Site icon مجلة المنارة

سبل إصلاح وتحديث المحاكم المالية بالمغرب

سبل إصلاح وتحديث المحاكم المالية بالمغرب

الدكتور أحمد طويل ــ كلية الحقوق وجدة

مقدمة

إذا كان إصلاح المحيط الداخلي للمحاكم المالية يعد ركيزة أساسية لتطوير أدائها الرقابي والرفع من إنتاجية وفعالية هذه المحاكم ، مما ينعكس إيجابا على مجال حماية الموارد المالية العمومية وترشيد وعقلنة الإنفاق العمومي ، وبالتالي إرساء آلية أساسية من آليات الحكامة والسير نحو تحقيق تنمية مستدامة ، فإن إصلاح المحيط الخارجي لهذه المحاكم يعد مطلبا أساسيا وجوهريا ، بل إنه لا يقل أهمية عن إصلاح المحيط الداخلي .وبالتالي فإن الحديث عن إصلاح النسق الخارجي للمحاكم المالية يقودنا إلى مناقشة عزلة هذه المحاكم ، وانطوائها على نفسها ، وضبابية عملها ، وعدم فعالية تنسيقها مع الأجهزة الرقابية العليا الدولية  والإقليمية  بالشكل  الذي  يفعل  رقابتها  ويحسن أداءها .

ولعل الحلول العملية لهذه الظاهرة السلبية تكمن في ضرورة تعزيز استقلالية المحاكم المالية بما يحقق لها القوة والفعالية والجودة في أداء وظائفها ، وعدم خضوعها للسلطتين التنفيذية والتشريعية ، وهذا يتطلب إصلاحا دستوريا يترجم إلى إصلاح يشمل الترسانة القانونية المتعلقة بمجال الرقابة المالية خصوصا ما تعلق بضمان استقلالية قضاة المحاكم المالية  (المبحث الأول) ، ثم إصلاح النسق الخارجي المحيط بأجهزة الرقابة العليا على الأموال العمومية ، لاسيما ما يرتبط بإحداث مؤسسات رقابية أخرى وإيجاد آليات للتنسيق والتكامل بين هذه الأجهزة (المبحث الثاني)  ، إضافة إلى ضرورة انفتاح المحاكم المالية على فعاليات المجتمع المدني والرأي العام وتشجيع البحث العلمي في مجال الرقابة المالية (المبحث الثالث) .

المبحث الأول : تعزيز مستلزمات استقلالية المحاكم المالية

إن استقلالية المحاكم المالية يعد شرطا أساسيا لمنح هذه المحاكم الآليات المناسبة واللازمة للقيام بوظيفتها

الرقابية على أكمل وجه ، ولكي تكون هذه الاستقلالية حقيقة لا بد من توفر ضمانات تحمي وتعزز هذه الاستقلالية ، ويأتي على رأس هذه الضمانات التنصيص الدستوري على استقلالية الأجهزة العليا للرقابة، ثم استقلالية أعضائها ، مما يطرح وبإلحاح مسألة إصلاح الإطار الدستوري المغربي للمحاكم المالية (المطلب الأول) ، ثم تفعيل هذه الاستقلالية من خلال إرساء علاقة تعاون وتكامل بين هذه المحاكم والسلطتين التنفيذية والتشريعية بالشكل الذي تحتفظ فيه كل مؤسسة باستقلاليتها العضوية والوظيفية عن باقي المؤسسات الأخرى (المطلب الثاني) .

المطلب الأول : تعديل الإطار الدستوري والقانوني للمحاكم المالية

إن قياس فعالية أية مؤسسة أو أي جهاز إنما يتم عبر قياس درجة استقلاليتها عن باقي الأجهزة والمؤسسات الأخرى ، وبالتالي عبر الضمانات الممنوحة لها لأداء مهامها والقيام بوظائفها . ويعد التأطير الدستوري أهم هذه الضمانات ، لأن الدستور يعد أسمى قانون لأي دولة ويتربع على قمة هرم تدرج القوانين ، مما يعني احترام القانون الأدنى للقانون الأسمى .

ومن هذا المنطلق ، فإن السند الدستوري لأجهزة الرقابة العليا على الأموال العمومية ، يتيح لهذه الأجهزة التمتع بالاستقلالية المطلوبة في أداء مهامها المنوطة بها ، وبالتالي عدم خضوعها لباقي أجهزة الدولة ومؤسساتها . وفي هذا الإطار نؤكد أن الإطار الدستوري المتعلق بالمحاكم المالية قد عزز هذه الاستقلالية من خلال تأكيده في فقرته الأولى من الفصل 147 من الدستور المغربي لـ 2011 على أن : ” المجلس الأعلى للحسابات هو الهيأة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة ، ويضمن الدستور استقلاله[1] ، ولكن هذا غير كاف لأن المقتضيات الدستورية لم تُضْفِ على هذه الأجهزة الرقابية الصبغة القضائية ، على الأقل لما لم تدرجها تحت المنظومة القضائية للمملكة ، وذلك حينما خصص لها المشرع الدستوري بابا خاصا بها وهو الباب العاشر[2] ، فيما خصص للسلطة القضائية الباب السابع[3] ، وكأن بإرادة المشرع الدستوري تميز المحاكم المالية وتخرجها من دائرة السلطة القضائية ، وهذا التمييز من شأنه أن يضعف القيمة الدستورية لهذه المحاكم ، أضف إلى ذلك تأخر إدراج المحاكم المالية في الوثيقة الدستورية ، خصوصا إذا علمنا أن الهندسة الدستورية لها أهميتها ودلالاتها من حيث أن المقتضى اللاحق يجب أن يحترم المقتضى السابق ، في حين أننا نقترح في هذا الباب منح السلطة القضائية ـ والمحاكم المالية عضو من هذا الجسم ـ مركز الصدارة وجعله على قمة الهرم المؤسساتي للدولة . ولتحقيق هذا المبتغى لا يكفي ضمان استقلالية الأجهزة العليا للرقابة فقط كمؤسسة بل ينبغي

الحرص أكثر على ضمان استقلالية أعضائها [4] ،بالنظر إلى الارتباط الوثيق بينهما ، وبالتالي يجب منح ضمانات كافية لاستقلالية القضاة الماليين أيضا في الوثيقة الدستورية مثل إجراءات العزل من الوظيفة وطريقة التعيين ، لضمان حيادهم ونزاهتهم وحمايتهم من أية ضغوط أو أية إجراءات عقابية كالعزل دون وجه حق . كما أن أعوان أجهزة الرقابة العليا على الأموال العمومية يجب أن يكونوا في منأى عن مثل هذه الضغوط التي يمكن أن تمارس عليهم من قبل الهيئات الخاضعة للرقابة ، ويجب ألا يكونوا تابعين لهذه الهيئات [5] ، وهي المقتضيات التي يخلو منها الدستور المغربي لسنة 2011 ، مما يمكن اعتباره تقصيرا من المشرع الدستوري المغربي ، وترددا في حماية القضاء المالي ورجاله من أي تأثير خارجي يسيء لوظيفتهم النبيلة [6] . في مقابل هذا فإن الدستور المغربي لسنة 2011 أكد على استقلالية قضاة الأحكام وعلى عدم إمكانية عزلهم أو نقلهم إلا بمقتضى القانون [7] ، كما جعله في منأى عن أية ضغوط أو تعليمات [8] ، إضافة إلى أنه خوله حق اللجوء إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية في حالة اعتبار أن استقلاله مهدد ، وأكد على معاقبة كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة [9] . كما نص الدستور المغربي على توفير كافة الضمانات المتعلقة استقلالهم وتعيينهم وترقيتهم [10] .

بالإضافة إلى ضرورة استقلالية قضاة المحاكم المالية ، فإن الاستقلالين المالي والإداري يعدان أيضا من أهم مظاهر استقلالية أجهزة الرقابة المالية العليا ، وبالتالي وجب منح هذه الأجهزة الوسائل المالية والاقتصادية الضرورية ، حتى تضطلع بمهامها على أكمل وجه [11]. الشيء الذي حاولت مدونة المحاكم المالية مسايرته لما نصت على استقلالية ميزانية المحاكم المالية وإدراجها في الميزانية العامة للدولة [12]، ولكن هذا غير منصوص عليه دستوريا ، عكس ما هو عليه الحال بالنسبة لاستقلالية ميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية حينما نص على ذلك المشرع الدستوري بصراحة [13].

المطلب الثاني : تعزيز استقلالية المحاكم المالية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية وتعزيز التعاون بينها

تشتغل المحاكم المالية في تفاعل مع محيطها السياسي،هذا المحيط أثر بشكل سلبي عليها سواء من حيث استقلاليتها كمؤسسة أو من حيث أدائها الرقابي ،  خصوصا في تجربة المجلس الأعلى للحسابات سابقا

مما تطلب الأمر اعتماد إصلاحات تهم دعم استقلاليتها في علاقتها مع هذا المحيط بالشكل الذي يساهم في تعزيز استقلاليتها من جهة  ، ويقوي علاقتها بالسلطة التشريعية (الفرع الأول) ، كما يجب أن يطال هذا الإصلاح علاقة هذه المحاكم بالسلطة التنفيذية وتعزيز التعاون بينهما (الفرع الثاني) .

الفر ع الأول : تفعيل استقلالية المحاكم المالية وتقوية علاقتها بالمؤسسة التشريعية

إن العلاقة بين الأجهزة العليا للرقابة والمؤسسة التشريعية أصبحت من ركائز التدبير الجيد للمال العام ، وهي تقليد تعمل به العيد من الدول ، إلى درجة أن اعتبر البعض أن كلاهما مكمل لبعضهما البعض [14] ، كما أن هذه العلاقة يجب أن تتأسس على دعامة أساسية هي استقلالية الأجهزة العليا للرقابة عن باقي المؤسسات ، إلا أن هذه الاستقلالية لا تمنع من التعاون البناء والمثمر بين هذه المؤسسات والهياكل .

ولضمان هذه الاستقلالية ينبغي تفعيل المقتضيات الدستورية التي نصت على مبدأ استقلالية الأجهزة العليا للرقابة ، وذلك من خلال نصوص قانونية وتنظيمية لتحديد مدى استقلاليتها ، وتقديم التفاصيل في هذا الإطار ، وينبغي بالخصوص إنشاء محكمة عليا تضمن الحماية القانونية المناسبة ضد كل تدخل من شأنه أن يعوق هذه الاستقلالية [15]. ومن ناحية أخرى فإن المنظمات الدولية للرقابة العليا على الأموال العمومية حثت على ضرورة التنسيق بين هذه الأجهزة والمؤسسة التشريعية ، وبنفس الحدة أكدت على ضرورة استقلالية هذه الأجهزة، وحثت على أن هذه العلاقة يجب أن يكون منصوصا عليها في الدستور وفق ظروف ومتطلبات كل بلد [16] .كما أن توصيات الندوة الدولية السادسة حول : ” المجالس الجهوية للحسابات والحكامة الجيدة” أكدت على استقلالية المحاكم المالية وكفاءة الفاعلين بها في ممارسة مهامهم و مصداقيتها في الأوساط الإدارية والمجتمع [17] .

إن المغرب في دستور 2011 قد عمل على احترام هذه التوصيات كما هو متعارف عليه في تجارب الدول المتقدمة خصوصا الفرنسية ، مما جعل الحاجة ملحة لإصلاح الترسانة القانونية لمواكبتها المستجدات الدستورية التي حثت على ضرورة تدعيم جسور التعاون والتنسيق بين أجهزة الرقابة العليا والبرلمان ، وتوسيع نطاق مساعدة هذه الأجهزة للمؤسسة النيابية حينما أكد على أن : ” يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للبرلمان في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة ، ويجيب عن الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية العامة ” [18]، كما يجب أن : ” يُقدم الرئيس الأول للمجلس عرضا عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان،

ويكون متبوعا بمناقشة ” [19].ولتفعيل هذه المقتضيات الدستورية نقترح :

ـ إدخال إصلاحات قانونية وتقنية وتنظيمية ومؤسساتية ، سواء تعلق الأمر بأجهزة الرقابة العليا أو بالمؤسسة التشريعية ، وبالأساس الجانب المتعلق باختصاصات لجنة المالية واللجان الأخرى الدائمة ، إذ أنه واستئناسا ببعض التجارب المقارنة كإسبانيا مثلا التي تتكلف فيها لجنة مختلطة من الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ بالعلاقات مع أجهزة الرقابة العليا [20] ، وفي ألمانيا فإن تقارير أجهزة الرقابة العليا كانت تفحص من قبل لجنة تابعة للجنة الميزانية بـ Rechstag في ظل جمهورية “ويمار”Weimar،أما في بلجيكا فإن هذه اللجنة ذات طابع شكلي ، إذ تتدخل كجهاز يفحص ملاحظات أجهزة الرقابة العليا فقط [21].

ـ انتماء الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات وبعض القضاة الماليين إلى اللجان البرلمانية ، لإبداء ملاحظات واستنتاجات المجلس الأعلى للحسابات .

ـ الإجابة على الأسئلة الكتابية الموضوعة من قبل أعضاء اللجان المالية ، بمناسبة فحص مشروع  قانون التصفية من خلال تقديم التقرير الخاص بالمقاولات العمومية التي تهم اللجان المالية البرلمانية المختصة.

ـ الإجابة على البحوث التي يمكن للجان المالية واللجان البرلمانية لتقصي الحقائق والرقابة أن تطلبها من المحاكم المالية حول تسيير مصالح الأجهزة التي تراقبها [22] .

إن هذه الإصلاحات وغيرها من شأنها أن ترفع من الأداء الرقابي للمحاكم المالية ، إذ أن ضعف هذه العلاقة سيؤدي لا محالة إلى إضعاف الرقابة السياسية التي يمارسها البرلمان على الجهاز الحكومي ، وبالتالي لا يمكن لهذه الرقابة أن تحقق أهدافها إلا من خلال مد المؤسسة التشريعية بالمساعدة والمشورة، وتزويدها بالمعلومات اللازمة التي تخص مختلف المؤسسات الإدارية والمقاولات العمومية الخاضعة لتسيير الجهاز التنفيذي (الحكومة) [23] .

الفرع الثاني :تعزيز التعاون والتنسيق بين المحاكم المالية والجهاز التنفيذي في مجال حماية المال العام

إن تحقق الجودة في أعمال المحاكم المالية التي تتميز عن باقي الأجهزة القضائية الأخرى بعدم خضوعها لسلطة وزير العدل ، يظل مشروطا بضمان استقلاليتها وممارستها لاختصاصاتها في إطار من الشفافية التامة تجاه الأشخاص الخاضعين لسلطتها وتجاه المواطنين على حد سواء ، بعيدا عن أي تأثيرات أو

اعتبارات كيفما كان نوعها أو مصدرها.

إلا أن هذه الاستقلالية لا تمنع من إيجاد آليات للتنسيق والتعاون بين مكونات القضاء المالي وبينالسلطة التنفيذية ، ووضع وسائل لتسهيل هذا التنسيق ، وهذا ما ترجمه الدستور المغربي لسنة 2011  حينما أكد على أن ” يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للحكومة ، في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون ” [24]. إن هذا التنسيق والتعاون من شأنه تفادي هدر الوقت والإمكانيات وكذا تفادي حصول تناقض في النتائج المتوصل إليها أثناء إجراء عملية المراقبة المالية والتدقيق ، ويمكن تحقيق هذا التعاون والتنسيق من خلال استفادة المحاكم المالية من أعمال التفتيش والتحقيق التي يتم إنجازها من قبل الأجهزة المكلفة بالمراقبة والتفتيش والتدقيق التابعة مثلا لوزارة المالية ، وذلك بالنظر إلى الخبرة التي راكمتها هذه الأجهزة عبر السنين مقارنة بحداثة تجربة الأجهزة العليا للرقابة على الأموال العمومية ، كما يمكن أن يكون هذا التعاون والتنسيق من خلال تبادل المعلومات والمعطيات المتعلقة بالمالية العمومية . وفي هذا الإطار أكدت المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ” الأنتوساي” عبر توصيات مؤتمر ليما [25] أن الأجهزة العليا للرقابة المالية يمكن أن تضع معلوماتها الدقيقة المتخصصة رهن إشارة البرلمان والإدارة في شكل خبرات ، بما في ذلك مواقفها من مشاريع قوانين المالية وغيرها من اللوائح المالية ، على أن تكون السلطات الإدارية مسؤولة وحدها عن قبول أو رفض مثل هذه الآراء .ونذكر في هذا الصدد التجربة الفرنسية والتي تعرف تطورا كبيرا في مجال التعاون بين محكمة الحسابات الفرنسية والجهاز الحكومي ، إذ أن المحكمة تبعث بتقارير إلى الوزراء المعنيين حول المقاولات العمومية التي تراقبها المحكمة ، وتنطوي هذه التقارير على تبيان رأي المحكمة حول نوعية التسيير وحول سلامة ومشروعية الحسابات واقتراح حلول حول  كيفية  معالجتها  حسب الفصل 21 من قانون 22 يونيو 1967 المعدل [26] . كما أصدرت المنظمات الدولية لأجهزة الرقابة العليا وأهمها منظمة “الأنتوساي” توصياتها بضرورة تدعيم جسور التواصل والتعاون بين الأجهزة الرقابة العليا والأجهزة التنفيذية ، حيث نصت على أن : ” يتولى الجهاز الأعلى للرقابة ، مراقبة أنشطة الحكومة وسلطاتها الإدارية وغيرها من الأجهزة التابعة لها ، ولكن هذا لا يعني أن الحكومة تخضع للجهاز الأعلى للرقابة ، بل يجب التأكيد على أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية فيما تقوم به من أعمال وفيما يحدث من نسيان ، ولا يمكن لها أن تحل نفسها من ذلك بالإحالة إلى النتائج الرقابية ـ إلا إذا كانت هذه النتائج قد صدرت باعتبارها أحكاما نافذة وسارية قانونا ـ اعتمادا على الآراء الخبيرة للأجهزة

العليا للرقابة ” [27].ومن هذا المنطلق فإن العلاقة بين الأجهزة العليا للرقابة والجهاز الحكومي يجب أن

تبنى لا على أساس الصراع وتجاهل الآخر ، بل تتأسس على التعاون [28] والتنسيق والتكامل والاحترام المتبادل والشفافية وكذا المواطنة ، وتقبل الرقابة الممارسة على أعمال الحكومة وأعمال المؤسسات الإدارية التابعة لها ، والحرص على فحص ملاحظات أجهزة الرقابة العليا والسهر على تنفيذها على أرض الواقع، دون المس بمبدأ استقلاليتها .

أما في ما يتعلق بعلاقة المحاكم المالية بالملك باعتباره رئيس السلطة التنفيذية بالمغرب ، فهي علاقة مسؤولية أمام جلالته ، وبالتالي فإن أنشطتها وأعمالها توجد تحت رقابة المؤسسة الملكية ، وفي تقديرنا فإن مبدأ المراقبة يجب أن يكون مزدوجا ، بحيث إن إيفاد المحاكم المالية لتقاريرها إلى الملك يخول له محاسبة المسؤولين عن هذه الأجهزة في حالة تقصيرهم عن أداء مهامهم المنوطة بهم .

وفي ختام هذا المطلب نؤكد مرة أخرى على ضرورة بناء علاقة بين الأجهزة العليا للرقابة أساسها التعاون المشترك والمثمر والذي يرمي إلى الدفع بعجلة التنمية إلى الأمام ، وبشكل يحفظ لهذه الأجهزة استقلاليتها عن الجهاز التنفيذي ، ضمانا للحياد والموضوعية ، وحتى تبقى في مأمن من تأثيرات وتدخلات المعطيات السياسية والإيديولوجية ، وهذا يتطلب إصلاحات قانونية وتنظيمية ومؤسساتية تواكب التعديلات الدستورية التي عرفها دستور 2011 .

المطلب الثالث : تشجيع البحث العلمي في مجال القضاء المالي

إذا كان تطور الأمم يقاس بما حققته على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، فإنه يمكن أن يقاس أيضا بما حققته في مجال بحثها العلمي ، فقوة الدول أصبحت رهينة بما توليه هذه الأخيرة للبحث العلمي من أهمية ،وهذا عكس منحى الدول المتخلفة التي صنفتهضمن إشغالاتها الثانوية، فكان ذلك سببا في تكريس طابع التخلف والتبعية في مجتمعاتها . لذا أضحى البحث العلمي ابتداء من القرن المنصرم محط اهتمامات الدول الساعية إلى التميز والتفوق على جميع الأصعدة فكان الرهان عليه من أولوياتها فجندت لذلك كل طاقاتها وقدراتها للنهوض بالبحث العلمي ، فاستقطبت الأدمغة المتميزة من دول أخرى ، وخصصت أموالا باهظة من دخلها القومي لتطوير هذا المجال . وعلم المالية عموما والقضاء المالي خصوصا لا يجب أن يخرج عن هذا السياق ، إذ يجب أن يكون البحث العلمي في ميدان المالية العامة بجميع فروعها وعلى الخصوص الرقابة المالية القضائية مستمرا ومتطورا ، وذلك بالقيام بالدراسات والأبحاث حول هذه الميادين ، وتنظيم أيام دراسية وعقد ندوات ومؤتمرات ، وإصدار كتب ومجلات ودوريات ، والتوفر على شبكة من الاتصالات على المستوى الوطني أو الدولي ، بغرض الإسهام الحقيقي في إصلاح وتحديث المالية العامة بالمغرب ، ووضع حد للدراسات العشوائية وغير الأكاديمية التي تهم هذا الجانب . وفي هذا السياق يدعو بعض الباحثين إلى ضرورة تأسيس مركز وطني للدراسات والبحث والتكوين يتكلف بجمع الوثائق والإحصائيات ،الملاصق ، المراجع ، الكتب والمجلات وباقي الإصدارات ذات الطابع القانوني والتقني والاقتصادي ،والتي لها علاقة بأنشطة أجهزة الرقابة [29].

إن هذا المركز سيكون من مهامه تأطير الموارد البشرية المالية والباحثين في هذا المجال ، بما يضمن تطوير وتحديث علم المالية العامة ، وفق منهج تشاركي ، تعمل الدولة على مد يد المساعدة والدعم المادي والمعنوي والتقني لهذا المركز حتى يحقق الأهداف المنوطة به ، وخاصة دعم القطاعات المعنية مثل وزارة المالية ، الخزينة العامة للمملكة، بنك المغرب ، البرلمان المغربي ، المحاكم المالية… كما أن هذا المركز سيكون مجالا خصبا للأطر والباحثين في مجال المالية العامة والرقابة المالية والقضاء المالي ، ووجهة لهم من أجل تلقي تكوينهم الأساسي والنظري والتطبيقي . ونحيل هنا على التجارب الأجنبية عموما ، وعلى التجربة الفرنسية على الخصوص في هذا المجال ، حيث تتوفر كل مؤسسة مالية على مدارس متعددة تشمل كل واحدة منها تخصصا معينا من الاختصاصات ذات العلاقة بمهنها [30] . كما ينبغي أن ينفتح هذا المركز على مختلف  فعاليات المجتمع المدني والرأي العام وعلى كل الباحثين المغاربة والأجانب وعلى الجامعات ومعاهد البحث العلمي ، خصوصا الذين لهم ارتباط بالمالية العامة والرقابة المالية والقضاء المالي ، وإشراكهم في أعمال البحث والدراسة والمناقشة العلمية، ومدهم بجميع أنواع الدعم ، وإشراكهم في مسلسل التنمية .إضافة إلى أن هذا المركز مدعو للانفتاح على المواطنين ومطالب بالعمل على إشراكهم في مسلسل التنمية من خلال إسهامهم في النقاش العمومي حول الميدانين المالي والرقابي في جو يسوده الهدوء والحوار البناء والشفافية ودافع المصلحة العامة .

لهذه الأسباب وغيرها ، فإنه يكون من الضروري الإسراع إلى تأسيس مركز وطني للدراسات والأبحاث والتكوين في المجال المالي والرقابي ، إذ يمكن أن يكون هذا المركز قبلة لكل من له علاقة بالرقابة المالية ، وهنا نذكر على الخصوص السادة البرلمانيين خصوصا أعضاء اللجنة المالية بالبرلمان، والذين لهم مهمة الرقابة على تنفيذ قانون المالية ، دون امتلاكهم لآليات ممارسة هذه الصلاحية ، نظرا لضعف تأطيرهم .إن هذا المركز ولا شك سيساهم في تحديث المنظومة الرقابية وإصلاحها بما يتماشى والتطورات المتسارعة في جميع الميادين وعلى الخصوص الميدانين المالي والرقابي .

المبحث الثاني : إصلاح البيئة المؤسساتية لمنظومة الرقابة المالية في شموليتها

تعد الرقابة على الأموال العمومية واحدة من أهم الركائز التي تقوم عليها الدولة الحديثة ، والتي تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة بكل أبعادها ، مما جعل كل الدول تهتم بهذا المجال وتوليه عناية كبيرة سواء من خلال إيجاد آليات قانونية أو من حيث إنشاء أجهزة وهياكل تعمل على القيام بهذه الوظيفة ، أي

وظيفة الرقابة على الأموال العمومية .وفي هذا الإطار عمل المغرب على مسايرة التطورات التي تعرفها منظومة الرقابة المالية ، فحاول إنشاء مؤسسات رقابية حديثة إلى جانب المؤسسات التقليدية . هذا الوضع أدى إلى عدم التنسيق أحيانا بين هذه الأجهزة مما خلف نتائج وخيمة وآثارا سلبية على مجال حماية المال العام ، وهذا ما يتطلب من جهة إنشاء أجهزة أخرى للرقابة المالية من أجل تحقيق نوع من التخصص (المطلب الأول)، والتنسيق بين هذه الأجهزة من جهة أخرى (المطلب الثاني) .

المطلب الأول:إحداث مؤسسات رقابية أخرى لحماية المال العام وتفعيل المؤسسات القائمة

تباشر المحاكم المالية أعمالها ومهامها في غياب مؤسسات أخرى يمكن أن تساعدها في القيام بأعباء الرقابة المالية ، كما أن تشعب هذه المهام المنوطة بها في مجالات متعددة كمراقبة الحسابات الإدارية للآمرين بالصرف للجماعات المحلية والعمالات والأقاليم والمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية وكذا الحسابات التدبيرية لجميع محاسبي الدولة ،بالإضافة إلى مهمة التأديب والتقويم ومراقبة تنفيذ قانون المالية ،ثم مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات،وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية،وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية [31] … كل هذا يؤدي لا محالة بهذه المحاكم إلى عدم إتقان عملها وعدم ضمان الفعالية والجودة المطلوبتين في مهامها ، وهذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى جعل المال العام عرضة للهدر والنهب في ظل ضعف الرقابة وتعدد المهام المنوطة بالمحاكم المالية ، مما قد يفقد هذه المحاكم معنى وجودها وغاية إنشائها . بخلاف هذا نجد أن التجربة الفرنسية مثلا انتبهت إلى هذه الإشكالية وحاولت تجاوزها ، وذلك بإنشاء هيئات أخرى تعمل إلى جانب محكمة الحسابات الفرنسية في مجال الرقابة العليا على الأموال العمومية،فتم تأسيس محكمة التأديب المالي سنة 1948،والتي تنظر في قضايا المخالفات المحالة إليها بواسطة النائب العام لمحكمة الحسابات وإيقاع الجزاء على كل مخالفة لقواعد الإنفاق العمومي من الأموال العامة ،التي لم ترتكب من طرف موظف مدني أو عسكري . كما تم إنشاء مجلس الضرائب سنة1971الذي يهتم بالميدان الجبائي،ويبحث في مظاهر الضغط الجبائي وقياس تطوره،فيما تتكلف اللجنة المركزية للتقصي بمراقبة تكاليف ومردودية المصالح العمومية.كل هذه الهيئات تعد امتدادا وتكملة للعمل الذي تقوم به محكمة الحسابات الفرنسية في ميدان الرقابة المالية العليا[32].

إن التجربة الفرنسية في مجال الرقابة العليا على الأموال العمومية تتسم بمزيد من التخصص ، وهذا ربما كان نتيجة للتجارب المهمة والأشواط الكبيرة التي قطعتها الرقابة المالية العليا بفرنسا،كما أنها وليدة حاجة وظروف مرتبطة بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية وبالحياة السياسية التي تعيشها فرنسا .ونحن بذكرنا للنموذج الفرنسي لا نطلب استنساخ هذا النموذج ، بل فقط من أجل الاستفادة منه وإيجاد صيغة تتناسب مع الوضعية الاقتصادية والمالية والثقافية والسياسية والقانونية للمغرب .

المطلب الثاني : تعزيز التعاون والتنسيق بين أجهزة الرقابة المالية

تعد عملية حماية المال العام إحدى المتطلبات التي يستلزمها تدبير الشأن العام وتخليق الحياة العامة. ولعل مهام الرقابة والتتبع من أبرز المهام الموكولة للإدارة العمومية بكل روافدها ومكوناتها. وأعتقد أن الشروط الذاتية والموضوعية تستدعي الوقوف عند المنظومة الرقابية التي تتحكم في حماية المال وتحدد مجالات تدخلاتها . والواقع أن وظيفة الرقابة والاختصاص المالي والتدقيق تتوزعها السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، إلا أنه وبالرغم من تعددها وتنوعها فإنها تتميز بالضعف والقصور المتجلي أساسا في ضعف التنسيق والتواصل فيما بينها والتباطؤ في تطبيق القواعد القانونية .

إن الرقابة على المال العام رهينة بمدى تفعليها وترجمتها إلى واقع ملموس وهو ما يتطلب الانتقال إلى أجهزة رقابية فاعلة ومؤثرة على التدبير المالي ومساهمة في حسن تدبير الشأن العام . ولتحقيق هذه الأهداف يستوجب من كل هذه الهيئات العمل في جو يسوده التنسيق والتعاون والتكامل ، إذ في غياب التنسيق ، قد تضيع جهود وتبدد أوقات سواء بسبب تكرار العمليات الرقابية أو بسبب الصراع الذي يكون أحيانا بين هذه الأجهزة . هذه المظاهر السلبية من شأنها إضاعة موارد مالية مهمة على مالية الدولة بسبب سوء المراقبة وضعف حماية الأموال العمومية .

إن التوجه يقتضي إعادة النظر في منظومة الرقابة في كليتها، قصد الاستجابة لمتطلبات حماية المال العام في كل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، بغية تخليق الحياة العامة ، وتهذيبها حيث لم تعد حماية المال العام وصونه من العبث والتلاعب والفساد وقفا على الإدارة العمومية ومؤسسات الدولة بقدر ما أصبحت مسؤولية الجميع . وفي هذا الإطار يقترح أحد المتخصصين في مجال الرقابة المالية العليا ، وهو الأستاذ الدكتور محمد حركات ضرورة اللجوء إلى إصلاح عميق وشامل وإحداث جهة عليا، تكون عبارة عن هيئة مخضرمة مشكلة من قضاة المجلس الأعلى للحسابات ونواب برلمانيين ومحاسبين ومراقبين للالتزامات بنفقات الدولة ومفتشي وزارة المالية بالإضافة إلى خبراء في مجال المراقبة من القطاعين العام والخاص متمرسين في الفحص والتدقيق ، وسيكون من مهام هذه الهيئة الإشراف على التنسيق ومد الجسور بين مؤسسات المراقبة الموجودة ، وهذا على عكس ما جاء في مدونة المحاكم المالية التي تخضع مراقبي الالتزامات بنفقات الدولة لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات حيث أصبح المراقِب نفسه مراقَبا .إن خلق مثل هذه الهيئات سيساهم في تحديد مجموعة من الضوابط والأخلاقياتلمهنة المراقبة،وتسهيل مأمورية المراقبة المالية لدى جميع الأجهزة والمؤسسات المهتمة بهذا المجال فيإطار من التكامل والتشاور والتناسق .

[1]ـ الفقرة الأولى من الفصل 147 من دستور المملكة المغربية لـ 2011 .

[2]ـ الباب العاشر من دستور المملكة المغربية لـ 2011 يشمل الفصول من 147 إلى 150  تحت عنوان ” المجلس الأعلى للحسابات ” .

[3]ـ الباب السابع من دستور المملكة المغربية لـ 2011 يشمل الفصول من 107 إلى 128  تحت عنوان ” السلطة القضائية ” .

[4]–  (S). Flizot : les relations entre les institutions supérieures de contrôle financier et les pouvoirs publics dans les pays de l’union européenne. contribution à la théorie générale des institutions supérieures de contrôle des finances publiques ,LGDJ, Lyon  , 2003 .

[5]ـ إعلان ليما حول الخطوط التوجيهية للرقابة على المال العام … ، مرجع سابق ، ص ص : 33 ـ 34 .

[6]ـ محمد حركات : المجلس الأعلى للحسابات وإشكالية الرقابة …، مرجع سابق ، ص : 65 .

ـ الفصل 108 من الدستور المغربي لسنة 2011 .[7]

ـ الفصل 109 من الدستور المغربي لسنة 2011 .[8]

ـ الفصل 108 من الدستور المغربي لسنة 2011 .[9]

ـ الفصل 113 من الدستور المغربي لسنة 2011 .[10]

[11]ـ يراجع توصيات منظمة ” الأنتوساي” ، مؤتمر هافانا ، كوبا ، 2 ـ 9 نونبر 1953 .

[12]ـ كانت ميزانية المحاكم المالية تابعة لميزانية الوزارة الأولى في ظل قانون 12.79 ، مما أثر على استقلاليتها عن الحكومة .

ـ الفصل 116 من الدستور المغربي لسنة 2011 .[13]

[14]– (G).Carcassone : La cour des comptes et le parlement , R.F.F.P , n° 59 , p : 130 .

[15]ـ جمال السليماني : المحاكم المالية بالمغرب …، مرجع سابق ، ص : 327 .

[16]ـ إعلان ليما حول الخطوط التوجيهية للرقابة على المال العام ، المجلة المغربية للتدقيق والتنمية ، سلسلة التدبير الاستراتيجي ، عدد : 2 ، 2000 ، ص : 34 .

[17]ـ  توصيات الندوة الدولية السادسة حول : ” المجالس الجهوية للحسابات والحكامة الجيدة ” ، مرجع سابق ، ص : 31 .

[18]ـ الفقرة الأولى من الفصل 148 من الدستور المغربي لسنة 2011 .

ـ الفقرة السادسة من الفصل 148 من الدستور المغربي لسنة 2011 .[19]

[20]– Article 120 de la constitution de 1931  qui rattachait la cour des comptes au parlement .

[21]– (D).Lachak , La fonction publique en Grande Bretagne , Puf , 1972 , p : 10 .

[22]ـ جمال السليماني : المحاكم المالية بالمغرب …، مرجع سابق ، ص : 327 .

[23]-Dr.(A).mdarhri : Droit et gestion des entreprises publiques au Maroc ,Collection de La Faculté de Droit, Casablanca , 1985 , p : 23 .

ـالفقرة الثالثة من الفصل 148 من الدستور المغربي لسنة 2011 .[24]

[25]– Déclaration de Lima sur les lignes directrices du contrôle des finances publiques , R.E.M.A.D ,, série «  management  stratégique » , N° 1 , Rabat , 1999 , p : 22 .

[26]– – (A) Paysant : finances publiques , Masson ,5ème Édition, Dalloz-Sirey, Paris , 1999 , p : 348 .

[27]ـ إعلان ليما حول الخطوط التوجيهية للرقابة على المال العام …، مرجع سابق ، ص : 34 .

ـ الفقرة الثالثة من الفصل 148 من الدستور المغربي لسنة 2011 .[28]

[29]ـ جمال السليماني : المحاكم المالية بالمغرب …، مرجع سابق ، ص : 374 .

[30]ـ فالخزينة العامة مثلا تتوفر على المدرسة الوطنية للخزينة ، يتلقى فيها أطر الخزينة العامة تكوينا نظريا مهما يتبع بتكوين علمي ، ويشارك أطر مالية أجنبية ومنها أطر الخزينة العامة للمملكة المغربية في هذا التكوين ، ويحظى بسمعة جيدة نظرا لجدية برامج تكوينه وفعاليتها .

ـالفقرة الرابعة من الفصل 147 من الدستور المغربي لسنة 2011 .[31]

احميدوشمدني ، مرجع سابق ، ص : 133 – 134.[32]

Exit mobile version