Site icon مجلة المنارة

المجلس الأعلى للحسابات و رهانات الإصلاح الإداري

المجلس الأعلى للحسابات و رهانات الإصلاح الإداري

د.رشيد قاعدة

أستاذ زائر بجامعة محمد الخامس-الرباط-

لقد كان للأزمات التي عرفها النظام ألتدبيري الإداري و المالي بالمغرب منذ تأسيس الإدارة المغربية غداة الحصول على الاستقلال،و إلى غاية منتصف التسعينات،والتي توجت بما عبر عنه الملك الراحل الحسن الثاني بالسكتة القلبية لهذا النظام،انعكاسات جد هامة فرضت ضرورة وضع إستراتيجية تهدف إلى إصلاح الإدارة والدولة على حد سواء، و تكييف طرق تدبيرها مع مختلف أنماط وطرق التدبير العمومي الحديث في المنظمات العمومية. وهي إصلاحات عميقة تسعى إلى تكييف البنيات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد ومحيطها المؤسساتي والقانوني والإداري مع المتغيرات الواقعة،والاستجابة للمتطلبات الأكثر إلحاحا للتنمية الاجتماعية.

وهكذا فإن الإصلاح الإداري المنشود عن طريق تطوير آليات التدبير العمومي، تطلب أيضا ضرورة إشراك الأجهزة القضائية في هذه العملية الإصلاحية،و خاصة المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات (المحاكم المالية)،نظرا لكونها الأجهزة الموكول لها الرقابة على المال العام للأجهزة الإدارية و المالية الخاضعة لرقابتها كما هو محدد دستوريا و قانونيا،هذا الإصلاح لن يتسنى تحقيقه من طرف المحاكم المالية إلا من خلال انفتاحها على المناهج الحديثة في الرقابة حتى تستطيع إسقاطها على مختلف الأجهزة الخاضعة لها، وذلك بهدف إصلاح التدبير العمومي،و هو ما سيجعل المحاكم المالية بمثابة الأداة والموجه الأول لهذه الأجهزة في ممارسة مهامها،و بتالي تفعيل مقاربة الإصلاح الإداري بالمغرب بشكل يتوافق مع محاور الإصلاح الإداري والمالي، و الأوراش التي تم تفعيلها في هذا الشأن منذ بداية الألفية الثالثة.

كما أن المقتضيات الدستورية التي جاء بها الدستور الجديد لسنة2011[1]، تؤكد على اقتناع الدولة المغربية بضرورة تحديث القضاء،و خاصة القضاء المالي وجعله بمثابة المساعد الأول للحكومة والبرلمان في مجال الإصلاح الإداري و حماية المال العام، إذ أن المجلس الأعلى للحسابات أصبح اليوم مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى اعتماد المناهج الحديثة لإصلاح التدبير العمومي.

خاصة وأن واقع التدبير العمومي بالمغرب برهن على وجود العديد من النقائص الجوهرية التي ظلت تحتويه على مختلف المستويات،و هو الأمر الذي شكل جزء هام من الخطاب الملكي لعيد العرش يوم 29 يوليو 2017، الذي عرى على الوجه الحقيقي للتدبير الإداري العمومي بالمغرب بشكل لم يسبق له مثيل،مما يجعل الحديث عن إجراء إصلاحات سطحية وارتجالية مجزأة تتجه فقط إلى معالجة مظاهر القصور الذي يعتبر عمليا و أكاديميا حديثا متجاوزا. لذا كان من الطبيعي أن تضغط هذه المستجدات في اتجاه ضرورة تغيير الإدارة لطريقة اشتغالها، ونمط عملها. وهو ما يوجب ضرورة صياغة إستراتيجية متكاملة للإصلاح الإداري، تسعى بالأساس إلى الارتقاء بالتدبير العمومي إلى مستوى يستجيب للتحديات الجديدة.

فالتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتزامات المغرب وطنيا ودوليا، باتت تفرض ضرورة التكيف مع متطلبات التدبير الحديث والفعال، خاصة و أن القضاء والإدارة العمومية المغربية بخصوصيات تسييرهما التقليدي قد أصبحا عائقا أمام الإصلاح الإداري.

ومن خلال سبق يمكن طرح الإشكالية المحورية للموضوع قيد الدرس كتالي:“إلى أي حد يمكن الحديث عن المجلس الأعلى للحسابات كآلية فعالة لربح رهانات الإصلاح الإداري في ظل الصعوبات التي يعرفها النمط ألتدبيري الإداري والمالي المغربي؟.

و لتفكيك مختلف عناصر هذه الإشكالية فإننا سنعمل على تحليل دور الاختصاصات الغير القضائية للمجلس الأعلى للحسابات في تحقيق الإصلاح الإداري و المالي للأجهزة الخاضعة لرقابته، وذلك من خلال التركيز على اختصاص مراقبة التسيير،كأهم اختصاص إصلاحي موكول للمجلس في هذا الإطار،مع ما يترتب عن ذلك من انعكاسات هامة من خلال نشر خلاصات هذه العمليات في التقرير السنوي للمجلس،و كذا من خلال آلية إصدار المذكرات الاستعجالية. معتمدين في ذلك على التقسيم التالي :

المبحث الأول: اختصاص مراقبة التسيير و دورها في الإصلاح الإداري.

المبحث الثاني: التقارير السنوية للمجلس و المذكرات الاستعجالية و دورهما في الإصلاح الإداري.

المبحث الأول: اختصاص مراقبة التسيير و دورها في الإصلاح الإداري.

تكتسي مراقبة التسيير أهمية بالغة في إصلاح التدبير العمومي، لكونها مبادرة داخلية أي أن الإدارات و المؤسسات والجماعات الترابية لها سلطة القرار في الاستعانة بها في تطوير وسائل عملها، وذلك نظرا للمزايا الكثيرة التي تقدمها مراقبة التسيير للرفع من جودة أداء هذه الأجهزة.

فما هي إذن المسطرة القانونية المتبعة في إطار رقابة التسيير(المطلب الأول)،و ما هي أهداف رقابة التسيير كوسيلة للإصلاح الإداري (المطلب الثاني).

المطلب الأول:المسطرة القانونية للاختصاص مراقبة التسيير

يعتبر اختصاص مراقبة التسيير من أهم الاختصاصات الرقابية التي أسندت للمجلس الأعلى للحسابات بموجب القانون رقم 62-99[2] المتعلق بمدونة المحاكم المالية، حيث يعد الاختصاص الثاني من الاختصاصات الإدارية،نظرا لكونه يتجاوز المشروعية القانونية على مستوى العمليات المالية،ليقف بالأساس على جودة التسيير بناء على مؤشرات المردودية و الفعالية.

إذ أنه بناءا على البرنامج السنوي للمجلس، يقوم رئيس الغرفة بالمجلس بتعيين المستشار أو المستشارين الذين يتولون القيام بعمليات المراقبة.ومن بين العناصر الهامة التي يمكن أن تساعد المجلس على وضع برنامج متكامل في مجال مراقبة التسيير كون الأجهزة الخاضعة لهذه المراقبة ملزمة بتقديم كافة المعلومات المتعلقة بتسيير المصالح الخاضعة لرقابة المجلس [3].

و يتوفر قضاة المجلس الأعلى للحسابات،في إطار قيامهم بعمليات مراقبة التسيير،على سلطات وصلاحيات واسعة،إذ يؤهلون للاطلاع على كافة الوثائق و المستندات المثبتة أو الكفيلة بتزويدهم بمعلومات حول تسيير هذه الأجهزة والاستماع إلى الأشخاص الذين يرون إفادتهم ضرورية .كما أن الأشخاص الذين يرفضون الاستجابة لطلبات المستشارين ترفع تقارير للرئيس الأول للبت في الأمر وفق المادة 69 من نفس القانون[4]، حيث يمكن الحكم عليهم بغرامة تتراوح ما بين 500 و 2000 درهم.

ويلاحظ حسب مقتضيات المادة 80،أن الملاحظات التي يسجلها القضاة القائمون بالمراقبة يوجهونها إلى مسؤولي الأجهزة المعنية الذين يتوفرون على أجل شهرين من أجل الإدلاء بردودهم حول تلك الملاحظات وعند انصرام هذا الأجل يقوم هؤلاء القضاة بتحرير تقريرهم الذي يوجهونه إلى رئيس الغرفة.

وحسب مقتضيات المادة 82،تتشكل هيئة الغرفة التي تتداول في تقارير مراقبة التسيير من خمسة أعضاء من ضمنهم الرئيس والمستشار الذي قام بالمراقبة.ويمكن للغرفة أن تستمع إلى كل مسؤول أو مستخدم أو مراقب للجهاز المعني،ولا يلزم هؤلاء بواجب كتمان السر المهني ما عدا إذا تعلق الأمر بوقائع تهم الدفاع أو الأمن الوطني،حيث تطبق في هذه الحالة مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 110من القانون رقم 62-99[5].

كما أنه في حالة عدم استجابة هؤلاء المسؤولين،يحكم عليهم بغرامة منصوص عليها في المادة 69،و يمكن للغرفة أن تأمر بإجراء أبحاث أو تحريات إضافية.وتتخذ الغرفة قراراتها بأغلبية الأصوات،حيث تحدد الملاحظات التي يمكن أن يوجهها رئيس الغرفة إلى مسؤولي الأجهزة موضوع المراقبة،ويلزم هؤلاء الإجابة داخل أجل يحدده رئيس الغرفة في شهر واحد على الأقل.

وبناء على نتائج المداولة،وعلى ما تؤدي إليه الأبحاث والتحريات التكميلية،يمكن أن تتضمنه تعقيبات وردود مسؤولي الأجهزة موضوع المراقبة، يقوم المستشار المقرر حسب المادة 83 بإعداد تقرير خاص تتداول الغرفة بشأنه كما تنص على ذلك مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 84.

وفي حالة اكتشاف بمناسبة إجراء مراقبة التسيير،مخالفات تتعلق بالتأديب المالي أو عناصر مكونة للتسيير بحكم الواقع،يهيئ المستشار المقرر بناء على طلب الغرفة المختصة تقريرا في الموضوع يوجهه للوكيل العام للملك طبقا لمقتضيات المادة 42 من نفس القانون.أما في حالة اكتشاف مخالفات قد تستوجب عقوبة جنائية أو تأديبية فتطبق مقتضيات المادة 111 والتي تنص على إخبار وزير العدل والسلطة التي لها حق التأديب[6].

وعند استكمال المسطرة،يقوم الرئيس الأول للمجلس،بتوجيه التقارير الخاصة التي تم التداول بشأنها في الغرفة إلى الوزير الأول (رئيس الحكومة) و الوزير الوصي و الوزير المكلف بالمالية، الذين يمكنهم الإدلاء بملاحظاتهم والتعبير عن أرائهم داخل أجل يحدده الرئيس الأول على أن لا يقل عن شهر[7].و يوجه مشروع التقرير الخاص مرفقا بالآراء      والتعاليق المتوصل بها إلى لجنة البرامج و التقارير لأجل إدراجه في التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات.

المطلب الثاني: أهداف مراقبة التسيير كوسيلة للإصلاح التدبير الإداري.

يتولى المجلس الأعلى للحسابات القيام باختصاص مراقبة التسيير عن طريق تدقيق وتقييم جودة مختلف مظاهر التسيير الإداري و المالي لمرافق الدولة، وكذا باقي الأجهزة التي تخضع لوصايتها،أو تستفيد من إعانتها،لذا فرقابة التسيير تضمن الانتقال من رقابة المشروعية، إلى التدقيق الخارجي الشامل لكل مظاهر التدبير العمومي بالنظر لكونها تهدف إلى ضمان تسيير عقلاني وفعال، وضمان تنفيذ تعليمات الإدارة،وكذا الزيادة في فعالية الإنتاج،ورفع مستوى الفعالية و النجاعة والاقتصاد.

و يقصد برقابة التسيير”مجموعة من الوسائل المطبقة داخل المؤسسة الاقتصادية قصد التأكد من وجود تعبئة حقيقة ودائمة للطاقات والموارد من أجل تحقيق الهدف الذي تسعى المؤسسة للوصول إليه. كما تعتبر مسلسلا من الوسائل والمساطر التي بواسطتها يتأكد المسؤولون من أن الموارد والطاقات قد عبئت واستعملت بفعالية و نجاعة وملائمة، وذلك طبقا للأهداف المحددة مسبقا للمنظمة”[8].

فمراقبة التسيير إذن هي تلك العملية التي تسمح بالتأكد من استعمال الموارد المالية والبشرية للمؤسسة استعمالا عقلانيا وفعالا، وكذلك تدارك الانحرافات الغير المسموح بها من أجل تحقيق أهداف الحكامة المالية و إصلاح التدبير العمومي، وذلك باستخدام مختلف التقنيات والوسائل الكمية والكيفية، وبالتالي فدورها هو إعطاء المسؤولين داخل المؤسسة الوسائل لقيادتها، و اتخاذ القرارات، وكذا ضمان مستقبلها. أي معرفة مظاهر القصور والانحرافات داخل الأجهزة والمؤسسات، كما تمكن من قياس الفوارق بين النتائج المحصل عليها وتلك المنتظرة، ومقارنة الوسائل بالأهداف.

فحسب المادة 76 من القانون رقم 99.62 المتعلق بالمحاكم المالية،يمارس المجلس الأعلى للحسابات مراقبة مرافق الدولة والمؤسسات العمومية، والمقاولات المخولة الامتياز في مرفق عام آو المعهود إليها بتسييره، والمقاولات و الشركات التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية،على انفراد أو بصفة مشتركة، بشكل مباشر أو غير مباشر،أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار،والشركات أو المقاولات التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة مع الجماعات المحلية أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار. وعلاوة على ذلك،تشمل هذه المراقبة أجهزة الضمان الاجتماعي، كيفما كان شكلها،التي تتلقى من أحد الأجهزة السابقة الذكر مساعدات مالية[9].

وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 75 من القانون رقم 99.62، يتضح مدى جدوى هذا الاختصاص الرقابي كآلية رقابية حديثة لإصلاح التدبير الإداري و المالي، حيث يقوم المجلس الأعلى للحسابات بمراقبة جميع أوجه تسيير الأجهزة المشار إليها في المادة 76 من نفس القانون،وذلك من أجل تقدير هذا التسيير من حيث الكيف والفعالية والإدلاء عند الاقتضاء بالحلول حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته و مردوديته. وتشمل هذه المراقبة كذلك، جميع أوجه التسيير بما في ذلك تقييم مدى تحقيق الأهداف المحددة والنتائج المحققة، وكذا تكاليف وشروط اقتناء واستخدام الوسائل المتاحة.

و تهدف مراقبة التسيير التي يقوم بها المجلس الأعلى للحسابات إلى مساعدة المسيرين على اتخاذ القرار الصحيح، وذلك عن طريق تحليل الانحرافات التدبيرية للنشاط الإداري و إبراز الأسباب التي أدت إلى هذه الانحرافات مع اقتراح الحلول الكفيلة بالرفع من جودة خدمات المرفق العام الموجهة للمرتفقين.

و الجدير بالذكر فإن قضاة المجلس يقومون أثناء عملياتهم الرقابية بالوقوف على مدى تطبيق المنظمات العمومية المعنية بعملية المراقبة للمفاهيم التالية:

و من هنا فإن تطوير العمل الرقابي للمجلس يتوقف على مدى تحليل سياسة هذه الأجهزة الخاضعة لرقابته في تدبير شؤونها الإدارية والمالية، وفق متطلبات الحكامة المالية ومستلزمات التدبير العمومي الحديث، وذلك في إطار “رقابة شاملة” التي يطبقها الأنجلوساكسونيين و قاعدة « 3 E »[10] (الاقتصاد والكفاءة والفعالية)، وكلفة الوسائل المستخدمة ومردود الخدمة العامة، وفائدة هذه الخدمة التي يمكن أن تشملها هذه الرقابة[11].هذه الرقابة الشاملة التي عرفت في السنوات الأخيرة تطورات في إطار ما يسمى بقاعدة E »5 «، إن هذه الرقابة في إطار رقابة التسيير تمكن من رقابة فاعلية العمل العمومي؛ والقيام بتقويم البرامج العامة الوطنية والترابية، و ذلك عبر قياس نتائج العمل العمومي والتثبت من مدى تحقيق الوسائل القانونية والإدارية والمالية والفنية المستخدمة للنتائج المرجوة مقارنة بالأهداف المرسومة.

وإلى جانب المردودية والفعالية وإبداء اقتراحات وحلول لتكريس فعالية طرق التسيير  و إصلاح التدبير العمومي، فإن المهام الرقابية للمجلس لم تغفل الجوانب المرتبطة بالمشروعية والتي لها أهميتها باعتبارها منطلقا لأي عمل تقييمي، حيث يقف المجلس على مشروعية وصدق العمليات المنجزة.

و ينبغي التذكير أن اختصاص مراقبة التسيير و على عكس باقي الاختصاصات القضائية،وكذا مراقبة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية من حيث المسائل التي تبت فيها باقي المحاكم المالية، أو التي تبدي فيها رأيها،محددة إما في وثائق الحساب أو في البيان الحسابي،أو في إحالة وكيل الملك،أو في إحالة سلطة الوصاية.فإنه في مجال مراقبة التسيير،لا يحال على القاضي نزاع محدد المعالم،وواضح الحدود لكنه يتكلف بملف مسجل في برنامج السنوي لعمل المجلس[12].

وعلى هذا الأساس فإن الهدف الرئيسي لرقابة التسيير التي يقوم بها قضاة المجلس الأعلى للحسابات “هو مساعدة مسؤولي المنظمة أو المؤسسة على اتخاذ القرارات الضرورية لضمان استمراريتها سواء في القطاع العام أو الشبه العمومي، فالأهداف تبقى واحدة في كلا القطاعين” [13].خاصة و أن رقابة التسيير التي يعتمدها المجلس تقوم على مقاربة شمولية “تتجاوز المفهوم الكلاسيكي للمراقبة، التي تعتبر بطبيعتها زجرية بينما تهتم رقابة التسيير بالتقويم والإصلاح، كما أن مرجعية المراقبة قانونية أساسا بينما مرجعية التدقيق وجودية وقياسية تتجاوز حدود المطابقة بين النص القانوني والتسيير الفعلي”[14].إذ ترمي إلى الإحاطة بالجوانب الجوهرية أكثر من الشكلية والإجرائية في قياس وتقييم النتائج والمنجزات ومقابلتها بالأهداف المسطرة ضمن المخطط والميزانية[15].

و يرجع لقضاة المجلس بصفتهم تلك، حماية هذه القواعد القانونية لحسن التسيير العمومي ومصداقيته، ويعني ذلك بطبيعة الحال أن يتسع مجال اهتمامهم إلى النظر في مدى ملائمة القواعد المذكورة مع المتطلبات الحالية للمرفق العام الوطني والترابي المجدي والمدار بنزاهة.

و نافلة القول أن هذه الآليات المعتمدة في إطار رقابة التسيير تسير في خط واحد، مع مضامين خطاب العرش لسنة 2017، هدفها إصلاح التدبير الإداري عن طريق تثبيت ثقافة المساءلة والمحاسبة لتقويم أي اعوجاج داخل المصلحة أو المؤسسة. حيث يبقى الهدف الأساسي هو ترسيخ ثقافة المواظبة والانضباط، درءا لكل محاولة جوهرها التلاعب بالأموال العامة و تبذيرها.أو أي اختلال في التدبير الإداري حيث أن التدبير الإداري     و المالي السليم من شأنه لا محالة أن يساهم في تحقيق الإستراتيجية المسطرة من قبل المنظمة.

المبحث الثاني: التقارير السنوية للمجلس و المذكرات الاستعجالية و دورهما في الإصلاح الإداري.

تعتبر التقارير السنوية و المذكرات الاستعجالية أداة حيوية بيد المجلس لتقويم و إصلاح الاعوجاج الذي يطال التدبير الإداري و المالي بمختلف المنظمات العمومية،كما يعتبران وسيلة لفضح كل أوجه الإختلالات في صرف المال العام       و تدبيره. فما هي يا ترى أهم أدوار التقارير السنوية في عملية الإصلاح الإداري (المطلب الأول)،و ما هو دور المذكرات الاستعجالية في هذا الإطار (المطلب الثاني).

 

 

المطلب الأول: التقارير السنوية للمجلس الأعلى للحسابات و دورها في الإصلاح الإداري بالجريدة الرسمية

بموجب القانون ينشر التقرير السنوي قبل نهاية السنة الموالية للسنة التي تم إنجازه فيها؛ هذا النشر الذي له مرجعية دستورية و ذلك من خلال الفصل 148 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011، ويعتبر تعميم خلاصات وأعمال ومساءلات المحاكم المالية وإشاعتها على الجمهور طريقة حداثية تتناغم مع المعايير العالمية للرقابة والمحاسبة والتدقيق،من شأنها إغناء النقاش الوطني على الأصعدة السياسية والإعلامية والثقافية وفي أوساط المجتمع المدني حول كيفية تصرف القائمين على الإدارة الحكومية في الأمانة الانتخابية؛ ذلك أنه من المعلوم أن الزمن الانتخابي قد تحكمه ظروف وملابسات قد لا يحضر من بينها فعالية وحسن تدبير الإداري و المالي بالضرورة،لكن في غضون مدة الانتداب الانتخابي، يستطيع الرأي العام وكافة “الجهات المعنية “الاطلاع على حقائق التصرف الحكومي في التدبير الإداري والمالي[16].

وحتى تغدو لحظة نشر التقارير السنوية لحظة تاريخية حيوية من شأنها منح فرصة دورية للتدريب على ثقافة الحكامة الرشيدة، من إشراك وشفافية ومحاسبة ومساءلة، مما قد يدفع المسؤولين العموميين إلى الحذر واليقظة في تدبير الشأن العام و اتقاء العواقب المساءلة الشعبية الانتخابية، فلا مناص من عرض التقرير أمام البرلمان و إتباعه بمناقشة علنية ثم استخلاص الدروس والعواقب كما كرسه دستور 2011.

و يتضمن التقرير السنوي المحاور التالية:

كما أن مضمون التقرير يكون بالضرورة واضح و يسهل مقروئيته لغير المختصين، و أن يكون محررا بلغة بسيطة سواء بالعربية أو بالفرنسية.

و يتضمن التقرير الجوانب الإيجابية والسلبية حتى لا يعتبر تقرير تفتيشي وليس تحقيقي.و يتضمن التقرير الملاحظات ذات الأهمية التي كان لها انعكاس على التدبير الإداري و المالي الوطني أو الترابي.

وقد قام المجلس بنشر اثني عشرة (12) تقرير سنوي ابتداء من سنة 2004 إلى غاية سنة 2015 كان أخرها التقرير السنوي الأخير لسنة 2015 الصادر في مايو 2016، الذي على ما يبدو ومن خلال الإرهاصات الأولية التي رافقت صدوره أنه قد شكل مادة هامة للإعلام المغربي، كما فتح مجالا هاما للنقاش العمومي حول حصيلة التدبير العمومي، للقطاعات التي أشير لها بكونها عرفت سوء التدبير. وإذا كان التدبير الترابي قد حظي بجزء كبير في التقرير السنوي، إلا أن ذلك لا ينفي أهمية الملاحظات التي توقف عندها القضاة الماليون في مجال التدبير العمومي للقطاعات العمومية         و الشبه العمومية، وكذا الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي، إضافة إلى الدعم المخصص للأحزاب السياسية.

و على نفس المستوى، نسجل أن جميع التقارير السنوية السابقة قد قامت بدور هام في إخبار الرأي العام الوطني بحصيلة التدبير العمومي، وشكلت لحظة للنقاش العمومي، وبين جميع مكونات المجتمع، المجتمع السياسي والمجتمع المدني والمواطن والإعلام. فرهان التقرير الضمني هو تحقيق حكامة التدبير العمومي عبر تكريس فكرة المساءلة والمحاسبة داخل النسيج المجتمعي.

فإذا كانت التقرير السنوية  للمجلس لسنتي (2004/2005) لم تشر لحصيلة مراقبة التسيير،بقدر ما تضمنا مجرد ملاحظات مقتضبة، تم استخلاصها من مختلف التقارير، دون الإشارة للأجهزة المعنية بها، مما جعل من هذين التقريرين مجرد وثائق عامة مخصصة أساسا لتقديم المستجدات الواردة في القانون رقم 99.62 بمثابة مدونة للمحاكم المالية. فإنه بالمقابل، شكل تقريرا 2006 و 2007 نوعا من التطور الملموس على مستوى الشكل والمضمون، الأمر الذي سيتطور بشكل ملحوظ من خلال تقرير 2008 والتقارير التي تلته فيما بعد أي من 2009 إلى 2015.

وهو نفس النهج الذي سارت عليه التقارير السنوية للسنوات ما بين 2009 إلى 2015، و ما قادا إليه من نقاش كبير في الفضاء العمومي حول إشكالية التدبير الشأن العام،و قد تمثل ذلك في الكشف عن خروقات إدارية ومالية بالعديد من الإدارات والمؤسسات العمومية الخاضعة لرقابة المحاكم المالية والتي بناءا على رقابة التسيير التي باشرتها المحاكم المالية في هذا الإطار، تمت متابعة أسماء وازنة مكلفة بتدبير مؤسسات عمومية وطنية كالمكتب الوطني للمطارات، البنك العقاري والسياحي(CIH)، إضافة إلى عدة رؤساء و مسؤولين بعدة جماعات ترابية منهم من يمارس أيضا مهام برلمانية وحكوميون سابقون، وذلك بعد إحالة ملفاتهم على وزير العدل بالنظر لخطورة الأفعال المتركبة من طرفهم في تدبير المال العام تستوجب عقوبات جنائية، بالإضافة إلى المتابعة أمام أنظار المحاكم المالية في إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.

وتقوم وسائل الإعلام بدور هام في تفعيل ودعم أنظمة المساءلة والمحاسبة في ظل التطور التكنولوجي المعاصر، والذي يؤدي بدوره إلى زيادة تأثير هذه الوسائل على مجريات الحياة السياسية،من خلال شرح مضامين التقارير المالية، والكشف عن الاختلالات في التسيير العمومي[17]. فالإعلام بطبيعته قائم على فكرتي الإخبار والتوجيه، وهما عنصران فاعلان في إرساء ثقافة الشفافية في تدبير الأموال العمومية.

وتأسيسا على ذلك، شكلت التقارير السنوية مادة للإعلام المغربي “غير الحزبي” و الحزبي[18] . فبالنسبة للتقارير السنوية لسنوات 2007-2008-2009 إلى غاية 2015، فقد لوحظ أن الاستخدام الأول لبعض الجرائد ارتبط بمحاولة التعريف بالمحاكم المالية ومسيريها؛ وخاصة رئيسها الأول، وكذا اختصاصاتها ومهامها مواردها البشرية، وآليات اشتغالها. أما بالنسبة لبعض الجرائد الأخرى فقد وظفت التقرير توظيفا سياسيا في إطار التسويق السياسي نظرا لتزامن صدور التقرير السنوي قرب موعد الانتخابات، التي تشكل لحظة سياسية بامتياز.[19]

تبعا لذلك، فقد تم توظيف التقرير السنوي كوثيقة رسمية، ودليل محايد وموضوعي، عن سوء التسيير الذي تعرفه العديد من الجماعات الترابية، خاصة المدن الكبرى ولإضفاء الشرعية على مختلف انتقادات بعض الأحزاب السياسية المعارضة للتدبير العمومي الوطني والترابي[20]. في حين حاولت جرائد الأحزاب المشاركة في الحكومة إعادة نشر أجوبة الوزراء عن ملاحظات المجلس[21].

وفي نفس الإطار، وجدت الجرائد “غير الحزبية” في التقرير وثيقة رسمية محايدة من أعلى هيئة للرقابة العليا على الأموال العمومية يضفي الشرعية على انتقاداتها لسوء تدبير الشأن العمومي الوطني و الترابي، مما جعلها تتوقف عند العديد من تقارير المحاكم المالية التي تكشف عن سوء التسيير الترابي، والكشف عن اختلالات تدبير الشأن العام المحلي، في شقه الإداري و المالي [22] .

وعلى هذا المستوى، يمكن الإقرار ببداية تبلور نقاش عمومي حقيقي حول تقارير المجلس، ومدى إمكانية مساهمتها بقوة في إصلاح التدبير العمومي. وعلى ضوء ذلك، عرف الفضاء العمومي نقاشا كبيرا بعد صدور تقرير 2008، مما قاد إلى تشكل إجماع لدى فعاليات المجتمع المدني المعنية بحماية المال العام ومحاربة الفساد على ضرورة الانتقال من مرحلة التشخيص إلى مرحلة تحريك المتابعة، وتحمل القضاء لمسؤولياته [23].

من هنا، فتفاعلات الرأي العام مع تقارير المجلس تكشف عن وجود مفارقة في علاقة الرأي العام بالمجلس بدأت تتبلور من خلال التأكيد عن أهمية دور المجلس في مجال الحكامة والشفافية والمساءلة والمحاسبة من جهة[24] كأهم مداخل الإصلاح الإداري، ولكن بالمقابل هناك توجس حول مآل تقارير المجلس في علاقة بصفته القضائية الزجرية [25]، خاصة تلك المتضمنة لمخالفات ذات طبيعة جنائية و المحالة على وزير العدل. في ظل ما يسميه البعض بالطابع الانتقائي الذي تكتسيه المتابعات القضائية بخصوص أعمال المرتبطة بسوء التدبير الإداري وتبذير المال العام من جهة ثانية.

كما تجدر الإشارة إلى أن نشر التقارير السنوية للمجلس قادت إلى تشكل موقف رافض من طرف بعض المدبرين الترابيين لنتائج عمل المجلس[26].وعلى العموم، فقد اتخذ هذا الموقف طابعا سياسيا، ولم يرق لمستوى النقاش القانوني والفقهي الذي من شأنه إثراء تجربة القضاء المالي وتدعيمها، على غرار النقاش الذي عرفته التجربة الفرنسية بين الغرف الجهوية والمنتخبين الجماعيين، الذي طرح حدود صلاحية القاضي المالي في علاقته بالمنتخب المحلي (الترابي).

إن ما يمكن قوله، هو أن التقارير السنوية للمجلس الأعلى للحسابات شكلت ولازالت تشكل عقوبة نفسية أكثر مما هي مادية للمدبرين الإداريين و الماليين بالنظر لفضح خروقاتهم و سوء تدبيرهم، مما يجعلها مادة دسمة للإعلام الوطني أو حتى الأجنبي للوقوف على مدى  تطبيق الحكامة الإدارية و المالية في نظامنا ألتدبيري الإداري والمالي بالإدارات والمؤسسات العمومية بالمغرب، وفي المقابل يجب الاعتراف بالدور الذي تلعبه هذه التقارير في إصلاح التدبير العمومي خاصة من خلال الاقتراحات و التوصيات التي تتضمنها،التي الهدف منها تحسين طرق التدبير الإداري و صرف المال العام، وفق مناهج و ضوابط تتناسب و أهداف الحكامة الإدارية و المالية التي تشكل إحدى أهم ركائز التدبير العمومي الحديث.

وفي هذا الإطار، فإذا كان نشر التقرير في الجريدة الرسمية يشكل في أحد مظاهره نوعا من “العقاب المعنوي” الذي يطال المتورطين في مختلف الإختلالات والخروقات القانونية؛ فإن هذه الوسيلة حسب أحد الباحثين، لم يتم إعمالها بشكل عادل ومتساوي، وفي مواجهة جميع الأجهزة العمومية الوطنية والترابية التي خضعت للمراقبة [27] .و يمكن القول أن ذلك راجع إلى حث المقرر العام بالمجلس على نشر التقرير التي تتميز بجودة عالية،و تتضمن ملاحظات هامة مرتبطة بكشف بعض الخروقات الهامة الإدارية و المالية،إضافة إلى ضرورة احترام الآجال، حيث أن التقارير التي يتم التوصل بها خارج الآجال لا يتم نشرها، و ذلك بالنظر لأن هناك برمجة زمنية يجب مراعاتها في هذا الإطار من طرف جميع المحاكم المالية يتم تحديدها مسبقا لإرسال ملخصات التقرير الخاصة للعمليات الرقابية و إلا سيكون مصيرها عدم النشر و الإدراج في التقرير السنوية للمجلس على الرغم من أهميتها.

كما يجب الإشارة إلى أن العديد من الإدارات العمومية لم تشملها عملية مراقبة التسيير منذ تأسيس المحاكم المالية،    و ذلك بالنظر للإكراهات الواقعية و العملية التي تواجهها المحاكم المالية في هذا الإطار المرتبطة أساسا بالكم الهائل للأجهزة الخاضعة لرقابته،و ذلك في ظل تواضع عدد القضاة المشكلين للجسم القضائي للمجلس الأعلى للحسابات و كذا مختلف المحاكم المالية في هذا الإطار.

و على الرغم من كل هذه الصعوبات فإنه يجب الإقرار أن دستور 2011، و بتنصيصه على نشر التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، و يكون متبوعا بعرض للرئيس الأول للمجلس و مناقشة أمام البرلمان، فإنه قد أقام جسرا متواصلا و منهجيا طوال السنة مع البرلمان،و هذا هو الجديد و المهم لأنه سيمكن المؤسسة التشريعية من الأخذ بمعلومات و تقارير المجلس من أجل رفع عملها التشريعي من جهة و عملها الرقابي و التقييمي من جهة أخرى.إضافة إلى عرض حلقات استماع برلمانية للمسؤولين عن تدبير الشأن العام بحضور قضاة المحاكم المالية كملاحظين، من شأنه أن يدعم المحاسبة و المساءلة، مما سيدفع المسؤلين الحكوميين و الترابيين إلى التفكير بعمق قبل الإقدام على أية سياسة مرتجلة،     و هو ما سيرسخ لمبدأ مهني راسخ في الرقابة و التدقيق  المحاسبة ألا و هو مبدأ الإصلاح الإداري و المالي.

المطلب الثاني : المذكرات الإستعجالية ودورها في الإصلاح الإداري

تعد المذكرات الإستعجالية متابعة غير قضائية، تتناول المشروعية والاستخدام الأفضل للأموال العمومية و للتدبير  الإداري من طرف الآمرين بالصرف والمستخدمين، وتخصص مبدئيا تقنية المذكرة الإستعجالية للمخالفات الأكثر جسامة، أو الأكثر تكرارا، كل مرة يرى المجلس الأعلى للحسابات من الضروري القيام بإصلاح من شأنه إنهاء الاختلال في المستقبل. كما تسمح أيضا بضمان احترام القواعد الكبرى للقانون المالي، وأيضا المبادئ العامة للميزانية[28].

و يتم انجاز المذكرات الاستعجالية  طبقا لمقتضيات المادة 11 من القانون رقم 99.62 المتعلق بالمحاكم المالية. وهي عبارة عن رسالة موجهة من طرف الرئيس الأول للمجلس، بناء على طلب رؤساء الغرف، إلى وزير المعني الذي يبقى حرا في تحديد إجراءات التتبع التي ينوي منحها إياها،على الرغم من إلزامية الإجابة عليها. فهي بذلك تشكل وسيلة رسمية للاتصال تسعى للكشف عن العيوب الوظيفية الأكثر خطورة، وتهدف إلى إخبار الوزير بوجود مجموعة من المخالفات الجسيمة أو الممارسات المعيبة في العمل الإداري و المالي للمرافق التابعة له،والتي تدعو إلى إعادة النظر فيها[29]. كما تحتوي على اقتراحات وتوصيات تمكن من معالجتها؛ مما يعني أن المذكرات الاستعجالية ذات طابع وقائي وتصحيحي.

أما بالنسبة للجانب المسطري، فيتولى المستشار المقرر صياغة مشروع المذكرة الاستعجالية، ويعاد النظر فيه من طرف المستشار المراجع،ورئيس الغرفة المعنية بالأمر، قبل أن يعرض على الرئيس الأول للتوقيع، ويمكن لهذا الأخير تعديله قبل التوقيع عليه، والقيام بإرساله إلى الوزير المعني. واحتراما للطابع التواجهي لهذه المسطرة، يلزم الأشخاص الذين توجه إليهم المذكرات الإستعجالية بالإجابة عليها في أجل ستين يوما[30] .وتبعا لذلك، يقوم المجلس بفحص وتقدير محتوى تلك الأجوبة، ليعمد بعد ذلك، إلى إعداد تقرير جديد بناء على الأجوبة المقدمة، ويخضع هذا التقرير لنفس القواعد المسطرية للمذكرة الإستعجالية الأصلية.

هكذا، يمكن للرئيس الأول تقديم ملاحظات واقتراحات في جميع القضايا للسلطات الحكومية المختصة عن طريق مذكرات استعجالية؛ ويخبر بالإجراءات التي تتخذ في شأنها من طرف الجهات المعنية، وتدرج عند الاقتضاء في تقارير المجلس. وبالموازاة مع ذلك، يسهر الرئيس الأول على توجيه نسخ من مجموع تلك المذكرات الإستعجالية، وكذا الأجوبة المتعلقة بها إلى رئيس الحكومة والوزير المكلف بالمالية.

وتجدر الإشارة إلى أنه يعهد في كل وزارة إلى موظف سام، له على الأقل رتبة مدير بالإدارة المركزية، بمهمة تتبع الإجراءات المتخذة بشأن المذكرات الإستعجالية الصادرة عن الرئيس الأول، ويبلغ هذا التعيين إلى المجلس[31]. وبهذا فقد قوى المشرع الطابع التنفيذي للمذكرات الإستعجالية حينما طلب من مختلف القطاعات الوزارية تعيين موظف سام، والذي يكلف بالسهر على تتبع تطبيق المذكرات الإستعجالية، وإخبار المجلس بمآلها.

وإذا كان المشرع المغربي لا يلزم المجلس بإرسال المذكرات الإستعجالية التي لم يتم الإجابة عليها إلى البرلمان، فإن استحضار التجربة الفرنسية، يبين أن المذكرات الإستعجالية التي لا تتم الإجابة عليها من طرف الوزراء في أجل ستة أشهر، تلزم المحكمة المالية الفرنسية باطلاع اللجان المالية في البرلمان عليها[32] .

وعلى الرغم من أهمية المذكرات الإستعجالية باعتبار أنها مسطرة من النظام العام[33]، فيمكن اعتبارها قرارا ذو طابع تهديدي.و على هذا، تعد قرارا محروما من الأثر القانوني الإلزامي، إذ يعبر فقط عن مجرد رأي، كما لا يتعلق الأمر بقرار قضائي لكنه مجرد تبليغ غير قضائي[34].و يتصف بأنه قرار غير كامل قانونا، وغير قابل للطعن فيه بسبب التعسف في استعمال السلطة .

لذا، يمكن أن تجد المذكرات الإستعجالية نفسها محرومة من الطابع التنفيذي.ويبدو كذلك أن المذكرات الإستعجالية لا تضع تلقائيا حدا للانحرافات الملاحظة، وأن نظامها لا ينطوي على تطبيق مبدأ “حجية الشيء المقضي به”. فنقطة القوة الوحيدة لديها هي أن الرئيس الأول يخبر من طرف الإدارات المعنية بالإجراءات والتدابير التي اتخذت في شأنها والتي تدرج، عند الاقتضاء، في تقارير المحكمة المالية. وبما أن المذكرة  الإستعجالية لا تكتسب مفعولا شاملا؛ الحجية المطلقة تجاه الجميع، ولا تتوفر إلا على الحجية  النسبية للشيء المقضي به، فيمكن أن نرى في هذه الطريقة أهمية قليلة كوسيلة للوقاية من الإختلالات المحتملة[35].

وعلى مستوى الممارسة، فقد أبدى المجلس بواسطة مذكرات إستعجالية لرئيسه الأول مجموعة من الملاحظات والاقتراحات الرامية إلى تحسين تقديم الحسابات، وتقويم بعض الوضعيات التي لم يكن باستطاعة المحاسبين العموميين تسويتها على مستواهم. ونذكر منها

على سبيل المثال: أداء اليمين من قبل المحاسبين العموميين، أو تقديم الضمان، أو أداء بعض نفقات الموظفين من ميزانية الاستثمار، وتجاوز الاعتمادات، والتأخير في إعداد قوانين التصفية [36] .

هكذا، وبالنظر إلى تواتر بعض الملاحظات وأهمية الرهانات والمخاطر التي قد تنطوي عليها، وجه الرئيس الأول للمجلس أوامر مستعجلة إلى السلطات الإدارية الحكومية المعنية من أجل تحسسيها ببعض مكامن الخلل على مستوى تدبير بعض المرافق العمومية. وتهم هذه الأوامر بالخصوص مجال تنفيذ الصفقات العمومية [37]. كما أرسل الرئيس الأول مذكرة استعجالية حول الجمع بين التقاعد والأجر الممنوحة عن ممارسة نشاط مهني. وقد وجه الرئيس الأول هذه المذكرة الإستعجالية، على إثر قيام المجلس بتدقيق كيفية تدبير الصندوق المغربي للتقاعد برسم سنة 2006 لشؤونه، إلى الوزير الأول السابق[38].

وضمن نفس السياق، وفي إطار المساعدة التي يقدمها المجلس للحكومة، وجه الرئيس الأول للمجلس مذكرتين استعجاليتين للسلطات الحكومية المعنية تهم الأولى الصادرة في 5 فبراير 2009 بخصوص القانون رقم 33.06 المتعلق بتسنيذ الديون الرهنية [39]. كما أحال المجلس على الوزير الأول السابق نسخة من المذكرة الإستعجالية، ومن جوانب وزارة الاقتصاد و المالية، بشأن القانون المتعلق بتسنيذ الديون الرهنية. وبموجب رسالة الإحالة هذه أكد المجلس تشبثه بموقفه بشأن بعض مقتضيات القانون السالف الذكر التي تنطوي على مخاطر في إطار التسديد [40] .

وتخص المذكرة الإستعجالية الثانية للرئيس الأول الموجهة للوزارة الأولى سابقا التي نبهت إلى بعض الاختلالات المسجلة في ميدان الصفقات العمومية:

خاصة فيما يتعلق بنواقص تنفيذ الصفقات العمومية، كاللجوء المضطرد إلى “صفقات التسوية”، عدم مسك السجلات الخاصة بأوامر تنفيذ الأشغال، المبالغة في اللجوء إلى العقود الملحقة، ضعف المراقبة التقنية للأشغال؛ إضافة إلى غياب أنظمة خاصة تحدد شروط وكيفية إبرام الصفقات العمومية من طرف الشركات والمؤسسات العمومية، ضعف نظام  الرقابة الداخلية [41].

وبالتالي فهذه المذكرات الإستعجالية و إن كان لا يمكن بواسطتها إنزال العقاب على المخالفين، إلا أنها تعتبر إحدى أقوى الوسائل التي ينبه بواسطتها المجلس مسؤولي القطاعات الحكومية، و خاصة رئيس الحكومة لبعض الاختلالات الإدارية والمالية التي تحتاج لتدخل سريع، واتخاذ إجراءات آنية مما يساهم ولاشك في تجسيد مبادئ الحكامة المالية        و إصلاح التدبير العمومي على أرض الواقع.

كما وجه السيد الأول مذكرة استعجالية بتاريخ 10/07/2017 إلى السيدين وزير الداخلية و وزير الفلاحة و الصيد البحري حول تدبير المجازر، وقد وقفت هذه المذكرة على النقائص التي تعتري جودة التدبير، و الظروف الصحية  المحيطة بأعمال الذبح و توزيع اللحوم. و قد أكد المجلس خلالها على الحاجة الملحة إلى اتخاذ التدبير المناسبة لمعالجة أوجه القصور و تصحيح الاختلالات التي تم رصدها.

و قد وجه الرئيس الأول أيضا مذكرة استعجالية بتاريخ 19/07/2017 إلى وزير التربية الوطنية و التكوين المهني     و التعليم العالي و البحث العلمي،حول ظروف تهيئ و سير الدخول المدرسي لموسم 2016/2017، و ذلك تبعا للمهام الرقابية التي أنجزها المجلس على مستوى مجموعة من الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين،بخصوص الدخول المدرسي لسنة 2016/2017،الذي عرف مجموعة من النقائص حالت دون مروره في ظروف عادية،مما أثار مجموعة من الانتقادات من طرف الرأي العام،و كذا من طرف أعضاء البرلمان،و نظرا لجسامة  الأخطاء التدبيرية التي توقف عندها البحث التمهيدي الذي أنجز من طرف قضاة المجلس في هذا الإطار، قرر السيد الرئيس الأول توجيه هذه المذكرة الاستعجالية لوقف هذا الخطر الذي يتهدد النظام المدرسي باعتباره حجر الزاوية في تحقيق الإصلاح المنشود.

و من هنا فإن تدخل المجلس من خلال آلية المذكرات الاستعجالية يدخل في صميم الإصلاح الإداري و ذلك بالنظر لطابعها الاستعجالي،إضافة إلى أن سهولة إطلاع الرأي العام على هذه المذكرات الاستعجالية يلزم الأجهزة المعنية بها اتخاذ التدبير اللازمة للقيام بالإصلاحات المتضمنة بها، سواء ذات الطابع الإداري أو المالي.

و عموما يمكن القول أن المشرع قد مكن المجلس الأعلى للحسابات من عدة اختصاصات الهدف منها المصاحبة          و المواكبة و المساعدة للأجهزة الخاضعة لرقابته، و ذلك بهدف مساعدة هذه الأجهزة في تحقيق الإصلاح الإداري         و المالي،إلا أنه و على الرغم من مساهمة المجلس في تحقيق هذا الهدف منذ إنشائه إلى اليوم، لازال بحاجة ماسة إلى تدعيم هيكله التنظيمي بالعديد من القضاة و الأطر الإدارية المتخصصة ، و ذلك بالنظر لاتساع مجال عمله و تعدد الأجهزة الخاضعة لرقابته،إضافة إلى ضرورة تعزيز ميزانيته و تدعيمها،إذ في ظل غياب هذه الشروط يصعب قيامه بأدواره الإصلاحية ذات الطابع الإداري و المالي.

[1] – ظهير شريف رقم 1-11-91 الصادر في 27 شعبان 1432 (29 يوليو 2011) للمصادقة على النص الدستوري، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر الصادرة في 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011).

 

 

[2] – ظهير شريف رقم 124.02.1،صادر في فاتح ربيع الآخر 1423 (13 يونيو 2002)،بتنفيذ القانون رقم 99.62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية،و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5030،الصادرة في 03 ربيع الآخر 1423 (15 يونيو 2002).

[3] – المادة  77 من القانون رقم 99.62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.

[4] – المادة 79 من نفس القانون.

[5]– المادة 82 من القانون رقم 62-99.

[6]– المادة 84 من القانون رقم 62-99.

[7]– المادة 85 من القانون رقم 99.62.

[8]– أحمد حاسون: “المجلس الأعلى للحسابات بالمغرب دراسة سوسيوقانونية”، منشورات حوارات مجلة الدراسات السياسية والاجتماعية العدد 1/2013، طبعة 2013.ص 144.

.

[9]– نفس المرجع السابق، ص 145.

[10] -Base est. Basée sur trois principes de base dans le cadre de la nouvelle gestion publique : économie et compétence et efficacité.

[11]– جاك بوناي وجيل لزاناف:” تطور دور الغرف الجهوية الفرنسية للحسابات وطرق عملها”، منشورات المجلة المغربية للتحقيق والتنمية، سلسلة حول المجالس الجهوية للحسابات، أية تطبيقات للقضاء المالي في أفق الألفية الثالثة؟ سلسلة التدبير الاستراتيجي، العدد 1 سنة 1999.

[12] – محمد مجيدي:.”دور المجالس الجهوية للحسابات في تطوير أداء الجماعات المحلية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2006-2007،ص 78.

[13]– أحميد وش مدني: “المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، التشكيل والاختصاصات”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال – الرباط، السنة الجامعية: 2001-2002. ص 57.

[14]– إدريس خدري: “الفحص والتدقيق الجهوي”، المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، العدد 45، 2001، ص 93-110.

[15]– عيسى عيسى: “المراقبة الإدارية على تنفيذ الميزانية العامة بالمغرب، دراسة تحليلية ونقدية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، كلية العلم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، 2004-2005، ص 245.

[16]– محمد براو: “الوسيط في شرح قانون المحاكم المالية الكتب الثلاث”، منشورات مكتبة دار السلام الرباط، سنة 2011، ص 414.

[17]– أحمد أبو دية: “دور وسائل الإعلام في دعم أنظمة المساءلة والرقابة والمحاسبة في الأقطار العربية”، ضمن ندوة “المساءلة والمحاسبة، تشريعاتها وآلياتها في الأقطار العربية”، المنظمة العربية لمكافحة الفساد. توزيع الدار العربية لعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2007، ص 545.

[18]– أحمد حاسون: “المجلس الأعلى للحسابات بالمغرب”، دراسة سوسيوقانونية، مرجع سابق، ص 255.

[19]– حظيت تقارير المجالس الجهوية بحظ وافر من الاهتمام من طرف جل الجرائد، وذلك تزامنا مع أقرب الانتخابات الجماعية، وفي هذا السياق، فقد خصصت جريدة الأمة العديد من أعدادها لإعادة نشر تقارير المجالس الجهوية، وذلك من أجل الكشف عن اختلالات التدبير المالي المحلي. على سبيل المثال: جريدة رسالة الأمة، العدد 8025، الخميس 27 نونبر 2008، ص 3.

[20]– تراجع جريدة  رسالة الأمة، عدد 8029، 2 دجنبر 2008، ص 9. الجريدة تابعة للاتحاد الدستوري، “المحمدية: ما لم يرد في تقرير المجلس الجهوي للحسابات”. في نفس الوقت، وظف برلمانيو الأصالة والمعاصرة التقرير كآلية لمساءلة الحكومة. مغرب اليوم، 23-29 أبريل 2010، ص 6-7.

[21]– أعادت جريدة الاتحاد الاشتراكي نشر جواب الوزير المكلف بالتجهيز والنقل بعنوان “كريم غلاب يرد على تقرير المجلس”، العدد 9030، 22-23 نونبر 2008، ص 8.

[22]– على سبيل المثال ملخص تقرير حول المجلس الجماعي لطنجة في جانبه الخاص بالاختلالات. جريدة المساء، العدد 1099، 03-04 أبريل 2010، ص 3. المجلس الجهوي ومراقبة بلدية الفقيه بن صالح، جريدة المساء، العدد 10،05 أبريل 2010، ص . المجلس يرصد اختلالات مكتب معارض الدار البيضاء، جريدة المساء، العدد 1096، 30 مارس 2010، ص 4.

[23]– جريدة أخبار اليوم، العدد 98،الصادرة بتاريخ  31/03/2010، ص 3.

[24]– التحول الديمقراطي بالمغرب، التقرير السنوي 2004، مرصد الانتقال الديمقراطي بالمغرب، منشورات منتدى المواطنة الدار البيضاء، 2005، ص 54.

[25]– يمكن الاطلاع على مواقف شريحة من الرأي العام في جريدة الصباح، العدد 3208، 3/8/2010، ص 9-10،والعدد 3105، 5/4/2010، ص 5-7.

[26]– نخص بالذكر رؤساء المجالس المدن الذين شملتهم انتقادات التقرير السنوي للمجلس: عمر الجزولي عمدة مراكش سابقا، والبحراوي رئيس المجلس الجماعي للرباط سابقا، وشباط رئيس مجلس الجماعي فاس…. بل سيمتد الأمر إلى بعض الوزراء، وزير المالية خصوصا. وفي مقابل ذلك، اعتبرت الحكومة أن تقرير المجلس عمل مؤسساتي عادي وطبيعي لحماية المال العام. جريدة العلم، 4/4/2010، ص 1، نقلا عن أحمد حاسون.

[27]– إدريس لكريني: “ملاحظات على هامش إصدار تقرير المجلس الأعلى للحسابات”، جريدة المساء، العدد 678،24 نونبر 2008، ص 15.

27-Durand (G) : « Les référés du Premier Président de la cour des comptes », R.F.F.P, n° 58, 1997, p141.

 28 -Armand colin : « Les finances publiques» ; collection U. Paris. 1987 ;p 476 .

[30]– يتناقض طول الأجل الذي يصل إلى 60 يوما والطابع الاستعجالي في الإجابة على المذكرات.

[31]– المادة 11 من القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.

31-Magnet (J) : « Les institutions supérieures de contrôle des comptes et le pouvoir législatif : aperçu de droit comparé », R.F.F.P, p. 112.

32-El Arafi (H) : « La jurisprudence financière », in Mélanges en hommage au Professeur Mohammed Jalal Essaïd; Faculté des sciences juridiques économiques et sociales, Rabat-Agdal, Tome 3, 2007, p. 159.

33-Durand (G) : « Les référés du Premier Président de la Cour des Comptes » ,R.F.F.P.N 58 ;1997 ;p136.

34- El Arafi (H) :« La jurisprudence financière », op.cit, p. 161.

35- على سبيل المقارنة بفرنسا، فقد وجهت محكمة الحسابات سنة 1997ما مجموعه185مذكرة استعجالية إلى الوزارات، و285 رسالة للوكيل العام، و 448 رسالة لرؤساء الغرف للسلطات الإدارية. في حين بلغ عدد المراسلات الإدارية لمحكمة الحسابات سنة 2009 ما مجموعه 411 مراسلة، منها 44 مذكرة استعجالية.

36-Rapport public annuel 2010, 1ère partie, observations des juridictions financières, http://www.ccomptes.fr/cour-des-comptes/publications/rapports/rp2010/rapport-ac. p.658.

[37]– أحمد حاسون: مرجع سابق، ص 244.

[38]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات 2006، ص 17.

[39]– على المستوى المالي، اعتبر المجلس أن بعض المقتضيات الواردة في القانون رقم 33.06 المتعلق بتسنيذ الديون الرهنية من شأنها أن تعرض النظام المالي المغربي لمخاطر عديدة مرتبطة أساسا بتوسيع تطبيق هذه التقنية لتشمل كافة الديون بما فيها الديون محل نزاع.

[40]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، الجزء الأول، 2008، ص 30.

[41]– المرجع السابق، ص 31.

Exit mobile version