Site icon مجلة المنارة

جريمة غسل الأموال و دور الجهاز القضائي في مكافحتها

تعتبر الجريمة المنظمة صورة من صور الإجرام الخطرة، و قد تطورت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا و تحولت في كثير من صورها إلى ظاهرة عالمية، و تزايدت المخاطر و الأضرار التي تحدثها بالمجتمع ومن صور الجريمة المنظمة[1] جريمة غسل الأموال و التي يقصد بها و كما هو مبين من تسميتها أنها عملية تطهر من خلالها أموال لم يكن بالإمكان التعامل فيها إلا من خلال إضفاء صفة المشروعية عليها، لأنها ناتجة عن أعمال غير مشروعة و مخالفة للقانون، و لاشك أن طريقة شرعنتها هاته تستوجب القيام بعمليات اقتصادية و مالية تهدف إلى تسييل الأموال بصورة مشروعة و مرنة.

و قد عرفت هذه الظاهرة تطورا ملحوظا في الآونة الأخيرة بفعل التطور الكبير في الوسائل التكنولوجية الحديثة، و الذي يعد أحد المظاهر الأساسية لمظاهر العولمة، و ما أدى إليه من ظهور العديد من الوسائل الفنية و الالكترونية الحديثة لنقل الأموال و تداولها، و التي تسمح بالتعامل مع الأوراق النقدية و انتقال الأرصدة المالية من شخص لآخر عبر الحدود الجغرافية و الإقليمية على مستوى العالم من خلال شبكات الانترنيت المنتشرة في أرجاء العالم، دون الحاجة إلى المرور عبر القنوات المصرفية التقليدية فضلا عن انتشار أنظمة الدفع الحديثة المصاحبة لعمليات التجارة الالكترونية، و قد أدت كل هذه التطورات التكنولوجية الحديثة و غيرها فرصة أمام غاسلي الأموال لاستغلال هذه التطورات و الخدمات الحديثة التي تقدمها البنوك للقيام بعمليات غسل الأموال على نطاق أوسع.

و هناك اتفاق و إجماع عام على أن ظاهرة غسل الأموال قد استفحل أمرها و بلغت حجما لم يعد من الجائز التهاون بشأنها نظرا لما أصبحت تشكله هذه الظاهرة من مخاطر على جميع المستويات و الأصعدة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية بحيث صار من الضروري بذل الجهود لمكافحتها، و تم دوليا إصدار العديد من الاتفاقيات و عقد مجموعة من المؤتمرات التي عززت الإجراءات و التدابير لتجريم هذه الظاهرة، و العائدات المتحصل منها، إذ تكاد عمليات غسل الأموال تشكل موضوعا دائما على مائدة المؤتمرات الدولية، و على حد تعبير أحد رجال القانون، فإن الدول و القوانين في كل مكان من العالم، تبقى دائما متأخرة مقدار خطوة واحدة عن تقدم الجريمة، و كذلك الحال فإن الجهود الدولية لمكافحة تبييض الأموال قد جاءت متأخرة على هذا الصعيد[2].

و في هذا الإطار فالمغرب لم يكن بعيد عن هذه الظاهرة، و لهذا شارك في مجموعة من الندوات و المؤتمرات المحلية و الإقليمية و الدولية، و التي تخص معالجة موضوع جرائم الفساد و غسل الأموال، كبرنامج الأمم المتحدة الائتماني في إطار تعزيز حكم القانون في الدول العربية، بالإضافة إلى عقد مجموعة من الندوات بتنسيق مع الوزارات و المؤسسات المعنية.

و لعل من الوسائل التي تعتمدها الدول لمكافحة جريمة غسل الأموال و منها المغرب، إقرار برامج تشريعية و تنظيمية للدولة من خلال سن قانونا يجرم هذه الظاهرة، تماشيا و استجابة للاتفاقيات الدولية الموقعة عليها الدولة، و كذا تظافر الجهود داخل الدولة من خلال تلاحم و اتحاد المؤسسات المالية و القضائية، و ما لهذه الأخيرة من دور فعال في مجال القضاء أو الحد من هذه الظاهرة.

إذ يقع على عاتق الاجتهاد القضائي مسؤولية إحداث التوازن بين مجال الحريات و الحفاظ على قيم المجتمع، سد الثغرات التشريعية التي يلجأ إليها الجناة لإبعاد التهم عنهم، إذ أن ندرة الأحكام القضائية القاضية بالإدانة في هذا المجال يدل على أن التطبيق العملي يواجه صعوبة.

و الواقع أن تعزيز التعاون الدولي بين السلطات القضائية و أجهزة الرقابة المالية في ميدان قمع الجريمة المنظمة و تمويلها يجد صداه في مجال قانون المسطرة الجنائية و قانون مكافحة غسل الأموال رقم 13.10، و التي من بين فرضت إلزام رقابة قبلية صارمة على تحركات الأموال المشبوهة و ما أتت به مقتضيات هذا القانون تتمة للقانون الذي سبقه رقم 43/05.

 

 

المبحث الأول: الدلالة القانونية لجريمة غسل الأموال

على الرغم من أن جريمة غسل الأموال قديمة قدم التاريخ، إلا أن مفهومها اكتسب طابعا مراوغا، و خصائص و صفات ملتبسة و غامضة مما يحتاج الأمر إلى توضيح المفاهيم، و هي من الجرائم التي تحتاج في صياغة مفهومها إلى مراجعة مستمرة من حين لآخر، و ذلك راجع للتزايد الالكتروني و العلمي و إلى ما يبتكره غاسلي الأموال من أساليب و طرق للتخلص من تبعات الجريمة.

المطلب الأول: المفاهيم الدالة على جريمة غسل الأموال

على الرغم من نمو ظاهرة غسل الأموال و انتشارها في الآونة الأخيرة، حتى أصبحت مشكلة عالمية[3]، فإنه لا يوجد تعريف قانوني متفق عليه دوليا لعمليات غسل الأموال و التي أصبحت الشغل الشاغل لكل من صانعي السياسات الاقتصادية و لاسيما القائمين على السياسات النقدية و المصرفية سواء محليا أو إقليميا أو عالميا، غير أن هناك من التعريفات الاجرائية و الوظيفية التي يعد وجودها أمرا ضروريا لتحديد مفهوم هذه العمليات.

الفقرة الأولى: تعريف جريمة غسل الأموال

يتطلب تحديد معنى مصطلح  غسل الأموال التعرف على معناه اللغوي الاصطلاحي فلفظة غسل مشتقة من فعل غسل أي طهر و من هنا ندرك وجه التسمية، لأن المال الآتي من مصدر خبيث و قذر، إذا أدخل في عمل يقره القانون الوضعي و يأذن به تحول من مال خبيث و قذر إلى مال نظيف.

و قد يثار التساؤل حول المصطلح الأصح لهذه الظاهرة، هل تبييض الأموال أو غسلل الأموال، إلا أن كلا المصطلحين صحيح، فتبييض الأموال هو ترجمة ل           Le blanchimet de l’argent ، أما غسل الأموال فهو ترجمة ل Money Laundering، و يفضل استعمال مصطلح غسل الأموال تماشيا مع المشرع المغربي الذي أورد مصطلح غسل الأموال لا تبييض الأموال في القانون رقم 05.43 أو 13.10 و المتعلق بمكافحة غسل الأموال.

و لئن تعددت التسميات من غسل أو تنظيف أو تبييض أو تطهير الأموال و اختلفت المعاني اللغوية لتلك المصطلحات، فإن المدلول القانوني يظل واحدا طالما أن العملية تكمن في شرعنة المال غير المشروع.

و قد تعددت التعاريف الخاصة بمفهوم غسل الأموال من دولة لأخرى أو من خلال بعض التعاريف التي تضعها الاتفاقيات أو الفقهاء أو بعض المؤسسات الدولية التي كان لها النصيب في وضع تعاريف لهذه الظاهرة[4]، إذ فالمشرع المغربي لم يعط تعريفا لغسل الأموال – على اعتبار أن التعاريف تكون من اختصاص الفقه – بل اقتصر فقط على الأفعال المكونة لها، و التي وسع من نطاقها في القانون رقم 13.10 حيث أضاف مجموعة من الأفعال لم يكن منصوص عليها في القانون رقم 43.05 .

الفقرة الثانية : مراحل غسل الأموال

الجدير بالذكر أن عمليات غسل الأموال تمر عادة بمراحل ثلاث رئيسية[5] و المتمثلة في مرحلة الإيداع أو التوظيف، مرحلة التغطية أو الترقيد ثم مرحلة الدمج أو التكامل، و قد تتداخل تتشابك هذه المراحل الثلاث في أحيان كثيرة، بحيث يصعب الفصل بينها  على نحو قاطع[6].

و يمكن تعريف هذه المرحلة بكونها “دخول العائدات النقدية في نظام مالي يقوم على الأعمال”[7]، و يعبر عنها بالمرحلة التمهيدية أو التحضيرية للغسل، و هي المرحلة الأكثر صعوبة، بحيث يقوم غاسلوا الأموال في هذه المرحلة بالتخلص من النقود السائلة، و ذلك إما بإيداعها في مؤسسات مالية سواء في الداخل أو الخارج، أو عن طريق استثمارها في قطاعات المضاربة ذات السيولة النقدية الضخمة كالمطاعم، تجارة المجوهراتو غيرها.

و تجدر الإشارة إلى أنه حينما يختار الراغب في الغسل تقنية إيداعها لدى مؤسسات بنكية غالبا ما يقوم بتجزئتها إلى مبالغ صغيرة تقل عن الحد الأدنى الموجب التبليغ عنه، و قد فطنت العديد من الدول لهذه الحيلة مما جعلها تجرم عمليات التجزئة، كما هو الحال للتشريع الأمريكي.

و يطلق عليها كذلك الفصل أو التعتيم أو التمويه L’emilage و يراد به فصل الأموال غير المشروعة عن مصدرها، و في هذه المرحلة تواجه الأجهزة القائمة على تعقب نشاط غسل الأموال صعوبة كبير في ملاحقة التحويلات الالكترونية و البرقية، حيث تنتقل الأموال بواسطتها بسرعة فائقة في البنوك خارج البلاد، و لذلك تعتبر الأكثر تعقيدا و أكثرها اتصافا بالطبيعة الدولية[8]، و الهدف من هذه المرحلة هو تضليل الجهات الرقابية و الأمنية و القضائية عن معرفة المصدر غير المشروع للأموال القذرة.

و كما هو واضح من تسميتها يقوم غاسلوا الأموال في مرحلة الدمج بدمج أو مزج الأموال القذرة و غير المشروعة في الاقتصاد و جعلها تبدو و كأنها أموال مستمدة من مصادر مشروعة و ذلك بهدف تغطية الجريمة بشكل عام.

و بعد وصول الأموال إلى هذه المرحلة تكون قد بلغت مرحلة الأمان، بحيث يصبح من الصعب التفريق بين الأموال المشروعة و الأخرى غير المشروعة، كما يصعب في هذه المرحلة على الأجهزة المختصة بمكافحة غسل الأموال كشف العملية لصعوبة التمييز و التفريق بين هذه الأموال، نظرا لأنها خضعت لعدة عمليات متتالية من الممكن أن تكون قد استمرت لعدة سنوات.

و لتوضيح مراحل غسل الأموال نقترح الرسم التالي:

 

المرحلة الأولى

 

المنظمات الإجرامية تحصل على الأموال القذرة من المصادر غير المشروعة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني : خصائص جرائم غسل الأموال و انعكاساتها

تعد عمليات غسل الأموال أنشطة مكملة لنشاط رئيسي سابق أسفر عنه تحصيل كمية من الأموال غير المشروعة، فغالبا ما يتحصل عل الأموال المراد غسلها من أنشطة غير مشروعة مثل أنشطة المخدرات، الفساد المالي و غيرها.

الفقرة الأول : خصائص جريمة غسل الأموال

تعتبر جرائم الاتجار في المخدرات في مقدمة الأنشطة غير المشروعة التي ترتكبها التنظيمات الاجرامية بسبب الأرباح الطائلة و السريعة التي تنتج عن تلك الجرائم، و استنادا للتقرير السنوي لبرنامج الأمم المتحدة للرقابة الدولية على المخدرات لعام 1997، فحجم الأموال الناتجة عن الاتجار في المخدرات وحدها يقدر بحوالي 400 مليار دولار سنويا أي ما يعادل 8 بالمئة من إجمالي الصادرات العالمية.

و تبرز خطورة هذه الأموال بالإضافة إلى أنها تستخدم في الرشوة و إفساد بعض الموظفين لتسهيل أنشطة التنظيمات الإجرامية أي أنه يتم غسلها و استثمارها في الاقتصاد المشروع، و نصف الأموال التي يتم غسلها على مستوى العالم باق من تجارة المخدرات.

يعتبر الفساد ظاهرة اجتماعية قديمة، انتشر حديثا و لاسيما في الوطن العربي بفعل عدم خضوع السلطات السياسية و الادارية لقوانين واضحة، و ضوابط معلنة تمكن من ممارسة الرقابة عليها، أو بسبب جهل المواطن و خوفه، أو بسبب انعدام حرية التعبير و لأسباب أخرى[9]، و تصنف المنظمات الدولية المغرب في مرتبة متقدمة من حيث تفشي آفة الرشوة في إدارته و مؤسساته.

بالإضافة إلى جريمة الرشوة هناك جريمة اختلاس الأموال العامة التي تعتبر هي الأخرى مظهرا من مظاهر الفساد، و التي كان قد عهد النظر فيها لمحكمة العدل الخاصة و التي أصبحت الآن جزءا من تراثنا القضائي.

و هذه الجرائم المتمثلة في كل من جرائم الاختلاس و التبديد و استغلال النفوذ       (و التي هي صورة من صور الفساد الإداري و المالي)، لا تتحقق إلا بتحقق القصد الجنائي الذي يعتبر ركنا معنويا في هذه الجرائم، إذ لابد من إرادة حرة نابعة من طرف الموظف المتهم بإحدى هذه الجرائم، و المعيار السليم للتجريم في هذه الجرائم يمكن في العلم و الإدراك القائمين لدى الجاني بأن الأذى و الضرر محتمل الحدوث و راجع الوقوع عن فعله بحيث يقوم التجريم على تعمده.

و يعد الفساد من أكثر الجرائم التي تهدد الاقتصاد الوطني، و قد ظل المغرب واعيا بخطورة هذه الآفة، إلى درجة أن عددا من الخطب الملكية أثارت القضية باعتبارها قضية تخليق الحياة العامة، ورد في خطاب الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح السنة القضائية بأكادير سنة 2002، “و تظل غايتنا إيجاد قضاء مختص يضمن الحق في المحاكمة العادلة … حريص على تخليق الحياة العامة و حماية المال العام من كل أشكال الفساد و ترسيخ ثقافة و أخلاقيات المسؤولية”.

أصبحت عمليات غسل الأموال تمتد أفقيا عبر حدود الدول النامية، و ساعد على ذلك مناخ التحرر الاقتصادي و المالي، و من ثم فإن هذه العمليات لم تعد أحادية الجانب في تحركاتها، بل أصبحت تعمل في الاتجاهين في آن واحد، مع الاختلاف في الأهمية النسبية لهذه التحركات التي تتطور مع الزمن، و معنى ذلك أن عمليات غسل الأموال التي كانت بدايتها محليا، امتدت و أصبحت تكتسب أبعادا دولية و عالمية، مما يزيد المشكلة تعقيدا و صعوبات كبيرة و لاسيما عدد محاولة تعقبها و مواجهتها[10].

و يزداد الاتجاه نحو عمليات غسل الأموال دوليا مع ازدياد الاتجاه لتحرير التجارة العالمية، حيث يستغل محترفوا عمليات غسل الأموال فتح الحدود و إزالة القيود في نقل الأموال غير المشروعة عبر الحدود لتكون أكثر أمانا في دول أخرى، غير تلك التي تمت على أراضيها الأنشطة غير المشروعة.

و قد أبدت بعض وسائل الاعلام الغربية تخوفها من انتشار جرائم غسل الأموال مع قيام الاتحاد الأوربي، و إقامة النافتا، و تزايد عمليات تحرير التجارة السلعية، و تحرير تجارة الخدمات المصرفية و المالية.

إذ يمكن تفسير عالمية الجريمة المنظمة بوجه عام، استنادا إلى التغيرات الكبيرة التي شهدها العالم في نهاية القرن العشرين، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، إلى جانب التقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات و الاتصال الذي تحقق في هذا العصر، مما أدى بهذه التحولات إلى اتساع نطاق حرية انتقال الأشخاص و حرية نقل الأموال عبر الدول، و حرية التجارة الدولية، و شيوع استعمال الوسائل الالكترونية في إجراء المعاملات التجارية و المالية.

الفقرة الثانية : انعكاسات جريمة غسل الأموال

رغم الاهتمام الكبير الذي توليه الأسرة الدولية لخطورة تفاقم مشكلة تجارة المخدرات بصفة خاصة و على الأموال بصفة عامة، بغية الحد منها بشتى الوسائل العلمية و العملية و القانونية، إلا أنها ما تزال في تفاقم مستمر، و مازال تأثيرها السلبي يتزايد يوما بعد يوم ملقية بظلالها على تنمية و تقدم الكثير من دول العالم، و هذا التأثير يؤثر بالأساس في كل من المجال الاقتصادي، الاجتماعي و السياسي[11].

تشكل جرائم غسل الأموال خطرا كبيرا على الاقتصاد العالمي، و هي ظاهرة تعتبر بمثابة التهديد المباشر للمؤسسات المالية و الوطنية، بل و المالية العالميةFinance Mondiale، و يؤدي تأثيرها بالأساس إلى التأثير غير العادل للثروة، حيث توزع ثروات بدون عمل أو مجهود.

يؤدي خروج الأموال المراد غسلها بطرق غير مشروعة إلى خارج الدولة، إلى حرمان الدولة المعنية من العوائد الإيجابية، التي يمكن أن يحصل عليها المجتمع، و التي من المفروض أن تشكل قيمة مضافة إلى الدخل القومي، بحيث تؤدي إلى اختلالات في العرض داخل الأسواق، و في قيمة الأسعار المحلية، و غسل الأموال يودي أيضا إلى الزيادة في معدلات الاستهلاك بشكل يفوق الدخل القومي، و يساهم في حدوث خلل اقتصادي هيكلي حسب انخفاض المدخرات و الزيادة في الاستهلاك دون حدوث نمو مماثل في الناتح المحلي الاجمالي، ناهيك عما يترتب عن غسل الأموال من انخفاض في الدخل المسجل في الحسابات القومية، مما يضطر ببعض الحكومات إلى اللجوء إلى فرض ضرائب جديدة أو زيادة في أسعار الضرائب القائمة، مما يؤدي إلى زيادة الأعباء الضريبية على عاتق أفراد المجتمع[12].

و في الولايات المتحدة الأمريكية، أكدت الاحصائيات أن الدخول غير المشروعة تؤثر سلبا على الاقتصاد القومي بنسبة 27 بالمئة، و في أغلب الدول المتقدمة بسبب الدخول غير المشروعة، ظهر قطاع  اقتصادي غير رسمي، يتجاوز بمعدلات مرتفعة قطاعات الاقتصاد الرسمي[13].

تؤثر عمليات غسل الأموال على معدلات التضخم، سواء أتمت هذه العمليات بصورة نقدية عبر البنوك و القنوات المعرفية، أو في صورة عينية عن طريق شراء الذهب و العقارات، فهي تؤدي في جميع الحالات إلى رفع معدلات التضخم في الاقتصادات التي تنتشر فيها، و يرجع ذلك إلى أنها تغرق السوق بكميات كبيرة من الأموال التي تجد طريقها إلى تيار الانفاق الاستهلاكي من خلال شراء السلع المعمرة و العقارات، و يؤدي ذلك إلى الضغط على المعروض السلعي بواسطة أصحاب الأموال المغسولة، و هي فئات تتسم في الغالب بعدم الرشد و العشوائية في الانفاق، و لا تقيم وزنا للمنفعة الجدية للنقود، بمعنى أنها لا تقارن بينها و بين المنفعة الجدية للسلع و الخدمات التي تقوم بالانفاق عليها، و يؤدي ذلك إلى زيادة المستوى العام للأسعار عن طريق زيادة جانب الطلب الكلي في المجتمع، و من تم تدهور القوة الشرائية للنقود[14].

فمن جهة تؤدي عمليات غسل الأموال إلى هروب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج عن طريق التحويلات النقدية بين البنوك المحلية و الخارجية، حيث يتم إيداع رؤوس الأموال الوطنية في البنوك الأجنبية، بدلا من أن تأخذ طريقها إل مجالات الاستثمار المختلفة داخل البلد.

من ناحية ثانية فهذه العمليات تؤدي إلى منافسة غير متكافئة مع المستثمرين الجادين في المجتمع، مما يؤثر على طبقة المنظمين، حيث يسبب لهم إحباطا، كما قد يدفعهم إلى توظيف أموالهم في الخارج.

و ذلك من نظرا للارتباط الوثيق بين ظاهرة غسل الأموال، و تهريب الأموال إلى الخارج، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة عرض العملة الوطنية مع زيادة الطلب على العملات الأجنبية التي يتم تحويل الأموال المهربة إليها، بقصد الإيداع في الخارج في البنوك أو بغرض الاستثمار في الخارج، و النتيجة الحتمية تبقى هي انخفاض قيمة العملة الوطنية.

يؤكد أغلب المختصين أن غسل الأموال في البورصة يعتبر أرقى الدرجات المتطورة في التمويه، لا سيما أن البورصة موقع عمومي يمكن الدخول إليه من أبوابه الكبيرة بكل حرية و مجانية، فغسل الأموال في البورصة أداة جوهرية للأزمات للبورصات العالمية حيث تختار المنظمات الاجرامية سبل الاقتصاد القانوني و المشروع لإضفاء صفة المشروعية على أموالها[15].

 

 

و مما يسهل غسل الأموال بالبورصة كون هذه الأخيرة مؤسسة العاملين فيها ملزمون بالسر المهني، إذ هؤلاء لا يواجهون الهيئات القضائية كجهة مختصة لمكافحة غسل الأموال بهذا السر، و كذا لجنة مراقبة عمليات البورصة، فعدم التبليغ وفق القانون الفرنسي يشكل جريمة توسط[16]، و لا يمكن مؤاخذتهم إلا إذا كان الوسيط عالما بالأمر.

تلحق عمليات غسل الأموال بالبنوك الأضرار التالية:

تؤثر عمليات غسل الأموال على أفراد المجتمع من ناحية ارتباطها بالجرائم الاجتماعية و الاقتصادية، حيث توجد تغذية مرتجعة Feed Back أو علاقة دائرية تعمل في الاتجاهين على نحو متضاعف، فالأنشطة الاجرامية، كالاتجار في المخدرات و الرشوة و التهرب و غيرها، تمثل المصدر الأساسي للأموال و الدخول غير المشروعة التي تخضع للغسل و التي تجد طريقها للاستثمار و التوظيف في الاقتصاد الرسمي، و قد تعرف هذه الأموال و الدخول المغسولة مرة أخرى لتمويل أنشطة إجرامية جديدة، و هكذا تنتشر الجريمة و يتوغل الفساد في المجتمع.

بالإضافة لتأثير غسل الأموال سلبا على أنماط الاستهلاك السائدة في المجتمع، فتؤدي إلى شيوع و انتشار تصرفات استهلاكية تتسم بعدم المنطقية، و التبذير و الترف، كما تؤدي هذه الأنماط غير الرشيدة إلى حدوث خلل جوهري في القيم الاجتماعية، و إعلاء قيمة المال بصرف النظر عن مشروعيته، في تحديد المركز الاجتماعي للفرد، و من تم إهدار القيمة الاجتماعية للعمل المنتج، و سيطرة الجهل على العقول، و التصرفات بدلا من التعليم و الخبرة[18].

ناهيك عن انتشار البطالة بين الشعوب، لأن غاسلي الأموال يقومون بتهريب الأموال وما ينتج عنه نقص الاستثمارات و الحد من إقامة المشاريع، و من تم نقل فرص العمل و انتشار البطالة، التي تؤدي بدورها إلى قلة الدخل و انتشار الفقر.

بالاضافة إلى ذلك تؤدي عمليات غسل الأموال إلى تهديد الاستقرار السياسي من خلال استعمال الأموال المغسولة لتمويل انقلابات عسكرية أو تزوير الانتخابات من خلال قيام هؤلاء الذين تمكنوا من غسل أموالهم غير المشروعة بترشيح أنفسهم في الانتخابات.

كما تؤثر الأموال المغسولة بصفة خاصة على وسائل الإعلام المختلفة سواء أكانت محلية أو دولية، فيمكن شراء الصحف و القنوات التلفزيونية و الفضائية مع ما لهذه الوسائل من تأثير بالغ الأهمية على وعي الشعوب و مستقبل الجماعات[19].

و تمويل بعض النزاعات الدينية و العرقية، حيث يقوم غاسلوا الأموال ببت الخلافات الداخلية و إشعال الفتن الدينية و العرقية، ثم يعمدون إلى تمويلها بالسلاح و المساعدات و غيرها من الوسائل بواسطة الأموال القذرة[20].

المبحث الثاني : دور الجهاز القضائي في مكافحة جرائم غسل الأموال

للقضاء دور فعال في مجال مكافحة غسل الأموال، سواء من خلال الدور الوقائي و الذي يعتبر قبلي أي قبل حدوث الجريمة، أو الدور الإجرائي و المتمثل في الإجراءات المادية و الإجراءات القانونية، مساعدا بذلك من خلال لجوء الدول إلى إصدار القوانين لمساعدة القضاء في مكافحة جرائم غسل الأموال، حيث يعد آلية تفعيل التعاون الدولي على المستوى التشريعي و القضائي أمر لا مناص منه، و يتعين تجريم غسيل الأموال باعتباره جريمة مستقلة تقتضي إبراز كافة أركانها و عناصرها بدقة، حتى يتمكن القضاء من القيام بواجبه لمواجهة هذه الظاهرة و غيرها، بما يلزم قانونا، و يعد لجوء الدول لسن قوانين لمكافحة ظاهرة غسل الأموال خطوة مهمة و جريئة في سبيل مكافحة غسل الأموال باعتباره من الأنشطة ذات الآثار السلبية الخطيرة و المدمرة للاقتصادات الوطنية و المجتمع الدولي.

المطلب الأول : الدور الوقائي

تعتبر آلية الاستباق الوقائي في جرائم غسل الأموال المرحلة الحاسمة في ترسانة آليات التصدي لهذه العينة من الجرائم، فتعتبر هي حائط الصد الأول لتداعياتها و العامل المعول عليه للحيلولة دون وصول انعكاساتها، و تحققها على أرض الواقع العملي.

فالخصوصية الاستثنائية لجرائم غسل الأموال تستلزم استراتيجية تصدي و مواجهة تزاوج بين المقاربة الأمنية و المصرفية.

و تكتسي آلية السبق الوقائي في جرائم غسل الأموال أهمية خاصة و استثنائية في مجال تطويق التراكمات السلبية لهذه لظاهرة، كما تلعب دورا أساسيا و محوريا في جعل هذه الجرائم موؤودة في مهدها قبل أن تمس بشظاياها التدميرية أفراد المجتمع و بنيته الاقتصادية.

و تلقى على عاتق الأشخاص المنوط بهم تنفيذ ميكانيزمات هذه الآلية مسؤولية جسيمة في مراقبة و تتبع التحركات المالية المشبوهة، و اتخاذ التدابير الاحتياطية اللازمة للتأكد من صحتها كيفما كانت طبيعتها أو الجهة أو المصدر المسؤول عنها[21].

الفقرة الأولى : التعامل مع البنك

الأصل أن عمليات غسل الأموال لا تكتمل إلا بالمرور بالأنشطة و الأعمال و الخدمات المصرفية، بحيث يمكن لهذه المصارف أن تقوم بدور أساسي في مكافحة غسل الأموال، باعتبارها القناة الرئيسية و الأهم التي لابد أن تمر من خلالها في مرحلة من المراحل، و تحويلها من أموال غير مشروعة إلى أموال مشروعة ونظيفة.

و لقد كان للقانون الأساسي لبنك المغرب السبق في مكافحة هذه الظاهرة، قبل ميلاد قانون مكافحة غسل الأموال رقم 43.05 من خلال إصداره لبعض الدوريات و التي تتضمن بعض الالتزامات للمؤسسات البنكية، و حتى بعد صدور هذا القانون، و المعدل بقانون رقم 13.10، فقد عمل البنك المركزي على عقد العديد من الندوات التحسيسية للتحسيس بأهمية هذا القانون، و تبسيط إجراءاته بغية تفعيله على أرض الواقع حماية للاقتصاد الوطني.

و قد حدد الفصل الخامس من القانون الأساسي اختصاصات البنك المركزي، ووسع من اختصاصات بنك المغرب في مجال الرقابة و المراجعة، بحيث أصبح كل ما يتعلق بالمؤسسات تأسيسا و نشاطا و رقابة من الاختصاص المطلق لوالي بنك المغرب[22].

و في هذا الإطار فقد أصدر بنك المغرب مجموعة من الدوريات إلى المؤسسات المالية و خاصة مؤسسة الائتمان على قواعد الحيطة و الحذر و تعزيز المراقبة الداخلية.

و كذلك أصدر بنك المغرب الدورية رقم 6 [23] و المتعلقة بالمراقبة الداخلية لمؤسسات الائتمان، و في نفس المجال فقد تناولت الدورية وقم 36 [24] واجب الحيطة و الحذر المفروض على مؤسسات الائتمان استجابة لمقتضيات لجنة “بال” فيما يتعلق بهذا الجانب، و تماشيا كذلك و توصيات مجموعة العمل المالي الدولي.

بالاضافة إلى ذلك فقد أصدر بنك المغرب في سنة 2007 الدورية رقم 41[25]، و التي سطرت نفس الاجراءات و مقتضيات الحيطة و الحذر موجهة لمؤسسات الائتمان، و في هذا الإطار لا يفوتنا الاشارة للدور الذي يلعبه بنك المغرب من تقديم مساعدة للهيئة القضائية بناء على طلب منها، عند قيام هذه الأخيرة بالأمر بتجميد أو حجز الأموال.

و مكامن هذا التعاون الدولي بين السلطات القضائية، و أجهزة الرقابة المالية في ميدان قمع الجريمة المنظمة و تمويلها، يظهر أيضا في قانون المسطرة الجنائية و التي فرضت رقابة قبلية صارمة على تحركات الأموال مشبوهة.

و نجد القانون المغربي لمكافحة غسل الأموال حرص على وضع لائحة بالأنشطة و المهن المرتبطة بعالمي التجارة و الأعمال و أخضعها لالتزامات محددة ترمي إلى وقايتها من التوظيف في عمليات غسل الأموال، و دعوتها لبذل مجهود إضافي للرفع من مستوى فعالية مكافحة هذه الظاهرة، و كذا تنسيق أعمالها ببعض الجهات المختصة.

و تتمثل التزامات الأشخاص الخاضعين لهذا القانون في التزامات اليقظة، التصريح بالاشتباه و الالتزام بالمراقبة الداخلية[26].

كما يلزم القانون أيضا الأشخاص الخاضعين بإطلاع الوحدة وسلطات الإشراف والمراقبة بطلب منها، وداخل الآجال التي تحددها على جميع الوثائق والمعلومات الضرورية لانجازها، إذ لا يمكن لهؤلاء الاعتراض على عمليات البحث أو التفتيش التي تأمر بها الوحدة، كما لا يمكن الاحتجاج بالسر المهني أمام الوحدة أو أمام سلطات الإشراف و المراقبة أو الوحدة، و لهذه الأخيرة و بمجرد أن تتوصل بمعلومات من شأنها أن تكون جريمة غسل الأموال، أن تحيل الأمر على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، مبينة إذا اقتضى الحال مصالح البحث أو التفتيش أو مصالح الإشراف و من أجل القيام بالتحريات، كما يبلغ وكيل الملك الوحدة بالقرارات النهائية الصادرة في القضايا التي أحيلت عليها.

كما يجوز للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، بناء على طلب من الوحدة، وبعد تقديم الوكيل العام للملك لدى هذه المحكمة لمستنتجاته، أن يمدد الأجل المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة 33 من القانون رقم 13.10 و المتمثل في يومين، لمدة لا تتجاوز خمسة عشر (15) يوما من تاريخ انتهاء هذا الأجل. ويكون الأمر الصادر بالاستجابة لهذا الطلب قابلا للتنفيذ على الأصل، كما يمكن للشخص الخاضع الذي قدم التصريح بالاشتباه تنفيذ العملية إذا لم يقدم أي اعتراض أو لم يتم إبلاغه بأي مقرر للرئيس الأول للمحكمة بعد انتهاء الأجل المحدد في حالة الاعتراض.

نجد نفس الاتجاه الذي ذهب فيه المشرع الفرنسي في الفصل 2 من قانون 12 يوليوز 1990، يلزم جميع الأشخاص الذين يقومون أثناء مزاولتهم لمهامهم بتحقيق أو مراقبة أو استشارات في عمليات تتعلق بتداول الأموال بإخبار و كيل الجمهورية بالعمليات المالية المتعلقة بالأموال العائدة من تجارة المخدرات أو منظمات إجرامية.

الفقرة الثانية : القضاء على مظاهر الفساد

بدأت بعض الجهات ذات الصبغة العالمية مثل منظمة التجارة العالمية و صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، بالتعاون في هذا المجال مع منظمات غير حكومية للعمل ضد جرائم الفساد و الرشوة على نطاق العالم، كما صار صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و غيرهما من الجهات المانحة للقروض لدول العالم.

و قد عرف المغرب خلال العقود الماضية الأخيرة نماذج عدة للجرائم المالية، غير أنه و منذ نهاية التسعينيات بدأ ملف الفساد يطفو على السطح، و انطلقت العديد من المتابعات القضائية في حق أفراد و جماعات كانت وراء فضائح مالية كلفت بلدنا الكثير.

و في نفس المجال فالمنظومة التشريعية لبلادنا، و المتعلقة بمكافحة الجرائم المالية، قد تعززت في الآونة الأخيرة بعدة نصوص جديدة تعتبر أداة حادة في يد القضاء، للقضاء على شتى مظاهر الفساد.

فبعد إلغاء محكمة العدل الخاصة، حلت محلها غرف الجنايات التابعة لمحاكم الاستئناف التسعة[27]، و قد بلغ عدد القضايا التي عرضت على القضاء في موضوع تبديد المال العام خلال سنة و نصف (2005\2006)، 139 قضية، كما تمكنت النيابات العامة من متابعة 12754 منهما بجريمة الرشوة خلال السنوات 2003، 2004، 2005[28].

و في مجال القضاء على مظاهر الفساد، نجد اختصاص قضائي آخر غير القضاء الجنائي، و هو القضاء الإداري، و الذي يلعب هو الآخر دور في القضاء على مظاهر الفساد من خلال النظر في المنازعات المتعلقة بالتهرب الضريبي باعتبارها ظاهرة تؤدي حتما إلى انقاص حصيلة واردات الخزينة العامة، و أمام استفحال هذه الظاهرة فقد تدخل المشرع المغربي لمحاولة وضع حد لها من خلال قانون المالية لسنة 1997، حيث نص على تجريم التهرب الضريبي، و ذهب القضاء الإداري بإدارية وجدة[29] إلى رفض طلب المدعي على أساس أن الفواتير التي أدلى بها من أجل إثبات أدائه للضريبة على القيمة المضافة، لا تتوفر فيها الشروط القانونية المتطلبة لاعتبارها.

و يستشف من خلال هذا الحكم أن للقاضي الإداري دور هام في حماية المال العام من خلال بته في المنازعات المتعلقة بحماية المال العام، و للحفاظ عليه يجب تظافر الجهود بين كل الفاعلين في الميدان، من إداريين و محاسبين، و كذلك قضاة كل في مجال اختصاصه، و يتعين الحرص على تأهيل الموارد البشرية بالإدارات و تأطيرها مع تفعيل الرقابة الإدارية و القضائية فضلا عن المسألة الجنائية الشخصية في حالة وجود أي اخلالات أو تلاعبات سواء في تدبير أو صرف تلك الأموال لما لها من أهمية في بناء و تحقيق التنمية الشاملة لهذا البلد.

و في نفس النطاق نجد بعض الهيئات التي تهتم بالقضاء على جريمة الفساد بكل أشكالها، من خلال تعاملها مع السلطة القضائية، و نذكر من ذلك الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، و التي من بين المهام المنوطة بها إخبار السلطة القضائية المختصة بجميع الأفعال التي تبلغ إلى علمها بمناسبة مزاولة مهامها و التي تعتبر أفعالا من شأنها أن تشكل رشوة يعاقب عليها القانون.

كما يناط بها كذلك تلقي المعلومات المتعلقة بالرشوة التي تصل إلى عمل الهيئة المركزية، و تبليغها إلى السلطات القضائية، كما تضع قاعدة معطيات تتعلق بالرشوة إضافة إلى تنمية أعمال التنسيق و التشاور بين الادارات المهنية للوقاية من الرشوة، و تضع استراتيجيات التواصل و تنظيم حملات للإعلام و تحسيس الرأي العام فيما يخص الوقاية من هذه الآفة.

بالاضافة إلى ذلك نجد منظمة الشفافية المغربية، و التي جعلت من الرشوة قضيتها الأولى و الأساسية، و نظرا لوعي هذه المنظمة بجسامة هذه الظاهرة، تقترح هذه المنظمة 15 إجراء لمحاربة الرشوة، و من بين الاجراءات التي دعت إليها في المجال القضائي، هو إلزام النيابة العامة بتحريك المعلومات القضائية و المتابعات المتعلقة بالرشوة و الاختلاس التي تصل إلى علمها.

المطلب الثاني : الدور الإجرائي

باتت عمليات غسل الأموال من المشكلات المستحدثة التي اهتمت بها الاتفاقيات الدولية، إذ أصبح العالم يتحدث عن تدويل ظاهرة غسل الأموال التي تتطلب تحركا على المستوى الدولي، أو بمعنى آخر، يجب أن تتخذ مكافحة غسل الأموال مقاربة دولية، فتعاون الدول فيما بينها أو بالأحرى تعاون المؤسسة القضائية مع المحيط الخارجي و المحيط الدولي أصبح أولى الضروريات.

الفقرة الأولى : الإجراءات المادية

لما كان غاسلو الأموال يقومون بأنشطتهم على مستوى دولي، مستغلين في ذلك تحقيق مآربهم من خلال اختلاف الاختصاصات الوطنية ووجود الحدود الدولية، فإنه بات من الضروري و في سبيل ملاحقة هؤلاء أن يكون هناك تعاون دولي بين هيئات تنفيذ القانون، لتقليل إمكانية حدوث غسيل الأموال المتصلة بالمخدرات، و جهود أخرى لمنع و حظر أنشطة التجارة غير المشروعة، و هذا ما دعت إليه مجموعة من الاتفاقيات الدولية، فيما تضمنته من أحكام إجرائية منها ما يتعلق بالاختصاص القضائي، و منها ما يعلق بتسليم المجرمين و التسليم المراقب.

الأصل أن المشرع الجنائي الوطني يحرص دائما على ألا يدع أي نشاط يفلت من سلطاته بسبب عالميته، و قد يثور التنازع في حالة الجرائم عبر الوطنية و منها غسل الأموال، و التي يتوزع فيها السلوك المادي للجريمة على أقاليم عدة دول، و من المتصور أن تحتج كل دولة باختصاصاتها في ملاحقة الجريمة، الأمر الذي يتطلب حلولا مستحدثة، دونما إخلال بمبدأ قانونية الجرائم و العقوبات، و قد أقرت اتفاقية فيينا بمثل هذه الحلول.

و نصت الاتفاقية على ضرورة الأخذ بمبدأ الإقليمية كمعيار لانعقاد الاختصاص القضائي بشأن ملاحقة غسيل الأموال، عندما أوجبت على كل طرف فيها أن يتخذ ما يلزم من تدابير لتقرير اختصاصه القضائي في الجرائم التي يكون قد قررها وفقا للفقرة الأولى من المادة الثالثة، و هي تشمل جريمة غسل الأموال عندما ترتكب الجريمة في إقليم أو على متن سفينة ترفع علمه أو طائرة مسجلة بمقتضى قوانينه وقت ارتكاب الجريمة.

كما تبنت كذلك هذه الاتفاقية مبدأ الشخصية، إذ أجازت أن ينعقد الاختصاص للدولة التي ينتسب إليها مرتكب الجريمة، كما أقرت مبدأ العالمية عندما خولت انعقاد الاختصاص للدولة التي يقع في إقليمها محل الإقامة المعتاد للشخص مرتكب الجريمة.

كما خولت الاتفاقية كل طرف فيها أن يقرر اختصاصه القضائي عندما ترتكب الجريمة على متن سفينة تلقى الطرف إذنا باتخاذ الاجراءات الملائمة بشأنها عملا بأحكام المادة 17 منها، شريطة ألا يمارس هذا الاختصاص القضائي إلا على أساس الاتفاقيات و الترتيبات المشار إليها في الفقرتين الرابعة و التاسعة، و لعل الحكمة من ذلك تكمن في الرغبة في تفادي إفلات مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية من العقاب لسبب آخر[30].

أما بالنسبة للقانون المغربي في هذا المجال، فقد مدد المشرع اختصاص القضاء الوطني إلى أفعال جرائم غسل الأموال المتحصلة من جرائم أصلية ارتكبت خارج التراب الوطني بعدما وسع من وعاء هذه الجرائم.

تسليم المجرمين و التسليم المراقب:

يعتبر نظام تسليم المجرمين من المظاهر المهمة في تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الجرائم ذات الصفة الدولية، فقد نصت اتفاقية فيينا في المادة السادسة منها أنه إذا تلقى طرف يخضع فيه تسليم المجرمين لوجود معاهدة، طلب تسليم من طرف آخر لا يرتبط معه بمعاهدة تسليم، جاز له أن يعتبر هذه الاتفاقية هي الأساس القانوني للتسليم.

و مراعاة لشروط التسليم في القانون الوطني، لم تغفل اتفاقية فيينا اعترافها بالسيادة التشريعية و السيادة القضائية لكل دولة في معاقبة و ملاحقة هذه الجرائم وفقا لقوانينها الوطنية و نظمها الاجرائية الخاصة.

و يجوز للدولة التي تتلقى الطلب أن ترفض الاستجابة لمثل هذه الطلبات عند وجود دواع كافية، كما سعت الاتفاقية إلى تفادي الآثار الناشئة عن عدم إمكان حصول التسليم إذا كان الشخص المطلوب تسليمه قد ارتكب جريمة على إقليم الدولة متلقية الطلب، إذ أجازت في هذه الحالة للطرف متلقي الطلب أن يعرض القضية على سلطاته المختصة بغرض ملاحقة الشخص المتهم ما لم يتفق على خلاف ذلك مع الطرف الطالب.

وزيادة في ضمان فعالية تسليم المجرمين، أجازت الاتفاقية للطرف متلقي طلب التسليم أن يحتجز الشخص المطلوب تسليمه و الموجود في إقليمه أو أن يتخذ التدابير الملائمة لضمان حضور ذلك الشخص عند التسليم، و لكن هذا مشروط بمراعاة أحكام القانون الداخلي للطرف متلقي الطلب و ما تلزمه معاهدات تسليم المجرمين.

و لم تختلف الأحكام التي جاءت بها التوصيات الأربعون فيما يتعلق بتسليم المجرمين عن تلك التي جاءت بها اتفاقية فيينا، حيث أكدت على ضرورة أن تقوم الدولة باتخاذ الاجراءات لتسليم الأشخاص المتهمين بجريمة غسل الأموال، كما يجب على كل دولة أن تعترف أـن غسل الأموال هي من الجرائم التي يجوز فيها التسليم، و يجوز للدول وفقا لقوانينها أن تقوم بتبسيط مسألة تسليم المجرمين بأن تسمح بإرسال طلبات التسليم مباشرة بين وزاراتها المختصة[31].

كما أشارت كذلك التوصية السادسة و الثلاثون، إلى أنه يجب تشجيع التعاون في التحقيقات بين الدول و السلطات المختصة في تلك الدول و بالذات فيما يتعلق بإجراءات التسليم المراقب، هاته الأخيرة التي تعتبر من المستجدات التي نص عليها القانون رقم 13\10 باعتبارها آلية جديدة من آليات التعاون الدولي في مجال مكافحة غسل الأموال إذ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف هو من يمنح الإذن بالتسليم المراقب، و تتولى الشرطة القضائية تنفيذ هذا الإذن وتخبر الوكيل العام للملك بكل إجراء تقوم به، و بعد انتهاء عملية التسليم المراقب، يحرر ضباط الشرطة القضائية محضر أو محاضر بالإجراءات المنجزة، و توجه إلى النيابة العامة التي منحت الإذن، مع التزام ضباط وأعوان الشرطة القضائية بالحفاظ على سرية الإجراءات المنصوص عليها.

الفقرة الثانية : الإجراءات القانونية

بالإضافة إلى الاجراءات المادية السالفة الذكر، فثمة إجراءات قانونية أخرى تقوم بها الهيئة القضائية لمكافحة جريمة غسل الأموال، و تتمثل في تسليط عقوبات و جزاءات على الجناة جراء القيام أو محاولة القيام بعمليات غسل الأموال، مراعية في ذلك جسامة هذه الجرائم كالسجن، أو غيره من العقوبات السالبة للحرية و الغرامات المالية و المصادرة، مع تشجيع الجناة على التبليغ.

تتمثل عقوبة جريمة غسل الأموال في القانون المغربي فيما يخص الأشخاص الطبيعيين بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 20.000 إلى 100.000 درهم بالنسبة للأشخاص الطبيعية، و بغرامة من 500.000 إلى 3.000.000 درهم بالنسبة للأشخاص المعنوية، دون الإخلال بالعقوبات التي يمكن إصدارها على مسيريها أو المستخدمين العاملين بها المتورطين في الجرائم[32].

و من بين العقوبات الإضافية التي نصت عليها معظم التشريعات و منها التشريع المغربي نجد:

­ـ المصادرة الكلية للأشياء والأدوات والممتلكات التي استعملت أو كانت ستستعمل في ارتكاب الجريمة والعائدات المتحصلة منها، أو القيمة المعادلة لتلك الأشياء والأدوات والممتلكات والعائدات مع حفظ حق الغير حسن النية، و المصادرة كعقوبة لا يجوز توقيعها على أموال مملوكة للدولة أو للأشخاص الإدارية العامة حتى لو استخدمها الجناة في ارتكاب الجريمة، كما أن طبيعة هذه الجريمة تقضي بإضافة الشيء المضبوط إلى ملكية الدولة جبرا عن مالكها أو حائزها[33].

و في هذا المجال نصت اتفاقية فيينا في مادتها الأولى على توضيح القصد من تعبير المصادرة بأنه الحرمان الدائم من الأموال بأمر من المحكمة أو سلطة مختصة، إذ أولت هذه الاتفاقية اهتماما خاصا بعقوبة المصادرة و التي تعد في كثير من المجالات أنجع الوسائل و أمثلها في مكافحة غسل الأموال، لأن فيها يمكن تفويت الفرصة الحقيقية من وراء هذا النشاط، و هو الحصول على عائدات طائلة و غير مشروعة، كما نصت هذه الاتفاقية أن كل طرف فيها أن يتخذ ما يلزم من تدابير للتمكن من مصادرة الأموال المتحصلة من الجرائم المنصوص عليها، كما ألزمت كذلك الاتفاقية كل طرف فيها أن يتخذ ما يلزم من التدابير الملائمة لتمكين سلطاته المختصة من تحديد المتحصلات أو الأموال أو الوسائط أو أي أشياء أخرى.

من خلال ما سبق يتبين أن ظاهرة غسل الأموال من بين الظواهر التي أقلقت المجتمع الدولي، و أخذت حيزا من اهتماماته، نظرا لما تخلفه هذه الظاهرة من نتائج و آثار سلبية على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي، و خصوصا مع تفاقم و كثرة الوسائل التي يستحدثها غاسلوا الأموال لإضفاء صفة الشرعية على أموالهم القذرة، مما اقتضى مواجهتها، و ذلك تفاديا لإفلات الجناة بجرائمهم من يد العدالة، و التمتع بما تحصلوا عليه من أرباح طائلة و غير مشروعة.

و في هذا الإطار فقد لجأت معظم الدول لمواجهة هذه الظاهرة و مكافحتها، و ذلك من خلال التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات الهادفة لمكافحة جريمة غسل الأموال، بالإضافة إلى إصدار قوانين خاصة بكل دولة، و ذلك استجابة لمقتضيات الاتفاقيات الموقع عليها من قبل كل دولة على حدة.

كما يتبين أن للهيئة القضائية في الدولة دورا هاما و فعالا في مجال مكافحة عمليات غسل الأموال، و ذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي بين السلطات القضائية، و أجهزة الرقابة المالية في ميدان قمع الجريمة، بالإضافة إلى تعاون السلطات القضائية مع المحيط الخارجي و الهيئات الأخرى الأجنبية في مجال تسليم المجرمين، تفاديا لإفلات الجناة، على اعتبار أن جريمة غسل الأموال جريمة عبر وطنية.

[1] – من صور الجريمة المنظمة كذلك الاتجار في المخدرات، تهريب الأسلحة، الاتجار في الأشخاص، الدعارة،…

[2] – خالد سليمان، “تبييض الأموال، جريمة بلا حدود”، دراسة مقارنة، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس لبنان 2006، ص 95.

[3] – يقدر حجم الأموال غير النظيفة التي تغسل بنحو 800 مليار دولار إلى تريليون و نصف التريليون دولار سنويا.

[4] – عرفها صندوق النقد الدولي IMF في أحد تقاريره “إعادة ضخ أو تدوير أموال غير مشروعة في الاقتصاد و في المشروعات المالية و القانونية”.

كما عرفها برنامج الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات UNDCP  بأنها “كل عملية يلجأ إليها من يعمل في تجارة المخدرات لإخفاء المصدر الحقيقي للدخل أو المورد غير المشروع، و القيام بأعمال أخرى للتمويه، لكي يبدو الدخل و كأنه تحقق من مصدر مشروع”.

و عرفها إعلان Basle بأنه ” جميع العمليات المصرفية التي تهدف إلى إخفاء المصدر الجرمي للأموال”.

[5] – و قد لاحظ جانب من الفقه أن أغلب عمليات غسل الأموال لا تقتضي بالضرورة أن تمر بالراحل الثلاث إذ يمكن أن يتم غسل الأموال بعملية واحدة تجمع بين المراخل الثلاث ، مثال ذلك شراء الذهب بالنقود المتحصلة من الجرائم، فهذه العملية تشمل توظيف للأموال القذرة أو تغيير شكلها أو إخفاء مصدرها الإجرامي.

[6] – انظر صفوت عبد السلام عوض الله، الآثار الاقتصادية لعمليات غسل الأموال و دور البنوك في مكافحة هذه العمليات، مقال منشور بمجلة الحقوق، العدد الثاني، يونيو 2005، ص 43.

[7] – راجع عبد الله الكرجي، مكافحة تبييض الأموال، مقال منشور الجرائم المالية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، الذكرى الخمسين لتأسيس المجلس الأعلى، الندوة الجهوية السابعة، دار الطالبة، وجدة 31 ماي، فاتح يونيو 2007، ص 202.

[8] – راجع خالد كردودي، جريمة غسل الأموال على ضوء التشريع المغربي و القانون المقارن، الطبعة الأولى 2008، ص 25.

[9] – للاطلاع أكثر راجع منظمة الشفافية، الدولية، نظام النزاهة العربي في محاربة الفساد ، كتاب المرجعية، ص 13.

[10] – راجع صفوت عبد السلام عوض الله، الآثار الاقتصادية لعمليات غسل الأموال و دور البنوك في مكافحة هذه العمليات، مرجع سابق، ص 24.

[11] – راجع أحمد بن محمد العمري، جريمة غسل الأموال، نظرة دولية لجوانبها الاجتماعية و النظامية و الاقتصادية، نشر مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الأولى 2000، ص 73.

[12] – انظر بهذا الصدد صفوت عبد السلام عوض الله، الآثار الاقتصادية لعمليات غسل الأموال و دور البنوك في مكافحة هذه العمليات، مرجع سابق، ص 78.

[13] – راجع محمد يحيا، قانون مكافحة غسل الأموال رقم 43\05 و آثاره الاقتصادية الأبعاد و المضامين: محاولة تقييمية، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، عدد 74، 2007، ص 74 و 75.

[14] – صفوت عبد السلام عوض الله، الآثار الاقتصادية لعمليات غسل الأموال و دور البنوك في مكافحة هذه العمليات، مرجع سابق، ص 81.

 

[15] – و كنموذج على ذلك بورصة طوكيو و التي عرفت في العقد الثامن من القرن العشرين عجزا قدر ب 300 مليار دولار، بفيه المنظمات الاجرامية دورا حاسما قدر ب 30 في المئة من العجز، و للإطلاع أكثر راجع CF .F .Trichet . ( Un monde sous la coupe des blanchisseurs).Mémoire 3eme cycle .Paris 1. 2001.

[16]– Article 1-321. Droit Pénal Français.

[17] – عبد الفتاح سليمان، مكافحة غسل الأموال في دولة قطر، دار الثقافة للطباعة و النشر و التوزيع، الطبعة الأولى، الدوحة، ص 29.

[18] – صفوت عبد السلام عوض الله، الآثار الاقتصادية لعمليات غسل الأموال، و دور البنوك في مكافحة هذه العمليات، مرجع سابق، ص 90.

[19] – محمد عبد الله أبو بكر سلامة، الكيان القانوني لغسل الأموال، منشأة المعارف الاسكندرية 2005، ص 22.

 

[20] – بشرى الزعيم، دور الحكامة الجيدة في مجال مكافحة غسل الأموال بدول المغرب العربي حالة : المغرب، الجزائر، تونس، بحث لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية، السويسي الرباط، 2008، ص 83.

[21] – يوسف بنباصر، آليات مواجهة جرائم غسل الأموال، مقال منشور بجريدة الصباح، بتاريخ 19-20\04\2008، العدد 2497، ص 14.

[22] – عائشة الشرقاوي المالقي، الوجيز في القانون البنكي المغربي، الطبعة الثانية، 2007، دار أبي رقراق للطباعة و والنشر ص 76.

[23] – بتاريخ 19 فبراير 2001.

[24] – بتاريخ 24 دجنبر 2003.

[25] – بتاريخ 02 غشت 2007.

 [26]  – راجع من المادة 6 إلى المادة 12 من القانون رقم 13.10 المتعلق بمكافحة غسل الأموال .

[27] – و هي الدار البيضاء، الرباط، فاس، مكناس، مراكش، أكادير، طنجة، وجدة، العيون.

[28] – إدريس الحوات، مخاطر الجرائم المالية و آثارها على الاقتصاد و برامج التنمبة، مقال منشور بسلسلة الجرائم المالية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى خمسون سنة من العمل القضائي، مرجع سابق، ص 186.

[29] – حكم تحت عدد 76 بتاريخ 27\03\2007، صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة.

[30] – مفيد نايف الدليمي، غسيل الأموال في القانون الجنائي دراسة مقارنة، دار الثقافة، الطبعة الأولى، 2006، ص 183، 184.

[31] – مفيد نايف الدليمي، غسيل الأموال في القانون الجنائي، دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص 184 و ما يليها.

[32] – انظر المادة الثالثة من القانون رقم 13.10.

[33] – نعيم مغبغب، تهريب و تبييض الأموال دراسة في القانون المقارن، الطبعة الأولى، 2005، ص 402.

Exit mobile version