Site icon مجلة المنارة

المفهوم القانوني لموظف الشركات الأمنية الخاصة- دراسة مقارنة بين القانون الدولي والقوانين الوطنية

المفهوم القانوني لموظف الشركات الأمنية الخاصة- دراسة مقارنة بين القانون الدولي والقوانين الوطنية

–       د/ مرغني حيزوم بدر الدين – أستاذ محاضر ” أ ” كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة الوادي الجزائر

–       أ محمد البشير أحمودة، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة الوادي الجزائر

ملخص

يعتبر النقاش حول المفهوم القانوني لموظفي الشركات الأمنية الخاصة من المواضيع الحساسة والجديدة على الصعيدين الوطني والدولي، الأمر الذي ترتب عليه إختلاف وتباين كبير في وجهات النظر القانونية وذلك لعدم ثبات وإستقرار وقطعية أحكام القانون الدولي في تحديد المفهوم القانوني لهؤلاء الموظفين، بين إتجاهين أحدهما يرى بأنهم ضمن طائفة المرتزقة وهو الراي الغالب على الصعيد الدولي والرأي الآخر يرى بإنطبق أوصاف أخرى قانونية وشرعية على هؤلاء الموظفين، هذا الإختلاف إنتقل الى الصعيد الوطني ذلك لتباين الأدوار الموسعة أو الضيقة للمهام التي يضطلع بها هؤلاء الموظفين، وكذا للأديلوجية التي تتبناها الدول في في علاقتها مع هذه الشركات، وهو ما جاوبنا عليه في هذه الورقة البحثية.

الكلمات المفتاحية: مفهوم القانوني، الوظعية القانونية، موظفي الشركات الأمنية، القانون الدولي، القوانين الوطنية.

مقدمة

     إنّ الظهور المفاجئ بل والصادم للشركات الأمنية الخاصة واقتحامها لأكثر مهام الدول قداسة واحتكارا، فبعد أن كانت مهمة الأمن والدفاع من المهام الحصرية والمقتصرة على الدولة، بل ومن مظاهر سيادتها داخليا وخارجيا، أصبحت هذه الشركات من أشد المنافسين لها في هذا المجال، بل من الشركات ما تفوقت عليها عدة وعتادا، فأصبحت الدول مع تزايد الأخطار وتنوعها بالإضافة إلى ظهور أجيال جديدة من الحروب، وما صاحب كل ذلك من أعباء مالية وبشرية، كل ذلك جعل الدول تستعين بهذه الشركات في مهام حفظ الأمن والدفاع.

      ولقد أدت السرعة والغموض المصاحب لوجود ظاهرة الشركات الأمنية الخاصة إلى  تباين وتضارب وتعدد المفاهيم و الآراء والأفكار بشأن كل المجالات ذات الصلة بها،

 ومن بينها تلك المتعلقة  بمفهوم موظف الشركات الأمنية الخاصة ، وذلك تبعا لتباين المقاربات المضيقة والموسعة للمهام التي يضطلعون بها من جهة، ومن جهة أخرى تبعا للأنظمة القانونية والفلسفة الإيديولوجية للدول التي استعانت بهذه الشركات وأقرت وجودها، ولذلك فإننا نجد اختلافا  في مفهوم موظفي الشركات الأمنية الخاصة من دولة إلى أخرى.

      ولما كان وجود هذه الظاهرة سابقا لوجود القواعد القانونية المنظمة لها فإن كل دولة أقرت مفهوما لهذه الفئة من المستخدمين يناسب خصوصياتها والرؤية التي تبنتها، لتأتي مشاريع الاتفاقيات والصكوك الدولية برؤية مفاهيمية شاملة حاولت الانسجام والتماشي مع الدول التي تبنت المقاربة الموسعة من جهة، وكذلك حاولت الاستجابة لمخاوف الدول التي تبنت المقاربة المضيقة، من خلال إقرار مجموعة من الضوابط والشروط من جهة أخرى، وهذا ما سنبينه من خلال الورقة البحثية التالية:

المطلب الأول: مفهوم موظف الشركات الأمنية في القانون الدولي

      إن الناظر في كتب التاريخ يجد ظاهرة الارتزاق واستئجار المقاتلين من بين أهم المظاهر التي طبعت الحروب في العصور القديمة، فقد استعمله الفراعنة، والفرس، مرورا بالرومان، وحتى الوندال، ليظهر مجددا عند الأوربيين في حروبهم الاستعمارية[1]، إلا أن هذه الظاهرة أخذت في القرن العشرين وتحديدا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية أشكالا أكثر تطورا وتنظيما تحت مسمى موظفي الشركات الأمنية الخاصة، حيث أنشأ العضو السابق في الفرقة البريطانية الخاصة “جيم جونسون” أول شركة أمنية خاصة، اقتصر عملها في بادئ الأمر على توفير الحماية وتدريب الحراسات الخاصة للشخصيات السياسية وأرباب الأموال، ولكن سرعان ما انتقل بهذا النشاط إلى المشاركة المباشرة في النزاعات والحروب، لتنتقل الفكرة إلى الولايات المتحدة، حيث أنشأت العديد من الشركات في هذا المجال، كان أهمها وأولها شركة KBR

المملوكة من طرف عملاق النفط الأمريكي هاليبيرتون سنة 1962، والتي ترتبط بعلاقات قوية مع أجهزة المخابرات الأمريكية، وبوزارة الدفاع، وكذلك بكبار سياسيي الولايات المتحدة.[2]

      ولقد كان علينا الانتظار لأكثر من خمسين عاما من أول ظهور لهؤلاء المرتزقة الجدد[3] إلى غزو العراق سنة 2003 حتى ينتبه المجتمع الدولي لخطورة هذه الظاهرة من خلال الدور الحاسم الذي لعبه موظفو الشركات الأمنية الخاصة في احتلال العراق[4]، حيث ظهرت أول مشاريع الاتفاقيات والصكوك الدولية والكتابات الفقهية التي تطرقت إلى مفهوم هذه الشريحة من المستخدمين، محاولة تحديد أطر قانونية  دولية ملزمة للتمكن من تحديد هويتها بدقة، ومعرفة الأنظمة القانونية التي تخضع لها، ومن ثمّ تحديد المسؤوليات الناجمة عن أعمالها.

الفرع الأول: مفهوم موظف الشركات الأمنية في الوثائق ومشاريع الاتفاقيات الدولية

       بالرغم من الجهود المضنية لبعض الدول[5] والمنظمات الدولية الغير حكومية ذات البعد الإنساني[6]، وحتى بعض الشركات الأمنية[7] نفسها لإيجاد صيغ توافقية في شكل صكوك واتفاقيات دولية تجتمع حولها كل مكونات  المجتمع الدولي، لتأخذ نصوصها الصيغة الملزمة التي من خلالها يتم تنظيم نشاط موظفيالشركات الأمنية الخاصة، من خلال إقرار مفاهيم واضحة ونظم قانونية عادلة، تكفل تنظيم هذه المهنة، وتحديد المسؤوليات ومن ثمة فرض العقوبات الصارمة في حال المخالفة، إلا أن كل هذه الجهود لم تسفر إلى حد الآن إلا على بعض الوثائق ومشاريع لاتفاقيات وقواعد للسلوك، التي تفتقد إلى الطابع الإلزامي وتفتقر إلى إجماع دولي حولها، وإن كان القائمون على سنها يعقدون الآمال أن تكون هذه الوثائق مقدمات ومشاريع لاتفاقيات مستقبلية ملزمة تنظم هذا القطاع الخطير والحساس، ومن بين هذه الوثائق نذكر ما يلي:

أولا: مفهوم موظف الشركات الأمنية في وثيقة مونترو بشأن الالتزامات القانونية الدولية والممارسات السليمة للدول ذات الصلة بعمل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة أثناء النزاع المسلح: لقد أدرجت هذه الوثيقة مفهوما موحدا لموظفي الشركات الأمنية ولموظفي الشركات العسكرية الخاصة، ولم تميز بينهما، حيث عرفت هذه الوثيقة في الفقرة 09/(ب) من التمهيد موظفوا الشركات العسكرية والأمنية الخاصة على أنهم: “هم الأشخاص الذين تستخدمهم شركة عسكرية وأمنية خاصة عن طريق التعيين المباشر أو التعاقد، بمن فيهم موظفوها ومديروها”[8].

      وبالنظر إلى الفقرة 09/(أ)، يمكن استخلاص المهام التي يضطلع بها موظفو هذه الشركات فيما يلي:

1- الحماية والحراسة المسلحتين للأشخاص والممتلكات مثل القوافل والمباني والأماكن الأخرى،

2- صيانة نظم الأسلحة وتشغيلها،

3- احتجاز السجناء،

4- تقديم المشورة أو التدريب للقوات المحلية ولموظفي الأمن.[9]

      والملاحظ لنص الفقرة 09/(ب) من التمهيد يجد اللبس الواضح في مسألتين أساسيتين هما:

1- أن نظام التعيين المباشر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقابله نظام التعاقد: لأن نظام التعيين المباشر هو نظام خاص بالالتحاق بالوظائف يقابله عادة أن أنظمة أخرى من ذلك ما تبنته القوانين الداخلية نذكر منها مثلا ما نصت عليه القانون الجزائري في المادة 80 من القانون 06/03 :”يتم الالتحاق بالوظائف العمومية عن طريق:

–  المسابقة على أساس الاختبار،

– المسابقة على أساس الشهادات بالنسبة لبعض أسلاك الموظفين،

– الفحص المهني،

– التوظيف المباشر من بين المترشحين الذين تابعوا تكوينا متخصصا منصوصا عليه في القوانين الأساسية، لدى مؤسسات التكوين المؤهلة.”[10]

أما نظام التعاقد فهو نظام قانوني يقابله نظام التوظيف الدائم، ففي النظام القانوني الجزائري نصت على نظام التعاقد المادة11 من القانون 90/11:”يعتبر العقد مبرما لمدة غير محددة إلا إذا نص على غير ذلك كتابة، وفي حالة انعدام عقد عمل مكتوب، يفترض أن تكون علاقة العمل قائمة لمدة غير محدودة.”[11]، أما التوظيف الدائم فنصت عليه المــــادة 04 من القانون06/03:” يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة ورسم في رتبة في السلم الإداري.

الترسيم هو الإجراء الذي يتم من خلاله تثبيت الموظف في رتبته.”[12] 

2- لقد وردت الفقرة 9/(ب) تحت عنوان “موظفو الشركات العسكرية والأمنية الخاصة”، ثم جاء في فقرتها الأخيرة “بمن فيهم موظفوها ومديروها”، وكأن لفظ “موظفون” جاء في العنوان بمعنى  كل مستخدمي الشركات العسكرية والأمنية الخاصة سواء كانوا رؤساء أو مرؤوسين، بينما في العبارة الأخيرة جاءت دالة على مستخدمي الشركات العسكرية والأمنية الخاصة من المرؤوسين واستثنت الرؤساء الذين سمتهم مديرين.

ثانيا: مفهوم موظف الشركات الأمنية في مدونة السلوك الدولية للشركات الأمنية الخاصة: لقد جاء تعريف موظفي الشركات الأمنية الخاصة في هذه الوثيقة في الفقرة (باء) تحت عنوان “التعاريف” وذلك بنصها أن :“الموظفون: الموظفون العاملون لحساب شركة أمنية خاصة بصفة موظفين مأجورين أو بعقود مؤقتة، مما يشمل موظفي تنفيذ، والتوجيه والإدارة. وحرصا على الوضوح، ينبغي التحديد أن مفهوم الموظفين يشمل هنا جميع الأشخاص الذين يربطهم بالشركة الأمنية الخاصة عقد عمل (محدد أو غير محدد المدة (أو اتفاق أداء (قابل أو غير قابل للتجديد)  والموردين الخارجيين والموظفين المؤقتين و/أو المتدربين (بأجر أو دون أجر)، أيا كان المصطلح الذي تستخدمه الشركة المعنية.”[13]

      بالنظر إلى هذا التعريف يمكن ملاحظة المسائل الآتية:

1- يعد إدخال أصحاب عقود الخدمات والموردين الخارجيين تحت مسمى موظفي الشركات الأمنية الخاصة من بين أكبر العيوب في هذا التعريف، وذلك نظرا لاختلاف عقد العمل عن العقود سالفة الذكر سواء من ناحية التعريف أو من ناحية النظام القانوني الذي تخضع هذه العقود.[14]

2- إن استخدام مصطلح ” الأشخاص” في هذا التعريف يعد من وجهة نظرانا موهما ومجانبا للصواب، وذلك لأنه يحتمل انضواء الأشخاص الإعتباريين تحت مضلته، ولاسيما وأن عقد العمل وفق هذا التعريف يتضمن كذلك أعمال الخدمـات والتـوريـدات، مما قد يُتَصورُ تنفيذه من قبل أشخاص اعتباريين، خلافا لإيراد نفس المصطلح (أشخاص) في تعريف موظف الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في وثيقة مونترو، والذي جاء منطقيا ومقبولا نظرا لعدم ورود نشاطات يمكن تنفيذها من قبل أشخاص اعتباريين.

ثالثا: مفهوم موظف الشركات الأمنية في مشروع الاتفاقية الممكنة بشأن الشركات العسكرية والأمنية الخاصة: لم يتضمن مشروع الاتفاقية تعريفا خاصا وواضحا لموظف الشركات الأمنية الخاصة، ولكن أشار إلى ذلك في تعريف الشركات العسكرية والأمنية في المادة 02/(أ)، تحت عنوان “تعاريف”، حيث نصت أن: “الشركات العسكرية و/أو الأمنية الخاصة: تشير إلى شركة ذات كيان قانوني تقدم، بمقابل مادي، خدمات عسكرية و/ أو أمنية بواسطة أشخاص طبيعيين و/ أو كيانات قانونية،”[15]

      ولقد تميزت هذه الاتفاقية، بأن فرقت بين نوعية النشاطات التي تقوم بها هذه الشركات وذلك في خضم حديثها عن طبيعة النشاطات العسكرية والنشاطات الأمنية، في المادة 02 الفقرتين (ب) و(ج) على التوالي، وذلك كما يلي:

– “الخدمات العسكرية: تشير إلى خدمات متخصصة تتعلق بالأعمال العسكرية بما في ذلك التخطيط الاستراتيجي والاستخبارات والتحقيق والاستطلاع البري أو البحري أو الجوي وعمليات الطيران أيًا كان نوعها، المأهولة أو غير المأهولة، والمراقبة بالسواتل، وأي نوع من أنواع نقل المعارف ذات التطبيقات العسكرية، والدعم المادي والتقني للقوات المسلحة والأنشطة الأخرى ذات الصلة؛

– “الخدمات الأمنية: تشير إلى الحراسة المسلحة أو حماية المباني والمنشآت والممتلكات والأشخاص، وأي نوع من أنواع نقل المعارف ذات التطبيقات الأمنية والخاصة بالشرطة، ووضع وتنفيذ التدابير الأمنية والمعلوماتية وغيرها من الأنشطة ذات الصلة؛”[16]

      ومما سبق يمكن استنتاج مفهوم موظف الشركات الأمنية من هذه الوثيقة بأنه: كل شخص طبيعي تستخدمه شركة أمنية خاصة مقابل أجر يتقاضاه للمشاركة في المهام الآتية: 1- الحراسة المسلحة أو حماية المباني و المنشآت والممتلكات والأشخاص،

2- التدريب ونقل المعارف ذات التطبيقات الأمنية والخاصة بالشرطة،

3- وضع وتنفيذ التدابير الأمنية والمعلوماتية،

4- الأنشطة الأخرى ذات الصلة بالأعمال الأمنية.

      ومن الجدير الإشارة  هنا حول تلك الخطورة التي يتضمنها هذا التعريف من خلال الغموض الملاحظ في عبارة ” الأنشطة الأخرى ذات الصلة بالأعمال الأمنية”، هذه العبارة المستنبطة من العبارة الأخيرة من المادة 02/(ج) التي تتضمن “غيرها من الأنشطة ذات الصلة”،  والتي توحي بأن النشاطات الأمنية ذكرت في هذه الوثيقة على سبيل الذكر لا الحصر، وهي في كل الحالات فتحت الباب واسعا للتأويلات التي قد تلجأ لها الشركات الأمنية، أو الأطراف المتدخلة في العقود، للقيام بنشاطات مخافلة لمشروع الاتفاقية، والإخلال الجسيم ببنوده والحَيْدِ عن الأهداف التي أُعِدّ لأجلها، ومنها:

1- قيام موظفي الشركات الأمنية بنشاطات ذات طابع عسكري، وبالتالي الإخلال بأهم مكسب أتت به هذه الوثيقة بالنسبة  لسابقاتها، ألا وهو التفريق بين الأنشطة العسكرية، والأنشطة الأمنية، وبالتالي تصنيف الشركات إلى شركات أمنية وأخرى عسكرية، إذ لطالما ارتكبت مجازر بسبب قيام شركات أمنية بأنشطة ذات طابع عسكري، مثلما حدث مع الشركة الأمنية “بلاك ووتر” التي تعاقد معها البنتاجون الأمريكي لتقديم خدمات أمنية في العراق بعد غزوه سنة 2003، حيث ثبت تورطها في أعمال عسكرية وقتال مباشر وحوادث قتل للمدنيين، في عدة حوادث، من ذلك ماحدث في ساحة النسور ببغداد،[17] أين قتل 17 مدنيا من قبل موظفي هذه الشركة في إطلاق مباشر للنار عليهم بحجة الدفاع عن النفس، ليفنده تقرير الجيش الأمريكي الذ خلص الى أن موظفي بلاك ووتر تصرفوا ” بشكل مبالغ فيه ولم يكونوا مهددين عندما أطلقا النار”.[18]

2- قيام موظفي الشركات الأمنية بأنشطة ذات طابع أمني، ولكن غير مصرح لهم بها، والتي أدرجها مشروع الاتفاقية في نص المادة 02/(ط)، تحت عنوان “الوظائف التي هي بطبيعتها منوطة بالدولة”[19]، ومن ذلك عمليات  التوقيف والاحتجاز، بل وصلت الانتهاكات إلى حد التعذيب الذي تورط فيه موظفين من الشركتيــــن الأمنيتـيــن TITAN وCACI فـــي سجــــــــــن “أبو غريب” خلال الغزو الأمريكي للعراق.[20]

الفرع الثاني: مفهوم موظف الشركات الأمنية الخاصة في الفقه الدولي

      ينطلق مفهوم موظف الشركات الأمنية الخاصة عند فقهاء القانون الدولي من منظورين أساسيتين[21] هما:- طبيعة الخدمات التي يقدمها موظف الشركات الأمنية.

               – الوضعية القانونية لموظف الشركات الأمنية الخاصة.

أولا: طبيعة الخدمات التي يقدمها موظف الشركات الأمنية الخاصة: ويعرف الفقيه Goddard  موظفي الشركات الأمنية الخاصة على انهم أشخاص طبيعيون يوكلون خلال استعمالهم في هذه الشركات بمهمام حماية الأشخاص والمنشآت الإنسانية والصناعية في إطار قواعد القانون الوطني واجبة التطبيق، أما التقرير المقدم إلى الكونجرس الأمريكي حول المتعاقدين الأمنيين فقد عرفهم على أنهم أفراد يقومون في إطار تعاقدهم مع الشركات الأمنية الخاصة بمهام حماية الأشخاص أو الأماكن أو الأشياء[22]، أما فريق الخبراء المعني بالخدمات الأمنية المدنية الخاصة في تقريره في تقريره حول “الخدمات الأمنية المدنية الخاصة: دورها ومراقبتها وإسهامها في تعزيز منع الجريمة وسلامة المجتمع” فقد عرف موظفي الشركات الأمنية الخاصة على أنهم أشخاص يشاركون ضمن هذه الشركات في خدمات تهدف بشكل عام غلى حماية أو تأمين الناس والبضائع و الأماكن والمواضع والأحداث والعمليات والمعلومات من مخاطر متصلة ي الغالب بالجريمة.[23]

      إن طبيعة الخدمات التي يقدمها موظف الشركات الأمنية الخاصة، تميزه عمن  يشابهونه من موظفي الشركات العسكرية الخاصة، وموظفي الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، وإن كان جزءا من عمل هاذين الآخرين يندرج في نطاق عمل موظفي الشركات الأمنية الخاصة.

وتنضوي خدمات موظفي في ثلاث فروع أساسية هي:

1- حماية الأشخاص،

2- حماية المنشآت،

3- الحماية المعلوماتية.[24]

 وتتمثل هذه الخدمات فيما يلي:

1- الخدمات الإستشارية (ِConsulting): في تقدير المخاطر، والخطط الأمنية،كشف مواقع الألغام والمتفجرات،

2- التدريب (Training): تدريب القوات الأمنية على تقديم أفضل الخدمات الأمنية، لا سيما في حماية المنشآت الحساسة والإستراتيجية، كالمنشآت النفطية، والمفاعلات النووية، ومصانع الطاقة الكهريائية…،

3- المجال الاستخباراتي (Intelligence): ولاسيما في مجال المراقبة بالأقمار الاصطناعية، وتوفير الخرائط والمعلومات الجغرافية،

4- حماية البنية التحتية الحساسة والخطرة: كحراسة آبار البترول، وأنابيت النفط والغاز…،

5- مرافقة قوافل الإمدادات، وتوصيل المساعدات الإنسانية: سواء كان ذلك خلال النزاعات المسلحة، أو خلال الكوارث الطبيعية،

6- حماية الشخصيات الهامة، وكبار المسؤولين، ورجال الأعمال.[25]  

ثانيا: الوضعية القانونية لموظف الشركات الأمنية الخاصة: تفترض دراسة الوضعية القانونيةلموظفي الشركات الأمنية الخاصةوجود هؤلاء الموظفين في منطقة نزاع مسلح، إذ تهدف هذه الدراسة لإمكانية استفادة موظفو هذه الشركات من الضمانات التي يكفلها القانون الدولي الإنساني لبعض الفئات دون الأخرى خلال النزاعات المسلحة، كمعاملة أسرى الحرب وغيرها.

      وبغض النظر عن الانتهاكات التي غالبا ما يرتكبها موظفو الشركات الأمنية الخاصة، بحجة الحتميات التي يفرضها الميدان، والظروف الطارئة التي يستدعيها القيام بالمهام الأمنية في مناطق التوتر والنزاعات المسلحة، والتي تجعلهم يشاركون مباشرة في المواجهات المسلحة، إلا أن الدراسة النظرية لهذه الفئة والتي تفترض بهم عدم المشاركة المباشرة في القتال، والاكتفاء بمهام منع الجرائم وحفظ النظام العام والحماية الأمنية والحراسات الخاصة وغيرها من مهام الوقائية والدفاعية، وبالنظر مع نصوص اتفاقيات جنيف و بروتوكولاتها الإضافية نستنتج ما يلي:

1- عدم إمكانية اعتبار موظفي القوات الأمنية الخاصة مرتزقة: وذلك لتعارض مهامهم مع نص المادة 47/2 الفقرتين (أ) و(ب) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف التي تنص على ضرورة المشاركة الفعلية والمباشرة في الأعمال العدائية، والنزاعات المسلحة.[26]

2- كذلك عدم إمكانية انطباق صفة المقاتل على موظفي الشركات الأمنية الخاصة، وذلك لمعارضة طبيعة نشاطات هذه الفئة لنص المادة 43/2 من البروتوكول الإضافي الأول التي تنص أنه “يعد أفراد القوات المسلحة لطرف النزاع) عدا أفراد الخدمات الطبية والوعاظ الذين تشملهم المادة 33 من الاتفاقية الثالثة) مقاتلين بمعنى أن لهم حق المساهمة المباشرة في الأعمال العدائية.”[27]، إذ أن أفراد الشركات الأمنية الخاصة لا يحق لهم المساهمة المباشرة في العمليات العدائية بطبيعة نشاطهم من جهة، وبنود العقد المبرم بين الشركة والموظف وبين الشركة والزبون كذلك، من جهة أخرى.

3- وأما الاحتمال الثالث، أي اعتبار موظفي هذه الشركات مدنيين مرافقين للقوات المسلحة لإحدى أطراف النزاع، فهذا يحتاج منا النظر في نص الفقرة (ألف/4) من المادة الرابعة لاتفاقية جنيف الثالثة، والتي نصت على بعض الفئات على سبيل المثال لا الحصر بقولها:

“4) الأشخاص الذين يرافقون القوات المسلحة دون أن يكونوا في الواقع جزاء منها، كالأشخاص المدنيين الموجودين ضمن أطقم الطائرات الحربية، والمراسلين الحربيين، ومتعهدي التموين، وأفراد وحدات العمال أو الخدمات المختصة بالترفيه عن العسكريين، شريطة أن يكون لديهم تصريح من القوات المسلحة التي يرافقونها”. وبالتالي فإن موظفي الشركات والأمنية الخاصة الذين لا يرقى نشاطهم إلى المشاركة المباشرة في العمليات العسكريّة عادة، مثل الفنيين، أو متخصصي صيانة الأسلحة، والتجهيزات ذات التقنيات العالية، أو من استعان بهم أحد أطراف النزاع في الدعم والإسناد…، قد يدخلون تحت نص الفقرة (ألف/4) شريطة حصولهم على التصريح اللازم لمرافقة هذه القوات، وذلك حسب الإجراءات التي تنظمها القوانين الداخلية.[28]

المطلب الثاني:  مفهوم موظف الشركات الأمنية في القوانين الوطنية

     في غياب النصوص والاتفاقيات دولية ملزمة في مجال تنظيم عمل الشركات الأمنية الخاصة، حاولت كل دولة من الدول التي أقرت أنشطة هذه الشركات تبني مقاربات مختلفة حول هذه الشركات، وتتجلى هذه المقاربات بالأساس من خلال تحديد مفاهيم مختلفة لموظفي الشركات الأمنية الخاصة تبعا لكل دولة من هذه الدول.

      لقد أدت عدة عوامل إلى تطور هذه الصناعة الأمنية المدنية وانتشارها على نطاق واسع عبر مختلف دول العالم، إذ بالإضافة إلى تطور الجريمة، بالإضافة إلى توسع الملكية الفردية للمنشآت، والتي صعبت مهمة تأمينها من قبل الأجهزة النظامية الحكومية، فإن انتشار الإرهاب يعد من أهم عوامل انتشار هذه الظاهرة حتى أصبح عدد موظفي الشركات الأمنية الخاصة يفوق عدد أفراد الشرطة في الولايات المتحدة والمملكة البريطانية مثلا.[29]

      ولقد لعبت الظروف التي أدت إلى ظهور هذا النوع من الشركات في كل دولة دورا حاسما في تحديد المقاربة المتبناة حولها، بالإضافة إلى طبيعة الأنظمة السياسية ودرجة سمو الدولة على الأفراد الذي جعل من بعض الدول تتبنى المقاربة الموسعة في مفهوم موظفي الشركات الأمنية الخاصة انطلاقا من طغيان الأفكار الليبرالية على فكرة سمو الدولة وضرورة احتكارها لوسائل الإكراه الممنوع، خلافا لدول أخرى التي وإن تبنت النظرية الرأسمالية إلا أنها أبقت على فكرة سمو الدولة على الأفراد، وبالتالي ضرورة احتفاظها بقد كبير من السيطرة على وسائل الإكراه المشروع فيها، وهذا ما سيتبين جليا من خلال عرضنا لمختلف المقاربات التي تبنتها بعض الدول حول مفهوم موظفي الشركات الأمنية الخاصة، ومن ثم عرض أوجه الاختلاف فيما بينها، ولننتهي بعرض المقاربة الجزائرية، وذلك فيما يلي:

الفرع الأول: مفهوم موظف الشركات الأمنية في القوانين المقارنة

      إن القراءة الموضوعية للقوانين والتنظيمات الوطنية حول تحديد مفهوم موظفي الشركات الأمنية الخاصة يجدها تعتمد أول ما تعتمد على طبيعة نشاط الشركة في حد ذاتها، كما أنّ تأثير العوامل المادية والاقتصادية لا يمكن استبعاده في تحديد هذا المفهوم، وذلك من خلال الاختلاف الواضح بين ما تتبناه الدول المصدرة والدول المستوردة للخدمات الأمنية، وبين صنف ثالث من الدول يتبنى مقاربة داخلية لتقديم الخدمات الأمنية، ويرفض استيراد الخدمات الأمنية وتصديرها، لذلك سنحاول تقديم نماذج عن كل فئة من هذه الفئات الثلاث، وذلك فيما يلي:

أولا: مفهوم موظف الشركات الأمنية في النظام القانوني للمملكة البريطانية: لقد حدد كل من قانون الصناعة الأمنية الخاصة لسنة 2001 (Private Security Industry Act 2001)، وكذلك الورقة الخضراء لسنة  2002 ((Green Paper 2002 مفهوما موحدا لموظفي الشركات الأمنية الخاصة على أنهم أولئك الأفراد الذين تستخدمهم شركات ذات كيانات مستقلة عن طريق التعاقد في تنفيذ عقودها مع الدول والأفراد داخليا وخارجيا، لتقديم خدمات أمنية ذات طابع مدني سواء في المناطق الآمنة أو مناطق النزاعات والاضطرابات الأمنية،[30] وتتمثل هذه الأعمال فيما يلي:

1- حراسة الشخصية،

2- توقيف السيارات وتفتيشها،

3- حراسة المداخل والخارج العامة والخاصة،

4- التحريات الخاصة،

5- الاستشارات الأمنية،[31]

6- تدريب القوات الأمنية المحلية،

7- تسيير عمليات المفاوضات مع مجموعات الخاطفين.[32]

      ولقد أصدرت وزارة النقل البحري في نوفمبر 2011 توجيها مؤقتا بالاستعانة بحراسة مسلحة من قبل موظفي الشركات الأمنية الخاصة ضد خطر القراصنة المتزايد آن ذلك، بالرغم من أن الحكومة البريطانية لم تعترف بعد بهذه المهام لموظفي الشركات الأمنية الخاصة.[33]

      وتقوم هيئة الصناعة الأمنية (The Security Industry Authority) باستخراج تصاريح شخصية لموظفي الشركات الأمنية ، لممارسة هذه المهنة شريطة توفرهم على شرطين أساسيين:

1- السلامة العقلية واللياقة الجسدية،

2- التمتع بالمهارات واجتياز التدريبات اللازمة لهذه المهنة،

3- شروط أخرى قد تفرضها هيئة الصناعة الأمنية في نصوص خاصة.[34]

ثانيا: مفهوم موظف الشركات الأمنية في النظام القانوني لجنوب أفريقيا: تطرّق قانون تنظيم الصناعة الأمنية الجنوب أفريقي رقم 57 لسنة 2002، إلى موظف الشركات الأمنية الخاصة تحت مسمى “ضابط الأمن” ((Security officer، ويعرِّفه على أنه:”كل شخص طبيعي:

– يُوظّف من طرف شخص آخر، بمن فيهم الدولة، لتقديم خدمة، أو عدة خدمات أمنية، سواء كان ذلك مجانا أو مقابل أجر أو مكافئة،

– يقوم بالمساعدة ، أو الإدارة ، لفائدة مقدم  الخدمات الأمنية، سواء كان ذلك مجانا أو مقابل أجر أو مكافئة،

– يقدم خدمة أو عدة خدمات أمنية، تحت رقابة وتوجيه، مقدم الخدمات الأمنية الأصلي، سواء كان ذلك مجانا أو مقابل أجر أو مكافئة،

– يوضع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من قبل مقدم الخدمات الأمنية تحت تصرف شخص آخر، سواء كان ذلك مجانا أو مقابل أجر أو مكافئة.”[35]

      ولم يضع هذا القانون نظاما محددا للتراخيص بالنسبة لموظفي الشركات الأمنية الخاصة، خلافا للشركات ذاتها، التي ألزمها بالحصول على تراخيص لممارسة النشاط، كما لا يمانع المشرع الجنوب أفريقي من تصدير الخدمات الأمنية إلى الدول الأجنبية شريطة الحصول على التصاريح اللازمة من اللجنة الوطنية لمراقبة الأسلحة التقليدية، طبقا لنص المادة 03 من قانون المساعدة العسكرية.[36]

      ويبين المشرع الجنوب أفريقي في نفس السياق مقاربته الموسعة من خلال طبيعة الخدمات الأمنية الكثيرة والمتنوعة فيما يلي:

1- الحراسة الشخصية، وحراسة الممتلكات،

2- الاستشارة في مجال الخدمات الأمنية، واستعمال التجهيزات الأمنية ذات التكنولوجيا المتطورة،

3- عمليات التدخل السريع عند التهديدات الأمنية،

4- حفظ النظام في الملاعب الرياضية وأماكن الترفية،

5- صناعة، استيراد، وتوزيع وسائل الحماية والمراقبة،

6- عمليات التحريات الخاصة،

7- توجيه وتدريب أعوان الأمن،

8- تركيب، صيانة وتصليح المعدات الأمنية،

9- تأمين الاتصالات السلكية واللاسلكية، ورصد الإشارات،

10-  تأمين المداخل، خدمات الأقفال وبطاقات المرور،

11- عمليات الوكالة، والمناولة في مجال الحراسة، وتأمين المداخل وخدمات الأقفال،

12- التنسيق، ومراقبة أعوان الأمن وتأمين الداخل،

13- عمليات تسويق، وإشهار الخدمات الأمنية.[37] 

ثالثا: مفهوم موظف الشركات الأمنية في النظام القانوني الفرنسي: تعد فرنسا من أشد الدولتضييقا على أعمال الشركات الأمنية الخاصة، ومن أقدمها سنًّا للقوانين المنظمة لهذا المجال، وتظهر المقاربـة الفرنسية المضيِّقة في أقصى الحـدود من جانبها الشكـلي من خـلال القـانـــــون رقم 83/629 الصادر في 13 جويلية 1983، إذ لم يسمى بقانون الشركات الأمنية الخاصة بالرغـم من تنظيمه لها ولأعمالها، ولكنـــــــــــه سمـِّــــــــــي بـ”قانون الأعمال الخاصة بالمراقبة، الحراسة، ونقل الأموال”[38]، وبهذا فهو يبين الأعمال التي يسمح بها القانون الفرنسي للشركات الأمنية الخاصة على سبيل الحصر في مادته الأولى فيما يلي:

1- توفير الحماية بصفة المستمرة أو غير مستمرة أو عرضية، للأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين، سواء السلامة الجسدية، أو سلامة الممتلكات العقارية أو المنقولة،

2- تأمين تنقل الأفراد، ونقل الأموال والمجوهرات والمعدن الثمينة ووثائق التعاملات المالية.     

      ولقد خص المشرع الفرنسي في المادة الثانية من هذا القانون أعمال الحراسة الشخصية بشركات خاصة ينفرد مستخدموها بهذه الوظيفة دون غيرها من المهمات المذكورة في المادة الأولى.[39]

      أما قانون الأمن الداخلي[40] لسنة 2012، فقد نص في مادته ( (L611-1 على الوظائف التي يمكن أن يضطلع بها مستخدمو الشركات الأمنية الخاصة، تحت عنوان ” الخدمات الخاصة بالرقابة والحراسة ونقل الأموال والحماية الجسدية للأفراد وحماية السفن” فيما يلي:

1- أعمال الرقابة بواسطة الأفراد، أو الرقابة الالكترونية، وحراسة الممتلكات العقارية أو المنقولة، وكذلك وسائل النقل العمومية،

2- الحراسة المسلحة في حالة الأخطار الاستثنائية،

3- نقل وتوصيل المجوهرات التي يفوق ثمنها 100.000 يورو، والأموال ، والمعادن الثمينة،

4- الحماية الجسدية للأفراد،

5- التدخل بناء على طلب ونيابة عن مالك السفينة، لحماية، ضد التهديدات بالأفعال المحددة في المادة 224/6 إلى 224/8 من قانون العقوبات الفرنسي، أو أعمال الإرهاب المحددة في الباب الثاني من الكتاب الرابع من نفس القانون، بالنسبة للسفن التي تحمل العلم الفرنسي وفقا للمادة L. 5441-1)) من قانون النقل.

      وبالرغم من عدم تبني المشرع الفرنسي في ظل هذا القانون رقم 83/629 لنظام التراخيص بالنسبة لمستخدمي الشركات الأمنية الخاصة، إلا أن المادة 06 من هذا القانون فرضت شروطا خاصة لممارسة هذه المهنة، وهي:

1- عدم الإدانة بفعل يتنافى مع الشرف والاستقامة والأخلاق،
2- عدم الإدانة بفعل يمس سلامة الأشخاص أو الممتلكات،
3- عدم التعرض لعقوبة تأديبية.[41]
      أما قانون الأمن الداخلي فقد تبنى نظام التراخيص في شكل بطاقة مهنية تخول ممارسة النشاط في هذه الشركات، واشتراط التكوين المستمر الذي يفرضه التنظيم الفرنسي لتجديد هذه البطاقة المهنية بصفة دورية[42]، كما اشترطت المادة  (L612-20) للحصول على هذه البطاقة ما يلي:
1- خلو صحيفة السوابق العدلية رقم 2 من أي جنحة أو جناية،
2- الخضوع إلى تحقيق إداري من قبل أعوان المجلس الوطني لأنشطة الأمن الخاص- بالاستناد إلى البيانات التي تديرها مصالح الشرطة والدرك طبقا للقانون رقم 78/17 المؤرخ 6 جانفي 1978-، المتعلق بالمعلوماتية والبطاقيات والحريات، وسلامته من أي سلوك أو أفعال تتعارض مع الشرف، الاستقامة،أو من المرجح أن تؤثر على سلامة الأشخاص أو الممتلكات، وسلامة
أو الأمن العام، أو أمن الدولة، ولا تتفق مع ممارسة هذه المهنة،
3- ألا يكون في موضوع أمر طرد لم يلغ أو حظر دخول للأراضي الفرنسية لم ينفذ،
4- الحصول على تصريح إقامة للأجانب، يسمح لهم بمزاولة هذه المهنة على الأراضي الفرنسية، طبقا للمادة (R 611-1) من قانون الدخول وإقامة الأجانب وحق اللجوء[43]، يسلم له من طرف المجلس الوطني لأنشطة الأمن الخاص بعد القيام بالتحقيقات اللازمة؛  
5- القدرة على القيام بمتطلبات المهام الموكلة له بحكم الوظيفة طبقا للتنظيم المعمول به؛ وفي حالة استعمال الكلاب المدربة، يتوجب الحصول على التدريبات اللازمة الموضحة في نص المادة ((L 613-7.
رابعا: مفهوم موظف الشركات الأمنية في النظام القانوني العراقي: يرجع تنظيم مستخدمي الشركات الأمنية الخاصة إلى الأمر رقم 17 الذي أصدره "بول بريمر" مدير سلطة الإئتلاف المؤقت بتاريخ 27 جوان 2004، ولقد اضطرب هذا الأمر في تسمية مستخدمي هذه الشركات، فتارة يسميهم "المستخدمين" كما في القسم 1/2/ت، وتارة يسميهم "المتعاقدين" كما في القسم 1/11، وأخرى يسميهم "موظفين" كما في القسم 1/14، حيث اعتبر مستخدمي الشركات الأمنية المتعاقدة مع دول الائتلاف  ضمن القوات متعددة الجنسيات[44]، كما حصنهم من كل متابعة قضائية للتشريع العراقي، أما مهامهم فقد ذكرها في القسم 1/14، على سبيل المثال لا الحصر فيما يلي:
1- تأمين بعثات الارتباط الأجنبي وأشخاصها؛
2- تأمين البعثات الدبلوماسية والقنصلية؛
3- تأمين المستشارين الدوليين والمتعاقدين. 
      وبعد انسحاب القوات الأجنبية من العراق، نظم المشرع العراقي هذه الفئة من المستخدمين في قانون الشركات الأمنية الخاصة رقم 17/52، المؤرخ في 26 جانفي 2017، حيث اكتفى المشرع العراقي في هذا القانون في وصف وظيفة هؤلاء المستخدمين بتقديم خدمات الحماية الأمنية[45]، دون التفصيل في نوعية هذه الخدمات الأمنية ولا كيفيتها[46]، ووصفهم بـ"العمال" في المادة 14، التي بينت شروط تعيينهم في الشركات العراقية فيما يلي:
1- أن لا يقل عمره عن 18 سنة ولا يزيد عن 55 سنة، 
2- أن يكون يجيد القراءة والكتابة على الأقل،
3-  أن تتوافر فيه شروط اللياقة الصحية والبدنية بتأييد من جهة طبية مختصة،
4- أن يجتاز الاختبار الخاص باستخدام الأسلحة،
5- معرفته بمبادئ حقوق الإنسان،
6- أن يكون قويم الأخلاق وحسن السمعة والسلوك،
7- غير محكوم عليه بعقوبة عن جناية أو جنحة مخلة بالشرف وغير سياسية،
8- تقديم كفيل ضامن للوزارة بمبلغ 3.000.000 دينار عراقي.
      أما بالنسبة للشركات الأمنية الأجنبية، فقد حددت المادة 15 شروط تعيينهم فيها فيما يلي:
1- موافقة وزارة الداخلية للعامل بعد استشارة مديرية الاستخبارات العسكرية والمديرية العامة للاستخبارات والأمن بوزارة الدفاع، وجهاز الأمن الوطني وجهاز المخابرات الوطني العراقي،
2- تقديم كفيل ضامن للوزارة بمبلغ 3.000.000 ثلاثة ملايين دينار عراقي او ايداع هذا المبلغ في صندوق الوزارة،
3- تعهد من فرع الشركة بإحضار العامل للسلطات المختصة عند طلبها له ومسؤوليتها على وجه التضامن عن الأفعال التي يرتكبها في جمهورية العراق،
4- يخضع العاملون في الشركات الأمنية الخاصة الأجنبية للولاية القانونية والقضائية العراقية في حالة ارتكابهم إي جرائم أو مخالفات داخل الأراضي العراقية.
      وقد ألزَمَتْ المادة 15 كافة فروع الشركات الأمنية الأجنبية العاملة في العراق بتعيين ما نسبته 25% من العراقـيين للعمـل في تـلك الفـروع والذيـن تتوفر فيـهم كــافة شـــروط التعـــيين المنصوص عليها في هذا القانون[47].
خامسا: مفهوم موظف الشركات الأمنية في النظام القانوني المصري: سنَّ المشرع المصري قانون شركات حراسة المنشآت ونقل الأموال رقم 15/86 في 07 جويلية 2015، في ظل ظروف صعبة طبعت الواقع السياسي والأمني للبلاد[48]، حيث تطرق هذا القانون إلى تعريف    ما سماه " القائم بأعمال الحراسة"[49] بأنه: "كل فرد مرخص له القيام بأعمال حراسة المنشآت ونقل الأموال"[50].
      ولقد تبنى المشرع المصري مقاربة مضيقة إلى أبعد الحدود، إذ نصت المادة 10 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 15/86على أنه:" يحظر على الشركة والعاملين بها ما يلي:
1- ممارسة أي أعمال بخلاف حراسة المنشآت أو نقل الأموال أو مخالفة الترخيص الصادر في هذا الشأن،
2- حراسة الأشخاص الطبيعيين أو مراقبتهم أو جمع المعلومات والتحريات عنهم أو تبادل المعلومات المتاحة لها مع جهات أخرى،..."[51]
      كما حددت المادة 05 من القانون 15/86 النطاق المكاني لنشاط موظفي الشركات الأمنية الخاصة ضمن الحدود الجغرافية للجمهورية المصرية، وأخضعته إلى نظام التراخيص المسبقة، الذي وضحته اللائحة التنفيذية في مادتها 08، التي أعطت صلاحية إصداره إلى مأمور القسم أو المركز التابع له محل الحراسة بعد التحقق من توفر الشروط اللازمة. 
      ولقد حدد النبد الثاني من المادة 03 من القانون 15/86 شروط الحصول على ترخيص مزاولة النشاط بهذه المهنة فيما يلي:
1- أن يكون مصرية الجنسية من أبوين مصريين،
2- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة،
3- ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها في القوانين الخاصة أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ما لم يكن قد رُدّ إليه اعتباره.
      أما المادة 04 فقد أضافت شروطا أخرى هي: 
1- ألا يقل السن عن 21 سنة،
2- أن يجيد القراءة والكتابة،
3- أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو الوطنية أو أعفي منها أو كان مؤجلا تجنيده،
4- أن تتوافر فيه اللياقة البدنية،
5- أن يجتاز بنجاح  دورة تدريبية خاصة بنوع العمل المكلف به.
      ولقد وضحت المادة 07 من اللائحة التنفيذية الصادرة بموجب قرار وزارة الداخلية رقم 16/133، أن اللياقة البدنية تثبت بموجب شهادة معتمدة من إحدى المستشفيات الحكومية، أو المؤسسات الطبية المعتمدة تتضمن سلامة البنية والسمع والخلو من العاهات التي تؤثر على صلاحية العمل، وخلو العين مما قد يؤثر على القدرة على سلامة الرؤية...، وألا يكون مصابا أو سبق إصابته بمرض عقلي أو نفسي أو اضطرابات عصبية.
      أما الدورات التدريبية فقد حددتها نفس المادة لمدة 21 يوما في مهام أعمال حراسة المنشآت ونقل الأموال وكيفية استخدام السلاح والرماية بمركز التدريب بمديرية الأمن التابع لها مقر الشركة...، أما حراس سيارات نقل الأموال فيجتازون دورة تدريبية بالمعهد القومي للحراسات والتأمين لمدة 21 يوما للتدريب على كيفية تأمين السيارات وما بداخلها، وكيفية استعمال السلاح والرماية الجافة...
الفرع الثاني: مفهوم موظف الشركات الأمنية الخاصة في القانون الجزائري
      لا يمكن تحديد مفهوم ظاهرة موظفي الشركات الأمنية الخاصة في الجزائر، إلا من خلال التعرف على الظروف والملابسات التي دعت لوجودها بالنظر إلى الجدلية القانونية الأزلية حول أسبقيّة الظاهرة على القاعدة، إذ أن القانون يحكم الواقع ولا يخلقه[52]، ومن ثَمّةَ التطرق إلى طبيعة النص القانوني الذي شرّع لوجود هذه الظاهرة والتي مثلت في حد ذاتها استثناءً في النظام القانوني الجزائري، وبعد ذلك نخلص إلى المقاربة التي تبناها النظام القانوني الجزائري حول هذه الفئة من المستخدمين، وذلك ما سنبحثه فيما يلي:
أولا: الظروف التاريخية لظهور تشريع الشركات الأمنية الخاصة في الجزائر: صدر التشريع الجزائري الأول والوحيد الذي نظم عمل الشركات الأمنية الخاصة والمستخدمين العاملين بها في 04 ديسمبر 1993، غداة مرحلة انتقالية تميزت بما يلي:
1- سقوط الاشتراكية وهيمنة القيم الليبرالية على العالم: فبعد سقوط الاتحاد السوفياتي وتراجع الاشتراكية في غالبية الدول التابعة لصالح النظرية الليبرالية الغربية، التي شجعت الدولة للتخلي على كثير من وظائفها لصالح القطاع الخاص، بداية بالاقتصادية وصولا إلى الوظيفة الأمنية ، بل وصلت في بعضها إلى التخلي على كثير من أشد المجالات حساسية في الوظيفة العسكرية، تحت ما يسمى الشركات العسكرية و/أو الأمنية الخاصة، شجعها في ذلك ضعف الموارد المالية الناجمة عن الأزمات الاقتصادية التي خلفها صراع القطبين على مدى عقود من الزمن.
2- التعديل الدستوري لسنة 1989: عقب الأحداث المأساوية في 05 أكتوبر 1988، قرر رئيس الجمهورية آن ذاك الشاذلي بن جديد طرح مشروع دستور جديد للاستفتاء الشعبي في 03 نوفمبر 1988، حيث نال ثقة الشعب بنسبة 92.25%،[53] حيث ظهر فيه جليا التحول في الجانب السياسي التحول من الأحادية إلى التعددية الحزبية، وفي الجانب الاقتصادي فق تبنى هذا الدستور نظاما ليبراليا مع تحرير السوق من الاحتكار الذي فرضته الدولة منذ الاستقلال،[54] وإقحام الخواص، الذي أخذ منحاً تصاعدياً بدأ بتحرير الاستثمار، وصولا إلى خصخصة المؤسسات وبيعها للخواص،لاسيما ما كان منها يعد استراتيجيا إلى عهد قريب.
      هذا التحول وإن كان محاولة استباقيّةً من طرف السلطة آن ذاك بالاستجابة لطموحات شعب تواق لسقف أعلى من الحقوق والحريات والرفاهية الاجتماعية، إلا أن الأزمة الاقتصادية العالمية وانهيار أسعار البترول منتصف الثمانينيات، إضافة إلى انهيار المعسكر الشرقي، وانتصار القيم الليبرالية كان الحافز الأساسي لظهوره.
3- تردي الوضع الأمني وبروز ظاهرة الإرهاب: لقد أدت الأزمة السياسية التي عصفت بالجزائر غداة استقالة الرئيس السابق الشاذلي بن جديد، وتوقيف مسار الانتخابات التشريعية، وتنصيب المجلس الأعلى للدولة، إلى دخول البلاد في دوامة من العنف،[55] وبروز التهديد الإرهابي الذي أشغل القوات الأمنية النظامية في محاربته، مما أدى إلى استعانتها في ذلك بفرق من المتطوعين في القرى الجبلية المعزولة، ومجاهدي حرب التحرير الوطني، إضافة إلى تفويض مهام تأمين الشركات البترولية في الصحراء الجزائرية التي كانت بعيدة نسبيا عن العمليات الإرهابية في التسعينيات إلى الشركات الأمنية الخاصة حديثة النشأة آن ذاك.
ثانيا: طبيعة تشريع الشركات الأمنية الخاصة في الجزائري: صدر قانون الشركات الأمنية الخاصة بموجب مرسوم تشريعي رقم 93/16[56]، يحدد شروط ممارسة أعمال حراسة الأموال والمواد الحساسة ونقلها.
      ويعد مصطلح "مرسوم تشريعي" دخيلا على النظام القانوني الجزائري، إذ يشهده منذ الاستقلال، وتقرر العمل به بناء على مداولة المجلس الأعلى للدول رقم 92/02[57]، هذا المجلس الذي جمع إضافة إلى صلاحيات رئيس الجمهورية، الصلاحيات التشريعية في البلاد، وأقر في هذه المداولة بعدم قدرة المجلس القيام بهامة الموكلة له بدون اتخاذ تدابير ملحة ذات طابع تشريعي متمثلة في فيما يسمى بـ"المراسيم التشريعية"
      وبالنظر في إعلان المجلس الأعلى للأمن الصادر في 14 جانفي 1992، والقاضي بإنشاء المجلس الأعلى للدولة، ولا سيما الفقرة الثانية منه والتي تنص على:" يمارس المجلس الأعلى للدولة جميع السلطات التي يعهد بها الدستور المعمول به لرئيس الجمهورية."، نستنتج أن حالة الأزمة المؤسساتية التي أفرزتها استقالة رئيس الجمهورية مع شعور البرلمان بسبب حَلّهِ قد دعت المجلس الأعلى للأمن لإعلان إنشاء المجلس الأعلى للدولة[58]، الذي حل محل رئيس الجمهورية، وتولى جميع اختصاصاته الدستورية، لكنه لم ينص على تعطيل العمل بالدستور الذي بقي ساريا بنص الإعلان، مما يجعلنا نتساءل عن مدى دستورية المراسيم التشريعية في ظل  خلو دستور 1989 -ساري المفعول آن ذاك- من نص يخوِّل رئيس الجمهورية صلاحية التشريع عند شغور البرلمان[59]. 
ثالثا: مقاربة القانون الجزائري لموظفي الشركات الأمنية الخاصة: لقد تبين بما لا يدع مجالا للشك أن ظهور الشركات الأمنية في الجزائر كان نتاج واقع خطير أملته الظروف الخارجية التي هزت العالم وقلبت موازين القوى سياسيا واقتصاديا، والظروف الداخلية التي ميزتها الأزمةُ السياسية والتهديدات الأمنية، كل هذا جعل الجزائر أول دولة عربية تشرِّع وجود هذه الشركات بسنِّها المرسوم التشريعي رقم 93/16، المتعلق بتحديد شروط ممارسة أعمال حراسة الأموال والمواد الحساسة ونقلها، في 04 ديسمبر 1993، حيث عرفت موظف الشركات الأمنية الخاصة أنه كل مستخدم[60] تابع لشركة حراسة الأموال والمواد الحساسة ونقلها[61]، يشارك في تقديم خدمة دائمة أو ظرفية تستهدف ضمان حماية الأملاك وأمن مساحات معينة ومحددة سلفا[62]، أو يشارك في ضمان أمن نقل الأموال والمعادن الثمينة ومرافقتها وكذلك أية مادة حساسة[63]، مقابل أجر يتلقاه من قبل الشركة.
      وعلى الرغم من عدم إخضاع مستخدمي شركات حراسة الأموال والمواد الحساسة ونقلها من المرسوم التشريعي رقم 93/16 لنظام التراخيص[64]،إلا أن المادة 08 اشترطت فيهم ما يلي:
1- أن يكون جزائري الجنسية،
2- ألا يكون قد حُكِمَ عليه بسبب جناية أو جنحة. 
      كما اشترطت نفس المادة في مديري ومسيري هذه الشركات التمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية. 
      وبالرغم من تشديد المشرع الجزائري على الجنسية الجزائرية في مستخدمي الشركات الأمنية الخاصة، إلا أنه لم يتكلم عن جنسية الشركة الأمنية الخاصة العاملة في الجزائر، مما يفتح الجزائر لنشاط فروع الشركات الأمنية متعددة الجنسيات وما تحمله من مخاطر على السيادة الوطنية وما تمثله من خدمة أجندات الدول الكبرى المالكة لها، إضافة إلى ما قد ينجر عنه في حال تورطها في اشتباكات مباشرة من وقوع نشاطاتها تحت طائلة الارتزاق بالنظر إلى جنسيتها الأجنبية، وقياسا على الشروط الواردة في نص المادة 47/2/د من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف لسنة 1949.
      كذلك لم ينص المرسوم التشريعي رقم 93/16 على الإطار الإقليمي لنشاطات هذه الشركات، خلافا للمشرع المصري الذي حددها في إقليم الجمهورية المصرية[65].
الخاتمة
وفي نهاية دراستنا هذه لمفهوم موظفي الشركات الأمنية الخاصة، والتي تناولنا فيها مختلف المقاربات المفاهيمية سواء تلك التي تبناها الفقه والقانون الدوليين، أو تلك التي تبنتها مختلف التشريعات الوطنية المقارنة حول مفهوم موظفي الشركات الأمنية، سواء منها تلك التي كانت متساهلة مع أنشطة هذه الشركات، أو الأكثر تشددا معها، فنجد أنها تتسم بكثير من الغموض والاختلاف والتباين الشدديد في ما بينها، وذلك بسبب غموض الوظع القانوني لموظفي هذه الشركات، وذلك بالنظر لحداثة هذا الموضوع على الصعيدين الوطني والدولي، وإتسامه بالغموض شأنه في هذا شأن كل جديد ومتغير على الساحة الوطنية والدولية، وهو ما يتجلى أساسا من إمكانية إطلاق صفة " الموظف " حيث ذهبت العديد من التشريعات الى إطلاق تسميات أخرى عليهم من قبيل العمال والمستخدمين والمتعاقدين، بل وذهب بعض من الفقه والقانون الدولي أكثر من ذلك الى وصفهم بالمقاتلين الشرعيين وغير الشرعيين بل وبالمرتزقة وما يسببه إنطباق أي وصف في إختلاف المراكز القانونية لهؤلاء الموظفين وللشركة بل وحتى للدولة المتعاقدة، كونه يخرج عملها من نطاق الشرعية الى عدم الشرعية الدولية، وما يمكن لذلك أن يرتبه من آثار قانونية، عززه في ذلك عدم الإتفاق الدولي على نمط معين في في ضبط هذا المفهوم بين إتجاهين رئيسيين، بين من يعرف هؤلاء الموظفين بشكل مباشر ومحدد، وبين من يربطهم بمباشرة بعض الأنشطة التي وبمباشرتها تنطبق عليهم هذه الصفة، مع وجود إختلاف في التشريعات بين من يذكر هذه الأنشطة على سبيل الحصر والتحديد، وبين من يذكرها على سبيل المثال، وهنا تكمن إشكالية أخرى.
وعليه يتوجب هنا خصوصا القطع بوضع تعريف محدد وواضح وموحد لموظفي هذه الشركات، يكون ذا بعد دولي، وذلك بضرورة التوصل الى إتفاقية دولية ملزمة تحدد وبشكل دقيق الشروط والضوابط اللازم توافرها في أي شخص لإكتساب صفة الموظف ضمن الشركات الأمنية الخاصة، وذلك لتكون مرجعة للتشريعات الوطنية في هذا المجال الحساس. 

[1] – زبير سلطان قدوري، الشركات الأمنية الخاصة، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2011، ص27.

[2]– السيد مصطفى أحمد أبو الخير، الشركات العسكرية والأمنية الخاصة دراسة قانونية وسياسية، دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 2008، ص 133.

[3] –  بالرغم من الخلاف الكبير بين فقهاء القانون الدولي عن مدى اعتبار موظفي الشركات الأمنية الخاصة مرتزقة سواء بالمقارنة مع تعريف المرتزق الوارد في نص المادة 47 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، أو مع تعريف المرتزق الوارد في المادة الأولى من اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية بخصوص القضاء على ظاهرة المرتزقة في أفريقيا لعام 1977، أو حتى بالنسبة للمادة الأولى لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم لعام 1989، إلا أن  الكثير من الكتاب استخدم هذا المصطلح (المرتزقة الجدد) عوض موظفي الشركات الأمنية الخاصة.

– جيريمي سكاهيل، بلاكووتر أخطر منظمة سرية في العالم، دار المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، الطبعة الثالثة، 2010، ص351.

– فريدة بلفراق، خوصصة الحرب، مجلة العلوم القانونية والسياسية جامعة الوادي، العدد 4 ، 2012، ص 15.

[4] – لقد مثل موظفو الشركات الأمنية الخاصة التي تعاقد معها الجيش الأمريكي خلال احتلال العراق أكثر من 10%  من كل القوات التي شاركت في الغزو، حيث أن شركة KBR لوحدها شاركت بـ 50 ألف موظف  منهم المسلحين، ومنهم العاملين في مجال الخدمات اللوجيستية كالطباخين والسائقين، والميكانيكيين، وفي مجال التموين. نفس المرجع ص 134.

[5] – وتعد سويسرا من أهم الدول التي سعت في انبثاق هذه الصكوك والوثائق حيث كانت راعية لوثيقتي  مونتر ، ومدونة السلوك الدولية للشركات الأمنية الخاصة.

[6]– ومن أهم هذه المنظمات نذرك اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتي ساهمت بفعالية كبيرة في صدور وثيقة مونترو، وكذلك مدونة السلوك الدولية للشركات الأمنية الخاصة، ويأتي ذلك بعد القناعة التي عبرت عنها في تقريرها إلى المؤتمر الثامن والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر، الذي انعقد في جنيف بين 2 و6 ديسمبر 2003 – بعد أشهر قليلة من الغزو الأمريكي للعراق في 20 مارس 2003-، إلى أن اللجوء إلى استخدام الشركات الأمنية الخاصة يعد مظهراً جديداً في النزاعات المسلحة المعاصرة، ويشكل تحدياً في تطبيق القانون الدولي الإنساني، وبشكل خاص في مسألة تحديد المركز القانوني للأفراد المتعاقدين العاملين في هذه الشركات، حيث يشكل دورهم تحدياً للتصنيف المقبول للفئات التي قد توجد في ساحة النزاع المسلح، وفق مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين. وكذلك يبرز دور هذه الشركات كواحدة من العقبات التي تعوق محاولات كفالة الامتثال للقانون الدولي الإنسان.

International humanitarian law and the challenges of contemporary armed conflicts, report prepared  by the international committee of the red cross, September 2003, PP 8-65.

[7] –  لقد شاركت 20 شركة أمنية خاصة بشكل فعال في صياغة مدونة السلوك الدولية للشركات الأمنية الخاصة، حيث وقعت عليها وتعهدت بالإلتزام بها في 09 نوفمير2010. وثيقة الأمم المتحدة A/67/63-S/2012/76  في 16 فيفري 2012، ص 01.

[8] – وثيقة الأمم المتحدة  A/63/467-S/2008/636 في 06 أكتوبر 2008، ص 07.

[9] – وثيقة الأمم المتحدة  A/63/467-S/2008/636 في 06 أكتوبر 2008، ص 07.

[10] – المادة 80، القانون 06/03، المؤرخ في 15/07/2006، الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 46، بتاريخ 16/07/2006، المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.

[11] – المادة 11، القانون 90/11، المؤرخ في 21/04/1990، الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 17، بتاريخ 27/04/1990، المتضمن قانون علاقات العمل الجزائري.

[12] – المادة 04، القانون 06/03، المؤرخ في 15/07/2006، الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 46، بتاريخ 16/07/2006، المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الجزائري.

[13] – وثيقة الأمم المتحدة A/67/63-S/2012/76 بتاريخ 16 فيفري 2012، ص 08.

[14] – فقد تطرقت الأنظمة القانونية الوطنية لتعريف عقد العمل، من ذلك المادة 08 من قانون العمل الجزائري، التي تنص أنه: “تنشأ علاقة العمل بعقد كتابي أو غير كتابي، وتقوم هذه العلاقة، على أية حال، بمجرد العمل لحساب مستخدم ما. وتنشأ عنها حقوق المعنيين وواجباتهم وفق ما يحدده التشريع والتنظيم والاتفاقيات أو الاتفاقات الجماعية وعقد العمل.”، أما في القانون المصري فقد جاء تعريف عقد العمل في القانون المدني في مادته 674 على أنه العقد :”الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين، بأن يعمل في خدمة المتعاقد الآخر وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر.”

      بينما عقود الخدمات والتوريدات فقد أوردتها المادة 02/06 من القانون التجاري الجزائري وصنفتها  كأعمال تجارية تدخل ضمن عقود المقاولة، والتي عرفها القانون المدني الجزائري في المادة 549 التي تنص أن:” المقاولة هي عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملا مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر.”، أما قانون التجارة المصري فقد أورد كل من التوريدات والخدمات ضمن المادة 05 /(أ) وصنفها ضمن الأعمال التجارية.

– الأمر رقم 75/58، المؤرخ في 26/09/1975، الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 78، المؤرخة في 30/09/1975، المتضمن القانون المدني الجزائري، المعدل والمتمم.

– الأمر رقم 75/59، المؤرخ في 26/09/1975، المتضمن القانون التجاري الجزائري، المعدل والمتمم.

– القانون رقم 90/11، المؤرخ في 21/04/1990، الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 17، بتاريخ 27/04/1990، المتضمن قانون علاقات العمل الجزائري، المعدل والمتمم.

– القانون رقم 48/131، المؤرخ في 16/07/1948، الصادر في جريدة الوقائع المصرية، العدد 108 مكرر (أ)، المؤرخة في 29/07/1948، المتضمن القانون المدني المصري، المعدل والمتمم.

–  القانون رقم 99/18، المؤرخ في 17/05/1999، الصادر في جريدة الوقائع المصرية، العدد 19 مكرر (أ)، المؤرخة في 17/05/1999، المتضمن قانون التجارة المصري. 

[15] – وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/W.10/1/2 بتاريخ 13 ماي 2011، ص 06.

[16] وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/W.10/1/2 بتاريخ 13 ماي 2011، ص 06.

[17] – خديجة عرسان، الشركات الأمنية الخاصّة في ضوء القانون الدولي الإنساني، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 28، العدد الأول، 2012، ص 493.

[18] – مجدي كامل، بلاك ووتر جيوش الظلام، دار الكتاب العربي، القاهرة، 2008، ص 260.

[19] – نصت المادة 2/(ط) من مشروع الاتفاقية الممكنة بشأن الشركات العسكرية والأمنية الخاصة على أنّ:” الوظائف التي بطبيعتها منوطة بالدولة: هي الوظائف المتسقة مع مبدأ احتكار الدولة للاستخدام الشرعي للقوة، وهي الوظائف التي لا تستطيع الدولة الاستعانة بمصادر خارجية أو التفويض لمصادر خارجية لتنفيذها تحت أي ظرف من الظروف. ومن بين هذه الوظائف المشاركة المباشرة في الأعمال القتالية، وشن الحروب و /أو بدء العمليات القتالية، واحتجاز الأشخاص، ووضع القوانين، والتجسس وجمع المعلومات الاستخبارية، ونقل المعارف ذات التطبيقات العسكرية والأمنية والخاصة بالشرطة، واستخدام أسلحة الدمار الشامل والأنشطة الأخرى المتعلقة ﺑﻬذه الأسلحة، والاضطلاع بصلاحيات الشرطة ولا سيما صلاحيات التوقيف أو الاحتجاز بما في ذلك استجواب المحتجزين وغيره من الوظائف التي تعتبرها أي دولة طرف وظائف بطبيعتها منوطة بالدولة؛”. وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/W.10/1/2 بتاريخ 13 ماي 2011، ص 07.

[20] – عادل عبد الله المسدي، الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في ضوء قواعد القانون الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2009، ص 150.

[21] – ومن الملاحظ أن الفقه القانوني الدولي تجاهل في حديثة عن مفهوم موظف الشركات الأمنية الخاصة، نظم وآليات التوظيف الخاصة به، والتي ترك تنظيمها للقوانين الداخلية وذلك لسببين أساسيين هما:

      – تنوع نظم التوظيف، والأساليب المنظمة للحياة المهنية للمستخدمين، وذلك بتنوع النظم القانونية الوطنية واختلافها، كما سنلاحظه في هذه الدراسة.

      – إن الغاية المستهدفة من تحديد مفهوم موظفي الشركات الأمنية الخاصة في القانون الدولي هي المساهمة  في التحديد الدقيق المسؤولية عن خرق أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في مناطق الصراع والنزاعات المسلحة، وفي ما عدى العلاقة التبعية  لمستخدم برب عمله، فإن طبيعة  الروابط والعلاقات المهنية  ليست من اختصاص القانون الدولي بقدر ما هي من اختصاص القوانين الداخلية    

[22] – عادل عبد الله المسدي، مرجع سابق، ص 34.

[23] – ورقة من إعداد الخبيرين الاستشاريين بمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة: روبين ويكهام بالمر، ومارك باتون. وثيقة الأمم المتحدة UNODC/CCPJ/EG.5/2011/CPR.1 بتاريخ 24 أوت 2011، ص 05.

[24] -Alezini Loxa and Danae Siagkou, Private Security Companies in the EU, Work paper, 2006, LSEU, Vol 03,

PP 09-10.

[25] – عادل عبد الله المسدي، مرجع سابق، ص ص 38-41.

[26] – تنص المادة 47/2 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف لسنة 1949على أن: ” 2. المرتزق هو أي شخص:

        أ) يجري تجنيده خصيصًا محليًا أو في الخارج، ليقاتل في نزاع مسلح.

       ب) يشارك فعلاً ومباشرةً في الأعمال العدائية.

       ج) يحفزه أساسا إلى الاشتراك في الأعمال العدائية الرغبة في تحقيق مغنم شخصي، ويبذل له فعلا من قبل طرف في النزاع، أو نيابة عنه وعد بتعويض مادي يتجاوز بإفراط ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما يدفع لهم.

        د) وليس من رعايا طرف في النزاع، ولا متوطنا بإقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع.

       ه) وليس عضوا في القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع.

       و) وليس موفد في مهمة رسمية من قبل دولة ليست طرف في النزاع بوصفه عضوا في قواتها المسلحة.”

[27] – تنص المادة 43 من البروتوكول الإضافي الأول أن “القوات المسلحة:

.1        تتكون القوات المسلحة لطرف النزاع من كافة القوات المسلحة والمجموعات والوحدات النظامية التي تكون تحت قيادة مسؤولة عن سلوك مرؤوسيها قبل ذلك الطرف حتى ولو كان ذلك الطرف ممثلاً بحكومة أو بسلطة لا يعترف الخصم بها، ويجب أن تخضع مثل هذه القوات المسلحة لنظام داخلي يكفل في ما يكفل اتباع قواعد القانون الدولي التي تطبق في النزاع المسلح.

      2. يعد أفراد القوات المسلحة لطرف النزاع) عدا أفراد الخدمات الطبية والوعاظ الذين تشملهم المادة 33 من الاتفاقية الثالثة) مقاتلين بمعنى أن لهم حق المساهمة المباشرة في الأعمال العدائية.

      3. إذا ضمت القوات المسلحة لطرف في نزاع هيئة شبه عسكرية مكلفة بفرض احترام القانون وجب عليه إخطار أطراف النزاع الأخرى بذلك.”

[28] – عادل عبد الله المسدي، مرجع سابق، ص ص 96-99.

[29]-Mark Button, State Regulation concerning Civilian Private Security Services and their Contribution to Crime Prevention and Community Safety, CRIMINAL JUSTICE HANDBOOK SERIES, United Nations Office on Drugs and Crime (UNODC),Vienna, 2014, P 01.   

[30] – Private military companies : options for regulations, the house of commons, P 08-09. http://www.fco.gov.uk\resources\en\pdf

[31] – Schedule 2, activities liable to control ender the Act, part 01: activities of security operative, Privet Security Industry Act 2001, PP 25-28. http://www.legislation.gov.uk/ukpga/2001/12/pdfs/ukpga_20010012_en.pdf

[32]– Private military companies: options for regulations, the house of commons, op. cit, P 08.

[33]– تقرير الفريق العامل المعنى باستخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير للجمعية العامة للأمم المتحدة. وثيقة الأمم المتحدة A/67/340 بتاريخ 20 أوت 2012.

[34]– Section 04,Licensing criteria,  Subsection (3) (b), Privet Security Industry Act 2001, op. cit, P 07.

[35]– Chapter 01, Private security industry regulation Act N°.57/2002, Government Gazette  of Republic of South Africa N°.23051, Vol. 439, 25 January 2002, P 08.

[36]– تقرير الفريق العامل المعنى باستخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/21/43 بتاريخ 02 جويلية 2012، ص 13.

[37]– Chapter 01, Private security industry regulation Act N°.57/2002, Government Gazette  of Republic of South Africa N°.23051,  Vol. 439, 25 January 2002, PP 08-10.

[38]– Article 1er, loi n° 83/629, du 12 juillet 1983, publier au journal official de la république Française n° 2155, du 13 juillet 1983, réglementant les activités privées de surveillance, de gardiennage et de transport de fonds.

[39]– Article 02, loi n° 83/629, du 12 juillet 1983, publier au journal official de la république Française n° 2155, du 13 juillet 1983, réglementant les activités privées de surveillance, de gardiennage et de transport de fonds.

[40]– قانون الأمن الداخلي هو تقنين يجمع كل النصوص المتعلقة بالأمن الداخلي الفرنسي يتألف من جزئين:

      أ- الجزء  التشريعي: صدر بناءً على نص المادة 102 من القانون رقم 11/267، الصادر في 14 مارس 2011، المتعلق بتوجية وتنظيم الأمن الداخلي ، ودخل حيز النفاذ في 01 ماي 2012، بموجب الأمر رقم 12/351، الصادر في 12 مارس 2012.

      ب- الجزء التنظيمي: صدر بناء على مرسوم مجلس الدولة ومجلس الوزراء رقم 13/1112، الصادر في 04 ديسمبر 2013، المتعلق بالجزء التنظيمي من تقنين الأمن الداخلي.

https://www.legifrance.gov.fr

      ومن الجدير بالذكر أنّه في سنة 2015 صدر فرنسا القانون العضوي رقم 15/1712، الذي ألغي بموجبه إجراء، نشر القوانين عن طريق الجريدة الرسمية، واستبدلها بالموقع الرسمي للحكومة الفرنسية.

https://www.legifrance.gov.fr

Loi n° 15/1712,du 22 décembre 2015, publiée au journal officiel de république française, n° 0297, du 23 décembre 2015, portant dématérialisation du journal officiel de le république française.

[41] -Article 06, loi n° 83/629, du 12 juillet 1983, publier au journal official de la république Française n° 2155, du 13 juillet 1983, réglementant les activités privées de surveillance, de gardiennage et de transport de fonds.

[42]– Article L612-20-1, Code de la sécurité intérieure. https://www.legifrance.gouv.fr

[43]– Arlicle R611-1, code de l’entrée et du séjour des étrangers et du droit d’asile. https://www.legifrance.gov.fr

[44]–  وستبقى تلك الحصانة الظالمة التي منحها الحاكم العسكري بول بريمر للشركات والأمنية الخاصّة العاملة في العراق بموجب الأمر 17، والذي غطى بها على جرائمها وانتهاكاتها لكل الأعراف والقوانين الدولية، دليلا قاطعا على ضرورة تحديد الأطر العامة القبليّة المسلم بها عند التعاقد مع هذا النوع من الشركات في شكل قواعد وطنية آمرة منسجمة مع القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

[45]– المادة 01/02، القانون رقم 17/52، المؤرخ في 26 جانفي 2017، الصادر في جريدة الوقائع للجمهورية العراقية، العدد4440، الصادرة في 27/3/2017، المتضمن قانون الشركات الأمنية الخاصة.

[46]– ومن الغريب حقيقةً إغفال المشرع العراقي للتفصيل في طبيعة النشاطات الأمنية المسموح بها، بالرغم من أن العراق ذاق الويلات جراء الانحرافات التي طبعت نشاط موظفي الشركات الأمنية الخاصة سواء بالمشاركة المباشرة في العمليات العسكرية، لاسيما الهجومية منها، أو عمليات القتل الموصوفة التي ارتكبت تحت ذريعة الدفاع الشرعي عن النفس، مما يجعلنا نشكك في نية المشرع العراقي في تبني مقاربة مضيقة لنشاطات الشركات الأمنية كما قد يستشفُّ من تسمية هذا القانون، بل إننا نميل إلى أن المشرع العراقي مقاربة موسعة من خلال الإقرار الضمني بالطبيعة المختلطة لنشاط هذا النوع من الشركات بين ما هو أمني وما هو عسكري. 

[47]– وتقرُّ هذه المادة ضمنا بسماح المشرع العراقي بتوظيف عمال أجانب في فروع الشركات الأمنية الخاصة الأجنبية العاملة في العراق، وإذا كان مبرر السماح بوجود فروعٍ لشركاتٍ أمنيةٍ أجنبيةٍ خاصةٍ مرده إلى الأمر الواقع الموروث من فترة الاحتلال الأمريكي للعراق من جهة، ومن جهة أخرى قد يبرَّرُ ذلك بالإمكانيات التي تحوزها هذه الشركات عبر الوطنية مما قد يساعد الحكومة الفتية على إقرار الأمن والاستقرار في الربوع الشاسعة من العراق، فإن المجيء بعمال أجانب للعمل في هذه الشركات الأجنبية بنسبٍ قد تصل إلى 75% حسب مفهوم المخالفة لهذه المادة، لا يوجد له في  رأيينا مبررا منطقيا، خاصة في دولة مثل العراق تزخر بالإمكانيات البشرية المعتبرة، خاصة بعد حل الجيش العراقي الذي أعقب الاحتلال الأمريكي، في حالة مشابهة إلى حد بعيد لحالة جنوب أفريقا بعد نهاية حكم الأبرتايد، أين أسست أكبر الشركات الأمنية الخاصة لاحتواء الجنود والضباط المسرّحين.

      فإذا كانت حجة السماح بذلك هي البحث على الكفاءات والتأطير، فنقول أن ذلك وارد ولكن ليس بهذه النسبة الضخمة، وإنما يجب أن يكون وجودهم محدودا من ناحية العدد ومؤقتا من ناحية المدة، مع التحديد الدقيق لمهامهم ووظائفهم، وتحييدهم عن كل مواجهة مسلحة مباشرة محتملة، خاصة في ظل التوتر الأمني الذي تعيشه العراق منذ الاحتلال الأمريكي سنة 2003.   

      والواقع أن السماح بتوظيف نسبة كبيرة من الأجانب في الشركات الأمنية الخاصة الأجنبية في ظل نظام قانوني هش ومرن لا يضمن تحييد الشركات الأمنية الخاصة وعمالها عن المواجهات العسكرية المباشرة، كل هذا يوقعنا في تناقض خطير بين أحكام قانون الشركات الأمنية العراقي الذي يجيز هذه الأفعال، وبين نص المادة 47/2 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف لسنة 1949، وإمكانية اعتبار كلا من نشاطات هذه الشركات عموما، وكذلك نشاطات عمّالها منفردين من قبيل الارتزاق، لاسيما بعد تحقق شرط الجنسية الأجنبية الوارد في الفقرة “د” من نص هذه المادة.

[48] – فمن الناحية السياسية، يشهد النظام السياسي مصري لما بعد ثورة جانفي 2011، أزمة شرعية وثقة حادة خاصة بعد تنحية محمد مرسي، وما صاحبه من تعطيل العمل بالدستور فرض حالة الطوارئ وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لمقاليد الحكم في البلاد.

      أما من الناحية الأمنية فمصر تعيش أسوء حالاتها بعد ثورة جانفي 2011، في ظل تصاعد الأعمال العدائية ضد قواتها المسلحة في سيناء، وخاصة مع ظهور جماعة “أنصار بيت المقدس”، وتنظيم ما يسمى “بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في ولاية سيناء”، إضافة إلى الخطر الداهم على حدودها الغربية في ظل غياب دولة مركزية في ليبيا وقيام الجيش المصري بعمليات عسكرية لصالح قوات المشير خليفة حفتر.

[49] – وتبرز هذه التسمية درجة الاهتمام التي أولاها المشرع المصري لأعوان هذه الشركات الذين يباشرون الوظيفة الأمنية مباشرةً، حيث استثنى من ذلك المسيرين وأعوان الإدارة من هذا الإطار القانوني وما ينجر عنه من آثار، وهو بذلك حسب رأينا يجنح إلى إخضاع مادون هذه الفئة من موظفي الشركات الأمنية إلى القواعد العامة لقوانين العمل واللوائح ذات الصلة.

[50] – المادة 01، القانون رقم 15/86، المؤرخ في 07 جويلية 2015، الصادر في الجريدة الرسمية لجمهورية مصر العربية، العدد 27 مكرر (د)، الصادرة في 08 جويلية 2015، المتضمن قانون شركات حراسة المنشآت ونقل الأموال.

[51] – المادة 10، قرار الوزارة الداخلية رقم 16/133، المؤرخ في 09 جانفي 2016، الصادر في جريدة الوقائع المصرية لجمهورية مصر العربية، العدد 07 (تابع)، الصادرة في 10 جانفي 2016، المتضمن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 15/86 المتعلق بشركات حراسة المنشآت ونقل الأموال.

[52] – طلعت جياد لجي الحديدي، المركز القانوني الدولي للشركات متعددة الجنسية، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمّان، الطبعة الأولى، 2008، ص 14.

[53] – مولود ديدان، مباحث في القانون الدستوري والنظم السياسية، دار بلقيس، الجزائر، بدون رقم طبعة، 2007، ص 209.

[54] – تنص المادة 40 على أن:” حق إنشاء الجمعيات ذات طابع سياسي معترف به…”، أما المادة 49 فتنص على أنّ:”الملكية الخاصة مضمونة.”. المرسوم الرئاسي رقم 89/18، المؤرخ في 28 فيفري 1989، الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 09، الصادرة في 01 مارس 1989، المتعلق بنشر تعديل الدستور الموافق عليه في استفتاء 23 فيفري 1989.

[55] – مولود ديدان، مرجع سابق، ص 212-213.

[56] – مرسوم تشريعي رقم 93/16، المؤرخ في 04 ديسمبر 1993، الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 80، الصادرة بتاريخ 05 ديسمبر 1993، يحدد شروط ممارسة أعمال حراسة الأموال والمواد الحساسة ونقلها.

[57] – مداولة المجلس الأعلى للدولة، رقم 92/02، المؤرخة في 14 أفريل 1992، الصادرة في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 28، الصادرة في 15 أفريل 1992، المتعلقة بالمراسيم ذات الطابع التشريعي.

[58] – وفي واقع الأمر أن الأزمة الدستورية التي نشأت عن قيام المجلس الأعلى للدولة لا تقل خطورة عن الثغرة التي خلفها عدم نصِّ دستور 1989 عن حالة تزامن شغور البرلمان مع استقالة الرئيس –إن سلّمنا بدستوريتها أصلا- ، ذلك أن المادة 84 بالرغم من إغفالها هذه الحالة فقد ذكرت في فقرتيها 08 و09 حالة يمكن القياس عليها وهي حالة تزامن وفاة الرئيس مع شغور البرلمان، لا سيما وأن الحالتان قد اتفقتا في النتيجة والأثر المترتب عنهما، بالرغم من اختلافهما في سبب شغور منصب الرئيس الذي ليس له تلك الأهمية القانونية التي تدعو المجلس الأعلى للأمن يعلن عن إنشاء كيان مختلق ومخالف للدستور ليُسيّر البلاد وفق نفس الدستور الذي لم يعطّل العمل به، بل بقي ساريَ المفعول إلى حين تعديله سنة 1996، مما جعلنا أمام ممارسة انتقائية لأحكام دستور 1989، عصفت بمبدأ الشرعية الدستورية للنظام الحاكم آن ذاك.   

[59] – ولقد تدارك المؤسس الدستوري هذا الفراغ في دستور 1996، حيث نصت المادة 142 منه على أنه:” لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال العطل البرلمانية، بعد رأي مجلس الدولة.”

قانون 16/01، المؤرخ في 06 مارس 2016، الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد14، الصادرة في 07 مارس 2016، المتضمن التعديل الدستوري.

[60] – المادة 09، مرسوم تشريعي رقم 93/16، المؤرخ في 04 ديسمبر 1993، الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 80، الصادرة بتاريخ 05 ديسمبر 1993، يحدد شروط ممارسة أعمال حراسة الأموال والمواد الحساسة ونقلها.

[61] – المادة الأولى، نفس المرسوم التشريعي.

[62] – المادة 02، ، نفس المرسوم التشريعي.

[63] – المادة 03، ، نفس المرسوم التشريعي.

[64] – إلا أن إنشاء  شركات حراسة الأموال والمواد الحساسة ونقلها يخضع لرخصة قبلية وفق إجراءات يبيّنها التنظيم.

المادة 05، مرسوم تشريعي رقم 93/16، المؤرخ في 04 ديسمبر 1993، الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 80، الصادرة بتاريخ 05 ديسمبر 1993، يحدد شروط ممارسة أعمال حراسة الأموال والمواد الحساسة ونقلها.

[65] – حسب المادة 28/2 و28/3 من الدستور الجزائري لعام 1996 المعدل والمتمم : ” تتمثل المهمة الدائمة للجيش الوطني الشعبي في المحافظة على الاستقلال الوطني والدفاع عن السيادة الوطنيّة.

كما يضطلع بالدفاع عن وحدة البلاد، وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي، ومختلف مناطق أملاكها البحرية.”

      وبقدر ما تحمل هذه المادة من حماية للجيش الوطني الشعبي الجزائري من الاستدراج  والإنهاك التي تحاول الدول الكبرى إيقاعه فيه من خلال إقحامه في الحروب المشتعلة في بعض دول الجوار كليبيا ومالي، وذلك تطبيقا للمبدأ الراسخ للدولة الجزائرية، القاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إلا أن هذه المادة تقف في نظرنا عائقا أمام الحفاظ على المصالح الوطنية للدولة الجزائرية خارج البلاد، خاصة في مناطق التوتر والصراع، لاسيما في مجابهة التهديدات الأمنية التي قد تطال الشركات الجزائرية العاملة في الخارج، وكذلك التهديدات الأمنية التي طالت البعثات الدبلوماسية العاملة في بعض مناطق التوتر في العالم، مثل ما جرى من اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين في كل من دولتي العراق والمالي، كل هذا يجعل من تطوير قدرات الشركات الأمنية الجزائرية واستخدامها في تأمين البعثات الدبلوماسية والشركات الجزائرية في الخارج في ظل احترام القانون الدولي حلا قانونيا مقبولا يحترم الدستور، ويراعي وظيفة الجيش، ويحفظ المصالح الوطنية للدولة الجزائرية.

Exit mobile version