Site icon مجلة المنارة

نظام تصفية طلبات الدفع بعدم الدستورية في القانون المغربي

نظام تصفية طلبات الدفع بعدم الدستورية في القانون المغربي

الدكتور يوسف ادريدو

باحث في العلوم القانونية

تقديم:

تعد الرقابة على دستورية القوانين الوسيلة الأنجع لضمان احترام الدستور وسموه على بقية القواعد القانونية، وإدراكا من المشرع الدستوري المغربي بالأهمية الحيوية لهذه الرقابة في تحقيق العدالة الدستورية وفي بناء دولة عصرية ديموقراطية، فقد نص في  جميع الدساتير (1962-1970-1972-1992-1996-2011) على إسناد رقابة دستورية القوانين إلى هيئة دستورية مختصة، فشرع العمل بداية مع دستور 1962 بالغرفة الدستورية التي كانت تابعة للمجلس الأعلى المحدث سنة 1957، إلى أن تقرر إحداث المجلس الدستوري بمقتضى دستور1992 وتم التأكيد عليه في دستور 1996،ليتم الارتقاء به إلى محكمة دستورية  بموجب دستور 2011،الذي جاء بمجموعة من التجديدات لتكريس فعالية القضاء الدستوري حماية للحقوق والحريات، ولعل المستجد الأكثر أهمية هو  تخويل هذه المحكمة بموجب  مقتضيات الفصل 133 من دستور يوليو 2011 صلاحية البت في دفوعات المتقاضين بعدم دستورية قانون تبين للقضاء أن من شأن تطبيقه في النزاع المساس بالحقوق والحريات الدستورية.

ويعتبر مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين آلية جديدة للرقابة البعدية[1] على القوانين في منظومتنا القانونية والقضائية، إذ سيصبح بإمكان كل من له الصفة الدفع بأن القانون الذي سيطبق عليه  في النزاع المعروض أمام المحكمة يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، وبذلك فحق إحالة القوانين غير الدستورية على المحكمة الدستورية لم يعد قاصرا على الطبقة السياسية، بل أصبح من حق المتقاضين أيضا من خلال مسطرة الدفع بعدم الدستورية، مما يشكل ثورة حقوقية وخطوة حاسمة في النظام الدستوري المغربي.

وتنص الفقرة الثانية من الفصل 133 من الدستور على ضرورة تأطير آلية الدفع بعدم دستورية قانون، بموجب قانون تنظيمي يحدد شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل، وفي هذا السياق،  وتطبيقا للمادة 28 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، أعدت الحكومة مشروع قانون تنظيمي يحدد شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل133 من الدستور يوجد حاليا في طور المناقشة البرلمانية.

ويطرح تنزيل الفصل 133 من الدستور جملة من التساؤلات والإشكاليات تتمحور حول إشكالية مركزية، تتمثل في كيفية التوفيق بين الغاية من إحداث آلية “الدفع بعدم الدستورية” والمتمثلة في صيانة الحقوق  والحريات التي يضمنها الدستور للجميع، وبين ضرورة الحفاظ على نظام قضائي فعال قادر على الحد من تعسف بعض المتقاضين في استعمال الحق، وقادر أيضا على ضمان صدور الأحكام في “أجل معقول”، وهو مبدأ مقرر بدوره في الدستور[2].

ومن أبرز الإشكاليات المثارة في هذا الصدد تلك المرتبطة بمسطرة تقديم الدفع بعدم دستورية القوانين، وأخرى تهم  نظام تصفية الطلبات، إضافة  لإشكالات متعلقة بالآثار المترتبة عن قرار المحكمة الدستورية في مجال الدفع بعدم الدستورية.

وسيتم التركيز خلال هذه الدراسة على الإشكال المرتبط بنظام  تصفية طلبات الدفع بعدم الدستورية، بالنظر لأهميته في تخفيف العبء على المحكمة الدستورية بإحالة الطلبات الجدية وتفادي إحالة الطلبات الكيدية التي من شأنها إفراغ نظام الدفع بعدم الدستورية من مضمونه؛

 وعليه سنتعرض لخيارات التصفية الممكن اعتمادها من قبل المشرع المغربي، علما أن لكل خيار إيجابياته وسلبياته، كما سنتطرق  لنظام  التصفية في ظل مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق  بتحديد شروط وإجراءات تطبيق الفصل 133 من الدستور[3]، لنختم بتصور حول  مدى نجاح خيار التصفية أمام محكمة النقض بالمغرب الذي اعتمده المشروع المذكور أعلاه.

المبحث الأول :الخيارات المطروحة بالنسبة لنظام تصفية طلبات الدفوع بعدم الدستورية

يستشف من قراءة مقتضيات  الفصل 133 من الدستور[4] استبعاد هذا الفصل بوضوح خيار الطعن المباشر أمام المحكمة الدستورية[5]، فهذا الطعن يتعين أن يمر وجوبا عن طريق المحاكم العادية والمتخصصة، كما هو الشأن في أغلب الأنظمة الدستورية المقارنة (إسبانيا، فرنسا…) ، ليبقى السؤال المطروح هل تحيل محاكم الموضوع الدفع بعدم الدستورية، مباشرة إلى المحكمة الدستورية، أم لابد من وضع وسيلة للتصفية قبل عرض الأمر على القضاء الدستوري؟

يمكن التمييز في هذا السياق بين عدة خيارات:

المطلب الأول: خيار  إحالة الدفع بعدم الدستورية من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية

يخول هذا النظام للمحكمة التي أثير الدفع بعدم الدستورية أمامها بأن تتأكد من جديته، وتوقف الدعوى الموضوعية، وتحيله في حال ثبوت جديته  إلى المحكمة الدستورية، وهو النظام المعمول به بإسبانيا[6] وألمانيا[7]،والمنصوص عليه في مشروع القانون الأساسي للمحكمة الدستورية بتونس[8].

الفرع الأول: مزايا هذا الخيار:

إن العمل بنظام إحالة الدفوعات من محاكم الموضوع إلى المحكمة الدستورية مباشرة، ينسجم وقراءة الفصل 133 من الدستور، على اعتبار أن المحكمة الدستورية هي صاحبة الاختصاص الأصيل للبت في الدفع بعدم دستورية القوانين؛

– عدم اعتماد هذا  الخيار  لآلية خارجية للتصفية (محكمة النقض)، يساهم في تسريع الإجراءات، وعدم بطء المسطرة أمام محاكم الموضوع، وينسجم والمبدأ الدستوري المتعلق بصدور الأحكام في أجل معقول المنصوص عليه في الفصل 120 من الدستور؛

-يسمح هذا الخيار  بإمكانية الطعن بالاستئناف في حالة رفض الدفع بعدم الدستورية إلى جانب الدعوى الأصلية، وذلك تكريسا لمبدأ المحاكمة العادلة والتقاضي على درجتين.

الفرع الثاني : عيوب هذا الخيار:

يمكن لهذا الخيار أن يؤدي إلى كثرة تدفق الملفات المحالة من المحاكم إلى المحكمة الدستورية، خاصة في حالة تعسف بعض المتقاضين في استعمال حق الدفع بعدم الدستورية، مما قد يترتب عنه “اختناق” المحكمة الدستورية، علما أن هذه الأخيرة تتسم بمحدودية أعضائها وتشكيلها من هيئة واحدة، فضلا عن ممارستها لمهام أخرى كالبت في الطعون الانتخابية لمجلسي البرلمان.

المطلب الثاني :خيار إصدار محكمة الموضوع لمقرر يعطي لمثير الدفع مهلة لتقديم الطلب أمام المحكمة الدستورية

يقتضي هذا الخيار أن يقدم الدفع أمام محكمة الموضوع ولها أن تقدر جدية الطلب، وإذا تبين لها أنه كذلك، توقف الدعوى الموضوعية، وتصدر مقررا يعطي لمثير الدفع مهلة لتقديم الطلب أمام المحكمة الدستورية، فإن لم يقدم دعواه خلال تلك المهلة اعتبرت دفعه عديم الأثر، وواصلت البت في القضية، ومن الدول التي اعتمدت هذا الخيار مصر[9]، البحرين[10].

الفرع الأول: مزايا هذا الخيار:

– يسمح هذا الخيار لمثير الدفع  بتقديم الطلب أمام المحكمة الدستورية مباشرة داخل المهلة المحددة من قبل محكمة الموضوع، بعد تأكد هذه الأخيرة من جديته، وهو ما يمكنه من الاطلاع عن الإجراءات المسطرية المرتبطة بالدفع وتتبعها عن كثب؛    

-عدم تنصيص هذا الخيار على  آلية خارجية للتصفية أمام محكمة النقض يساهم في تسريع الإجراءات، وعدم بطء المسطرة أمام محاكم الموضوع؛

– ينسجم هذا الخيار والمبدأ الدستوري المتعلق بصدور الأحكام في أجل معقول طبقا للفصل 120 من الدستور.

الفرع الثاني: عيوب هذا الخيار:

-يساهم هذا الخيار في إثقال كاهل مثير الدفع بأعباء إضافية هو في غنى عنها،إذ أنه بعد إثارته للدفع وتأكد محكمة الموضوع من جدية هذا الأخير، يكون مثير الدفع مطالب بتقديم طلب جديد أمام المحكمة الدستورية مع ما يستتبع ذلك من كلفة مالية ومؤازرة المحامي؛

-في حالة عدم تقديم مثير الدفع الطلب أمام المحكمة الدستورية داخل المهلة المحددة، تعتبر المحكمة دفعه عديم الأثر رغم تحققها من جديته، مما يسمح بتطبيق المقتضى التشريعي غير الدستوري على الدعوى الموضوعية  المعروضة أمام القضاء، وهو أمر يتنافى مع المنطق وروح الدستور، ويمس بمبدأ  المحاكمة العادلة.

المطلب الثالث : خيار إحالة الدفع بعدم الدستورية من محكمة النقض إلى المحكمة الدستورية

يقتضي هذا الخيار تخويل محكمة الموضوع التي أثير أمامها الدفع أن تتأكد من جديته، وفي حالة تأكدها من ذلك  توقف الدعوى الموضوعية وتحيل الدفع إلى محكمة النقض، وبعد تأكد هذه الأخيرة من جديته تحيله مباشرة إلى المحكمة الدستورية التي تبت في دستورية المقتضى القانوني المطعون فيه.  ومن الدول التي عملت بهذا الخيار نجد النظامين الأردني[11] و الفرنسي [12]، حيث تم التنصيص على آلية التصفية في دستوريهما، وتم تنظيم مسطرة التصفية أمام محكمة النقض في قوانينهما التنظيمية.

فما هي مزايا هذا الخيار وماذا عن عيوبه؟

الفرع الأول :مزايا هذا الخيار

– طبق النموذج الفرنسي هذا الخيار في إطار سؤال الأولوية الدستورية، وعرف نجاحا منقطع النظير[13] ، فبعد ستة عشر شهرا من تطبيق هذا النظام، تم وضع 2500 سؤال للدستورية أمام قضاة الدرجة الابتدائية والاستئنافية، وأحيل حوالي  200 سؤال إلى المجلس الدستوري فأصدر بشأنها 135 قرارا، وأصبح يصدر اليوم 200 قرارا، وعدد الأسئلة الرائجة في ارتفاع مستمر، مما يشجع على سلوك هذه المسطرة؛

– من إيجابيات هذا النظام أنه يضبط تدفقات الدفوعات بعدم الدستورية المثارة أمام محاكم الموضوع إلى المحكمة الدستورية، وذلك عبر أعلى جهة قضائية وهي محكمة النقض، مما يساهم في ضبط الولوج إلى القضاء  الدستوري؛

– إن إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى محكمة النقض باعتبارها الهيئة القضائية العليا بالنسبة للمحاكم العادية والمتخصصة، من شأنه عقلنة الدفع بعدم الدستورية، وتلافي إغراق المحكمة الدستورية  فلا تحال إليها إلا الملفات الجدية؛

– أوضحت Jacqueline de Guillenchmidt  [14] وهي أحد أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي، أن نظام التصفية يعتبر نموذجا مهما لحوار القضاة، ومن شأنه تطوير انسجام التأويل بخصوص الحقوق والحريات المضمونة دستوريا، على أساس أن يبلغ المجلس الدستوري بالملفات غير المحالة إليه من أجل مراقبته لمبررات عدم الإحالة.

 

 

الفرع الثاني :عيوب هذا الخيار

– تعرضت محكمة النقض بالمغرب منذ إنشائها لانتقادات عديدة  متعلقة بالتضارب الكبير الذي تعرفه قراراتها، والتي تعكس توجهات قضائية مختلفة في أمور متشابهة، بحيث تبدو معها عاجزة عن ترسيخ توجه قضائي موحد ومتواتر، خاصة أن وظيفة محكمة النقض في توحيد الاجتهاد القضائي[15] عرفت نوعا من التعثر لتعدد الغرف ولتعدد الهيئات القضائية المتعاقبة على الغرفة الواحدة، ولتدفق سيل القضايا عليها، مع تعذر تتبع ما يصدر عنها من قرارات، وتناقض المواقف المتخذة أحيانا من قبل غرفتين، وهي عوامل إلى جانب عوامل مادية وبشرية، اعترضت سير محكمة النقض  في أداء رسالتها لتأمين توحيد الاجتهاد القضائي وتقوية الأمن القانوني، ولا يخفى أن إضافة اختصاص تصفية طلبات الدفع المحالة إليها من محاكم الموضوع سيسهم في تفاقم الوضع وإرباك سير عمل محكمة النقض، مع ما يمكن أن ينجم عن التضارب في قراراتها بالإحالة أو عدمها إلى المحكمة الدستورية من مساس بالحقوق والحريات التي ينص عليها الدستور؛

-إن القضايا المرتبطة بالدفع بعدم دستورية القوانين تتطلب سرعة البت، مما سيفرض على محكمة النقض أن تخصه بأولوية على حساب الكم الهائل من القضايا المعروضة عليها، الأمر الذي سيؤدي إلى تعقيد المسطرة القضائية وإطالة أمدها مما سيؤثر على حقوق المتقاضين بسبب البطء في تصريف القضايا؛

-إن الأخذ بنظام التصفية عن طريق محكمة النقض كأعلى هيئة قضائية بالمغرب سيفرض حوارا بينها وبين المحكمة الدستورية وتعاونا متبادلا لضمان الاشتغال الجيد لهذه الأخيرة ولتحقيق التوازنات، غير أن ما يخشى منه هو حدوث تعارض في المواقف بينهما في بعض الأحيان، وهو ما حصل بالفعل في بعض التجارب المقارنة كالتجربة الفرنسية والإيطالية[16]؛

-بالرجوع للنظام الفرنسي يلاحظ أن هذه التجربة أبانت عن تضارب الاجتهاد القضائي بين مجلس الدولة ومحكمة النقض حول إحالة أو عدم إحالة ملفات الدفع إلى المجلس الدستوري، لذا فإنه يخشى أن يقع نفس الأمر بين الغرفة الإدارية وباقي غرف محكمة النقض بالمغرب؛

– تساءل Nicolas Zinamsgnouv [17] حول مدى اعتبار نظام تصفية المسائل الدستورية ذات الأولوية كابحا لتطور الاجتهاد القضائي للمجلس الدستوري في موضوع الحقوق والحريات، الشيء الذي أدى بالمؤسسة البرلمانية إلى اقتراح إلغاء معيار جدية الدفع من الشروط المتطلبة من أجل إحالة المسألة الدستورية إلى المجلس الدستوري، وإمكانية إيجاد صيغة لإعادة النظر في القرارات القاضية برفض الإحالة الصادرة عن المجالس العليا؛

– إن نظام التصفية يمكن أن يخل بالإصلاح الدستوري المنشود، وذلك من خلال تحكم محكمة النقض في تدفق الدفوع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية، وتحول القضاة العاديين إلى قضاة دستوريين ابتدائيين، وقضاة ممارسين لنوع من الرقابة الدستورية القبلية من خلال تقديرهم لجدية الدفع؛

– طبقت المجالس العليا في كل من ألمانيا والنمسا نظام التصفية بشكل سيء، مما أدى بالمشرع إلى إلغاء هذا النظام، بحيث لم يعمر طويلا في ألمانيا التي طبقته ما بين 1951 و 1956، وتعتبر فرنسا هي الدولة الوحيدة بأوروبا التي تكون فيها الإحالة بشكل بعدي على القضاء الدستوري عن طريق نظام التصفية؛

-إن نظام التصفية المقترح يتسم بالثقل ويؤسس محطات وسيطة بين المتقاضين والقضاء الدستوري، كما أن آجال المسطرة قد تؤثر على القضايا الرائجة التي أثير الدفع بعدم الدستورية في إطارها، مما ينجم عنه صعوبة في ولوج المتقاضين إلى القضاء الدستوري؛

– إن نظام التصفية أمام محكمة النقض يحول دون تحقيق النجاعة القضائية والسرعة في البت، ومن شأنه أن يساهم في بطء المسطرة أمام محاكم الموضوع، حيث تطول المسطرة بين إحالة  الدفع من محكمة الموضوع إلى محكمة النقض مع ما يستغرقه ذلك من وقت يؤثر لا محالة على إحقاق الحقوق؛

– تقوم محكمة الموضوع عند تقدير جدية الدفع بإجراء فحص مختصر للدفع، في حين أن مجلس الدولة ومحكمة النقض يتمتعان بسلطات أكبر في هذا الخصوص لدرجة أثارت التخوف لدى البعض من أن يقوما بالفصل فعليا في دستورية القوانين قبل وصولها للمجلس الدستوري؛

-من سلبيات هذا النظام حظر سلطة الدفع التلقائي لقاضي الموضوع، مما ينفي عن الدفع بعدم الدستورية صفة النظام العام التي تميزه في معظم نظم الرقابة القضائية على دستورية القوانين، الشيء الذي يلقي بتبعة حماية أحكام الدستور المتعلقة بالحقوق والحريات على عاتق المتقاضين وحدهم، وهي مهمة صعبة في نظام قانوني لم يعتد فيه المتقاضون والمحامون على آليات الرقابة القضائية على دستورية القوانين، كما أن قاضي الموضوع في إطار مراقبته للدفع لا يتوفر حتى على حق إجراء تصحيح ولو طفيف ذو طابع مادي، مما يجعله غير راض على إحالة الدفع على حالته للمجلس الدستوري؛

  -في حالة عدم إحالة محكمة النقض للدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية، فإنه يخشى أن تحل محكمة النقض محل المجلس الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين، من خلال توجيه المحاكم الخاضعة لرقابتها إلى تطبيق القوانين بالصورة التي تبدو لها أقرب إلى أحكام الدستور، متجاوزة بذلك المحكمة الدستورية.

-قد تميل محكمة النقض إلى رفض الدفع فتتحول إلى محكمة دستورية وتتحول المحكمة الدستورية إلى محكمة تنتظر ما تتفضل محكمة النقض بإحالته عليها ، فتصبح محكمة النقض هي المحكمة العادية في فحص الدستورية والمحكمة الدستورية محكمة تفحص الدستورية بشكل استثنائي[18] .

-القرارات الصادرة عن مجلـس الدولة أو محكمة النقض بعدم إحالة المسألة الأولية الدستـــــورية(QPC )غير قابلة لأي طعن، وبذلك لا يمكن للمجلس الدستوري تقدير أو مراقبة التصفية الشيء الذي سيجعل دوره سلبيا في مجال مراقبة دستورية القوانين.

المبحث الثاني: نظام التصفية في ظل مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق  بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون

إذا كان الفصل 133 من دستور يوليو 2011  لم ينص على إمكانية إحالة محكمة الموضوع للدفع  إلى محكمة النقض كجهة للتصفية للنظر في إحالته إلى المحكمة الدستورية خلافا لما ذهب إليه المشرع الدستوري الفرنسي والأردني، فإن مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق  بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون[19]أقر نظاما للتصفية يمكن رصد أهم معالمه من خلال  المواد 5،6 ،10و 11، وهي كالآتي: 

تنص المادة 5 على أنه:” يجب، تحت طائلة عدم القبول من قبل المحكمة المعروض عليها النزاع، إثارة الدفع بعدم الدستورية بواسطة مذكرة كتابية، مع مراعاة الشروط التالية:

-أن تكون مذكرة الدفع مقدمة بصفة مستقلة؛

– أن تكون موقعة من قبل الطرف المعني أو من قبل محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، مع مراعاة الاتفاقيات الدولية النافذة؛

– أن يكون الرسم القضائي، الذي يحدد مبلغه وفق التشريع الجاري به العمل، قد تم أداؤه عنها؛

-أن تتضمن المقتضى التشريعي موضوع الدفع بعدم الدستورية، الذي يعتبره صاحب الدفع أنه يمس بحق من الحقوق أو بحرية من الحريات التي يضمنها الدستور؛

-أن تتضمن بيانا لأوجه الخرق أو الانتهاك أو الحرمان من الحق أو الحرية المذكورة في البند أعلاه ؛

-أن يكون القانون موضوع الدفع هو الذي تم تطبيقه أو يراد تطبيقه من لدن المحكمة في الدعوى أو المسطرة أو يشكل أساسا للمتابعة، حسب الحالة ؛

-ألا يكون قد سبق البت بمطابقة القانون محل الدفع للدستور، ما لم تتغير الأسس التي تم بناء عليها البت المذكور.

…..”

وتقضي المادة 6 بأنه: “يجب على المحكمة أن تتأكد من استيفاء الدفع بعدم دستورية قانون، المثار أمامها، للشروط المشار إليها في المادة 5 أعلاه داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ إثارته أمامها.

يكون مقررها بعدم القبول غير قابل للطعن، ويجوز إثارة نفس الدفع من جديد أمام المحاكم الأعلى درجة.

إذا تحققت المحكمة من استيفاء الشروط المنصوص عليها في المادة 5 أعلاه، وجب عليها إحالة مذكرة الدفع إلى محكمة النقض داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام من تاريخ إيداعها.

وفي حالة ما إذا تبين للمحكمة عدم استيفاء الدفع للشروط المذكورة، فإنها تبلغ مقررها القاضي بعدم قبول الدفع فورا للأطراف.”

أما المادة 10  فتنص على إحالة  الدفع بعدم دستورية قانون، المثار أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة، حسب الحالة، إلى الرئيس الأول لمحكمة النقض طبقا لأحكام المادة 6 أعلاه، وعلى إشعار الوكيل العام للملك لدى هذه المحكمة فورا بالإحالة المذكورة.

غير أنه إذا أثير الدفع بعدم دستورية قانون أمام محكمة النقض لأول مرة بمناسبة قضية معروضة أمامها، فإن المحكمة المذكورة تبت في الدفع مباشرة، وذلك وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 11 بعده، ولا يمكنها إثارته تلقائيا.”

وتنص المادة 11على أنه:”  تتحقق الهيئة التي يعينها الرئيس الأول لمحكمة النقض من استيفاء الدفع بعدم دستورية قانون للشروط المنصوص عليها في المادة 5 أعلاه، كما تتأكد من طابع الجدية فيه.

تبت هذه الهيئة، بمقرر معلل، داخل أجل 3 أشهر ابتداء من تاريخ الإحالة المنصوص عليها في المادة السادسة أعلاه، وتحيل الدفع إلى المحكمة الدستورية.

يحال مقرر محكمة النقض، في هذه الحالة، إلى المحكمة الدستورية مرفقا بمذكرات ومستنتجات الأطراف، كما يبلغ إلى المحكمة التي أثير أمامها الدفع.

يوجه مقرر محكمة النقض برد الدفع بعدم دستورية قانون، فورا، إلى المحكمة الدستورية وإلى المحكمة التي أثير أمامها الدفع.

………”.

وبقراءة متأنية للمواد السالفة الذكر، يلاحظ أن الفقرة الأولى من المادة 11 من المشروع أسندت مراقبة جدية الدفع لمحكمة النقض مستبعدة بذلك محكمة الموضوع من مراقبة الجدية وهو توجه غير سليم، من جهة لأن مراقبة الجدية من لدن محكمة الموضوع من شأنه تيسير عمل محكمة النقض عند مراقبتها للجدية مما قد يقلص من أجل نظر محكمة النقض في الدفع، الشيء الذي  سينعكس بالإيجاب على حقوق المتقاضين، ومن جهة أخرى لمخالفة هذا التوجه  للمادة 23-2 وللمادة 23 -4 من  القانون الفرنسي[20]  الذي جعل مراقبة جدية الدفع من اختصاص محاكم الموضوع والمحاكم العليا(محكمة النقض ومجلس الدولة).

والملاحظ أيضا أن المشروع لم يحدد معايير مضبوطة لجدية الدفع وهو نفس التوجه الذي سارت عليه معظم التجارب المقارنة كالنظام الفرنسي والمصري والفلسطيني التي لم تضع معيارا حاسما حول جدية الدفع، وتركت الأمر بذلك لمحكمة الموضوع تفصل فيه بحكم يجوز أن يكون محلا للطعن استقلالا أمام المحكمة الأعلى، غير أن فقه القانون الدستوري[21] تكفل ببيان ذلك موضحا أن جدية الدفع بعدم الدستورية يقصد بها أمران:

الأول: أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الدعوى الموضوعية؛

الثاني: ضرورة قيام شك حول دستورية النصوص المدفوع بعدم دستوريتها، بمعنى أن مدى مطابقة تلك النصوص للدستور تحتمل اختلافات في وجهات النظر، وذلك لاستبعاد الدفوع التي ترمي إلى التسويف وإطالة أمد النزاع، ولعدم إثقال كاهل المحكمة الدستورية بدفوع لا طائل من ورائها.

كما اعتبر بعض الفقه[22] أنه يستفاد من معنى الجدية أنها تنتهي إلى استبعاد الدفوع الكيدية الواضحة والتي لا يقصد منها غير تعطيل الدعوى، وكذلك الدفوع غير المؤثرة في الفصل في الدعوى، كأن يتعلق الدفع بنص لا ينطبق على الواقعة محل النزاع حتى وإن ورد في ذات القانون.

المبحث الثالث :مدى نجاح خيار التصفية أمام محكمة النقض بالمغرب

مما لاشك فيه أن توجه مشروع القانون التنظيمي رقم 68.15 إلى اعتماد أو إقرار نظام للتصفية على مستوى محكمة النقض يحمل في طياته  العديد من الإيجابيات، كما أن له سلبياته التي قد تعصف بهذا الحق الدستوري الجديد، وإذا كنا نميل إلى إسناد تصفية الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية دون غيرها بإحداث غرفة للتصفية بالمحكمة الدستورية لا يشارك قضاتها فيما بعد في البت في الدفع بعد إحالته إليها من لدن محكمة الموضوع التي تقدر  الجدية بإجراء فحص مختصر لهذا الدفع[23]،فإنه يبدو في تقديرنا أن الظروف الموضوعية لم تنضج بعد لتحقيق هذا المبتغى بالنظر لحداثة تأسيس المحكمة الدستورية بالمغرب، ولغياب ممارسة قضائية سابقة في مجال الدفع بعدم الدستورية، لذا يستحسن إسناد عملية التصفية في هذه المرحلة التأسيسية-كما ذهب إلى ذلك المشروع – إلى محكمة النقض، لكن مع مراعاة جملة من المعطيات يمكن إجمالها في الآتي:

-يجب الأخذ بعين الاعتبار حجم وعدد القضايا المرتبطة بالدفع التي قد تحال على قضاء الموضوع ، وهو ما يقتضي توفير كافة الآليات لمواجهة ذلك، سواء من حيث العنصر البشري أو اللوجستيكي، كما أنه يستحسن إرساء آلية للتواصل بين محكمة النقض والقضاء الدستوري في إطار ما يسمى بحوار القضاة، حتى نكون في مستوى الانتظارات والتطلعات الرامية إلى حماية الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور عبر آلية الدفع بعدم الدستورية.

– إن نجاح نظام التصفية مرتبط بعدم تخويل محكمة النقض صلاحية تأويل الدستور، وينبغي أن يقتصر دورها على تطبيق الاجتهاد القضائي للمحكمة الدستورية المتعلق بوجود سابقة تتعلق بالمطابقة للدستور،  وإذا ما ظهر هناك شك لدى محكمة النقض، فإن عليها أن تحيل المسألة إلى المجلس الدستوري؛

-يستحسن تفادي العمل بنظام الهيئة الواحدة المنصوص عليه في المادة11 من المشروع كآلية للتحقق من شروط الدفع بعدم دستورية قانون، والذي أتبتت التجربة فشله على مستوى القانون الفرنسي، حيث أوضح بعض الفقه  [24]  أنه تم تعديل القانون التنظيمي المنظم للمسألة الدستورية الأولوية بتاريخ 10 دجنبر 2009، وذلك بإلغاء الغرفة الخاصة التي تم إحداثها بمحكمة النقض والمختصة بإحالة المسألة الدستورية إلى المجلس الدستوري، والتي ساهمت في عرقلة إحالة المسألة الدستورية إلى المجلس الدستوري لتحل محلها الغرف العادية بمحكمة النقض.

خاتمة:

إذا كان لجوء المواطنين إلى القضاء الدستوري عن طريق تقنية الدفع قد أصبح حقا معترفا به في غالبية الدول، فإن اعتماد المشرع الدستوري المغربي للرقابة اللاحقة على دستورية القوانين من خلال منح الأفراد الحق في ممارسة هذا الدفع، يشكل نقلة نوعية لتحقيق “عدالة دستورية مواطنة”،يكون فيها  المواطن في قلب معادلة تحصين حقوقه وحرياته، بما يترتب عن ذلك من إشاعة ثقافة مجتمعية تتفاعل مع القضاء الدستوري بشكل إيجابي، وأيضا تكرس وعي المواطن بحقوقه والتزاماته ولما لذلك من أثر إيجابي في تكريس الأمن القانوني للدولة الذي يحمل في طياته أبعادا تنموية على سائر المستويات.

غير أن  الحماية المنشودة  للحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، كمهمة أساسية للمحكمة الدستورية ترتبط بوجود نظام فعال لتصفية الطلبات المتعلقة بالدفع بعدم الدستورية يسعى لتحقيقه

مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق  بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، الذي  وضع نظاما للتصفية من خلال محكمة النقض، وهو توجه  محمود قد يسهم في التخفيف من عدد الطلبات الكيدية المحالة على المحكمة الدستورية، إلا أنه يخشى أن يتحول نظام التصفية أمام محكمة النقض إلى ممارسة هذه الأخيرة لمراقبة قبلية لدستورية القوانين، مما يشكل تدخلا في اختصاصات المحكمة الدستورية بصفتها صاحبة الاختصاص الأصيل للبت في الدفع بعدم دستورية القوانين طبقا للفصل 133 من الدستور، كما يخشى أن يتحول قاضي الموضوع إلى قاضي دستوري سلبي خصوصا في حالة تعطيله لعملية إحالة الدفوعات إلى المحكمة الدستورية بشكل مستمر،خاصة إذا علمنا أن القرارات الصادرة عن محكمة النقض برفض  إحالة الدفع غير قابلة لأي طعن، مما يحول دون تقدير أو مراقبة التصفية من لدن المحكمة الدستورية.

لذا يستحسن إيجاد صيغة لإعادة النظر في القرارات القاضية برفض الإحالة الصادرة عن محكمة النقض بإرساء آلية للحوار البناء والمثمر  بين محكمة النقض والمحكمة الدستورية لتجاوز مختلف الصعوبات المرتبطة بالتصفية تحقيقا للعدالة الدستورية التي توخاها المشرع الدستوري المغربي من إحداث آلية الدفع بعدم دستورية قانون.

 

[1]أضاف دستور2011 اختصاصا لم يكن مألوفا في الدساتير المغربية منذ دستور 1962 إلى غاية دستور 1996 ويتعلق الأمر باختصاص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع يتعلق بعدم دستورية قانون وهي رقابة بعدية تتم بعد إصدار الأمر بتنفيذ القانون، أما الرقابة القبلية فهي تكون إما إجبارية أو اختيارية، فالرقابة الإجبارية تخص القوانين التنظيمية والأنظمة الداخلية  لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل إصدار الأمر بتنفيذها،  أما الرقابة الاختيارية فهي تشمل القانون العادي والاتفاقيات الدولية بصفة قبلية.

 

[2] – الفصل 120 من دستور2011 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011)، ص 3600.

[3]يراجع مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق  بتحديد شروط وإجراءات تطبيق الفصل 133 من الدستور الدفع بعدم دستورية قانون الذي  تمت إحالته على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب يوم الثلاثاء 12 يوليوز 2016.

www.chambredesrepresentants.ma/ar

[4] – ينص الفصل 133 من الدستور على أنه “تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون، أثير أثناء النظر في قضية، وذلك إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون، الذي سيطبق في النزاع، يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور”

[5]   يتجسد خيار الطعن المباشر في امكانية قيام   كل ذي مصلحة من رفع دعوى مباشرة أمام المحكمة الدستورية للطعن في عدم دستورية القوانين والنصوص والأحكام النهائية، وهو النظام المعمول به بالسودان، ويتميز هذا النظام بسهولة ولوج المتقاضين إلى القضاء الدستوري، كما أن سهولة هذه المسطرة ستمكن المتقاضين ومهنيي العدالة من التملك السهل للمسار المسطري للدفع بعدم الدستورية، كما يضمن لهم حقهم في استماع القاضي الدستوري إليهم في موضوع الدفع.

غير أن هذا النظام يحمل بالمقابل مخاطر ترتبط بالشطط في إثارة الدفع بعدم الدستورية من قبل محامي الأطراف في النزاع، مما يؤدي للرفع من عدد الدفوعات بعدم الدستورية المثارة، وبالتالي إلى خلق اكتظاظ على مستوى لجنة فحص القبول بالمحكمة الدستورية.

[6]المادة35 فقرة 2 من القانون التنظيمي رقم 1979/2 المتعلق بالمحكمة الدستورية الاسبانية بتاريخ 3 أكتوبر 1979.

« 1. Lorsqu’un juge ou un tribunal, d’office ou à la demande d’une partie, considérera qu’une norme ayant rang de loi applicable au cas et la validité de laquelle dépendrait la décision peut être contraire à la Constitution, il posera la question au Tribunal Constitutionnel, conformément à ce qui est stipulé dans cette loi ».

 

 

 

 أنظر كذلك دستور إسبانيا الصادر سنة 1978 شاملا للتعديلات إلى غاية سنة 2011: ” يمكن سلوك مسطرة الدفع بعدم الدستورية، إما من طرف  المحكمة بشكل تلقائي، أو بطلب من الأطراف في أي مرحلة من مراحل التقاضي”.

[7]تنص المادة 93 من دستور ألمانيا الصادر سنة 1949 والمعدل إلى غاية سنة 2012، على ما يلي: ” أ. يجوز لأي شخص أن يرفع الشكاوى الدستورية إلى المحكمة بدعوى أن السلطات العامة قد انتهكت أحد حقوقه الأساسية، أو أحد حقوقه الواردة في بعض مواد الدستور.

– من واجب كل محكمة ألمانية النظر فيما يسمى “دعوى محددة للرقابة” ورفعها للمحكمة الدستورية إذا ما وجدت تعارضا بين قانون ما وبين أحكام الدستور”.

[8]تنص المادة 56 من مشروع قانون أساسي عدد 2015/48 يتعلق بالمحكمة الدستورية التونسية، على ما يلي: ” على المحاكم عند الدفع أمامها بعدم دستورية القوانين إحالة المسألة فورا إلى المحكمة الدستورية، ولا يجوز الطعن في قرار الإحالة بأي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب”.

 

[9] تنص المادة 29 من القانون رقم 48 سنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا المعدل بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على ما يلي: ” تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه الآتي :

ب) إذا دفع الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعادا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن”.

[10]تنص المادة 18 من مرسوم بقانون رقم 27  لسنة 2002 المتعلق بالمحكمة الدستورية على ما يلي:” ترفع المنازعات الخاصة بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:

أ – …….

ب-…..

ج- إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت هذه المحكمة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى، وحددت لمن أثار الدفع ميعادا لا يتجاوز شهرا واحدا لرفع دعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد المحدد اعتبر الدفع كأن لم يكن “.

 

[11]ينص البند ج-1-من المادة 11 من قانون المحكمة الدستورية الأردنية لسنة 2012 على ما يلي:”… ج-1- مع مراعاة أحكام الفقرة (د) من هذه المادة، إذا وجدت المحكمة الناظرة للدعوى أن القانون أو النظام الذي أثير الدفع بعدم دستوريته واجب التطبيق على موضوع الدعوى وأن الدفع بعدم الدستورية جدي توقف النظر في الدعوى وتحيل الدفع الى محكمة التمييز لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة، ويكون قرار المحكمة الناظرة للدعوى بعدم الإحالة قابلا للطعن مع موضوع الدعوى”.

 

 

 

12– ينص الفصل  61-1 من الدستور الفرنسي على أنه:” ” إذا ثبت أثناء النظر في دعوى أمام جهة قضائية أن نصا تشريعيا معينا ينتهك أي من الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، يمكن للمجلس الدستوري الفصل في هذه المسألة، بناء على إحالة من مجلس الدولة أو من محكمة النقض خلال أجل محدد. ويحدد قانون تنظيمي شروط تطبيق هذه المادة.”

– تنص الفقرة 2 من الفصل  19 من الدستور الأردني، على ما يلي: “…2 – في الدعوى المنظورة أمام المحاكم يجوز لأي من أطراف الدعوى إثارة الدفع بعدم الدستورية وعلى المحكمة إن وجدت أن الدفع جدي تحيله إلى المحكمة التي يحددها القانون لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة الدستورية”.

– تنص الفقرة الأولى من  المادة 11من قانون المحكمة الدستورية الأردنية لسنة 2012 على أنه:”.. .إذا وجدت المحكمة الناظرة للدعوى أن القانون أو النظام الذي أثير الدفع بعدم دستوريته واجب التطبيق على موضوع الدعوى وأن الدفع بعدم الدستورية جدي توقف النظر في الدعوى وتحيل الدفع الى محكمة التمييز لغايات البت في أمر إحالته الى المحكمة الدستورية”.   

[13] – عبد العالي هب الريح، عدم الدستورية بين الدعوى الأصلية والدفع الفرعي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في الدراسات الدستورية والسياسية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2011-2012، ص 92-93 .

[14] – محمد أتركين ، دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة الفرنسية، الإطار القانوني والممارسة القضائية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2013، ص 55.

[15] – نورة غزلان الشنيوي، التنظيم القضائي للملكة، دراسة من صميم الإصلاح الشامل للقضاء المغربي، مطبعة الورود، طبعة 2013 ص 189و190  – من أبرز أمثلة عدم توحيد اجتهاد محكمة النقض حسب  نورة غزلان الشنيوي:

-مفهوم وثائق الناقلة والنقل بعوض في قانون التأمين؛ -مفهوم النظام العام المغربي في القانون الدولي الخاص؛ -مفهوم الأمي في قانون الالتزامات والعقود.

[16] –  محمد أتركين، دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة الفرنسية، مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء، طبعة 2013، ص 121.

[17]– محمد أتركين ، ، مرجع سابق، ص 146.

[18] voir : Agnès ROBLOT-TROIZIER – Professeur à l’Université d’Évry-Val d’Essonne, Centre Léon Duguit Le Conseil constitutionnel : trois ans de QPC) – juin 2013 Nouveaux Cahiers du Conseil constitutionnel n° 40     http://www.conseil-constitutionnel.fr/conseil- constitutionnel/francais/nouveaux-cahiers-du-conseil/cahier-n-40/la-qpc-le-conseil-d-etat-et-la-cour-de-cassation.137429.html

 

[19]  – مشروع القانون التنظيمي رقم 68.15 يوجد في طور المناقشة على مستوى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب والذي تمت إحالته على اللجنة المذكورة بتاريخ 12 يوليو 2016 كما سبقت الإشارة لذلك.  

[20] – القانون التنظيمي رقم 1523- 2009 بتاريخ 10 ديسمبر 2009 المتعلق بتطبيق الفصل 61-1 من الدستور الفرنسي.

-تنص المادة 23-2 من القانون التنظيمي رقم 1523- 2009 على أنه:”تبت المحكمة دون أجل، وبقرار معلل حول المسألة الدستورية ذات الأولية ، وتصدر عنها هذه الإحالة إلى مجلس الدولة أو محكمة النقض إذا تم استيفاء الشروط التالية:

1- أن المقتضى المطعون فيه يطبق على النزاع، أو على المسطرة أو يشكل أساس المتابعات؛

2- ألا يكون قد سبق للمجلس الدستوري، وباستثناء حالة تغير الظروف، أن أعلن في حيثيات قراره ومنطوقه بمطابقة المقتضى المعني للدستور؛

3- أن المسألة غير مجردة من الطابع الجدي.

…………………………………….”

– تنص المادة 23-4 من القانون التنظيمي رقم 1523- 2009 على بت مجلس الدولة أو محكمة النقض في إحالة المسألة الدستورية ذات الأولية على المجلس الدستوري داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ التوصل بالإحالة المنصوص عليها في المادة 23-2 أو الفقرة الأخيرة من المادة 23-1. تتم هذه الاحالة حين يتم استيفاء الشروط المنصوص عليها في الفقرتين 1 و 2 إضافة إلى كون المسألة إما جديدة أو ذات طابع جدي.

[21] – رائد صالح أحمد قنديل، الرقابة على دستورية القوانين-دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، ص 126

[22] – عزيزة الشريف ” دراسة في الرقابة على دستورية التشريع، مطبوعات جامعة الكويت، 1995، ص 177.

[23] – يفضل الأستاذ دومينيك روسو  إحداث غرفة للتصفية بالمحكمة الدستورية لكن قضاتها لا يجب أن يشاركوا فيما بعد في البت في الدفع.

Séminaire International sur la Cour Constitutionnelle  CNDH – Rabat le 15-16 Octobre 2012

 

[24] – Olivier Duhamel, Q P C la question prioritaire de constitutionnalité, Editions DALLOZ, 2011, p 53-56.

Exit mobile version