Site icon مجلة المنارة

نظرات ودراسات في علم الضحايا VICTIMOLOGY

نظرات ودراسات في علم الضحايا VICTIMOLOGY

ذ. علاء الدين تكتري

أستاذ زائربكلية الجقوق طنجة

باحث في صف الدكتوراه

 

منذ أوائل القرن العشرين بدأ العالم يشهد مجموعة من المتغيرات الاقتصادية و الاجتماعية و الأمنية لها انعكاساتها على نطاق واسع من المعمورة، وذلك بسبب الحروب العالمية و النزاعات الإقليمية والكوارث الطبيعية وما صاحبها من الأزمات الاقتصادية. وقد لمس المفكرون النتائج الضارة التي ترتبت على تلك المتغيرات في قطاعات كبيرة من المجتمعات وفئاتها الضعيفة، مما دفع بعض المفكرين إلى البحث عن وسائل سلمية للحد من الأضرار الناجمة عن تلك المتغيرات. وكان ذلك مدخلا للمفكرين والباحثين لموضوع الضحايا Victims، الذي سرعان ما تطور ليصبح علما من العلوم الإنسانية، يسترعي الانتباه ويكتسب اهتمام الهيئات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية ويفسح المجال لأنشطة المؤسسات الأكاديمية.

كل ذلك أدى إلى ولادة علم جديد مرتبط بالضحايا أطلق عليه، علم الضحايا Victimology. ولازال مطلب تحديد التعريف المناسب لهدا العلم ولمفاهيمهم وموضوعاته من أبرز المشكلات المنهجية والنظرية التي تواجه الباحثين في الوقت الحاضر.[1]

 

وبالتالي فرغم مرور حوالي قرن من الزمان، فمازال هناك خلاف قائم حول مفهوم علم الضحايا ومدى نطاقه، وذلك لصعوبة حصر أسباب التضرر الذي يتعرض له الإنسان في هذا العصر، سواء أكانت تلك الأسباب مرجعها الإنسان أو الطبيعة. ولكن الحقيقة التي لا خلاف حولها، أن الإنسان يتعرض لمخاطر و أضرار عديدة تهدد أمنه ورفاهيته. [2]

 

بدأ الاهتمام بعلم الضحايا في بادئ الأمر نتيجة تزايد عدد  ضحايا الجرائم من جهة، ومن جهة أخرى، ظلت حقوقهم لمدة طويلة من الزمن منسية، نظرا لتسليط الضوء أكثر على حقوق المتهم من قبل المدارس الفقهية العديدة التي ركزت جل إهتمامها عليه.

وبعد أن تفاقمت معدلات ضحايا الجريمة بكل أنواعها وأشكالها وتضاعفت أضرارها الجسيمة والنفسية والإجتماعية والإقتصادية التي عادة ما تتركها، بدأ الإهتمام ينصب على هؤلاء الضحايا والمتضررين إلى الحد الذي برز معه علم جديد في نطاق الفقه الجنائي يطلق عليه علم الضحايا Victimology.

ومن أوائل من إهتموا بدراسة علم الضحايا، الباحث فان هينتج عندما أصدر عام 1941 كتابه بعنوان ” ملاحظات عن التفاعل بين الجاني والضحية “، وفي عام 1948 أصدر كتابه الثاني عن” الجاني وضحيته ” La Criminal et sa Victime.. ثم جاء من بعده Mendesohn ، الذي أجرى بعض الدراسات عن الضحايا، مما ساهم في زيادة الإهتمام بدراسة علم الضحايا في شقه الجنائي.

وقد تنامى هذا الاهتمام بتبني منظمة الأمم المتحدة بدأ من عام 1995 وحتى الوقت الحاضر مؤتمرات لمنع الجرائم ومعاملة المجرمين، وقد كان المؤتمر السابع والدي عقد في ميلانو بإيطاليا عام 1985 وكان موضوعه ” ضحايا الجريمة ” أول اهتمام دولي بهذا الموضوع.

 

وفي هذه الدراسة سوف نركز على علم ضحايا الجريمة أو ما يعرف بعلم المجني عليه، نظرا لأنه هو بمثابة  البداية والمنطلق لظهور علم الضحايا، في حين سنعرج على المفهوم الأوسع والعام لعلم الضحايا الذي يشمل كل الضحايا دون تمييز بين ما هو جنائي أو إداري أو مدني ومهما كان نوع الضرر أو مصدره في دراساتنا المقبلة بحول الله.

فدوافع الإهتمام بهذه الدراسة عديدة وأهمها هو قلة الكتابات العربية حول علم الضحايا وندرتها في المغرب، وحتى و إن وجدت بعد المقالات فهي تكون مقتبسة من كتب دول مجاورة والتي تفتقد أيضا  لنجاعة العلمية وخلط المفاهيم والترجمات، لدرجة ما يقوم به البعض، بإعتبار علم الضحايا هو فرع من فروع علم الإجرام رغم أنهم علمان مستقلان، وهناك أيضا من يقوم بحصر علم الضحايا بضحايا الجريمة فقط دون الأنواع الأخرى من الضحايا لأن هناك فرق بين علم الضحايا وعلم ضحايا الجريمة أو علم المجني عليه ، فكل هذه المغالطات سوف نحاول تصحيحها في خضم تحليلنا لعلم الضحايا.

ومن الدوافع أيضا التي شجعتنا بالكتابة في هذا الموضوع هو إعطاء المكانة والحقوق والضمانة لضحية على غرار المتهم التي يتوفر على مجموعة من الحقوق عكس الضحية، وكذا المحاولة كباحث في هذا المجال في العديد من المقالات والبحوث في علم الضحية، أن أساعد من موضعي على الحد من إرتفاع من معدلات الجريمة وفهم أكثر لظاهرة الإجرامية.

 

وهكذا فقد قمنا بتقسيم هذه الدراسة إلى فصلين:

 

وختمنا هذه الدراسة بمحموعة من النتائج والتوصيات التي نراه ضرورية التطبيق من أجل الرقي بهذا العلم من جهة و من أجل الإهتمام بالضحايا الذي تعرضوا لأضرار من جهة أخرى, وانتهينا بإشكالية منفتحة على دراسة مستقبلية بحول الله.

[1] – د.مدحت أبو النصر ” الإعاقة الاجتماعية ” سلسلة رعايا تأهيل دوي الاحتياجات الخاصة- مجموعة النيل العربية- 2004-ص 146.

[2] Benjamin Mendelsohn ; The Origin of Victimoogy , Excerpta criminologica, vo ; 3,1963.

Exit mobile version