Site icon مجلة المنارة

نظام الاستثمار الأجنبي بالمملكة العربية السعودية ومدى جلبه للاستثمار؟

في أن المملكة العربية السعودية من الدول الجالبة للاستثمار الأجنبي، ومن يفسر ذلك بوفرة ثروتها النفطية فقط ، فهذا مجرد تفسير واحد من جملة تفسيرات، لعل أدلها على الحقيقة، هو ذاك الذي يرجع إلى الإطار التنظيمي (regulatory framework)، وقوامه كل ما يتصل بالاستثمار الأجنبي.

وإن الدولة التي لها هذه المكانة لحقيق بالباحث القانوني أن يلتفت إلى دراسة تجربتها القانونية في مجال الاستثمار الأجنبي[1]، ومن ثم تظهر الأهمية الكبيرة لتناول نظام الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية بالدراسة، خاصة إذا كان هذا النظام القانوني من المقومات الأساسية لمناخ الاستثمار، وكان المستثمر الأجنبي أحوج ما يكون إلى معرفة حقوقه وإلتزاماته والحوافز والمزايا والضمانات إذا استثمر في المملكة العربية السعودية، فهل يتيح نظام الاستثمار الأجنبي ذلك؟

في تحليلنا لنظام الاستثمار الأجنبي السعودي الجاذب للاستثمار، بحث في إلتزامات وحقوق المستثمرين من جهة (المبحث الأول)، وفي الحوافز والمزايا والضمانات الاستثمارية من جهة ثانية (المبحث الثاني).

المبحث الأول: حقوق والتزامات المستثمر الأجنبي

إن ما يكشف عما للمستثمر الأجنبي في المملكة العربية السعودية وماعليه، مصرح به في نظام الاستثمار ولائحته التنفيذية، وليس ذلك حقا أو التزاما واحدا، بل هو جملة من الحقوق والالتزامات التي تنتظم بها العلاقة بين المستثمر والدولة المستثمر فيها .

فماهي إذن هذه الحقوق ؟ وماهي الالتزامات ؟

يمكن إجمال الحقوق المخولة للمستثمر الأجنبي، في الحقوق المعنوية (كالترخيص وحقوق الملكية الفكرية والمعرفة الفنية والمهارات الإدارية وأساليب الإنتاج )[2] ، والحقوق المعرفية التي تتجلى في كل المعلومات والإيضاحات والإحصائيات التي يلتزم توفيرها للراغبين في الاستثمار[3]، والحقوق المالية والمدنية ……..

وما قيل عن حقوق المستثمر الأجنبي ، يقال أيضا بالنسبة لالتزاماته ، التي تنقسم إلى ماهو قانوني ، وماهو استثماري ، وماهو محاسبي .

المطلب الأول : حقوق المستثمر الأجنبي

أشرنا فيما تقدم ، إلى أن حقوق المستثمر الأجنبي المنصوص عليها في نظام الاستثمار الأجنبي السعودي، ولائحته التنفيذية، تتنوع إلى ما أسميناه بالحقوق المعرفية والمعنوية والحقوق المدنية والحقوق المالية ، وذلك على النحو الآتي :

تلك إذن بعض الحقوق التي يُخولها نظام الاستثمار الأجنبي السعودي ، للمستثمرين الأجانب والسؤال الآن عن التزاماتهم : ماهي ؟

المطلب الثاني: إلتزامات المستثمر الأجنبي

وكما هو الشأن بالنسبة للحقوق، فإن الالتزامات التي تقع على عاتق المستثمر الأجنبي بالمملكة العربية السعودية، يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع من الإلتزامات : قانونية واستثمارية ومحاسبتية .

وهكذا، على المستثمر الأجنبي في المملكة العربية السعودية :

المبحث الثاني : حوافز وامتيازات وضمانات الاستثمار

ورد في المادة السادسة من نظام الاستثمار الأجنبي السعودي ، أن المشروع المرخص له، يتمتع بجميع ” المزايا والحوافز والضمانات ” التي يتمتع بها المشروع الوطني حسب الأنظمة والتعليمات .

فما مؤدى هذه العبارات الثلاث – المزايا والحوافز والضمانات ؟

وهل هي واردة على سبيل الترادف أم التباين ؟

لم يحدد نظام الاستثمار الأجنبي السعودي المقصود من العبارات المومأ إليها، وإنما سرد عناصرها في المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية ، بإطلاق إسم المزايا والحوافز والضمانات عليها، بدون تمييز، مع أنها تطلق في سياق الاستثمار الأجنبي على معان مختلفة .

وهكذا ، فالمراد “بالحوافز”( INCENTIVE) ، كل ما يفيد البلد الراغب في الاستثمار الأجنبي إلى المستثمرين الأجانب، لتشجيعهم واستحثاثهم على أن يستثمروا فيه، وأكثر هذه الحوافز تكون ذات طبيعة مالية وعقارية وضريبية وإدارية ….إلخ [15]

وأما المزايا ( benefits )، فعلى عكس الحوافز التي تكون عامة ، فإنها تخص مستثمرين معينين، يستفيدون من استثناءات خاصة، كما هو الشأن بالنسبة لرعايا دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية  .[16]

وأما “الضمانات” ( guarantees) ، فهي كل ما من شأنه أن يجعل المستثمر الأجنبي في أمن من الأخطار السياسية والاقتصادية والإدارية المحدقة بإستثماره .[17]

وسنتطرق خلال الأسطر القادمة للحوافز والمزايا والضمانات الواردة في نظام الاستثمار الأجنبي السعودي، وذلك في نقاط ثلاث .

المطلب الأول: حوافز الاستثمار الأجنبي

تعد المملكة العربية السعودية، مكانا مناسبا للاستثمار، وممارسة أنشطة الأعمال ، بما فيها من عوامل التحفيز ، ولذلك أسباب عديدة :

ومن خلال طلاعنا على الحوافز فيمكن تقسيمها إلى : حوافز تنظيمية وحوافز مالية وحوافز ضريبية .[18]

 

 

أولا:  الحوافز التنظيمية

التزمت الحكومة السعودية على هذا الصعيد، تخفيض العوائق البيروقراطية على جميع الأصعدة، كما سعت إلى إحداث تحول وتغيير في إرادتها وهيئاتها، بما يكفل دعم الاستثمار الأجنبي، ولا شك أن رئاسة الملك عبد الله للمجلس الاقتصادي الأعلى السعودي المسؤول عن الإشراف عن خصخصة الاستثمارات الاجنبية وتشجيعها، هو مما يزيد من قيمة الحوافز التنظيمية .

كما أنه في عام 2000، سَنْت الحكومة السعودية قانونا جديدا للاستثمار الأجنبي ، قدمت فيه حوافز تنظيمية كبرى تشمل :

فإذن كل ما ييسر مناخ الاستثمار الأجنبي، فهو من الحوافز التنظيمية، ولا ريب أن المملكة العربية السعودية قطعت أشواطا في هذا السبيل، وللدلالة على ذلك نقارن في الجدول التالي نظام الاستثمار الأجنبي 1989 بنظام 2000 .

مقارنة شروط نظامي الاستثمار الأجنبي لعام 1989 وعام 2000 بالمملكة العربية السعودية
أوجه المقارنة القانون الجديد القانون القديم
1 الاجهزة التي توفر الخدمات وتنظيم المستثمرين مركز ساقية لخدمات الاستثمار ( إنهاء كل المعاملات في مكتب واحد ). يعمل في ساقيه وكلاء من تسع وزارات مختصة بالاستثمار عدد من الوزارات والأجهزة الحكومية
2 القطاعات الاستثمارية المفتوحة أمام المستثمرين الأجانب كافة القطاعات مفتوحة للاستثمار باستثناء القائمة المحظورة اشتراط أن يكون المشروع تنمويا وأن يتم تصديقه بموجب خطة التنمية الوطنية وأن يوفر مهارات فنية وخبرات لتسهيل نقل التقنية وأن تصادق هيئة الاستثمار الأجنبي على جدوى المشروع
3 الفترة البت في الطلب 30 يوما كحد أقصى غير محددة
4 إمكانية الحصول على أكثر من ترخيص يمكن للمستثمر الأجنبي الحصول على اكثر من ترخيص في مجالات متعددة محدود ولابد أن يكون في نفس المجال
5 أنواع الاستثمارات الاجنبية يسمح بملكية رأس المال الأجنبي للمشروع بالكامل إضافة للمشروعات المشتركة تفضيل المشروعات المشتركة على ملكية المشروع بالكامل بواسطة راس المال الاجنبي
6 الحوافز كل الحوافز والمزيا الممنوحة للمشروعات الوطنية منح المعاملة الوطنية فقط للمشروعات الصناعية ويجب أن يمسك الشريك الوطني ب 52 في المئة من رأس المال .
7 ضمانات الاستثمار يحق للمستثمر الاجنبي تحويل أمواله للخارج من بيع حصته في المشروع ، ولايجوز مصادرة أمواله إلا في حالة المصلحة العامة وفي مقابل تعويض مجز بموجب القانون لم يحدد القانون أية ضمانات ولم تتم أية عملية مصادرة منذ عام 1957
8 ملكية العقارات يحق للمنشأة الأجنبية المرخصة بموجب القانون تملك العقار لممارسة الأنشطة المصرح بها ولتوفير السكن للموظفين .أيضا يصرح القانون بالاستثمار في العقار في حدود 30 مليون ريال أو أكثر . يمنح تملك العقار للمستثمرين الأجانب
9 العقوبات على انتهاك القانون يمكن استئناف العقوبات أمام ديوان المظالم ، العقوبات المحتملة تشمل :

. حظر الحوافز .

– فرض عقوبات لاتزيد عن 500000 ريال

– إلغاء الرخصة في حالة تكرار المخالفات بعد تقديم إخطار مكتوب لتصحيح المخالفة .

إلغاء الرخصة أوالحرمان من الحوافز بعد إنذار المستثمر من وزارة الصناعة والكهرباء لتصحيح المخالفة خلال فترة معينة ، يمكن أن يستأنف المستثمر أمام ديوان المظالم خلال 30 يوما .
10 الإعفاء الضريبي تم خفض ضريبة الأرباح إلى 20 بالمائة ويمكن نقل الخسائر إلى أعوام قادمة المشاريع الزواعية والصناعية منحت إعفاءا ضريبيا لفترة 5 سنوات ، ضريبة الأرباح بلغت 45 بالمائة .
11 نظام الكفالة تم إلغاء النظام القديم ، وأصبح المشروع هو الذي يكفل المستثمر وموظفيه . يشترط كفالة المستثمر الأجنبي بواسطة مواطن سعودي .

 

 

 

ثانيا : الحوافز المالية :

وتتجلى فيما يلي :

يضاف إلى هذا أن هناك :

ثالثا:  الحوافز الضريبية :

ولعل أهم هذه الحوافز، ما منحته الحكومة السعودية من امتيازات ضريبية، لست مناطق هي الأقل نموا في المملكة، بهدف جذب مزيد من الاستثمارات، وذلك لمدة عشر سنوات من بداية أي مشروع، والمناطق التي تشملها التخفيضات الضريبية وهي :

والمزايا كالتالي :

وفي ضوء كل هذا، تعد الحوافز التي تمنحها السعودية لتحسين وجذب الإستثمارات الأجنبية جيدة وتستحق التقدير، خاصة وأنها جدبت استثمارات أجنبية في عام 2006 ، تفوق ما حققته مصر مثلا أكثر من مرة ونصف (18.3 مليار في مقابل 10 مليارات دولار لمصر) ، ولكن مازال أمامها الكثير من الفرص لجذب المزيد من الإستثمارات، خاصة وأن لديها استثمارات في الخارج أخذت تعود لمواطنيها مع الأزمات العالمية .[21]

المطلب الثاني : مزايا الاستثمار الأجنبي:

وقعت الإشارة إلى المزايا المخولة للمستثمرين الأجانب في المادة 6 من نظام الاستثمار الأجنبي : ” يتمتع المشروع المرخص له بموجب هذا النظام بجميع المزايا …. ” ، و في المادة 5 من اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار الأجنبي: ” تتمتع منشآت الاستثمار الأجنبي بالمزايا …”

فماهي هذه المزايا ؟ وهل تؤثر في جلب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة العربية السعودية ؟

من المزايا المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار الأجنبي : [22]

ويدل على ذلك أيضا بعض الاستثناءات الواردة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 3 في 1/1/1390 هـ ،[23]  والتي تخص الأجانب الذين لديهم سجلات أو رخص تجارية منذ عام 1380 هـ، وما قبل ذلك، والأجانب المتزوجين من سعوديات منذ عام 1390 هـ ، وما قبل ذلك، أضف إلى هذا، الاستثناء الخاص برعايا دول مجلس التعاون الخليجي .

ولابد أن يلفت النظر في المزايا المذكورة أنها متنوعة، إلا أننا سنتناول نوع واحد منها وهو المزايا العقارية .

فإذا كان نظام توزيع الأراضي البور، قد أتاح للأجانب فرصة للاستثمار، فإن ذلك يقتصر على الاستثمارات في الزراعة دون غيرها، وإذا كان هناك نظام يسمح لغير السعوديين بتملك العقارات على إقليم المملكة، فإن ذلك لا يعني قطعا أن هذا النظام قد أوجد مجالا جديدا للاستثمار هو مجال المضاربات العقارية، بل إن تملك الأجانب للعقار محدود بغاية معينة وبشروط محددة، بينها ” نظام تملك غير السعوديين للعقار ” الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 22 و تاريخ 12/07/1390 ه وبعبارة أخرى ، تصلح الأراضي البور لأن تكون محلا لملكية الأجنبي ، في الحدود، وبالشروط التي نص عليها نظام توزيع الأراضي البور كمجال للاستثمار الزراعي فقط ، ولا تصلح محلا للمضاربة، وإن كانت منتجاتها تصلح للتصنيع ، فلا بد عندئذ من الحصول على قرار جديد من وزارة الصناعة والكهرباء يرخص بذلك .

أما تملك العقارات الأخرى، أي غير الزراعية ، فإن الأصل هو عدم جواز تملك الأجانب للعقارات في إقليم المملكة أو اكتساب أي حق عيني أصلي فيها بأي طريق غير الإرث، ( المادة الثانية من نظام تملك غير السعوديين)، ويقع كل تصرف مخالف لذلك باطلا بطلانا مطلقا، وهذا من شأنه أن يمنع الاستثمار بالمضاربة عليها من باب أولى .

غير أنه استثناء، أجاز المنظم السعودي للأجانب التملك في حدود معينة ولغاية معينة، على أن يكون مفهوما، أن هذا الاستثناء مقصور على غير أراضي مكة والمدينة، لأن أرضي هذه المنطقة لا تُملك فيها لغير السعوديين، إلا بهدف الوقف على المسلمين القاطنين فيها .

وهناك حالة أخرى، توسع من نطاق الاستثناء الخاص بتملك الأجانب للعقارات في المملكة، وهي حالة تملك مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي حالة مستندة إلى مبدأ المعاملة بالمثل ، وهنا يبرز الامتياز الممنوح لهذه الفئة من حيث صدور الأمر الملكي رقم 1147 وتاريخ 27/10/1407 هـ، المعدل للأمر الملكي  5/م/1439 وتاريخ 18/01/1398 هـ وقرر لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حق تملك للأراضي بغير رسوم ، بهدف تشييد بناء عليها للسكن الشخصي أو للإستثمار بشرط المعاملة بالمثل، وهذا مفاده مايلي : [24]

ولهذا أخضعت قواعد هذا الاستثناء المنتفع منه إلى فترة تجربة أمدها سنتان يتقرر في نهايتها، إما استقرار حق الملكية له، وإما تجريده منه مقابل تعويض حددته نصوص الاستثناء، فهو كما يراه النص مجرد من عناصر حق الملكية، أي من كل تصرف من شأنه انتقال ملكية العقار، سواء بالبيع أو الهبة أو بالرهن ،[25] بإعتبار أن عدم الوفاء بالدين المضمون بالرهن يؤدي إلى بيع العقار بالمزاد لاقتضاء قيمة الدين من ثمنه ويأخذ حكم البيع تقديم العقار كحصة عينية في رأسمال شركة ما .

وعلى المستفيد من رعايا دول الخليج، أن يثبت حتى تستقر الملكية في ذمته  أنه قام بالبناء خلال المدة السابقة ( أي فترة التجربة)، فإن فعل، اكتملت له خصائص حقه العيني، وأصبح من بعد قادرا على التصرف فيه تصرف المالك فيما يملك، أما إن انقضت المدة دون بناء سقط حقه في الملكية، وجرد من الأرض، باستملاك الدولة لها أو بيعها ، وله مقابل ذلك حق في التعويض الذي حدد قيمته، إما بمقدار ما دفع عند شرائه للأرض، وإما بقيمتها الفعلية عند الاستملاك أيهما أقل.

المطلب الثالث : ضمانات الاستثمار الأجنبي

 

تسعى المملكة العربية السعودية، إلى جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال تقديم جملة من الضمانات، وتهيئة المناخ الملائم الذي من شأنه تشجيع المستثمرين الأجانب وطمأنتهم، بأن استثماراتهم في المملكة سوف تحظى بالحماية الكافية، لأن إقدام المستثمر الأجنبي على الاستثمار في بلد معين إنما يتوقف على تقديره للأوضاع السياسية والاقتصادية والقانونية السائدة في ذلك البلد، وما إذا كان من شأنها أن تساعد على الحصول على عوائد مجزية، وتوفر الحماية اللازمة من المخاطر لإستثماراته .

وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن أحكام الشريعة الإسلامية، التي تؤكد على حرمة الملكية الخاصة، وعلى وجوب احترام الالتزامات التعاقدية، تشكل ضمانة أساسية لدرء هذه المخاطر .

وعلاوة على ذلك ، فإن المنظم السعودي، قد قرر قدرا من الضمانات لحماية الاستثمارات الأجنبية ضد هذه المخاطر. [26]

وفيما يلي بعض هذه الضمانات :

 

أولا:  حظر نزع الملكية للمشاريع الاستثمارية :

 

نصت المادة الحادية عشرة من نظام الاستثمار الاجنبي على أنه ” لا تجوز مصادرة الاستثمارات التابعة للمستثمر الأجنبي كلا أو جزءا إلا بحكم قضائي ، كما لا يجوز نزع ملكيتها كلا أو جزءا إلا للمصلحة العامة مقابل تعويض عادل وفقا للأنظمة ”

وكذا ما ورد في المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية في فقرتها الرابعة التي تنص على عدم مصادرة الاستثمارات كلا أو جزءا إلا بحكم قضائي أو نزع ملكيتها كلا أو جزءا إلا للمصلحة العامة ، ومقابل تعويض عادل .

ويستنتج من المادتين المذكورتين مدى حرص الدولة السعودية على كفالة حرمة الملكية وحريتها ، حيث لا ينزع من أحد الملكية إلا بشرطين :

الشرط الأول :

أن يكون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ، والذي لم يرد في نظام نزع ملكية العقارات في المملكة السعودية الصادر بموجب قانون 10 لسنة 1990 أي تعريف لها .

 

 

الشرط الثاني :

أن يكون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة مقابل تعويض عادل.

فإذا توفر هذان الشرطان ، تحققت المصلحة المشتركة للطرفين، ولا يحق أي ضرر بأي منهما، فنزع الملكية يكون، مقابل تعويض عادل ومناسب، بحيث تراعى فيه بمقتضى المادة الثانية من نظام نزع ملكية العقارات التالي : نوع العقار، ووصفه الاجمالي ومشتملاته من المباني أو الأغراس أو الزراعة أو الآبار ….إلخ

الملكية ، من جهة ، حق للدولة يكفله القانون الدولي ، الذي ينكر على الدولة أن تتنازل عن حقها في نزع الملكية للمنفعة العامة، لما فيها من معنى التنازل عن سيادتها، ومن جهة أخرى ، فالتعويض العادل حق للمستثمر الأجنبي المنزوعة ملكية مشروعه . [27]

ثانيا:  حظر مصادرة أموال المشاريع الاستثمارية

تقرر المادة الحادية عشرة من نظام الاستثمار الأجنبي والفقرة الرابعة من المادة الثالثة، من اللائحة التنفيذية لهذا النظام، حظر المصادرة العامة للأموال، وأن عقوبة المصادرة لا تكون إلا بحكم قضائي.[28]  حيث نصت المادة الحادية عشر على ما يلي: “لا تجوز مصادرة الاستثمارات التابعة للمستثمر الأجنبي كلا أو جزءا إلا بحكم قضائي ……….” .

ثالثا:  التحكيم لتسوية منازعات الاستثمار

نظرا لكون الضمانات، التي ذكرنا سابقا، هي ضمانات واردة طي القوانين الداخلية، ومن ثم فهي عرضة للتعديل استنادا إلى حق الدولة في التعديل، وإلغاء قوانينها الداخلية بإرادتها المنفردة، فإن هذه الضمانات ليست قادرة وحدها على تبديد مخاوف المستثمرين الأجانب من احتمال تعرض استثمارهم في الدولة المضيفة للمخاطر غير التجارية، بالإضافة إلى أن قواعد القانون الدولي العرفية لا تقدم حماية فعالة للاستثمارات الأجنبية ضد المخاطر غير التجارية ، نظرا لكون هذه القواعد تخول الدولة المضيفة اتخاذ إجراءات استنادا إلى سيادتها الإقليمية، لذا، فإن موقف المملكة العربية السعودية قد تميز فيما يتعلق بطبيعة المعاملة التي يجب أن تحظى بها الاستثمارات الأجنبية، وذلك بابرام العديد من الاتفاقيات الدولية الجماعية والثنائية التي تهدف إلى توفير حماية فعالة للاستثمارات ، وتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة مع عدد من الدول، وانضمت أيضا إلى العديد من الاتفاقيات متعددة الأطراف، كالاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية ، بين الدول العربية لعام 1981 م، واتفاقية المؤسسة العربية لضمان الاستثمارات لعام 1971 ، واتفاقية المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمارات وائتمان الصادرات بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر 1992 م ، والاتفاقية المنشئة للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمارات لعام 1965 م ، والاتفاقية المنشئة للوكالة لضمان الاستثمارات لعام 1985 م  .

وفي مقدمة الضمانات التي نصت عليها هذه الاتفاقية ، إمكانية تسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمارات الأجنبية خارج نطاق محاكم الدولة المضيفة ، وذلك عن طريق التحكيم ، ونظرا لكون التحكيم يتسم بسمات تجعله أكثر ملاءمة لتسوية المنازعات التجارية الدولية عامة، ومنازعات الاستثمارات الأجنبية على وجه الخصوص، فإن المستثمرين الأجانب يفضلونه على غيره من وسائل تسوية المنازعات . [29]

لقد أتينا في تحليلنا السابق لأحكام نظام الاستثمار الأجنبي السعودي على : حقوق المستثمرين الأجانب والتزاماتهم ، ومزياه وحوافزه وضماناته، وإذا كان لنا من نتائج نستخلصها من مجموع ما سلف فهي النتائج التالية:

وكلها نتائج تظهر على أن هذا النظام هو كفيل بحماية المستثمر الأجنبي وقادر على جلب استثمارات مهمة للمملكة العربية السعودية .

[1] المرسوم الملكي رقم 1/م بتاريخ 5/1/ 1421، المتعلق بنظام الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى لائحته التنفيذية.

 

[2] المادة الأولى من نظام الاستثمار الأجنبي .

 

[3] المادة العاشرة من نظام الاستثمار الأجنبي .

 

[4] – المادة الثانية من نظام الاستثمار الأجنبي .

[5]– المادة الرابعة من نظام الاستثمار الأجنبي .

[6]– المادة السادسة من نظام الاستثمار الأجنبي .

[7] – المادة السابعة من نظام الاستثمار الأجنبي .

[8] – المادة السابعة من نظام الاستثمار الأجنبي .

[9] – المادة الثامنة من نظام الاستثمار الأجنبي .

[10] – المادة التاسعة من نظام الاستثمار الأجنبي .

[11] – المادة العاشرة من نظام الاستثمار الأجنبي .

[12] – المادة 11 من نظام الاستثمار الأجنبي .

[13] – المادة 5 من اللائحة التنفيذية .

[14] – المادة 5 من اللائحة التنفيذية .

 

[15] – stephen guisinger , ” Amote on the effectieness of incentives “, transnational corporations ,V1, N2 , august 1992 , p. 111

[16] – محمد حسين اسماعيل ، النظام القانوني للاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية ، معهد الإدارة العامة ، السعودية ، 1415 ه – 1994 ، ص . 41- 45

[17] – theodore moran , Intetnational political Management , The world bank , washinton,2001 , p .77

[18] – عبد الله الشاملي، سياسات الاستثمار في الدول العربية، دار الكتب، مصر، 2008، ص. 215 .

[19] – انظر الموقع الالكتروني للهيئة العامة للاستثمار بالمملكة :

http:/www.sagia.gov.sa  7:40 11/07/20101

[20] – – انظر الموقع الالكتروني للهيئة العامة للإستثمار بالمملكة :

http:/www.sagia.gov.sa 7:40 11/07/20101

[21] – عبد الله الشاملي ، نفس المرجع السابق ، ص . 216 .

[22] – المادة 5 من اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار الأجنبي .

[23] – انظر، مجموعة ضريبة الدخل وفريضة الزكاة حتى نهاية عام 1401 ، الصادرة عن وزارة المالية والاقتصاد الوطني ، طبعة عام 1402 ، ص 25 .

[24] الدكتور  محمد حسن اسماعيل ، النظام القانوني للاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية ، معهد الإدارة العامة 1415 ، ص. 91 .

[25] – وهو ذات ماجاءت به تعليمات وزير العدل الواردة في قراره رقم 6564 بتاريخ 28/11/1398 ه ، منشور في مرشد الحقوق الخاصة ، وزارة الداخلية ، ج 2 ، 1409 ، ص 183 ومابعدها .

[26] – الدكتور يحيى عبد الله الصمعان ، دور التحكيم في تسوية منازعات الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية ، أشغال ندوة الاستثمار الأجنبي الخاص في المملكة العربية السعودية . الحوافز والمعوقات ، 1997 ، ص. 375

[27] – الدكتور عبد اله عبد الكريم عبد الله ، ضمانات الاستثمار في الدول العربية ، دار الثقافة عمان ، 2010 ، ، ص . 41

[28] – الدكتور يحيى عبد الله لبصمعان ، نفس المرجع السابق ، ص. 375

[29] – الدكتور يحيى عبد الله لبصمعان ، نفس المرجع السابق ، ص. 376

Exit mobile version