Site icon مجلة المنارة

أزمة البيئــة والتحــول الاجتماعــي    التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاقياتالدولية حول البيئة

أزمة البيئــة والتحــول الاجتماعــي    التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاقيات الدولية حول البيئة

محمد الترسالي[1]

  إستهلال:

     يندرج موضوعنا في سياق  ما دأبت على تقديمه الجامعة المغربية في مؤتمراتها العلمية السنوية من مواد علمية هادفة، وذلك بغية التحصيل الأكاديمي و توسيع دائرة النقاش  العلمي من جهة، والانكباب على دراسة العلوم الاجتماعية لما له من دعائم أساسية للتنمية الاجتماعية، وخدمة حقوق الإنسان، وكذا إنجاز مشاريع  النمو والتقدم، وبالتالي إنتاج مجتمع المعرفة من جهة ثانية، بغية مواصلة الركب العالمي الحضاري المزدهر، ولما كانت الغاية تلك حظيت قضايا بيئية متعددة أهمية كبرى على الساحة  الفكرية والمعرفية والاقتصادية والسياسية  للمجتمعات الإنسانية من خلال إدراج  موضوع الموارد الطبيعية والتقسيم العادل للثروات  كحق ثابت من حقوق الناس الكونية، وكذا أهمية المحافظة على الطبيعة لأنها الضامن الوحيد لاستمرار عيش الإنسان فيها، بحيث يتحمل الإنسان  مسؤولية كاملة في الحفاظ على  الموارد الطبيعة و حسن ترشيد استغلالها،  وكذا الحفاظ على البيئة من التلوث الصناعي، وحسن التعامل مع التغيرات المناخية  من قبل المجتمع الدولي عبر وضع سياسة بيئية ناجعة.

     وعليه، فقد عرفت مجموعة من البلدان تقلبات مناخية أدت إلى تغيرات ملحوظة في البنية الاقتصادية للدول، وهذا ما أثر سلبا على الموارد الطبيعة لتلك البلدان بحيث شهدت قلة التساقطات المطرية لأن الماء هو أصل الحياة كما يقال، الأمر الذي أدى إلى مجاعات وأوبئة مسببة لأمراض فتاكة وقاتلة، وكذا نشوء حروب من أجل العيش، ومن ثمة تغيير الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للشعوب، وذلك ما يتفق مع ما جاء في الورقة التصورية لهذه الندوة العلمية على أن هناك دراسات أكاديمية عالجت موضوع  البيئة ودورها في  تفسير الواقع الاجتماعي و تشكيل النظم السياسية. كما أن المغرب بدوره وإفريقيا عموما ودول شرق أوسطية عرضت للتقلبات المناخية المسببة للجفاف والكوارث الطبيعية.

          ويبقى الهدف الرئيس من هذا كله هو محاولة إعطاء نظرة ثاقبة عن البيئة والتحول الاجتماعي، وهو الموضوع المطروح للاشتغال والتقديم في هذا المؤتمر العلمي المبارك. بحيث تتداخل مجموعة من التخصصات العلمية جغرافية،  وفنية، وأخلاقية، وتاريخية، وأنثربولوجية  وسوسيولوجية، واقتصادية، وقانونية، وغيرها من التخصصات الأكاديمية والعلوم البينية  في  معالجة هذا الموضوع من زوايا متعددة تكون بالضرورة جامعة شاملة عن مثل هذا الموضوع الواسع والشائك،  وذلك من أجل خدمة قضايا الإصلاح والتنمية، وهذا ما يتجه إليه المغرب الحديث منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي.

    وتماشيا مع تلك الإصلاحات الهامة والواعدة، عرفت بلادنا  في أواخر السنة الماضية  تنظيم تظاهرة  ثقافية عالمية عارمة من أهدافها الأساسية الحفاظ على البيئة، والتحسيس  بخطورة إغفال ذلك الأمر، لان ذلك ما دأب عليه المنتظم الدولي منذ سنة 1972 على تنظيمه، وهذه المرة تم اختيار المغرب بعد فرنسا سنة 2015، بحيث نظم كوب 22 في مراكش من الفترة الممتدة بين 7 نونبر و 18 نونبر 2016 حيث عرف نجاحا باهرا تداخلت وتفاعلت فيه مجوعة من القضايا المحورية التي اهتمت بحماية البيئة  بغية تنمية حقيقية مستدامة، وذلك ما وضعه المغرب في أولوياته المرتكزة أساسا في مجموعة من الإصلاحات الدستورية والتشريعية  التي تتماشى مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة، وهي:  الميثاق الوطني للبيئة ومخطط المغرب الأخضر،  ومخطط الاستثمار الأخضر، ومشاريع الطاقة المتجددة، و تم إصدار قانون منعت من خلاله  بعض المواد التي تلوث البيئة كالأكياس البلاستيكية، غير أن ما يطرح نفسه بإلحاح هو ما مدى  تنفيذ تلك الاتفاقيات الدولية على أرض الواقع؟

سؤال البحث: ماهي التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاقيات الدولية حول البيئة، مثل اتفاقية باريس لعام 2015 وما تبعها من تعهدات بمراكش في 2016؟

فرضية البحث: نفترض أن الدول الصناعية الكبرى تتهرب من تنفيذ الاتفاقيات الدولية حول البيئة وخصوصا الحد من الانبعاثات الحرارية وتقديم الدعم المالي للدول النامية، وأن هذه الاتفاقيات ليست إلزامية، وعدم تطبيق تعهدات كوب 21 في باريس، وما سبقه من مؤتمرات وتوصيات ناتجة عنها خير دليل على هذا الطرح، و تعهد كوب 22 بمراكش سيتبع الإلتزمات السابقة التي لم تنفذ، وبالتالي ستتناقض مدخلات المؤتمرات العلمية العالمية مع مخرجاتها.

منهج البحث: اعتمد الباحث على منهجية دراسة الحالة على اعتبار أن مدخلات الاتفاقيات الدولية تتطلب دراسة تبعية لحالة اتفاقية باريس، واتفاقية مراكش.

   وعلى هذا الأساس سوف نعالج الموضوع عبر ثلاث نقاط رئيسية تكمن في ما يلي:

أولا:  أزمة البيئة والتحول الاجتماعي

ثانيا: اتفاقية باريس في كوب 21،  وإعلان مراكش في  كوب 22

ثالثا: التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاقيات الدولية حول البيئة

أولا:  أزمة البيئة والتحول الاجتماعي

     عرفت قضايا بيئية ظهورا واسعا على الساحة الدولية مما أثار مجموعة من الإشكالات البنيوية العميقة التي دار محتواها حول ما يصطلح عليه بالتلوث البيئي وضرورة محاربته  بواسطة تنزيل مخطط كبير نسميه بالمخطط العالمي لحماية البيئة،  وذلك من خلال سن مجموعة من القوانين المتعلقة بالحفاظ على البيئة، وهذا ما يدل على وجود قلق إنساني حول البيئة، غير أن المطلوب هو إعمال سؤال العقل والفكر لتنظيم علاقة الإنسان بالطبيعة تكون علاقة مسؤولية التزام أخلاقي واعٍ قبل كل قانون، ومن ثمة يتسنى لنا الوقوف أمام التحديات والإكراهات التي تواجه كوكبنا الذي نعيش فيه.

     قد يقول قائلا إذن هناك أزمة بيئية خطيرة تواجهنا فما العمل يا ترى؟ إن تبيان واقع الحال يقتضي بالضرورة فحصا دقيقا للموضوعات المطروحة  حول  الإنسان والطبيعة  والمعرفة،  ودور الوعي الحقيقي في توجيه  تلك العلاقة التفاعلية في خدمة قضايا البيئة والمحافظة عليها، لأن عصر التقنية الذي نعيش فيه بفضل الابتكارات التكنولوجية التي مهدت لثورة معلوماتية غطت أرجاء المعمورة، مخلفة بذلك نتائج وخيمة على الطبيعة، كالتلوث، والاحتباس الحراري، والأشعة الإلكترونية،  واستنزاف موارد الطبيعة، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، وإفرازات المصانع، وتلوث مجاري المياه بالصرف الصحي،  وإنتاج المواد الكيماوية واستعمالها في الزراعة من أجل مردود جيد، وفي المواد الغذائية المعلبة بغية المحافظة عليها، وكذا دفن النفايات النووية في بعض دول العالم النامية مقابل ثمن زهيد مقارنة مع ما تخلفه تلك النفايات  النووية على الطبيعة والكائن الحي على حد سواء، كل هذه الأمور جعلت التلوث من سمة عصر التقانة، حتى سميت مدن العالم الصناعية بالمدن الملوثة القاتلة.

    لا ضير في القول،  أن الواقع الاجتماعي الجديد الذي أفرزه مشكل البيئة ولد مجموعة من التحولات الاجتماعية من أبرزها  الثورة التكنولوجية والمعلوماتية المبتكرة في عصرنا الراهن،  والتي وجهت سير المجتمعات الإنسانية وأصبحت من الموجهات الفاعلة في الحقل الاجتماعي على اعتبار أن هذه الابتكارات التقنية أسست لنوع من القيم الاجتماعية الجديدة التي أصبحت سائدة في المجتمعات الإنسانية، وحددت معايير أساسية للتعامل مع هذه الآلات المبتكرة، وفرضت نوعا من السلوك الاجتماعي للتعامل معها،  ومع البيئة الطبيعية المحيطة بها، وذلك ما نسميه بالرقابة التكنولوجية على السلوك الاجتماعي.

     ومع هذا الواقع الاجتماعي الناتج عن التقدم التكنولوجي الذي خلف مجموعة من التحولات الاجتماعية البنيوية العميقة التي أصابت البناء الاجتماعي للمجتمعات الإنسانية، وخلفت بذلك بعد الآثار الوخيمة  كان أولها مع الثورة الصناعية، وثانيها مع ثورة العصر التقنية والمعلوماتية  التي كانت  نتائجها وخيمة ولا تزال تهدد العيش على كوكب الأرض، ووفق لذلك  يرى مجموعة من الفلاسفة والمفكرين على ضرورة اتخاذ إجراء فعال يضمن  تحقيق الترشيد والعقلنة في علاقة الإنسان  مع الطبيعة من أجل التغلب على الأزمة البنيوية التي أصبحت ظاهرة للعيان، ومشكلة خطورة قصوى على الطبيعة وعلى  الكائن الحي نفسه .

    يوضح الفيلسوف الألماني هانز يوناس” hans Jonas ”  في هذا الصدد موقفه من  التكنولوجيا الحديثة على أنها قامت على مبدأ الاختراق العميق للطبيعة، واندفعت بقوة السوق والسياسة إلى الأمام، بحيث وضعت مركزية الإنسان وأهميته   فوق كل اعتبار و فوق كل شيء. ومن خلال معالجته لموضوع البيئة وأزمتها  المتمثلة في  الآثار المدمرة التي خلفتها التكنولوجيا،  وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، والتغيرات العميقة والمثيرة التي حدثت  في العالم مثل تطور أسلحة الدمار الشامل، والمخاطر التي تهدد البيئة الناتجة عن ازدهار عصر التقنية، إضافة إلى التطورات الهائلة التي أحدثت ثورة في مجال التكنولوجيا  الحيوية، خلص يوناس إلى فكرة مفادها أن المبدأ الأساسي في ذلك هو ما يسميه “بالمسؤولية الأخلاقية”، والتي  من موضوعاتها عنده الاهتمام بكل ما هو فان، أما غايتها فهي استمرار الحياة على الأرض، ويجب أن يحتل هذا المبدأ  في نظره  قلب فلسفة الأخلاق الحالية والمقبلة، إذ التحول الناتج عن التقدم التكنولوجي  يتطلب تحولا في فلسفة الأخلاق، لذا رفض يوناس فلسفات الأخلاق الكلاسيكية التي نظَّر فيها الفلاسفة قديما بحيث اقتصرت في نظره على ما ينبغي أن تكون عليه علاقات البشر فيما بينهم  مع إغفال تام للعلاقة مع الكائن الحي ومع الطبيعة، ونظرا لتقدم المعرفة والتكنولوجيا، لم تكن الفلسفات السابقة قادرة على أن تضع في اعتبارها الظروف العالمية للحياة البشرية، كما لم تستطع أن تجعل ضمن موضوعاتها  الاهتمام بمستقبل البشرية[2].

    إن حكمة الإنسان وسلوكه  على الأرض قاصران نوعا عن الكمال الإلهي، على أن التكيف الانتقائي في النظم، والإتباع الانتقائي  للتغيرات ليس سليما على الإطلاق في نتائجه الطويلة المدى، فالناس قد أسرفوا في صيد الأسماك وفي قتل الطيور والحيوان الذي يمدهم بالغذاء، ووضعوا أشكالاً من القمع الاجتماعي أذلت السادة كما أذلت العبيد. والإنسان الحديث قد وضع فعلا فنون القضاء على ذاته بدرجة عالية وسرعة مذهلة وأغرق هنا وهناك تلك التربة الخصبة التي تكونت في عصور طويلة، أغرقها في البحر خلال جيل واحد، ولوث هوائه وماءه وطعامه بأخطار غير منظورة طبيعية وغير طبيعية، وابتكر مذاهب وأيديولوجيات تقرب من المجتمع المضاد للمجتمع الفاضل، ذلك المجتمع الذي وصف “جورج أورويل” في روايته  “العالم في 1984” ، مجتمع يكون الحرب فيه سلاما، والاستعباد حرية، ويحب فيه المظلومون ظالميهم، ومع ذلك يظل يبقى ويزدهر، لزمن قصير على الأقل[3].

    لقد تولدت في عصرنا الراهن قضايا مصيرية وحاسمة في مستقبل  البشرية ، الأمر جعل يوناس يعارض قيم عصر النهضة، وخاصة قيم الحرية القائمة على مركزية الإنسان وحقه الكامل في السيطرة على الطبيعة وتسخير إمكانياتها في خدمة حاجياته المختلفة، كما ينتقد بشدة أخلاق النفعية  البرغماتية القائمة على تجريد قيمة الأشياء من قيمتها الذاتية، وإضفاء عليها صبغة النفعية لإعطاء بعض التبريرات بغية السيطرة عليها واستغلالها لتحقيق منفعة الإنسان، و مع هذا التوجه يرى صاحبه أن الحل يكمن في الأساس بضرورة استبدال مبدأ الحرية الذي هو عماد الأخلاق الكلاسيكية بمبدأ جديد وهو مبد المسؤولية[4]. ولتدعيم هذا الطرح نجد ريتشارد فولن  “Richard  Wolin”  يبرز الأثر العظيم لفلسفة يوناس البيئية وذلك لرده الاعتبار إلى مملكة الحياة، والدعوة إلى إحياء فكرة  إحياء التكامل والتساند والتكافل بين الإنسان والطبيعة[5].

   إن أزمة  البيئية تكمن في كونها مشكل كوني يخص البشر في كل أرجاء الأرض، فهي ليست قاصرة على أبناء قومية معينة أو دين معين، وبالتالي ينبغي أن يكون الحل كونيا وذلك بواسطة الحوار المفتوح بين الأديان والثقافات دون وصاية أي ثقافة[6].

   وفي المدرسة السوسيولوجية نجد مجموعة من علماء الاجتماع  من بينهم مؤسس علم الاجتماع الإنساني  إبن خدلون،  ورواد مدرسة شكاغو روبرت بارك، وأرنست برجس، ولويس ويرث،  بحيث دعوا إلى ضرورة  التعرف على البيئة الطبيعة ومعرفة أثارها على السلوك الاجتماعي ، الأمر الذي شاع من خلاله مجموعة من المفاهيم البنيوية التي تشرح وتفسر علاقة الظاهرة الاجتماعية بالبعد المجالي  والإيكولوجي، لذا كان من اللازم أن يتأسس علم الاجتماع البيئي  كفرع من فروع علم الاجتماع العام، وسمي بالإيكولوجيا البشرية التي تدرس معرفة أحوال المجتمع من خلال الحياة الطبيعي،  ومن بين موضوعات علم الاجتماع البيئي الاهتمام  بدراسة المجتمع في علاقته مع البيئة الطبيعية، وذلك عبر الدراسة العلمية الدقيقة التي تفسر السلوك الاجتماعي في بعده الطبيعي وفي علاقته مع البيئة. إن المعرفة السوسيولوجية تسهم في تفسير وتحليل أزمة البيئة في العالم، وبالتالي في وضع إستراتيجية  تكون كفيلة لإنقاذ البشرية من الأزمات البيئية، وبالتالي يجب التعامل مع أزمة البيئة كظاهرة طبيعية  في بعد سوسيولوجي.  

     يتبين من خلال هذا الطرح الفلسفي والسوسيولوجي أن هناك قيمة  فلسفية واجتماعية  مثلى تتجلى في أخلاق المسؤولية باعتبارها حلاً لمعضلات  البيئة التي تطرح نفسها بإلحاح وخصوصا عندما تُبنى علاقة غير متساوية بين الدول المتقدمة والدول المتأخرة عبر واقع يفرض نفسه بنوع من عدم المسؤولية الأخلاقية في النظام الرأسمالي  الذي يسيطر على وسائل الإنتاج، وهو من يملك أكبر عدد من التقانة يستغل أكثر من مصادر الطبيعة عبر الصناعتين الاستخراجية والتحويلية، وبالتالي فالنظام الرأسمالي يتحمل مسؤولية تلوث البيئة ومسؤولية ارتفاع درجة الحرارة في الأرض، فهل عمل الإنسان بمسؤولية واعية على محاربة هذا التلوث  بتنزيل التزام قانوني متعلق بالوعي البيئي، يكون بمثابة وثيقة سامية بغية المحافظة على الطبيعة والبيئة.

 ثانيا: إتفاقية باريس في كوب 21 وإتفاقية مراكش في كوب 22

   يدخل هذا المبحث ضمن ما دأب على تنظيمه  المنتظم الدولي منذ أزيد من إثتي وعشرون سنة  المتعلق  بالبيئة حيث يعالج قضايا مرتهنة بالأساس بالطبيعة والتحسيس بها عبر دراسة الواقع البيئي في العالم،  ذلك لأن هناك أزمة بيئية بدأت تظهر على السطح، وهو ما لفت أنظار  العلماء و المفكرين والساسة وصناع القرار في العالم، الأمر الذي ترجم إلى عقد مؤتمرات عالمية تعنى بالبيئة كان أولها في استكهولم بالسويد سنة 1972 بحيث أكد المؤتمرون على معرفة حال البيئة،  وضرورة وضع برنامج عمل يحافظ على البيئة من أجل التنمية وتفعيل مبدأ التربية البيئية، الأمر الذي ترجم في المؤتمر الثاني الذي إنعقد بريو دي جانيرو في البرازيل سنة  1992 بحيث ناقش المؤتمرون الكيفية التي من خلالها وضع تنمية مستدامة ومستقبل أفضل وذلك بالجمع بين النمو الاقتصادي  وحماية البيئة.    وانعقد  كذلك مؤتمر كوب 21  بفرنسا حيث وصف بمؤتمر إنقاذ البشرية من الدمار البيئي، و كان  أخر تلك المؤتمرات في المغرب وتحديدا بمراكش  سنة 2016 حيث طرحت إشكالات تصب في الأساس بأزمة البيئة العالمية مخلفة بذلك توصيات ومقترحات عملية للحد من خطورة ذلك الأمر وتماشيا مع ذلك أخذننا مثالين  اثنين عن ذلك وهما: اتفاقية باريس في فرنسا وإعلان مراكش في المغرب، والتي سوف نتناول من خلالهما  أبرز النقاط التي تم التوصل إليها في تلك الاتفاقيتين.

1: إتفاقية  فرنسا- باريس كوب 21

      يقول الأمين العام السابق للأمم المتحدة “بان كيمون” في مؤتمر قمة المناخ كوب 21، ” إن التاريخ اليوم يصنع في فرنسا وإنه انتصار للبشر وللمصلحة العامة، وللتعددية، وأنه بمنزلة وثيقة تأمين صحي لكوكب الأرض ستساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة “[7].

   إن مخرجات  هذا الاتفاق الذي تم العاصمة الفرنسية باريس يوم 12 دجنبر 2015 في اختتام قمة المناخ، وهي ضرورة الحد من ارتفاع درجة الحرارة أدنى بكثير من درجتين مئويتين -لأن ارتفاع درجة الحرارة يؤثر على الصحة البشرية-، وكذا مراجعة التعهدات الإلزامية كل خمس سنوات، وزيادة المساعدات المالية لدول الجنوب. وتعهد المنتظم الدولي بحصر مستوى ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائه دون درجتين مئويتين، ومتابعة الجهود الرامية لوقف ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية حيث تم تحديد هدف الدرجتين المئويتين في كوبنهاغن سنة 2009، مما فرض تقليصا شديدا لانبعاثات الغازات السامة المسببة للاحتباس الحراري، وذلك باتخاذ إجراءات عملية للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار في الطاقات البديلة وإعادة التشجير. وأكدت دولا عديدة وخاصة الدول الموجودة على الجزر منها 52 دولة والمهددة بارتفاع مستوى سطح  البحر أنها ستصبح في خطر شديد إذا تجاوز معدل ارتفاع الحرارة في الأرض 1.5 درجة مئوية[8]. وتم في هذا الاتفاق تحديد مجموعة من الأهداف المبرمجة والغايات المنشودة سنوجزها في ما يلي:

أ ) تنفيذ الغايات المنشودة بتحقيقها:

     أكدت مجموعة من الدول عددها 186 دولة من أصل 195 الدول المشاركة في قمة المناخ بفرنسا عن إجراءات للحد من تقليص انبعاثاتها من الغازات الدفيئة في أفق الفترة 2025-2030. لكن حتى في حال احترام هذه التعهدات، فإن ارتفاع درجة حرارة الأرض سيكون بنحو ثلاث درجات مئوية. والهدف هو التوصل إلى ذروة انبعاثات الغازات الدفيئة بأسرع ما يمكن، و القيام بعمليات خفض سريع إثر ذلك بهدف التوصل إلى توازن بين الانبعاثات التي تسببها أنشطة بشرية والانبعاثات التي تمتصها آبار الكربون خلال النصف الثاني من هذا القرن، في إشارة محتملة إلى الغابات وأيضا تقنية الالتقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون التي تنبعث في الفضاء[9].

ب)  تقويم ومراجعة التعهدات كل خمس سنوات:

 تم تكليف مجموعة الخبراء الدوليين في المناخ إلى إعداد تقرير خاص عام 2018 حول سبل التوصل إلى الـ1.5 درجة مئوية والجهود المرتبطة بمثل هذا الارتفاع في درجات الحرارة. وفي ذلك العام، تُجري الـ195 دولة أول تقييم لأنشطتها الجماعية، وستدعى عام 2020 على الأرجح لمراجعة مساهماتها. وتتمثل إحدى أهم إجراءات الاتفاق في وضع آلية مراجعة كل خمس سنوات للتعهدات الوطنية التي تبقى اختيارية. وستجرى أول مراجعة إجبارية عام 2025، ويتعين أن تشهد المراجعات التالية إحراز تقدم[10].

ج) تقديم دعم مالي للدول النامية:
    وعدت الدول الغنية عام 2009 بتقديم مئة مليار دولار سنويا بداية من سنة 2020 لمساعدة الدول النامية على تمويل انتقالها إلى الطاقات النظيفة، ولتتلاءم مع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تعتبر هي أولى ضحاياها. كما طلبت الدول النامية أن ينص الاتفاق على أن مبلغ المئة مليار دولار والذي  ليس سوى أقل  حد، وسيتم اقتراح هدف مرقم جديد عام 2025. ومن جهة أخرى ترفض الدول المتقدمة أن تدفع وحدها المساعدة، وتطالب دولا مثل مثل الصين وسنغفورة  وكوريا الجنوبية والدول الغنية بالنفط، في المساهمة أيضا في تقديم مساعدات مالية للدول النامية. كما نص الاتفاق على وجوب أن تقدم الدول المتقدمة موارد مالية لمساعدة الدول النامية، ويضيف  نشجع باقي الأطراف (دول أو مجموعة دول) على تقديم الدعم على أساس طوعي[11].

د) تقديم تعويضات عن الخسائر والأضرار:
  يتمثل ذلك في ضرورة مساعدة الدول التي تتأثر بالاحتباس الحراري حين تصبح المواءمة غير ممكنة، وتشمل الخسائر التي لا يمكن تعويضها والمرتبطة بذوبان كتل الجليد أو ارتفاع مستوى المياه مثلا.وبدون أن تسوى كافة المشاكل، فإن اتفاق باريس يخصص فصلا كاملا لهذه المسألة، وهو ما يشكل نصرا بحد ذاته للدول الأشد هشاشة مثل الدول الواقعة على الجزر. فهو يعزز الآلية الدولية المعروفة بآلية وارسو المكلفة بهذه المسألة، والتي لا يزال يتعين تحديد إجراءاتها العملية. وهذه المسألة حساسة بالنسبة للدول المتقدمة، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية التي تخشى الوقوع في مساءلات قضائية بسبب مسؤوليتها التاريخية عن الاحتباس الحراري، وتوصلت هذه الدول إلى إدراج بند يوضح أن الاتفاق لن يشكل قاعدة لتحمل المسؤوليات أو المطالبة بتعويضات[12]. وهو الأمر الذي سوف يسهل عملية  الأجرأة الفعلية  لمخرجات كوب 21 للمناخ وتحقيق التنمية المستدامة، ومن أجل ذلك لابد من تقديم تنازلات لإنجاح مضامين ذلك الاتفاق التاريخي حول المناخ والبيئة، وهذا ما عمل عليه المجتمع الدولي بوضعه لسياسة تحد من الانبعاثات الغازية، وتقديمه دعما ماليا للدول النامية المتضررة من تبعات تلك الإنبعاثات. فإلى أي حد ساهم إعلان مراكش في تلك التوصيات المبرمة في باريس؟ وماهي أهم البنود التي خرج بها المؤتمرون في مراكش؟

2- إتفاقية المغرب- إعلان مراكش كوب 22:

    بدأ هذا الاتفاق بالمصادقة بالأغلبية الساحقة على اتفاقية باريس المتعلقة بتغير المناخ المبرمة سنة 2015، حيث صادقت عليه اثني عشر دولة من بينها اليابان واستراليا وإيطاليا، ولأول مرة يحصل إجماع دولي على اتفاق متعلق  بالبيئة والمناخ، حيث شكل اتفاق باريس أول اتفاق عالمي يحث على ضرورة مواجهة التغيرات المناخية. وكان ميثاق إعلان مراكش للعمل من أجل المناخ والتنمية المستدامة بداية لتحقيق إتفاق باريس التاريخي الذي سوف ينقد البشرية من التلوث والانبعاثات الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك بغية تحقيق التنمية المستدامة كدعامة أساسية في خدمة الطبيعة والإنسان على حد سواء، إذ وصف العديد من القائمين والمشاركين في قمة المناخ المنعقدة في المغرب، أن إعلان مراكش دينامية مناخية لا رجعة فيها.  وفي ما يلي سوف نعرض لمضمون إعلان مراكش.

  ” نحن، رؤساء الدول والوفود المجتمعون بمراكش فوق الأرض الإفريقية خلال الحدث الرفيع المستوى للدورة 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ والدورة 12 مؤتمر الأطراف العامل، بوصفه اجتماع الأطراف في بروتوكول كيوتو والدورة الأولى لمؤتمر الأطراف العامل بوصفه اجتماع الأطراف في اتفاق باريس، بدعوة كريمة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصدر هذا الإعلان لنعبر عن نقلة نحو مرحلة جديدة من التنفيذ والعمل من أجل المناخ والتنمية المستدامة.

     إن درجة حرارة المناخ آخذة في الارتفاع بوتيرة مقلقة وغير مسبوقة ويتعين علينا اتخاذ تدابير آنية لمواجهته. نرحب باتفاق باريس، الذي تم تبنيه في إطار الاتفاقية، كما نرحب بدخوله حيز التنفيذ في ظرف وجيز وبأهدافه الطموحة وشموليته بالإضافة إلى أخذه العدالة في عين الاعتبار بتكريسه مبدأ المسؤولية المشتركة بين الدول، وإن كانت متفاوتة وبقدرات متباينة، بالنظر إلى وجود ظروف وطنية مختلفة، كما نعبر عن عزمنا على التنزيل الكامل لهذا الاتفاق.

   بالفعل شهدنا خلال هذه السنة زخما عالميا منقطع النظير تجاه التغير المناخي في العديد من المنتديات المتعددة الأطراف. وهذا الزخم لا رجعة فيه حيث لم تساهم فيه الحكومات فقط، بل ساهم فيه كذاك العلم والأعمال والعمل العالمي في مختلف الأصعدة. إن مهمتنا الآن تتمثل في اغتنام هذا الزخم بشكل جماعي للمضي قدما نحو خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتعزيز جهود التكيف، لذلك، ينبغي الاستفادة ودعم خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة. ندعو إلى التزام سياسي على أعلى مستوى لمواجهة التغير المناخي، باعتباره أولوية مستعجلة. وندعو إلى تضامن أكبر مع الدول الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي ونشدد على ضرورة دعم الجهود الرامية إلى تعزيز قدراتها على التكيف وتعزيز قدراتها على الصمود وخفض هشاشتها. ندعو جميع الأطراف إلى تعزيز جهود القضاء على الفقر وضمان الأمن الغذائي واتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة التحديات التي يطرحها التغير المناخي على الفلاحة. ندعو إلى العمل المستعجل ورفع الطموحات وتعزيز التعاون بيننا من أجل ردم الهوة بين مسارات الانبعاثات الحالية والطريق الضروري لتحقيق الأهداف المناخية الطويلة الأمد لاتفاق باريس. وندعو إلى الرفع من حجم وتدفق وولوج التمويل الخاص بالمشاريع المناخية بالإضافة إلى تعزيز القدرات والتكنولوجيا بما في ذلك نقلها من الدول المتقدمة إلى الدول النامية. نحن، الدول المتقدمة الأطراف، نجدد التأكيد على هدف تعبئة 100 مليار دولار.

  وبالإجماع، ندعو إلى المزيد من العمل المناخي ودعم، قبل حلول 2020، مع الأخذ في عين الاعتبار الاحتياجات والظروف الخاصة للدول النامية، والدول الأقل نموا خاصة تلك الأكثر عرضة للآثار الكارثية للتغير المناخي. نحن، الأطراف في بروتوكول كيوتو، نشجع التصديق على اتفاق الدوحة. ندعو بشكل جماعي جميع الفاعلين غير الدوليين إلى الانضمام إلينا من أجل عمل وتعبئة آنية وطموحة، والاستفادة من المنجزات المهمة، بما في ذلك العديد من المبادرات ومنها شراكة مراكش من أجل العمل المناخي الشامل، التي أطلقت بمراكش. إن التحول المطلوب في اقتصاداتنا من أجل تحقيق أهداف اتفاق باريس يعطي فرصة إيجابية جدا لتعزيز الرفاهية والتنمية المستدامة. ويشكل مؤتمر مراكش نقطة تحول مهمة في التزامنا لتوحيد المجتمع الدولي لمواجهة أكبر تحديات عصرنا. وبينما نتجه نحو التنفيذ والأجرأة، نجدد التأكيد على عزمنا على الرفع من التضامن، والأمل والفرص من أجل الأجيال الحالية واللاحقة”[13].

يتبين من خلال إعلان مراكش في كوب 22  تأكيده على نقاط أساسية متعلقة بالبيئة والمناخ،  تكمن في ما يلي:

هكذا، شكل مؤتمر مراكش للتغير المناخي تحولا مهما لدي المنتظم الدولي، وذلك لالتزماته في توحيد المنتظم الدولي عبر سن مجموعة من الاتفاقيات والتعهدات الدولية المتعلقة بالبيئة والمناخ، فهل ستكون تلك الاتفاقيات المصادق عليها ملزمة في مستوى تطبيقها على الجميع؟

ثالثا: التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاقيات الدولية حول البيئة

   إن مربط الفرس هنا يكمن في السياسة الدولية المبنية على النفعية والبرغماتية في التعامل مع الطبيعة بوجه عام، ومع الإنسان بوجه خاص، إذ  تُوجه العلاقات الدولية بمنطق الدول القوية والدول الضعيفة، وذلك  بواسطة امتلاكها للتقانة المتطورة الأمر الذي يجعلها  تتهرب من التوصيات والالتزامات القاضية بالحد من التلوث والانبعاث الحراري الذي تتسبب فيها الدول الصناعية ” فالولايات المتحدة الأمريكية والصين هما الدولتان المسئولتان على 40 في المئة من الإنبعاثات الحرارية “[14] إذن، فأمريكا والصين تتسببان في نسبة أكبر من التلوث البيئي، فالصين مثلا يموت فيها أربعة ألالف سنويا جراء تلوث الهواء. وبالرغم من تسجيل الأمم المتحدة نحو 600 اتفاق بيئي متعدد الأطراف لم ينفذ منها إلا النزر القليل من تلك الاتفاقيات، سنة 2012، وذلك بسبب استمرار تفاقم الفقر وانعدام الأمن الغذائي المسبب في انتشار المجاعات .

    إن الملاحظ في هذا النحو هو غياب صيغة قانونية تكون ملزمة لقرارات المؤتمرات الدولية حول البيئة والمناخ على الدول المتقدمة وحثها على الحد من الاحتباس الحراري وتقديم الدعم المالي لدول النامية، الأمر الذي جعل تلك الاتفاقيات مجرد بروتوكول لم يفعل على الأرض.

    تسعى الدول الصناعية إلى عرقلة الحلول البيئية التي تتبناها المؤتمرات الدولية المتعلقة بالبيئة والمناخ، وتريد فرض هيمنتها وسيطرتها على دول العالم الثالث عن طريق التحكم في التكنولوجيا المتقدمة والتي تمنعها عن هذه الدول، فهي تربط المعونات التي تقدمها للدول النامية بإجراء تعديلات وإصلاحات اقتصادية وتعليمية وسياسة عبر صندوق النقد الدولي، غير أن هدف تلك الإصلاحات هو خدمة مصالح الدول الغنية في الدول الفقيرة، غير أنه إذا وضعت إصلاحات جذرية مبنية على التساند والتعاون سوف تحل مشاكل متعددة منها: أزمة البيئة والحروب والأمراض والمجاعات، لهذا يجب أن يتم حدوث تعديلات في القانون الدولي، بحيث تتضمن مواده قوانين تساعد على الحد من التلوث وتؤكد الاعتماد على الطاقة البديلة. كذلك لابد من تركيز الجهود على نقطة مهمة  في إيجاد حلول لمثل هكذا أزمات وهي ضرورة أن يسود العدل الاجتماعي قي العلاقات الدولية[15]، لأن ذلك سيسهم في تفعيل الالتزامات و الاتفاقيات الدولية  المبرمة حول البيئة والمناخ على أرض الواقع.

  ” إن الافتقار إلى بيانات يمكن التعويل عليها وتمثل سلاسل زمنية متواصلة عن حالة البيئة هو عقبة رئيسية تحول دون زيادة فعالية السياسات والبرامج. وفي حقيقة الأمر لا يخضع الكثير من أهم القوى المحركة للتغيُّر البيئي لرصد منهجي، وكذلك تأثيراتها. وينبغي لجميع البلدان أن تضطلع برصد وتقييم بيئتها وأن تحقق التكامل بين المعلومات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لكي تهتدي بها عمليات صنع القرار. وينبغي تحسين نُظم البيانات لكي لا تشمل رصد حالة البيئة وتأثيرات التردي البيئي فحسب بل أيضاً فهماً أفضل للضغط على البيئة الناجم عن الأنشطة الاقتصادية. ويمكن أن يتحقق ذلك بتوليد بيانات إحصائية من نظام الأمم المتحدة للحسابات البيئية – الاقتصادية. وتلزم نُهج موحَّدة قياسياً فيما يتعلق بجمع البيانات، ولذا يجب تعزيز التعاون الدولي وبناء القدرات من أجل جمع البيانات “[16].

   سرح الرئيس الروسي “فلاديمير بوتن” لوسائل الإعلام  الدولية في بداية أبريل من العام 2017 بكون ” النشاط البشري ليس سببا في التغيرات المناغية “، الأمر الذي يضرب عرض الحائط جميع النتائج العلمية التي أثببتتها الأبحاث العلمية في اتساع ثقب الأزون بسبب الأشعة النووية والتلوث المناخي، وكذا الجانب الطبيعي كإنفجارات البراكين والأعاصير والفيضانات. وتزامنا مع تصريح بوتين، أفاد الرئيس الأمريكي “دولاند ترامب” عزمه النظر في شأن  إتفاق المناخ نهاية شهر ماي الحالي تزامنا مع هذه الندوة العلمية.

  و تشير الوزيرة المغربية المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن حكيمة الحيطي إلى ضرورة سن سياسات عمومية تكون ناجعة في التعامل مع الاتفاقيات الدولية المبرمة حول البيئة والمناخ، ” نحن نهدف إلى تنزيل اتفاق قمة باريس وقمة مراكش، لكي نصل مع هذه التحالفات إلى حلول تهم القطاع الخاص والعام والسياسات العمومية؛ وذلك لتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على الصعيد العالمي، كما أن طريق إفريقيا في هذا المجال ما تزال فيه عقبات كثير ة”[17]، غير أن السيد الوزيرة هي المسئولة عن استيراد النفايات من إيطاليا، فكيف يستقيم هذا وذاك.

 إن يبشر بالخير  ولأول مرة في التاريخ المعاصر هو أن اتفاق باريس وإعلان مراكش حيث تكون  القرارات الاتفاق ملزمة على الجميع حول ظاهرة الاحتباس الحراري ولأول مرة في التاريخ ينتصر العالم في كوب 21 وكوب 22 بحملهما للجديد عبر التحولات التي شهدها المنتظم الدولي والمتعلقة بضرورة تفعيل التوصيات والالتزمات التي خرج بها المؤتمرون، إذ نص تفاق  باريس على أن النظام ذاته ينطبق على الجميع المتمثل في  ضرورة الحد من ارتفاع درجة الحرارة أدنى بكثير من درجتين مئويتين، ومراجعة التعهدات الإلزامية كل خمس سنوات، وزيادة الدعم المالي لدول الجنوب، وكذا فإن مؤتمر مراكش هو نقطة مفصلية في تاريخ المؤتمرات البيئية التي وحدت المنتظم الدولي لمواجهة أخطار التدهور البيئي في العالم، وتماشيا مع ذلك صنفت تقارير دولية المغرب في العشرين سنة الماضية بكونه حقق تقدما على مستوى تحسين حكامة المخاطر المتعلقة بالكوارث الطبيعية.

    إن توصيات وقرارات مؤتمرات البيئة والمناخ لن تفعل إلا بواسطة الالتزام بمبدأ المسؤولية الأخلاقية، وبتفعيل الحكامة البيئية الدولية، وتدعيم الاقتصاد الأخضر البيئي، ومشاريع الطاقة المتجددة. وكذا بإلتزام الدول الصناعية بتعهداتها.

استنتاج:

   نستنتج مما سبق عرضه، أن موضوع البيئة والتحول الاجتماعي عرف إشكالات معرفية من زوايا مختلفة اندمجت فيما بينها مخلفة بذلك إجابة علمية متعلقة بضرورة المحافظة على البيئة، وذلك بتوجيه علاقة وعي الإنسان بالطبيعة باعتبارها مسؤولية أخلاقية قبل كل شيء.

   ومن خلال الإحساس بالخطورة الناتجة عن التدهور البيئي عقد المجتمع الدولي  مجموعة من المؤتمرات المتعلقة بالبيئة والمناخ، بغية التحسيس بخطورة الوضع البيئي في العالم، وتقديم مجموعة من المقترحات والتوصيات تكون كفيلة لتحقيق الحكامة البيئية الدولية من أجل تنمية مستدامة.

   غير أن الملاحظ في هذا الصدد هو كون تلك الاتفاقيات عرفت جمودا في مستوى تطبيقها بحيث لم يطبق منها إلا عدد قليل، وذلك راجع لإخفاقات المنتظم الدولي عن تفعيل صيغة تكون ملزمة على الجميع من جهة، ولتهرب الدول الصناعية عن الوفاء بأداء إلتزماتها من جهة ثانية، الأمر الذي نتج عنه فشل أخلاقي من قبل الساسة وصناع القرار في العالم. 

   و بالرغم من التقدم الملحوظ الذي حققه المنتظم الدولي من خلال كوب 21 في فرنسا وكوب 22 في المغرب،  سيظل المشكل البيئي يشكل خطورة قصوى على الإنسان وعلى الطبيعة، وخاصة إن لم تفعل توصيات المجتمع الدولي المتعلقة بالبيئة والمناخ .  


[1] – عضو بمختبر الأبحاث والدراسات النفسية والاجتماعية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس.

[2] – نسيم وجدي خيري، الفلسفة وقضايا البيئة أخلاق المسؤولية، (هانز يوناس نموذجا)، المجلس الأعلى للثقافة، الطبعة الأولى، القاهرة،2009، ص 21-22-23.

[3] –  ولبرت مور، التغير الاجتماعي، ترجمة عمر القبانى، دار الكرنك للنشر والطبع والتوزيع، القاهرة، 1966، ص 36.

[4] – نسيم وجدي خيري، مرجع سابق، ص 23.

[5] – نفسه، صص 102-103.

[6] – نفسه، صص 14-15.

[7] –  جريدة الأهرام المصرية، عدد 22 مارس 2017.

[8] – مضمون هذا الاتفاق تم تحميل نصه الكامل  من الموقع الالكتروني الجزيرة نت، www. Aljazeera.net بتاريخ 22/3/2017

[9] – مضمون هذا الاتفاق تم تحميل نصه الكامل  من الموقع الالكتروني الجزيرة نت، www. Aljazeera.net بتاريخ 22/3/2017.

[10] – نفسه.

[11] – نفسه.

[12] –   مضمون هذا الإتفاق تم تحميل نصه الكامل  من الموقع الالكتروني الجزيرة نت، www. Aljazeera.net بتاريخ 22/3/2017.

[13] – تم أخذ الموقع الرسمي لجريدة الصباح المغربية تم الدخول إليه يوم 23/3/2017.

[14] – الموقع  الإخباري الالكتروني الجزيرة نت www.aljazera.net، تم الدخول إليه بتاريخ:22/3/2017.

[15] – نسيم وجدي خيري، مرجع سابق، ص 261.

[16] – وثائق الأمم المتحدة، ورقة معلومات أساسية من أجل المشاورات الوزارية،  مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الدورة الاستثنائية الثانية عشرة لمجلس المنتدى البيئي الوزاري العالمي، 20/22 شباط/غبراير2002، ص 17.

[17] –  http://www.hespress.com/ موقع إخباري مغربي، تم الدخول إليه بتاريخ:21/3/2017.

Exit mobile version