مسطرة المنازعة الضريبية

 

مسطرة المنازعة الضريبية

 

                                                                            من إنجاز : ذ- عبد الواحد القريشي

                                                                                              دكتور في الحقوق

 

ينص الفصل 39 من الدستور المغربي على أنه : ” على الجميع أن يتحمل كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها حسب الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور”[1].

وتبعا لذلك فإن عدة نصوص قانونية صدرت لتنظيم كيفية مساهمة المواطن في التكاليف العمومية، وذلك إما بفرض ضرائب معينة أو رسوم، كما أن العديد من المؤسسات تتدخل لتنفيذ مقتضيات هذه القوانين.

بالإضافة إلى أن المواطنة الحقة تفترض أن يؤدي جميع أفراد المجتمع واجباتهم بالموازاة مع المطالبة بالاستفادة من الحقوق المخولة لهم.

ولما كان هذا الأمر يختلف من فرد إلى آخر، كما أن تطبيق القوانين بصفة عامة وتطبيق النصوص المتعلقة بالضريبة وأداء الرسوم أبان عن تهرب العديد من الأشخاص عن أداء الضرائب المفروضة عليهم أو استعمال الحيل للإفلات منها، و أبان أيضا على أن الإدارة المكلفة بفرض الضريبة أو الرسوم أو احتسابها أو حتى أثناء استخلاصها قد تخطئ، إذ يتضح ذلك مثلا عندما يتعلق الأمر بتدخل إدارة الضرائب لتصفية الرسوم التكميلية عن الأرباح المتعلقة ببيع العقارات حيث تجد أن كل طرف يتشبث بدفوعاته ووجهة نظره أو أثناء استخلاص إحدى الضرائب.

وهذا ما يبرز ضرورة وأهمية إيجاد جهاز مستقل ألا وهو جهاز القضاء الإداري للنظر في مثل هذه القضايا إذا ما ظهرت هناك منازعة في الميدان الضريبي ما بين الإدارة والمواطن.

وهو ما يبرز أيضا أهمية التطرق لموضوع مسطرة المنازعة الضريبية وذلك بالاعتماد على النصوص القانونية وعلى ما أتاحه الاجتهاد القضائي المغربي حول هذا الموضوع مع تبيان الشكليات المسطرية للمنازعة التي تثار قبل وأثناء اللجوء إلى المحكمة المختصة وذلك وفق التصميم الآتي :

 

المبحث الأول : المسطرة الإدارية للمنازعة الضريبية

الفقرة الأولى : مسطرة المادة 220 من المدونة العامة للضرائب

الفقرة الثانية : مسطرة المادة 235 من المدونة العامة للضرائب

المبحث الثاني : مسطرة المنازعة أمام اللجنة المحلية والوطنية

الفقرة الأولى : مسطرة المنازعة أمام اللجنة المحلية

الفقرة الثانية : مسطرة المنازعة أمام اللجنة الوطنية

المبحث الثالث : المسطرة القضائية للمنازعة الضريبية

الفقرة الأولى : المسطرة القضائية على إثر مراقبة الضريبة

الفقرة الثانية : المسطرة القضائية  على إثر مطالبة إدارية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     المبحث الأول : المسطرة الإدارية للمنازعة الضريبية

يطرح العقار بالمغرب العديد من الإشكالات القانونية والعملية، كما أن حب تملك العقار لا يرجع بالأساس إلى قيمته المادية وإنما أيضا يرجع أيضا لما هو ثقافي.

ولقد أثر هذا الواقع على عمليات انتقال العقارات بالبيع والشراء أو التفويت وغيرها إلى درجة إبرام عقود صورية أو الاجتهاد في ابتكار حيل للتهرب الضريبي، و هو الأمر الذي ينطبق إلى حد كبير على الإقرار بالدخل الحقيقي لكل مواطن ومدى اقتناعه بأداء الضريبة المستحقة عليه.

وبالمقابل فقد لجأ المشرع إلى سن نصوص تشريعية انطلاقا من إجبارية تسجيل الاتفاقات والمحررات الخاضعة لإجراء التسجيل [2] إلى إمكانية مراقبة الأثمان أو التصريحات التقديرية المضمنة بالعقود أو التصريحات[3]، وكذا الإقرارات المتعلقة بالدخل،والاهم من ذلك انه تطرق بشكل دقيق إلى مسطرة المنازعة التي قد تحصل بمناسبة أو أثناء تحصيل الضرائب أو الواجبات التكميلية وعبر مراحل متتالية.

  الفقرة الأولى : مسطرة المنازعة وفق المادة 220 من المدونة العامة للضرائب

نصت المادة 220 من المدونة العامة للضرائب على أنه : ” يمكن لمفتش الضرائب أن يدعو إلى تصحيح :

  • أسس فرض الضريبة؛
  • المبالغ المحجوزة برسم الدخول المتكونة من الأجور؛
  • الأثمان أو التصاريح التقديرية المعبر عنها في العقود والاتفاقات.

يمكن أن تكون الأسس والمبالغ والأثمان المشار إليها أعلاه ناتجة عن إقرار الخاضع للضريبة أو رب العمل أو المدين بالإيراد أو ناتجة عن فرض الضريبة بصفة تلقائية.

في هذه الحالة، يبلغ المفتش إلى الخاضعين للضريبة وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 [4] أعلاه :

  • أسباب التصحيح المزمع القيام به وطبيعته وتفاصيل مبلغه فيما يخص الضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل أو الضريبة على القيمة المضافة.
  • الأساس الجديد الواجب اعتماده وعاء لتصفية واجبات التسجيل وكذا مبلغ الواجبات التكميلية الناتجة عن الأساس المذكور.

ويدعوهم إلى الإدلاء بملاحظاتهم خلال أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ رسالة التبليغ.

في حالة عدم الجواب داخل الأجل المضروب لذلك يتم وضع الواجبات التكميلية موضع التحصيل ولا يمن أن ينازع فيها إلا وفقا للشروط المقررة في المادة 235 أدناه.

  • إذا تلقى المفتش ملاحظات المعنيين بالأمر داخل الأجل المضروب ورأى أن جميعها أو بعضها لا يستند إلى أي أساس صحيح، وجب عليه أن يقوم خلال أجل لا يتجاوز (60) ستين يوما من تاريخ تسلم الجواب بتبليغهم وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه، أسباب رفضه الجزئي أو الكلي وأساس فرض الضريبة الذي يرى من الواجب اعتماده مع إخبارهم بأن هذا الأساس سيصير نهائيا إن لم يقدموا طعنا في ذلك إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المنصوص عليها في المادة 225 أدناه داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخ رسالة التبليغ الثانية….
  • يتسلم المفتش المطالبات الموجهة إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ويبلغ مقررات هذه اللجنة إلى المعنيين بالأمر وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه….”

من خلال ما سبق يتضح أن المشرع ألزم مفتش الضرائب باحترام شكليات جوهرية إذا ما أراد أن يدعو أحد الملزمين إلى تصحيح الضرائب وتتمثل هذه الإجراءات فيما يلي :

  • مراسلة الملزم برسالة أولى وعند الإقتضاء برسالة ثانية؛
  • يجب أن تتضمن رسالة التبليغ سواء الأولى أو الثانية أسباب التصحيح المراد القيام به وطبيعته وتفاصيل مبلغه والأساس الجديد الواجب اعتماده وعاء لتصفية واجبات التسجيل وكذا مبلغ الواجبات التكميلية الناتجة عن الأساس المذكور.
  • دعوة الملزم إلى إبداء ملاحظاته داخل أجل الثلاثين يوما .

وبالمقابل وانطلاقا من مقتضيات المادة 220، فإن الملزم يكون أمام الإمكانات التالية:

  • -عدم جواب الملزم على الرسالة الأولى لمفتش الضرائب داخل أجل 30 يوما وآنذاك يتم وضع الواجبات التكميلية موضع التحصيل ولا يمكن أن ينازع فيها إلا وفقا للشروط المقررة في المادة 235 من المدونة العمة للضرائب.
  • – يتقدم الملزم أمام مفتش الضرائب بملاحظاته داخل أجل الثلاثين يوما من تاريخ توصله بالرسالة الأولى، وفي هذه الحالة وإذا ما رأى مفتش الضرائب أن الملاحظات المقدمة أو بعضها لا يستند إلى أي أساس صحيح وجب علي أن يقوم أن يقوم خلال أجل 60 يوما انطلاقا من تاريخ تسلم الجواب بتبليغ الملزم بأسباب الرفض الجزئي أو الكلي وأساس فرض الضريبة الذي يرى من الواجب اعتماده مع إخباره بأن هذا الأساس سيصير نهائيا إذا لم يقدم طعنا إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة داخل أجل 30 يوما انطلاقا من تاريخ تسلم رسالة البليغ الثانية.

وهنا أيضا يكون الخيار للملزم، فإما أن يتقدم أمام اللجنة المحلية بالطعن وإما أن يصير الأمر نهائيا ولا يمكن الطعن فيه إلا وفق مسطرة المادة بالمادة 235.

 

            الفقرة الثانية: مسطرة المادة 235  من المدونة العامة للضرائب

بالرجوع إلى المادة 235 نجدها تنص على أنه : ” يجب على الخاضعين للضريبة الذين ينازعون في مجموع أو بعض مبلغ الضرائب والواجبات والرسوم المفروضة عليهم أن يوجهوا مطالباتهم إلى مدير الضرائب أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض :

  • في حالة أداء الضريبة بصورة تلقائية خلال الستة أشهر الموالية لانصرام الآجال المقررة.
  • في حالة فرض ضريبة عن طريق جداول أو قوائم الإيرادات أو أوامر بالاستخلاص خلال الستة أشهر الموالية للشهر الذي يقع فيه صدور الأمر بتحصيلها.

يتولى الوزير المكلف بالمالية أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض البت في المطالبة بعد البحث الذي تقوم به المصلحة المختصة.

إذا لم يقبل الخاضع للضريبة القرار الصادر عن الإدارة أو في حالة عدم جواب هذه الأخيرة داخل أجل الستة أشهر الموالية لتاريخ المطالبة وجبت متابعة الإجراءات وفقا لأحكام المادة 243 أدناه.

لا تحول المطالبة دون التحصيل الفوري للمبالغ المستحقة وان اقتضى الحال الشروع في مسطرة التحصيل الجبري مع مراعاة استرداد مجموع أو بعض المبالغ المذكورة بعد صدور القرار أو الحكم”.

فبقراءة مقتضيات المادة أعلاه وخاصة الفقرة الأولى منها نجد أنها ألزمت الملزم الذي ينازع في مبلغ الضريبة أو الواجبات أو الرسوم المفروضة عليه ألا  يتوجه إلى المحكمة إلا بعد تقديم مطالبته إلى مدير الضرائب أو الشخص المفوض له لهذا الغرض.

وهذا ما يؤدي بنا إلى التساؤل عن أثر إغفال الملزم لهذا المقتضى وهل يؤدي إغفال القيام بالمطالبة الإدارية إلى عدم قبول الدعوى؟

يبدو أن الاجتهاد القضائي الإداري المغربي سار في اتجاه إعفاء المدعي من سلوك مسطرة المطالبة الإدارية فقط في حالة منازعته جديا حول خرق مسطرة فرض أو تصحيح الضريبة المتنازع عنها بشأنها، وحول حالة المنازعة في صفته كملزم بالضريبة[5].

وهكذا فإن القضاء الإداري وفي إطار التعامل بنوع من المرونة مع شكليات التقاضي نشير إلى إمكانية استناد الملزم في إطار الدفاع عن قبول دعواه إلى ما يلي:

الحالة الأولى : إمكانية الطعن عبر دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة وذلك ضد القرارات المنفصلة عن ربط الضريبة، وحتى عند منازعة الطاعن في صفته كملزم أصلا وهذا ما جاء في قرار الغرفة الإدارية عدد 1140/15/98 المشار إليه أعلاه.

الحالة الثانية : ويتعلق الأمر بكون القضاء الإداري قد يغض الطرف عن إلزامية تقديم المطالبة الإدارية إلى إدارة الضرائب إذا تمت خارج الأجل وهذا ما جاء بقرار الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى [6] حيث لئن كانت المادة 114 من القانون المنظم للضريبة العامة على الدخل توجب تقديم تظلم إداري يسبق الطعن القضائي الذي يجب ممارسته داخل آجال معينة من جواب الإدارة على التظلم فإن الفقرة الثالثة من المادة المشار إليها تقضي بأن تقديم الطعن القضائي يكون داخل الشهر الموالي من تاريخ تبليغ الإدارة قرارها بالرفض إلى المتظلم وحيث إن طعن المدعى المستأنف مؤسس على جواب مديرية الضرائب الجهوية بفاس المؤرخة في 23/11/1999 المرفق، وهو الجواب المتضمن لرفض التظلم في الضرائب المتنازع فيها  ولا دليل على تاريخ تبليغ هذا الجواب فكان الطعن المقدم لذلك بتاريخ : 18/12/1999 واقعا داخل الأجل القانوني ولم يكن الحكم المستأنف على صواب عندما اعتمد على تاريخ التظلم لحساب أجل الطعن رغم جواب الإدارة الذي لم يتضمن أي تحفظ لوجود أي رفض سابق على رفضها المشار إليه”.

وتبعا لما سبق فإننا نود الإشارة إلى ما يلي :

  • إن ما يمكن اعتباره إبداعا أو اجتهادا قضائيا نحو تعزيز الضمانات المخولة للملزمين والمشار إليها أعلاه قد لا يسعف للحسم في القول بقبول الدعوى شكلا ، ومن تم يجب أن يتخذ المواطن كامل احتياطاته حتى لا يفوته الأجل وهو ما يوجب عليه التقدم مسبقا بالمطالبة الإدارية.
  • إن المنازعة حول تصفية إدارة الضرائب مسطرة دقيقة تستوجب احترام مجموعة من الشكليات،خاصة وأن هذه تختلف من مرحلة إلى المرحلة التي تليها.

 

المبحث الثاني : مسطرة المنازعة أمام اللجنة المحلية والوطنية

من بين ما تتميز به مسطرة المنازعة الضريبية أن المشرع احدث لجنتين ، الأولى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة والثانية اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، غير انه إذا كان المشرع قد أوضح اختصاصات كل من اللجنتين ، فان نقاشا قد أثير حول طبيعة القرارات الصادرة عنهما ومدى قابليتها للطعن؟

 

 

الفقرة الأولى : اللجنة المحلية لتقدير الضريبة :

تعد اللجنة المحلية لتقدير الضريبة إحدى الجهات التي يمكن للملزم أن يلجأ إليها للمنازعة حول الضريبة المفروضة عليه ، لذلك فإن من المفيد معرفة تكوينها واختصاصاتها وكذا مسطرة المنازعة أمامها.

    أولا : تكوين اللجنة المحلية لتقدير الضريبة.

تنص المادة 225 من المدونة العامة للضرائب  على أنه ” تحدث الإدارة لجانا محلية لتقدير الضريبة و تحدد مقارها ودائرة اختصاصها.

تنظر اللجان المذكورة في المطالبات التي يقدمها في شكل عرائض الخاضعون للضريبة الكائن مقرهم الإجتماعي أو مؤسستهم الرئيسية داخل دائرة اختصاصها.

وتبت اللجان في النزاعات المعروضة على أنظارها ويجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية :

ألف – تضم كل لجنة :

1- قاضيا، رئيسا؛

2- ممثلا لعامل العمالة أو الإقليم الواقع مقر اللجنة لدائرة اختصاصاته؛

3- رئيس المصلحة المحلية للضرائب أو ممثله الذي يقوم بمهمة الكاتب المقرر.

4 – ممثلا للخاضعين للضريبة يكون تابعا للفرع المهني الأكثر تمثيلا للنشاط الذي يزاوله الطالب.

وتبت اللجنة في الأمر بصورة صحيحة إذا حضرها ثلاثة على الأقل من أعضائها من بينهم الرئيس وممثل الخاضعين للضريبة وتتداول بأغلبية أصوات الحاضرين فإن تعادلت رجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس.

وتبت بصورة صحيحة خلال اجتماع ثان بحضور الرئيس وعضوين آخرين فإن تعادلت الأصوات رجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس.

يجب أن تكون قرارات اللجان المحلية مفصلة ومعللة…..”

وإذا كان المشرع قد تطرق لتكوين اللجنة المحلية لتقدير الضريبة وإلزامية تعليل مقرراتها فإنه تطرق في نفس الوقت لجملة من الإجراءات والآجال الواجب اتخاذها أثناء البت في عرائض الطعن المرفوعة أمامها.

 

        ثانيا : مسطرة الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة

كما سبق القول ومن خلال مقتضيات المادة 220 من المدونة العامة للضرائب يمكن التأكيد على ما يلي :

– بعد توصل الملزم من مفتش الضرائب بالرسالة الأولى يكون أمامه أجل الثلاثين يوما للإدلاء بملاحظاته، فإن فاته هذا الأجل، فانه لا يمكن أن ينازع  فيما جاء برسالة مفتش الضرائب إلا وفق مقتضيات المادة 235 من المدونة العامة للضرائب المشار إليها سابقا ، مما يستنتج منه عدم إمكانية ممارسته للطعن أمام اللجنة المحلية.

– أيضا فإن المشرع لم يخول للخاضع للضريبة الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة إذا لم يتقدم بمطالبته داخل أجل الثلاثين يوما من تاريخ تسلمه لرسالة التبليغ الثانية.

وهكذا فإنه لا يمكن أن يعرض نزاع أمام اللجنة المحلية إلا بعد أن يجيب الملزم على الرسالة الأولى وتقديم مطالباته إلى المفتش داخل أجل 30 من تاريخ تلقيه للرسالة الثانية.

وبعد إحالة المفتش المطالبات الإدارية إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المختصة وإخبار المعنيين بذلك، فإن على اللجنة المحلية وهي تبت في هذا النزاع الالتزام بمقتضيات المادة 225 وذلك كما يلي :

  • يحدد أربعة وعشرين شهرا الأجل الأقصى الذي يجب أن يفصل بين تاريخ تقديم الطعن وتاريخ صدور المقرر المتخذ في شأنه.

وإذا انصرم الأجل المشار إليه أعلاه ولم تتخذ اللجنة المحلية لتقدير الضريبة مقررها، وجب على المفتش أن يشعر الخاضع للضريبة، وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه، بانتهاء أجل الأربعة والعشرين شهرا وبإمكانية تقديمه للطعن أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة داخل أجل الستين يوما الموالية لتاريخ تسلم الإشعار.

وفي حالة عدم تقديم طعن داخل أجل الستين يوما السالف الذكر، يفرض المفتش الضرائب باعتبار الأسس المعتمدة في رسالة التبليغ الثانية، ولا يجوز أن ينازع فيها إلا وفق الشروط المنصوص عليها في  المادة 235.

ب -يعين ممثلو الخاضعين للضريبة وفق الشروط التالية : ….

  • يمكن أن تضيف اللجنة إليها فيما يخص كل قضية خبيرين اثنين على الأكثر تعينهما من بين الموظفين أو الخاضعين للضريبة ويكون لهما صوت استشاري وتستمع اللجنة إلى ممثل الخاضع للضريبة إذا طلب ذلك أو إذا رأت أن من اللازم الاستماع إليه.

في كلتا الحالتين تستدعي اللجنة في آن واحد ممثل أو ممثلي الخاضع للضريبة وممثل أو ممثلي إدارة الضرائب المعينين من لدن الإدارة لهذا الغرض.

تستمع اللجنة إلى الطرفين كل على حدة أو هما معا إما بطلب من أحدهما أو إذا ارتأت أن هذه المواجهة ضرورية.

يجوز للخاضع للضريبة ان ينازع قضائيا في الضرائب المفروضة على إثر المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة التي أصبحت نهائية بما في ذلك المتعلقة منها بالمسائل التي صرحت اللجان المذكورة بشأنها بعدم الاختصاص وذلك وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 242 أدناه.[7]

بقراءة الفقرة الأخيرة من المادة 225 أعلاه يكون من المفيد أن نجيب على الأسئلة الآتية :

  • هل يمكن الطعن في المقررات الصادرة عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة في حد ذاتها أمام المحكمة أم لا يمكن ذلك إلا بمناسبة المنازعة في الضريبة الصادرة تنفيذا لمقرراتها؟
  • ما هي آجال الطعن؟
  • ما هي المسطرة المتبعة للطعن في مقررات اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة؟
  • كيف يمكن تفسير عبارة ” يجوز” : هل ما نصت عليه الفقرة الأخيرة هو السبيل الوحيد للطعن أمام القضاء؟

هذا ما سنحاول الإجابة عنه بمناسبة التطرق لمسطرة المنازعة أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة.

 

 

 

 

 

           الفقرة الثانية :مسطرة المنازعة أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة

بقراءة المادة 226  نجد أنها تطرقت لتكوين اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة وإلى كيفية اشتغالها.

أولا : تكوين اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة :

نصت المادة 226 على أنه : ” تحدث لجنة دائمة تسمى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، ترفع إليها الطعون في المقررات الصادرة على اللجان المحلية التقدير الضريبة والنزاعات المشار إليها في المادة 225 المشار إليها أعلاه

تكون اللجنة المذكورة تابعة للسلطة المباشرة للوزير الأول ويوجد مقرها بالرباط.

وتبت في النزاعات المعروضة عليها ويجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية.

وتضم اللجنة :

  • سبعة قضاة منتمين إلى هيئة القضاء يعينهم الوزير الأول باقتراح من وزير العدل :
  • ثلاثون موظفا يعينهم الوزير الأول باقتراح من وزير المالية، يكونون حاصلين على تأهيل في ميدان الضرائب أو في المحاسبة أو القانون أو الاقتصاد وأن تكون لهم على الأقل رتبة مفتش أو رتبة مدرجة في سلم من سلالم الأجور يعادل ذلك ويلحق الموظفون المذكورون باللجنة.

مائة شخص في ميدان للأعمال يعينهم الوزير الأول لمدة ثلاث سنوات بصفتهم ممثلين للخاضعين لضريبة، بناء على اقتراح مشترك لكل من الوزراء المكلفين بالتجارة والصناعة والصناعة التقليدية والصيد البحري والوزير المكلف بالمالية، ويختار هؤلاء الممثلون من بين الأشخاص الطبيعيين أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا المزاولين نشاطا تجاريا أو صناعيا أو خدماتيا أو حرفيا أو في الصيد البحري و المدرجين في القوائم التي تقدمه المنظمات المذكورة و كل من رؤساء غرف التجارة و الصناعة و الخدمات و غرف الصناعة التقليدية و غرف الفلاحة و غرف الصيد البحري و ذلك قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة التي تبتدئ خلالها مهام الأعضاء المعنيين في حظيرة اللجنة الوطنية.

و إذا طرأ تأخير في تعيين الممثلين الجدد أو حال دون ذلك عائق وقع تلقائيا تمديد انتداب الممثلين المنتهية مهامهم لفترة لا تتجاوز ستة أشهر.

لا يمكن لأي ممثل من ممثلين الخاضعين للضريبة أن يحضر اجتماع اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة عندما يعرض عليها نزاع سبق أن نظر فيه في حظيرة لجنة محلية لتقدير الضريبة.

و تنقسم إلى سبع لجان فرعية تتداول في القضايا المعروض عليها .”و هنا لا بد من الإشارة إلى لأهمية القصوى للمقتضيات الواردة أعلاه، إذ قد تؤدي مخالفاتها إلى بطلان القرار الصادرة عن اللجنة الوطنية.

و من جهة أخرى فإن طريقة البت في الطعون المرفوعة أمام هذه اللجنة مهم أيضا ، و هو ما تطرق إليه المشرع في نفس المادة المذكورة أعلاه”.

           ثانيا : مسطرة الطعن أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة :

ينص البند الثاني من المادة 226 المدونة العامة للضرائب على أنه :”… يرأس اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة و يشرف على سيرها قاض يعينه الوزير الأول باقتراح من وزير العدل[8]، و إذا تغيب رئيس اللجنة أو حال دون حضوره عائق ناب عنه في القيام بمهامه رئيس لجنة فرعية يعينه كل سنة.

و توجه الطعون إلى رئيس اللجنة الذي يعهد ببحثها إلى واحد أو أكثر من الموظفين المشار إليهم في  هذه المادة و يوزع الملفات على اللجان الفرعية.

و تجتمع اللجان الفرعية المذكورة بمسعى من رئيس اللجنة الذي يستدعي ممثلي الخاضعين للضريبة وفق الاجراءا ت المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه قبل التاريخ المحدد للاجتماع بما لا يقل عن خمسة عشر يوما.

و قد أشار البند الثالث من نفس المادة اعلاه على انه :

III – تضم كل لجنة فرعية :

  • قاضيا رئيسا؛
  • موظفين يعينان بالقرعة من بين الموظفين الذين لم يقوموا ببحث الملف المعروض على اللجنة الفرعية للبت فيه؛
  • ممثلين للخاضعين للضريبة يختارهم رئيس اللجنة من بين الممثلين المشار إليه في البند الأول من هذه المادة.

و يختار رئيس اللجنة كاتبا مقررا من غير الموظفين العضوين في اللجنة الفرعية لحضور اجتماعاتها دون صوت تقريري.

تعقد كل لجنة فرعية العدد اللازم من الجلسات و تستدعي وجوبا ممثل أو ممثلي الخاضع للضريبة و ممثل أو ممثلي إدارة الضرائب المعينين لهذا الغرض وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه و ذلك بقصد الاستماع إليهما كل على حدة أو هما معا إما بطلب من أحدها و إذا ارتأت أن هذه المواجهة ضرورية .

و يمكن أن تضيف اللجنة الفرعية إليها فيما يخص كل قضية خبيرا أو خبيرين موظفين أو غير موظفين يكون لهما صوت استشاري.

ولا يجوز في أي حال من الأحوال أن تتخذ مقرراتها بحضور ممثل الخاضع للضريبة أو وكيله أو ممثل الإدارة أو الخبيرين.

تتداول اللجان الفرعية بصورة صحيحة بحضور الرئيس وعضوين آخرين من بين الأعضاء المشار إليهم في البند I من هذه المادة، يمثل أحدهما الخاضعين للضريبة ويمثل الآخر الإدارة.

وتتداول بصورة صحيحة خلال اجتماع ثان بحضور الرئيس وعضوين آخرين فإذا تعادلت الأصوات رجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس.

يجب أن تكون مقررات اللجان الفرعية مفصلة ومعللة ويبلغها القاضي الذي يشرف على سير اللجنة إلى الطرفين وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه خلال الستة أشهر الموالية لتاريخ صدور المقرر.

ويحدد باثني عشر شهرا الأجل الأقصى الذي يجب أن يفصل بين تاريخ تقديم الطعن أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة وتاريخ المقرر المتخذ في شأنه.

أما البند الرابع فيشير إلى أنه إذا انصرم الأجل المشار إليه أعلاه ولم تتخذ اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية مقررها، فإنه لا يجوز إدخال أي تصحيح على إقرار الخاضع للضريبة أو على أساس فرص الضريبة المعتمد من لدن الإدارة في حالة فرض الضريبة بصورة تلقائية بسبب عدم الإدلاء بالإقرار أو بسبب إقرار غير تام.

غير أنه في حالة إعطاء الخاضع للضريبة موافقته الجزئية على الأسس المبلغة من لدن إدارة الضرائب أو في حالة عدم تقديمه لملاحظات على أسباب التصحيح المدخلة من طرف الإدارة، يكون الأساس المعتمد لإصدار الضرائب هو الأساس الناتج عن تلك الموافقة الجزئية وأسباب التصحيح المذكورة”.

إن ما يمكن أن نلاحظه بخصوص مسطرة  المنازعة أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة  ما يلي :

–  توخي المشرع للدقة في كيفية تشكيلها وكيفية سير أعمالها؛

–  تحديد الأجل الأقصى في مدة 12 شهرا منذ توصلها بالملف وإلا وجب أن ترفع يدها عنه.

                     المبحث الثالث : المسطرة القضائية للمنازعة الضريبية

بالرغم مما تقوم به اللجنة المحلية لتقدير الضريبة واللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ، فان العديد من النزاعات تعرض أمام القضاء مما يجعل دوره حسما في هذا الصدد.

             الفقرة الأولى : المسطرة القضائية المطبقة على إثر مراقبة الضريبة

وقد تطرقت إليها المادة 242 من المدونة العمة للضرائب حيث نصت على أنه : “يجوز للخاضع للضريبة أن ينازع عن طريق المحاكم في الضرائب المفروضة  على إثر المقررات الصادرة في اللجان المحلية لتقدير الضريبة التي أصبحت نهائية أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة وفي الضرائب التي تفرضها الإدارة تلقائيا باعتبار الأساس الذي بلغته بسبب تصريح اللجنة المذكورة بعدم اختصاصها، وذلك داخل أجل الستين يوما الموالية لتاريخ صدور الأمر بالتحصيل أو قائمة الإيرادات أو الأمر بالإستخلاص.

إذا لم يترتب على المقرر الصادر عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة الذي أصبح نهائيا أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة إصدار جدول تحصيل أو قائمة إيرادات أو أمر بالإستخلاص جاز تقديم الطعن القضائي داخل الستين يوما الموالية لتاريخ تبليغ قرار اللجان المذكورة.

يمكن كذلك للإدارة أن تنازع عن طريق المحاكم داخل الأجل المذكور حسب الحالة في الفقرة الأولى أو الثانية أعلاه في القرارات الصادرة عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة سواء تعلقت هذه القرارات بمسائل قانونية أو واقعية.

يمكن أن تنازع عن طريق المحاكم في عمليات تصحيح الضرائب المفروضة في نطاق المساطر المنصوص عليها في المادة 221 أو 224 أعلاه داخل أجل الستين يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار الصادر عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة”.

وعلى ضوء مقتضيات المادة أعلاه سنعمل على تحديد حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية المختصة ثم الإجابة على مدى القابلية للطعن بالنسبة لقرارات اللجان بصفة منفصلة قبل صدور الأوامر الصادرة بخصوصها من طرف إدارة الضرائب.

           أولا : حالات الطعن وفق المادة 242 من المدونة العامة للضرائب

ويمكن تحديد هذه الحالات  سواء بالنسبة للخاضع للضريبة أو الإدارة وذلك كما يلي :

  • الطعن في الضرائب الصادرة على إثر المقررات النهائية للجنة المحلية لتقدير الضريبة، داخل أجل ستين يوما من تاريخ تبليغ صدور الأمر بالتحصيل أو قائمة الإيرادات أو الأمر بالاستخلاص؛
  • الطعن في الضرائب الصادرة على إثر المقررات الصادرة على اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة داخل أجل ستين يوما من تاريخ تبليغ صدور الأمر بالتحصيل أو قائمة الإيرادات أو الأمر بالاستخلاص؛
  • الطعن في الضرائب التي تفرضها الإدارة تلقائيا باعتبار الأساس الذي بلغته بسبب تصريح ( اللجنة الوطنية أو اللجنة المحلية بعدم الاختصاص.

وإذا كان الطعن في الأوامر بالتحصيل أو القوائم لا يطرح إشكالا باعتبارها قرارات إدارية نهائية قابلة للطعن فإن هذا الأمر طرح جدلا فقهيا وقضائيا بخصوص قرارات اللجان المحلية واللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة التي تم تبليغها للملزمين ولم تقدم إدارة الضرائب بعد على تنفيذ مقتضياتها.

          ثانيا : مدى القابلية للطعن بشكل منفصل في اللجان المحلية واللجنة الوطنية

بالرجوع إلى المادة 242 نجد أنها نصت على أنه ” إذا لم يترتب على المقرر الصادر عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة الذي أصبح نهائيا أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة إصدار جدول تحصيل أو قائمة إيرادات أو أمر بالاستخلاص، جاز تقديم الطعن القضائي داخل الستين يوما الموالية لتاريخ تبليغ قرار اللجان المذكورة”.

وإذا كانت هذه الفقرة تنص على الجواز في حالة عدم صدور مقرر بإصدار جدول تحصيل أو قائمة إيرادات أو أمر بالاستخلاص فكيف تعامل القضاء بالنسبة لقابلية مقررات هذه اللجان للطعن بالنسبة للملزمين أو إدارة الضرائب والتي يكون موضوعها ايجابيا بخصوص إصدار جدول تحصيل أو قائمة إيرادات أو أمر بالاستخلاص ، فهل يجوز الطعن في هذه المقررات انتظار صدور قرارات بشأنها من طرف إدارة الضرائب ؟

بالإطلاع على بعض أحكام المحاكم الإدارية وقرارات المجلس الأعلى يمكن التمييز بين رأيين:

الأول و يذهب على عدم قابلية قرارات هذه اللجان في حد ذاتها للطعن أما الرأي الثاني فيرى عكس ذلك.

  • عدم القابلية للطعن :

وقد ذهبت إلى دلك كل من المحكمة الإدارية بالرباط[9]  والمحكمة الإدارية بوجدة  حيث جاء في حكم لهذه الأخيرة ما يلي:  “… حيث ان من المقرر فقها أن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية كلجنة تحكيمية تعتبر من أهم الضمانات الفعلية المخولة للمكلفين وأن الغاية من إحداثها منح الملزمين  بالضريبة ضمانة إضافية تتمثل في اختبار وتقديم نقط واقعية من شأنها أن تساعد على تحديد أسس الضريبة وحيث إن اللجنة الوطنية تلك لئن كانت هيئة إدارية وعملها ذو صبغة إدارية وتحكيمية فهي لا تصدر قرارات إدارية بمفهوم القرار الإداري القابل للطعن بالإلغاء في مواجهة الملزم ذلك أنه من المقرر فقها وقضاء أن المنازعات الجبائية تعتبر من قبيل منازعات القضاء الشامل لأنها لا تستهدف مقررات إدارية على غرار منازعات الشطط في استعمال السلطة ولكنها تتعلق بنشاط الإدارة الجبائية عموما وأن هنالك مجالات لاختصاص قاضي الشطط في استعمال السلطة في المادة الجبائية الأولى وتشمل المقررات العامة المتعلقة بتنظيم الضريبة أو الرسوم كالقرارات ذات الصبغة العامة والدوريات التي تكتسب صبغة تنظيمية.

وحيث إنه إعمالا  لتلك المبادئ القانونية وتطبيقا على المقرر المطعون فيه يتضح أن المقرر الصادر عن اللجنة الوطنية لا يمكن اعتباره قرارا إداريا منفصلا عن عملية ربط الضريبة إذ يعتبر المقرر المذكور غير قابل للفصل عن مسطرة فرض الضريبة، وهو مرحلة من مراحل تأسيسها في إطار مسطرة المراجعة عن طريق الأمر بالتحصيل هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهو لا يرقى إلى درجة القرار الإداري القابل للطعن بالإلغاء لكونه لا يكتسب أية صبغة تنفيذية حالة للملزم ولا يعتبر أمرا بالتحصيل، وملخص ذلك أن مقرر اللجنة الوطنية لئن كان صادرا عن سلطة إدارية فهو ليس نهائيا بمفهوم قابليته للتنفيذ وتأثيره بذاته وبشكل مباشر على المراكز القانونية للطاعن وبالتالي يبقى الطعن بالإلغاء حوله غير مقبول ” [10]

غير انه بالاطلاع على بعض قرارات المجلس الأعلى يتضح ان المبررات السابقة لم تلاق من طرفه.

  • – إمكانية القابلية للطعن في مقررات اللجان الضريبة

لقد اعتبر المجلس الأعلى بأن مقررات اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة تقبل الطعن أمام القضاء دون انتظار صدور الأمر بتحصيلها، وهذا ما جاء في قراره : ” … لكن حيث إن النصوص القانونية المتعلقة بالضريبة العامة على الدخل والضريبة عل القيمة المضافة والضريبة على الشركات وإن كانت تخول الملزم بالضريبة المنازعة في الضرائب المفروضة بواسطة أمر بالتحصيل على إثر مقرر صادر عن اللجنة الوطنية الشيء الذي قد يوحى بأن هذا الطعن قد لا يتصور قيامه إلا إذا وضع قرار اللجنة الوطنية موضع التنفيذ إلا أن النصوص المذكورة تحدد منازعة الإدارة أمام المحاكم في مقررات اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة في حالة بت اللجنة المذكورة بغير حق في مسائل قانونية مما يستخلص منه أن الملزم بالضريبة يمكنه أن يطعن في مقررات اللجنة الوطنية سواء اقتصرت على الجانب المادي للضريبة أم تعدت ذلك إلى البت في مسائل قانونية والأصل في الطعون هو الإباحة.

وحيث إن هدف المشرع في هذا الامتياز الممنوح للملزم بالضريبة هو وضع توازن بين حقوق الإدارة وحقوق الملزم، وتمكين هذا الأخير من عرض مقررات اللجنة الوطنية وإن كانت لا تكتسي في حد ذاتها قوة ملزمة إلا أن الإدارة يمكنها أن تحولها في أي وقت إلى أوامر قابلة للتنفيذ بقوة القانون مما يعني أن هذه المقررات تشكل في حد ذاتها تهديدا للملزم بالضريبة وأن من مصلحته الطعن فيها وعدم انتظار قرار الإدارة بشأن  تحويلها إلى أوامر بالتحصيل[11].

 

        الفقرة  الثانية : المسطرة القضائية على إثر مطالبة :

في إطار مقتضيات المادة 235 المشار إليها أعلاه، و إذا وإذا ما تقدم الخاضع للضريبة أمام إدارة الضرائب نكون أمام أمرين، فإما أن يقبل الخاضع للضريبة القرار الصادر عن إدارة الضرائب عقب بحث مطالبته وإما أنه لا يقبله ويكون عليه أن ينازع في ذلك وقت مقتضيات المادة 243  من المدونة العامة للضرائب.

        أولا : حالة إصدار الإدارة لمقررها داخل أجل الستة أشهر :

وقد تطرقت إليها الفقرة الأولى من المادة 243 حيث نصت على أنه : ” إذا لم يقبل الخاضع للضريبة الصادرة عن الإدارة عقب بحث مطالبته جاز له أن يرفع الأمر إلى المحكمة المختصة داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار المذكور”.

وهنا نشير إلى ضرورة احترام القواعد العامة للتقاضي ومنها ما يلي :

  • الاختصاص : وينعقد للمحكمة التي يقع بدائرة اختصاصها المقر الاجتماعي للخاضع للضريبة أو مؤسسته الرئيسية،
  • الأجل : ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ القرار الصادر عن إدارة الضرائب؛
  • الرسم القضائي : وجوب أداء الرسم القضائي .

         ثانيا : حالة سكوت الإدارة عن جواب الملزم بعد مرور ستة أشهر :

وهي الحالة التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 243 حيث جاء فيها : ” إذا لم تجب الإدارة داخل أجل الستة أشهر الموالية لتاريخ المطالبة جاز كذلك للخاضع للضريبة الطالب رفع طلب إلى المحكمة المختصة داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ انصرام أجل الجواب المشار إليه أعلاه.

ومن طبيعة الحال وبمجرد أن يعرض النزاع أمام المحكمة الإدارية فإن من حق كل من إدارة الضرائب والملزم ممارسة حقهما في التقاضي أمام محكمة الاستئناف الإدارية المختصة وإذا اقتضى الأمر أمام المجلس الأعلى .

وعلى ضوء ما سبق نود التأكيد على بعض النقط :

  • إن مسطرة التقاضي بخصوص الطعن في فرض إحدى الضرائب نظمها المشرع بشكل دقيق وألزم سلوكها عبر مراحل ؛
  • لقد أثار دور اللجان المحلية لتقدير الضريبة واللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة نقاشا كبيرا سواء على مستوى قابلية قراراتها للطعن أو حتى على مستوى تشكيلها ومستوى أدائها لما هو مطلوب منها ؛

3 – إذا كان المشرع قد توخى من هذه المراحل والتنصيص على العديد من الشكليات قد توخى إيجاد  نوع من التوازن بين مصلحة الملزم وإدارة الضرائب،  فإن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى نتيجة عكسية وذلك لمجرد أن يغفل الملزم لإحدى الشكليات الجوهرية والتي قد يقف القضاء عاجزا أمامها ولا يجد إلا أن يصرح بعدم القبول.

ومن هذا المنطلق فإننا ندعو إلى تبسيط مسطرة التقاضي في الميدان الجبائي ونقترح بخصوص هذا الموضوع أن يتم حذف اللجان المحلية لتقدير الضريبة واللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ، مع الإبقاء على جعل التظلم الإداري إلزاميا ، ونرى أن جهاز القضاء كفيل للحسم في هذه النزاعات كما نعتقد أن ليس في هذه المقترحات ما  ينقص من ضمانات الخاضعين للضريبة ولاما يمس بحقوق إدارة الضرائب .

 

د/ عبد الواحد القريشي

[email protected]

 

 

 

 

 

 

[1]         – الظهير الشريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان1432 الموافق ل 29 يوليوز 2011 بتنفيذ نص الدستور الجديد منشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011.

 

 

 

[2]              – أنظر المادتين 127 و128 من المدونة العامة للضرائب.

[3]  – أنظر المادة 217 من المدونة العامة للضرائب.

[4]  –  أنظر المادة 219 من المدونة العامة للضرائب.

 

 

[5]         – التقرير الختامي لليومين الدراسيين حول القضاء الإداري ، مجلة المحاكم الإدارية العدد 3 منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ماي 2008 ص 136.

نستأنس حول هذه النقطة بالقرار الصادر عن الغرفة الإدارية والذي جاء فيه :” لكن حيث إن المشرع إذا كان الفصل 47 من القانون المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة قد أوجب على الملزم بالضريبة أن يتظلم لدى الإدارة المختصة قبل رفع منازعته أمام القضاء، فإن المشرع قبل ذلك أعطى  للملزم حقا أساسيا نص عليه الفصل 28 من نفس القانون وهو حق الدفاع المتمثل في  وجوب تمكين الملزم من التعرف على أساس الضريبة ومناقشته قبل فرضها تلقائيا عليه وبالنظر لطبيعة حق الإدارة في أن يتم التظلم لديها وحق الملزم في وجوب إشعاره بما ذكر فإن المحكمة كانت على صواب عندما اعتبرت أن وجوب التظلم معلق على سبقية إشعار الملزم حسب الفصل 28 المذكور ….” قرار الغرفة الإدارية بالملف 1140/15/98 قضية رجاج الشرف ضد إدارة الضرائب عن : قصري (محمد) المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء الإداري منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية العدد 62 ص 84 .

 

 

[6]         – قرار الغرفة الإدارية ملف إداري عدد 1150 و1202/14/1 مما قضية إدريس الحوات ضد إدارة الضرائب بتاريخ 07/08/2004 وارد ب : قصري (محمد) المرجع السالف ص 83.

 

[7]                – بمقتضى أحكام البند 1 من المادة 7 من قانون المالية لسنة 2010 أصبحت تعتبر نهائية  مقررات اللجان المحلية لتقدير الضريبة الصادرة في القضايا المتعلقة بالضريبة على الدخل برسم الأرباح العقارية وبواجبات التسجيل ، إذا كان مبلغ الواجبات الأصلية المترتبة عليها يقل أو يساوي خمسين ألف درهم.

[8]                – ويحدد التنظيم الإداري لهذه اللجنة بنص تنظيمي وذلك طبقا البند 1 من المادة 7 من قانون المالية لسنة 2010.

[9]         – الحكم الصادر بتاريخ : 21/04/1990 في الملف عدد 1125/97.

 

 

 

[10]        – حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد 127/2000 بتاريخ 07/06/2000 منشور بمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة دلائل النسيم، العدد 16 الجزء الثالث.

[11]          – قرار المجلس الأعلى عدد 1191 المؤرخ في 07/10/1999 ملف إداري عدد 51764/1998 منشور رب : قصري (محمد) المنازعات المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء الإداري م.س  ص 304 – 306

  • انظر  أيضا القرار عدد 672 بتاريخ 04/10/2000 ملف إداري عدد 136/114/1999 نفس المرجع : ص 319-321.

 

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *