Site icon مجلة المنارة

المرتكزات الكبرى للإصلاح الضريبي الجديد بالمغرب

المرتكزات الكبرى للإصلاح الضريبي الجديد بالمغرب

إنجاز : عصام القرني

باحث في المالية العامة والقانون الضريبي

كلية الحقوق بسلا -جامعة محمد الخامس بالرباط-

 

عرف المغرب أول إصلاح جبائي عام وشامل خلال سنة 1984، ضمن مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي همت مختلف المجالات المرتبطة بالأصعدة المالية والاقتصادية وكذلك الاجتماعية، وذلك في إطار سياسة شاملة للتقويم الهيكلي أُطِّرت من قبل المؤسسات المالية الدولية، ووُجِّهت نحو معظم أنظمة الدول السائرة في طريق النمو ومن بينها المغرب.

وإذا كان هذا الإصلاح قد أرسى بالفعل أهم مكونات النظام الجبائي الحالي، وانتقل به من نظام تقليدي غير مستقر إلى نظام حديث أكثر تجانسا، فإن الهم الأساسي الذي تحكم في وضع محتوياته وصياغة مضمونه، والذي تمثل أساسا في تسخير الآلية الجبائية لخدمة الدين العمومي الذي تفاقم آنداك لمستويات خطيرة وغير مسبوقة ومن تم التحكم في التوازنات المالية والماكروقتصادية للميزانية العامة للدولة، جعل منه مع مرور السنوات “نظاما معيبا” غير مساير للتطورات الاقتصادية والاجتماعية إن على الصعيد الداخلي أو على المستوى الخارجي، الشيء الذي حد بشكل كبير من بلوغه الأهداف الكبرى المسطرة له على جميع المستويات المالية وخصوصا الاقتصادية والاجتماعية.

في هذا السياق العام، وبعد مرور ما يناهز ثلاث عقود عن هذا الإصلاح الـتأسيسي، ونظرا لمجموعة من الاختلالات التي أصبح يعاني منها النظام الجبائي المغربي القائم، وأمام تزايد حجم النداءات من طرف مختلف المهتمين بالشأن الجبائي والمالي بضرورة التعجيل بإصلاح المنظومة الجبائية، ومواجهة لآثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وجدت السلطات العمومية نفسها مضطرة للترويج لإصلاح جبائي جديد مرتقب، بدأت تتضح معالمه والخطوط العريضة المشكلة له.

وتعتبر المناظرة الوطنية حول الضريبة التي تم تنظيمها بمدينة الصخيرات في أبريل 2013، من بين أهم الملتقيات والدراسات والمناقشات التي انصبت حول موضوع الإصلاح الجبائي بالمغرب، والتي حاول من خلالها المشاركون على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم الإحاطة بمعظم المحاور الكبرى للإصلاح الجبائي المرتقب.

إن التحدي الذي يبقى مطروحا أمام المغرب ومعظم الدول السائرة في طريق النمو، هو البحث عن إرساء نظام جبائي متوازن يوفق ما بين تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان القدرة الاستثمارية للمقاولة، وتوفير المداخيل الجبائية الكفيلة بتمويل خزينة الدولة وتمويل الاستثمار العمومي.

فما هي إذن الأعمدة الكبرى لهذا الإصلاح المنشود؟ وما هي أولوياته؟ وكيف يمكن التوفيق بين أهداف النظام الجبائي التي تبدو في بعض الأحيان متضاربة ومتناقضة؟ وما هي السبل الكفيلة بتأسيس نظام جبائي فعال ومنصف ومنتج يجد فيه جميع أصناف الملزمين دواتهم ومتطلباهم؟ كيف يمكن الرفع من مستوى الرضا بالضريبة؟ وإلى أي حد يمكن لهذا النظام الجبائي أن ينعكس إيجابا على واقع حياة المواطنين والملزمين؟ وما هي الآليات اللازمة لاستقرار هذا النظام وضمان ديمومته؟

هذه الإشكالية وتساؤلات أساسية يمكن مقاربتها ومعالجتها من خلال المحورين التاليين :

 

المحور الأول :التأسيس لنظام ضريبي ناجع وفعال

تعتبر فعالية النظام الجبائي من السمات المحورية التي يجب أن يتسم بها أي نظام جبائي صلب وحديث. ويرتبط مفهوم الفعالية في هذا السياق بمردودية الجباية وخصوصا على المستوى المالي، على اعتبار أن معظم التشريعات والإصلاحات الضريبية المطبقة غالبا ما تضع ضمن أولوية أولوياتها الرفع من المداخيل الجبائية بصفتها  تشكل المصدر الرئيسي لموارد الميزانية العامة للدولة.

ويزداد الأمر إلحاحا داخل الدول السائرة في طريق النمو الباحثة عن إرساء نظام ضريبي ناجع قادر على تغدية ميزانية الدولة بشكل يسمح للسطات العمومية بمواجهة الأزمات المالية والظرفيات الاقتصادية الصعبة والتحكم في العجز المالي من جهة، ثم الاستمرار في القيام بوظائفها وتدخلاتها في مختلف أوجه الحياة الإقتصادية والإجتماعية على النحو المطلوب.

إن التأسيس لنموذج هذا النظام الجبائي المتسم بالفعالية والنجاعة، لا يمكن أن يتم إلا من خلال التأصيل لإصلاح جبائي يبني من بين ما ينبني عليه على السعي نحو تحسين مردودية المنظومة الجبائية (أولا) إلى جانب العمل جاهدا على محاربة ظاهرة الغش الضريبي (ثانيا).

أولا : تحسين مردودية المنظومة الجبائية

لا شك في أن الرفع من مردودية المنظومة الجبائية، شكلت منذ الإصلاح الجبائي العام لسنة 1984 وإلى حد الآن، المحرك الحقيقي لمختلف مبادرات القرارات والتدابير والإجراءات المتخذة من قبل السلطات العمومية في الميدان الجبائي والمالي، غير أن النتائج المحققة لم تكن في المستوى المأمول. ولعل بلوغ ذلك المسعى يتطلب توافر إرادة سياسية قوية تستهدف بلورة استراتيجة شاملة تتأسس على العمل على توسيع الوعاء الجبائي (1) وضبط القطاع غير المهيكل (2).

1- توسيع الوعاء الجبائي

شكلت المداخيل الجبائية مكانة متميزة ضمن باقي موارد الميزانية العامة داخل مختلف القوانين المالية السنوية بالمغرب، وعلى سبيل المثال، فقد بلغت هذه المداخيل في قانون مالية سنة 2013 أزيد من 179 مليار درهم [1]، ومثلث نسبة %87  من مجموع موارد هذه الميزانية دون احتساب موارد الاقتراضات والهبات والوصايا[2]. هذا في الوقت الذي مثلت فيه المداخيل الجبائية في قانون مالية سنة 2012 نسبة 90% من مجموع مداخيل الميزانية العامة دون احتساب موارد الاقتراضات والهبات والوصايا، بمبلغ قدر بأزيد من 170 مليار درهم توزع بين مداخيل الضريبة على القيمة المضافة التي بلغت حوالي 53 مليار درهم، ومداخيل الضريبة على الشركات التي قدرت ب 41 مليار درهم، ثم مداخيل الضريبة على الدخل بحوالي 29 مليار درهم، إضافة إلى مداخيل الضريبة الداخلية على الاستهلاك التي تجاوزت 22 مليار درهم إلى جانب الرسوم الجمركية بمبلغ يقارب 10 مليار درهم، وأخيرا رسوم التسجيل والتنبر التي بلغت مداخيلها حوالي 11 مليار درهم [3].

إن المداخيل الجبائية تعد العمود الفقري الذي تنبني على أساسه باقي مقتضيات القانون المالي وخصوصا ما يتعلق بنفقات الدولة التي تبقى مرهونة بمدى فعالية النظام الضريبي في توفير الموارد الجبائية الكافية والكفيلة بتغطية تكاليف النفقات العمومية المتزايدة.

ونتيجة لهذا الوضع المحوري الذي تحضى به المداخيل الجبائية، ومن تم المساهمة بشكل حاسم في ضمان استمرارية تقديم الدولة للخدمات العمومية وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، فإن رهان توسيع الوعاء الجبائي يعد الوسيلة الأساسية التي تسعى من خلالها السلطات العمومية جاهدة إلى محاولة الرفع من هذه المداخيل الجبائية مواكبة للارتفاع المهول الذي تشهده النفقات العمومية.

وهكذا فإن أي إصلاح ضريبي لا يمكن أن يتم إلا عبر السعي نحو توسيع الوعاء الجبائي موازاة مع عقلنة الامتيازات الجبائية في أفق تحسين المردودية المالية للضرائب.

هذا ويلاحظ أن مطلب توسيع الوعاء الجبائي Elargissement de l’assiette fiscale، أصبح شأنا مرتبطا بشكل كبير بالعدالة والفعالية الجبائيتين من جهة، ومشكلا على مستوى حجم المداخيل بالنسبة للدولة والضغط الجبائي بالنسبة للملزم من جهة ثانية [4].

وتوسيع الوعاء الجبائي يمكن أن يتخذ شكلا أفقيا كما يمكن أن يكون عموديا. فمن الناحية الأفقية يجب أن يتسع نطاق الضريبة ليشمل المناطق غير الخاضعة للجباية أو تلك الخاضعة بكيفية ضعيفة، ويجب التركيز على تضريب رأس المال وكذا مختلف أنواع الدخول المستفيدة من الامتيازات الخاصة. أما بخصوص توسيع الوعاء الجبائي من الناحية العمودية، فإنه يتم عن طريق الضبط الدقيق للمادة الخاضعة للضريبة، وكذا تحديد مكوناتها وانسجام آليات تحديدها ومكافحة الغش والتهرب الضريبيين [5].

وبالرغم من التطور الذي يمكن أن يلاحظ على مستوى المداخيل الجبائية من سنة إلى أخرى، فإن ذلك هو نتيجة ليست راجعة بالأساس إلى نجاعة سياسة توسيع الوعاء الجبائي، وإنما هو أمر  ناتج بشكل أوتوماتيكي عن الزيادة المهمة في عدد الملزمين الخاضعين لمختلف الضرائب.  وفيما يلي عدد الملزمين ما بين سنتي 1998 و 2008 على مستوى الضرائب الأساسية الثلاث:

إشكالية أخرى تطرح في هذا الصدد، وتقف عائقا أمام توسيع القاعدة والوعاء الجبائيين وتؤثر على التوزيع العادل للعبء الضريبي، تتمثل في التضريب الضعيف حاليا والإعفاء التام سابقا الذي طال ولمدة عقود الدخول الزراعية، حيث ظل هذا القطاع محميا من كل ضريبة انطلاقا من إصدار ظهير 21 مارس 1984 المتعلق بإعفاء الدخول الفلاحية من جميع الضرائب المباشرة إلى غاية مارس 2000، وتم تجديد هذا الإعفاء عن طريق قوانين المالية السنوية كل مرة بعد انتهاء فترة الإعفاء. فرغم كل المحاولات التي قامت بها الحكومة من أجل إخضاع عملي للدخول الفلاحية، فإن هذه الأخيرة تبقى الدخول الأكثر امتيازا على المستوى الضريبي، والأقل مساهمة في تمويل ميزانية الدولة رغم كل ما ينفق من أجل النهوض بهذا القطاع. كما أن التشجيعات والإعفاءات الضريبيةلم تتمكن من تقليص الفوارق داخل هذا القطاع نفسه، لأن المستفيد هم كبار الفلاحين، أما العدد الهائل من صغار الفلاحين فلا يستفيدون شيئا [7].

هذا الإعفاء الشامل تم تداركه من خلال إخضاع هذا القطاع للتضريب بموجب قانون مالية سنة 2014 بناء على تعليمات ملكية سامية تضمنها خطاب ملكي حث على ضرورة إخضاع هذا القطاع للاقتطاع الضريبي، إلا أن التطبيق ظهر وإلى حد الآن بشكل باهت من خلال عدد المقاولات التي تم إخضاعها للضريبة، وكذلك من حيث حجم المساهمة الجبائية التي يمكن لهذا القطاع أن يغدي بها ميزانية الدولة.

أما فيما يتعلق بترشيد الإعفاءات الجبائية والتشجيعات الضريبية عموما، فالمطلوب في هذا الإطار هو التحكم في مجموعة من الإعفاءات والتخفيضات الضريبية التي منحت لفائدة بعض الأنشطة  أو الأقاليم أو المواد في ظل ظرفية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية معينة، وبالتالي فمن الواجب التفكير وإعادة النظر في هذا النوع من التشجيعات بعد زوال تلك الظرفيات التي كانت سببا في منحها،  وخصوصا في الفترات التي تعرف فيها ميزانية الدولة عجزا ماليا نتيجة لبعض الأزمات المالية والاقتصادية.

وإلى جانب كل ذلك، يجب التفكير بشكل جدي تحقيقا للعدالة الجبائية وتخفيفا للضغط الضريبي في إحداث ضرائب جديدة مثل الضريبة على الثروة والضريبة على رأس المال والضريبة على فائض القيمة والضريبة على دخل الأسرة… فإحداث هذه الضرائب سيكون له أثر إيجابي على توسيع القاعدة الجبائية وتخفيف الضغط الجبائي.

2- ضبط القطاع غير المهيكل

أصبحت الضريبة مدعوة بالإضافة إلى وظائفها المالية والاقتصادية إلى القيام بوظيفتها الاجتماعية، مع ضرورة البحث عن التوازن بين مقتضيات العدالة الاجتماعية ومتطلبات النجاعة والفعالية، وعلى الحكومة أن تعمل كل ما في وسعها لتجسيد التحسن في اتجاه المساواة أمام الضريبة، وأن يصبح هذا التحسن شأنا عاما يغذي السلوك العام داخل المجتمع[8].

إن هذا المطلب لن يتحقق من دون السعي نحو توسيع الوعاء الجبائي، ومن أجل ذلك يجب على الإدارة أن تولي اهتماما مدعما لتضريب الأنشطة غير المهيكلة، من خلال العمل على إدماجها في محيط المتاجرة أو توزيع الأموال والخدمات، وتخفيض معدل الأمية داخل هذا القطاع واستخدام مناهج عصرية في التدبير والإنتاج[9]، كما أن إدماج القطاع غير المهيكل secteur informel هو ضرورة مرتبطة بمختلف الإدارات (الإدارة الجبائية، غرف التجارة والصناعة التقليدية، الجماعات المحلية…)[10].

وبما أن إصلاحات الضريبة المباشرة في الدول النامية عامة مرتبط بتبسيط وتوسيع القاعدة الجبائية La base fiscale  المكونة للشركات[11]، فإنه يصبح من الضروري إعطاء إهتمام أكبر لهذا القطاع، والسعي نحو تضريبه.

في واقع الأمر، النظام الجبائي المغربي لم يساير متطلبات تضريب هذا القطاع، فبالرغم من بعض المحاولات الرامية إلى تفادي بعض الثغرات التي تعتري النظام الجبائي خلال السنوات الأخيرة[12]، فإن هذا النظام لازال يتسم[13] بعدم القدرة على إدماج الاقتصاد غير المهيكل في المنظومة الجبائية، حيث تتسع دائرة الاقتصاد الخفي بكيفية تؤثر ليس فقط على مردودية النظام الجبائي، بل كذلك على الاستقرار الاقتصادي وعلى تنافسية الاقتصاد المنظم[14].

لكن لا يجب أن نغفل أن تضريب هذا القطاع يواجه صعوبات عدة، تتجسد بالأساس في غياب تشخيص لكافة الملزمين والأنشطة الاقتصادية، نظرا لعدم كفاية الدراسات النظامية وعدم شمولها لهذا القطاع، وكذلك لطبيعة هذه الأنشطة.

ويبدو أنه رغم كل التدابير التي بذلتها السلطات العمومية في هذا الإطار، وخصوصا الإدارة الضريبية التي حاولت خلال السنوات الأخيرة العمل تدريجيا على إدماج هذا القطاع، وذلك عن طريق تكثيف عمليات الإحصاء الضريبي وتقصي المعلومات ذات الطابع الجبائي واستعمال المعلوميات على أوسع نطاق وجعلها تعمل بصورة أكثر فعالية[15]، فإن هذه الإجراءات غير كافية لتحقيق مطلب تضريب هذا القطاع، وهو ما يلاحظ بالفعل على المستوى الميداني، إذ أن القطاع غير المنظم بالمغرب لازال يحتل مجالا واسعا ضمن مجموع الاقتصاد الوطني، الشيء الذي يحرم ميزانية الدولة من مداخيل مهمة من جهة، ومن جهة ثانية يتسبب في التأثير على سوء توزيع وثقل الضغط الضريبي.

إن الأنشطة غير المهيكلة، وخصوصا ذات الحجم الكبير، تمثل في واقع الأمر احتياطا جبائيا مهما. فبالرغم من أن القطاع غير المهيكل يوفر فرصا هامة للشغل ويسمح بخفض أسعار الاستهلاك، فإنه بالمقابل يمثل مصدرا للمنافسة غير المشروعة وعدم الإنصاف يبن المقاولات.[16]

ولإدماج هذا القطاع، لا بد من وضع آلية ضريبية تحفيزية وملائمة، تتمثل في التخفيض من نسب الضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل، لصالح المقاولات الصغيرة جدا، بما يمكن من دفعها إلى الخروج من دائرة النشاط غير المهيكل. ويمكن أن يتجسد هذا التخفيض عبر وضع نسب تدريجية لاحتساب الأوعية الجبائية في الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل.[17]

إن محاربة النشاط غير المهيكل تمثل بشكل عام رهانا كبيرا، بحكم أن الأمر يتعلق بالعمل على إقرار نوع من التصالح، قدر الإمكان، بين المواطن ومفهوم الضريبة. ويقوم هذا العمل أولا على بيداغوجية أكثر مصداقية تتيح توضيح الفائدة من الضريبة، مما يستدعي القيام بمبادرات تواصلية ناجعة.

وبناء على ذلك، من المهم أن يكون النظام الضريبي واضحا قدر الإمكان، وهو ما يستدعي تدابير ترمي إلى التبسيط وتقدير أمثل للعلاقة التي تربط بين الضريبة ووضيفتها أو موضوعها. لذلك فإن الاقتطاعات الضريبية لا تكون مفهومة ولا مقبولة إلا متى رأى الخاضعون لها جميعا أنها عادلة ولا تقف عائقا أمام تطور تنافسية المقاولات، فما من نظام فيه ظلم إلا وسيدفع بالخاضع إلى الاقتصاص لنفسه بنفسه عبر الالتجاء إلى الأنشطة الخفية.[18]

وعموما فإن حل إشكالية ظبط وإدماج القطاع غير المهيكل، بصفته يشكل أحد المداخل الأساسية للإصلاح الجبائي بالمغرب، يسدعي عملا شموليا ومتعدد الأبعاد، ويستوجب تعبئة وتضامن الجميع : قطاعات وزارية وممثلي المقاولات وفاعلين اقتصاديين وممثلي المجتمع المدني ووسائل الإعلام.[19]

ثانيا : محاربة الغش الضريبي

إن محاربة الغش الضريبي بالمغرب، وبالرغم من كل الجهود التي بدلت في سبيل ذلك، لازالت عموما تعاني من الضعف والمحدودية، ولعل هذا القصور ناتج عن سببين أساسيين، الأول هو أن ظاهرة الغش الضريبي هي ظاهرة تمتاز بالتعقد وتعدد الطرق والأساليب المستعملة في ممارستها، فحتى الدول الأكثر تقدما عانت ولازالت تعاني من تفاقم ظاهرة الغش الضريبي ولو بنسبة أقل، أما السبب الثاني فيتعلق بضعف الإرادة السياسية الحقيقية لمكافحة الغش.

غير أنه أمام تفاقم حدة هذه الظاهرة واتساع نطاقها والحاجة الملحة إلى الرفع من المداخيل الجبائية لا بد من العمل على مقاومتها والحد من مجالها، وهو الأمر الذي لن يتم إلا من خلال تقوية المراقبة الجبائية (1) موازاة مع الاشتغال على إستراتيجية للرفع من مستوى المواطنة الجبائية (2).

1- تقوية المراقبة الجبائية

يعتمد النظام الضريبي المغربي بالأساس على تصريح (إقرار) La déclaration الملزمين بدخولهم أو الأعمال الخاضعة للضريبة actes passibles d’impôts، هذه التصريحات يجب أن تكون صادقة وتامة sincères et complètes[20]، ولهذا السبب تعتبر المراقبة المقابل العادي لإلزامية قيام الملزمين بإعداد إقرارات صحيحة ومضبوطة في المادة الخاضعة للضريبة La matière imposable[21].

وإذا كان إصلاح النظام الجبائي قد وضع بالفعل مجموعة من الضرائب العصرية حيز التطبيق وعمم نظام التصريحات الذي يتميز بعدة إيجابيات، فإن هذا النظام لا يخلو من السلبيات المتمثلة أساسا في تقليص رقم الأعمال أو الربح الخاضع للضريبة والدخل المحقق، هذا التقليص قد يكون غير إرادي (النسيان، الخطأ، الإغفال والإهمال)، وغالبا ما يكون بإرادة الملزم (الغش والتهرب الضريبي) [22]، ولهذا يتوجب تقوية الرقابة على هذه التصريحات والتحقق من محاسبة المقاولات[23].

المراقبة الجبائية كوسيلة لمحاربة الغش الضريبي تمثل أداة ضرورية للتدخل المباشر من أجل إزالة الغطاء عن “ممارسي الغش الضريبي” les fraudeurs. لكن هذا الدور الحيوي، يتضاءل إذا ما علمنا أن المراقبة الجبائية بالمغرب لازالت تعاني من قصور كبير يحد من فعاليتها في ميدان محاصرة آفة الغش، وبالفعل فالمراقبة الضريبية بالمغرب لم تصل بعد إلى ذلك المستوى الذي وصلت له بعض الدول المقارنة -مثل فرنسا- بحيث أن هذه الآلية في تلك الدول تمثل سلطة حقيقية، وتساهم بشكل فعال في توفير عائدات ضريبية ضخمة لتمويل ميزانية الدولة.

إن العجز الذي تعاني منه المراقبة الضريبية بالمغرب، هو نتيجة لمجموعة من المعوقات والحدود التي تعاني منها. والتأمل في هذه الحدود، يستشف منه أن هناك ما يرتبط منها بنظام المراقبة الجبائية في حد ذاته وهناك منها ما يخرج عن هذا الإطار ليتصل بمحيط هذا النظام ، مع العلم أن هذه الحدود هي عديدة وكثيرة جدا.

تعاني المراقبة الجبائية على الغش الضريبي بالمغرب، مجموعة من المعيقات البنيوية التي تحد من فعاليتها، هذه المعيقات/الحدود عادة ما تمس حق الاطلاع وحق الفحص، والبعض يتعلق بالجزاءات الموقعة على الملزمين، والبعض الآخر يتعلق بالقائمين بعملية المراقبة، إضافة إلى طبيعة الجانب التقني للمراقبة.

ويسجل بشكل واضح ضعف الإرادة السياسية الحقيقية لدعم هذه المراقبة، ومن تم إرساء سياسة توقعية لمحاربة الغش الضريبي، بحيث لم يشهد في تاريخ الإصلاحات الجبائية أي تسجيل لخصاص الموارد الذي تعاني منه المديرية العامة للضرائب، بالرغم من أن هاته الوسائل هي شرط واقف لنجاح عملية محاربة آفة الغش[24].

من مظاهر هذا العجز كذلك، نجد ضعف النقاش داخل قبتي البرلمان حول مشاريع القوانين الجبائية، وقلة التعديلات المقدمة من طرف البرلمانيين، فهذه المشاريع غالبا ما تتم المصادقة عليها وفقا للشكل  الذي قدمته الحكومة، ودون أدنى تدخل من البرلمان[25]، كما أن النصوص الجبائية هي أصلا ضعيفة العدد بالمقارنة مع بعض الدول المقارنة.

وعموما فضعف هذه الإرادة يتمظهر أساسا في:

– عدم تطبيق بعض المقتضيات القانونية في المادة الضريبية، مثل حالة تطبيق الجزاءات الجنائية في المادة الجبائية.

– ضعف عدد الأشخاص المكلفين بإدارة المادة الخاضعة للضريبة، وخصوصا المعنيين بمصالح الفحص كما رأينا سابقا.

– عدم كفاية الوسائل المادية الموضوعة رهن إشارة المديرية العامة للضرائب.

– ضعف العقوبات التوقعية في مواجهة ممارسي الغش Les Fraudeurs[26].

المراقبة الجبائية إذن، لازالت تعاني من بعض الضعف، والسبيل إلى تقويتها هو محاولة تجاوز المعيقات والحدود التي تعاني منها.

وتأسيسا على ذلك، فإن تعزيز المراقبة الجبائية يتطلب بالضرورة وضع منظومة فعالة لمحاربة الغش الضريبي، وذلك عبر تقوية الوسائل الموضوعة رهن إشارة الإدارة الجبائية حتى تتمكن من ممارسة عملها على أحسن وجه، وهو الأمر الذي يمكن أن يتحقق من خلال اتخاذ الإجراءات والتدابير التالية :[27]

وفي الأخير تجب الإشارة إلى ملاحظة في غاية الأهمية، وهي أن المقاولات الخاضعة للمراقبة الجبائية ومسطرة الفحص والتصحيح هي وحدها تلك المقيدة بالسجل الضريبي، في حين تبقى باقي الأنشطة العاملة في القطاع غير المهيكل على أهميتها خارج هذا الإطار وغير معنية بمسطرة المراقبة، وهو أمر غير منصف وغير مشجع، الأمر الذي يتطلب إعادة التفكير في هذا المنطق المشجع على الغش الضريبي والمؤثر سلبا على تنافسية المقاولة والعدالة الجبائية.

2- الرفع من مستوى المواطنة الجبائية

يشير مفهوم المواطنة الجبائية إلى إحساس الملزم بأنه حينما يقوم بأداء الضريبة المفروضة عليه وفقا للمقتضيات القانونية، فإنما يشارك في واجب وطني هو المساهمة في الأعباء العامة للدولة، وهذا الشعور يختلف بحسب تفاوت درجات الرضا الضريبي من شعب لآخر، وبحسب درجات الوعي والحس الجبائيين. ذلك أن وعي الأشخاص بالجبائية ليس له تأثير على السلوك الذي يتخذونه في التعامل فحسب، بل يؤثر على السلوك إزاء الدولة وميزانيتها، ومن ثم “يأخذ الحس الوطني الشكل الذي ينتهي إليه بفعل تضافر عدة عوامل، فالفرد لا يعرف الدولة ولا يمكنه رؤيتها، وهو يتعرف عليها من خلال أشخاصها ومؤسساتها، إذ أنه عندما يقوم بواجب كالتصويت والخدمة العسكرية وأداء الضريبة والتقاضي، لا يجد أمامه “الدولة” وإنما كل تلك المبادرات في علاقة مع الدولة التي يحكم عليها ويكيف علاقته بها من خلال شكل وطبيعة تلك المعاملات ومدى انسجامه معها”[28].

المواطنة الجبائية بهذا المعنى، تعتبر هدفا ساميا للإصلاحات الضريبية، كما أن التربية على المواطنة L’éducation civique والتربية الأخلاقية L’éducation éthique تساهم في إحترام النظام الضريبي من طرف الملزمين، وتجعل الغش الضريبي غير مقبول اجتماعيا[29].

إن الأخذ بهذا المفهوم شبه غائب بالمغرب، بحيث من الصعب جدا تصور أن الملزم الضريبي المغربي حين يقوم بأداء الضريبة، يقوم بذلك نتيجة لتشبعه بثقافة المواطنة الجبائية. ولعل السبب في ذلك راجع إلى دوافع ذاتية ونفسية، اعتبر من خلالها الملزم دائما سلوكه كرد فعل طبيعي ضد عنف الضريبة عبر تاريخها الإنساني من حيث هي انتقاص من ملكية خاصة من الصعب استساغته[30]. وهكذا فالأثر النفسي للملزمين، يندرج ضمن إطار عام هو موقف المواطنين بصفة عامة من الجبائية، فالضريبة قلما تفهم كمساهمة في النفقات العامة، ولكن تفهم كاقتطاع أعمى، خاصة إذا كان هناك سوء تدبير لمنتوج الضريبة، كما أن كل درجات المساهمين  لها إحساس بأنها تخضع لتضريب قوي حتى بالنسبة للمكلفين الذين لهم القدرة على التأثير على وعاء الضريبة وبالتالي مقدراها[31].

وهناك عوامل أخرى عديدة تساهم في غياب المواطنة الجبائية، من بينها بعض الأسباب النفسية، فبعض المكلفين يتوفرون على سيكولوجية خاصة لمقاومة الضريبة، فالأفراد بسبب تغليبهم لمصالحهم الخاصة يقيمون نظرتهم للالتزام الضريبي بناء على اعتبارات أنانية ومصلحية تجعل كل ضريبة مهما كانت درجتها من الإتقان والانسجام ضريبة غير مرغوب فيها ما دامت تمسهم في أموالهم وفي حرياتهم[32].

لكن بالرغم من هذه الإكراهات ووعيا بأهمية دور المواطنة الجبائية في التخفيف من حدة الغش الضريبي، يتوجب العمل على إذكاء روح الوطنية الجبائية أو ما يسميه آردن “Ardan” ب”الضمير الجماعي”، بإنعاش الوعي الجبائي لدى المكلف المغربي ودعوته إلى المساهمة بأخلاق نزيهة في الواجب الجبائي، والعمل على إقناعه بأهمية الضريبة في تمويل المشاريع العامة الاقتصادية والاجتماعية التي يستفيد منها أفراد المجتمع ومنهم المكلف نفسه، وتوعيته بالخطورة والمساوئ الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن عدم الوفاء بالواجب الضريبي[33].

إذن فنجاح أي إصلاح ضريبي وأي إستراتيجية حقيقية لمحاربة الغش الضريبي في أية دولة يستوجب موافقة المكلفين وخاصة أولائك الذين في “مراكز القوى”، بمعنى أن الإصلاح يعكس في واقعه رغبة هؤلاء أو موافقتهم على التنازل عن جزء من أموالهم للسلطة العامة. وبدون شك لا تظهر هذه الرغبة ولا تمنح هذه الموافقة إلا إذا اقتنعوا بأن الإصلاح سوف لا يزيد أعباءهم الضريبية أو أنه سوف يزيدها لكنه سوف يعود عليهم لاحقا بالنفع والفائدة بصورة مباشرة أو غير مباشرة[34].

وقد أصبح من الضروري جدا الاهتمام بالوعي الضريبي لجميع المواطنين عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، فعلى الرغم من الأهمية البالغة لهذه الأجهزة (التلفاز خاصة) في توجيه وإقناع الرأي العام، لا تزال الاستفادة منها منعدمة في مجال التعريف بالسياسة الضريبية وبالخطورة والمساوئ الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الغش والتهرب الضريبيين. وحتى يتسنى إقناع الرأي العام ينبغي كذلك الاعتناء بالسياسة المالية بشقيها الضريبي والإنفاقي، فإذا كانت هذه السياسة  غير عادلة في ضرائبها وتتجه نحو التبذير في نفقاتها، سوف لا يجد المكلف/المواطن ما يبرر شعوره بالواجب تجاه وطنه، وسيحاول التملص من دفع الضريبة متى سنحت له الفرصة وسينتابه شعور بنوع من الانتصار عند نجاحه في الغش أو التهرب[35]، وبالتالي فالعدالة الجبائية تفرض ليس فقط توزيع العبء الجبائي حسب المقدرة التكليفية، لكن أيضا استعمالا وجيها لمنتوجه[36]. وعلى عكس هذا التوجه السلبي، إذا كانت السياسة المالية ملائمة وتصبو إلى التنمية، فإن المكلف سيعتبر الضريبة جزء من واجباته الوطنية، وربما سيشعر بنوع من الخجل إذا ما حاول التهرب أو الغش في أداء الضريبة[37].

وهكذا فالمواطنة الجبائية بالمغرب، يجب أن تنطلق أولا من أولائك العاملين بالجهاز الإداري، فأمام غياب وجود تنسيق بين المصالح الإدارية، وأمام الواقع الإداري غير الصحي، تنعدم روح المواطنة لدى العديد من الموظفين الذين يصابون بخيبة الأمل، وعوض أن يساهموا في التقليل من حدة هذه الأزمة عن طريق تنشيط العمل الإداري وتحسين جودته وضمان حسن استقبال الخاضعين للضريبة وإعطاء النموذج للضمير الحي اليقظ الذي يشجع الجميع على تحمل الأعباء العامة لخدمة هذا المواطن بكل تفان وإخلاص، يستسلم الجميع لليأس واللامسؤولية[38].

ودائما في نفس الإطار يذهب بعض المفكرين إلى أن غياب الحس الوطني في دول العالم الثالث، يأتي ويتقوى من تواطؤ الدولة التي تعطي الانطباع عن عدم اهتمامها بموضوع الجبائية، الأمر الذي ينزع المصداقية عن القوانين والمؤسسات، ويشجع الملزمين على التحلل من الواجب الوطني بالغش والتملص الجبائيين[39].

كنتيجة لهذا التحليل، نخلص إلى أن تثبيت ثقافة المواطنة الضريبية لدى المكلف المغربي، لازالت جد ضعيفة إن لم نقل أنها منعدمة، الشيء الذي يستوجب تدارك هذا الواقع، وإعطاء المزيد من الاهتمام للمواطنة الجبائية، وفي هذا الصدد يمكن الاستفادة من عدة تجارب أجنبية مهمة، كمجتمع رجال الإدارة الجبائية بأمريكا اللاتينية، الذي قرر الابتداء في التكوين المتعلق بالمواطنة الجبائية منذ المدرسة الابتدائية حتى يصبح بموجب ذلك المعلم حليفا للإدارة الضريبية، أما في كندا فقد وضعت برامج تكوينية لهذا الغرض تم إدماجها في دروس الاقتصاد والمحاسبة والرياضيات وحتى اللغة، وذلك على مستوى الابتدائي والثانوي.

المحور الثاني : إرساء دعائم استقرار النظام الضريبي

إذا كانت فعالية النظام الجبائي تعتبر من الأهداف الكبرى والأساسية التي يجب أن تطبع أي نظام جبائي جيد، فالأكيد أن العمل على تأسيس ضمانات استقرار هذا النظام وديمومته وعدالته تشكل الاهتمامات الرئيسية التي أصبحت تشغل فكر واضعي الإصلاحات الضريبية الراهنة.

وبالفعل فإن المردودية المالية للجباية لم تعد كافية لبلوغ نظام جبائي حديث وفعال ومنتج ودائم، بل لا بد من الاشتغال على إحداث نوع من التوازن ما بين مختلف الوظائف المالية والاقتصادية والاجتماعية المنتظر من الأنظمة الجبائية القيام بها.

وفي سبيل ذلك لا بد من التركيز بشكل أساسي في المرحلة الحالية على مسألتين أساسيتين، الأولى تتعلق باستهداف عدالة النظام الجبائي (أولا) والثانية مرتبطة ببناء علاقة جديدة مع الملزمين تتأسس على الحوار والتواصل الجيد (ثانيا).

أولا : استهداف عدالة النظام الجبائي

العدالة شرط أساسي لا بد من توافرها في أي نظام جبائي حديث، وهي شرط لازم كذلك لتقوية رضا الملزمين بالضريبة والامتثال لها بشكل إرادي وعدم شعورهم بالحيف تجاه الاقتطاع الضريبي. ومن الظاهر أن تحقيق العدالة الجبائية (1) وترشيد عملية صرف الموارد المتأتية عن الضريبة (2) مطلبان يسهمان بشكل إيجابي في بلوغ عدالة النظام الجبائي برمته.

1- تحقيق العدالة الجبائية.

يجد هذا المطلب مرجعيته وأساسه في الفصل 39 من دستور فاتح يوليوز 2011، الذي ينص في جزء منه [40] على أن “على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية”، والواقع أن العدالة في توزيع العبء الجبائي هو موضوع قديم قدم الاقتصاد السياسي، أشار إليه المفكر “آدم سميت” في كتابه “ثروة الأمم” حينما قال أنه : “يجب على رعايا كل دولة المساهمة في دعم الحكومة مما يتناسب مع طاقاتهم، أي بما يتناسب والمداخيل التي يستفيدون منها في ظل حماية الدولة، فنفقات الحكومة لأمة كبيرة تشبه نوعا ما نفقات التسيير لمستأجري ملكية ما، والذين يلتزمون بمساهمة بما يتناسب مع كل منهم في تلك الملكية”[41].

وتبعا لذلك فإن العدالة الضريبية تقوم على مبدأ  أن يساهم كل عضو من أعضاء الجماعة في الأعباء الضريبية بحسب مقدرته النسبية. ولعل أحد المبادئ المستقرة الآن فيما يتعلق بتوزيع العبء الضريبي هو أن الأفراد اللذين يعيشون في ظروف متساوية لابد من معاملتهم معاملة متساوية، ويرجع هذا المبدأ في أساسه إلى المبدأ القاضي بمساواة الأفراد أمام القانون، بحيث أن الضريبة تصاغ في شكل قانون ويجب أن تخضع لهذا المبدأ من خلال التوزيع العادل للعبء الضريبي[42].

وتأسيسا على ذلك، وباتفاق جميع النظريات والآراء، تعتبر العدالة من المبادئ الأساسية التي يجب أن تتحلى بها كل ضريبة كي تكون ملائمة وسليمة[43]. وللتعرف عليها في نظام ضريبي معين لا يكفي الرجوع إلى النصوص الجبائية، فالضريبة ليست فقط تلك التي تكتب على الأوراق، بل هي التي تطبق فعلا قبل كل شيء، فقد ينص القانون على أسعار شديدة التصاعد ومع ذلك لا تجد تلك الأسعار تطبيقا فعليا لها، وقد يتضمن القانون ضريبة مفروضة على طبقة معينة إلا أنها تتحول عملا فتصبح مفروضة على طبقة أخرى[44].

العدالة في المجال الضريبي، تدل على مساهمة المواطنين في الأعباء العامة حسب قدراتهم التكليفية، لذا يجب التمييز بين أصحاب الدخول الصغيرة وأصحاب الدخول الكبيرة[45]. وحتى تتسم الضريبة بالعدالة، وجب كذلك مراعاة الأعباء العائلية للملزم، فكلما زادت هذه الأعباء وجب تخفيض الضريبة والعكس صحيح، وكل ذلك في إطار مبدأ الخصم من أجل الإعفاءات العائلية.

وما يمكن ملاحظته في هذا الإطار، هو أن المغرب قد اتسم نظامه الضريبي على مر عدة سنوات باللاعدالة، ومن مظاهر ذلك نجد أن دخول الأجور قد شكلت لوحدها سنة 1992 نسبة 90 % من الموارد المتأتية من الضريبة على الدخل[46]، كما أن نظام الأسعار المطبق على هذه الضريبة يتميز بضعف التصاعدية مما يؤثر سلبا على العدالة الجبائية[47].

نفس الشيء يمكن تسجيله على الضريبة على الشركات، بحيث أنه في سنة 2004 لم تؤدي هذه الضريبة سوى 81400 مقاولة من بين 121400 مصرح بها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[48]، إلا أن الذي يهمنا في هذا الإطار ليس هاته اللاعدالة الناتجة عن التهرب والغش، وإنما الذي يهم هو اللاعدالة الناتجة عن توحيد السعر المطبق على الضريبة على الشركات والذي يساوي حاليا 30% بعد أن كان يساوي 35% قبل قانون المالية لسنة 2008 [49]، فوحدة هذا السعر قد لا تحقق المساواة بين المقاولات الصغرى والمتوسطة من جهة والمقاولات الكبرى من جهة أخرى.

أما الضريبة على القيمة المضافة فهي الأخرى، تكرس عدم إحترام القدرة التكليفية للملزم، فهذه الضريبة يدفعها المستهلك الأخير دون مراعاة لمقدرته التكليفية أو مستواه الاجتماعي.

إن النظام الضريبي الحالي غير فعال لأنه غير منصف، وكبرهان على ذلك يشار إلى أن 80 في المائة من الضريبة على الشركات يتم استخلاصها من 2 في المائة فقط من المقاولات و73 بالمائة من الضريبة على الدخل يتم اقتطاعها من الأجور، في حين أن ثلثي الشركات تصرح بعجز مزمن[50].

ومن بين أهم الإجراءات المتخذة خلال السنوات الأخيرة في اتجاه تحقيق العدالة الجبائية، ما جاء به القانون المالي لسنة 2010، وبالخصوص فيما يتعلق بالأسعار المطبقة على الضريبة على الدخل، بحيث تم رفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة إلى 30 000 درهم[51] بعدما كان 28 000 [52] ألف درهم، إضافة إلى إعادة هيكلة[53] هذه الأسعار بشكل أكثر قربا للعدالة الضريبية، وأكثر دعما للطبقة المتوسطة. أما بخصوص الضريبة على القيمة المضافة، فإن مظاهر الإجراءات القانونية الهادفة لتحقيق العدالة تتركز حول إعفاء بعض المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع من تطبيق هذه الضريبة ومن بين هذه المواد نجد الخبز، الكسكس، الحليب، السكر الخام…[54].

إن هذه المقتضيات هي في واقع الأمر إجراءات عادية، تتبعها مختلف التشريعات الضريبية بمختلف الدول مهما كان مستوى العدالة الجبائية بها، الشيء الذي ينبغي معه أولا توافر إرادة سياسية صلبة تستهدف السعي إلى تحقيق عدالة جبائية حقيقية، وثانيا إصلاح ضريبي شامل يصب في اتجاه تحقيق هذا المطلب بدل الاقتصار فقط على التعديلات الضريبية البسيطة والتي لا تستجيب بشكل فعال لهدف بلوغ العدالة الجبائية الشاملة.

2- ترشيد صرف الموارد الجبائية

إن الضريبة قلما تفهم كمساهمة في النفقات العامة، ولكن غالبا ما تفهم كاقتطاع أعمى خاصة إذا كان هناك سوء تدبير لمنتوج الضريبة[55]، فالملزمون لديهم حساسية كبرى اتجاه كيفية استخدام الدولة للموارد العمومية، والتي تشكل بالنسبة إليهم تضحياتهم[56].

في مقابل هذا الإحساس، نجد أن واقع إنفاق الأموال العامة يتسم بالتبذير وسوء التدبير، إضافة إلى عدم انعكاس هذه الأموال على الحاجيات المباشرة لعموم المواطنين، بحيث أنه إذا كانت الضرائب في الدول المتقدمة توظف لبناء البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية (طرق، سدود، سكك حديدية…)، فإنها في المغرب يغلب عليها الطابع الاستهلاكي غير المنتج[57].

إن واقع صرف الأموال العامة الذي يطبعه التبذير، فضلا عن ضآلة الخدمات المقدمة من طرف الدولة والتقليص المستمر في حجمها ونوعها، ينعكس سلبا على موقف الأفراد والممولين ويعمق النفور من أدائهم لالتزاماتهم الضريبية، كما أن وجود بيروقراطية ورشوة يزيد انتشارهما في تعتيم آفاق التواصل بين الإدارة والملزم، فنفسية هذا الأخير تعتبر عاملا محددا لعلاقته مع الإدارة خاصة ما يتعلق منها بالمناخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي العام الذي يتحرك فيه الملزم وتعمل فيه الإدارة الضريبية[58].

ولهذا السبب، فإن الدور الذي تقوم به الدولة والمؤسسات التابعة لها في الوقت الراهن، لا يجب أن يقتصر على توفير الأمن الداخلي والخارجي وتحقيق العدل بين الناس، بل يجب أن يتعدى ذلك ليشمل أيضا توفير الموارد المادية اللازمة، وموارد بشرية كفأة وواعية بمسؤوليتها تستطيع تسيير هذه الموارد وتدبيرها بطريقة عقلانية تراعى فيها مبادئ تحقيق أكبر مردودية[59].

في هذا الإطار تندرج أهمية ترشيد النفقات العمومية. ويقصد بهذا الترشيد، تحقيق النفقات العامة للأهداف المحددة للدولة، وذلك باستخدامها على أحسن وجه ممكن والحيلولة دون إساءة استعمالها أو تبذيرها في غير أغراض المنفعة العامة[60].

لذلك، يجب على الدولة أن تسهر على تحسين استعمال النفقات العامة، وأن تعمل على الحد من الإنفاق لما يتضمنه من مخاطر شديدة، فأفضل النفقات أقلها، والفقيه ليون ساي “Laon SAY” كان يقول :”إن الإنفاق العام الأمثل هو الأقل مقدارا وأفضل الضرائب هي أكثرها انخفاضا”[61]، ولا شك أن طرق صرف المال العام وأوجه استعمالاته تترجم الثقافة السائدة في المجتمع، وتبعا لذلك فإن البيئة التي يستعمل فيها المال العام تشكل عنصرا حاسما في تحديد كيفية التصرف في هذا المال. وبالفعل فإذا كانت هذه البيئة فاسدة فإن الفساد يلقي بظلاله على المال العام، بل إن النفوذ المالي يستعمل كأداة لحماية الفساد، أما إذا كانت هذه البيئة سليمة وتتوفر على المقومات الضرورية لسيادة القيم وما تنطوي عليه من انضباط واستقامة ونزاهة وسلوك قويم، فإن المال العام يحاط بضمانات تلقائية لحمايته من التسيب والتهور وسوء التدبير حيث يصبح كل فرد مسلح برقابة ذاتية تمنعه من الانغماس في الانحرافات التي من شأنها الاعتداء على حرمة المال العام[62].

ببلادنا نسجل بأن مسألة ترشيد النفقات العمومية أصبحت تحظى بأهمية بالغة في السنوات الأخيرة نظرا لما أصبحت تشهده هذه النفقات من إسراف أو تبذير أو سوء تدبير، غير أنه بالرغم من توفر الإرادة السياسية لترشيد النفقات[63]، فإنه لم يتم اعتماد أي نظام فعلي لتجسيد النوايا السياسية[64].

وهكذا فالممارسة المالية الواقعية تكشف عن عدة مظاهر تبين عدم استفادة المغرب من آليات ومعايير ترشيد الإنفاق العام وحسن تدبير عائدات الضرائب، حيث نجد أن هناك الكثير من المشاريع التي يتم القيام بها بدون دراسة الجدوى منها، ذلك أن الموجود في موقع القرار لا يبحث عن المصلحة العامة، فكل ما يهمه هو إنجاز المشروع وإنهائه، أما مردودية المشروع والقيمة المضافة التي سوف يحققها فلا تهمه في شيء[65].

إن ترشيد النفقات العمومية يعتبر مسلكا رئيسيا لتحقيق الأهداف التنموية التي ينشدها المجتمع وضامنا أساسيا لنجاح أي إصلاح ضريبي، فالترشيد كما أسلفنا الذكر، يعني الاقتصاد في النفقة، هذا الاقتصاد الذي يرتبط بتحقيق المنفعة العامة ارتباطا عضويا، إلا أن ترشيد النفقات لا يعني التقشف، بل يعني حسن التدبير والإبتعاد عن الإسراف وتبدير الأموال العامة في مجالات غير مفيدة وبكيفية مبالغ فيها، الأمر الذي يضعف الثقة في الإدارة ويدفع المكلفين إلى التهرب من دفع الضريبة لأن الأموال التي تقتطع من مداخيلهم لا يتم استعمالها بكيفية سليمة، فترشيد النفقات العمومية هو ثقافة ومسؤولية قبل أن يكون متابعة وعقاب[66].

ومن أجل تحقيق هدف ترشيد النفقات العامة، حاول بعض الكتاب وضع معايير محددة يمكن على أساسها تحديد الحجم الأمثل للإنفاق العام، غير أنه أمام الاختلاف حول هذه المعايير وصعوبة تطبيقها، فإنه قد تم اللجوء إلى وضع بعض الضوابط العامة التي يتعين على السلطات العامة إتباعها والتقيد بها حتى يمكن تحقيق أكبر منفعة اجتماعية بأقل قدر من الإنفاق العام، ومن أهم هذه الضوابط والاعتبارات نجد:

– أن تكون الغاية من النفقات العامة هي تحقيق النفع العام، ويقتضي ذلك عدم صرف الأموال العمومية لتحقيق المصالح الخاصة لبعض الأفراد، ويتحقق الصالح العام بتحقيق النفع العام لأكبر قدر ممكن من المواطنين.

– تحديد أولوية أوجه الإنفاق، بحيث أنه ليس كل النفقات العامة على درجة واحدة من الأهمية، فهناك من المشروعات ما يجب تقديمه على غيره، وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى ما قاله الأستاذ الألماني روشر: أنه “يجب على الدولة أن تبدأ أولا، بالمرافق الضرورية، تم المرافق النافعة، وأخيرا المرافق ذات الصبغة الكمالية”.[67]

– الابتعاد ما أمكن عن النفقات غير المنتجة أو التي تكون إنتاجيتها ضعيفة كالمشاريع المظهرية، والاحتفالات الضخمة المكلفة.

– ضرورة توزيع النفقات العامة توزيعا عادلا بين مختلف مناطق الدولة، حتى تتحقق التنمية المتكاملة التي يستفيد منها جميع السكان وليس فئة خاصة أو منطقة محدودة.

– ضرورة الاقتصاد في النفقات العامة حتى يمكن تجنب أي إسراف أو تبذير عند القيام بالإنفاق العام[68].

ثانيا : بناء علاقة جديدة مع الملزمين

أصبحت الإدارة الضريبية، باعتبارها فاعلا محوريا في أي إصلاح جبائي يمكن أن يتخذ، مدعوة أكثر من أي وقت مضى وأكثر من أي طرف آخر إلى السعي المستمر نحو تحسين علاقتها مع الملزمين. هذا التحسين يجب أن يهم محورين أساسين، هما: إتباع سياسة فعالة للعلاقات العامة (1) إضافة إلى تهييئ المناخ التواصلي الملائم (2).

1- إتباع سياسة فعالة من العلاقات العامة

في زمن تكاثرت فيه العلاقات الإنسانية وتشابكت التبادلات المجتمعية أصبح لزاما على الإدارات العمومية بصفة عامة والإدارة الجبائية بصفة خاصة الانخراط في استراتيجيات العلاقات العامة، بغية تصحيح صورة هذه الإدارة وإعادة الاعتبار لها، تم نيل رضى المرتفقين والزبناء أو المكلفين فيما يخص إدارة الضرائب.

وفي هذا الإطار، وجب إعطاء اهتمام أكبر لمسألة الإستقبال داخل الإدارة الجبائية، والذي ينطلق من اللحظة التي يدخل فيها الملزم في معاملة مع الإدارة الجبائية، إلى اللحظة التي يغادر فيها هذه الإدارة، ومن تم فهو يعد كبطاقة تعريف لهذه الإدارة وسببا لتقييمها هل هي منفتحة أم منغلقة.

إن استقبال الجمهور يضعنا أمام إشكالية عميقة، ذلك أن إقامة علاقات بين الإدارة والمرتفقين -في هذه الحالة بين الإدارة الجبائية والملزمين- تعتبر بداية مسلسل بالغ الأهمية والخطورة، إذ أن المرتفق سيوجد أمام إدارة لا يمكن أن تتجرد وتتنازل عن بيروقراطيتها الثقيلة نظرا لتكاثر مهامها وتنوع تدخلاتها. لهذا لا يستقبل المتعامل مع الإدارة -الملزم- في نفس الظروف وبنفس اللباقة والبشاشة التي تستقبل بها مختلف فئات زبناء الأبناك والمؤسسات الخاصة، وبالتالي فمثل هذا الاستقبال لا يمكن أن نطالب به هذه الإدارة العمومية إلا إذا توفرت لها البنيات المادية والمعنوية اللازمة، والقادرة على ضمان جودة معينة لعملية الاستقبال[69].

لكن، بالرغم من ذلك فهذا المنطق لا يمكن أن يبرئ إدارة الضرائب من التزاماتها تجاه المتعاملين معها، وكما ذهب إلى ذلك ميثاق حسن التدبير فإن العديد من الانتقادات الموجهة للإدارة ومن ضمنها إدارة الضرائب، غالبا ما يكون مصدرها هو انكماشها على نفسها وعجزها عن التواصل مع محيطها والإنصات لانشغالات المتعاملين معها، وقد يؤدي هذا الوضع إلى استفحال ظواهر سلبية تتمثل على الخصوص في اللامبالاة إزاء مصالح المواطنين وسوء استقبالهم وإرشادهم.

إضافة إلى مسألة الاستقبال والتي تلعب دورا مهما في إرساء العلاقات ما بين الإدارة والملزمين[70]، يحتاج المكلف في علاقته مع الإدارة الجبائية إلى تقريب هذه الإدارة منه وخاصة من الناحية المعنوية، وذلك عن طريق نهج سياسة للعلاقات الإنسانية ووضع البنيات الإدارية اللازمة لتنفيذها[71]، إذ أن كون الضريبة تقوم على عنصر الإكراه والإلزام يجعلها أمرا غير مرغوب فيه انعكس عبر احتجاجات الرفض المتتالية والتي تجلت في كثرة الطعون والشكايات التي تتزايد من سنة إلى أخرى، والتي يحمل المكلف من خلالها المسؤولية للجهاز القائم على فرض الضريبة، مما جعل الهوة تتمتع بين الطرفين، وقد حان الوقت للدخول مع المكلف في مرحلة جديدة تستهدف كسب ثقته عن طريق فتح حوار مباشر معه[72].

إن الإدارة الجبائية بالمغرب لا تختلف كثيرا عن باقي الإدارات الأخرى، فمستوى الاستقبال داخلها والمعاملة التي يحظى بها الملزمون لازالت لم تصل إلى المستوى المطلوب، فهناك غياب لرؤية شمولية للاستقبال والإرشاد[73]، كما أن الملزم لازال لم يلمس أي تحسن ملموس على مستوى معاملته من قبل الإدارة الجبائية على مختلف مراحل التواصل بين طرفي العلاقة، والأكيد أن هذا المعطى يؤثر سلبا ولا يشجع الملزم الذي اعتاد على اللجوء إلى الغش الضريبي، لا يشجعه على الإقلاع عن هذه الظاهرة، بل يفسره الملزمون في أحيان كثيرة على أنه مبرر وسبب يجيز لهم القيام بالغش ردا على سلوكات الإدارة الجبائية.

مهما تكن قيمة أي نص قانوني في مجال الضريبة، فلا يمكن أن تكون له أية فعالية مادام الموجه إليهم لا يتوفرون على الوسائل والشروط التي تمكنهم من فهمه واستعماله بشكل سليم، ولهذا فمن واجب الإدارة الضريبية فتح حوار مباشر وخلق تواصل مستمر بينها وبين المكلف على أساس توعيته بحقوقه وواجباته والاهتمام بمشاكله والصعوبات التي تعترضه، حتى يتمكن من استيعاب تلك الحقوق والواجبات وحتى يشعر أنه ليس أمام إدارة عدوة بل أمام جهة يتفاعل معها وتساعده وتعمل إلى جانبه[74].

لقد انطلق العلماء في استخدام مصطلح حق الاتصال منذ عام 1969 على يد الأستاذ ” JEAN Druhcy” رئيس المعهد الدولي للاتصال، والذي أكد أن الحق في الاتصال أوسع من الحق في الإعلام، حيث يشمل حق الفرد في أن يَسمع ويُسمع إليه وأن يعلم ويتعلم، ومع ذلك يبقى الحق في الإعلام الضريبي من الحقوق الأساسية للملزم في إطار علاقته بالإدارات خاصة الضريبية، وهو حق مهم، إذ من خلاله يتاح للملزم معرفة الضريبة وإجراءاتها وأحكامها، وعبرها يقف على الدور الرئيسي للضرائب وانعكاساتها، كما يمكنه من حل مشاكله الضريبية[75].

بالمغرب، في إطار مسلسل الإدارة الإلكترونية، ونزع الصفة المادية عن المعاملات الإدارية، أنشأت المديرية العامة للضرائب من جهتها خدمات إلكترونية جديدة في إطار الإصلاحات الهادفة لتقديم الفعالية الإلكترونية. ولكن بالرغم من كل هذه المجهودات، يبقى نظام الإعلام المعتمد من طرف الإدارة الجبائية ضعيفا بالمقارنة مع بعض الدول الأجنبية التي ذهبت بعيدا في هذا المجال، فمديرية الضرائب الفرنسية مثلا، والتي تضم 80 ألف موظف، تتوفر على 1000 نقطة اتصال موجهة ل29 مليون ملزم، كما أحدثت مديرية عامة للعلاقات مع العموم (D.G.R.P) سنة 1977، ولتفعيل استراتيجية تواصلية أكثر عمدت إلى إنشاء إدارة التواصل (D.I.C.O.M) سنة 1991 لتوسيع وتنويع أنشطتها على مستوى تيسير التواصل الجبائي[76].

كما عمدت سوريا إلى إحداث مديرية الاستعلام الضريبي بوزارة المالية وإنشاء أقسام الاستعلام الضريبي بجميع المحافظات، لتحديث العمل الضريبي وتأمين الوسائل اللازمة للتكليف الضريبي، كما تم إدخال بيانات الاستعلام الضريبي على الحساب الإلكتروني[77].

الإدارة الجبائية المغربية إذن، أصبحت واعية بالدور الذي تلعبه آليات نظام الإعلام والتواصل في تحسين العلاقة بينها وبين مكلفيها، ووضعت الخطوات الأولى لدعم هذا النظام، غير أن هذه الإجراءات غير كافية، وينبغي إعطاء الأهمية لبعض المسائل الشكلية مثل وضع كتيبات[78] رهن إشارة المكلفين أثناء زيارتهم للإدارة الضريبة ووضع ملحقات داخل هذه الإدارة في شكل مبسط، الغرض منها توضيح أهمية الضريبة في تمويل المشاريع التي تنجزها الدولة، إلى جانب التنويه بمساهمات المكلفين[79]، فهذه الإجراءات، وإن تبدو بسيطة، إلا أنها تؤثر إيجابا على مستوى التواصل بين الإدارة الضريبية والملزم الجبائي.

2- تهييئ مناخ تواصلي ملائم.

إن بلوغ مطلب إرساء حوار جبائي فعال بين المكلف والإدارة الجبائية كأحد أعمدة الإصلاح الجبائي، يتطلب من الإدارة تغيير الصورة التي رسمتها الأوساط الشعبية عامة والملزمين خاصة تجاهها والتي تدفع الملزم إلى التملص الضريبي، والسير نحو توضيح وتبسيط هذه العلاقة، وهذا المطلب لن يتحقق إلا بتهييئ أرضية تواصلية تنبني بالأساس على تبسيط المساطر الجبائية ثم تقوية حقوق الملزمين.

الإدارة الجبائية بالمغرب لا تخرج عن الواقع العام المتسم بتعقد المساطر الإدارية بالإدارة المغربية، فكثرة الإجراءات والمساطر الضريبية المحدد احترامها في المادة الضريبية لتصفية ملفات الملزمين كل على حدة، وحسب اختلاف الحالات، يجعل الوظيفة الضريبية تتسم بالأعمال المعقدة والمكثفة، مما يطرح أولوية التفكير في ابتداع طريقة ناجعة، تجعل الإدارة الضريبة متحكمة في المادة الضريبية، ومقدمة خدمة أفضل للمكلف يرضى عنها، تؤدي إلى بناء علاقة حسنة بين الإدارات الضريبية والملزمين[80].

ولعل تعقد العمل الإداري بالإدارة الجبائية نابع من حجم التدخلات التي أصبحت تقوم بها هذه الإدارة في المجتمع، مما جعلها تحتل الصدارة بتوسيع مجالات اهتمامها وتعقيد الأنشطة التي تمارسها على نحو يجعل من الصعب على الإنسان غير المتمرس معرفة كنه ما يجري ويدور داخلها[81].

لكن هذه الطبيعة المميزة للإدارة الجبائية والمتسمة بالطابع التقني لأعمالها، لا تمنعها من السعي وراء تبسيط مساطرها الإدارية بغية تحسين علاقتها مع المكلفين، هذا التبسيط لن يتم إلا باتخاذ وتطبيق مجموعة من الإجراءات والتدابير من بينها:

– إعداد كتاب خاص بالمساطر الجبائية يتضمن الاسثمارات، نماذج التصريحات، الآجال وبرمجة الواجبات المقررة.

– إنشاء رقم وحيد للتعريفة الضريبية L’identification fiscale في عوض تعدد الأرقام على مختلف الضرائب، والسير نحو الرقم الوحيد بالاتفاق مع باقي الإدارات (RC,CNSS…).

– تطبيق التصريح الوحيد الموجود منذ تأسيس المقاولة، يجمع جميع الضرائب الوطنية.

– صياغة وتبسيط الوثائق الضرورية، وأيضا إعادة وضع رقم التعريفة الوحيد المتضمن في كتاب المساطر الجبائية الخاص بالضريبة على الشركات أثناء تسجيل المقاولة.

– التقليل من عدد الاستمارات والمطبوعات، لضمان عقلنة السياسة الجبائية.

– وضع نماذج التصريحات الجبائية وكتاب المساطر الجبائية على الشبكة الرقمية Internet  ومن تم تكون رهن إشارة الملزمين[82].

– احترام أجل المعالجة traitement والرد (ما بين 15 و 30 يوم) في حالة رفع التظلمات لإدارة الضرائب، وتوسيع الصلاحيات الجهوية في هذا الشأن من أجل تسريع أجل معالجة هذه الشكايات وتقليل عدد المنازعات الخاصة بالوعاء[83].

وإن أخذت إدارة الضرائب المغربية ببعض هذه الإجراءات، فالملاحظ أن مساطرها الإدارية لازالت تعاني من الروتين، وكثرة الإجراءات والتعقد، في الوقت التي أصبحت فيه أمام مطلب محاربة إحساس عدم رضا Le sentiment d’infériorité الملزمين تجاه الإدارة الجبائية، مدعوة إلى تبسيط وتوضيح اللغة الإدارية لإنماء المقاربة الفردانية L’approche individualisée للمستعملين[84].

كما أن متابعة مسطرة التبسيط تستلزم إلغاء الضرائب ذات المردودية الضعيفة، والتقليل من عدد العقوبات الضريبية[85].

يشكل مستوى العلاقة بين المكلف والإدارة أحد مستويات تفعيل النظام الجبائي بصفة عامة، فكلما كانت العلاقة بين الطرفين يطبعها التباعد كلما تضاءلت حظوظ نجاح هذا النظام في الوصول إلى تحقيق أهدافه[86].

وبالرغم من كون الضريبة تعد أداة وضعها المشرع بيد الدولة لتمويل احتياجاتها ولتحسين أنماط تدخلاتها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فإنها لا تخضع لسلطانها المطلق، وإنما يقتضي تأسيسها مراعاة بعض الإكراهات الاجتماعية والاقتصادية والمالية التي تفرض نفسها على كل سياسة جبائية[87].

على هذا الأساس، يجب على الملزم أن يتمتع بمجموعة من الضمانات والحقوق، وفي مقدمة هذه الأخيرة، نجد مبدأ الموافقة أو الرضا بالضريبة، وهذا الحق لا يكون فرديا بل جماعيا عن طريق نواب الشعب أو الأمة، وهذا لا يعني أن الملزم إذا وافق البرلمان على مضمون القوانين الضريبية لا يتوفر على حق الاعتراض عليها إذا كانت مجحفة أو مغالى فيها وتفوق مقدرته التكليفية أو أسست على معطيات خاطئة أو طبقت دون احترام روح القانون[88].

إن ضمانات وحقوق الملزم تنعكس من خلال المبادئ الكبرى للقانون الضريبي، بحيث أن السلطة الجبائية مؤطرة بعدد من المبادئ بعضها ذو مرجعية دستورية[89]، والبعض الآخر، يجد أساسه في القوانين العادية. فيما يتعلق بالمبادئ ذات المرجعية الدستورية نجد مبدأ العدالة الجبائية التي تعطي للمشرع إختصاص حصري في المادة الجبائية، ومبدأ المساواة أمام الضريبة الذي يؤسس للحرية الفردية كتلك المتواجدة في التجارة والصناعة، ومبدأ ضرورة الضريبة، وأخيرا إحترام حقوق الدفاع[90].

أما باقي الحقوق الأخرى فتتمثل في ضمان الحد الأدنى اللازم للمعيشة، هذا الضمان يجد أساسه في مبدأ العدالة ويجد تبريراته في الاعتبارات الإنسانية والإدارية والاقتصادية، حيث أن هذه الأخيرة تتطلب التمييز في المعاملة الضريبية وفقا لمصادر الدخول. والاعتبارات الإدارية تتمثل في ضرورة إعفاء الدخول البسيطة لتخفيض الأعباء عن النظام الضريبي، إذ أن حصيلة الضرائب من الدخول الضعيفة ستكون قليلة جدا، لا تبرر الإجراءات التي تتبع في تحصيلها وما تتكلفه من نفقات إدارية. أما الاعتبارات الإنسانية فهي تتمثل في ضرورة الحفاظ على حياة الممول وحياة أسرته[91].

الحق الآخر هو ضمان الحرية الفردية واحترام الحياة، فمن أبسط حقوق الإنسان حقه في الحرية وحقه في الدفاع عن نفسه لمقاومة أي ظلم أو طغيان يقع عليه وهذا الحق يعتبر من حقوق الإنسان كممول، فقد يحدث في الواقع بكثرة الضغط المتزايد في الاقتطاعات الضريبية وتشابك عمليات الفحوص الضريبية مما قد يصل إلى التدخل في أبسط الحريات الأولية[92]، وغالبا ما ينعكس هذا الحق في حرية الذهاب والإياب واحترام الحياة الخاصة للممول.

إلى جانب ذلك فالملزم يستفيد من ضمانات أثناء المنازعة الجبائية، فالمشرع خوله اللجوء إلى الإدارة الضريبية في إطار مسطرة الطعن الإداري وإلى لجان التحكيم العامة[93].

وهكذا، فمن أجل تحسين علاقتها مع المكلفين، يجب على الإدارة الجبائية أن تسعى دوما إلى الرفع من مستوى هذه الضمانات والحقوق على النحو المعمول به في بعض التشريعات المقارنة التي ذهبت بعيدا في هذا المجال، وابتدعت حقوقا جديدة مثل الحماية القانونية للممول والتي مفادها حماية هذا الأخير ضد تغيرات الأفكار والقرارات الإدارية[94]. والحق في الاستعلام الذي يفرض على الإدارة الضريبية تزويد المكلفين بالمعلومات الكافية التي يستعملونها، وهذا الحق يشبع حاجتين من المعلومات، هما المعلومات العامة والمعلومات الدقيقة أو المنظمة[95]. ثم الحق في المساعدة الضريبية، والذي يعني مساعدة الممولين الذين تكون لديهم صعوبات في ملء بيانات الإقرار الضريبي، وهذا الحق مقرر تماما خاصة بالدول المتقدمة، حيث نجد في الولايات المتحدة الأمريكية هيئة متخصصة مجانية تسمى volunteer income tax assistance  والتي تضم 41 ألف موظف موزعون على 7 آلاف مكتب[96]  [97].

بإجراء مقارنة بسيطة بين هذه الضمانات الممنوحة للملزمين في هذه الدول المقارنة وتلك الموجودة بالمغرب، يتضح أن الملزم المغربي لم يصل بعد إلى مستوى التمتع بالحقوق والضمانات بالشكل الذي يدعم علاقته بالإدارة الجبائية ويوطدها، في الوقت الذي أتبثت فيه التجارب أن الطابع التحكمي والغموض الذي تتسم به أعمال وتصرفات الإدارة الجبائية عادة ما تدفع بالمكلفين إلى البحث عن مختلف الوسائل لممارسة الغش والتملص الجبائي والاحتفاظ قدر الإمكان بأموالهم كاملة، فالعلاقة الثلاثية والجدلية بين المكلف والإدارة والضريبة تنشأ عنها بعض الواجبات والحقوق التي يتمتع بها الملزمون بحيث وجب صيانتها واحترامها، وحتى يمكن الحديث عن توازن في العلاقة بين الإدارة الضريبية والمكلفين يجب أن يتوازن الطرفين في الحقوق والواجبات المعترف بها لكل منهما[98].

في ختام هذه المساهمة، نؤكد على أن نجاح أو فشل الإصلاح الجبائي، هو أمر متصل بشكل وثيق بقوة أو ضعف الإرداة السياسية، إذ أن هذه الإرادة تشكل منطلق هذا الإصلاح والضامن الأساسي لمصداقيته وحياده. كما أن هذا الإصلاح لا يمكن القيام به إلا في إطار مقاربة تشاركية تعمل على إشراك جميع المتدخلين الرسميين منهم وغير الرسميين، وبالأخص ممثلي الملزمين بجميع أصنافهم ومختلف مستوياتهم وحجمهم التأثيري داخل المنظومة الجبائية، كما يجب الاستفادة من التجارب الأجنبية الناجحة والقريبة من النموذج المغربي.

ومن المهم كذلك الـتأسيس لإصلاح شمولي بعيد عن الإجراءات المتناثرة والمرفقة غالبا في القوانين المالية السنوية والمتزامنة مع الأزمات والظرفيات الدولية، وإفراد قانون مستقل لهذا الإصلاح يأخذ وقته الكافي داخل المناقشات البرلمانية. وهي مناسبة كذلك لإحداث نوع من التصالح ما بين فئات معينة من الملزمين التي اعتبرت نفسها عبر التاريخ ضحية لنظام جبائي متسم باللاعدالة ومجمِّع للثروة في يد طبقات ضيقة محددة بذل توزيعها على مختلف الطبقات.

ولا بد كذلك من مواكبة هذا الإصلاح على مستوى التطبيق، والعمل تصحيح جميع الانحرافات والاعوجاجات التي يمكن أن تشوب عملية التنزيل، خصوصا وأن القانون الضريبي هو “قانون تقني إجرائي” بامتياز، فكثير من الإصلاحات لم تجد سبيلها إلى التطبيق السليم أو انحرفت عن المسار والفلسفة التي أحدثت من أجلها.

[1] – انظر المادة 47 من قانون مالية سنة 2013.

[2] – وزارة الاقتصاد والمالية “ميزانية المواطن”، قانون مالية سنة 2013، ص : 4.

[3] – وزارة الاقتصاد و المالية ” ميزانية المواطن”، قانون مالية سنة 2012، ص : 24.

[4]– Conseil Economique et social « Le système fiscal Marocain, développement économique et cohésion sociale », Document synthétique préparé et publié par le CES, sans année, P 14.

[5]– عياد محمد ، “الإدارة الجبائية بين التحديث واكراهات الضبط الداخلي”، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 72-73، يناير- ابريل 2007، ص.ص : 98 و99.

[6]– Abdelhamid HASSOUNE, “Les tendances actuelles des reformes fiscales orientées vers la modernisation des outils, des pratiques et le développement- l’expérience marocaine-” in séminaire sur la réforme des politiques fiscales axées sur l’innovation et la modernisation des institutions en charge de la collecte et de la gestion du patrimoine public, CARAD, 29 Novembre,1er décembre 2010, Tanger, P :3.

[7]  حجي رشيد،” قراءة في المداولات البرلمانية حول الضريبة العامة على الدخل”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق بالدار البيضاء- عين الشق ،2002-2003، ص: 367.

[8] – OUALALOU Fathallah, Assises Nationales sur la fiscalité au Maroc, Rabat, les 26 et 27 novembre 1999, document présenté par la D.G.I, p : 9.

[9] – BOSAIRY Nabil, “Le contrôle fiscal et la lutte contre la fraude et l’évasion fiscales, contexte marocain”, mémoire pour l’obtention du D.E.S.A en sciences économiques, la faculté de droit, Casablanca/Ain Chok, 1998-1999, p : 158.

[10] – Ibid, p : 159.

[11] – ROUNAUD François et autres, “La fiscalisation du secteur informel : recherche impôt désespérément”, Tiers-monde, 2001, volume 42, N° 168, p : 795, (Article publié sur le site web : www.Persee.Fr, visité le 14-04-2014).

[12] – يمكن إجمال أهم التدابير التي تم اتخاذها في المجال الجبائي فيما يلي:

– تجميع شتات الضرائب الثلاثة الوطنية الرئيسية (TVA, IR, IS) في مدونة واحدة للضرائب ابتداء من سنة 2006.

– مراجعة شرائح الدخل وأسعار الضريبة على الدخل ابتداء من سنة 2007.

– إسناد مهام تحصيل الضريبة على الشركات سنة 2005، والضريبة على القيمة المضافة سنة 2006 إلى المديرية العامة للضرائب عوض الخزينة العامة للمملكة.

[13] – حنين محمد ، “المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية”، دون دار النشر، الطبعة الأولى، 2007، ص : 124.

[14] – نفس المرجع، ص.ص: 124-125.

[15] – بنسودة نور الدين ، جريدة العلم، 18 أبريل 2002، العدد 18.964، ص : 6.

[16] – المملكة المغربية، وزارة الاقتصاد والمالية، “خلاصات أعمال المناظرة الوطنية حول الجبايات”، 29 و 30 أبريل 2013، ص : 47.

[17] – المجلس الإقتصادي والاجتماعي والبيئي، النظام الضريبي المغربي، التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي، إحالة ذاتية رقم 9/2012، ص : 26.

[18] – نفس المرجع، ص : 14.

[19] – المملكة المغربية، وزارة الاقتصاد والمالية، “خلاصات أعمال المناظرة الوطنية حول الجبايات”، مرجع سابق، ص : 47.

[20] – BOSAIRY Nabil, op cit, p : 27.

[21] – AZALE Bouchaib, “Le contrôle fiscal au Maroc”, mémoire pour l’obtention de D.E.S.A en finances Publiques, la faculté de droit Casablanca/Ain Chok, 1999-2000, p : 1.

[22] -ABOULHASSAN. M et autres, ” La fraude fiscale “, impression Arabian Alhilal, Edition 1996, p : 111.

[23] -Idem

[24] -ABOULHASSAN. M et autres, op.cit, p : 114.

[25] – AZALE Bouchaib, op.cit, p : 83.

[26] – Ibid, p : 84

[27] – المملكة المغربية، وزارة الاقتصاد والمالية، “خلاصات أعمال المناظرة الوطنية حول الجبايات”، مرجع سابق ، ص.ص : 76 و 77.

[28] – النصاري عبد الصادق، “أزمة التواصل بين الملزم والإدارة الجبائية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، وحدة المالية العامة، كلية الحقوق بالدار البيضاء-عين الشق، 2003-2004، ص.ص: 146-147.

[29] – YAICH Abderraouf, “théories et principes fiscaux », Editions Raouf Yaich, Nov 2004”, p : 321.

[30] – أدبيا محمد عالي، “مقاربة تفسيرية لظاهرة التملص الجبائي على الصعيد المحلي”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة دراسات، عدد 37، مارس– أبريل 2001، ص : 85.

[31] – قزبير امحمد، “الضريبة على الشركات بين تشجيع الاستثمار ومبدأ العدالة الضريبة”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق بالدار البيضاء، عين الشق، 1994-1995، ص : 143.

[32] – اليوسي عبد الله، “ظاهرة التهرب الضريبي بين المقترب القانوني والسوسيولوجي”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق بالرباط/ أكدال، 2002-2003، ص : 109.

[33] – الكاملي حسناء، “الغش الضريبي في المغرب (حالة الضرائب المباشرة)”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة المالية العامة، كلية الحقوق بالدار البيضاء- عين الشق، 2002-2003، ص : 103.

[34] – نعوش صباح، “الضرائب المباشرة في المغرب”، الجزء الثاني، شركة النشر والتوزيع المدارس، الدار البيضاء، 1987، ص : 162.

[35] – نفس المرجع، ص : 163.

[36] – ZEMRANI Anas Ben Salah, “La fiscalité face au développement économique et social au Maroc”, Edition la porte, Rabat, 1982, p : 367.

[37] – نعوش صباح، مرجع سابق، ص : 163.

[38] – اليوسي عبد الله، مرجع سابق، ص : 110.

[39] – النصاري عبد الصادق، مرجع سابق، ص : 146.

[40]  انظر الفصل 39 من دستور فاتح يوليوز 2011.

[41]  محمد النملية،” البنية الضريبية والعدالة الاجتماعية” مقال ترجم من اللغة الفرنسية من طرف المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الإستراتيجية و الدولية، الدليل المغربي للإستراتيجية والعلاقات الدولية، دار النشر لارمتان الفرنسية ، شتنبر 2012، ص: 647.

[42]  زياد أحمد علي عرباسي،” العدالة الضريبية من وحهة نظر أرباب الصناعات الفلسطينية في محافظات شمال الضفة الغربية”، أطروحة لنيل شهادة الماجيستير في المنازعات الضريبية، جامعة النجاح الوطنية،  نابلس، فلسطين، 2008، ص: 18 .

[43] – نعوش صباح، “الضرائب في الدول العربية”، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 1978، ص 133.

[44] – نفس المرجع، ص 134.

[45] – منار مصطفى، “الاقتطاع الضريبي والعدالة الاجتماعية”، بدون دار النشر، 2005، ص 130.

[46] – الكاملي حسناء، مرجع سابق، ص 96.

[47] – أنظر المادة 73 من المدونة العامة للضرائب لسنة 2009، والخاصة بسعر الضريبة على الدخل.

[48] – BENMANSOUR Saâd, “Qui paie l’impôt au Maroc ?”, article publié sur le site web : www.lavieeco.com , visité le 10-05-2014.

[49] – يعتبر تخفيض سعر الضريبة على الشركات إلى نسبة 30 %، أهم المستجدات التي جاء بها قانون المالية لسنة 2008.

[50] – مقتطف من خطاب السيدة مريم صالح بنشقرون بمناسبة المشاركة في أشغال المناظرة الوطنية حول الضريبة سنة 2013 السابق الإشارة إليها.

[51] – الفقرة الأولى من المادة 73 من المدونة العامة للضرائب لسنة 2010.

[52] – الفقرة الأولى من المادة 73 من المدونة العامة للضرائب لسنة 2009.

[53] – أنظر تفاصيل هذا التعديل في المادة 73 من قانون المالية لسنة 2010.

[54] – المادة 91 من المدونة العامة للضرائب.

[55] – قزبير محمد، مرجع سابق، ص : 144.

[56] -ZEMRANI Anas Ben Salah, op.cit, p : 367.

[57] – احميدوش مدني، “ظاهرة الضغط الضريبي بالمغرب”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة دراسات، عدد 69، يوليوز-غشت 2006، ص : 68.

[58] – الكاملي حسناء، مرجع سابق، ص.ص : 69-70.

[59] – اليوسي عبد الله، مرجع سابق، ص : 106.

[60] – حميدي حماد، “المالية العامة”، مطبعة بني إزناسن، سلا، الطبعة الأولى، 2000، ص : 136.

[61] – نفس المرجع، ص 137.

[62] – حنين محمد، “تدبير المالية العمومية، الرهانات والإكراهات”، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2005، ص.ص : 334-335.

[63] -جاء في تصريح الوزير الأول لحكومة التناوب، يوم 17 أبريل 1998 بأنه ” سيتم إنعاش ثقافة جديدة مرتكزة على الاقتصاد في النفقات العمومية في اتجاه تخفيض وثيرة إنفاق الدولة لمحاربة التبذير، خاصة في ميدان التسيير وتحديد معايير وضع النفقات العمومية وتحسين فعالية هذه النفقات وأدائها الاجتماعي ومحاربة الرشوة والامتيازات، وموازاة لذلك ستعمل الحكومة على توضيح وتخليق مساطر إبرام الصفقات العمومية…”.

[64] – حنين محمد، ” تدبير المالية العمومية، الرهانات والإكراهات”، مرجع سابق، ص : 333.

[65] – اليوسي عبد الله، مرجع سابق، ص : 107.

[66] – نفس المرجع، ص : 106.

[67] – حميدي حماد، مرجع سابق، ص : 137.

[68] – نفس المرجع، ص : 138.

[69] – عقلة عبد الحق، “دراسات في علم التدبير”، الجزء الثاني، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2006-2007، ص : 211.

[70] -AKLA Abdehak, “Le changement une urgence pour administration asthénique”, REMALD, n°27, avril- juin 1999, p : 73.

[71] – اليوسي عبد الله، مرجع سابق، ص : 103.

[72] – مرزاق محمد وآخرون، “المنازعات الجبائية بالمغرب بين النظرية والتطبيق”، مطبعة الأمنية، الرباط، 1998، ص.ص : 193 و 194.

[73] – الإدارة المغربية وتحديات 2010، أرضية للمناظرة الوطنية الأولى حول الإصلاح الإداري بالمغرب، الرباط 7و8 ماي 2002، ص : 131.

[74] – الكاملي حسناء، مرجع سابق، ص : 105.

[75] – حليبة أحمد، “التهرب الضريبي وانعكاساته على التنمية بالمغرب”، أطروحة لنيل الدكتوراه الوطنية في القانون العام، وحدة علم الإدارة والقانون الإداري، كلية الحقوق بالرباط/أكدال، 2007-2008، ص : 421.

[76]– LECLAINCHE Mechel, “communication et impôt : L’action de la direction de la communication du ministère de l’Economie et des finances”, R.F.D.F.P, N° 57, p : 25.

(هذا المرجع أشار إليه حليبة احمد في أطروحته السابق الإشارة إليها، وقد تعذر علينا الوصول إلى مصدره)

[77] – حليبة أحمد، مرجع سابق، ص : 423.

[78] – أصبحنا نرى في السوق بعض المنشورات guides الصادرة عن إدارة الضرائب، والموجهة خصيصا إلى إعلام المكلفين، وبالرغم من بعض العيوب التي تعتريها (لغة أجنبية، ارتفاع ثمنها، قلتها…)، إلا أنها تعتبر مبادرة حسنة لكسر الجمود الذي تعرفه علاقة المكلف بالإدارة الضريبية، وخاصة في الجانب الإعلامي.

[79] – اليوسي عبد الله، مرجع سابق، ص : 105.

[80] – حليبة أحمد، مرجع سابق، ص : 390.

[81] – الناصري عبد الصادق، مرجع سابق، ص : 136.

[82] –  CHERIF ALAMI Karim, “pour une meilleure transparence des relations administrations/ contribuable”, Assises nationales sur la fiscalité au Maroc, op.cit, p : 104.

[83] -Idem.

[84]– conseil des impôts en France,” Les relations entre les contribuables et l’administration fiscale”, Résumé du 10ème rapport au presidement de la République, Novembre 2002, p : 22.

[85]– conseil des impôts en France, L”’amélioration des relations entre les contribuables et l’administration fiscale”, a propos des 10ème rapport du conseil des impôts, CCIP- Direction des études, Paris, le 15 septembre 2003, p : 3.

[86] – الكاملي حسناء، مرجع سابق، ص : 102.

[87] – معمر المصطفى، “القانون الضريبي والقانون المالي”، مطبعة سجلماسة/مكناس، 2005، ص : 290.

[88] – شكيري محمد، “القانون الضريبي المغربي، دراسة تحليلية ونقدية”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، العدد 49، ط 2004، ص : 185.

[89] – أنظر الفصل 39 من الدستور المغربي والفصل 34 من الدستور الفرنسي.

[90] – BOUVIER Michel, ” conditions de la légitimité du pouvoir fiscale aujourd’hui “, assises nationales sur la fiscalité au Maroc, op.cit, p : 110.

[91] – شكيري محمد، مرجع سابق، ص.ص : 187 و188.

[92] – نفس المرجع، ص 188.

[93] – اليوسي عبد الله، مرجع سابق، ص : 101.

[94] – المادة 100 من القانون المالي الفرنسي ل 28 ديسمبر 1959 والمعدل بقانون 9 يوليوز 1979، والمدون في المادة 1649 من المدونة العامة للضرائب.

[95] – هذا الحق معمول به في فرنسا، ومنظم بمقتضى المادة A80L من سجل الإجراءات الضريبية.

[96] – نجد في فرنسا أن الحق في المساعدة تقوم به الإدارة الضريبة بالإضافة إلى مستشارين ضريبيين، حيث نجد أن الاستشارات الضريبية تعطى بواسطة مراكز للاستعلامات، وهناك حوالي 840 مركزا للضرائب مفتوحة أمام الممولين يومان كل أسبوع أو مراكز توعية دائمة أو وقتية.

[97] – شكيري محمد، مرجع سابق، ص : 195.

[98] – اليوسي عبد الله، مرجع سابق، ص : 100.

Exit mobile version