Site icon مجلة المنارة

منهجية الحوار عند الحسن الثاني رحمه الله في تدبير قضايا الخلاف قضية الصحراء نموذجاً

 

منهجية الحوار عند الحسن الثاني رحمه الله في تدبير قضايا الخلاف

قضية الصحراء نموذجاً

 

لهيم عبد الرشيد محمد أحمد التركي

باحث في سلك الدكتوراه

جامعة ابن طفيل- القنيطرة

 

              مقدمة:

من البديهيات أنه يستحيل أن لا يوجد خلاف بين اثنين في هذه الحياة الدنيا ويستحيل التفاهم بينهما بدون حوار وعليه فالحوار هو الحل الأمثل لتدبير الخلاف في كل القضايا وفي كل العصور وعلى جميع المستويات والحوار هو مبدأ قرره القرآن الكريم في مناقشته لكل القضايا الإيمانية والعقدية والتشريعية والتعليمية التربوية والسياسية والفكرية والاقتصادية والتنموية والإدارية وقضية والاستخلاف وكل قضايا الحياة المختلفة والقرآن الكريم مادة حوارية بامتياز ابتداء بالخالق جل وعلى وهو يحاور السماوات والأرض والملائكة والأنبياء وهو يحاور إبليس وغير ذلك من الحوارات القرآنية والتي تصل لأكثر من ألف آية والحوار من لوازم وضروريات البشرية؛ فهو أمر يتعاطاه الناس في حياتهم اليومية؛ في حديثهم وكتاباتهم وتواصلهم واتصالاتهم مع بعضهم, بل هنالك حوار داخلي بين المرء ونفسه، وحوار بين الإنسان وشيطانه لذلك كان للحوار شرف عظيم وقدر كبير؛ فإنَّ شرف المطلوب بشرف نتائجه وعظم خطره بكثرة منافعه وبحسب منافعه تجب العانية به وعلى قدر العانية به يكون اجتباء ثمرته, والحوار أفضل وأهم وسيط لتقريب وجهات النظر والانتقال من مرحلة التباين واللا تفاهم ولا شراكة إلى مرحلة التوائم والتفاهم والشراكة والتناغم, فالحوار يصحح مسار الخلاف ويحوله إلى ائتلاف, وكلمة الحوار كلمة رقيقة جاذبة ذات حسٍ مرهفٍ تُطربُ الأسماع وتهزُّ القلوب وتبعث الأمل وهي ذات مدلولات سلمية تحمل في طياتها النصح والتجاوب والمراجعة والتفاهم والتناغم والتجاذب والوئام والانسجام والتعمير والسعي نحو الأصوب والأكمل والأنفع فتُحَوّل الألم إلى أمل والأمل إلى عمل في ركب التعاون والتعايش والشراكة فتحافظ على الصواب وتقييم الخطأ وهي جسر الوصول للمأمول والمنشود وموضوع الحوار يعتبر من المشاريع الفكرية المستدامة عبر الأزمان حيث أن المعاناة اليومية للبشرية لا تنفك عنها كخلاف ولا تستغني عنه كحوار وملزمة به كإئتلاف وتوافق, والحوار ضرورة حياتية وقد تعددت مسالكه ومشاربه وتنوعت وسائل التعاطي معه وتوسعت طرق عرضه في عصرنا الحالي فلم يقف عند حد درس أو محاضرة أو خطبة أو ندوة أو مؤتمر أو مؤلف أو مقال ينشر هنا وهناك وإنما أصبح عالماً مفتوحاً من الاتصال والتواصل بين بني البشر فاستجدت له وسائل وفتحت له ميادين لم تكن موجودة من قبل كالمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية والمجامع العلمية والمراكز المتخصصة والبرامج العصرية المختلفة

فالهوة القائمة اليوم بين الفرقاء السياسيين أو العداء الفكري والعقدي في البلدان التي نشبت فيها الفتن والحروب وعدم التوافق مما أدى بهذه البلدان إلى ما لا يحمد عقباه نجد أن سبب هذه الهوة وتوسع الفجوة وانفراط العقد هو خلل في منظومة الحوار وفقه الاختلاف والائتلاف ولو أُجيد استخدام وتعاطي الحوار وإعمال فقه الاختلاف والائتلاف فمهما كانت المشاكل ومهما كان التباين ومهما اختلفت الرؤى فلن يفسد للود قضية ومن هنا كانت انطلاقة الحسن الثاني رحمه الله في معالجة قضية هي من أعقد القضايا حينها في المملكة المغربية وفي أحلك الظروف فكان بمثابة الانتحار السياسي فالنزاع مع أسبانيا  من جهة والمواجهة مع الجزائر وليبيا من جهة أخرى([1]) والمعارضة الداخلية الشديدة كل هذه كانت تحديات حقيقية أمام جلالة الملك الراحل الحسن الثاني وعليه أن يدير هذه الأزمة بقوة الحوار والحوار فقط وسأتحدث عن منهجيته بشيء من التفصيل ولكن قبل ذلك سأتحدث عن الحوار وماهيته وأهميته وضرورته وغايته وأهدافه………..

بشيء من الإجمال والاختصار فالحوار البديل الدائم عن الحروب وهو أبرز وأهم ( الأساليب المستخدمة في أي خطاب إنساني ويقصد هنا بالخطاب النسق الفكري العام الذي يجمع بين اللغة وممارساتها أي بين المبادئ والأفكار وبين تطبيقاتها في إطار السياق أو الواقع بكل تفاعلاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتاريخية والثقافية)([2]) وغيرها فأهميته تنبثق من حاجة الإنسان إليه وغايته وغرضه تحقيق أهدافه النبيلة, وأهدافه تحقيق مقاصد الرسالة ويعدُّ الحوار الوسيلة المثالية العالية للتفاهم بين الدول أو بين الشعوب عن طريق من يمثلهم من أجل تضييق شقة الخلاف وتقريب وجهات النظر المتضاربة أو المتباينة ولكن هذا الحوار الذي يجري بين الدول والشعوب عند الممارسة العملية إذا لم يعزز بعناصر قوة ضغط تجده في الغالب لا يستهدف إحقاق حق ولا دفع مكروه عن صاحب حق لوجه الحق, بل يستهدف تحقيق المصالح وإرضاء النزوات وتقاسم المنافع المتبادلة ولو أدّى ذلك إلى طمس الحق أو ظلم المُحِقّ أو هضم الحقوق كما سنشاهد ذلك في محطات إدارة الحسن الثاني رحمه الله لأزمة الصحراء.

ونستطيع أنْ نقول أنَّ الحوار بمفهومه التقارب والمناقشة واخذ أطراف الحديث بين طرفين بدأ منذ أن خلق الله الخليقة فقد[ كان الله ولم يكن شيء غيره] ([3]) فخلق المخلوقات؛ فكان أول تدوين للحوار حينما حاور الله السماوات والأرض بقوله:] ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [ فصلت11 فكونه يقول لهما فيردى فهذا نوع من الحوار وإن كان هناك نوع من الحوار المفصل وهو حوار الله للملائكة ولآدم عليه السلام] وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ^ وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأَسْمَآء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَآء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ^ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ^ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ [ البقرة30- 33

فـ( الحوار أولاً والحوار دائماً)([4]) في الاتصال والتواصل بين بني البشر في كل قضاياهم لذلك كان القرآن الكريم مادة حوارية بامتياز فالحوار في القرآن الكريم قضية محورية والمادة الحوارية فيه هي منطلق كل قضية سواء الإيمانية والعقدية منها أو الأخلاقية أو التعليمية والتربوية أو الدعوية أو الاقتصادية أو الأمنية وغيرها من القضايا ومن هنا تأتي أهمية الحوار وضرورته وأهمية الحوار وضرورته تأتي من منطلقين أساسيين

المنطلق الأول:التباين الفطري والجِبِلِّي الذي جُبِلَتْ عليه الإنسانية فتنوعت( إلى شعوب وقبائل وأمم وأجناس وألوان وأعراق وكذلك إلى شرائع في إطار الدين الواحد وإلى مناهج أي ثقافات وحضارات في إطار وحدة العنصر الإنساني المشترك)([5]) ونتيجة الاختلاف بين ألسنة ومدركات وطبائع ومعارف وأفهام وعقول بني البشر في مختلف الأزمان والأمصار وهذه سنة إلهية قررها القرآن الكريم قال الله تعالى:] وَمِنْ ءَايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ[ الروم22 وقال تعالى:] وَلَوْ شَآء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ^ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ..[هود118-119 فرغم أن الحق واضح المعالم إلاَّ أن لطف الله عز وجلَّ بالإنسان تمثل في الاستثناء القرآني الجميل ليقرر الرحمة الربانية بقوله:] إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ…[هود119 ومن هنا تجلت رحمة الله بفتح آفاق التلاقي للحوار لنشر روح الودّ والتفاهم وتقليص هوة التعصب للأهواء والمشارب والشبهات وهذا من لطف الله بالإنسان؛ وقد جاءت الدعوة الحوارية في القرآن الكريم بهدف تعميق مساحات الحركة الفكرية الفاعلة في خط التعارف واللقاء المثمر بين الشعوب كوسيلة تطبيقية عملية تستنهض طاقات الأمة.

ومن أبرز ما يمكن الإشارة إليه هنا في ضرورة الحوار وأهميته في هذا المنطلق ما يلي:

1- الطبيعة الثنائية للإنسان([6])

فكما أن الإنسان (متدينٌ بفطرته) ([7]) فهو(مدني بطبعه) ([8]) (فلا يعيش وحده) ([9]) وإنما (يعيش بين كثير من بني جنسه) ([10]) (في مجتمعٍ متماسك) ([11]) وهذا يؤكد الطبيعة الثنائية للإنسان وهو ما قرره القرآن الكريم في قوله تعالى:]  يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[ الحجرات13 وبما أن هذه التوأمة في العلاقة الثنائية بين الإنسان وأخيه الإنسان فطرة وضرورة جُبِلَ عليها فإن هذا العلاقة تفرز تشتتاً وحيرةً واختلافاً بينهما فتأتي هنا أهمية وضرورة الحوار ليكون شوكة اتزان في هذه التوأمة فتستمر العلاقة دون تعثرٍ وتوقفٍ فالحوار( ضروري في كل وقت)([12]) ومن خلاله (يستطيع المرء أن يتعرف على ما في عقل كل من المحتاورين)([13])

2- قابلية الإنسان للتعلم

وهذا واضح في تعليم الله عز وجل لآدم عليه السلام عن طريق الحوار وذلك في قول الله تعالى:] وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأَسْمَآء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَآء هَـؤُلآء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ^ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ^  قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ[ البقرة31- 33(وليس المراد بالتعليم أنه سبحانه وتعالى أعطاه درساً في الكيمياء والطبيعة والفلك والطب ونحوها مما يضع في يده أَزِمَّةُ قوانين هذا الكون الأرضي إنما المراد أنه بث فيه من أسرار الفهم والتمييز والاستعداد الفطري ما جعل المعرفة ممكنة له فيكشف عن تلك النواميس والسنن التي وضعها الله بتيسير كل ما في الكون ويميز الإنسان خصائص الأشياء بعضها من بعض)([14]) فالحوار(ضروري لاكتساب العلم وتلقي المعرفة وهو السبيل الوحيد لذلك في رحلة عمر الإنسان إذ بدونه لا يمكن أن تنتقل الخبرات من جيل إلى جيل ومن أمة إلى أمة كما أن الحوار كفيل بأن يجعل الفكر ينبض بالحياة والحركة والتجدد من خلال تواصل عقلين أو مجموعة عقول لإدراك المعلومة أو تمحيصها أو تفهم معانيها) ([15])

3- خصائص النمو الإنساني

لا يخفى على أحد منا وضع الأطفال في سن نموهم المبكر حينما يبدءون بالنطق وخاصة ما قبل دخولهم المدرسة في ميلهم الشديد لطرح تساؤلاتهم المختلفة والتي لا تكاد تنتهي والتي يصفها البعض بحب الاستطلاع وآخرون بالفضول وفي الحقيقة هو نشاط عقلي طبيعي ورغبة تدفع الطفل لمعرفة ما حوله من العالم الخارجي وهذه صورة من صور الحوار التي فطر الإنسان عليها منذ بداية نموه.

4- التجريب العلمي

أي الدراسات الميدانية والتطبيقية التي تعزز وتقرر أهمية الحوار وضرورته بالتجربة والممارسة وقد أفردتُ مبحثاً مستقلاً لهذه الدراسات مع مجموعة من الفئات المختلفة كما سيأتي وما يمكن أن نشير إليه هنا من الناحية النظرية هو أنه قد سبق وأنْ أُقِيمَةْ بعض الدراسات التي قامت على الضبط المنهجي وتطبيق أدوات البحث وبعد تحليل النتائج تفوقت الطريقة الحوارية وأدت إلى وعي أكثر وفهم أعمق ووضوح أشد؛ منها لا للحصر:

– رسالة ماجستير في التربية للطالبة الباحثة زينب بدر بتطبيق تعليم وحدة تعليمية تقوم على الحوار على مجموعة من20 طالبة جامعية في مقابل مجموعة أخرى بنفس العدد من الفرقة نفسها.

– رسالة ماجستير للطالبة الباحثة إلهام عبد الحميد فرج بلال عن أثر استخدام طريقة الحوار في تدريس الفلسفة على تنمية التفكير الناقد لتلميذات الصف الثالث أدبي بالمرحلة الثانوية كلية التربية, جامعة عين شمس القاهرة 1986م([16]).

النتيجة المستخلصة من المنطلق الأول هي:

أن صفة التباين الفطري والجِبِلِّي الذي جُبِلَ عليه الإنسان تعد صفة ملازمة لا تنفك عنه فإن الحوار يصير معها ملازماً لا ينفك عنها وهذا يعطيه أهمية كمشروع مستدام وليس محصوراً بأزمنة محددة وظروف مؤقتة كما هو حال المنطلق الثاني كما سيأتي

المنطلق الثاني: التنازع والصراع بين بني البشر

(النزاع المادي تنشب بذوره بين العقول أولاً قبل أن يتشخص في صورة وقائع وأحداث على الأرض ومن ثم فإن منطق الوقاية والاستباق يقتضي أن نفسح المجال للتنازع العقلي هذا بأن يعبر عن ذاته بالوسائل التي تتفق مع طبيعة القوة العقلية وهذا لا يكون إلا بتبادل الرأي والحوار والجدل وهنا لا نكون بحاجة إلى القنابل والمدافع والسيوف والسكاكين وإنما نصبح بحاجة إلى الحجة العقلية والبرهان المنطقي والعبارة الواضحة المفهومة واللغة المباشرة البسيطة المهذبة, وروح التعارف الإنساني بطانة وجدانية تربط الأجواء وتصل بين العقول مثلما تصل بين القلوب) ([17]) وكما أن الحوار ميزة في الإسلام فإن المسلمون اليوم بأمس الحاجة إليه في علاقتهم البينية وفي علاقتهم مع القوى الدولية. أما في علاقتهم البينة فلما تشهده الدول العربية في الأواني الأخيرة من تطورات مخيفة غير مسبوقة في جبهتها الداخلية من لغة العنف وقوة السلاح والتنازع الحاد على كل الأصعدة, وأما في علاقتهم مع القوى الدولية فبسبب الجهود المبذولة المعادية للإسلام والتي تريد ربط العنف والإرهاب بالإسلام حتى يَحُولُوا بين توجه شعوبهم نحو الإسلام, والمبدأ الأصيل الذي أقره الإسلام في التعاطي مع المخالف هو الحوار ” الكلمة السواء ” وهو الأصل قال الله تعالى:] قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [ آل عمران64 فللحوار قدرات وإمكانات متعددة في توجيه النزاعات نحو الوجهة الصحيحة ولتصحيح مسارها نجمل أهمها:

1- قدرته على الحد من التعصب للآراء والمواقف وتضييق مساحة الخلاف والنزاع واستبدالها بعناصر الوحدة والاتفاق والشراكة, ففي ضمن ساحة الحوار تنتج الوحدة, وبالحوار تذوب أسباب الاستعلاء الذاتي والتعصب الأعمى والاحتقانات النفسية للمغاير في الالتزام والقناعات والأفكار.

2- كونه أهم وسيلة علاجية لحل المشاكل المختلفة ([18]) وذلك من خلال

3- أهم وسيلة لتوسعة مدارك الأفهام واتساع الأفق واكتشاف الأفكار الجديدة ([19]) وذلك من

خلال التعاون وتبادل الخبرات والاهتمامات المشتركة.

وغاية الحوار وأغراضه وأهدافه عديدة ما يمكن الإشارة إليه هنا.

أولاً: غاية الحوار

1- إقامة الحجة([20]) وبيان الحق

قال الحافظ الذهبي([21]) 🙁 إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن دونه، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ) ([22]) والقرآن يقرر هذا المعنى في أكثر من آية قال الله تعالى:].. قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ[ البقرة111, النمل64 وقال الله تعالى:] قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [ آل عمران93 وقال الله تعالى:]…قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي..[  الأنبياء24 وهذا الذي سار عليه علماء الأمة على مر العصور وهو الوصول للحق بعيداً عن المغالبة أو الانتصار للذات ومغالبة الخصم.

2- دفع الشبة والفاسد من القول والرأي([23])

فالحوار غايته وغرضه( تصحيح كلامٍ،وإظهار حجَّةٍ، وإثبات حقٍ، ودفع شبهةٍ، وردُّ الفاسد من القول والرأي )([24]) وهو وسيلة فاعلة( في دحض الشبهات والافتراءات،وفي رد الشاردين والجاهلين والغافلين من أبناء المسلمين إلى حياض الإسلام .. فبالحوار تنفتح مغاليق الشبهات، وبالحوار تدرأ الكثير من مكنونات النفس وتراكمات العقائد الضالة المضللة )([25]) يقول الإمام الشافعي رحمه الله (> وما كلمت أحداً قط إلاَّ ولم أبال بيَّنَ الله الحق على لساني أو لسانه < ([26]) يبني أمره على النصيحة لدين الله،

وللذي يجادله، لأنه أخوه في الدين، مع أن النصيحة واجبة لجميع المسلمين) ([27])

وللحوار أغراض وأهداف أيضاً منها:

إقامة الحق والتعامل مع الغير بالعدل والإنصاف ونبذ العصبية:

سواء بين المسلم والمسلم أو بين المسلم وغير المسلم، ونبذ أسباب التعصب، مع التمسك باللين والحكمة في الخطاب قال الله تعالى:] ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُون [ المؤمنون96 وقال تعالى:] وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ[ فصلت34 مراعاة شخصية الطرف الآخر في الحوار من العناصر التي يضعها الإسلام للحوار مراعاة شخصية طرفي الحوار وإيجاد الأجواء المناسبة له بغية التأمين للوصول إلى الهدف المنشود، وذلك بنبذ التعصب والانفعال سواء كانت فكرة الطرف الآخر وموقفه مؤيدة أو معارضة و(المتتبع للحوارات القرآنية يتلمس فيها المساواة بين طرفي الحوار فعلى الرغم من أن النبي r على حق وأن مناظريه على الباطل إلا أن الله تعالى يوجهه إلى افتراض أنه لا يعلم أيهما على الهدى وأيهما في الضلال أهو أم هم؟ ] قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ [ القصص85 وفي موقف آخر يُصرِّح القرآن الكريم بالمساواة لطرفي الحوار حتى ولو كان ذلك بين فريقين مختلفين في الفكر والعقيدة فيقول الله تعالى:] قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ[ آل عمران64  فهذه الآية تقدم دعوة لأن يكون طرفا الحوار على درجة واحدة من المساواة لا يتميز أحدهما عن الآخر) ([28])

ثانياً: أهداف الحوار.

وقد يسال البعض عن الفرق بين الهدف والغاية فأقول الغاية هي المحطة الأخيرة للأهداف, والهدف ضابط سير البرامج الحوارية كلها للوصول للغاية المنشودة ونشبه الغاية الحوارية برحلة سفر الحوار لنقطة معينة, فالغاية هي محطة وصول المسافر ” أي الحوار ” والأهداف هي محطات التوقف الضرورية للرحلة, الحوار وسيلة ضرورية مفروضة لغاية ضرورية واجبة والغاية منه(الوصول إلى معرفة حكم من الأحكام أو تأصيل فكرة معينة أو استنباط قاعدة من قواعد الشرع) ([29]) أو التوافق على موضوع معين طور النقاش. وقد يرى البعض أن أبرز هدف يمكن أن يحققه الحوار هو (الإقناع بفكرةٍ ما والتأثر بها بعرضها على نحوٍ شائقٍ لافتٍ) ([30]) وفي الحقيقة لا يعني بالضرورة أن هدف الحوار اقتناع الطرف الأخرى بقبول الرأي فقط أو التغلب على الخصم وإنما هو أبعد من ذلك فهو أيضاً إشعار الطرف الآخر بحسن التعاطي مع وجهة نظره وفهمه وقناعاته وعدم ممارسة لغة القهر والإكراه عليه بل كشف وجه الحق والحقيقة له عن طريق عرض الأدلة والبراهين والحجج. ولو تتبعنا القرآن الكريم لوجدنا أنه غطى جميع جوانب الحياة المختلفة وأبرز الأهداف التي عززها هي:

1- تعزيز المهمة الدعوية([31])

في بيان العلاقات المختلفة: كعلاقة الإنسان مع خالقه تبارك وتعالى بتحقيق الإيمان والعبادة والطاعة والامتثال, وعلاقة الإنسان مع الإنسان فكرياً وثقافياً وحضارياً وتنموياً واجتماعياً وغيرها وعلاقة الإنسان بالبيئة المحيطة به من الأرض والكون فبيان هذا كله يتحقق بالحوار بين طرفين قال الله تعالى:] ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [ النحل125 فـ(الدعوة لا توجه للذات وإنما للآخر فهي أسلوب حواري يتطلب من المحاور التزود بالإدراك والتسلح بالمعرفة وإثبات الحجة لإيصال وتبليغ الحقيقة الإلهية لمن يحاوره) ([32]) وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم.

2- إبراز دور اللسان في الخطاب مع الغير في الاتصال والتواصل:

فقد كان موسى عليه السلام يخشي على نفسه هذا الأمر أن لا يقوم اللسان بدوره في الخطاب والاتصال والتواصل كما يجب لذا طلب إسناد الأمر لأخيه هارون عليه السلام قال الله تعالى حاكياً عنه:] وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ [ الشعراء13

لذا سال موسى عليه السلام ربه أن يطلق لسانه ليفقه القوم ما يقول, قال الله تعالى حاكياً عنه:] وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي^ يَفْقَهُوا قَوْلِي[ طه27-28

3- إبراز دور العقل والحجة واللذان هما عماد المحاورة والتحاور

وقد ذكر العقل في القرآن الكريم لفظاً في تسع وأربعين آية وثمانية عشر آية بلفظة التفكر كلها تدعو الإنسان لإعمال عقله في كمل ما يدور حوله قال الله تعالى:] إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَآءِ مِن مَّآء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [ البقرة164 وتحذره من تعطيله لما يترتب من هذا التعطيل من مفاسد كبيره للإنسان فيخسر خسرانا مبينا قال الله تعالى:] وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ[ الملك10

4- إبراز دور التربية والتزكية والتعليم في بناء الإنسان:

قال الله تعالى:] كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ ءَايَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ [ البقرة151 وإطلاق طاقاته المختلفة ليعبد ربه على بينة قال الله تعالى:] وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [ الذاريات56 ويُعَمِّر دنياه قال الله تعالى:] ..وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [ الأعراف129] ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ…[ يونس14] هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً[ فاطر39 وآخرته ] أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ[ المؤمنون115, وقد ذكر القرآن الكريم نماذجاً للحوار التعليمي والتربوي والتزكوي فمنها حوار نبي الله إبراهيم عليه السلام مع ابنه وحوار الخضر مع موسى عليهما السلام

5- تبادل الأفكار والمعارف والتجارب والخبرات والحضارات بين الأفراد والمجتمعات لما فيه خير وصلاح للجميع والحوار أفضل وسيلة لتحقيق هذا كله([33])

قال الله تعالى:] قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً [ الكهف66

6- تقريب وجهات النظر بين الفرقاء وتعميق التفاهم ولانسجام والتناغم بينهم

(والحوار لا يكون إلاَّ مع الأنداد مع الأطراف التي تجمعها الرغبة المشتركة في إجراء حوار تهدف من ورائه إلى تحقيق أهداف معلومة متفق عليها) ([34])

ولا بدَّ أن يكون الحوار بقلب مفتوح فالحوار بقلب مفتوح يتيح للجميع مساحة واسعة للتقارب والوئام بعكس الغلظة التي تؤدي للتنافر والتنازع والافتراق لذلك خاطب الله عزَّ وجلَّ نبيه r بأن لا يكون فظاً غليظ القلب حتى لا ينفض عنه من حوله وبأن يكون ليناً أي رحيماً رقيقاً خلوقاً ( واسع الصدر)([35]) مع من حوله وهي دعوة لفتح القلب للآخر قال الله تعالى:] فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [ آل عمران159

ولابدَّ من الإقرار بحق الاختلاف المتبادل

(إنَّ الاعتقاد بمبدأ تنوع الاختلاف وأن له طيفاً من المعاني والأنواع وأنه ليس شراً بالضرورة, يفسح المجال أمام الناس لتقبل الاختلاف بينهم) ([36]) دون عداء أو تصادم؛ والاختلاف سنة جُبِلَ عليه الإنسان في هذه الحياة فلا بدَّ للناس(أَنْ يختلفوا, فإِنَّ هذا من لوازم الطَّبع البشريِّ لا يمكن أنْ يكون بنو آدم إلَّا كذلك ) ([37]) وهذا (باقً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها) ([38])  وهو(مما لم يرفع عن هذه الأمة) ([39]) والإقرار به أمر لا بدَّ منه وإنما جاء الهدي الإلهي والنبوي لتصحيح مسار اعوجاجه وتوظيفه إيجابياً قال الله تعالى: :] وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ^ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ…. [هود 119,118 (أي ولا يزال الخُلْفُ بين الناس في أديانهم واعتقادات مِلَلَهُم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم)([40]) (وأخلاقهم وأفعالهم) ([41]) وكل(شئونهم الدنيوية والدينية) ([42]) و(لو شاء الله جعل الناس على دين واحد بمقتضى الغريزة والفطرة لا رأي لهم فيه ولا اختيار وإِذَنْ لَمَا كانوا هذا النوع من الخلق المُسمّى البشر؛ بل كانوا في حياتهم الاجتماعية كالنحل أو كالنمل،ولكانوا في الرّوح كالملائكة؛ مفطورين على اعتقاد الحقِّ والطاعة؛ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لا يقع بينهم اختلاف ولا تنازع؛ ولكنّ الله خلقهم بمقتضى حكمته كاسبين للعلم لا مُلْهَمين؛ عاملين بالاختيار، وترجيح بعض المُمْكنات المتعارضات على بعض؛ لا مجبورين ولا مضطرين؛ وجعلهم متفاوتين في الاستعداد وكسب العلم واختلاف الاختيار أما قوله تعالى:] ..وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ.. [ فاللام ليست للغاية فليس المُراد أنه سبحانه خلقهم ليختلفوا، إذ من المعلوم أنه خلقهم لعبادته وطاعته وإنما للعاقبة والصيرورة أي لثمرة الاختلاف خلقهم، وثمرته أن يكونوا فريقين: فريقاً في الجنة، وفريقاً في السعير وقدّ تُحْملُ على التعليل من وجه آخر، أي خلقهم ليستعدَّ كلٌ منهم لشأنٍ وعمل، ويختار بطبعه أمراً وصنعة، مما يَسْتَتِبُّ به نظام العالم ويستقيم به أمر المعاش، فالناس محامل لأمر الله، ويتخذ بعضهم بعضاً سخرياً خلقوا مستعدين للاختلاف والتفرق في علومهم ومعارفهم وآرائهم ومشاعرهم، وما يتبع ذلك من إراداتهم واختيارهم في أعمالهم، ومن ذلك الإيمان، والطاعة والمعصية) ([43])؛ ويقتضي هذا أن يراعي كل طرف الآخر في هذا الاختلاف المتبادل فيتعامل كل منهم على أن الحق والصواب قد يكون عند الطرف الآخر إذا أظهر حججه وبراهينه وهذا ما ننشده جميعاً والحُجَّة تكون بكلام الله وكلام رسوله r  في كل شيء؛ وفي إدارة شئون الحياة وتدبيرها الحُجَّة تكون بما لا يتعارض مع كلام الله وكلام رسولهr من جهة, وبما يحقق النفع العام من جهة أخرى, وليس القناعة المطبقة بأنه على الحق وإنما حواره معه فقط من باب بيان وشرح قناعته وما على الطرف الأخر إلا إتباعه والتسليم له. و(الحوار فن من فنون الكلام والمحادثة وصيغة متقدمة من صيغ التواصل والتفاهم وأسلوب من أساليب العلم والمعرفة ومنهج من مناهج الوعي والثقافة ووسيلة من وسائل التبليغ والدعوة استعمله البلغاء والفصحاء في صناعتهم وعمدت إليه الشعوب في تواصلها وتفاعلها مع غيرها ممن يحيط بهم واختطه المفكرون والمربون أسلوباً ومنهجاً في تعليمهم واعتمده الأنبياء والرسل والمصلحون في دعوة الناس إلى الخير والفضيلة والرشاد) ([44])

 

ومن جهة أخرى فإن دراسة الخلاف أو الاختلاف وبيانه مفصلاً تعدُّ صمام أمان التجانس والتناغم والتكامل بين بني البشر دون ضَرَرٍ أو ضِرَارٍ والتعايش معه كضرورة حياتية وفطرة إنسانية وسنة كونية والتي من خلالها تتلاقح الأفكار وتتقارب الأفهام وتتناغم الآراء وتتوسع مدارك العقول فينطلق الإنسان في هذا الكون مكتشِفَاً له ومستَخْلَفاً فيه فيُسَخِّرُه ويُطَوعه له بأمر من الله لأن الإنسان يساوي الكون من حوله فلا بد أن يتناغم معه حيث يشاكله في اختلافه (وتزعم أنك جرم صغير     وفيك انطوى العالم الأكبرُ) ([45])

– تعد دراسة الخلاف ضرورة حياتية وواجب شرعي ومطلب قانوني في ظل التعايش والتجانس والتكامل والتناغم بين بني البشر دون ضَرَرٍ أو ضِرَارٍ

– ( من الطبيعي جداً في حياة البشر أن يختلفوا في وجهات النظر ويتباينوا في الآراء والأفكار فهذا ليس عيباً علمياً ولا خطأً منهجياً بل هو في الحقيقة خطوة جادة في طريق تصحيح المفاهيم والوصول إلى الحقيقة فليس من الشر أن يختلف الناس في مفاهيمهم ولكن الشر في الإصرار على الخطأ والاستمرار فيه) ([46]) والذي يؤدي بهذا للنزاع المفضي للفشل هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن(الاختلاف بين الناس في أفكارهم وعقائدهم وانتماءاتهم في النظر الشرعي لا يلغي الائتلاف بينهم) ([47]) ولذلك يقال(الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية) ([48]) فـ( لَا يُفْلِحُ من لا يعرف اختلاف الناس )

([49])  والخلاف على قسمين مقبول ومردود

– والخلاف في اللغة يعني: المضادة والمغايرة ([50]) والبدل والتعاقب([51]).

والخلاف في المفهوم الاصطلاحي هو أن يسلك كل طرف مسلكاً يغاير فيه الطرف الآخر ويضادِدُهُ فيه سواءٌ في القول أو الفعل أو الحال أو الهيئة وسواء أفضى إلى نزاع أو لم يفضي

– التركيب الكوني قائم على اختلاف الأشكال والألوان والأحجام والخصائص والوظائف والأداء والمهام وغيرها وكلها تشكل منظومة تكامل دقيق في سير نظام وعمل هذا الكون الفسيح

وحيث أن الإنسان جزء من هذا الكون الفسيح أوجده الله عز وجل في جزءٍ بسيط منه وهي الأرض فاستخلفه فيها قال الله تعالى:] وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً…[ البقرة30 واستعمره فيها قال الله تعالى:]…هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا…[  هود61  وسخر الكون كله للإنسان للاستفادة منه قال الله تعالى:] وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[ الجاثية13 وحيث أن هذا الإنسان جزء من هذا الكون كان له نصيبه من اختلاف الظاهر والباطن فاختلفت معه أشكاله وألوانه وطبائعه ووظائفه وأدائه ورغباته وغير ذلك قال الله تعالى:] وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ[ الروم22

إذا لا بدّ من الاختلاف ويستحيل رفعه وإلغائه فهو دائم وباقي ما بقي الإنسان في هذه الأرض لأنه جزء لا يتجزأ من تركيبته التكاملية في هذه الحياة لسببين

– أولاً: (الخلاف سنة من سنن الله كوناً وقدراً وديناً وشرعاً) ([52]) (لا منجاة منه؛ ذلك لأن الله عز وجل خلق الناس متفاوتين في أفهامهم، وفي مداركهم، وفي قدراتهم) ([53])  وهذا التنوع والتمايز والتفاوت في الناس والطبيعة شَكَّلَ حلقةَ تكاملٍ بين البشر وهو سرُّ تسخير الناس بعضهم لبعض قال الله تعالى:] … وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ[ الزخرف32  على اعتبار أن سُخْرِيّاً من التسخير(أي ليستعمل بعضهم بَعْضاً، ويستخدم بعضُهم بعضاً)([54])

وليس من السخرية التي بمعنى (الاستهزاء) ([55]) والازدراء  فالتسخير لا يقتصر عند حد (الخدم) ([56]) كما فسره البعض بل هو تسخير شامل فالكل سُخِّرَ للكل بما آتى الله كلَّ منهم من تنوع واختلاف

الخلاف الموجود فِي البشرية عموماً هو فطرة جبلوا عليه وهو سنة كونية لا مناص عنه ولن يرفع عن البشرية فهو باق ما بقي الإنسان على الأرض وفي النظر لقوله تعالى:]وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ^ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ…[ هود119,118 فمنهم من جعل قوله ” وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ” عائدة على ” مُخْتَلِفِينَ ” فصار المعنى(للاختلاف خلقهم) ([57]) ومنهم من جعل قوله ” وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ” عائدة على قوله ” إِلاَّ مَن رَّحِمَ ” فصار المعنى (إلا أهل رحمته, فإنهم لا يختلفون, ولذلك خلقهم)([58]) فـ(لم يخلقهم ليختلفوا، ولكن> خلقهم للجماعة والرحمة<([59])) ([60]) فـ(الذين رحمهم لم يختلفوا) ([61]) وقوله تعالى:] وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ[ الروم22  فاختلاف الألسن باللغة والصوت والنغمة أو لون البشرة (أَبيض وأحمر وأسود) ([62]) وغيره كل هذا الاختلاف (ظاهر لا يخفى) ([63]) ويتضح جلياً حتمية الخلاف وملازمته للبشرية فيما روي[عن سنان بن أبي سنان، أنه سمع حسين بن علي، يحدث، أن النبي r خبأ لابن صياد دخانا، فسأله عما خبأ له، فقال: دخ فقال: « اخسأ فلن تعدو قدرك »- أجلك – فلما ولى قال النبي r: ما قال: فقال بعضهم: دخٌّ، وقال بعضهم: بل قال: ريحٌ، فقال النبي r:« قد اختلفتم وأنا بين أظهركم، وأنتم بعدي أشد اختلافاً] ([64]) والشاهد قوله r ” وأنتم بعدي أشد اختلافاً ” بيان واضح لحتمية الخلاف وبالمقابل تأتي معه (حتمية الحوار) ([65]) ووجوبه للخروج من دائرة الخلاف إلى دائر الوفاق والاتفاق

ثانياً: أما مسألة ديمومة الخلاف فقد قال الله تعالى:] وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ[ هود118 في كل شيء في خَلْقِهْم وخُلُقِهم في شقاوتهم وسعادتهم في شكلهم ومضمونهم مختلفين في العقائد والقناعات والأفكار والثقافات والعقول والأفهام وغيره

وقد أقسم الله بالسماء ذات الحبك على الخلاف الذي عليه الإنسان قال الله تعالى:] وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ^إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ[ الذاريات7-8 والمقسوم به من جنس المقسوم لأجله فذات الحبك تعنى (ذات الطرائق)([66]) المختلفة و(ذات الزينة) ([67]) و(الخلق الحسن) ([68])  و(ذات بنيان متقن محكم) ([69]) فكما أن السماء ذات طرائق مختلفة فالناس كذالك هي مختلفة في كل شيء وهذا ديدنهم([70]) وحتمية الخلاف لا تعني إغلاق باب الائتلاف فالائتلاف هو المقصد  والهدف المرجو.و من يستعرض خارطة الأزمة يجدها أن تلك الفترة كانت فترة عصيبة جداً والقفز للأمام بخطوة  جلالة الملك الحسن الثاني وأشبه الخطوة التي قام بها جلالة الملك في تنفيذ مشروع المسيرة الخضراء في ظل هذا التباين الرهيب كمن يقفز بين جبلين شاهقين بينهما هاوية سحيقة ولا يجتازها إلا رياضي محترف يتمتع بأعلى درجات اللياقة ومن هذا المنطلق نبين كيف كانت منهجية الحسن الثاني رحمه الله في تدبير قضايا الخلاف عن طريق الحوار وقبل أن ننطلق في استعراض منهجيته رحمه الله  في تدبير قضية الصحراء المغربية كنموذج لهذا التدبير دعونا أولاً نستعرض خارطة الأزمة التي كانت تحيط بجلالته رحمه الله وبالوطن برمته في السبعينات والتي كانت بمثابة زلازل مدمرة والتي اسميها بأصابع كف الرعب في مصير المملكة المغربية وهي:

1- المعارضة والتي وصلت لحد فواهت بركان بدأ يقذف حممه

2-  اختراق نسبي لبعض وحدات الجيش المغربي ومحاولة شيطنته ليقوم بالانقلاب على الحكم الملكي من الداخل.

3-  أسبانيا  ومطامعها في إنشاء دولة الصحراء المستقلة الوهمية والتي تكون تحت الوصاية المباشرة لإدارة مدريد.

4- رقص الجزائر على وتر الجميع ممثلة برئيسها هواري بومدين وحكومته والتي كانت مواقفه مثل موج البحر الهائج مد وجز مرة يعلن أنه مع المغرب وأخرى أنه مع أسبانيا  مرة حمامة سلام مع المغرب ومرة تسونامي مدمر لها وهكذا.

5-  ليبيا وجنون القذافي في إسقاط الحكم الملكي وظم المغرب تحت حكمه ودمجها مع ليبيا.

6- مخاوف موريتانية والتغرير بها في أن تُضم وتصبح إقليم مغربي ضمن التوسع المغربي الذي كان يروج حينها لمنع التقارب بينهما على قاعدة فرق تسد.

7-  بالإضافة لمعركة التنمية الشاملة التي كان يتطلع لها الشعب المغربي في تلك الفترة. فكل هذه الأشياء كانت تمثل زلزالاً مدمراً وبركاناً نشطاً جداً يضع المغرب والنظام الملكي والسيادة الوطنية ووحدتها وسلامة أراضيها في مهب الريح وفي خبر كان وسأبين هذه الأمور وكيف كانت على ارض الواقع وكيف توالت وتسلسلت فقد خاض جلالته رحمه الله في إدارة الأزمة وخرج منها بنجاح أذهل الجميع وسأعتصر واختصر هذا الملف الطويل العريض المليء بالمحطات والمنعطفات والأحداث الشائكة والتي أصبحت مؤلفات تروى ولا تطوى واذكره على هيئة نقاط ومحطات منهجيته في فكفكة ألغام خصومه التي كانوا يزرعونها له وللوطن في طريقه فكيف تعاطى جلالته رحمه الله وكيف كانت منهجيته في تدبير قضية الصحراء وإدارة أزمتها فمنطلقها كانت حينما (أظهرت أسبانيا  نيتها في ظم إقليم الصحراء عبر إنشاء حزب سياسي وتنظيم استفتاء بين سكان الصحراء قصد الإعلان عن الارتباط بينها وبين الصحراء رأى الحسن الثاني أن الأمر يحتاج إلى إعداد فريق متكامل لمواجهة أسبانيا  وقطع الطريق أمام طموحات الجزائر الظاهر منها والمستتر وتذكر الملك وعود القيادة الجزائرية حين وقع المغرب والجزائر اتفاقية الحدود وما أعقبها من تراجع بومدين عن كل التزاماته مما جعل المغرب الخاسر الأساسي في تلك الاتفاقية) ([71]) فقام بعدة تدابير وكانت له عدة محطات نبرز أهمها:

1- عقد ندوة صحفية مطولة بالرباط قبل انعقاد مؤتمر القمة العربية السابعة وكانت الندوة الصحفية في 18/9/1974 وتعد من أطول الندوات التي قام بها جلالة الملك الحسن الثاني والتي افتتحها بعرض مطول حول قضية الصحراء وأعلن فيها بأن المغرب تتقدم للأمم المتحدة بسؤال حول وجود أو عدم وجود خلاف بينه وبين أسبانيا  في موضوع الصحراء وتساءل هل وجدت أسبانيا  الصحراء أرضا خلاء عند احتلالها إنَّ هذا الإدعاء يقول الملك عرضناه على محكمة العدل الدولية بواسطة الأمم المتحدة ونحن ننتظر حكمها ومما قاله الملك أيضاً لا أنوي تسجيل مشكل الصحراء رسمياً في جدول أعمال مؤتمر القمة العربية وإذا أثارت دولة عربية هذا الموضوع فلن نعارض في ذلك وأنا على يقين أنه في حال أية مواجهة مع أسبانيا  فإنني سأجد عشرين علماً عربياً تقف إلى جانبنا.. استعرض الملك تاريخ مطالبة المغرب باسترجاع الصحراء وتحدث عن مؤتمري ” نواديبو” وأكادير ونظرا لعدم اتفاق وجهات النظر خاطب الملك الرئيسين الجزائري والموريتاني بقوله ” لقد تحمَّلتُ الكثير لتحسين علاقاتنا معكما وإذا كانت هناك دولة إفريقية قدمت تضحيات كثيرة من أجل تحسين علاقاتها مع الجزائر وموريتانيا فهي المغرب.. إني لا أريد أن تذهب هذه الجهود سدى وأن يتحطم ذلك بسبب قضية الصحراء… لذلك فسوف نسترجع حريتنا في العمل فيما يخص تحرير هذه المنطقة “وأضاف الحسن الثاني ” أما بالنسبة لأسبانيا فلم يكن أمامنا ستة وثلاثون من الحلول هناك حل واحد هو الحوار ثم الحوار ودائماً الحوار….تجنباً لأية مواجهة وحفاظاً على الصداقة المغربية الإسبانية…” وقال الملك “…قدم المغرب للأمم المتحدة ومن خلالها لأسبانيا الاقتراح التالي… بما أن الحكومة الإسبانية تدَّعي أن الصحراء لم تكن مِلكاً لأي أحد… وكانت أرضاً مواتاً أو تركة لا وارث لها…فإن المغرب يقول عكس هذا الإدعاء…لذلك فإننا نطالب تحكيم محكمة العدل الدولية…فإذا ما صرحت بأن المغرب له رسوم الملكية القانونية… فسأطلب من الأمم المتحدة أن تقترح علينا وعلى أسبانيا التفاوض مباشرة…وبذلك سنبدأ الحوار مع أسبانيا …ومع أصدقائنا الموريتانيين لأننا سنصبح…بلدين متجاورين ([72])

2- عقد مؤتمر القمة العربية السابع في الرباط وذلك بين26-30/10/1974م والذي أعلن فيه الرئيس الجزائري بومدين أمام الملوك والرؤساء ” أنه يؤيد تحرير الصحراء من الاستعمار كما يؤيد أي حل يتوصل إليه المغاربة والموريتانيون..” وأعلن أيضاً ” أنه ليست للجزائر أية أطماع في الصحراء وأنه يؤيد عودتها إلى المغرب وموريتانيا وأنه مستعد لدعم البلدين لتحريرها…ثم تغير موقفه عندما اتفق المغرب وموريتانيا وكونا جبهة واحدة ضد الأسبان فأعلن الحرب عليهما ” ([73]) 3- عقد جلالة الملك الحسن الثاني ندوة صحفية بعد مؤتمر القمة العربية السابعة ومما قاله فيما يخص قضية الصحراء ” لقد قررنا موريتانيا والمغرب عدم إعطاء أية فرصة أو إمكانية لأي شخص بأن يقول إننا لسنا متفقين لذلك فقد قضينا على كل ابهام…” وأضاف “…لقد تناول الرئيس هواري بومدين الكلمة وقال…إن الجزائر ليست معنية بالأرض…وليست لها أية مطامع ترابية وهي تساند الاتفاق المغربي الموريتاني…إن الجزائر بدورها وعلى لسان رئيسها أرادت أن تضع حداً لهذا الإبهام…” وفيما يخص موقف الدول العربية فقد قال”… إعلان الدول العربية والتزامها بالوقوف إلى جانب الدولتين المعنيتين وهما المغرب وموريتانيا وجدد استعداد المغرب للحوار المباشر مع أسبانيا …بكامل الصبر…أما إذا قرر المغرب أن يركب طريقاً آخر فإنه سيركبها…وقد وعد الملوك والرؤساء العرب بمنساندة المغرب وموريتانيا ودعمهما بكل ما لديهم من قوة وإمكانات…” ([74])    4- في يناير/1975 قبلت محكمة لاهاي التحكيم الذي طالب به المغرب في موضوع الصحراء وهو المقترح الذي تبنته الأمم المتحدة وطالبت المحكمة الدول الأعضاء تقديم ما تراه مفيداً من المعلومات والوثائق والذي كانت فيه المحكمة مطالبة بأن تجيب على سؤالين…الأول هل كانت الساقية الحمراء ووادي الذهب أثناء الاحتلال أرضاً بدون مالك؟ والسؤال الثاني ما هي الروابط القانونية للصحراء مع المملكة المغربية ومع موريتانيا وأعلنت المحكمة أنها ستدلي برأيها بعد ستة أشهر أي في أكتوبر أو نوفمبر وفي 22/5/1975م أقرت المحكمة بوجود نزاع قانوني بين أسبانيا  والمغرب- وفي خطاب العرش في 3/3/1975م تناول الملك الحسن الثاني ملف الصحراء ذكَّر بنوايا أسبانيا بإقامة كيان مصطنع في الصحراء وباستمرارها في اتخاذ عدداً من المبادرات…دون…” أن تعير أي اهتمام لما لنا من سيادة في الصحراء المغربية الخاضعة للاحتلال”…ذكَّر بقبول الأمم المتحدة ثم محكمة العدل الدولية بما تقدم به المغرب لمعرفة وجهة نظرها القانونية الصرفة… وأضاف قائلاً “…بأنه ثار ثائر أسبانيا وطاشت أحلامها عندما رفع المغرب مذكرة إلى الأمم المتحدة يطالب فيها بأن ترد إليه مدينتي ” سبته” و” مليلية” وجزر ملوية وغيرها…لذلك لجأت إلى الوعد والوعيد والتهديد وحشدت الجنود والأساطيل الحربية والجوية واستخدمت كل أساليب الترهيب وختم الملك الراحل الحسن الثاني الملف المتعلق بالصحراء مؤكداً بقوله”…وإذا كانت الحكومة الأسبانية مصرة على مواقفها من جنوب مملكتنا وشمالها متمادية في التمويه والتضليل والتنكر للتوصيات والقرارات فإننا مصرون من جهتنا على المطالبة بحقوقنا المشروعة في المنطقتين معاً ولن يهدأ لنا بال ولن يقر لنا قرار إلا يوم تجلو جيوش الاستعمار عن مناطقنا وتتكامل وحدة تراب وطننا….” ([75]) وقد تضافرت عدة عوامل لإضعاف جبهة أسبانيا أهمها

1- تدهور الوضع في إقليم الصحراء

2- وصول قادة حزب الاتحاد الصحراوي للرباط وتجديدهم البيعة لملك المغرب

3- وصول بعثة تقصي الحقائق وزيارتها للمغرب واطلاعها عن قرب حقيقة مجريات الأمور وخاصة المعاناة الإنسانية للاجئين ومما يجدر ذكره ما نقل المراسل الفرنسي تصريح أحد اللاجئين الذي قال له جريمتنا الوحيدة تتجلى في كوننا أعلنا المنطقة التي نعيش فيها يجب أن تلتحق بالوطن الأب وأن الصحراء ينبغي أن تعود إلى المغرب

4- التخبط الداخلي في حكومة الجانب الاسباني وتدهور جبهتها الداخلية مما جعل الحكومة تصدر في 24/5/1975 بلاغاً أعلنت فيه عزمها على إنهاء وجودها في الإقليم واعترف التصريح بأن الوضع في الصحراء يسير نحو التدهور تدريجياً وذلك بسبب التوترات والغموض وعدم الاطمئنان الذي وقع خلال الأسابيع الأخيرة ولذلك أعربت حكومة مدريد عن عزمها على التعجيل بنقل السلط ووضع حد بصورة نهائية للوجود الاسباني في تلك المنطقة كما أكد البلاغ أن الحكومة الاسبانية وجهت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة تقترح فيها استدعاء ما سمته مؤتمر الأطراف المعنية وإيفاد مراقبين أممين إلى المنطقة كل هذا جعل الحكومة الاسبانية تجمد كل مبادراتها في الصحراء وهو القرار الذي صادقت عليه الجمعية العمومة للأمم المتحدة في انتظار رأي محكمة لاهاي وكان مغزاها بهذا كله عرقلة قرار المحكمة ولكنه قوبل من قبل جلالة الملك الحسن الثاني بان أعطى الضوء الأخضر للحكومة لتقوم بالدور الوطني فكان منها أن أصدرت بياناً قالت فيه “…أنه أمام الأوضاع التي تنوي أسبانيا خلقها بحكم مبادراتها فإن المغرب وطيد العزم في جميع الأحوال على التحمل الكامل للمسؤوليات المناطة به تاريخياً وقانونياً والتفاف الشعب المغربي قاطبة حول عاهله للدفاع عن المملكة وحوزة ترابها وطالب البلاغ المغربي الرأي العام العربي والأفريقي والدولي أن يعير كامل اهتمامه إلى خطورة معطيات السياسة الاسبانية وعواقبها المتوقعة على سلامة المنطقة وأمنها وتتجلى حنكة ودهاء الحسن الثاني في أكثر من محطة ويأتي دوره في فكفكت ألغام الخصوم السياسية والدبلوماسية واللوجستية والقانونية منها:

أ-  ما يتجلى في إدراكه رحمه الله لمجريات الأمور وما يدور في الكواليس والأدوار المختلفة لاختطاف القضية ووضعها في الحاضنة الاسبانية بجبهة داخلية وذلك حينما قامت قوى البوليساريوا باختطاف مجموعة من الضباط والجنود الأسبان كي تأتي وتعلن أمام بعثة الأمم المتحدة أنها تريد الاستقلال فقال الملك في هذا أقول لأسبانيا أنني آمل أن تعاملي مختلف أطراف الرأي العام الصحراوي على قدم المساواة

ب- في عيد الشباب انتقد الحسن الثاني جارته الجزائر دون ذكر اسمها في تقديمها الغطاء الخفي لتمييع القضية أمام محكمة لاهاي وذلك بقوله “… لقد تربص بنا المتربصون وحاولوا أن يقنعوا المحكمة أنه ليس هناك مشكل قانوني قائم بين المغرب وبين أسبانيا …لكن مرة أخرى واكبهم الفشل وأصبحت المحكمة بتعيينها قاضياً خاصاً بالمغرب تعترف قانوناً بأن هناك نزاعاً قانوناً بين المغرب وأسبانيا …”

ت- في سيناريوا طويل جداً في دعم القذافي للبوليساريوا اللامحدود والضرب بالمدفعية الليبية طويلة المدى ومطمع القذافي ليس في إقامة دولة الصحراء وإنما في إسقاط النظام الملكي المغربي برمته وإطلاله على المحيط الأطلسي فكر طويلاً جلالة الملك الحسن الثاني في إسكات المدفعية الليبية ووئد القذافي وفاجأ العالم بأسره في موافقته للوحدة مع القذافي في مدينة وجده على مرمى حجر من الجزائر لقد فوجئ العالم بوحدة نظاميين لا يقبل المنطق السليم التقارب بينهما فضلا عن الوحدة بينهما والاندماج بعث الأمريكيون والأوربيون وكثير من الدول العربية رسائل للحسن الثاني للاستفسار والاحتجاج والإدانة لمشروع وحدوي جنوني ولكن الملك ظل صامتاً وصابراً ينتظر نتيجة هذه الوحدة على أرض الصحراء بعد أسابيع وشهور لاحظت الاستخبارات المغربية أن المساعدات العسكرية الليبية قد قلت إن لم تكن قد توقفت وتعمد القذافي أن يستدرج الحسن الثاني لفخ جديد وذلك في جعله يشارك في الحفل الجمهوري حفل الثورة الليبية التي أسقطت الملكية ولكن كان دهاء الحسن الثاني أكبر وذلك في إقناع القذافي انه سيحضر الاحتفالات وأكد أنه سيبعث بوحدات من الجيش المغربي للمشاركة في الاستعراض كانت رسالة الملك واضحة مفادها أنتم تحتفلون بسقوط الملكية لكن هاهو ذا الجيش الملكي المغربي يخترق شوارع طرابلس عربوناً عن قوة الملكية المغربية والرسالة الأخرى هي أن الجيش المغربي الذي تآمرتم عليه وأوقعتم في صفوفه آلاف الشهداء والجرحى والأسرى ها هو ذا يقتحم دياركم ويستعرض قواته في عاصمتكم ـ

ث- عند صدور حكم محكمة لاهاي أوقع الجميع في حيرة أسبانيا  والجزائر والمغرب الجميع يشيد بالقرار ببلاغ رسمي ويفسره بأنه يخدم هدفه ومبتغاه أسبانيا والجزائر تشير بما تضمنه الحكم من إشارة إلى تقرير المصير واعتبرته خذلاناً لموقف المغرب ودليلاً على عدم وجود أية علاقة له مع إقيلم الصحراء وأنه أنهى بصفة قطعية مزاعم المغرب وموريتانيا وادعاءات المغرب التوسعية بالمقابل وزارة الإعلام المغربية تصدر بلاغاً تنوه فيه بقرار المحكمة وأنه فصل في النزاع بين المغرب وأسبانيا بصورة لا يشوبها أي غموض أو التباس والرأي العام مضطرب من هذا العرض الكل يدعى انه منتصر فأصبح الرأي العام المغربي يترقب بفارغ الصبر كلمة جلالة الملك الحسن الثاني وهنا تجلت حنكة الرجل وقدرته على العصف بمجريات الأمور فابتدأ كلمته وخطابه بتلاوة قوله تعالى:] وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً [ الإسراء81 بهذا الاطمئنان وهذا المدخل هيَّأ الحسن الثاني لما هو مقبل عليه بقوله “اعترفت المحكمة أن هناك روابط قانونية وروابط بيعة بين المغرب والصحراء ” وأضاف إنني أفسر القانون الدولي الإسلامي بأن هناك الروابط القانونية وهناك روابط البيعة فيمكن مثلاً أن نكون محتلين أرضاً ومستعمرين لها وبيننا وبينها قانونا ينظم المعاملات ولكن لم تكن بيعتها في عنقها وقد وقع هذا في تاريخ المغرب…أما هنا فقد قالت محكمة العدل.هناك روابط قانونية وروابط بيعة بين المملكة المغربية وبين الصحراء..وعلق الملك على هذا القرار قائلا..” إن البعض سيقول أن المحكمة لم تقل روابط سيادة..وما هو الفرق بين السيادة وروابط البيعة؟ لقد أدخلوا الفرح إلى قلبي ويقصد قضاة المحكمة لأنهم باستعمالهم نص البيعة استعملوا ما هو مناسب للتاريخ الذي استعمرت فيه الصحراء…” هكذا اقتنص الحسن الثاني البيعة التي تجاهلها الجميع وبنى عليها هرماً قانونياً معتمداً على المفهوم الإسلامي الذي يعتبر البيعة عقداً بين الحاكم والمحكوم باعتباره ارتباط اختياري وحر بين المتعاقدين معززاً كلامه بالدراية والمعرفة أنه لا يوجد قاعدة في القانون الدولي يقضي بأن يكون هيكل الدولة بشكل أو نمط معين أو مخصوص فقلب بذلك المجن على خصومه وفاجئ بها الجميع لقد نسفت المحكمة النظرية الاسبانية في الاستعمار من القواعد في أجابتها بطريقة غير مباشرة على السؤالين التي طرحتها المغرب على محكمة العدل الدولية السؤال الأول هل عند احتلال أسبانيا للصحراء وجدتها أرضاً خلاء كما تدعي؟ قالت المحكمة بإجماع أعضائها ” الأرض لم تكن خلاء ” وبهذا الجواب أطاحت بالنظرية الاسبانية في الاستعمار والذي كان يعتبر الاحتلال بالقوة سندأ شرعياً على اعتبار بأن الغلبة للقوة والسلاح والقهر وبهذا سقط العمود الأول الذي بنت عليه أسبانيا مشروعها في الملف. السؤال الثاني ما هي العلاقة بين الأقاليم والمملكة المغربية؟ فكان جواب المحكمة هناك روابط قانونية وروابط بيعة بين المملكة المغربية وبين الصحراء ويختتم خطابه بتحويل مسار القضية في الوجة التي يريد فيلهب حماس شعبه ويحوله إلى سير جرار يجرف كل مشاريع الخصوم فيقول “…وبهذا المنطلق وهذه الثقة تابع خطابه وكأمير للمؤمنين وبما أن بيعة الصحراويين لي باقية في عنقهم فعلي إذن أن أقوم بواجبي والتحق بشعبي في الصحراء…” وبهذا وفرَّ الحسن الثاني التغطية الدينية والقانونية والوطنية والإعلامية لمشروعه ومشروع شعبه وعصف بكل مؤامرة خصومه من جهةٍ وكان الضرف المناسب لتحويل الشعب لثورة انتفاضة ولكنه يريدها ثورة سليمة غير دموية تحقق الغرض بكل حزم وعزم وقوة واقتدار فأعلنها مدوية علينا أن ننظم مسيرة خضراء كرجل واحد في نظام وانتظام لنلتحق بالصحراء ولنصل الرحم مع إخواننا في الصحراء مسيرة تضم 350 ألف متطوع مسيرة بدون سلاح تدوم خمسة عشر يوماً فلم يعد لأسبانيا دخل في المسألة ثم ألهب شعبه بقوله “إني أنتظر من الشعب التطوع للمشاركة في هذه المسيرة وأن عُشْرُ المشاركين يكون من النساء.

ومن هنا بدأ الإعلان بالمسيرة الخضراء التي أربكت حساب الجميع الأسبان والأوربيون والعرب وغيرهم واعتبروا الإعلان من باب الحرب الإعلامية ليس إلاَّ وقد ولُدِتْ المغرب بهذا الحدث ميلاداً جديداً أشبه بميلاد الاستقلال.

([1]) ذاكرة ملك الحسن الثاني حوار أجراه الصحفي إيريك لوران من خلال جريدة الشرق الأوسط واعتنى به وفي إخراجه ونشره الشركة السعودية للأبحاث والنشر,ص111

([2]) الحوار مع الغرب آلياته- أهدافه- دوافعه تأليف كل من أ.د منى أبو الفضل, د/ أميمه عبود, أ.د سليمان الخطيب الطبعة الأولى 1429ه 2008م ص 67.

([3]) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي، الأذرعي الصالحي الدمشقي المتوفى: 792هـ تحقيق: أحمد شاكر الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية، والأوقاف والدعوة والإرشاد الطبعة:الأولى, 1418هـ 1/90؛ نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد للدارمي السجستاني المتوفى 280هـ الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع تحقق: رشيد بن حسن الألمعي الطبعة:الطبعة الأولى 1418هـ – 1998م, 1/440؛ التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين, لطاهر بن محمد الأسفراييني، أبو المظفر المتوفى:471هـ تحقق: كمال يوسف الحوت,الناشر: عالم الكتب– لبنان,الطبعة: الأولى1403هـ1983م,1/155؛ إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل لأبي عبد الله، محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الشافعي، بدر الدين المتوفى: 733هـ تحقق: وهبي سليمان غاوجي الألباني الناشر: دار السلام للطباعة والنشر – مصر الطبعة:الأولى، 1410هـ – 1990م,1/74. والحديث رواه البخاري في كتاب بدأ الخلق بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:] وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ[ الروم:27, من حديث عمران بن حصين برقم 3191 ,4/105.

([4]) الحوار دائماً وحوار مع مستشرق للدكتور شوقي أبو خليل, دار الفكر المعاصر بيروت- لبنان- دار الفكر دمشق- سورية- الطبعة الرابعة 1427ه- 2006م.

([5]) جدلية الحوار قراءة في الخطاب الإسلامي المعاصر للدكتوراه مريم آيت أحمد, الطبعة الأولى2011,مطبعة النجاح- الدار البيضاء- المغرب ص40

([6]) مرجع سابق: الحوار منهجاً وثقافة أ.د سعيد إسماعيل علي,.ص16.

([7]) الإسلام أصوله ومبادؤه محمد بن عبد الله بن صالح السحيم الأولى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد- السعودية تاريخ النشر1421هـ 1/72.

([8]) التفسير الوسيط للقرآن الكريم- محمد سيد طنطاوي, دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة- القاهرة

الطبعة: الأولى1/457؛ المرجع السابق: الإسلام أصوله ومبادؤه لمحمد بن عبد الله بن صالح السحيم 1/72.

([9]) دروس رمضان  للشيخ محمد إبراهيم الحمد, الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات ص175.

([10]) الأحكام الشرعية للثورات العربية- علي بن نايف الشحود, الطبعة:الأولى1432ه2011م1/487؛ مفهوم الحرية بين الإسلام والجاهلية- علي بن نايف الشحود,الطبعة:الأولى1432ه2011م1/10.

([11])لمحات في الثقافة الإسلامية- عمر عودة الخطيب, مؤسسة الرسالة, الطبعة: الخامسة عشرة 1425ه 2004م1/5.

([12]) الحوار شريعةً وواقعاً وتاريخاً ص10, للدكتور منير محمد الغضبان- دار السلام للطباعة والنشر التوزيع والترجمة- الطبعة الأولى 1432ه2011م.

([13]) الحوار في الإسلام بين نحن ونحن والآخر تأليف الشيخ/ محمد عبده عمر والشيخ/ يحيى عبد الله قحطان الطبعة الأولى: 1434ه 2013م- المتخصص للطباعة والنشر- صنعاء ص 386.

([14]) البهي نجا إبراهيم الخولي كتاب آدم عليه السلام فلسفة تقويم الإنسان وخلافته- الطبعة الثالثة 1974م, مكتبة وهبه القاهرة ص 114, انظر الحوار منهجاً وثقافة أ.د سعيد إسماعيل علي ص21-22مرجع سابق, ونشر وتنمية وتطوير ثقافة الحوار في المؤسسات التربوية إعداد مكتب التربية العربي لدول الخليج كتاب (الدراسة) ص 59,58

([15]) مرجع سابق: الحوار الذات…والآخر د. عبد الستار الهيتي :كتاب الأمة ص41.

([16]) مرجع سابق: انظر الحوار منهجاً وثقافة أ.د سعيد إسماعيل علي ص25-26.

([17]) نشر وتنمية وتطوير ثقافة الحوار في المؤسسات التربوية- إعداد مكتب التربية العربي لدول الخليج مشروع تطوير التعليم ص44

([18]) انظر روعة الحوار كيف تصبح أفضل المحاورين- تأليف إسلام نور الدين – دار الكنوز للنشر والتوزيع الإسكندرية- مصر- الطبعة الأولى 2009م ص9-12.

([19]) المرجع السابق ص9-12.

([20]) مرجع سابق: وسطية الإسلام ودعوته إلى الحوار أ.د. عبد الرب نواب الدين آل نواب ص14

([21]) هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز سنة 673 وأصله تركماني، من أسرة تركمانية تنتهي بالولاء إلى بني تيم. وقد نشأ الذهبي- رحمه الله- في عائلة علمية متدينة سير أعلام النبلاء للذهبي-1/13.

([22]) المرجع سابق: وسطية الإسلام ودعوته إلى الحوار أ.د. عبد الرب نواب الدين آل نواب ص26.

([23]) المرجع سابق: وسطية الإسلام ودعوته إلى الحوار أ.د. عبد الرب نواب الدين آل نواب ص26. أصول الحوار وآدابه في الإسلام صالح بن عبدالله بن حميد ص14

([24]) المرجع سابق: وسطية الإسلام ودعوته إلى الحوار- أ.د. عبد الرب نواب الدين آل نواب ص20؛ الحوار مع أتباع الأديان- مشروعيته وآدابه- المؤلف: منقذ بن محمود السقار,الناشر: رابطة العالم الإسلامي1/8.

([25]) مرجع سابق: وسطية الإسلام ودعوته إلى الحوار أ.د. عبد الرب نواب الدين آل نواب ص3.

([26]) المدخل إلى السنن الكبرى- أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي,

تحقيق: د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي, دار الخلفاء للكتاب الإسلامي- الكويت باب أقاويل الصحابة رضي الله عنهم إذا تفرقوا فيها ويستدل به على معرفة الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر فقهاء الأمصار1/170؛ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء- أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني, الناشر:السعادة- بجوار محافظة مصر1394ه1974م 9/118؛ صفة الصفوة- جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي, تحقيق: أحمد بن عل, دار الحديث، القاهرة، مصر,الطبعة 1421ه2000م 1/435.

([27]) الفقيه والمتفقه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي,تحقيق: أبو عبد الرحمن عادل بن يوسف الغرازي, دار ابن الجوزي- السعودية, الطبعة:الثانية1421ه 2/240.

([28]) مرجع سابق: الحوار الذات…والآخر د. عبد الستار الهيتي :كتاب الأمة ص62.

([29]) مرجع سابق: الحوار الذات…والآخر د. عبد الستار الهيتي :كتاب الأمة ص42.

([30]) الحوار في القرآن الكريم خصائصه التركيبية وصوره البيانية رسالة علمية دكتوراه للدكتور محمد إبراهيم شادي حصل فيها على امتياز مع مرتبة الشرف الأولى عام 1984م- دار القين للنشر والتوزيع – مصر- المنصورة- الطبعة الأولى1431ه2010م ص19.

([31]) مرجع سابق: الحوار الديني الإبراهيمي في ميزان القرآن للدكتور/ علي محمد صالح عبد الله ص331.

([32]) مرجع سابق: جدلية الحوار قراءة في الخطاب الإسلامي المعاصر للدكتوراه مريم آيت أحمد ص45.

([33]) انظر الحوار آدابه وأهدافه للشيخ/ منصور الرفاعي عبيد مرجع سابق.

([34]) الأمة الإسلامية في مواجهة التحدي الحضاري د عبد العزيز بن عثمان التويجري منشورات رمسيس الرباط سلسلة شهرية المعرفة للجميع العدد الثالث 1419ه1999م ص111-112.

([35]) مرجع سابق: انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي ص504

([36]) الاختلاف والتعارف في ضوء علم النفس المعاصر للدكتور سامر عرار , دار الفكر دمشق- سوريا- دار الفكر المعاصر بيروت- لبنان, الطبعة الأولى 1433هـ2012م,ص9.

([37]) مرجع سابق: مجموع الفتاوى لابن تيمية, كتاب التفسير باب فصل الدعاء المذكور في آخر سورة البقرة 14/150.

([38]) كيف نختلف للدكتور سلمان بن فهد العودة إصدارات الإسلام اليوم-فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية- الطبعة الأولى: 1433هـ ص45.

([39]) اختلاف الإسلاميين الخلاف الإسلامي- الإسلامي ” حالة مصر نموذجاً ” احمد سالم باحث في الدراسات الإسلامية والفكر المعاصر , مركز نماء للبحوث والدراسات بيروت لبنان- الرياض ص14

([40]) مرجع سابق: تَفْسِير القرآن العظيم لابن كثير4/310,

([41]) انظرغرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري مرجع سابق4/59.

([42]) مرجع سابق: تفسير المراغي12/98.

([43]) أصول الحوار وآدابه في الإسلام صالح بن عبدالله بن حميد ص4

([44]) مرجع سابق: الحوار الذات…والآخر د. عبد الستار الهيتي :كتاب الأمة ص31.

([45])قالها الإمام علي كرم الله وجهه بيان المعاني ” مرتب حسب ترتيب النزول ” عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني,مطبعة الترقي,دمشق,الطبعة:الأولى1382ه1965م,التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم- مجدي الهلالي,دار السراج,الطبعة:الأولى1430ه2009م1/11,وكتابه عودة الروح ويقظة الإيمان بالبيانات السابقة1/15,نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن- أحمد بن محمد بن علي بن إبراهيم الأنصاري الشرواني,مطبعة التقدم, العلمية،مصر,الطبعة:الأولى 1324هـ1/75,وَقَفَاتٌ على الطَّريق- علي بن نايف الشحود,الطبعة:الثانية،مزيدة ومنقحة1431ه2010م1/295.

([46]) مرجع سابق: الحوار الذات…والآخر د. عبد الستار الهيتي :كتاب الأمة ص47.

([47]) النظر الشرعي في بناء الائتلاف وتدبير الاختلاف دراسة تأصيلية تحليلية أ.د مِحْمَاد بن محمد رفيع أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة بجامعة محمد بن عبد الله بفاس- المغرب, دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة, الطبعة: الأولى 1433ه2012م ص7.

([48]) مرجع سابق: معجم اللغة العربية المعاصرة- د أحمد مختار عبد الحميد عمر, بمساعدة فريق عمل1/684.

([49]) الموافقات- إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي, تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان, الناشر: دار ابن عفان, الطبعة: الطبعة الأولى1417ه1997م5/123؛ تاريخ ابن معين ” رواية الدوري”, أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبد الرحمن المري بالولاء، البغدادي,تحقيق: د أحمد محمد نور سيف, مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي, مكة المكرمة,الطبعة:الأولى1399ه1979م4/271.

([50]) انظر: مرجع سابق: لسان العرب لابن منظور 9/90.

([51]) انظر: مرجع سابق: انظر مفاتيح الغيب التفسير الكبير لفخر الدين الرازي4/165.

([52]) المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد وتخريجات الأصحاب- بكر بن عبد الله أبو زيد بن محمد بن عبد الله بن بكر بن عثمان بن يحيى بن غيهب بن محمد, دار العاصمة,مطبوعات مجمع الفقه الإسلامي بجدة,الطبعة:الأولى1417هـ1/104.

([53]) نقلتها عن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني لدرس له مسجل في شريط كاست صوتي

([54]) مرجع سابق: معاني القرآن وإعرابه للزجاج4/410.

([55]) مرجع سابق: تفسير الماتريدي المسمى تأويلات أهل السنة9/163.

([56]) تفسير الثوري- أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي,المتوفى:161ه, دار الكتب العلمية، بيروت, الطبعة:الأولى1403هـ1983م1/271.

([57]) قاله الحسن مرجع سابق: تفسير الطبري والمسمى = جامع البيان عن تأويل آي القرآن= للطبراني12/637.

([58]) مرجع سابق: تفسير عبد الرزاق- لعبد الرزاق بم همام الصنعاني2/203.

([59]) الجزء فيه تفسير القرآن ليحيى بن يمان ونافع بن أبي نعيم القارئ ومسلم بن خالد الزنجي وعطاء الخراساني برواية أبي جعفر الترمذي,أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الشافعي التِّرْمِذِيّ الرملي الفقيه,المتوفى: 295هـ,تحقيق: حكمت بشير ياسين, مكتبة الدار بالمدينة المنورة,الطبعة:الأولى1408ه1988م1/50.

([60]) تفسير القرآن من الجامع لابن وهب- أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم المصري القرشي, المتوفى:197ه, تحقيق: ميكلوش موراني,الناشر: دار الغرب الإسلامي,الطبعة:الأولى2003م1/14.

([61]) المرجع السابق: تفسير القرآن من الجامع لابن وهب- 2/134.

([62]) مرجع سابق: تفسير القرآن العزيز- لابن أبي زَمَنِين المالكي3/359.

([63]) تفسير جزء عم- محمد بن صالح بن محمد العثيمين, إعداد وتخريج: فهد بن ناصر السليمان, دار الثريا للنشر والتوزيع، الرياض,الطبعة: الثانية1423ه2002م1/227.

([64]) رواه الطبراني في المعجم الكبير برقم 2908 مرجع سابق: باب الحاء فصل سنان بن أبي سنان عن الحسين بن علي رضي الله عنهما3/134, وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها برقم 3256 مرجع سابق7/771.

([65]) الإسلام والحضارة الغربية المعاصرة وَهْمُ الصدام وحتمية الحوار- سلسلة تصحيح صور الإسلام د/ عزوزي أستاذ التعليم العالي بكلية الشريعة بفاس وعضو المجلس العلمي بفاس مطبعة آنفو- فاس الطبعة الأولى2003م37.

([66]) مرجع سابق: جامع البيان في تأويل القرآن للطبري21/486.

([67]) المرجع السابق: جامع البيان في تأويل القرآن للطبري21/487.

([68]) مرجع سابق: معاني القرآن وإعرابه للزجاج5/52.

([69]) مرجع سابق: تفسير الماتريدي المسمى تأويلات أهل السنة9/375.

([70]) ديدنه أن يفعل كذا أي عادته, مرجع سابق: أساس البلاغة- للزمخشري1/282.

([71]) انظر: أيام زمان الجزء الثاني الفتح المبين محمد الصديق معنينو الطبعة أكتوبر 2015م, دار ابي رقراق للطباعة والنشر,ص58.

([72]) انظر: أيام زمان الجزء الثاني الفتح المبين محمد الصديق معنينو الطبعة أكتوبر 2015م, دار ابي رقراق للطباعة والنشر,ص92-93.

([73]) المرجع السابق ص104.

([74]) المرجع السابق,ص108.

([75]) انظر: أيام زمان الجزء الثاني الفتح المبين محمد الصديق معنينو الطبعة أكتوبر 2015م, دار ابي رقراق للطباعة والنشر,ص112-113.

Exit mobile version