Site icon مجلة المنارة

سياسة الرفاه الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة: من التضامن العام إلى التضامن الأسري

سياسة الرفاه الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة:

من التضامن العام إلى التضامن الأسري

فيصل النقبي

طالب باحث بسلط الدكتوراه

كلية الاداب والعلوم الإنسانية

الرباط

 

 

تعرف المنطقة العربية تغيرات متسارعة في مجالات التقنية والاتصال والمعلومات وعولمة الاقتصاد، التي أحدثت تغيرات جذرية على مستوى خريطة الميزانيات المرصودة للرعاية الاجتماعية وتحقيق الرفاه للأفراد وللأسرة. لقد قدمت دولة الرفاه الاجتماعي بمنطقة الخليج العربي في سياق الإنتاج النفطي نموذجا أساسيا لعلاقة الدولة بالمواطن والأسرة، حيث تطورت وظائف الدولة لتمتد إلى مستوى التأثير في حياة الأفراد وذلك من خلال إشباع حاجياتهم الأساسية وتوفير شبكة من الضمانات الاجتماعية مع إقرار العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة والخدمات الاجتماعية.

 

L’Etat providence aux Émirats arabes unis

De la solidarité publique à la solidarité familiale

 

La région arabe connaît des changements rapides dans les domaines de la technologie,la communication et l’information. Les conséquences de la mondialisation de l’économie ne cessent de se répercuter surles budgets alloués aux secteurs sociaux et le bien-être de l’individu et de la famille. L’Etat qui a assuré le bien-être social dans la région du Golfe arabe dans le cadre d’une économie basée sur la rente pétrolière  offre un exemple de relation entre l’Etat, le citoyen et la famille. Les compétences de l’Etat se sont étendues si bien qu’elles influencent le niveau de vie des citoyens à travers les besoins satisfaits,  l’extension du réseau de protection sociale et  l’égalité de la répartition des richesses et d’accès aux services sociaux.

 

The welfare state in the United Arab Emirates
From Public Solidarity to Family Solidarity

 

The Arab region is experiencing rapid changes in the fields of technology, communication and information. The consequences of the globalization of the economy are constantly being reflected in the budgets allocated to the social sectors and the well-being of the individual and the family. The State that has ensured social welfare in the Arab Gulf region in an oil-based economy provides an example of a relationship between the state, the citizen and the family. The competences of the State have expanded so much that they influence the standard of living of citizens through satisfied needs, the extension of the social protection network and the equality of the distribution of wealth and access to services Social partnerships.

 

 

 

 

 

مقدمة

تعرف المنطقة العربية تغيرات متسارعة في مجالات التقنية والاتصال والمعلومات وعولمة الاقتصاد، التي أحدثت تغيرات جذرية على مستوى خريطة الميزانيات المرصودة للرعاية الاجتماعية وتحقيق الرفاه للأفراد وللأسرة.

لقد قدمت دولة الرفاه الاجتماعي بمنطقة الخليج العربي في سياق الإنتاج النفطي نموذجا أساسيا لعلاقة الدولة بالمواطن والأسرة، حيث تطورت وظائف الدولة لتمتد إلى مستوى التأثير في حياة الأفراد وذلك من خلال إشباع حاجياتهم الأساسية وتوفير شبكة من الضمانات الاجتماعية مع إقرار العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة والخدمات الاجتماعية.

إن سياسة تضامن الدولة مع الأسرة والفرد والتي تأتي في إطار سياسات اجتماعية قوية تؤسس لانتقال عمل الدولة على مستوى الخدمات الكبرى والتي تهم بناء المدارس والمستشفيات والطرق وإنشاء المدن وتوفير الخدمات الاجتماعية والاقتصادية لأفراد المجتمع إلى العمل على مستوى الفرد والأسرة.

يتقاطع الموضوع الذي سنتناوله في هذا المقال على حافة عدد من الميادين و التخصصات: السوسيولوجيا، الاقتصاد، التاريخ، العلوم السياسية ثم السياسات الاجتماعية والسياسات الأسرية.  لقد أدى البحث في الرفاه الاجتماعي والسياسات الاجتماعية والسياسات الأسرية؛ إلى تدفق مهم للأبحاث بسبب التطور السريع للهياكل الأسرية وأزمة دولة الرفاه غير أن التفاعل بين هتين العمليتين لم يكن دائما واضحا مفهوما او أنه يرجح أحيانا إلى سببية بسيطة .

ظلت المقاربة التاريخية مهيمنة على مستوى تناول موضوع التضامنات العمومية، حتى أنها أنتجت دراسات عديدة، مما ساهم في تشكيل أربع ملامح أساسية لهذا التطور على الأقل قبل التشكيك في دولة الرفاة[1] ومساعدة السكان المحتاجين وذوي المشاكل، تتجه نحو الوقاية من المخاطر مساعدة الفئات المهمشة توسعت لتشمل كل الساكنة عن طريق نظام الحماية الاجتماعية. وعليه نسعى من خلال هذا المقال إلى معالجة إشكالية الانتقال من التضامن العمومي إلى التضامن الأسري في سياق السياسات الاجتماعية المتبناة من طرف دولة الإمارات العربية المتحدة منطلقين من تساؤل أساسي ما هي أهم الإجراءات التي اتخذتها الدولة بهدف تحقيق هذا الانتقال؟

التضامن في السياسات الاجتماعية: أفكار وفلسفة

تنبنبي فلسلة التضامن على مجموعة من الأفكار والمفاهيم الأساسية والتي تصب في اتجاه واحد يتجلى أساسا في كون؛ أن التضامن هو مجموع  الإجراءات التي تضمن إعادة توزيع الثروة أو تبادل الممتلكات و الخدمات، هي إجراءات تضمن ممارسة التضامن بين الأشخاص أو المجموعات الاجتماعية، سواء كان ذلك في الإطار الأسري أو المجتمعي. يشمل هذا المفهوم كذلك، جميع السلوكات الملموسة أو المعنوية، التي تروم دعم أفراد المجتمع من طرف الدول ومؤسساتها[2].

إن هذا الدعم الذي يتلقاه الأفراد يجعلهم يدركون الانتماء المشترك للوطن[3] مما يخلق لديهم الإحساس بالواجبات المتبادلة ليس فقط في حالات المشاكل والصعوبات ولكن من أجل المشاركة في تأسيس مستوى أفضل للعيش مشترك ومستمرة[4].

يشمل التضامن كذلك، معظم الإجراءات والمدة التي يمكن خلالها للدولة أو القطاعات المعنية أو للمانحين والمستنفذين، التي من خلالها يمكنهم أن يوفوا بالتزاماتهم من أجل ضمان توفير الحاجيات الأساسية المسطر في برامج العمل[5]؛ حسب ما يستحقه أو بناء على حاجياته مع مراعاة مبدأ المساواة في توفير معظم الخدمات، التي لا تعتمد على المعايير الشخصية ولكن تمنح للجميع نفس المصالح أو الخدمات وذلك بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية[6].

إن التضامن يمارس كذلك بين الأشخاص أو بين الأسر أو بين الجماعات دون أن يمر بالضرورة من خلال المؤسسات الرسمية. غير أنه في هذه الحالة يكون خاضعا لمنطق الدين والعادات والتقاليد والثقافة والنظم الاجتماعي، التي تشجع في الغالب على التضامن بين أفراد المجتمع[7].

في الواقع أن الواضح، هو  أنه كلما كانت حلقة المساعدات معقدة كلما ارتفع خطر الخلافات وانتشرت النزاعات بين أفراد المجتمع أو المجموعات، لهذا نجد أن الإسلام نص في كثير من النصوص على التعاضد والتضامن على اعتبار أن المؤمنين إخوة وذلك بهدف محاربة النزاع والتظرف ونشر السلم بين أفراد الجماعات وهذا ما يؤسس في تقديرنا لمجتمع الانتماء بهدف ضمان العيش المشترك.

هذه الاعتبارات التي تبدو مجردة تعد أساسية لفهم الطريق، التي تتشكل من خلالها السياسات الاجتماعية وتساهم في تطور المواقف الفردية أو الجماعية حول التضامن وكذا المرجعيات الظاهرية إزاء الأشكال الخاصة أو العمومية، التي قد يتخذها التضامن بالأحرى الرفض الذي يتجلى بالإحالة على الدائرة التجارية حيث كل يدفع ثمن ما يستهلك .

يتعلق الأمر بالتأكيد بفلسفات سياسية وجد مختلفة رغم كون مجتمعنا تراهن على التكامل بين مختلف أشكال الإنتاج وتمويل وإعادة توزيع الدعم الضروري مبدئيا بما في ذلك الأشكال البديلة مثل خدمات الجمعيات[8]، هكذا يبدو جديد المشاكل، التي تمت ملاحظتها أكثر حدة بسبب الأزمة، التي تشهدها المجتمعات الغربية وكذا فشل وتراجع الأنظمة الجماعية (مع ما لذلك من تأثير على إفلاس أنظمة التضامن التي نشهد اليوم ظهورها وكذلك مع الارتفاع الظاهر وغير المحدود تقريبا للحاجات الاجتماعية لخدمات أو مساعدات متعددة وأكثر فاعلية إن هذا التطور للحاجات الاجتماعية يحتاج بنفسه أن يحدد[9].

 

 

الحاجات الاجتماعية: ظاهرة محكومة بالتطور

تبنت دولة الرفاه في الإمارات العربية المتحدة منذ قيامها؛ نموذج الرعاية الاجتماعية، الذي يوفر للمواطنين نقلة نوعية وواسعة من مجتمع الحرمان الاجتماعي / مجتمع ما قبل النفط إلى مجتمع الخدمات والضمانات الاجتماعية[10]، نقصد هنا كل ما أضحى يتعلق بالمعاش والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي وتوفير فرص الشغل ثم المساعدات النقدية للأسر ذات الدخل المحدود وكذلك للفئات المعوزة[11].   في مجتمع لا يتوقف فيه متوسط الرغد من الارتفاع أليس تشخيص الأزمة مؤسسا تحديدا على إبطاء أو توقف هذا الارتفاع ؟ بسط و تحسين المساعدات المتوقعة أو المنتظرة من طرف من يرون أنفسهم في حاجة لها أو فقط في تراجع نسبي تحدث لدى المسؤولين عن العمل الاقتصادي و الاجتماعي شعورا بالقلق: ألن تتجاوز الموجة المتصاعدة للحاجات بسرعة إمكانيات مواجهاتها؟ كيفما كان الشركاء المتدخلون ولكن في المرتبة الأولى الهيئات العمومية أو القائمة مقامها؟

على ماذا ترتكز هذه القناعة بهذا النمو الحتمي لحاجات الدعم و المساعدات؟

في ظل هذا التطور الحاصل بالدولة برزت العديد من الظواهر بعضها واقعي ومتأصل في التطور الاجتماعي، والتي تؤدي إلى بروز تعزيز فئات غير قادرة على مواجهة مشاكلها لأجل البقاء؛ نخص بالذكر هنا البطالة ومترتباتها وخصوصا التهميش الذي تؤذي إليه أيضا، تطور أمد الحياة في ظروف صعبة مرت منها منطقة الخليج العربي، والمتمثلة في الحروب، التي ساهمت في انتشار العديد من الأمراض، خاصة السرطان، كما أن الانفتاح على التكنولوجيا والصناعة بات يعرض المواطن إلى بعض حوادث / عوارض الحياة الزوجية أو الأبوية.

لقد شكلت حالات العجز الصحي والإعاقة نسبة مهمة في الدولة مما جعلها تحظى باهتمام كبير؛ بحيث تحصل على مساعدات اجتماعية تقدر بحوالي 9.3%  من مجموع الحالات المستفيدة من الضمان الاجتماعي[12] ولعل هذه النسبة مرتبطة أساسا بكون متوسط عدد الأفراد التي يتم معالجتها للحالة الواحدة من فئات العجزة صحيا وذوي الاحتياجات الخاصة يمتد إلى أربعة أفراد للحالة الواحدة، في هذا الإطار يحصل العاجز صحيا / شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة دون الثامنة عشر من العمر على إعانة اجتماعية بمفرده[13].

باتت الإمارات العربية تعرف اليوم بعض الظواهر الاجتماعية الجديدة، بحيث ظهرت بعض صعوبات إدماج  الشباب دون أن ننسى تخلف دول العالم الثالث والخلافات المسلمة التي  تتحمل المجتمعات الغربية تبعاتها السلبية بشكل غير مباشر رغم محدودية تدخلها خارج حدود أراضيها الفعلية إذا كان اشتغال أنظمة التضامن الموجودة أصلا بمستوى بعض أو الكثير من هذه الموجة المتصاعدة[14]، فإن عدم تناسبية إمكانياتها وحجم الطلبات يبدو أكثر وضوحا ما دامت الأزمة الاقتصادية وبعض الظواهر الديمغرافية تنقص من توريد الأموال إلى الصناديق عكس تزايد المستفيدين المحتملين.

إن اعتماد دولة الإمارات العربية على العلم و تشييد المراصد الاجتماعية ومراكز البحث الاجتماعي والنفسي؛ مكن من كشف أفضل عن الحالات الممكنة إن الانتشار الواسع و المبالغ فيه أحيانا للمعلومات عبر وسائل الإعلام، التي لم تعد تسمح بالتخفي وراء الجهل بما هو واقع / بما يقع حتى في الأماكن النائية أو بخصوص أحداث لم يكن ضحاياها في الغالب يريدون إظهارها وجعلها عمومية حتى لو كانت هذه المعلومة وأحيانا توجهات الأبحاث العلمية انتقائية جزئية أو منحازة شديدة التأثر ب الموضة أو ب أفضلية فإنها قد تشكل بشكل واضح أو ضمني نداءات الوعي وتعبئة المتضامنات .

يتجلى تضامن دولة الرفاه بالإمارات العربية المتحدة مع المواطن من خلال إنشاء عدد من مؤسسات الرعاية الاجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة. كما توفر هذه المراكز إمكانيات العلاج والرعاية وفرص التعليم واكتساب المعرفة، على مستوى مختلف مراحل التعليم النظامي وغير النظامي[15].

إن تقييم بعض الإعاقات أو بعض مظاهر البؤس أو بعض الصعوبات و المشاكل ب ” غير المطاق” أو غير عادية أو غير عادلة تميل إلى التراجع المستمر مقارنة مع الوسائل التكنولوجية التي تملكها مجتمعاتنا وكذلك طبعا مع ارتفاع مستوى المعيشة وترقيع الاستهلاكات المتداولة فمن جهة ترتفع متطلبات المشتكين/ المطالبين بخدمات صحية وبجودة السكن وتربية الأطفال بما في ذلك بعض الأماكن التي لم تدخلها الحضارة إلا حديثا كالمناطق البدوية النائية ومن جهة أخرى حجم الحاجيات أو خطورة الأوضاع يجعل من المساعدات الموسمية تبدو غير ذات قيمة حيث الحاجة إلى فعل مستمر ومكثف.

تدخل هذه الإجراءات في إطار برامج الرعاية الاجتماعية الرئيسية، التي تقدمها دولة الرفاه، وخاصة فيما يتعلق ببرامج رعاية الأسرة والطفولة. على اعتبار أن الأسرة هي أساس المجتمع. تدخل معظم هذه البرامج في إطار التشريعات الاجتماعية والقانونية، التي تسعى من خلالها الدولة لحماية الأسرة والطفولة. وبرغم من وجود إجراءات عديدة بخصوص رعاية الأسرة والطفولة، فإن الدور الفعلي ظل محصورا في مجال دور الرعاية والإشراف عليها[16] .

وبرغم وفرة الخدمات الاجتماعية ومراكز الرعاية، غير أنه؛ يظهر ب وبشكل غير صحيح أحيانا أن الاكتفاء الذاتي ليس فقط لم يعد يستطيع لا أن يحل بعض المشاكل بما فيها اليومية ولكن أيضا أن التدبير على مستوى الجوار للحوادث وصعوبات المسار ” الطريق لم يعد يستطيع مواجهتها من هذا تأتي الدعوة الفورية لمختص في المساعدة (عامل اجتماعي /مساعد اجتماعي) خدمة المساعدة الطبية المستعجلة أو حتى الشرطة عوض الجار.

لقد دعت السلطات العمومية التي كان عليها توقع ويجب عليها في جميع الأحوال معالجة المشاكل حتى تلك التي ليست مسؤولة عنها بشكل مباشر (مثلا الكوارث الطبيعية نداءات التدخل هذه غالبا ما تصدر عن أولئك الذين يحتجون أكثر على الاقتطاعات الضريبية وتدخل الدولة دون أن يعوا بهذا التناقض[17]. ولعل هذا راجع بالأساس، إلى الاندفاعية الهائلة في النمو الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة[18].

إن هذا التعدد المحسوس للحاجات (من طرف المطالبين به أو الرأي العام ) والذي يتطور باستمرار وفقا للتغيرات السوسيو اقتصادية وتغيرات المقياس الجماعي للقيم يطرح مشكل قدرة مختلف الفاعلين  الاجتماعيين لمواجهته وقدرة الأفراد على التحكم في مستقبلهم في مجتمع عصري يعيش أزمة ما هي مسؤولية كل هيئة فيما يتعلق بالتماسك الاجتماعي باندماج الذين يعيشون في مشاكل وبتكافؤ الفرص[19]. مما ساهم بشكل كبير في الاهتمام بمسألة الرعاية الاجتماعية الجديدة، حيث تم إنشاء صندوق للزاج في عام 1992، كمؤسسة عامة لها شخصية اعتبارية مستقلة[20].

لقد وفرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، مجالا للرعاية الاجتماعية والذي شمل قطاعات التنمية الاجتماعية ورعاية الفئات الهشة[21]. هذه التحولات ساهمت في خلق انتقالات أهمها الانتقال الأسرى، هذا الانتقال الأسري والانتفاء، إما ضمنيا أو من خلال صياغة حجج ترتكز على ثلاث مواقف :إن الدعوة إلى الخدمات غير الرسمية قد يعني أحيانا في الحقيقة الحث على اللجوء إلى الخدمات التجارية حيث يوجد في المجال المعني ما يجعل / يضع كل فرد أمام قدراته الاسهامية الخاصة والخروج من مجال التضامن و المساعدة المتبادلة معادة التوزيع .

إجمالا إن التضامن الذي يترجم رابطا قويا بين الأفراد المعنيين أو / مصلحة مشتركة) يسهل تحصيله عندما يتعلق الأمر بمجموعة صغيرة معروفة أسرية منجزة في تاريخ قريب/ حديث ولكنها في هذه الحالة تزيد من مشاركة كل فرد /تورطه أكثر من كونه تضامنا نظريا أو مجردا بين سكان نفس الأمة / الدولة جل وحتى سكان الأرض عندما يتعلق الأمر بالعالم الثالث. إن التضامن في جميع حالاته وعلى أي مستوى هو أساس و التعبير الرابط الاجتماعي (هو ليس إذن ثانويا ) عكس مبدأ “كل لنفسه” إن الذين يوجدون خارج حقل التضامنات هم مبعدون بطوعهم إذا كانوا يعتبرون أنهم يستطيعون الاكتفاء بأنفسهم دون الحاجة إلى مساعدة جماعية أو منبوذين مرفوضين إذا كانوا قد أبعدو خارج حلقة المستفيدين العلاقة إذن بين التضامن و الاقصاء أساسية .

 

 

تناقض التضامنات الأسرية

سنقول بداية إن أفق التضامنات الأسرية غير واضح لدى معاصرينا رغم أن الأغلبية تنظر بنظرة ايجابية جدا لشبكة علاقاتها القرابية وينظر إليها عموما على أنها في تراجع مع بعض الإحساس بالذنب جراء تخلي الآباء عن  الأبناء،  وفي ذات الوقت نظن نلاحظ فشل الأسرة، التي لم تعد تؤدي مهامها وتهتم بشكل مبالغ فيه بالكماليات[22].

في الحقيقة، إن هذه النظرة الملتبسة و السلبية غالبا تأتي من الوهم المرتبط بأسرة الماضي الأسطورية التي كانت تحل مشاكل أفرادها بلا صدمات رغم أننا نعلم من نفضل خلال المؤرخين أن أزمات التضامنات الأسرية قد رافقت تقلبات الحياة الجماعية: التصنيع، إفلاس الدول، الحروب، أزمة 1930، بالإضافة إلى أنه وفي حقب أبعد لم تكن الأسرة تشكل شبكة الحماية أكثر من النسيج الجماعي المحيط في شمولية (قرية، الحي، وجهاء وقضاة ) فقد ظهرت / ولدت العديد من الخدمات الاجتماعية في الأصل من عدم قدرة الأسرة مواجهة بعض صعوباتها[23] .

في الواقع نرى كل الأبحاث الأخيرة أن حالة الشبكات الأسرية مزدهرة أكثر مما هو متداول إضافة إلى الحفاظ عليها حتى في حالة النزاعات الزوجية فإن حدتها تظل قوية على طول الحياة. إن التعايش بين الأجيال يتكثف عندما يتعلق الأمر بالشباب (صغار) ذوي صعوبات مشاكل الاندماج المهني والزوجي وبشكل أكثر استثنائية عندما يفقد المتقدم في السن استقلاليته ( القدرة على تولي نفسه) أو عندما تجب المساعدة المتبادلة بينهما[24] .

إن تقارب محل السكن مع هذا الفرد أو ذاك ممن تجمع بينهم علاقة قرابة مطلوب (وهو غالبا اختيار السكنى) لقاءات الأحد قضاء أوقات ترفيه أو إجازات تكون متكررة كما أن وثيرة الاتصالات الهاتفية تشتد كما أن المناسبات الأسرية تحترم وتقدس سواء كانت أحداثا أسرية أو مناسبات عامة[25].

إن هذه المبادلات لا تكون عاطفية أو كلامية بحثة ولكنها تتخذ أشكالا مادية من خلال جميع أنواع الهدايا (خصوصا للأطفال )الهبات أو سلفات مالية (بما فيها المساعدة على اتخاذ مسكن ) في استباق للإرث ( وهي الحالة الأكثر شيوعا) عندما يتعلق الأمر بمساعدة من الآباء إلى أبنائهم إن الخدمات المتبادلة تشكل شبكة محدودة : رعاية الأطفال / حضانة، الرعاية في السكن[26].

يجب الإشارة إلى أن نوع المساعدات يختلف بطبيعة الحال مع السن كما أنه يمكن أحيانا أن يكون بالاتجاه المعاكس فالآباء يساعدون كثيرا أبناءهم وهم يشكلون أسرهم الخاصة، ولكنهم يصيرون محتاجين للمساعدة بدورهم عندما يواجهون المشاكل المتعلقة بالتقدم في السن فتنشأ الوضعية الصعبة لما يمكن أن نسميه الجيل العالق الذي يجد نفسه في نفس الوقت مطلوبا للمساعدة من طرف أبنائه و حفدته وكذلك أصوله / أبائه .

إن الأزمة الاقتصادية تزيد من ضرورة هذا الدعم المتبادل خصوصا إزاء الشباب العاطلين كما يتقوى في حالات الحوادث الزوجية ولكن بعض السرية تظهر عندما يظهر أن الآباء لا يريدون التدخل في الخلاف.

إن العلاقة داخل الشبكة الأسرية لها مميزاتها الخاصة التي تطبع التبادلات في مقارنة مع الأشكال الأخرى لتوزيع الخدمات هكذا فهي تتميز في نفس الآن بعدم التماثل / التناسق الانقطاع وكذلك التبادل إن النقاش الحديث للسوسيولوجين حول مفهوم الهبة (دون أمل إعادتها أو كتعبير عن عاطفة) أو الفرض (أفراد الأسرة يجمعون الديون لبعضهم البعض ) يظهر كيف أن التبادل ” غامض” إذا ما اعتبرنا فقط أن التبادل غير متكافئ بسبب إمكانيات كل فرد وانه يمتد لفترات زمنية طويلة وانه أحيانا ليس المانح من يستفيد في المقابل بدوره ووفق هذا فإن أشكال التعويض إرجاع الملك إلى صاحبه الممكن متعددة وقد تختلف عن الهبة الأصل أحيانا وحتى إذا كان هناك تقنين / تنظيم فإنه يتم في سرية الأسر (باستثناء الإرث و النفقات الغذائية) أساسا عن طريق الرابط العاطفي الذي لا يجب كسره والرغبة في تجدب الخلافات أو عدم تأجيجها إن هي كانت .

في الحقيقة إن هذا التصور لعدالة أسرية الممتدة/ المنتشرة عبر الزمن تقترب من مشاكل حديثة على المستوى المجتمعي مثلا مشكل المساهمين و المستفذين من التقاعد هل هناك أجيال مستفيدة أكثر من الأخرى؟ كذلك يمكن ان يكون هناك (لقد كان وسيكون دائما خصوصا في النساء) مستغلون داخل الأسرة سواء كانت عاشت هذه وضعية استلاب أو ذاقت حرمانا كبيرا .

ورغم أن النساء يتواجدن في مركز شبكات التبادل هذه إلا أنه لا تتم دائما الإشارة إلى تغير شروط حياتهن أو وضعهن في المجتمع (خاصة في النداءات إلى التضامن الأسري )

فنجد بذلك في التبادلات الأسرية أسئلة ” العدالة ” التي أشرنا إليها في إطار عام في المقدمة فهل هي موجهة بمركز كل فرد أي المرتبة / المكانة التي يحتلها داخل الأسرة؟ بالحاجة التي تدفع إلى إعطاء أكثر للأضعف؟ . بالمساواة التعاقدية إلى حد ما ؟ أم بالمقابل في الوقت أو المدة؟.

إن هذه الأنماط كلها يمكن أن تتواجد بالتعاقب حسب  لحظات / مراحل دورة الحياة الأسرية إن تحديد توازن هذه التبادلات يصعب أكثر بسبب ما يحول حول هذه الأسئلة من مسكوت عنه دائم إضافة إلى شبكة استحالة فك خيوطه حيث يندمج و يتشابك المادي والعاطفي ليست هنالك منفعة مطلقة ولا مجانية تامة عموما إن الخدمة الأسرية تبقى كيفما كان الحال تحمل صفة التلقائية المغمورة بالحرارة الإنسانية عكس برودة مجولية الخدمات البيروقراطية وبشكل متناقض فإن هذه النظرة يحملها في نفس الوقت بعض المستفيدين أو المستعملين المحتملين بعبارة قدحية) أو بعض الوكلاء المهنيين[27] .

إن هذه القناعات التي يجب إعادة النظر فيها وضبط فروقها البسيطة/ اختلافات حسب وضعيات محددة و التي تحيلنا دائما إلى حد ما أسطورة الأسرة لا يجب أن تنسينا حدود المتضامنات الأسرية في مجتمع مثل الذي يوجد اليوم في بلداننا . فأمام الحاجة الملحة / مطالبة المتزايدة ل الجودة التقنية وإذن للفعالية تفشل الخدمات الأسرية سريعا (حتى أكثر نية ) أمام مشاكل تقنية ومعقدة مرتبطة ببعض الحالات أو بعض التغيرات / تطورات[28].

إن تدهور العلاقات الذي يسبق أو يرافق في حالات متعددة وضعيات النقص الجسدي أو معنوي تحتم تدخلا خارجيا لفاعل أقل تورطا/ انخراطا عاطفيا نعلم كذلك أن اكراهات الحياة الزوجية و الأسرية ولكن أيضا تطلعات كل فرد إلى تطوير واستثمار مؤهلاته في ميادين مختلفة من الحياة الاجتماعية (العمل، المشاركة الجمعوية، دعم جماعي الخ..) لم تعد تتوافق مع الأعباء الأسرية التي تفرض تواجدا دائما وغير محدود بالزمن أو المكان وحتى ماديا أحيانا وحالة الأشخاص المتقدمين في السن غير القادرين على تحمل أنفسهم هي النموذج الأكثر راهنية لمشكل جوهر الصندوق خاصة النساء. فهل يمكن أن نحد فقه في الجهات الأسرية بشكل دائم دون مخاطر للتوازن الشخصي ولضرورة المشاركة الجماعية؟

في الأخير يجب التأكيد على أن التضامنات الأسرية التي تتم بين أشخاص لهم تقريبا نفس الإمكانيات خاصة على مستوى المعلومة الوصول إلى الموارد والمداخل هي أساسا ضد إعادة التوزيع وبالتالي فهي تحافظ على التفاوتات والعجز . كل واحد يعطي ما يستطيع غالبا بكرم كبير ولكن في الحدود الصارمة لإمكانياته.

إذا كان لبعض البدائل دور (وقت أكثر وصال أقل اهتمام أكثر وكفاءة أقل …) فإن ليس من السهل اعتبار أن كل شيء ممكن وانتظار ” المعجزات من الحب الأسري .خاصة في ما يتعلق بالمشاكل التي ترتبط بها المسؤولية الجماعية ارتباطا قويا (المسؤولية السوسيو اقتصادية السياسية ) .

فهل يجب أن نذكر إذن بضرورة الأخذ بعين الاعتبار في هذه النقاشات تعدد الحالات الأسرية أمام التقويم كان واع أو لا الذي يمارسه المدافعون عن الأسرة الخالدة/ أبدية المحمية من الاكراهات التاريخية الاقتصادية و الثقافية؟ كما يقول المثل المشهور : إن التاريخ لا يمرر الأطباق مرتين إن العودة إلى وضعيات سابقة وأسطورية إلى حد ما ليس إلا وهما / إغراء .

أشكال التضامن والتكامل

إن الصورة المثالية المتداولة عن التبادلات الأسرية ضد الأحكام المسبقة و المنحازة ضد الخدمات العمومية خصوصا عندما نتوقف على التضامنات العامة بالبيروقراطية بشكل واضح / مباشر معا هنا تأتي النظرة الأكثر انتشارا في الطبقات الأقل حظا ( في الرأي ) و التي تنظر إلى التضامن العام بكونه جامدا لا يأخذ الأشخاص بعين الاعتبار ذو احترافية جافة ومتعارضة مع الإخلاص الذي لا يحسب لحظاته وانه من السهل إعطاء أمثلة سواء لدعم هذا الطرح أو لدحضه حسب نمط التنظيم و الأشخاص المعنيين في كل حالة.

ولكن هذا العتاب الموجه للخدمات التي تعتمد على السلطات العامة ليس وحيدا فالمستعملون المحتملون يؤكدون على صعوبة تقييم / المطالبة بحقوقهم وعلى تعدد الإجراءات اللازمة وعلى تعقيد الملفات وفي المقابل الجانب التدقيقي و التحقيقي حد التطفل الإقحام للمراقبة التي تتم قبل أو بعد وكذا التبذير وسوء التدبير المرتبط / المتأصل في التنظيمات المعقدة التي يترتب عنها وساطة طويلة بين المال المدفوع (سواء تعلق الأمر بجميع الصدقات و الهبات مساهمات هيئات… ) المستفيدين.

إن القناعة بتمويل بيروقراطية ثقيلة بأموال المساهمين تبقى رغم ذلك راسخة مع مرجعية وهمية حول خدمات تجارية ” فعالة ” نعلم أن لها أهدافا ربحية وأنها يجب أن تحققها في مكان ما العلبة السوداء لإعادة التوزيعات تحتفظ بغموضها .

وهذا ما يولد أحيانا شعورا بالحيف تجاه المعاملة التي يحظى بها مختلف المستفيدين بنفس الشكل الذي يمكن أن نعتبر فيه داخل الأسرة أحيانا أن هذا الأخ أو هذه الأخت تعامل بأفضلية من طرف الآباء فيشعر المستفيد من الخدمة أو الأداء بالظلم لأن الآخرين قدمت لهم مساعدة أحسن منه رغم ” عدم أحقيتهم ” بسبب أصولهم أو مساراتهم الماضية فنصل بالتالي إلى الطعن في مبدأ إعادة التوزيع نفسه من يدفع لأجل من ؟ وأساسا من يقبل بالتنازل عن استرداد استمارة لصالح الذين هم في حال أسوأ ؟ كما أنه وفي ميدان التجارة المؤمنون لا يقبلون الدفع إلا بأكثر من قيمة خسائرهم (و المؤمنون يرفضون الزبناء المبذرين ) إن أساس التضامن المبني على نفس الانتماء ينمحي أما المطالبة الفردية والفئوية .

ربما على هذا المستوى الجماعي وجبت إثارة ردود الأفعال الفر دانية التي نظن إنها نراها بشكل عادي في الميدان الأسري و التي تغذي الخطاب حول فقدان التضامنات بين أشخاص من نفس القرابة إن الوعي بالانتماء وواجبات المساعدة المتبادلة المرتبطة به تبقى حية داخل الأسر ولو كانت الأسرة مختلة.

هذه القضايا تشويش بل إنها قد تمضي إلى بعض من الأنانية الأسرية ( أسرتي، أولادي قبل كل شيء) التي تقوض التماسك الاجتماعي وتحرض على رفض الترابط بين أولئك الذين يواجهون صعوبات في الحياة وأولئك الذين يتجاوزونها بشكل أفضل إن التنافر/ العداوة التي تحصل بين الفئات الاجتماعية بخصوص الأرباح الاستفادة التي يمكن استخلاصها من الإرث المشترك يجب وضعها في علاقة مباشرة مع الاحتجاج / رفض مبدأ وطريقة اشتغال بعض أنظمة المساعدة .

لا يمكننا أن نرى / نعتبر هذا التوسيع حلا للتخفيف من المشاكل الجماعية دون اختيار آخر فقط لأنه يبدو أقل تكلفة أولا يجب التذكير أن شروط الحياة وأشكال الحياة الأسرية لم تعد تسمح بتحمل المشاكل التي يتزايد تعقيدها ونحن لسنا هنا بصدد مجرد إطار أخلاقي بسيط تجب إعادة تأهيل شروطه من حقنا أن لا نفكر إلا في تضخيم التضامنات الأسرية ولكن هذا يؤذي بنا إلى تكسيرها بإشعال توتراتها .

وفوق هذا يمكننا أن نفكر أن تعثرات الاندماج التي  نشاهد تضاعفها في مجتمعاتنا هي ذات علاقة ببعض قصور الأوساط الأسرية (اقتصادي، ثقافي، نفسي) والتي لا تكون الأسرة مسؤولة عنها بتاتا أو كليا وإرجاع هذه الصعوبات و المشاكل بشكل مباشر إلى التحمل الأسري لا يمكن بطبيعة الحال أن يساعد في فكها بل قد يؤدي إلى تعزيز عملية التهميش و النقص .

من التضامنات العامة إلى تسوية ظروف العيش بين الفئات الاجتماعية

رغم هذه المساعدات الجماعية هي موجهة في الأصل إعادة التوزيع فإنه يجب عليها أن تعدل بين مختلف وجهاتها التي هي في عمق هذا النقاش الاجتماعي أول أهدافها هو التخفيف من التفاوتات بين الفئات الاجتماعي المحظوظة إلى حد ما في الحقيق إن التضامنات تلعب أكثر دور المخفف في الوضعيات الكارثة أو في حالات الخطر الشديد ونحن نعلن أن العمل الاجتماعي لا يمكن أن يتصدى وحده لتأثير العوامل السوسيو-اقتصادية الدائمة التي تحدث التفاوتات ولكنه يكبح ترسيخ مجتمع بسرعتين[29] .

إن تعدد الخدمات الممنوحة وفقا للأطفال تظهر أن المواقف ليست محسومة بشكل واضح يتعلق التساؤل المطروح حديثا بالتضامن الواجب تفعيله بين الفئات العمومية داخل المجتمع خصوصا النشطاء والمتقاعدين (ولكننا يمكن أن نوسع هذا التساؤل إلى التحيكم بين النشطاء و المحرومين من العول )[30] .

إن التنافس بين المتقدمين في السن كمستفيدين من الأنظمة العامة والشباب المكافحين لإيجاد مكان لهم، تميل إلى التفاقم هذا النقاش غالبا ما يكون مخلوطا بسبب عدم اعتبار إدخال إعادة  التوزيع المهمة وغير المهيكلة التي تمارس بالضبط داخل الأسريين الآباء و الأبناء وكذلك عدم دراسة الوضعيات عن قرب حسب الجندر / الجنس .

لقد تحولت الممارسة التضامنية مع الوقت من مساعدة تقديرية (كان يعبر عنها سابقا بالإحسان / الصدقة يقدرها المانح) إلى اعتراف ب ” الحق في مساعدة مرتبط فقط بالحالة الفعلية التي يتواجد فيها الفرد. كأن هناك دينا وجب دفعه من طرف جميع المواطنين إزاء أولئك الذين يعيشون صعوبات/ مشاكل ولكن النقاش بين رفض تحمل مسؤولية هذه الوضعيات وردها إلى القدر أو سوء الحظ ( أيضا خلل اجتماعي ) أو إلى إذناب الأفراد المعنيين لم ينطفئ بعد[31].

تشهد على ذلك الخطابات حول (تعويضات الآباء المعزول) أو حول  (الحد الأدنى من الدخل ) والذي ينظر إليه أحيانا كمشجع على الكسل أو فتكون النتيجة الطبيعي إذن هي مطالبة المستفيد من المساعدة بالمقابل كدليل على حسن نيته  في العودة إلى المعايير الاجتماعية وما يعني كذلك حرمانه من حقوقه إذا لم يقبل بهذا المطلب

ما هي المكانة،  التي تحتلها الأشكال البديلة للتضامن ؟

إن التحاليل المختلفة التي شملت أشكال التضامن تميل إلى تقديم البديل ” تضامن أسري تضامن عمومي كما لو أنه ليست هناك أي شكل آخر من الدعم الاجتماعي مهيكلا أو غير مهيكل وهو إلغاء سريع (كما سبق وأن رأينا سابقا بالنسبة للمتضامنات الأسرية) لوجود شبكات المجاورة او الصداقة والتي تلعب دور المساعدة بشكل واضح أو كمصدر تبادلات منتظمة رغم كونها بطبيعة الحال قائمة على نوع من الانتقائية (ما يعزز بعض الاقصاءات الممكنة عكس المساعدة العمومية) ورغم أن هذه الشبكات مهددة بالتحرك المجالي / التنقل الذي يبدو كحتمية غير مادية في مجتمعاتنا فلا يجب التقليل من شأنها .

بشكل رسمي نعلم إن هناك عدة مبادرات جمعوية وبالتالي ذات طابع مؤسسة تعمل جاهدة لتأمين الدعم و الخدمات (زبائن” مختلفة (منظمة) : منخرطيها أو بعض الفئات المستهدفة وهي المبادرات، التي تبقى في مستوى أكثر ولوجي وأكثر قربا من أولئك الذين يشكون/ يخافون المنظمات البيروقراطية إذا أنها تؤسس غالبا على التبادل أو المساهمة / المشاركة الفعلية للمستفيدين أنفسهم.

إن  التداخل القائم مع التضامن العام يظهر بشكل أقوى من خلال التمويلات التي تحصل عليها من طرف المجتمع المحلي أو الوطني وتدفعنا هذه الملاحظة الأخيرة إلى التفريق بين المعارضات الموضوعية التي يمكن أن تتم بين مختلف أشكال التضامن في مجتمعنا الحالي هناك علاقة اتصال تمتد من غير المهيكل أو الأكثر خصوصية إلى الأكثر تنظيما فالأكثر انفتاحا على الجميع كما نلاحظ أن عتبات أو تعين الرعاية الممنوحة ليست سهلة التحديد .

خاتمة

إن مشكل المتضامنات و الإجابات اللازمة لحاجات تقدر بنفسها بأشكال محتملة تحيلنا بشكل واضح إلى التصورات السوسيو سياسية نفسها بمعنى الحياة داخل المجتمع سواء تعلق الأمر بالنقاش حول المسؤولية الفردية والخطأ الجماعي عندما تظهر الصعوبات أو بتوجيه المساعدات نحو المعناية أو العودة إلى الاستقلالية أو بالسلطة المعيارية التي يجب ممارستها أو المساعدة اللامشروطة بالتوزيع بين الفئات وحتى بأشكال الخدمات / الأداء (نقدي) بالميادين .

 

 

 

المراجع

الجوة، نور الدين. «دور الأسرة في دعم أركان مجتمع التنمية الشاملة» المنظمة التونسية للتربية والتنمية، 2010.

الحسن. مستقبل دولة الرفاه في الخليج، دار الخليج للصحافة و الطباعة و النشر ، 1999.

الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، نحو سياسات اجتماعية متكاملة في الدول العربية، إطار وتحليل مقارن، الأمم المتحدة، نيويورك 2005.

الأمم المتحدة، الاقتصاد الاجتماعي التضامني: أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية، سلسلة السياسات العامة، أوراق موجزة، العدد 4،

السنة، 2014.

DEFILIPPIS J. « The Myth of Social Capital in Community Development », Housing Policy Debate, Volume 12, Issue, 2004.

 

HENRI LERIDON: Les enfants du désir; Pluriel, Paris, 1998, P127.

Luc-Henry Choauet. « Implicites de l’organisation dans la production du droit social » Les implicites de la politique familiale, Ouvrage collectif, 1999.

Pitrou, AGNES.«Solidarité familiale et solidarité publique»  Familles et politiques sociales, Dix questions sur le lien familiale contemporain,  Sous la direction de Le Gall, Didier. Claud, Martin. Ed, L’Harmattan, 1996, P229.

 

 

[1]  في كثير من العديد تذهب هذه الدراسات إلى التشكيك في دولة الرفاه الاجتماعي

[2] Pitrou, AGNES.«Solidarité familiale et solidarité publique»  Familles et politiques sociales, Dix questions sur le lien familiale contemporain,  Sous la direction de Le Gall, Didier. Claud, Martin. Ed, L’Harmattan, 1996, P229.

[3]   الحسن. مستقبل دولة الرفاه في الخليج، دار الخليج للصحافة و الطباعة و النشر ، 1999،  ص70

 

[4]  Pitrou, AGNES.«Solidarité familiale et solidarité publique» Op. Cit,  P229.

[5]  الحسن. مستقبل دولة الرفاه في الخليج،  مرجع سبق ذكره، 1999،  ص70

[6] I Pitrou, AGNES.«Solidarité familiale et solidarité publique» Op. Cit,  P229.

[7]  Pitrou, AGNES.«Solidarité familiale et solidarité publique» Op. Cit,  P 231.

[8]  أقصد هنا التي تستفيد إلى حد ما من الدعم الصناديق العامة عندما تنتج خدمات لا تؤمنها السلطة العامة

[9] Pitrou, AGNES.«Solidarité familiale et solidarité publique» Op. Cit,  P231.

[10]   الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، نحو سياسات اجتماعية متكاملة في الدول العربية، إطار وتحليل مقارن، الأمم المتحدة، نيويورك 2005، ص 65

[11]   يوسف، الحسن. مستقبل دولة الرفاه في الخليج، مرجع سبق ذكره ص70

[12]  حسب إحصاء 1995: أنظر في هذا الصدد: يوسف، الحسن. مستقبل دولة الرفاه في الخليج، مرجع سبق ذكره ص70

[13]  يوسف، الحسن. مستقبل دولة الرفاه في الخليج، 1999 مرجع سبق ذكره ص70

[14]  نقصد في هذا الصدد تعويضات البطالة التقاعد الحماية الاجتماعية

[15]  يوسف، الحسن. مستقبل دولة الرفاه في الخليج، مرجع سبق ذكره، ص 80

[16]  يوسف، الحسن. مستقبل دولة الرفاه في الخليج، مرجع سبق ذكره ص، 82

[17]   مرجع سبق ذكر ص 59.

[18]  مرجع سبق ذكر ص 59.

[19]  Luc-Henry Choauet. « Implicites de l’organisation dans la production du droit social » Les implicites de la politique familiale, Ouvrage collectif, 1999, P,139.

[20]   يوسف، الحسن. مستقبل دولة الرفاه في الخليج، مرجع سبق ذكره ص 59.

[21]  نفس المرجع السابق ذكر ، ص 59.

[22]  HENRI LERIDON: Les enfants du désir; Pluriel, Paris, 1998, P127.

[23]  نور الدين، الجوة. «دور الأسرة في دعم أركان مجتمع التنمية الشاملة» المنظمة التونسية للتربية والتنمية، 2010، ص 4.

[24]  HENRI LERIDON: Les enfants du désir; Op. Cit, P127

[25] Ibid, P 128

[26]  نور الدين، الجوة. «دور الأسرة في دعم أركان مجتمع التنمية الشاملة» مرجع سبق ذكره،  ص 5.

[27]  الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، نحو سياسات اجتماعية متكاملة في الدول العربية، إطار وتحليل مقارن، الأمم المتحدة، مرجع سبق ذكره، ص 5.

[28]  نفس المرجع السابق ذكر، ص 5.

[29] DEFILIPPIS J. « The Myth of Social Capital in Community Development », Housing Policy Debate, Volume 12, Issue, 2004, P 4.

[30]  Ibid; P 4.

[31]  الأمم المتحدة، الاقتصاد الاجتماعي التضامني: أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية، سلسلة السياسات العامة، أوراق موجزة، العدد 4، السنة، 2014، ص 6.

Exit mobile version