتزامات والعقود. وبعبارة أخرى إن الضرر الذي يصيب أحد الموظفين، بسبب أنشطة الإدارة، ينبغي أن يعوض عنه، بكيفية مماثلة لم يتم عليه الأمر في حالة إصابة أحد الأشخاص بأضرار صادرة عن الإدارة.

                        وقد أثار القرار المذكور جدلا فقهيا كبيرا[13]، إستنادا على أنه أخذ بنظرية المخاطر. وهو بذلك يعتبر تحولا هاما، ووضع حدا للسؤال الذي كان مطروحا على مستوى الفقه، والمتعلق بمسألة الجمع بين المعاش والتعويض، طبقا لقواعد المسؤولية الإدارية.

وقد قضت الغرفة الإدارية بأنه :”لا يوجد أي تعارض في الجمع بين مقتضيات الفصل 43 من قانون الوظيفة العمومية، المتعلق بالرواتب، والمصاريف التي تدفع للموظفين الرسميين المصابين بالأضرار أثناء قيامهم بمهامهم الوظيفية، وبين مقتضيات الفصل 79 من ق.ل.ع، الذي يقرر مسؤولية الدولة عن الأضرار اللاحقة بسائر الأفراد، كيفما كانت صفتهم، والناتجة مباشرة عن تسيير إدارة الدولة، وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها”[14].

        وفي نفس السياق، فقد قضت المحكمة الإدارية بالرباط، بأن:”حصول المدعين على الحقوق المستحقة لهم، بمقتضى قانون المعاشات العسكرية، لا يحول دون أحقيتهم بالمطالبة بالتعويض، في إطار المادة 79 من قانون الإلتزامات والعقود، على إعتبار أن المعاش مرتبط بإنخراط الموظف في نظام المعاشات مقابل إقتطاع من راتبه، في حين أن المطالبة بالتعويض، في إطار المادة 79 من ق.ل.ع، مؤسسة على الضرر اللاحق بالمعني، وبذوي حقوقه، بسبب تقصير الإدارة في تسيير مرافقها”[15].

                        وجاء في قرار صادر عن الغرفة الإدارية، المؤرخ في 21 فبراير 1975[16]، و الذي تتلخص وقائعه في أن السيد المريني محمد تقدم بدعوى أمام المحكمة الإقليمية بمكناس، جاء فيها، أنه بتاريخ 24 ماي 1964، كان يقوم بحراسة مسجون يخضع للعلاج بمستشفى محمد الخامس بمكناس، وأنه عندما أراد أن ينزل إلى الطابق الأسفل، سقط في بئر المصعد، وحصل له عجز مستمر في سائر أعضاءه الحيوية،  قدره الطبيب بنسبة 80%، ملتمسا  الحكم له بالتعويض، بناءا على مقتضيات الفصل 79 من قانون الإلتزامات والعقود وقد كرست الغرفة، بمناسبة نظرها في القضية أعلاه، مفادها أنه لا يوجد أي تعارض في الجمع بين مقتضيات الفصل 43 من قانون الوظيفة العمومية، المتعلق بالرواتب والمصاريف التي تدفع للموظفين الرسميين، المصابين بأضرار أثناء قيامهم بمهمتهم الوظيفية، وبين مقتضيات الفصل 79 من قانون الإلتزامات  والعقود، التي تقرر مسؤولية الدولة عن الأضرار اللاحقة بسائر الأفراد، كيفما كانت صفتهم، والناتجة مباشرة عن تسير إدارة الدولة، وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها.

                        وقد إستندت الغرفة الإدارية، فيما قضت به، إلى  أن الحكم المطعون فيه كان موافقا للصواب، عندما ركز قضاؤه على كون الموظف الرسمي من حقه أن يجمع بين راتبه الذي يتقاضاه من الدولة، وبين التعويض عن الضرر الذي تكون الدولة مسؤولة عنه قانونا، وأنه حينما نص، في إحدى حيثياته، على أن المبلغ المدفوع، وفقا لقانون الوظيفة العمومية، هي مبالغ تؤدى عوضا عن عمل يقوم به موظف الدولة وفي مقابل المبالغ التي تقتطع من راتبه، وأنه من حق كل موظف أن يجمع بين راتبه، أو معاشه الذي يتقاضاه من الدولة، تنفيدا لعقدة العمل، وبين التعويض عن ضرريصيبه بسبب خطأ إرتكبه عون من أعوان الدولة، يكون بذلك قد علل المبدأ الذي إستند عليه في قضاءه بما فيه الكفاية لتبرير منطوقه.

                        إن إنشاء المحاكم الإدارية لم يغير المبدأ الذي كان سائدا، بخصوص مسؤولية الدولة، على أساس مقتضيات الفصل 79 من قانون الإلتزامات والعقود المغربي، بل إن القانون المحدث لها، أكد نفس المبدأ في مقتضيات المادة الثامنة، والتي نصت على أنه تختص المحاكم الإدارية بالنظر في التعويض عن الأضرار التي تتسبب فيها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام. وعلى هذا الأساس، صدر إجتهاد حديث عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، في قضية علي العلوي[17]، كرس قاعدة مفادها، أنه إذا كان ظهير فاتح غشت 1958، المحتوي على نظام معاشات الزمانة، المستحقة للعسكريين، يخول، في فقرته الأولى من الفصل الثاني، لهؤلاء الحق في نيل راتب معاش الزمانة العسكري، بخصوص العاهات الناتجة عن جروح تمت الإصابة بها إثر عمليات حربية، أو حوادث طرأت بسبب الخدمة العسكرية، أو أثنائها، بأن ذلك لا يحرمهم من المطالبة بالتعويض عن الأضرار اللاحقة بهم، التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، طبقا للمادة 8 من القانون رقم 90.41، المحدث للمحاكم الإدارية، وبالتالي فإنه يمكن الجمع بين راتب الزمانة والتعويض عن المسؤولية المدنية المحكوم به لفائدة الضحية العسكري.

وكان حكم المحكمة الإدارية بالرباط[18] واضحا في تبني نفس الإجتهاد أعلاه ،مؤكدة أن حصول المدعين على الحقوق المستحقة لهم بمقتضى قانون المعاشات العسكرية لا يحول دون أحقيتهم في المطالبة بالتعويض في إطار المادة 79 من قانون الإلتزامات والعقود المغربي، على أن المعاش مرتبط بإنخراط الموظف في نظام المعاشات مقابل إقتطاعات من راتبه، في حين أن المطالبة بالتعويض على أساس المادة 79 من ق.ل.ع، مؤسس على الضرر اللاحق بالمعني بالأمر، أو بذوي حقوقه، بسبب تقصير الإدارة في تسيير مرافقها.

                        لقد كرس القاضي الإداري، بخصوص موضوع الجمع بين معاش التقاعد وأجرة العمل أو التعويض، أن معاش التقاعد لا يشكل إمتدادا للراتب الذي يتقضاه الموظف أثناء قيامه بعمله في منصبه، وتبعا لذلك، لا يمكن توقيف صرف معاش التقاعد المخول للمتقاعد الذي حذف من الأسلاك نهائيا، ثم باشر عملا عاديا.

                        فالمحكمة الإدارية بمراكش[19]، أكدت على عدم وجود مانع للجمع بين المعاش وأجرة العمل. وتتلخص وقائع القضية، في أن بوسنة المحجوب تقدم بمقال يعرض، من خلاله، أنه بلغ سن التقاعد بتاريخ 31/12/1996، وظل يزاول عمله كمفتش بوزارة التربية الوطنية بصفة عادية ورسمية إلى غاية 30/09/1997، وأن الوزارة إرتأت للحاجة إليه ولخدماته، الإحتفاظ به وبكامل مرتب، ولم يقع التشطيب عليه فعليا إلا بتاريخ 30/09/1997. وقد جاء في قرار الإحالة على التقاعد أن الإستفادة من المعاش سيتم إبتداء من 01/10/1997 أي بعد دخول القانون الجديد حيز التطبيق، مما أضربه ملتمسا  الحكم بمراجعة راتبه التقاعدي الذي يتوصل به إبتداءا من تاريخ 01/10/1997، والحكم له بكل التعويضات القارة بنسبة 100%، وإحتياطيا بأداء الصندوق المغربي للتقاعد راتبه، إبتداءا من شهر يناير 1997وقد إستجابت المحكمة للطلب، وإستندت، فيما قضت به، إلى كون الإنتفاع من الراتب يعمل به طبقا للفصل 44 من القانون رقم 71.14 المغير و المتمم للقانون 011.71 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية، إبتداءا من تاريخ حذف الموظف من الأسلاك، وبما أنه تم حذف المدعي من الأسلاك بتاريخ 31/12/1996، فإنه يستحق راتب المعاش التقاعدي إبتداءا من فاتح يناير 1997، و لا يؤثر في ذلك، تقاضيه أجرا عن عمله بمقتضى رسالة الإلتزام، لأن هذا الأجر إنما يستحقه عن عمله بعد إحالته على المعاش، وشطبه من أسلاك الوظيفة، ولأنه أجر لا يشكل إمتدادا وإستمرارا لراتبه قبل الإحالة على المعاش، كموظف ولا يوجد ما يمنع الجمع بين راتب المعاش وأجرة العمل، الشئ الذي يستحق معه المدعي راتب معاشه التقاعدي عن الفترة ما بعد إحالته على المعاش، التي كانت تغطيها رسالة الإلتزام، ولم يتم صرف راتب المعاش عنها، وتبتدئ من فاتح يناير 1997 إلى غاية 30/09/1997.

                        ولقد سلكت المحكمة الإدارية بالرباط نفس الموقف، في قضية مولودي بوسيف[20]،  التي تتلخص وقائعها في أن هذا الأخير يطلب إلغاء القرار الضمني، الصادر عن وزير الداخلية، على إثر التظلم الموجه إليه من قبل الطاعن عن جراء عدم تمكينه من حقوقه المعاشية طيلة مدة الإحتفاظ به بعد إحالته على التقاعد، موضحا أنه تمت إحالته على التقاعد، إبتداءا من تاريخ 31/12/1995، والذي نص على إستحقاقه للمعاش إبتداءا من فاتح الشهر الموالي لتاريخ حذفه من الأسلاك، وأنه إحتفظ به لضرورة المصلحة العامة إلى غاية 25/9/1998، مما لا يمكن أن يحرمه من حقوقه المعاشية، ملتمسا إلغاء القرار الضمني، الرافض للإستفادة من حق المعاش، والحكم بإستفادته من معاشه التقاعدي، بين الفترة الممتدة من 01/1/1996 إلى غاية 25/9/1998. وقد صدر الحكم، وفق الطلب، وإستند فيما إنتهى إليه، بأن الطاعن تم حذفه من أسلاك الإدارة، إبتداءا من 31/12/1995، لبلوغه حد السن القانوني كما هو ثابت من قرار الإحالة على التقاعد، فإنه يستحق معاشه التقاعدي، إبتداء من فاتح يناير 1996 ولا يؤثر هذا الإستحقاق تقاضيه أجرا على عمله كعامل على إقليم العرائش طيلة المدة التي إحتفظ بها خلالها، والتي إمتدت إلى غاية 25/9/1998، لأن هذا الأجر إنما إستحقه كمقابل من عمله الذي باشره بعد إحالته على المعاش، والتشطيب عليه من أسلاك الوظيفة العمومية، وبالتالي إنقطاع العلاقة النظامية التي كانت تربطه بالإدارة، في حين أن الإستفادة من معاش التقاعد يجد أساسه القانوني في أن هذا الأخير يكون مقابل الإقتطاعات التي بوشرت من راتب الموظف، طيلة مدة عمله، في إطار الوظيفة العمومية، وأنه يصبح مستحقا مباشرة بعد إحالته على التقاعد، وبالتالي لا يمكن حرمانه من هذا المعاش، إلا في الأحوال المنصوص عليها صراحة.

ومجمل القول، القاضي الإداري يرخص بالجمع بين معاش التقاعد وأجرة العمل، في حالة توظيف المتقاعد من جديد في منصب لا يصنف ضمن السلك الذي كان ينتمي إليه، وينطلق هذا الموقف من كون معاش التقاعد يخول للمستفيدين منه، مقابل الإقتطاعات التي تنجز على أجورهم طيلة حياتهم الإدارية، وهو بذلك لا يشكل إمتدادا لأجرة العمل[21].

                        هذا فيما يخص المتقاعدين المحذوفين من أسلاك الوظيفة العمومية، على عكس الموظف الذي يستمر في نفس المنصب، رغم بلوغه حد سن التقاعد وصدور قرار بذلك، مما يمنعه من الحصول على المعاش، طبقا للفصل 2 من القانون 011 ـ 71، وقد أيد هذا التوجه المجلس الأعلى في قراراه الصادر بتاريخ 17/10/1991[22]، وهو موضوع الفرع الثاني.

ثانيا: منع  القاضي الإداري الجمع بين راتب المعاش وموارد مالية أخرى.

                        يعود الجدال في منع الجمع بين المعاش ومورد مالي عام آخر، إلى مرحلة ما بعد صدور القانون رقم 99-77 في فترة حكومة عبد الرحمان اليوسفي، الذي بموجبه أصبح الجمع بين راتب المعاش وأجرة العمل التي تؤدي من ميزانية الدولة، والجماعات المحلية، والمؤسسات العمومية، والهيئات التي تمتلك الدولة 50% أو أكثر من رأسمالها، وطبقا للمادة الأولى والثانية منه، غير ممكن. مما حذى ببعض الفقهاء، في هذا الصدد، إلى القول بأنه، بالرغم من أن قانون عدد 77.99، الذي صدر عن المشرع ،  بقصد المنع بين الأجرة والمعاش، فإن هذا القانون يعتبر في جوهره ومضمونه غير دستوري، لأنه يتنافى مع البعد الإنساني للتقاعد[23]، لكن في ذلك مخالفة لقاعدة الإثراء بلا سبب.

          في هذه المرحلة الثانية، هي المرحلة اللاحقة لصدور القانون الممنوع بموجبه الجمع بين المعاش وأجرة العمل[24]، أكد فيها الإجتهاد القضائي قاعدة عدم الجمع بين المعاش وأجرة العمل. ونورد في هذا الصدد قرار الغرفة الإدارية، في قضية ورثة المرحوم عبد الغني المومي[25]، والذي أشار إلى أن القانون رقم 77.99، والذي يمنع بموجبه الجمع بين المعاش وأجرة العمل، لا يطبق على من كان يستفيد من الجمع قبل نشره بالجريدة الرسمية؛ أي إبتداءا من اليوم الأول من الشهر الثالث الذي يلي تاريخ 15 مارس 2001.

                        أما بالنسبة لمحكمة الإستئناف الإدارية بالرباط، في قضية أبو بكر الريح[26]، وقد سلكت نفس التوجه، وذهبت إلى أن القانون رقم 77.99، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4882، الصادر بتاريخ 15/03/2001، الممنوع بموجبه الجمع بين الأجرة والمعاش، قد نص في مادته الخامسة على أنه (يعمل بهذا القانون من تاريخ نشره، غير أنه بالنسبة للأشخاص الذين يستفيدون في هذا التاريخ (تاريخ نشره) من الجمع بين راتبي الأجرة والمعاش، فإنه لا يطبق عليهم إلا إبتداءا من الشهر الثالث الذي يلي تاريخ نشره، مما يستنتج القول أن المستأنف عليه، الذي تقاعد بتاريخ 31/12/1999، وإنتهت علاقته التعاقدية مع الإدارة، التي يعمل بها، بتاريخ 22/07/2004؛ أي أن تاريخ حذفه من الأسلاك، الذي هو 13/12/1999، كان سابقا لتاريخ صدور القانون المشار إليه أعلاه، القاضي بمنع الجمع بين الأجرة والمعاش معا يبقى معه المستأنف عيه محقا في الجمع بينهما، إبتداء من فاتح يناير 2000، تاريخ إستحقاقه لراتب المعاش وإلى 15/05/2001، الأجل المنصوص عليه في القانون المذكور، الذي جعل تاريخ سريان المنع يبتدئ من اليوم الأول من الشهر الثالث الذي يلي تاريخ نشر القانون بالجريدة الرسمية، مما يبقى معه سبب الإستئناف، المثار في هذا الشأن، غير مرتكز على أساس، ويبقى الحكم المستأنف مصادفا للصواب وواجب التأييد.

                        وقضت المحكمة الإدارية بفاس، فيما يخص الجمع بين معاشين والتعويضات العائلية، على أنه:”مؤدى هذه المقتضيات القانونية، أو التعويضات العائلية، لا تدخل ضمن عناصر الأجرة التي يحتسب المعاش على أساسها، ولا تسري عليها قواعد الإقتطاع من الأجر من أجل التقاعد. وعليه فإنه لا يمكن الحصول على التعويضات العائلية برسم كل معاش على حدة في حالة الجمع بين معاشين مختلفين، لأن هذه التعويضات إنما هي ذات طبيعة إجتماعية، وتمنح من قبل الدولة، كإعانة على مواجهة الأعباء الإجتماعية مرة واحدة. وعليه فإن إدارة الصندوق المغربي للتقاعد كانت على حق عندما لجأت إلى حذف التعويضات العائلية التي كانت تمنح للمدعي برسم معاشه، بعدما تبين لها أنه يحصل على تعويضات مماثلة برسم معاشه العسكري[27].

                        أما فيما يتعلق بحصول المتقاعد على راتب الزمانة، فلا يمكن تقسيم ذلك إلى فترات، لأنه جائز بقوة القانون الجمع بين المعاش وراتب الزمانة، طبقا للفصل 25 من القانون رقم 71.14 المغير و المتمم للقانون 011.71 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية[28]، إذا كانت العاهة وقعت أثناء قيام المعني بمهامه، أو نتيجة مباشرة له، فله ذلك، أما خارج هذا الإطار، فلا يجوز. وهو نفس النهج الذي سار عليه الإجتهاد القضائي، حيث جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى أن:”الموظف أو العون الذي أصبح غير قادر، بصفة مطلقة ونهائية، على مزاولة مهامه، بسبب غير ناتج عن جروح، أو مرض اعترته، أو اشتدت عليه خطورتها، خلال مباشرته لوظيفته، يمكن حذفه من أسلاك الوظيفة العمومية، إما تلقائيا أو بناء على طلبه. في هذه الحالة، يكون له الحق في معاش التقاعد دون راتب الزمانة[29].

وعلى العموم، يمكن القول بأنه في المرحلة الأولى، وفي غياب نص قانوني، أجاز القاضي الإداري الجمع بين المعاش وأجرة العمل، مع مراعاة بعض الضوابط، وكان الإجتهاد القضائي صائبا في هذا التوجه لكن في المرحلة الثانية أمام وجود نص قانوني رقم 77.99، طبقا لقاعدة “لا إجتهاد مع النص”، فإن القاضي الإداري منع الجمع بين المعاش وأجرة العمل وفقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

الفقرة الثانية: القاضي الإداري وتكريس البعد الحمائي للمتقاعدين.

إن نظام المعاشات يهدف إلى حماية حقوق الموظفين المحالين عليه من مخاطر التقدم في السن. إلا أن الأمر قد لا يتيسر كما تقتضيه إرادة المتقاعد، أمام سلطة الإدارة، حيث قد تلجأ هذه الأخيرة إلى إقتطاع من المعاش بهدف الإقتطاع من المعاش لأجل لإستخلاص الديون العمومية، التي تكون مترتبة في ذمته (أولا)، أو الإقتطاع من المعاش بهدف إفراع السكن الوظيفي (ثانيا).

أولا: الإقتطاع من معاش للإستخلاص الديون العمومية.

                        تباشر الإدارة، بصفة إنفرادية، عملية الإقتطاع من المعاش لإستخلاص الديون العمومية. وبذلك لا يكون في وسع  المتضرر إلا اللجوء إلى القضاء من أجل رفع ذلك الضرر. فالإجتهاد القضائي إستقر، منذ مدة، على منع الإقتطاع لإستخلاص الديون العمومية بصفة منفردة.

         ففي حكم صادر عن إدارية مراكش، بتاريخ 26 ماي 1999، قضت فيه “بأن المكتب الوطني للسكك الحديدية عمد إلى الإقتطاع من معاش مستخدمه، المحال على التقاعد، بدعوى أن ذلك يشكل تعويضا عن إحتلاله للمسكن الذي كان يشغله بمناسبة عمله  لديه قبل إحالته على التقاعد، كما ثبت أنه فرض هذا التعويض تلقائيا بإرادته المنفردة، بدون توفره على  أية مرجعية قضائية بشأن تحديده وتنفيذه. لكن حيث أن الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.216، الصادر بتاريخ 4 أكتوبر 1977، المتعلق بإحداث نظام جماعي لرواتب التقاعد، وإن كان يجيز الإقتطاع من المعاش إلى حدود 50%  لإستخلاص ديون المؤسسات العمومية، غير أن هذا الدين لا يكون على حكم قضائي بات، وتجاهل المكتب المذكور هذه المسطرة لم يجعل لتصرفه هذا أساسا وسندا من القانون. ويكون معه، وبالتالي ،الإقتطاع من المعاش غير قائم على أساس، مما يستوجب الحكم عليه بإرجاع جميع المبالغ المقتطعة”[30].

                        ونفس الإتجاه أيدته الغرفة الإدارية،  بإعتبارها محكمة إستئناف إدارية (سابقا في قرارها بتاريخ 15 فبراير 2001، بقولها:”إن الطرف المستأنف أقدم، بصورة إنفرادية، على إجراء إقتطاعات مباشرة من معاش المستأنف التقاعدي، مستغلا سلطة القانون العام، متعمدا عدم اللجوء إلى القضاء لتحديد التعويض….، مما يكون معه القرار المذكور متسما بالشطط في إستعمال السلطة  يعرضه للإلغاء، ومما يكون معه الحكم المستأنف الذي قضى بإلغاءه واجب التأييد”[31].

                        كما ذهبت محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط، أثناء نظرها في قضية الإقتطاع من المعاش، وحماية حقوق الأطراف، والطرف الضعيف خاصة، وتقدير الأسباب لإثبات هذا الإقتطاع، نصت على أن:”على خلاف ما تمسك به المستأنف، فإن الثابت، من خلال الإطلاع على كافة أوراق الملف ومستنداته، وما راج خلال جلسة البحث المنعقدة بمكتب القاضي المقرر….، وكذلك بالإطلاع على تقرير الخبرة المنجزة في النازلة من طرف الخبير المنتدب محمد بناني (الخبير في المحاسبة) والذي وإن أوضح من خلاله أن معاش المستأنف عليه فعلا خضع لإقتطاعات مستحقة، وأن الفرق الذي مازال بذمة الصندوق المستأنف….، وهو الأمر الذي لا يستطع المستأنف إثبات عكسه، مما يكون معه ما أثير من سبب حول ذلك غير مؤسس[32].

            وقد أيدت  الغرفة الإدارية هذا الإتجاه في أحد قراراتها، الذي جاء فيه:”أن الطرف المستأنف أقدم بصورة إنفرادية على إجراء إقتطاعات مباشرة من معاش المستأنف التقاعدي، مستغلا سلطة القانون العام، ومعتمدا على عدم اللجوء إلى القضاء لتحديد التعويض، مما يكون معه القرار المذكور متسما بالشطط في إستعمال السلطة يعرضه للإلغاء”[33].

                        فالقاضي الإداري إعتبر أن الإقتطاع من معاش التقاعد قرار إداري قابل للطعن بالإلغاء، من حقه أن يراقب شرعيته، حسب موقف المحكمة الإدارية بالرباط[34]، التي أقرت بأنه عندما يكون الدين المطلوب إرجاعه لفائدة الخزينة العامة محل نزاع، فإنه لا يحق للإدارة القيام بإسترجاعه مباشرة عن طريق الإقتطاعات من راتب المدين، وإنما عليها أن تطالبه بذلك أولا بالمرضاة، أو عن طريق القضاء، مما يجعل القرار القاضي بإقتطاع 10% من راتب الطاعنة مشوب بعيب مخالفة القانون يبرر الحكم بإلغاءه.

                        فمن خلال الإجتهادات القضائية السالفة الذكر، بخصوص المنازعات المتعلقة بالإقتطاع من المعاش من أجل إستخلاص الديون العمومية، أن القاضي الإداري حرص على الأخذ بعين الإعتبار بالبعدين القانوني والإنساني في هذه المنازعات، مقرا بأن هذه الإقتطاعات لا تجوز إلا بإستنادها على حكم قضائي.

                        فالقاضي الإداري أكد، في العديد من المنازعات التي تهم حالة الإقتطاع من المعاش لإستخلاص الديون، على ضرورة إحترام النصوص القانونية، وفي نفس الوقت، مراعاة الإعتبار المتعلق بحماية الحق في المعاش.

ثانيا: الإقتطاع من معاش من أجل إخلاء السكن الوظيفي.

                        يستفيد بعض الموظفين، أو المستخدمين، من السكن الوظيفي، حيث تضع الإدارة رهن إشارتهم مساكن لتسهيل مأموريتهم مقابل إقتطاع جزء يسير من الراتب. لكن، الخلاف يثور بين الإدارة والموظف المحال على التقاعد، حينما تطالبه بإرجاع هذا السكن، على إعتبار أن المبرر القانوني للإستفادة منه لم يعد قائما. غير أن المعني بالأمر، ونظرا لعوامل كثيرة، غالبا ما يرفض تسليم السكن الوظيفي، الشيء الذي يدفع الإدارة إلى سلوك مجموعة من الطرق رغبة في إسترداد هذه المساكن من محتليها[35].

                        فالقاضي الإداري يعتبر إقرار الإدارة للحق في منح الموظفين السكنى الوظيفية المخصصة لهم، أو منحهم التعويض في حالة تعذر إسكانهم الذي يعتبر إلتزاما من جانبها، مما يجعلها مجبرة قانونا على تنفيذه. إلا أن هذا الفعل الذي تقوم به الإدارة تجاه هؤلاء الموظفين قد يعتبره بعضهم أنه حق مكتسب، لنه يعد في نظر الإدارة المانحة للسكن،  إحتلالا  والذي يجب أن ينتهي بالإحالة على المعاش، مما يدفع بالإدارة إلى السعي نحوإسترداد حقها، فتلجأ بالتالي إلى الإقتطاع من المعاش، في محاولة لإجبار الموظف على إخلاء السكن.

                        وإذا كان القاضي الإداري يوافق الإدارة على حقها في إسترداد السكن الوظيفي، وبالتالي وجوب إخلاء المحتل بغير سند شرعي له، متى تم إحترام المسطرة القانونية في الموضوع؛ أي إستلزام عرض النزاع على القاضي، وتدخل هذا الأخير لفضه. فالقضاء الإداري، نفسه، حرم على الإدارة اللجوء إلى إقتطاع جزء من راتب المعاش بطريقة إنفرادية، دون سلوك التقيد بالشكليات التشريعية الواجبة التطبيق. وواضح أن الإدارة، بعدم إحترامها لهذه المسطرة، إنما ترغب في البحث عن حل سهل يكفيها شر وعناء تتبع المسطرة القضائية، وهو ما يرفضه القاضي بالبت والمطلق[36].

                        وقد إعتبرالقضاء أن لجوء الإدارة إلى الزيادة في الوجيبة الشهرية مقابل إستغلال المسكن الوظيفي لمستخدم محال على التقاعد، بصورة إنفرادية، ودون التقيد بأي معيار موضوعي أو معايير محددة  سالفا، ودون اللجوء إلى القضاء، ومن ثم إتخاذ قرار إقتطاع تلك الزيادة من المعاش، متسما بالشطط في إستعمال السلطة، ومعرضا للإلغاء.

                        وقد قضى المجلس الأعلى بأنه إذا كان الحق في السكنى قد منح للشخص بحكم وظيفته، فإن إحالته على المعاش يؤدي إلى إنقضاء هذا الحق، ويكون لقاضي المستعجلات أن يأمر بإفراغه[37].

                        وفي حالة أخرى، قضى المجلس الأعلى  بأن إحالة الموظف على التقاعد، وحاجة الإدارة الملحة إلى إسكان موظفين آخرين في المحل يضفي على النزاع طابع الإستعجال، الذي لا ينزعه عنه الإستمرار في إقتطاع مقابل إستغلال المحل من معاش الطاعن[38].

                        وجاء في حكم المحكمة الإدارية بمراكش:”إن عدم صرف المكتب المدعى عليه لراتب معاش تقاعد المدعي بدون وجه حق، وحجزه لديه في ذلك إلى القضاء، صاحب الإختصاص، في تحديد السن، وتنفيذ الحجز بشأنه في إطار النسبة التي يسمح بها القانون، ثم يجعل لتصرفه هذا أساس وسندا من القانون مما يكون معه، وبالتالي عدم صرف المعاش للمدعي، غير قائم على أساس، مما يستوجب، وبالتالي، الحكم على المكتب المدعى عليه بتسوية ملف تقاعد المدعي ووضعيته المعاشية، وبإحالة هذا الملف على صندوق التقاعد التابع له، والحكم على هذا الأخير بصرف التقاعد لفائدة المدعي[39].

                        وفي نفس المنوال، ذهبت المحكمة الإدارية بمراكش، في حكم آخر لها، والذي نص على أن:”المعاش التقاعدي هي قانونا وفي إتجاه تكريس حق الإدارة في إفراغ السكن الوظيفي، نحت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بمناسبة نظرها في هذا الموضوع من النزاع وبإعتبارها من الأمور المستعجلة، حيث نص هذا القرار على أن، “حق الإستفادة من السكنى الإدارية ينتهي بإنتهاء العمل، وإحالة الطاعن على التقاعد، وحاجة الإدارة الملحة إلى إسكان موظفين آخرين يضفي على النزاع طابع الإستعجال الذي لا ينزعه عنه الإستمرار في إقتطاع مقابل إستغلال المحل من معاش الطاعن[40].

                        وقد يدعي المتقاعد في بعض الأحيان حدوث إقتطاع من معاشه للسكن ليتخذه كذريعة من أجل البقاء في إستغلال السكن الوظيفي، أو على الأقل التماطل في الإفراغ. حيث يجد معه القاضي الإداري متصديا بحزم لمثل هذا التصرف، كما جاء في قرار لمحكمة  الإستئناف بالرباط، والذي جاء فيه:”حيث يعيد المستأنف الحكم المستأنف بعدم إرتكازه على أساس، لما تنص بعدم قبول طلبه رغم ما أدلى به من وثيقة ذات أهمية تفيد إقتطاع واجب السكن، حتى بعد إحالته على المعاش. لكن حيث إن الثابت من وثائق الملف خاصة شهادة الأداء المدلى بها من طرف المستأنف، والمتعلقة بشهر شتنبر من سنة1988، وهي فترة سابقة على إحالة المستأنف على التقاعد[41].

                        ويتضح أن القاضي المغربي فهم بأن الفصل 13من قرار 19 شتنبر 1951، بشأن النظام الخاص بالموظفين المسكنين من قبل الإدارة، على إجراء مسطرة الإفراغ على توجيه إنذار إلى المعنيين بالأمر، ثم منحهم الأجل القانوني المتمثل في شهرين إثنين،على أن يرفع هذا الأجل إلى 6 أشهر بالنسبة للموظفين المحالين على التقاعد. ويمكن تمديده في حالة إذا تعذر أداء راتب التقاعد في الأجل المذكور، إلا أن هذا الأجل لا يمكن أن يتجاوز 15 يوما بالنسبة للسلطة الحكومية وأعضاء دواوينهم.

                        وإذا كنا نتفهم موقف القضاء المغربي من الأوامر بالتحصيل، وتخوفاته من تجاوزات وتعسف الإدارة، فمع صراحة النص ووضوحه، لا يبقى أي مجال للتأويل، حتى لو كان لمصلحة الطرف المدعي.

                        والأمل معقود على مدونة التحصيل، حيث يجب أن تتشبع بمبادئ حقوق الإنسان، سواء من الجانب الإقتصادي،أوالسياسي ،أو الإجتماعي[42]، خاصة في مجال الإقتطاع من المعاش.

                        ويمكن القول، أن التوجه القضائي في منازعات المعاشات تأسس على إقرار التوازن بين حماية المحالين على المعاش وإنزال إرادة المشرع، من خلال تطبيق المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بقانون المعاش. كما حرص التوجه القضائي إلى تنبيه الإدارة على أهمية الأخذ بعين الإعتبار المعطى الإنساني للمعاش، وذلك عن طريق التوفيق بين مصالح الإدارة صاحبة السكن والمتقاعد أو المحال على المعاش بصفة عامة، الذي يعتمد على ذلك المعاش لتوفير حاجاته الأساسية.


[1]–  الفصل 26من ظهير شريف رقم 008-58-1 الصادر في 24 فبرابر 1958، بمثابة القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، الجريدة الرسمية 2372، بتايخ 1958.

[2]–  الحسين شمس الدين، “المعاش يعتبر أجرا بمفهوم ظهير 2 أكتوبر 1984″، مجلة المقال، العدد المزدوج 3/4 ، سنة 2011، ص 10.

[3]–  الفصل 26 من ظهير 24/02/1958 السالف الذكر.

[4]–  حداد عبد الله :”القضاء الإداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية”، مطابع منشورات عكاظ، الرباط، 1994، ص 139.

[5]–  محمد الأعرج: تعليق على حكم المحكمة الإدارية بالرباط حكم عدد 572 بتاريخ 27/04/2004، مولوي يوسف ضد وزير الداخلية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 64 ـ شتنبر ـ أكتوبر 2005.

[6]–  ظهير شريف رقم 38 ـ 01 ـ 1 الصادر بتاريخ 15 فبراير 2001 القاضي بتنفيذ القانون رقم 99 ـ 77 الممنوع بموجبه الجمع بين الأجرة والمعاش أو أي إيراد آخر في حكمه، الجريدة الرسمية عدد 4882 بتاريخ 15 مارس 2001، ص 820.

[7]–  رضا التايدي، قراءة في بعض الإشكالات المتعلقة بمنازعات المعاشات المدنية،  مجلة المحاكم الإدارية، منشورات جمعية نشر المعلومة الإدارية والقضائية، العدد الثاني، أكتوبر 2005، ص180.

[8]– م. الأعلى، غ. إد قرار رقم 372، بتاريخ 12 دجنبر 1991، عبد الرحمان بوعنان ضد الخازن العام للمملكة، أورده أحمد بوعشيق، الدليل العلمي للإجتهاد القضائي في المادة الإدارية، سلسلة دلائل التسير، ص 123.

[9]– قرار عدد 289 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 17/08/1989 في الملف عدد 87/7244، منيب محمد ضد الخازن العام، أورده إبراهيم زعيم الماسي، المرجع العلمي الإجتهاد الإداري القضائي، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 1416، ص 303.

[10]–  قرار عدد 298 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 17/08/1989 في الملف عدد 87/7244  منيب محمد الخازن العام، أورده إبراهيم زعيم الماسي المرجع السابق، ص 303.

[11]–  سعيد الويداني:”منازعات المعاشات أمام المحكمة الإدارية”، منازعات المعاشات أمام المحاكم الإدارية، دار النشر المعرفة، الطبعة الأولى، 2012، ص 111.

[12]–  قرار عدد 310 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 3 يوليوز 1968، أرملة اعبدو ضد الدولة المغربية ومن معها، قضاء المجلس الأعلى سنة 1968، ص 101.

[13]–  وذلك لكونه أقر بمبدأ مسؤولة الدولة التقصيرية في حالة إصابة أحد الموظفين الذين يشتغلون لديها بحوادث أثناء ممارسة عملهم والتي تؤدي إلى وفاتهم أو إصابتهم بعجز.

[14]–  الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قرار عدد 11 بتاريخ 11/02/1975، منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة والإقتصاد، عدد 5، ص 105.

[15] – المحكمة الإدارية بالرباط، حكم رقم 159، بتاريخ 27 فبراير 2003، محمد صابر ضد إدارة الدفاع الوطني، المجلة المغربية لإدارة المحلية والتنمية، عدد 56، ماي  ـ يونيو 2006، ص 255.

[16]–  قرار عدد 11 صادر بالغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 21 فبراير 1975 المريني محمد ضد الدولة المغربية، ورد لدى أحمد بوعشيق دليل العلمي للإجتهاد القضائي في المادة الإدارية، الجزء الثاني، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة دلائل التسيير، العدد ،16 سنة 2004 ،ص 99.

[17]–  قرار عدد 307 صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 19/04/2006 في الملف الإداري عدد 2637/4/2/2004، على العلوي ضد إدارة الدفاع الوطني قرارات المجلس الأعلى في المادة الإدارية، 50 سنة الجزء الأول، ص 284.

[18]–  حكم عدد 159 صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 27/02/2003، قضية رشيدة عيسى ضد إدارة الدفاع الوطني المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 56 ،ماي يونيو 2004، ص 246.

[19] – حكم عدد 118 صادر عن المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ 07.6.2000 ،بوسنة المحجوب ضد وزير التربية الوطنية المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 38 ـ 39 ماي غشت 2001، ص 246.

[20]–  حكم عدد 572 صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 27.4.2004، مولودي بوسيف ضد وزير الداخلية المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 61، سنة 2005، ص 171.

[21]–  الأعرج محمد:”المنازعات المتعلقة بتطبيق قانون المعاشات في العمل القضائي للمحاكم الإدارية”، المجلة المغربية للمنازعات القانونية، عدد 3-4، 2005، ص31       

[22]– أورده رضا التايدي:”قراءة في بعض الإشكالات المتعلقة بمنازعات المعاشات”، مرجع سابق، ص 181.

[23]– الأعرج محمد:”تعليق على حكم المحكمة الإدارية بالرباط”، مرجع سابق، ص 177.

[24]–  قانون رقم 77.99 صادر بتاريخ 15/02/2001 منشور ب ج ر عدد 4882 ص 820 بتاريخ 15/03/2001 الممنوع الجمع بين المعاش وأجرة العمل.

[25]–  قرار عدد 637 صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 18/07/2007 في الملف الإداري عدد 1848/4/1/2004، مجلة قضاء المجلس الأعلى ،عدد 69، ص 195.

[26] –  قرار عدد 637 صادر عن المحكمة الإستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ 10/7/2008 في الملف عدد 22.7.2010 أبو بكر الريح ضد الوكيل القضائي للمملكة، قرار غير منشور، أورده سعيد الويداني، مرجع سابق، ص 109.

[27]–  المحكمة الإدارية بفاس، حكم عدد 869 بتاريخ 25/05/2010، محمد كريمي القادر بن المختار ضد المدير العام للصندوق المغربي للتقاعد غير منشور.

[28]–  مرسوم رقم 66 ـ 05 ـ 2 بتاريخ 6 ماي 2006 بتحديد كيفية تطبيق أحكام القانون رقم 71.14 المغير و المتمم للقانون 011.71 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية المتعلقة بمعاش الزمانة، الجريدة الرسمية عدد 5425، بتاريخ 29 ماي 2006، ص 1376.

[29]–  الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، قرار رقم 393 بتاريخ 29 نونبر 1990، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 51، يناير 1998، ص 85.

[30]  المحكمة الإدارية بمراكش، حكم رقم 44، بتاريخ 26 ماي 1999، أحمد حتيم ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية، أحمد بوعشيق، الدليل العلمي للإجتهاد القضائي في المادة الإدارية، مرجع سابق، ص 144.

[31] – م.الأعلى، غ إد قرار رقم 237، بتاريخ 15 فبراير 2001، مجلة المجلس الأعلى، عدد 57 ـ 58، يوليوز 2001، ص 289.

[32] – محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط، قرار عدد 2065 بتاريخ 15/10/2009، الوكيل القضائي للمملكة ضد مأمون المختار الجامعي، حكم غير منشور.

[33] – الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قرار رقم 237، بتاريخ 15 فبراير 2001، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 57 ـ 58، يوليوز 2001، ص 28.

 [34]- حكم عدد 92 صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 01/02/2001، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية،  عدد 38-39، ص 298.

[35] – امعيوة خديجة:”القاضي الإداري وحماية الحقوق والحريات بالمغرب”، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد بن عبد الله كلية الحقوق، سنة 2004 ـ 2005، ص 337.

[36]–  حميد اربيعي:”القاضي الإداري والتقاعد، دراسة حالة مستخدمي المكتب الوطني لسكك الحديدية”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 3 ـ 4، 2005، ص 43.

[37]–  العربي محمد مياد، “الحماية القانونية للسكن الوظيفي”، سلسلة إعلام وتبصير المستهلك، عدد 5، 2009، ص 81.

[38]–  القرار رقم 12 بتاريخ 15 يناير 1987 في الملف الإداري عدد 571/91، منشور بقرار المجلس الأعلى في ذكراه 40 سنة 1997، ص 157.

[39]  المحكمة الإدارية بمراكش، حكم عدد 44 بتاريخ 30 ماي 2001،أحمد حمو ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية، أورده أحمد بوعشيق، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة “دلائل التسيير”، مرجع سابق، ص 139.

[40]  الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، قرار عدد 12بتاريخ 15/01/1987، منشور بمجلة القضاء المجلس الأعلى عدد 40، ص  26.

[41]  محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط، قرار عدد 36 بتاريخ 08/01/2009، حفيظ البخاري ذد الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بمكناس، حكم غير منشور.

[42]–  مياد العربي:”السكن الوظيفي على ضوء الفقه الإداري والإجتهاد القضائي”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 17، الطبعة الأولى 2001، ص 74.

Exit mobile version