Site icon مجلة المنارة

حقوق الإنسان في الخطب والرسائل الملكية

 

حقوق الإنسان في الخطب والرسائل الملكية

نادية المخزومي  طالبة باحثة في سلك دكتوراه

مقدمة:

أولـت العلوم السياسية أهمية بالغة لتحليل الخطاب السياسي، حيث أن العديد من الدراسات اتخذت تحليل الخطاب مقاربة ومنهجية كيفية وكمية[1] لها مبادئ وقواعد صارمة[2] تنبثق عنها خلاصات مهمة.  واعتبرت الخطابات مرجعا ومصدرا أساسيا لتفسير سلوك وقرارات وتوجهات ورؤى الساسة، ومدخلا للتعرف على نواياهم ومقاصدهم وأهدافهم، بفضل آليات التأويل والسياق ومعرفة معمقة وعلمية عن المرسل خاصة مع تطور نظريات التواصل.                                                

تشكل الخطابات الملكية مرجعا مهما للفاعلين في الحقل السياسي المغربي؛ فكثيرا ما نسمع قادة الأحزاب والوزراء والبرلمانيين والمسؤولين يحيلون على الخطابات والرسائل والتوجيهات الملكية.

لجلالة الملك مناسبات سنوية ثابتة لمخاطبة الأمة مباشرة (مناسبة المسيرة الخضراء، الاستقلال، اعتلاء العرش، ثورة الملك والشعب، عيد الشباب وأثناء الافتتاح الدورة الأولى للبرلمان). كما أن الملك -كرئيس دولة-يبعث بخطابات ورسائل تتلى باسمه وباسم المغرب في المؤتمرات الدولية والإقليمية، وكذا في التظاهرات الدولية   والوطنية. والمتتبع للخطب والرسائل الملكية، منذ أول رسالة بعث بها   جلالة الملك إلى الأمم المتحدة بمناسبة الذكرى الواحدة والخمسين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نجد أن عبارة حقوق الإنسان تتكرر باستمرار مثل الإصلاح والعدالة والمواطنة والديمقراطية والتنمية والتضامن والوحدة الترابية والحكامة الرشيدة ودولة الحق والقانون.

فلا شك أن حقوق الإنسان تمثل إحدى الاهتمامات الكبرى لجلالة الملك الذي ما فتئ يعبر قولا وفعلا عن إرادته وإرادة المغرب في بناء دولة الحق والقانون. وحماية حقوق الإنسان تمثل إحدى المهام الاستراتيجية التي يطلع بها جلالته بموجب الدستور” الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة.” الفصل 42.

ومن هذا المنطلق، سنحاول في هذه المقالة أن نرصد كيف حضرت حقوق الإنسان -التي كثيرا ما ينظر إليها أصحاب السلطة معيقا لسلطاتهم وصلاحياتهم-في خطابات جلالة الملك محمد السادس، لنرى تصوره كرئيس للدولة والفاعل الأساسي والمحوري في النسق السياسي المغربي في هذا المجال، ولنخلص إلى موقف المغرب من مجموعة من القضايا والتساؤلات التي تهم حقوق الإنسان من قبيل: ما هو موقف المغرب من حقوق الإنسان بصفة عامة؟ كيف دبر المغرب جدلية الكوني والخصوصي في حقوق الإنسان؟ ما هو موقف المغرب من حقوق القارة الإفريقية ودورها في مجال حقوق الإنسان؟ ماهي استراتيجية المغرب لمواجهة الرهانات الجديدة لحقوق الإنسان؟

قبل الإجابة، نرى أنه من المفيد أن نعرض لأهمية صاحب الخطابات وسياقها كمدخل أساسي لفهم تحليل مضمونها          والرسائل التي تريد إيصالها للمهتمين والمشتغلين بحقوق الإنسان دوليا ووطنيا.

أولا: أهمية صاحب الخطاب /الرسالة: تستمد العديد من الخطابات والرسائل أهميتها من صاحبها أو مرسلها. فالرسالات السماوية مثلا، بغض النظر عن أهمية وقوة مضمونها، فإنها مقدسة، لأن مصدرها مقدس: الله. ولذلك تتصدر مصادر التشريع في العديد من البلدان.  ونفس الشيء بالنسبة للأحاديث والخطب النبوية وخطابات الزعماء التاريخيين ورؤساء وملوك القوى العظمى. فخطاب الرئيس الأمريكي مثلا يحظى باهتمام كبير من قبل الإعلام والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين، ليس لأن خطاباته قوية من حيث الشكل والمضمون وذات قيمة أدبية كبيرة، ولكن لأنها صادرة عن رئيس أقوى دولة في المنتظم الدولي.

فبموجب الدستور ومعطيات الحياة السياسية والدراسات التي اهتمت بالنسق السياسي المغربي، يعتبر الملك الفاعل الأساسي في السياسة الداخلية والخارجية وفي مجال الممارسة الاتفاقية للمغرب، حيث ينص الفصل 55 من دستور فاتح يوليوز 2011 على: “يعتمد الملك السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، ولديه يُعتمد السفراء، وممثلي المنظمات الدولية. يوقع الملك على المعاهدات ويصادق عليها”.  ولا قيد عليه في ذلك إلا في المعاهدات الملزمة ماليا لخزينة الدولة والتي تتعلق بحدود المملكة ومعاهدات السلم والاتحاد والمتعلقة بحريات وحقوق الأفراد. هو أيضا، الملك، يعتبر ممثلا للسلطة العليا والممثل الأسمى للأمة والدولة المغربية على الصعيد الخارجي والمدافع الأول عن المصالح القومية المغربية. فيظل هو المخاطب الأول للرأي العام الوطني والدولي. وهذا ما كرسه الفصل 42 من دستور 2011. فالملك في المغرب يسود ويحكم، ويمتلك صلاحيات جد واسعة ويتمتع بمكانة رمزية ومعنوية معتبرة ويتمتع بشرعية دينية وتاريخية ودستورية، وهو حكم بين الفرقاء والمؤسسات[3].

يوجه الملك خطاباته إلى الأمة والبرلمان، ولا يمكن أن يخضع مضمونها لأي نقاش) الفصل 52 (، ويمكن للملك أيضاً أن يوجه خطابا إلى الأمة عندما يريد تطبيق أحكام حالات الطوارئ) الفصل 59 (، أو من أجل حل البرلمان أو أي من المجلسين) الفصل 96  (،أومن أجل إعلان الحرب بعد إبلاغ البرلمان.  وكجزء من الإجراءات التشريعية، يمكن للملك أن يوجه خطابا لكلا المجلسين يطلب فيها قراءة جديدة لأي مشروع أو مقترح قانون

) الفصل 92) .ورغم أن الدستور لم يشر إلى ضرورة أن يلقي الملك خطابا لتعديل الدستور أو لطرح تعديل مقترح على الاستفتاء العام، إلا أن الملك، ونظرا لدلالات الدستور كوثيقة تعاقدية على الحقوق والواجبات، يحرص دائما أن يخاطب الأمة في هذا الشأن. آخرها خطاب 9 مارس2011 الذي أعلن فيه عن المراجعة الدستورية.

ثانيا: السياق:

للسياق دور كبير في فهم النصوص والخطابات، وهو ما يعرف في علوم القرآن بأسباب النزول، والذي أصبح يعرف اليوم بـ”المنهج السياقي”[4]، وهو المنهج الذي جعل للسياق الدور الحاسم في فهم النصوص وتحديد معاني الألفاظ وضبط دلالاتها. فقد اتفق اللسانيون المعاصرون على أن علاقة الكلمة مع الكلمات الأخرى في “النص/ الخطاب” هي التي تحدد معناها، وصرح رائد المدرسة السياقية فيرث Firth بأن المعنى لا ينكشف إلا من خلال “تسييق الوحدة اللغوية”contextualiser l’unité langagière، أي وضعها في سياقات مختلفة، وعليه، فإن دراسة دلالات الكلمات تتطلب تحليلا للأنماط السياقية والطبقات المقامية التي ترد فيها، فمعنى الكلمة يتحدد وفق السياقات التي ترد فيها. وهناك سياق داخلي لغوي يتمثل في النص وسياق خارجي يتمثل في الظروف التاريخية التي أنتج فيها الخطاب[5].

فالملك بحكم أن لسانه عربي ذو مرجعية دينية أصيلة وحداثة متجددة معاصرة ويحمل تراكما ورصيدا من التجارب القوية في محطات تاريخية مهمة، نجد أن خطابته لا تحترم السياقات فقط، بل تعكسها وتستشف أبعادها.  فلكل حدث حديث عنده؛ فهي تختلف من حيث محاورها وكلماتها ونبراتها. فمثلا أشارت الرسالة التي وجهها جلالته للأمم المتحدة، في إطار احتفال المنتظم الدولي بمرور 60 سنة على إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلى أهمية اللحظة ودواعي الاحتفاء بها؛ فهي تذكير بأهمية حقوق الإنسان وما تمثله بالنسبة للأفراد والدول من تطور وتقدم من أجل تكريس كرامة الإنسان، التي جعلها جلالة الملك قضية محورية لسياسته منذ اليوم الأول لاعتلائه العرش. ولقد أكد جلالة الملك على أن المغرب بحكم كونه أحد الدول الأعضاء في الهيئة الأممية يعرب عن التزامه بمضامين الاعلان رغم أنه لم يشارك في صياغته وبلورته، لأنه رأى النور في الوقت الذي كانت المملكة تعاني من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان من قبل القوى الاستعمارية (الفرنسية والاسبانية)

 وتناضل ومن أجل استعادة سيادتها واستقلالها، وأن تمكن أفراد شعبها من الحق في الحرية وفي تقرير مصيره.

و بعد ما مرور  خمسة عقود تقريبا على استقلال المملكة و اعتلاء الملك محمد السادس العرش بعد ملكين عاصرا تجربة الاستعمار والاستقلال، ونظرا لما يمثله ذلك الإعلان من مبادئ مثالية في مجال حقوق الإنسان، فإن الرسالة الملكية ذكرت بأن المغرب ملتزم بها، و هو ما يفهم أيضا من منطوق ديباجة الدستور:”وإدراكا منها لضرورة تقوية الدور الذي تضطلع به على الصعيد الدولي، فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في المنظمات الدولية، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا. كما تؤكد عزمها على مواصلة العمل للمحافظة على السلام والأمن في العالم”.

فعلاقة المملكة المغربية بهيئة الأمم المتحدة وأجهزتها منذ أن أنظمت إليها بتاريخ 2 نونبر 1956كدولة مستقلة تتمتع بالسيادة جد إيجابية ومثمرة، إلا فيما يتعلق بقضية الصحراء، حيث تعرف هذه العلاقة بعض التوتر، خاصة تجاه منهجية عمل المبعوث الأممي، الذي -في تقدير جلالة الملك والمغاربة ككل-يجانب مبدأ الحياد اللازم.  غير ذلك، ينخرط المغرب بشكل إيجابي في كل المبادرات التي تطلقها الأمم المتحدة، سواء فيما يتعلق بالتنمية أو حفظ السلم والأمن الدوليين أو حقوق الإنسان. كما صادق المغرب على غالبية الاتفاقيات الأممية المتعلقة بحقوق الإنسان، ابتداء بالعهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحق في التنمية والحقوق البيئية والثقافية وانتهاء بالحقوق الفئوية المتعلقة بأشخاص في وضعية إعاقة، الأطفال، النساء المهاجرين. وفي هذا الصدد، واصل المغرب التعاون الوثيق، والحوار البناء مع الهيئات والآليات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان.

وهذا ما جاء في مضمون الرسالة الملكية: “ولهذه الغاية، فإن المملكة تبذل قصارى جهودها، للمساهمة الفاعلة في مسار إصلاح منظومتها الأممية، في مجالات متعددة، نذكر منها الانخراط القوي لبلادنا، في تعزيز آليات المجلس الأممي الجديد لحقوق الإنسان، وكذا الاقتراح الذي تقدمت به لاعتماد “إعلان عالمي حول التربية والتكوين، في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان “، علاوة على إيداع توصية بشأن دور المؤسسات المعنية بالوساطة، لتشجيع وحماية حقوق الإنسان.

 وأكد المغرب التزامه بمجال حقوق الإنسان من الرسالة التي وجهها جلالة الملك للمشاركين في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في دورته الثانية التي احتضنتها بلادنا، بحيث أنها تمثل سياقا يحمل أكثر من دلالة؛ فهي تظاهرة دولية غاية في الأهمية شارك فيها نحو سبعة آلاف مشارك من 95 دولة، ونوقش فيها أكثر من 100 موضوع تهم مختلف قضايا حقوق الإنسان، وتظهر أهمية التظاهرة أيضا في مخرجاتها وقيمة المشاركين ووزنهم السياسي والأكاديمي والنقاش الحر الذي ميز الندوات الموضوعاتية. وحسب اللجنة التنظيمية، فقد غطى فعاليات هذه الدورة نحو 397 صحافيا يمثلون وسائل إعلام 20 بلدا. كما أن تنظيم هذه التظاهرة بالمغرب كان في ظل دستور أعتبره الكثير من المختصين والمتتبعين بأنه دستور صيغ بمقاربة حقوق الإنسان. كما أنها جاءت في إطار التقدم الملموس الذي سجله المغرب على مستوى حقوق الإنسان.

كما تجدر الإشارة، إلى المنتدى العالمي لحقوق الانسان انعقد في شهر يحتفل به المغرب بمناسبتين وطنتين هامتين في تاريخه المعاصر، الأولى تخلد استقلال المملكة واسترجاع لسيادتها، أما الثانية تتعلق بذكرى المسيرة الخضراء التي استعاد بها المغرب حقه الشرعي والتاريخي في أقاليمه الصحراوية.

وبناء على هذه المعطيات، يمكن القول بأن الخطابات الملكية لا تتعمد في كل مناسبة حشو موضوع حقوق الإنسان، وإنما تستثمر السياقات المناسبة لإضفاء الأهمية الكبيرة التي تحظى بها قضية حقوق الإنسان. هذا ما سوف يتأكد من خلال دراسة المضامين والرسائل التي تحملها تلك الخطب.

 

ثالثا: حمولة حقوقية ومضامين مكثفة وقوية:

كما سبقت الإشارة إلى ذلك، توضح الخطب والرسائل الملكية موقف المغرب من حقوق الإنسان بصفة عامة، ثم موقفه من قضية الكونية والخصوصية، وحقوق الإنسان في القارة الإفريقية، والرهانات التي تطرحها اليوم حقوق الإنسان، والدعوة إلى بناء شراكة دولية لكسب تلك الرهانات.

1: حقوق الإنسان، خيار سيادي واستراتيجي للمملكة المغربية:

سؤال حقوق الإنسان في تصور الملك مركزي بالنسبة للمغرب، وخيار استراتيجي لم يفرض عليه قسرا تحت أية ضغوطات؛ فهو تعبير حر عن سيادة المملكة وإرادتها في تحقيق مطمح دولة الحق والقانون، وهو تأكيد لما جاء في خطاب المسيرة حيث يقول الملك: “ كفى من المزايدات على المغرب. وكفى من استغلال فضاء الحقوق والحريات، التي يوفرها الوطن، للتآمر عليه. إن المغرب يتوفر على آلياته ومؤسساته الخاصة، المشهود لها دوليا بالالتزام والمصداقية، لمعالجة كل القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان. والمغرب هو البلد الوحيد بالمنطقة، الذي يتعاون مع الآليات الخاصة للمجلس الأممي لحقوق الإنسان. كما أنه مستعد للانفتاح أكثر على مختلف الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية، التي تعتمد الحياد والموضوعية، في التعامل مع قضاياه.”وفي نفس التوجه دعا جلالة الملك محمد السادس في الرسالة الموجهة إلى المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، إلى تجاوز مقاربة جعل حقوق الإنسان ورقة ضغط في يد القوى العظمى للتدخل في الشؤون الداخلية للدول[6]. وتم الـتأكيد على هذا الخيار في هذه الرسالة، حيث قال محمد السادسلقد اختارت بلادنا، بمحض إرادتها السيادية الخالصة، الشروع في إصلاحات عميقة وإرادية، تستجيب لتطلعات وانتظارات مواطنينا. وقد مكن هذا المسار المتجدد والشامل، الذي توج باعتماد دستور جديد، من تعزيز دولة الحق والقانون والديمقراطية، كخيار لا رجعة فيه.”

نستشف من هذا المعطى، أن خيار حقوق الإنسان اليوم ليس في حاجة إلى إكراه أو ضغط حتى يجد مكانه في السياسات العمومية للدول؛ فالترافع على ضرورة احترامها يجب أن يكون من خلال الاستدلال على ارتباطها بالتنمية ونجاح أية استراتيجية فعالة في بناء شرعية ومشروعية الأنظمة السياسية، فهو ضرورة لا رفاه، وبأن قضية حقوق الإنسان هي قضية شعوب وليست قضية حكام فقط. فالشعب من خلال مؤسساته السياسية وهيئاته المدنية أصبح هو المدافع الأساسي على حقوق وحريات الأفراد والجماعات في جميع مجالاتها.

و رغم أن المغرب لم يصادق بعد على بعض الاتفاقيات والبروتوكولات الاختيارية[7] نذكر على سبيل المثال البروتوكولين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1989، الداعي لإلغاء عقوبة الإعدام و العهد الدولي للحقوق الاقتصادية  والاجتماعية و الثقافية و النظام الأساسي المحدث للمحكمة الجنائية الدولية، فقد حقق عدة مكتسبات  مما جعل العديد من المهتمين والمدافعين عن حقوق الإنسان يعترفون بالتقدم الملموس الذي حققته  المملكة في هذا المجال ” من قبيل العدالة الانتقالية، وحقوق المرأة، والتنمية البشرية، ورد الاعتبار للثقافة الأمازيغية كمكون أساسي للهوية المغربية، وتوطيد المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وتدبير الحقل الديني، على أساس المبادئ والتعاليم والمقاصد السمحة للإسلام.   كما أن أوراشا ذات تأثير كبير على حماية حقوق الإنسان، توجد قيد الإنجاز في مجال العدالة والصحافة، والمجتمع المدني، والحكامة الترابية، وحماية الفئات الهشة” يقول جلالة الملك.

بالإضافة إلى ذلك عبرت المملكة عن انخراطها  في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان و آلياتها، حيث صادقت على العديد من المعاهدات الدولية والاتفاقيات الاقليمية، و تظهر تجاوبا ايجابيا مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، حيث تقدم تقاريرها الدورية الشاملة لوضعية حقوق الإنسان و تعرض حصيلتها في تنفيذ التوصيات و ما التزمت به؛ آخرها هو المصادقة على البروتكول الاختياري للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا-إنسانية أو المهينة، و كذا اعتزام المملكة  المصادقة على البروتوكول الاختياري الثالث للاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل، الذي يحدد المسطرة اللازمة لتقديم البلاغات.

بناء على ما سبق يمكن القول بأن الملك قد حدد موقف المملكة الإيجابي من الالتزام الدولي في مجال حقوق الانسان وبأن ممارستها الاتفاقية تحكمها خيارات استراتيجية وضوابط، وهو تصرف سيادي نابع من قناعات حرة، والحصيلة جد إيجابية.

2-المفهوم الملكي للكونية:

 تشكل الكونية إحدى القضايا الأساسية التي تثار في موضوع حقوق الإنسان[8]، والتي تعني أنها لا تخص جماعة دون غيرها أو فردا دون غيره؛ فهي محفوظة لجميع البشر ومتأصلة في الإنسان كحق طبيعي. إلا أن ذلك، تذكر الرسالة، لا يعني أنها نسق ونمط وحيد لا يراعي التنوع الذي يميز المجتمعات والشعوب والأمم وحتى الأفراد. فالتحدي المطروح في ظل تجاذب الكوني-التنميطي والخصوصي هو كيفية تدبير التفمصل القائم بين ما هو كوني وما هو خصوصي على مستوى الأفراد والشعوب. فالخصوصية هي مصدر غنى المجتمع الإنساني وديناميته وتطوره. فلا توجد أية دولة في العالم صادقت على المعاهدات الدولية دون أن تراعي المكونات الثقافية               والحضارية لأمتها وشعبها. فحقوق الإنسان لا يمكن أن تعيش في معزل عن ثقافة الأفراد والشعوب؛ فهي لم توجد من عدم ولا في أرض جرداء[9]. فإذا أرادت دعوة ما أن تلقى النجاح وأن نتنشر يجب أن تكون منسجمة مع روح الجماعة والأرض التي استنبتت فيها. وهو ما عبر عنه الملك بقوله:فالكونية لا تعني أبدا التعبير عن فكر أو نمط وحيد، بل يجب أن تشكل في جوهرها، نتاجا لدينامية انخراط تدريجي، عبر مراحل، تصل بها إلى درجة من التملك الفردي والجماعي، تجد فيه التقاليد الوطنية والثقافية مكانها الطبيعي، حول قاعدة قيم غير قابلة للتقييد، دون تعارض أو تناقض معها.”

إن التحدي الحقيقي هو الإجابة على تلك الأسئلة التي ولدت من رحم تجاذب الخصوصي والكوني: كيف يمكن للخصوصية أن تنفتح على الكونية دون أن تفقد مميزاتها؟ ألا يمكن النظر إلى الكونية على أنها دعوة للحفاظ على الخصوصية؟ أم علينا أن نختار ما بين الخصوصية والكونية؟ ألا يمكن للكونية أن تكون أفقا للخصوصية؟  وبأي معنى يمكن أن ندافع عن الخصوصية ونعيشها دون القطع مع الكونية؟

الجواب الذي اختاره المغرب هو جعل كل منهما يعترف بالآخر ويقبل به وبناء وتقوية المشترك لضمان التعايش، وهذا ما أكدت عليه الخطابات الملكية في عديد من المناسبات، حيث كانت تجدد تشبتها بالمكونات الثقافية والحضارية للمغرب: لعربية، الأمازيغية، الإفريقية، الإسلامية، و المتوسطية التي تشكل مزيج هوية المملكة مع طموحها في مواكبة العصر و مستجداته.

فالمغرب عندما كان يتحفظ على العديد من مواد و فقرات الاتفاقيات الدولية لم يكن يتذرع بخصوصيته من أجل انتهاك الحقوق التي نصت عليها تلك الاتفاقيات، و إنما كان يراعي ثقافة الشعب المغربي و ينتظر حتى تنضج الظروف و الشروط الاجتماعية  والسياسية والثقافية ليرفع تلك التحفظات، و هذا ما حصل فعلا بخصوص مدونة الأسرة و قانون الجنسية واتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد النساء، حيث أعلن الملك في رسالة الذكرى60 لإعلان حقوق الإنسان:”عن سحب المملكة المغربية للتحفظات المسجلة، بشأن الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، التي أصبحت متجاوزة، بفعل التشريعات المتقدمة، التي أقرتها بلادنا.

ولقد برر المغرب تحفظاته على بعض مضامين اتفاقية سيداو بتنافي هذه المواد مع مرجعيته الإسلامية وخصوصية نظام الحكم فيه. فيما يتعلق بالمادة 2 مثلا تعرب حكومة المملكة المغربية عن استعدادها لتطبيق أحكام هذه المادة بشرط ألا تمس مقتضيات الدستور التي تنظم قواعد وراثة عرش مملكة المغرب وألا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وينبغي الإشارة إلى أن بعض الأحكام التي تتضمنها المدونة المغربية للأحوال الشخصية، والتي تعطي المرأة حقوقا تختلف عن الحقوق الممنوحة للرجل لا يجوز انتهاكها أو إلغاؤها لأنها مستمدة في المقام الأول من الشريعة الإسلامية التي تسعى، من بين أغراضها الأخرى، إلى تحقيق توازن بين الزوجين بغية الحفاظ على تماسك الحياة الأسرية.

إلا أنه في إطار التطورات التي عرفها المغرب في مجال حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق النساء بصفة خاصة من ضغوط كثيرة من لجنة السيداو والحركات الحقوقية، خاصة النسوية منها رفع مؤخرا تحفظاته عن بعض مواد الاتفاقية. 

المغرب يعي جيدا أن ثمن الاختيار بين الكونية أو الخصوصية والتعصب لأحد الخيارين سيكون هو تهديد السلم الإنساني والاجتماعي وضياع أسمى حق ومحور جميع الحقوق: الحق في الحياة.

3 -حماية الحق في الحياة وقدسيته: مسؤولية أصيلة وجوهرية لإمارة المؤمنين:

باعتباره أول مقاصد الدين الإسلامي ومقصد كل القوانين والتشريعات، حظي النقاش الذي دار في المنتدى بخصوص عقوبة الإعدام باهتمام ملكي خاصكما نشيد بالنقاش الدائر حول عقوبة الإعدام، بمبادرة من المجتمع المدني، والعديد من البرلمانيين ورجال القانون. وسيمكن هذا النقاش من إنضاج وتعميق النظر في هذه الإشكالية.” يقول جلالة الملك.

ولأن الملك وفق الدستور، أميرا للمؤمنين، يعتبر المسؤول الأول على الحفاظ على حق الحياة لكل المواطنين بل       وحتى الأجانب بغض النظر عن جنسياتهم وعقائدهم. يقول الفصل 20 من الدستور: “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان. ويحمي القانون هذا الحق”

نظرا لما لذلك الحق من حرمة، لم تنفذ عقوبة الإعدام بالمغرب منذ 1993. و مجموع المحكوم عليهم بالإعدام لا يتجاوز 125، كما نلاحظ تكرار مبادرة العفو الملكي في حق المحكوم عليهم بالإعدام، و تم  أيضا تخفيض عدد المواد التي تعاقب بالإعدام،  فمن أصل (31) واحد وثلاثون مادة كانت تنص على عقوبة الإعدام في مجموعة القانون الجنائي احتفظت مسودة مشروع القانون الجنائي على (8) ثمان مواد، ما يشكل أقل من ثلث العدد الأصلي، مع إضافة (3) ثلاث مواد جديدة متعلقة بجرائم القانون الدولي الإنساني، ليصبح عدد المواد التي تنص على عقوبة الإعدام (11) إحدى عشر مادة، وهو ثلث عدد عقوبات الإعدام التي كانت مقررة في مسودة مجموعة القانون الجنائي موضوع المراجعة[10].

وتم الاحتفاظ بالجرائم المعاقب عليها بالإعدام في القانون الجنائي في الجرائم الخطيرة جدا؛ من قبيل جرائم القتل المشدد، وبعض جرائم الإرهاب، وجرائم القتل المشدد المرتكبة في إطار القانون الدولي الإنساني، وبعض جرائم المس بأمن الدولة الداخلي والخارجي؛ كما تم تسجيل نوع من التروي القضائي في النطق بهذه العقوبة، وحضور الموضوع في صلب اهتمامات الفاعلين في السياسة الجنائية على المستوى الفكري.

إن عمل المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة يحرص كل الحرص على الحفاظ على الحق في الحياة لمواطنيه وكل من يختار أرض المملكة للإقامة أو السياحة ومن خلال مشاركته في قوات حفظ السلم والأمن الدوليين خاصة في القارة الأفريقية، التي سلبت شعوبها الحق في الحياة وحقوقا الأخرى، وقد آن الأوان كما قال صاحب الجلالة لرد الدين الذي في ذمة القوى العظمى لهذه القارة. 

4-: حقوق إفريقيا، دين تاريخي ومسؤولية راهنة:

 تشكل قضايا وحقوق القارة الإفريقية موضوعا أساسيا في خطابات جلالة الملك محمد السادس. لقد أراد جلالته لفت انتباه المنتظم الدولي و خاصة القوى الكبرى لموقع  إفريقيا في المنظومة  الدولية لحقوق الإنسان،  و ما ذاك إلا استمرارية لموقف المغرب من قضايا شعوب هذه القارة التي ظلمت كثيرا، و لم تنل ما تستحقه من التضامن الدولي و اهتمام المؤسسات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، ما عادا أن تكون موضوع تقارير و توصيات فقط، و هو ما عبر عنه صراحة خطاب الملك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا حيث قال: “…..إنما جئت أحمل نداء من أجل إنصاف الدول النامية، وخاصة بإفريقيا، والتعامل الموضوعي مع إشكالية التنمية بها“. حان الوقت لتصبح فيه افريقيا فاعلا منتجا للآليات المتعلقة بحقوق الإنسان وفي النصوص المؤطرة لها.  فالمغرب من خلال هذا الموقف والزيارات الملكية التي شملت العديد من الدول جنوب الصحراء كان أخرها نهاية السنة الفارطة حيث زار جلالته مجموعة من الدول في شرق إفريقيا وغربها وجنوبها، منها رواندا وتنزانيا والسينغال ومدغشقر وإثيوبيا ونيجيريا، فجلالة الملك يعكس تشبت المغرب ببعده الإفريقي الممتدة جذوره في تاريخ المملكة؛ فإفريقيا بالنسبة للمغرب خيار استراتيجي وليس ظرفي تمليه مصالح و براغماتية اقتصادية أو سياسية معينة[11].

فإلى جانب العلاقات السياسية والاقتصادية هناك العلاقات الروحية والدينية؛ فالمغرب يعود إليه الفضل في نشر الإسلام السني المالكي في تخوم إفريقيا السمراء عبر الزوايا برعاية ملكية[12]، وهو ما أثمر في النهاية امتداد الإسلام داخل القارة الإفريقية، وما نشهده من ترابط صوفي وتعلق العديد من الدول القارة، خصوصا في غرب إفريقيا بالمغرب، لهو خير دليل على هذا الإرث التاريخي الذي راكمه الجانبان.

فالزيارات الملكية المتكررة إلى أعماق افريقيا لم يكن الغرض منها توسيع استثمارات المغرب والفوز بحصة في السوق الافريقية الواعدة فقط، وإنما أيضا للمساهمة في خلق شراكات جنوب-جنوب من أجل تنمية انسانية مستدامة والنهوض بحقوق الإنسان بالقارة السمراء[13]. فالمغرب مهما كانت قوة الشراكة التي تجمعه مع الدول الصناعية، الاوربية خاصة، فهو لم ولن يدير ظهره للدول الإفريقية. وهذه إشارة قوية على أن المملكة بدأت تتخلى عن المقاربة المرتكزة على دبلوماسية الموقف من الصحراء المغربية التي يبني عليها المغرب علاقاته الخارجية مع دول القارة الإفريقية لأنها سياسة لم تعد مجدية. وما تقديم المملكة المغربية طلب عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي موازاة مع التحركات الملكية الأخيرة، إلا دليل آخر على عزم المغرب على القطع مع سياسة الكرسي الشاغر والعمل من خلال الاتحاد على تقوية فرص القارة للنهوض والانطلاق لربح رهان التنمية الشاملة المستدامة.

كما أنه مراعاة للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الصعبة التي تعيشها بعض الدول الافريقية جنوب الصحراء أصبح ينظر إلى الأفارقة المقيمين بالتراب المغربي بمقاربة انسانية-حقوقية.

إن افريقيا يقول ملك المغرب بمناسبة زيارته للكوت ديفوار”لم تعد قارة مستعمرة”، بل قارة حية، ليست في حاجة لمساعدات إنسانية، بقدر حاجتها لشراكات ذات نفع متبادل ولمشاريع التنمية البشرية والاجتماعية.

فالضمير الإنساني لا يمكن أن يستريح ويصفو إلا بتغيير مقاربة التعامل مع الشعوب الإفريقية وغيرها، ورد الدين لها ببناء شراكات تعاون وتضامن تكون غايتها تمكين تلك الشعوب من تنمية بشرية مستدامة تعيد للإنسان الإفريقي كرامته.

5-دينامية حقوق الإنسان: رهانات جديدة:

لقد أعلن الملك محمد السادس صراحة بأن المملكة المغربية واعية بالطبيعة الديناميكية والمضطردة لحقوق الإنسان، فتطور الاوضاع والمستجدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية له أثر واضح على مجال حقوق الإنسان، حيث ظهرت مواضيع جديدة: “حقوق المسنين حقوق الانسان في العصر الرقمي والمقاولة وحقوق الانسان والتأهيل القانوني للفقراء، وقابلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للتقاضي” ومن هنا برزت رهانات جديدة، حددتها الرسالة الملكية بمناسبة المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في ثلاث رئيسية وجوهرية:

الرهان الأول يتعلق بمسألة المساواة والمناصفة: لقد أولاها الدستور المغربي أهمية كبيرة، بل تحظى برعاية ملكية خاصة؛ فجلالة الملك محمد السادس منذ اعتلاء العرش خص قضايا المرأة باهتمام كبير اقتناعا منه بأن بناء دولة الحق والقانون والديمقراطية يستدعي مشاركة فعالة للنساء في صنع القرار. كما لخصت الرسالة الملكية التطور الذي شهدته حقوق النساء ووضعيتهن منذ بيكين إلى اليوم، والتي لم ترق حصيلته إلى الانتظارات         والأهداف المتوقعة بسبب عدة عراقيل.  حيث قال:وبعد مرور عشرين سنة على هذا المؤتمر، فإن المعطيات المتوفرة والواقع اليومي للنساء والفتيات في العديد من مناطق العالم، يعكسان حجم العراقيل التي تحول دون تحقيق الأهداف المسطرة في إعلان بكين، وبرنامج العمل الخاص به. فعلى الرغم مما تحقق من تقدم في هذا المجال، فإن الإنجازات ما تزال بعيدة كل البعد عن الطموحات التي تم تحديدها.” إلا أن ذلك لا يمنع من الإشادة بما حقق المغرب في هذا الصدد حيث قال في الرسالة الذكرى الخامس والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان: “وإن لنا في الإنجازات التي حققناها، بإرادة وطنية خالصة، رصيدا مشرفا، يعد مبعث اعتزاز وطني مجمع عليه، ومحط تقدير دولي.

إنه رصيد غني، إن لم تكن هذه الرسالة تتسع لاستعراضه، على سبيل التفصيل، فحسبنا منه بعض معالمه البارزة، وفي طليعتها توطيد الحقوق السياسية والمدنية، وعلى رأسها تعزيز مساواة الرجل بالمرأة، وهو ما جسدته مدونة الأسرة، التي ما تزال رائدة في بابها، والتي ما فتئت تعطي ثمارها”

وهذا ما عززته رسالة المنتدى، حيث ثمنت بما قام به وبما يقوم به المغرب في سبيل تحقيق المساواة والمناصفة وتمكين النساء والفتيات من حقوقهن وحمايتها، وخاصة تنصيب هيئة المناصفة ومناهضة كافة أشكال التمييز كما هو منصوص عليها في الدستور، وهي خطوة تنسجم مع التزامات المغرب الدولية في هذا المجال.

وفي واقع الأمر مع بداية عهد جلالة الملك محمد السادس، تزايد الاهتمام بحقوق المرأة من خلال العمل على توسيع المشاركة السياسية للمرأة باعتبارها دعامة للديمقراطية والتزاما بمقتضيات الدستور، وكذلك من خلال إزالة كافة أشكال التمييز بين الرجل والمرأة عبر تحيين العديد من المقتضيات القانونية كمدونة الأسرة؛ قانون الجنسية ومدونة الشغل إلى جانب الإجراءات التدبيرية المتمثلة في توسيع مشاركة النساء في تقلد الوظائف العمومية من حيث انخراطهن بفعالية في أسلاك الدبلوماسية والسلطة….     

ولعكس الوزن الديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي للنساء بالمغرب في الخريطة السياسية ومراكز القرار، فقد نص الدستور الأخير لفاتح يوليوز 2011 على:“يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.

تسعى الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء.

وتحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.

وهذا التزام دستوري وحقوقي وقانوني وسياسي، يظهر مدى أهمية قضية تمكين النساء من حقهن في المشاركة في صنع حاضرهن ومستقبلهن في إطار ديمقراطي منصف. هذا الالتزام هو الذي بدأ الملك بتنفيذه والوفاء به، عندما دعا المؤسسات والفاعلين المعنيين إلى ضرورة مباشرة العمل لإحداث لجنة المناصفة التي نص عليها الدستور.

ويرتبط الرهان الثاني بأهداف التنمية لما بعد 2015: فمنذ إعلان الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية سنة 2000، انخرطت المملكة المغربية في العمل على تحقيقها. وذلك بإطلاق الملك لمبادرة يعتبرها العديد من الخبراء              والمؤسسات رائدة وتجربة متفردة، والمتمثلة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث جعلت كرامة الإنسان غايتها المثلى بدليل سهر المؤسسة الملكية على تتبع المشاريع التي تنجز في إطارها ووقوف الملك بنفسه دائما على أثرها وحصيلتها على حياة المواطنين. فمنذ إطلاق المبادرة 18 ماي 2005 تجاوز عدد المستفيدين 8 ملايين شخص وبلغ حجم الاستثمارات 27 مليار درهم[14].  ونظرا للبعد الاستراتيجي لأهداف الالفية وحفاظا على المكتسبات، يجدد المغرب التزامه وانخراطه في أهداف التنمية البشرية المستدامة لما بعد 2015، والتي تتمحور حول مجموعة من المحاور شكلت مواضيع الاستشارات والمشاورات الوطنية والدولية التي أطلقتها الأمم المتحدة بين جميع الفاعلين، كل حسب المجال الذي يشتغل فيه. والجدير بالذكر ونظرا للارتباط الوثيق بين تلك المواضيع وحقوق الانسان، جعلت هذه الأخيرة في صلبها بل اللحمة الأساسية لها وغايتها الكبيرة.

أما الرهان الثالث فهو يتعلق بحركات الهجرة الدولية وطالبي اللجوء:

من الأهداف الأساسية التي ركزت عليها رسالة المنتدى، توجيه اهتمام المسؤولين إلى الإشكالات الكبرى التي تطرحها ظاهرة الهجرة الدولية من خلال تشخيص دقيق للوضع الإنساني للمهاجرين.

فإذا كان تقرير البرنامج الانمائي للأمم المتحدة لسنة 2009: التغلب على الحواجز: حرية التنقل والتنمية البشرية” قد خلص إلى أن الهجرة شكلت في كثير من الحالات فرصة لتوسيع الخيارات وتحسين الوضع المعيشي والارتقاء الاجتماعي وتطوير التلاقح الحضاري والثقافي بين الأمم والشعوب. بل أن هناك من يدافع على أطروحة تفسير التاريخ بالجغرافية، والقول بأن الجغرافية هي التي حركت مجريات التاريخ، مستدلين على ذلك باكتشاف أمريكا والنتائج التاريخية التي أسفر عنها، ففي نفس الوقت شكلت الهجرة، وفي العديد من الحالات أيضا، مناسبة للاستغلال وانتهاك لحقوق الإنسان، وخاصة النساء والقاصرين حيث يسقطون في شباك عصابات الاتجار في البشر مستغلين أوضاع بلدانهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتردية والمضطربة.

 ومن هنا تدعو المملكة، التي حققت مكاسب جد إيجابية في مسألة معالجة مشاكل المهاجرين من جنوب الصحراء، المنتظم الدولي إلى ضرورة العمل من أجل النهوض بحقوق المهاجرين وأبنائهم، ودعم ثقافة التعايش والتسامح، وخاصة بعدما تحولت الهجرة من جنوب-شمال إلى جنوب-جنوب.

وفي هذا الباب، نهج المغرب سياسة جديدة للهجرة تقوم على أربعة محاور رئيسية يرعاها الملك بنفسه، تهم تسوية الوضعية القانونية لطالبي اللجوء والمهاجرين الذين يستجيبون لشروط معينة، وتأهيل الإطار القانوني المتعلق بالهجرة واللجوء، وبلورة وتنفيذ استراتيجية لإدماج المهاجرين واللاجئين تجعل من المهاجر عنصرا لإغناء المجتمع وعاملا لتحريك التنمية، ثم التصدي بحزم لشبكات الاتجار في البشر.

ففيما يخص تسوية وضعية طالبي اللجوء والمهاجرين في وضعية غير نظامية، فقد بادرت السلطات العمومية يوم ثاني يناير 2014 إلى إطلاق عملية التسوية الاستثنائية للمهاجرين في وضعية غير نظامية تنفيذا للتوجيهات الملكية في هذا الشأن، وعملت في السياق ذاته على فتح 83 مكتبا للأجانب على مستوى عمالات وأقاليم المملكة.

أما فيما يتعلق بتأهيل الإطار القانوني المؤطر للهجرة واللجوء، فقد تم إحداث لجنة بين-قطاعية مهمتها اقتراح المشاريع اللازمة لتطوير وتأهيل الإطار القانوني للهجرة واللجوء والاتجار في البشر، من خلال تحضير ثلاث مشاريع قوانين أساسية، وهي مشروع القانون الخاص باللجوء ومشروع القانون حول مكافحة الاتجار بالبشر وحماية ومساعدة ضحاياه، ومشروع القانون الخاص بالهجرة.

وبخصوص محور إدماج المهاجرين واللاجئين اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، فقد حرص المغرب، انطلاقا من خصوصياته ومقوماته الغنية والمتنوعة، على تبني مقاربة تنظر إلى المهاجر باعتباره عنصرا إيجابيا لإغناء مجتمعنا وعاملا مساهما في التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثراء الوطني.

ومن هنا، باشرت السلطات الحكومية، بتعاون مع مختلف الفاعلين الخواص والمجتمع المدني، بلورة مخطط أولي للاندماج يقوم على ضمان تمتع المهاجرين وأفراد أسرهم بالحقوق الأساسية وحمايتهم من شتى أشكال التمييز، وتحقيق المساواة في الفرص، و تمكين المهاجر من الإلمام بثقافة ولغات المغرب، مع العمل على مساعدته على المحافظة على هويته الأصلية بمختلف مكوناتها، و إدماج المهاجرين في وضعية قانونية في سوق الشغل….الخ.

أما على مستوى التصدي الحازم لشبكات الاتجار في البشر، فقد وضعت السلطات المعنية خطة أمنية وطنية طموحة في مجال محاربة هذه الشبكات التي أصبحت تأخذ أشكالا جديدة من حيث التنظيم والعلاقات مع الشبكات الإجرامية الدولية الأخرى التي تتاجر في المخدرات والأسلحة.

من أجل تفعيل الهجرة الاقتصادية نحو الجنوب فقد استثمرت الشركات المغربية نسبة 51 ٪من إجمالي الاستثمار المباشر في الخارج في خمسة بلدان في غرب ووسط إفريقيا، وكانت جمهورية مالي هي المستفيد الأول بنسبة 34 %، ثم الغابون و السنغال وكلاهما بنسبة 15 %، فكوتديفوار13,5%  وبوركينافاسو 9,5 % والكونغو5%.

إن تحقيق كل تلك الاهداف وكسب الرهانات المتجددة في مجال حقوق الإنسان وخاصة رهان الذي رفعته الأمم المتحدة مؤخرا: “الكرامة للجميع”، لن يتأتى إلا بقيام شراكة دولية حقيقية بين جميع الفاعلين.

الرهان الرابع: دعوة إلى شراكة دولية حقيقية للنهوض بحقوق الإنسان:

بحكم كونية قضايا حقوق الإنسان وتشابكها واحتمالات الاختلاف حولها، وكونها اليوم في صلب أهداف التنمية البشرية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة ما بعد 2015، دعا الملك إلى تبني مقاربة الشراكة بين كل الفاعلين للنهوض بحقوق الإنسان، في عالم يسوده السلم والأمن تحفظ فيه كرامة الإنسان وحقوقه دون تمييز.

 وهو ما نجد صداه في الخطب والرسائل الملكية: في رسالة الذكرى الستينية لحقوق الإنسان الموجهة للأمم المتحدة يقول جلالة الملك:” إن مسار النهوض بحقوق الإنسان يظل شاقا وطويلا، ولا حد لكماله، مما يتطلب انخراطا جماعيا، بإرادة لا تعرف الكلل. وبالتالي، فإن حقوق الإنسان ليست أفقا محدودا، وإنما هي حركية مستمرة، ومنظومة مترابطة، في أبعادها الديمقراطية والتنموية.”  وفي رسالة المنتدى أكد الملك على ضرورة العمل الجماعي حينما قال”إن اجتماع المدافعين عن حقوق الإنسان اليوم، يكتسي أهمية خاصة، لاسيما وأنه يأتي في سياق التحولات والتحديات التي يشهدها العالم، والتي تتطلب إجابات شاملة ومدروسة وجماعية

و تعتبر الشراكة إحدى الإجراءات العملية التي جاءت في خطة العمل، التي طلبها الأمين العام في تقريره المعنون ”في جو من الحرية أفسح: صوب تحقيق التنمية والأمن، وحقوق الإنسان للجميع“ (A/59/2005)، رؤية استراتيجية للاتجاه المستقبلي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان للنهوض،  حيث دعت إلى إقامة شراكات أوثق مع المجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة من خلال إنشاء مهمة لدعم المجتمع المدني، وتقديم الدعم للمدافعين عن حقوق الإنسان، وتعزيز الالتزام بأنشطة الإجراء الثاني المتعلقة بالنهج القائمة على الحقوق ونظم الحماية الوطنية، وتوفير التوجيه في مجال حقوق الإنسان لنظام المنسقين المقيمين[15].

وإيمانا من المملكة بنجاعة الشراكة في النهوض بحقوق الإنسان، فقد بادرت إلى إطلاق عدة مبادرات في هذا الاتجاه، سواء على الصعيد الدولي –الاقليمي أو الوطني. فالمغرب يرتبط باتفاقيات شراكة مع العديد من الهيئات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان مثل: برنامج الأمم المتحدة للتنمية ومنظمة اليونسيف ومنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والتربية والمجلس الأوربي ومنظمة العفو الدولية وغيرها. أما على الصعيد الوطني فالقطاعات الحكومية ذات الصلة بمجال حقوق الإنسان -كالمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان -تربطها العديد من الشراكات مع منظمات المجتمع المدني، وتخصص لها مصالح للتتبع والتقييم والتطوير، مما يدل على أن المملكة المغربية تؤمن بالشراكة كآلية أساسية للنهوض بحقوق الإنسان.

هذا، تجدر الإشارة إلى الشراكات واتفاقيات التعاون التي عقدها المغرب في السنوات الأخيرة مع العديد من الدول الإفريقية، كانت حقوق الإنسان إحدى المجالات التي شملتها حيث أن بعض الدول أرادت ان تستفيد من تجربة المغرب في مجال العدالة الانتقالية لطي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و القطع معها. 

وحتى تكون تلك الشراكات فعالة وناجعة، فيجب أن تكون متوازنة تحدد فيها المسؤوليات والأهداف بشكل واضح، تحركها الرغبة في التعاون والتحالف الاستراتيجي من أجل الإنسان، وألا ينظر إليها كمنحة أو صدقة تستغل للضغط على الدول النامية لتحصيل منافع سياسية في المستقبل.

خاتمة:

يمكن القول بأن خطابات الملك محمد السادس في معالجتها لقضايا حقوق الإنسان، تتميز بمجموعة من الخصائص، أولها أنها تستعمل لغة صريحة  ومباشرة تعكس درجة كبيرة من الالتزام و الموضوعية، مما يجعله بعيدا عن الدعائية، حيث يعمل على تجسيد مضامين الخطاب في الممارسة و السياسات العمومية على أرض الواقع،  و هو ما نستشفه من إشرافه الشخصي على عدد من المبادرات الحقوقية، بل أنه جعل من خطاباته محطة للإعلان ومتابعة هذه المبادرات (مدونة الأسرة، التعليم، هيئة الإنصاف والمصالحة، و تعيينه لنصف أعضاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان…) .كما تلامس خطاباته الحقائق بوضوح وشفافية و دون مواربة أو ديماغوجية ، وهو خطاب متوازن في منطلقاته معزز بالوقائع و الأرقام من أجل الإقناع، كما ينبني على مرجعيات متعددة، والمتمثلة أولا في الإسلام،  يقول الملك “مرجعيتنا الاسلامية، التي تعد أحد الروافد الأساسية للمرجعية الكونية، الرائدة في تكريسها للكرامة والمساواة بين الناس، واعتبار طلب العلم فريضة، وتلازم الحرية بالمسؤولية والعدل والشورى والتضامن والانفتاح والتسامح والاجتهاد” ثم المرجعية الكونية و الدولية يخلد المغرب الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وهي مناسبة نجدد فيها تشبثنا الراسخ، بحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها، جاعلين من تجسيدها في مواطنة كريمة لكل المغاربة، مذهبنا في الحكم.
كما نؤكد التزام المغرب الثابت بالقيم والمبادئ النبيلة، التي كرستها هذه الوثيقة التاريخية، إذ شكلت مصدرا لمواثيق دولية وإقليمية، جعلت من حقوق الإنسان إرثا مشتركا للبشرية جمعاء، من أجل بناء عالم يسوده الإخاء والسلم، والعدل والكرامة والمساواة

إن الرسائل الملكية ليست مجرد برتوكول الدولة العضوة المشاركة في الأمم المتحدة أو المستضيفة لحدث دولي كالمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، وإنما يمكن اعتبارها خارطة طريق وأرضية متكاملة لبناء شراكة دولية مندمجة للنهوض بحقوق الإنسان، وتعكس بحق قوة موضوع حقوق الإنسان وأهميته الحيوية والاستراتيجية بالنسبة للمغرب وبأنها في صلب اهتمامات جلالة الملك والاساس التي تنبني عليه سياسته الداخلية والخارجية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع المعتمدة:

 

 

 

 

[1]  Logométrie (logos = discours ; métrie = mesure). Le discours est conçu comme un ensemble de données textuelles auxquelles l’analyste apportera la plus grande attention (recherche d’attestation, fréquence d’utilisation des mots, distribution du vocabulaire, calcul des co-occurrences, etc.). Cette approche, qui existe surtout en histoire, en sociologie, en sciences politiques ou en littérature, utilise des logiciels scientifiques comme AlcesteHyperbaseProspéroLexicoTropes ou SATO.

[2] L’analyse de discours est une approche méthodologique des sciences humaines et sociales. L’analyse de discours est une approche multidisciplinaire qualitative et quantitative qui étudie le contexte et le contenu du discours oral ou écrit. https://fr.wikipedia.org/wiki/Analyse_du_discoursء

– [3]واتبري، جون ، أمير المؤمنين ،الملكية و النخبة السياسية المغربية، ترجمة عبد الغني أبو العزم و آخرون ص207، مؤسسة الغني للنشر الرباط الطبعة الثالثة الرباط 2013.

[4]  رشاد غنيم عادل، المنهج السياقي وأثره في تطوير التفسير mlffat.tafsir.net/files/

[5]– Raphaël Micheli, « Contexte et contextualisation en analyse du discours : regard sur les travaux de T. Van Dijk », Semen mis en ligne le 28 avril 2007, consulté le 20 juin 2015. URL : http://semen.revues.org/1971.

 

[6]– محمد ابو القاسم، الســيادة بين المفهوم التقليدي والبحث عن مفهوم جديد، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه الوطنية في القانون العام، جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية -عين الشق،2011، ص 219.

 

6-بالإضافة إلى ذلك، لا يقبل المغرب باختصاص بعض اللجان التعاهدية فيما يتعلق بالنظر في الشكايات المقدمة من طرف الأفراد ولم يصادق بعد على الاتفاقية رقم 87 لسنة 1948 المتعلقة بالحرية النقابية وبحماية حق التنظيم النقابي والاتفاقية رقم 102 لسنة 1952 المتعلقة بقانون الحد الأدنى للضمان الاجتماعي والاتفاقية رقم 118 لسنة 1962 الخاصة بالمساواة في معاملة مواطني البلد والذين ليسوا من مواطني البلد في مجال الضمان الاجتماعي.

وجدير بالذكر كذلك أن المغرب لم يقم خلال سنة 2009 بسحب أي تحفظ من تحفظاته بخصوص الاتفاقيات التي صادق عليها، حيث أبقى على تحفظاته بخصوص المادة 41 للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث لا يعترف المغرب باختصاص لجنة حقوق الإنسان لتلقي وفحص رسائل تدعي فيها دولة طرف بأن دولة أخرى لا تفي بالتزاماتها المترتبة عن العهد الدولي، والمادة 30 لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، في ما يتعلق بالتحكيم الدولي حول أي خلاف بين الدول الأطراف يرتبط بتفسير الاتفاقية، و الفقرة الأولى من المادة 92 للاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والمادة 22 من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، حيث لا يعترف المغرب بمقتضى هذا التحفظ باختصاص محكمة العدل الدولية بالنظر في الخلافات المتعلقة بتفسير الاتفاقية. ( تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان http://www.cndh.org.ma/ar/bulletin-d-information)

 

[8]Francois Becker, universalité des droits de l’homme, diversité des religions et des cultures, du réseau européen Eglises et Libertes www.enre.eu2 juin 2015p 1

[9]Christoph Eberhard, de l’universalisme à l’universalité des droits de l’homme par le dialogue interculturel un défi de sortie de modernité, www.dhdi.free.fr date de visite : 10juin2015 p 54

[10]– فالي، علال، عقوبة الإعدام في التشريع الجنائي المغربي على ضوء التكريس الدستوري الجديد للحق في الحياة، قراءات في المادة الجنائية                   : دار نشر المعرفة، 2014    الرباط، ص. 59-  71 .

 

 

[11]Relations Maroc-Afrique : l’ambitiond’une « nouvelle frontière www.finances.gov.ma/Docs/2014/»Septembre 2014

[12]-بامبا، الأمين، المذهب المالكي في أدغال   إفريقيا، امتداد تاريخي   للمدرسة المالكية الفاسية المغربية،أعمال الندوة  العلمية الدولية، فاس، 2-2 ربيع   الأول 1428 هـ، 20-21 مارس 2007: المنظمة الإسلامية  للتربية والعلوم والثقافة، الرباط 2010. ص. 122-130

 

[13]L’Afrique-Priorité partagée du Royaume du Maroc et de l’onu,.www.diplomatie.ma p 60

 

[14]www.indh.ma

[15] http://www.un.org/arabic/largerfreedom/add3.html

Exit mobile version