بصمة العين كأحد أدلة الإثبات وتطبيقاتها

 

 

بصمة العين كأحد أدلة الإثبات وتطبيقاتها

إبراهيم الحمادي

AL-HAMMADI IBRAHIM

طالب بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس/ كلية الحقوق السويسي

ملخص إن التطور الذي يعرفه ميدان الجرائم وتشعبها واستعمالها لأحدث الوسائل الإلكترونية بات من الضروري ملاحقة هذا التطور سواء من الناحية التشريعية أو المؤسساتية، ذلك أن الكثير من الجناة – وغيرهم – يعمد إلى اتخاذ الوسائل الحديثة والدقيقة الكفيلة بإخفاء معالم جريمته، ويسعى إلى محو كل ما يمكن أن يكون سبباً في تعقبه، ويمكن القول أن بصمة العين تبقى أحد الوسائل الناجعة في محاربة الجريمة واستعمالها كدليل إثبات.  absract Iris recognition is an automated method of biometric identification that uses mathematical pattern-recognition techniques on video images of one or both of the irises of an individual’s eyes, whose complex patterns are unique, stable, and can be seen from some distance.  

مقدمة

في المجتمعات القديمة كانت صور السلوك الإجرامي تتسم بالبساطة والوضوح، وكان يكفي لاكتشافها وإسنادها إلى مرتكبها استخدام وسائل الإثبات التي تعتمد على الإدراك الحسي المباشر، كالاعتراف وشهادة الشهود، وإذا ما استعصى  الحصول على دليل عن طريق استخدام هذه الوسيلة فلم يكن مستبعداً تعذيب المتهم لحمله على الاعتراف. وحتى بالنسبة لشهادة الشهود والاعتراف فهما ليس الدليل الذي يطمئن إليه القاضي الجنائي للحكم بالإدانة، فقد يكون الدافع إلى الاعتراف بعيداً تماماً عن الحقيقة، كما أن الشاهد قد يكون عرضة للخطأ والنسيان وقد يكون شاهد زور. ثم أخذت أساليب الجريمة تتطور بتطور المجتمعات الذي وقعت فيها، فالجريمة التي حدثت في العشرينات والثلاثينات ما زالت هي التي ترتكب في نهاية القرن  العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين، ولكن بأسلوب أكثر تنظيماً ومدعم تكنولوجياً. فالمتهمون يستخدمون اليوم الوسائل العلمية الحديثة في ارتكاب جرائمهم. ومع ذلك بقيت النصوص التشريعية وخاصة الإجرائية بلا تطور، والنتيجة هي عجز القوانين السارية عن احتواء هذه الأساليب. وإزاء تطور أساليب ارتكاب الجريمة أصبح اكتشاف الجاني أمراً عسيراً وفي بعض الأحيان مستحيلاً، ولذلك كان لزاماً على المجتمع أن يستخدم نفس السلاح (سلاح العلم)، باستحداث وسائل علمية حديثة للكشف عن الجريمة وإثباتها. فالأدلة العلمية هي وسائل لإيجاد الصلة بين الجريمة والجاني، وهي من أهم مقومات الإثبات الجنائي وتقليل فرص الخطأ القضائي. ولذا فإن السبيل إلى العدالة المنشودة لا يأتي إلا بالاستعانة بالتطور العلمي والتقدم التكنولوجي في كافة المجالات. ومن هنا أخذ رجال الفقه يلهثون لملاحقة التطورات التي أصابت العلاقة القانونية في الصميم، الأمر الذي استلزم ليس فقط إعادة النظر في المبادئ القانونية المستقرة منذ قرون، وإنما أيضاً استحداث قواعد جديدة لتحكم التكنولوجيا الحديثة، وهذا أمر طبيعي حيث أن الثورة العلمية التي ظهرت في العصر الحديث، والتي شملت مختلف مظاهر الحياة بالتطور، قد مدت هذا التطور إلى القانون ذاته، وخاص مختلف القانون الإجرائي وقانون الإثبات اللذان يعتبران أكثر القوانين استجابة لمقتضيات العصر. وقد مهد هذا التطور لشروق فجر جديد وهو الأدلة العلمية، وأصبح الاعتماد على المعمل الجنائي والأجهزة العلمية يزداد يوماً بعد يوم. ففي العصر الحديث أصبحت وسائل الإثبات التي كانت محلاً للاختبار منذ عشرات  السنين أمراً واقعاً وعادياً فالأدلة المستمدة من بصمات الأصابع وبصمة العين وبصمة الرائحة والصوت والبصمة الجينية – وغيرها من الأدلة العلمية الحديثة – أصبحت مقبولة اليوم أمام كافة المحاكم الجنائية والمدنية والشرعية، للثقة الكبيرة فيها، وإمكانية الاعتماد عليها دون غيرها، ولا تحتاج أن يتولى الخبراء المتخصصين فيها شرح المبادئ العلمية التي تقوم علهيا تلك الوسائل أو النظريات العلمية التي تعتمد عليها. ولذلك فإن الإثبات الجنائي باستخدام الوسائل العلمية الحديثة له أهميته في توصل أجهزة العدالة بدقة إلى الحقيقة. فالاختبارات الكيمائية التي يتكشف عن وجود السم في الدم تؤدي إلى إثبات الحقيقة إثباتاً يقينياً. ولذلك يجب على المحاكم أن تقبل الإثبات العلمي عندما يقدم إليها في إطار قواعد الإثبات. ومع ذلك فإن الأدلة  المستمدة من الوسائل العلمية أصبحت مصدراً للمشاكل فيما يتعلق بحدود الدليل العلمي، ومدى حجية الدليل العلمي في الإثبات الجنائي.

أهمية البحث:

يمكن التعرف على أهمية الموضوع من خلال التأمل في كثير من القضايا المعاصرة، سواء الجنائية منها أو غير الجنائية، حيث نجد أنها أخذت تنحو منحى آخر عما كانت عليه، ذلك أن الكثير من الجناة – وغيرهم – يعمد إلى اتخاذ الوسائل الحديثة والدقيقة الكفيلة بإخفاء معالم جريمته، ويسعى إلى محو كل ما يمكن أن يكون سبباً في تعقبه، بل لربما كان للتطور العلمي أثر في إتقان الكثير من الجرائم أياً كان نوعها، ومن ثم أصبح وجود وسائل الإثبات التي نص الفقهاء عليها شبه متعذر، للتحرز الشديد من قبل الجاني، إلا أنه أمكن من خلال الوسائل المتطورة والحديثة الوصول إلى كثير من الأمور التي كان من الصعب الوصول إليها لولا توفيق الله، ثم وجود تلك الوسائل كاستخدام التحاليل المختلفة. أو الأجهزة المتطور. ومنها جهاز بصمة العين.

المبحث الأول: البصمات كأحد الأدلة المادية ووسائل فحصها

المطلب الأول: البصمة:

البصمة هي عبارة عن تلك الخطوط البارزة Ridges التي تحاذيها خطوط أخرى منخفضة، والتي تتخذ أشكالاً مختلفة على جلد أصابع اليدين والكفين من الداخل وعلى أصابع وباطن القدمين،(1) وتسمى هذه الخطوط بالخطوط الحلمية، ونظراً لأن هذه الخطوط توجد في حالة رطبة دائماً لإفرازات العرق التي تنتشر بسطحها فهي تترك طبعها على كل جسم تلامسه، وهذه الإفرازات تزيد كميتها أثناء الانفعالات النفسية، ولا شك أن وقت ارتكاب الجريمة هو أكثر الأوقات انفعالاً بالنسبة لمرتكبي الجرائم.

ويرجع استخدام البصمات كدليل علمي له حجيته القاطعة في إثبات الشخصية إلى أوائل التاسع عشر، وإن كانت الأبحاث العلمية ترجع إلى ما قبل ذلك بكثير. فيرجع الفضل في الدراسات العملية التي أجريت في العصر الحديث على البصمات لعديد من أساتذة التشريح وعلى رأسهم مارسيل ماليجي بإيطاليا سنة 1686، وجون بركنز بألمانيا سنة 1823، إلا أن بحوثهم لم تستغل عملياً في تحقيق الشخصية، وكان أول من استغل البصمات عملياً في تحقيق شخصية المسجوني وليام هرشل الإنجليزي سنة 1858 بالهند، وتوالت بعد ذلك الدراسات العلمية والعملية حتى تمكن العالم البريطاني فرانسيس جالتون سنة 1886، وإدوارد هنري سنة 1890 (من كبار رجال شرطة انجلترا) من إثبات عدم تطابق بصمات الأصابع، وقسم الأول إلى أربعة أقسام رئيسية هي: المقوس، المستدير، المنحدر يمن، المنحدر يسار. كما وضع الثاني نظاماً عالمياً لحفظ ومضاهاة البصمات عرف باسمه.

ويعود تاريخ إنشاء إدارة تحقيق  الشخصية في مصر إلى سنة 1869 حيث يرجع الفضل في

إنشائها إلى اللواء جورج هارفي باشا حكمدار بوليس مصر في ذلك الحين، وقد بدئ في نفس العام تشبيه جميع المحكوم عليهم الموجودين في سجن (كوم الدكة) على الطريقة البيرتليونية، وكانت توضع على فيشات المحكوم عليهم بصمات أصابعهم باعتبارها جزءاً تكميلياً كما كان عليه الحال في بعض الدول الأوروبية وبخاصة المملكة المتحدة، وبعد ذلك شرع اللواء هارفي في توسيع دائرة هذا العمل حتى تناول جميع المحكوم عليهم في السجون المصرية، وكما نعلم فإن مصر تعتبر من أقدم حضارات العالم تعرفا على ماهية البصمات واستخدامها لها كأسلوب لتحقيق شخصية الفرد وكدليل مادي في مجال الإثبات الجنائي.

وأدخل نظام البصمات في مصر كطريقة رئيسية لتحقيق شخصية المحكوم عليهم ومرتكبي الحوادث الجنائية سنة 1904.(2)

المطلب الثاني: الجوانب العلمية والفنية لعلم البصمات

الفرع الأول: الأساس العلمي لعلم البصمات:

رسخت حجية البصمات في تحقيق شخصية الإنسان مع مطلع القرن العشرين، وأصبحت حقيقة علمية ثابتة لا يمكن النيل منها أو التشكيك في صحتها. ذلك بعد أن تعرضت الهيئات العلمية والمؤتمرات الدولية المختلفة لعلم البصمات وانتهت إلى إطرائها وتأييدها تأييداً كاملاً، ومن ثم فإن بصمات الأصابع وراحة اليدين والقدمين كانت وما زالت إلى وقتنا هذا تمثل العمود الفقري لإدارات وأقسام تحقيق الشخصية في دول العالم أجمع، والوسيلة الرئيسية والفعالة لتحقيق شخصية الأفراد سواء في المسائل الجنائية أو المدنية، كما أنها تحتل مكان الصدارة المادي الوحيد الذي يحقق ما يهدف إليه الباحث

الجنائي من التعرف على الجاني وإقامة الدليل القاطع على إدانته في آن واحد.

هنا يبدو التساؤل الهام والحيوي عن ماهية الأساس العلمي الذي من أجله استمدت البصمات هذه القطعية المطلقة في الأدلة؟

تؤكد البحوث العلمية والتجارب التي أجراها العديد من العلماء والمهتمين بعلم الإجرام، وما كشف عنه التطبيق العملي خلال ما يقرب من قرن من الزمان، أن هناك عدة حقائق ومزايا هامة استطاع من خلالها علم البصمات أن يصل غلى هذه المكانة البارزة والصدارة المطلقة بين أقرانه من الأدلة المادية الأخرى، هذه الحقائق وتلك المزايا تتمثل في:

  1. عدم انطباق بصمتين لشخصين مختلفين أو انطباق بصمة إصبعين لشخص واحد.
  2. ثبات البصمة (عدم تغيرها بالعوامل المكتسبة).
  3. عدم تأثر أشكال البصمات بالوراثة أو الأصل.

الفرع الثاني: عدم انطباق بصمتين لشخصين مختلفين:

أكدت الدراسات والبحوث والتجارب وكذلك الإحصاءات العملية المختلفة أنه لا يمكن أن تنطبق بصمتان في العالم أجمع لشخصين مختلفين، كما لا يمكن أن تنطبق بصمة إصبعين لشخصين واحد، بينما يمكن لهما أن يتشابها، كما أنها لا تتأثر بعوامل الوراثة ولا تتطابق بصمات الآباء مع الأبناء أو الأشقاء حتى ولو كانوا توأم قد نشأ من بويضة واحدة أو أكثر، بل ثبت تنوع البصمات بالنسبة لكل شخص تنوعاً لا حد له بحيث تتميز بصمات كل شخص بمميزات خاصة ينفرد بها دون أي شخص آخر في العالم أجمع.

إن بصمات الابن وأبيه وبصمات الأشقاء والتوائم أو غير التوائم يمكن أن تتشابه ولكن لا يمكن

أن تنطبق أبداً، بل إنه قد ثبت تنوع البصمات بالنسبة لكل شخص على حدة تنوعاً لا حد له، بحيث تتميز بصمات كل شخص بمميزات خاصة ينفرد بها دون الأشخاص الآخرين، ومن ثم فإن هذه الحقيقة هي التي أضفت على البصمات أهميتها وأكسبتها قيمتها باعتبارها دليل قاطع في تحقيق الشخصية لا يرقى إليه أدنى قدر من الريبة أو الشكل. وأهم من هذا وذاك، ما أثبته التطبيق العملي لعلم البصمات على مدى ما يقرب من قرن الزمان، وفي مختلف دول العالم، كما وأنه لم يحدث أن ادعى أحد باكتشافه بصمتين لشخصين أو بصمة لإصبعين مختلفين في شخص واحد قد انطبقا. (1)

من ذلك يتضح لنا أن لتحقيق شخصية الإنسان، بذل العلماء والباحثون جهوداً ومحاولات مضنية، كما أجرى البعض منهم أبحاثاً طبية وتشريحية لطبقات جلد الأصابع، وتلتها تجارب علمية وتطبيقية وإحصائية إلى  أن استقر لعلم البصمات مقوماته وأسسه وقواعده الثابتة التي أكدت دقة البصمات وانفرادها في مميزاتها من شخص لآخر، وهذا ما أكدته النظريات الحديثة، التي أثبتت حقيقة اختلاف أشكال الخطوط الحلمية وأكدت عدم إمكانية انطباق بصمة أصبعين لشخص واحد أو لشخصين مختلفين، وذلك من خلال البحوث العلمية الحسابية وقانون الاحتمالات والأساس الطبيعي وأسس مضاهاة بصمات الأصابع.

الفرع الثالث: ثبات البصمات (عدم تغيرها بالعوامل المكتسبة)

اتفقت البحوث العلمية على أن الخطوط الحلمية تبدأ في التكوين منذ الشهر الرابع للجنين،

وتبدأ في كسوة الأصابع وراحة الأيدي وباطن القدمي، ويكتمل في الشهر السادس من الحمل، وتظل ثابتة لا تتغير مطلقاً طوال حياة الشخص وبعد مماته، فبشرة الأصابع هي آخر ما يتحلل في جسم الإنسان، كما دلت الأبحاث على أن قطر الخطوط الحلمية لبصمات الأصابع لدى الأطفال ضعف مثيلتها في أصابع البالغين.

ومن الجدير بالذكر أيضاً أن كثيراً ما ينتاب البصمات بعض الإصابات السطحية، إلا أنها ما تلبس أن تعود إلى حالتها الأولى نتيجة لتجددها بفعل خاصة اللحامية التي تعمل على استمرار تجدد الجلد، فضلاً عن خصائص الطبقة التجددية وغيرها من طبقات الجليد المختلفة التي تتضافر جميعها لإعادة هذه الخطوط لحالتها الأولى الطبيعية، ويجب مراعاة أنه قدي يترتب على هذه الإصابات حدوث تلف مؤقت أو مستديم في البصمة، تبعاً لبساطة الإصابة أو شدتها، فإذا لم تتجاوز الطبقة الخارجية من جلد الأصابع فإن التلف يترك أثراً مستديماً، كما يحدث في بعض الأحيان أن تتعرض بصمات الأصابع لبعض التشوهات نتيجة لعوامل خارجية مثل المهن أو الحرف ذات الطبيعة الخاصة، كذلك إصابتها ببعض الأمراض الجلدية، ومما يجدر الإشارة إليه أنه في معظم هذه الحالة غالباً ما تعود البصمة إلى حالتها الطبيعية وشكلها السابق بزوال هذا العامل العرضي، كما يتعمد بعض الأشخاص في بعض الأحوال إحداث تشوهات متعمدة بالخطوط الحلمية البارزة ببصمات أصابعهم بغرض تحقيق بعض المآرب الشخصية من جراء ذلك. (1)

المبحث الثاني: بصمات غير الأصابع:

إن اكتشاف علم البصمات قد أحدث ثورة علمية في مجال وسائل الكشف عن الجريمة، وقد اعترفت التشريعات الوضعية والقضاء بمعظم دول العالم ببصمات الأصابع كدليل لا يحتمل الشك أو التأويل. ومن ثم ما دمنا نتناول موضوع البصمات، فيجدر بنا أن نشير إلى ما يطلق عليه البعض تجاوزاً ببصمة غير الأصابع، كبصمة غير الأصابع، كبصمة العين وبصمة الصوت وبصمة الأذن وبصمة الرائحة …. وما إلى ذلك.

ولما كانت البصمات بصفة عامة وبصمات الأصابع بصفة خاصة قد مرت بمراحل متعددة استغرقت سنين طويلة من الفحص والدراسة، حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن من مكانة عالية في مجال الإثبات الجنائي، لذلك كان لابد لهذه النوعيات الأخرى من بصمات غير الأصابع أن تجتاز هي الأخرى مثل هذه المراحل الزمنية حتى تحكم عليها بالنجاح أو الفشل، لتصير أو لا تصير من الأدلة المادية ذات المكانة المعترف بها قانوناً فقهاً وقضاءً.

بصمة العين:

فيما يتعلق ببصمة العين، فقد توصل فريق من العلماء بإحدى المؤسسات الأمريكية المتخصصة إلى اكتشاف طريقة جديدة وسريعة للتحقق من الشخصية، وتحديد هوية الأفراد ترتبط أسماؤهم بقضايا الأمن والجريمة، وتعتمد هذه الطريقة الجديدة على بصمة العين بدلاص من بصمات الأصابع في التحقيق من الشخصية بواسطة هذه الوسيلة، ذلك بالتقاط صورة لشبكية العين بمجرد قيام الشخص بالنظر في عدسة جهاز تم تصميمه لهذا الغرض، ثم مقارنة هذه الصورة ببصمات العين المسجلة على الحاسب الآلي (الكمبيوتر) الملحق بالجهاز، وخلال زمن قياسي (ثانية ونصف ثانية) يحدد الحاسب الآلي هوية الشخص وعما إذا كان مشبوهاً من عدمه، وتتميز هذه الطريقة بالدقة العالية، حيث لا يمكن تغييرها أو تزويرها وغلا أدى ذلك غلى تدمير أجزاء كبيرة من العين أو فقد البصر كلية.

الأساس العلمي لبصمة العين:

ويرجع الأساس العلمي الذي ترتكز عليه بصمة العيون – كما يقول الدكتور سيف أستاذ الطب والجراحة بكلية طب القصر العيني – إلى أن العين تتكون أساساً من ثلاث طبقات أهمها الطبقة الحساسة وهي اسم EYE – DENTIFER يتم بواسطته التعرف على بصمات العين – التي يقال عنها – أن لكل إنسان منها نمط خاص، بحيث لا تشابه هذه الأنماط بين الأشخاص جميعاً على الإطلاق وقد تفوق في دقتها بصمات الأصابع، ومن المتوقع أن يكون لهذا الجهاز دور كبير في المجالات الطبية بجانب تحقيق شخصية الأفراد، كذلك في أعمال المؤسسات المصرفية والعسكرية والأماكن المحظور دخولها إلا لأشخاص معينين، خاصة وأن لهذا الجهاز ذاكرة تتسع لصور (1200) شبكية العين. (1)

الخاتمة:

      وختاماً، أحدث اكتشاف علم البصمات ثورة علمية في مجال وسائل الكشف عن الجريمة، وقد اعترفت معظم التشريعات الوضعية في العالم ببصمات الأصابع كدليل لا يحمل الشك أو التأويل، إلا أن هناك من البصمات ما تتجاوز بصمة الأصابع، كبصمة العين وبصمة الصوت وبصمة الأذن وبصمة الرائحة وما إلى ذلك، ونظراً لأن الإنسان في حقيقته مجموعة من البصمات والإنفرادات التي ُتميزه عن غيره، وهذه البصمات والعلامات الكثيرة، يكفى واحدة منها لتميزه عن غيره. ولما كانت البصمات بصفة عامة، وبصمات الأصابع بصفة خاصة قد مرت بمراحل متعددة استغرقت سنوات طويلة من الفحص والدراسة، حتى وصلت إلى ما هى عليه الآن من مكانة عالية فى مجال الإثبات الجنائى، لذلك كان لا بد لهذه الأنواع الأخرى من بصمات غير الأصابع أن تجتاز هى الأخرى مثل هذه المراحل الزمنية للحكم عليها، كى تصبح من الأدلة المادية ذات المكانة العلمية المعترف بها قانوناً وفقهاً وقضاءً.

هي بصمة ابتكرتها إحدى الشركات الأمريكية لصناعة الأجهزة الطبية، وقد أكدت الشركة أنه لا توجد عينان متشابهتان في كل شيء، حيث يتم أخذ بصمة العين عن طريق النظر في عدسة الجهاز الذي يقوم بدوره بالتقاط صورة لشبكية العين، وعند الاشتباه في أي شخص يتم الضغط على زر معين بالجهاز فتتم مقارنة صورته بالصورة المختزنة في ذاكرة الجهاز، ولا يزيد وقت هذه العملية على ثانية ونصف فقط.

وُيطلق على هذه التقنية “المسح الحدقي ” iris scan ” فهو عملية تبين فيها المميزات الخاصة بحدقة كل إنسان من أجل التعرف على شخصيته، وتبدأ الخطوات بتصوير العين بالفيديو ، ثم تحويل ما يقرب من 266 ميزة خاصة بالحدقة من بقع وهالات ودوائر وتجاويف وغيرها إلى شفرة رقمية بقوة 512 بايت ( باستخدام علم اللوغاريتمات ). ويتجه العالم الآن إلى استخدام ” بصمة الحدقة ” في جميع مؤسساته من بنوك ووزارات ومطارات بل وفى السجون العمومية. فالمسح الحدقي يتميز عن غيره من الوسائل بعدم وجود حدقتين متشابهتين في حدق البشر حتى في التوائم المتماثلة، بل إن الحدقة اليمنى ذاتها مختلفة عن اليسرى في الشخص الواحد ، بالإضافة إلى أن رسم الحدقة ثابت طوال العمر، حيث يتكون رسمه بعد 6 أشهر من الولادة ويثبت بعد سنة من العمر ويستمر في ثباته حتى الوفاة. إضافة إلى ما سبق فإن التعرف على البصمة الحدقية للشخص لا يأخذ إلا ثواني معدودة ، حيث أن تسجيل البصمة لأول مرة لا يأخذ أكثر من ثلاث دقائق ، والنظارات والعدسات اللاصقة حتى الملونة منها لا تؤثر على المسح ، وهذه العملية لا تحتاج إلى التصاق مباشر بالكاميرا، فلا تحتاج سوى بعض التعاون من الشخص فالإحصائيات تقول إنه يوجد ” واحد ” من كل ” ثمانية ” أشخاص شعر ببعض القلق البسيط عندما تعامل مع الجهاز لأول مرة فقط، ومن المتوقع أن يكون لهذا الجهاز دور كبير في المجالات الطبية بجانب تحقيق شخصية الأفراد، كذلك في أعمال المؤسسات المصرفية والعسكرية والأماكن المحظور دخولها إلا لأشخاص معينين، خاصة إن لهذا الجهاز ذاكرة تتسع لصور (1200) شبكية للعين(1).

النتائج:

ومن النتائج التي توصل إليها الباحث:

  • البصمة كلمة تطلق على كل ما هو فريد ولا يوجد له مثيل؛
  • تحديد هوية الأشخاص فيما يتعلق بالولوج إلى الأماكن المحظورة في المنشآت؛
  • أهمية بصمة العين أنها أكثر دقة ومرونة في التعرف على الأشخاص؛
  • بصمة العين في وقتنا الحاضر تعد من أفضل الطرق الأمنية للتأكد من هوية الأشخاص؛
  • Ø      تعتبر بصمة العين الأسهل تطبيقاً على الأشخاص من بين أنواع البصمات الأخرى وذلك لعدم علم أو حتى شعور الشخص أنه يتم قراءة بصمة عينه؛
  • للعين بصمة فريدة فلا يوجد عينان متشابهتان في كل شيء.

(1) المؤلف، قدري عبد الفتاح، أدلة مسرح الجريمة: رنين الاثر الإجرامي، نداء الحس الشرطي طبقاً لأساليب التقنية المتقدمة علماً وقانوناً وتحليلاً وفناً وعملاً وتطبيقاً، شركة منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، 1997. ص34.

(2) المؤلف، أسامة الصغير، البصمات وسائل فحصها وحجيتها في الإثبات الجنائي، دار الفكر والقانون، المنصورة، مصر، 2007. ص22 وما بعدها.

(1) المؤلف، أسامة الصغير، مرجع سابق ذكره. ص24 وما بعدها. 

(1) المؤلف، أسامة الصغير، مرجع سابق ذكره. ص25 ومابعدها. 

(1) المؤلف، أسامة الصغير، مرجع سابق ذكره. ص44 وما بعدها. 

(1) https://ar-ar.facebook.com/Law.society.najah/posts/523528837699006

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *