Site icon مجلة المنارة

الـشـيخ محمد زحل بين الدعوي والسياسي: مسار عالم مستقل

 

 

الـشـيخ محمد زحل بين الدعوي والسياسي: مسار عالم مستقل عـــالـــــمــي احـــمـد   ALMI AHMED  

دكتـــــور في الحقـــوق.  

بــــــاحث في القـــــانون العـــــام.

التخصص الدقيق :   علم السياسة والقانون الدستوري.

alamiahmaad@gmail.com

 

 

مـقــدمــــــة:

بغض النظر عن أن العلماء هم مكون من مكونات الإسلام السياسي بالمغرب، فهم كذلك فاعلون في الحقل الديني – السياسي المغربي، ولا يمكن فهم هذا الأخير والإحاطة بجميع جوانبه دون العودة إليهم، والوقوف عند الأدوار التي يمكن أن يضطلعوا بها، والتي من شأنها أن تمس بشكل مباشر سلسلة الإجراءات والقرارات التي تسعى الدولة إلى بلورتها في إطار سياستها الدينية.

فشريحة العلماء كانت حاضرة بشكل قوي ومواكبة لميلاد الحركة الإسلامية المغربية. وكان لها دور لايقل أهمية في هذه النشأة ، وما صاحب ذلك من تأطير وتربية وتوعية دينية. فالشيخ محمد زحل كان أحد هؤلاء العلماء الذين شاركوا في تأسيس الحركة الإسلامية إلى جانب عبد الكريم مطيع وآخرين، كما كان نشيطا في مجال الدعوة الإسلامية والوعظ والإرشاد الديني.

اتخذ الشيخ زحل في نشاطاته الدينية مسارا تميز بنوع من الإستقلالية ، حيث تزامن ذلك مع بروز فئة العلماء المستقلين، الذين أعلنوا رفضهم لهيمنة الدولة على الحقل الديني. فنجد أنه في الوقت الذي تسعى فيه الدولة للسيطرة على مكونات هذا الحقل ، كانت بالمقابل فئة من العلماء تطمح لممارسة نشاطاتها الدينية خارج الإطار الرسمي، وبعيدا عن وصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

رحل الشيخ محمد زحل إلى دار البقاء[1] ، وكان المقال كخطوة لتسليط الضوء على مسار الرجل الحافل بالإنجازات والعطاءات، خصوصا وأنه كان من العلماء البارزين الذين زاوجوا في نشاطاتهم الدينية بين الجانب الدعوي والجانب السياسي.

توفي الشيخ وترك وراءه رصيدا مهما في هذا المجال، سيما وأنه عايش حدثين مهمين، الأول يتمثل في الإرهاصات الأولى لنشأة الحركة الإسلامية المغربية، والثاني يتعلق بمأسسة الحقل الديني التي انطلقت في بداية الثمانينات، وماتلاها من إجراءات وتدابير، بما في ذلك السياسة المتخذة تجاه المساجد ومنابر الخطابة.

يطرح الموضوع إذا مجموعة من التساؤلات ذات الأهمية البالغة: ماهو موقع ودور الشيخ محمد زحل – باعتباره عالما مستقلا – داخل الحقل الديني-السياسي؟ وكيف واكب الشيخ زحل ميلاد وتأسيس الحركة الإسلامية المغربية؟ وما طبيعة المسار الذي اتخذه بخصوص الدعوة والوعظ الديني؟ وكيف كان تعامل السلطة مع المواقف الدينية والسياسية الصادرة عن الشيخ؟ هذه التساؤلات ستتم الإجابة عنها وفق التصميم الآتي:

 

المبحث الأول: الـشـيخ محمد زحل العالم المستقل

المطلب الأول: العلماء المستقلون كمكون من مكونات الإسلام السياسي المغربي

المطلب الثاني: المسلك الدعوي للشيخ محمد زحل

المبحث الثاني: الـشـيخ محمد زحل من الدعوة إلى السياسة

المطلب الأول: الشيخ محمد زحل والحركة الإسلامية

المطلب الثاني: الشيخ زحل والعلاقة المتأرجحة بين العالم والسلطة

 

 

المبحث الأول: الـشـيخ محمد زحل العالم المستقل

العلماء المستقلون هم فئة من العلماء والدعاة والوعاظ الذين رفضوا التوجهات العامة للسلطة فيما يخص تدبير الشأن الديني، ورفضوا كذلك وصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عليهم. إذ يوجد في مقابل العلماء المستقلين، فئة أخرى من العلماء (العلماء الرسميون) يشتغلون تحت وصاية الجهات المكلفة بتدبير الحقل الديني. فقد كان الشيخ محمد زحل ضمن الفئة الأولى (العلماء المستقلين)، كما كان رحمه الله من بين المساهمين في تأسيس الحركة الإسلامية المغربية، إضافة إلى ذلك كان يقوم بممارسة نشاطات دينية عديدة من أهمها الدعوة والوعظ والخطابة.

المطلب الأول: العلماء المستقلون كمكون من مكونات الإسلام السياسي المغربي

يعتبر العلماء المستقلون إحدى مكونات الإسلام السياسي المغربي، وهم علماء رفضوا “سياسة الإحتواء”، وأبوا أن تنحصر وظيفتهم فيما يملى عليهم من قبل الأجهزة الحكومية المكلفة بتدبير السياسة الدينية الرسمية[2]، وعارضوا مجمل التدابير والإجراءات التي كانت تبادر الدولة إلى اتخاذها فيما يخص الشأن الديني .  

يشتغل هؤلاء العلماء والدعاة خارج الإطار الرسمي ، فهم ينشطون في مجال الدعوة، وقد اتخذوا “النمط الكشكي” كإحدى أشكال التعبير عن الإسلام السياسي . فعلماء الدعوة على هذا النمط يمتلكون وسيلة فعالة في التأثير على جماهير المؤمنين وتأطيرهم ، تمثلت في “خطبة الجمعة” ، حيث أدركت السلطة السياسية خطورة هذه الأداة ، لذلك حاولت أن تقننها وتضبطها ، وتتجلى هذه الضوابط في التوجيهات التي وضعتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية باسم الملتقى العالمي لخطباء الجمعة المنعقد بفاس سنة 1987 والمتعلقة ببنية الخطبة والمواصفات التي يجب أن تكون متوفرة في الخطيب[3] .

وأمام تراجع دور العلماء التقليديين ، أصبح يبرز دور العلماء المستقلين منذ مطلع الثمانينات ، والذين أبانوا عن قدراتهم الخاصة في الإهتمام بالشأن العام ، والتعبير عن الحرمان الذي تعاني منه الطبقات الوسطى والدنيا، وتفاعلوا بشكل جيد مع الوضع العام من خلال مجموعة من الأنشطة وعلى رأسها خطبة الجمعة ، إضافة إلى الوعظ والإرشاد وإلقاء الدروس الدينية بالمساجد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما عملوا كذلك على التنديد من خلال خطبهم بتهاون السياسيين في الدفاع وتطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية[4]. وبالإضافة إلى هذه الأنشطة الدينية ، عمد كذلك العلماء المستقلون إلى ممارسة الإفتاء خارج الحقل الرسمي، بعيدين كل البعد عن الإجراءات والضوابط التي وضعتها الجهات الرسمية بهذا الخصوص. يحدث هذا في ظل غياب شبه تام للعلماء الرسميين (علماء المجالس العلمية)، والتي يقتصر الإفتاء لديها على بعض القضايا ذات الصبغة العامة، خلافا للعلماء المستقلين الذين بحكم قربهم من الناس يفتون في جميع المسائل والقضايا ، والتي تخص المعاملات والعبادات وشؤون الحياة الخاصة منها والعامة.

يشترك العلماء المستقلون في أنهم ينشطون في مجال الدعوة والوعظ والإرشاد الديني، حيث نجد مثلا أن الشيخ عبد الباري الزمزمي كان ينشط داخل المساجد من خلال خطب الجمعة، كذلك عبد العزيز بن الصديق. أما الشيخ زحل فقد كان نشيطا في المساجد والنوادي ومقرات الجمعيات من خلال الخطب والدروس الدينية ، كما ساهم أيضا بمقالاته ذات الطابع الديني والتربوي، خصوصا مجلة الفرقان.

 

المطلب الثاني: المسلك الدعوي للشيخ محمد زحل

تلقى الشيخ محمد زحل تعليمه الأولي بالمدرسة الجزولية (نسبة إلى محمد بن سليمان الجزولي) ثم بعدها بالمدرسة الهاشمية تحت إشراف الشيخ البشير بن عبد الرحمان توفيق، ثم بمعهد تارودانت، ثم بمراكش في التعليم النظامي . فقد عمل الشيخ محمد زحل لمدة عشرين سنة بالتعليم مند سنة 1965 ، كما أنه اشتغل بالخطابة في عدة مساجد إلى أن تم توقيفه سنة 1984، وكان من بين الذين أصدروا مجلة ” الفرقان ” إلى جانب الدكتور سعد الدين  العثماني، حيث أدارها لمدة عشر سنوات.

فبعد تخرج الشيخ زحل من كلية بن يوسف واستقراره بالدار البيضاء عمل على المزاوجة بين التدريس في المدارس الحكومية والدعوة في المساجد والأندية ودور الشباب والجمعيات الثقافية، وقد كان خطيبا بجامع الحجر بدرب غلف، ومسجد الحاج علي الهواري بالقريعة، ومسجد السنة بدرب الطلبة ، وجامع الشهداء بالحي المحمدي. وبالموازاة مع ذلك كان الشيخ زحل يلقي دروسا دينية مطولة في مسجد اليوسفي بقرية الأحباس، ومسجد الفوارات بالحي المحمدي، والمسجد العتيق بعين الشق، ومسجد الحفاري بدرب السلطان، ومسجد بين المدن، ومسجد التوحيد، حيث قام بتفسير القرآن الكريم منذ سنة 1976 إلى غاية 2008 بدأً بسورة الفاتحة وانتهاء بسورة الحشر. وبالموازاة مع ذلك كان الشيخ زحل يلقي دروسا أخرى تتعلق بشرح بعض الكتب الدينية ، ككتاب التوحيد الذي دأب الشيخ على شرحه بمسجد الفوارات ، كما بادر إلى شرح صحيح الإمام مسلم على امتداد سنتين بمسجد الشهداء ، حيث مارس الخطابة كذلك بهذا المسجد. كما شرح أيضا صحيح الإمام البخاري على امتداد ثلاث عشرة سنة بالمسجد العتيق ، كما درس آيات الأحكام في مسجد اليوسفي، ودرس كذلك جزءا كبيرا من جامع الترمذي في مسجد الفوارات.

كما أن الشيخ زحل عمل ضمن جمعية “أنصار الإسلام” صحبة الفقيه محمد مفضال السرغيني والأستاذ محمد الجبلي ، وسبق أن اشتغل كاتبا في التوجيه الإسلامي في جمعية شباب الدعوة الإسلامية ، التي كان مركزها في عين الشق ، كما أنه كان عضوا في رابطة علماء المغرب ، وقد حضر مؤتمرها السابع في مدينة أكادير صحبة المرحوم إدريس الجاي، ومحمد فوزي وأحمد العمري . كما سبق للشيخ زحل أيضا أن شارك في مؤتمر اتحاد الطلبة المسلمين في أوربا فرع إسبانيا في “مخيم رالفكار” بضاحية غرناطة سنة 1972 ، وألقى خلالها قصيدة صحبة الأساتذة عبد الكريم مطيع وإبراهيم كمال. كما حضر كذلك في المؤتمر إلى جانب هؤلاء الأستاذ زهير الشاويش رئيس المكتب الإسلامي ببيروت والأستاذ العلامة ناصر الدين الألباني ، حيث دام المؤتمر أسبوعا كاملا ، وكان المشرف عليه أنذاك الأستاذ السوري نزار الصباغ. بالإضافة إلى ما ذكر فالشيخ زحل كذلك هو أحد الأعضاء المؤسسين بالإتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، حيث حضر مؤتمره الذي انعقد بإستانبول سنة 2006 [5].

فأثناء مقامه بمدينة الدار البيضاء سنة 1963 كان الشيخ محمد زحل يزاوج بين التعليم والدعوة الدينية، إلى أن اتصل بعبد الكريم مطيع وتم تأسيس حركة الشبيبة الإسلامية. ولازال الشيخ زحل يذكر أنه في تلك الفترة كانت الدعوة الإسلامية تعرف نشاطا كبيرا ومساهمة مهمة من الشباب ، حيث كانت حركة  الشبيبة الإسلامية أنذاك تتبنى منهج التربية بالاعتماد على نظام الأسر والخلايا ، بيد أن التوجه السياسي لقائدها (عبد الكريم مطيع) هو من أفسد تلك البداية للحركة التي قال زحل أنها كانت مثمرة جدا[6].

إضافة إلى ذلك، وفي الجانب الدعوي دائما، فقد دأب الشيخ زحل على شرح وتفسير آيات سورة البقرة. ومساء كل يوم ثلاثاء كانت جنبات المسجد الصغير الموجود في زقاق ضيق يقع بين شارع طريق مديونة وزنقة القاهرة ، تعج بحوالي ألف من المصلين قدموا من إحياء نائية تبعد أحيانا بعشرات الكيلومترات ، غير عابئين بقلة وسائل النقل وصعوبة التنقل من حي إلى آخر. وبغض النظر عن مهنهم المختلفة ( حرفيين صغار وطلبة وأساتذة التعليم الثانوي …)، فقد كانوا يولون جميعا لهذه الدروس أهمية قصوى تجعل من حضورهم أمرا لا يمكن التفريط فيه ، خصوصا وأن الشيخ لم يكن يعيد إلقاء نفس الدرس مرتين[7].

يشار بهذا الصدد بأن الشيخ زحل كان يتطرق إلى شرح سور القرآن على “النمط الكشكي” كسورة البقرة مثلا التي قد يستغرق فيها ثلاث سنوات، خلافا للعالم التقليدي الذي قد يقوم بالأمر نفسه في مدة قصيرة ( شهرين تقريبا )، وكان الشيخ زحل في تلك الفترة ينتقل بين ثلاث مساجد متباعدة فيما بينها، ويتابع دروسه وخطبه نفس الجمهور[8].

 

المبحث الثاني: الـشـيخ محمد زحل من الدعوة إلى السياسة

يعد الشيخ محمد زحل – إلى جانب العديد من الدعاة والوعاظ المستقلين –  من الذين عرفوا باشتغالهم في الدعوة والخطابة خارج الإطار العام الذي رسمته الدولة فيما يتعلق بالسياسة الدينية، خلافا لعلماء المؤسسات الرسمية الذين يقومون بمباشرة مهام وأنشطة دينية تخضع في جميع الأحوال للتوجهات الرسمية. فهو من العلماء الأوائل الذين عايشوا البدايات الأولى لنشأة الحركة الإسلامية المغربية ، وكذا تأسيس حركة الشبيبة الإسلامية لعبد الكريم مطيع. وقد كان أيضا من الوعاظ الذين زاوجوا بين التعليم والقيام بالدعوة بشقيها: سواء في المساجد، أو في البيوت والمقرات والأندية، إلى أن تم توقيفه من ممارسة الوعظ والخطابة سنة 1984.

المطلب الأول: الشيخ محمد زحل والحركة الإسلامية

طغت على المشهد السياسي الإسلامي والعربي حركات سياسية انطلقت من الإسلام كمعتقد، وارتكزت عليه كأيديولوجية ، ومزجت بين السياسة والإسلام، ومهما تعددت الألقاب التي أطلقت على هذه الظاهرة لم يعد بالإمكان إلغاؤها أو إقصاؤها ، وفي المغرب كما هو الحال بالنسبة لباقي الأقطار العربية والإسلامية بدأت منذ أواخر الستينات تبرز داخل المشهد السياسي المغربي مكونات الحركة الإسلامية تحمل تصورات سياسية متباينة،[9] كما أن اقتحام هذه التيارات للمجال السياسي تعكس في معظم تجلياتها موقف شريحة من الشعب من فشل الدولة في القيام بالمهام المنوطة بها[10]، وتبعا لذلك تمكنت الحركة الإسلامية المغربية من التموقع داخل الحقل السياسي.

لقد أحصى الأستاذ محمد الطوزي ، في بداية الثمانينات ثلاث وعشرين جمعية دينية تفصح عن طابعها السياسي إلى حد ما، وهذا التنوع كان ابتداء من الفرع المحلي لحزب التحرير الإسلامي ، حتى الجمعيات الصغيرة المتأصلة الجذور في المنطقة والتي تدعو إلى الهداية، دليل على مدى الاستجابة لهذه الدعوة الجديدة ، يقابل ذلك سعي السلطة إلى تفتيت صفوف هذه الحركة، وبالتالي التحكم في آثارها السياسية[11] .

فالدولة تسعى دوما إلى مراقبة الحركات الإسلامية، والحيلولة دون ظهور تيارات جديدة. وبالرغم من ذلك فان البعض يرى أن تعدد هذه الحركات وكذا طرق التعبير الديني هي إحدى مظاهر الأزمة. ومما لا شك فيه، فهي تعبر أكثر من غيرها ، على مطلب جماعي لصالح إعادة تحديد القواعد التي تقنن اللعبة السياسية ، وخلق حقل سياسي عصري جديد. فالعملية إذن تتطلب ضرب مبدأ احتكار المؤسسة الملكية للوظائف الشرعية ، وفتح المجال أمام اجتهادات خاصة خارجة عن دوائر المؤسسات الدينية التي تعمل في خدمة السلطة السياسية. وقد تمخض عن هذه المطالبة، أن راكم المفكرون الإسلاميون أطروحات إيديولوجية لا تخلو من أهمية ، تمس مواضيع حساسة مثل الديمقراطية  والتعددية والمشاركة السياسية[12]، بل تم طرح مسألة “إمارة المؤمنين”[13]، وكذا البيعة موضع نقاش. كما أن دراسة الحركات الإسلامية الرئيسية تبين بشكل جلي على أن الحقل الديني بالمغرب – في هذه الفترة على الأقل – غير واضح المعالم . كما يحيل كذلك على تشعب اللعبة السياسية.

فالبرغم من سيطرة الدولة على المجال السياسي، واحتكارها لتوظيف عناصر التراث الإسلامي، فإن الحركة الإسلامية المغربية أصبحت تشكل فاعلا أساسيا قائما بصورة فعلية في الواقع السياسي المغربي. ومن ثم لا يمكن إغفال أو تجاهل حركيتها ودورها في الحياة السياسية[14].

فميلاد الحركة الإسلامية بالمغرب يسلط الضوء على فاعلين في المجال الديني، والذين كان لهم دور لا يمكن إغفاله، وهم شريحة العلماء. فبالإضافة إلى مواكبتهم لميلاد الحركة الإسلامية، وما تلا ذلك من بروز حركات أخرى تتبنى نفس التوجهات باعتبارها خرجت من رحم هذه الأخيرة، كالشبيبة الإسلامية، والإختيار الإسلامي. فهؤلاء العلماء أمثال الشيخ عبد الباري الزمزمي، والأستاذ أحمد الريسوني، وعبد الله أكديرة، وأحمد المشتالي والشيخ محمد زحل،  كان لهم دور في التأطير والتعبئة والدعوة. فالشيخ محمد زحل رحمه الله كان من بين المشاركين في تأسيس الحركة الإسلامية المغربية، إلى جانب الأستاذ عبد الكريم مطيع ، وإبراهيم كمال ، وعبد اللطيف عدنان، وعلال العمراني، وعمر عصامي، وإدريس شاهين، وغيرهم كثير. وكان الشيخ زحل أيضا حاضرا من خلال عمله وجهوده في الدعوة الإسلامية والإرشاد والوعظ.

وفي هذا الجانب يلاحظ الشيخ محمد زحل أن الحركة الإسلامية ، بالرغم من أنها اعتمدت في الكثير من جوانبها على أدبيات وفكر “الإخوان المسلمين” بمصر ، إلا أنها كانت متميزة شيء ما عن هذه التجربة المشرقية ، إذ أن التقيد بالمذهب أو التقليد لا يتم الاهتمام به في المناهج والدروس التربوية للحركة الإسلامية الناشئة بالمغرب ، إذ يتم الاعتماد بالأساس والأخذ بالكتاب والسنة ، إضافة إلى أن البناء العقدي الذي تم اعتماده في الجماعة كان يمتاح من كتب العقيدة الصحيحة ومنها : كتاب “التوحيد” للشيخ محمد بن عبد الوهاب، و”العقيدة الطحاوية”[15] ورسائل شيخ الإسلام بن تيمية ، كـ “الواسطية” … ويلاحظ أن الشيخ زحل قد أكد خلال لقاء له مع تقي الدين الهلالي[16] بأن هذا الأخير قد أقر بأن المنطلق العقدي للحركة سليم ، ولم تكن له أية نظرة سلبية عن العمل التنظيمي الإسلامي.

فميلاد الحركة الإسلامية لايمكن فهمه والتمكن من تفاصيله بمعزل عن شريحة العلماء، لأنهم هم الركيزة الأساسية لبلورة وتأسيس هذه الحركة، وإعطائها نفسا للدفع بها نحو تحقيق أهدافها وغاياتها، سواء على المستوى الديني، أو التربوي، أو السياسي. والملاحظ أن جل العلماء الذين برزوا في هذه الفترة – والذين كان من بينهم الشيخ محمد زحل – قد اختاروا توجها يتميز بنوع من الإستقلالية عن الخط الرسمي الذي تتبناه الدولة فيما يخص تدبير الحقل الديني.

 

المطلب الثاني: الشيخ زحل والعلاقة المتأرجحة بين العالم والسلطة

في سياق التدابير والإجراءات التي بادرت الدولة إلى اتخاذها – منذ بداية الثمانينات – بخصوص فضاءات العبادة ، بما فيها عملية إقفال المساجد ما بين أوقات الصلاة والاقتصار فقط على الدعاة المعينين من طرف الأوقاف للقيام بالوعظ والخطابة في هته المساجد . فإنه بالمقابل كانت تشكل المساجد الخاصةles mosquées privées  ملجأ للدعاة المستقلينles prêcheurs libres  . وعلى شاكلة الشيخ “كشك” الذي كان يباشر الدعوة في أحد مساجد القاهرة بـ “عين الحياة”، فإن الشيخ زحل وآخرون (كالقاضي برهون والزمزمي…) يسيطرون – بالرغم من الضغوطات التي تمارسها وزارة الأوقاف – على العديد من المساجد الخاصة بمدينة الدار البيضاء ، بل إنهم كانوا يقومون بدعوتهم أمام أنظار السلطات العمومية[17].

من بين المساجد التي كان الشيخ زحل يلقي فيها خطبه ودروسه مسجد بناه أحد أثرياء المدينة يدعى علي الكتاني ، ويقع المسجد بجوار مقبرة الشهداء بالدار البيضاء . وفي الوقت الذي تم فيه منع جميع رفاقه من الخطبة في المساجد ، استمر الشيخ زحل في متابعة أنشطته الدينية ثلاث سنوات إضافية ، ويرجع ذلك إلى الحماية التي كان يحظى بها من قبل المحسن الثري صاحب المسجد. إلا أن السلطات تدخلت محذرة هذا الأخير من مغبة اللعب بالنار منبهة إياه بأن مصالح الدولة فوق كل اعتبار[18].

يلاحظ أن الشيخ زحل بمجرد انتقاله للمسجد السابق الذكر (الذي بناه الكتاني) استطاع كسب جمهور عريض انتقل من ألف إلى ثلاثة آلاف مصلي[19]. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه قبل ذلك كان عدد المصلين مثلا الذين يحضرون الخطبة والدروس بأحد المساجد الخاصة بالدار البيضاء (مسجد درب الطلبة) يصل إلى 600 فرد بينما في اليوم الذي يلقي فيه الشيخ زحل درسه يتضاعف العدد ثلاث مرات[20]. لكن الخطب الحماسية التي كان يلقيها الشيخ زحل على نهج الشيخ كشك[21] لم ترق لوالي المدينة ، حيث أن هذا الأخير لم يجرؤ على الحديث مباشرة مع الكتاني ، لذلك قامت السلطات بإرسال أحد مستشاري الملك ليضع حدا لتواطؤ المقاول مع الخطيب ، ومما لا شك فيه ، فإن المستشار استعمل عبارات خاصة ليشعر المحسن الثري بأنه بصدد الزج بنفسه في أمور غير محمودة العواقب ، حيث انتاب الكتاني شعور بالخوف شبيه بذاك الذي تملكه ذات مرة حين أراد تحديد المبلغ الذي يجب دفعه كمساهمة منه في بناء مسجد الحسن الثاني ، وللتكفير عن “خطيئته” بادر بتسليم مفاتيح المسجد لممثل السلطة ، وبذلك انتهى كل شيء ووجد الشيخ نفسه من دون شغل[22].

يستمد الشيخ زحل هيبته أساسا من صوته القوي خلال خطبه الحماسية ، حيث تعطيه آلات مراقبة الصوت المتطورة دويا خاصا ، فطريقته في نطق الحروف لها تأثير قوي على مستمعيه الذين يعيشون خلال مدة الخطبة لحظات خشوع تام ، ويجدون أنفسهم في نهاية الإلقاء في حالة إجهاد وغليان ونشوة ، وهذه القوة في التأثير هي التي جعلت من الشيخ زحل – في تلك الفترة – نموذجا لنوع جديد من العلماء العاملين في المساجد الخصوصية الكبرى ، حيث أن أغلبهم كان ممنوعا من ممارسة الخطابة في عدة مساجد بالدار البيضاء[23].

فقد اتخذ العديد من الخطباء من طينة زحل خطبة الجمعة سلاحا ناجحا يمكنهم من ملأ الوظيفة الانتقادية للعالم النموذجي ، ويعود الفضل إليهم في تحقيق القطيعة مع ما اعتاد جمهور المصلين سماعه يوم الجمعة. فالعادة هي أن يقوم الخطيب التقليدي الذي يحظى برضا السلطة بالتطرق إلى موضوع ديني صرف يتخذه كتوطئه لتذكير المؤمنين بواجباتهم تجاه ربهم ، ثم ينتقل بعد ذلك للحديث في أمور أخلاقية أخرى . أما الخطباء الجدد فيسعون كل أسبوع إلى استعمال منابرهم للتطرق إلى مواضيع تهتم بالانشغالات والهموم والمشاكل اليومية للمؤمنين[24].

للتذكير فقط فإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وضعت ضوابط عامة للخطبة يتوجب على أئمة وخطباء المساجد التقيد والإلتزام بها ، فمن خلال الملتقى العالمي لخطباء الجمعة المنعقد بفاس سنة 1987 أصدرت وزارة الأوقاف مجموعة من التوصيات لضبط وتوجيه خطبة الجمعة وإلزام الأئمة والخطباء بالتقيد بها. فالتوصيات همت جانبين : الأول شكلي يهدف إلى الرفع من مستوى الخطبة من حيث الأسلوب والمضمون ، باعتماد أسلوب سهل ومناسب ، ووضوح في الأداء وتجنب الإطالة والإيجاز الممل . وبخصوص المحتوى ، فقد تم التأكيد على استلهام روح الخطبة النبوية ، وتوظيف الخطبة بطريقة منهجية حتى تتمكن من تأدية رسالتها الإسلامية ، واعتماد كذلك المبادئ والأحكام المستمدة من الكتاب والسنة والإجماع . كما يجب التركيز من خلال الخطبة على مختلف الظواهر الإجتماعية والجانب الأخلاقي كالإنحلال والتفكك الأسري … واعتماد أسلوب الإقناع والموعظة الحسنة في سبيل ذلك . كما تم التركيز كذلك على أن تهتم الخطبة ببث روح الإخاء والمودة والتكافل والتضامن بين المسلمين ، والإبتعاد عن الأمور الخلافية أو كل ما من شأنه إذكاء البلبلة والفتنة داخل المجتمع . وقد اختصر الملك الراحل الحسن الثاني ذلك من خلال إقراره بأن خطيب الجمعة يتوجب عليه أن يبتعد عن “السياسة السياسوية المحترفة” ، وأن يلتزم الحياد في خطبته ، وأن يكون دوره مهدئا للأعصاب وليس لإشاعة الفتنة وإثارة البلبلة[25].

يشار إلى أنه في إحدى الخطب التي ألقاها الشيخ زحل في بداية الثمانينات قام بشرح الحديث الشريف “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” ، وبعد تحليل مستفيض خلص إلى أن الحديث يؤكد على تقسيم للعمل بين المكونات الثلاثة للنظام السياسي الإسلامي[26]. حيث أن تغيير المنكر باليد أو بالقوة / الزجر يرجع للدولة لأن بحوزتها الوسائل الضرورية لذلك  La prévention du mal par la force ، أما تغيير المنكر عن طريق اللسان فيعود إلى العلماء لأنهم الوحيدون الذين لهم وظيفة الوعظ ويمتلكون المعرفة الدينية ، أما تغيير المنكر بالقلب فيكون لجمهور المؤمنين عن طريق الدعاء والتعبير عن الاستنكار عبر الصمتRefus silencieux  [27].

ومن هذا الجانب فقد اعتبر الأستاذ محمد الطوزي أن تغيير المنكر يعد عملية سياسية في جوهرها ، حيث أن هذه العملية لا تخلو من مضاعفات إذ بإمكانها تعريض النظام إلى مجموعة من الانتقادات تمس جميع أوجه الحياة العامة . ووعيا منه بهذا الأمر ، فقد عمل النظام على إلحاق العلماء بالوظيفة العمومية متوخيا بذلك إبعادهم عن وظيفتهم الأصلية الممثلة في الوعظ والإرشاد الديني ، وسلبهم كذلك الصلاحيات التي كانت من اختصاصهم والمتعلقة بتحديد محتوى وحدود العقيدة. فالنظام يلجأ إليهم كلما أجبرته الظروف على ذلك خاصة فيما يتعلق بتكفير المارقين عن سلطته . وفي هذا السياق ، وحسب إحدى الصحف الموالية للنظام فقد أشارت إلى ما يريده الملك من العلماء : “إن وظيفة العلماء تقتضي نشر التعاليم الإسلامية والحفاظ على الأخلاق الإسلامية كما حددها أمير المؤمنين ، وحماية الدين من كل البدع والتجاوزات حتى ولو صدرت عن العلماء أنفسهم.”[28]

يذكر أن فئة العلماء قد كانت هدفا لحملات متواصلة شملت العزل والإيقاف من ممارسة النشاطات الدينية، بما في ذلك الصعود لمنابر الخطابة، حيث أن مدينة الدار البيضاء لوحدها شهدت عزل وإعفاء خطباء كانوا يحظون بمكانة اجتماعية ودينية مرموقة من مهامهم الخطابية والوعظية، فمن بين المستهدفين إلى جانب الشيخ زحل، الأستاذ إدريس الجاي الذي كان خطيبا بمسجد الإيمان، والقاضي برهون بمسجد عمر بن الخطاب، ومحمد العباسي خطيب مسجد الفرح، ومحمد الضعيف بمسجد عادل، ومحمد فوزي خطيب مسجد كاليفورنيا، والفقيه المختار بمسجد بلفدير، ومحمد سنغور بمسجد الإدريسية، ومحمد حبيبي خطيب مسجد الكدية[29]، بالإضافة إلى كل من محمد بشيري ومصطفى قبلي ومحمد الرافعي، وعبد الرحمان العليوي.

وإلى جانب مدينة الدار البيضاء تم كذلك عزل وإيقاف عدد من الخطباء بمدينة فاس كأحمد الجاي ومحمد بكاري ومحمد العبدلاوي، ومن مدينة القصر الكبير تم توقيف أحمد شقور، ومن الرباط مبارك الشرقاوي ومحمد سحابي، والشيخ عبد الحفيظ العيساوي، ومن مكناس كوكب بوعزة، ومن أرفود عبد الله المدني، ومن سيدي قاسم محمد الخياطي، فضلا عن عدد من العلماء والدعاة الذين قدموا استقالتهم بفاس احتجاجا على مضايقات أعوان الوزارة[30] (وزارة الأوقاف).

فقد تفرغ الشيخ زحل بعد عزله لمأموريات دينية ليكون قريبا وعلى اتصال مباشر بالدوائر الإسلامية، فقبل هذا كان قد أصدر مجلة “الفرقان” وكان يضمنها لخطب مكتوبة تعبر عن توجهاته وقناعته. كما اهتم بتسيير أمور مكتبة للكتب الدينية تقع في “بين المدن” وهو حي شعبي بالدار البيضاء.

دامت عزلة الشيخ زحل حوالي اثنتا عشرة سنة، تقلص خلالها نفوذه بشكل ملموس، وحاول لمرات عديدة استرداد منصبه المفقود، وهو ماتم في الأخير خلال شهر ديسمبر 1995 بعد تدخل شخصيات سامية في الدولة، وتم استدعاؤه لمقر وزارة الداخلية ليطلب منه ممارسة الخطابة مجددا في أي مسجد يشاء، وهو العرض الذي قبله الشيخ دونما أي تردد[31].

فمن خلال نماذج العلماء الذين سبق وأن أشرنا إليهم، نجد أن الدكتور الريسوني فُتح له باب التربع على مجد تجارب وأطوار حركية، منذ أن وُجهت الضربة لحركة الشبيبة الإسلامية ، وفريد الأنصاري الذي تخلى عن أصدقاء الأمس بعد أن هجاهم وفضل الإرتماء في أحضان المؤسسة الدينية الرسمية . نجد بالمقابل أن الشيخ زحل اختار الإنزواء خارج الأضواء[32] ، فبعد أن تولى إدارة مجلة الفرقان داوم على إلقاء بعض الدروس في المساجد التي كان أغلبها في عين الشق . فقد عرف الجمهور الذي يتابع دروس الشيخ تناقصا كبيرا مقارنة مع فترات سابقة ، حيث أنه إلى حدود أواخر الثمانينات ، أي بعد أن لجأت الدولة إلى مجموعة من التدابير والإجراءات التي تهدف إلى تقنين الأنشطة الدينية بالمساجد ومراقبتها والتي من أهمها إقفال بيوت الله فيما بين الصلوات ، كانت أعداد المتتبعين لدروس الشيخ تعد بالآلاف ، لكن لوحظ أنه في السنوات الأخيرة تناقص العدد بفارق كبير . فمن خلال أحد دروس الشيخ[33] (درس ألقاه الشيخ زحل بمسجد المصلى بتاريخ 23 رمضان 1435 الموافق لـ 21 يوليوز 2014)، حيث دأب على إلقاء دروسه الدينية في مساجد غير متباعدة فيما بينها، مسجد المصلى، والمسجد العتيق، ومسجد الرحمة، وتتواجد جميعها بعين الشق. الدرس الذي ألقاه الشيخ بعد صلاة العصر خصصه للإجابة عن مجموعة من الأسئلة ، همت مواضيع كوجوب الإعتكاف والزكاة ، حيث تزامن الدرس مع العدوان الذي شنته إسرائيل على أهل غزة ، فقد أكد الشيخ أن المجاهدين في فلسطين لهم نصيب من الزكاة ، ليس لأنهم في محنة فقط ، بل لأنهم هم من يباشرون الجهاد الحقيقي – بتعبير الشيخ – إذ أن الجهاد في فلسطين لا يمكن مقارنته بأي حال من الأحوال بالوضع في سوريا أو العراق ، فمجاهدي غزة هم “رهبان بالليل وفرسان بالنهار ، يقيمون بالليل ، وبالنهار يقارعون العدو ، فكيف لهم أن يخافوا؟ فهم لا يخشون أي شيء …” وفي آخر الدرس أثنى الشيخ على أهل غزة وخصهم بوافر الدعاء.

خـــــــــاتـمـة:

يعد الشيخ محمد زحل من العلماء الذين شاركوا في تأسيس الحركة الإسلامية، وكذا ممارسة الدعوة الدينية بجميع أشكالها بما في ذلك الوعظ والإرشاد ، وإلقاء الدروس الدينية ، والصعود إلى منابر الخطابة لإلقاء خطب لاتتماشي والتوجه العام للسلطة. حيث حافظ العالم على استقلاليته، في هذه الفترة على الأقل، التي كان فيها التنافس على أوجه بين الدولة والحركة الإسلامية للهيمنة على مكونات الحقل الديني.

لقد كان الشيخ محمد زحل من العلماء المعارضين لإجراءات وتدابير السياسة الدينية الرسمية، والرافضين لتوجيهات الدولة فيما يتعلق بالشأن الديني. فقد كان منبر الخطابة أهم سلاح في سبيل تحقيق ذلك. فهو من العلماء الذين يرون أن التحكم في الشأن الديني، وتوجيه منابر الخطابة وإخضاعها لرقابة الدولة، والهيمنة على فضاءات العبادة تعتبر تهميشا حقيقيا لهم ولدورهم في القيام بأنشطتهم الدينية، والتي يسعون من خلالها لتحقيق أهداف وغايات تتمثل في التربية والوعظ الديني، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاهتمام بالمشاغل اليومية للناس، وتحقيق العدل والمساواة، وإسداء النصح للحكام. حيث أنه في جميع الأحوال كان هناك سعي الدولة الحثيث لحصر مجمل الأنشطة الدينية في دائرة العلماء الرسميين، أو علماء السلطة.

[1]  – توفي الشيخ محمد زحل رحمه الله يوم الأربعاء 23 غشت 2017 عن عمر يناهز 74 عاما، وقد أقيمت له جنازة مهيبة بمدينة الدار البيضاء حضرها الآلاف من المشيعين ضمت علماء ودعاة وساسة وزعماء أحزاب ومثقفين…

[2]  – ضريف (محمد) : الإسلام السياسي في المغرب: مقاربة وثائقية ، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي ، مطبعة المعارف الجديدة . الرباط الطبعة الثانية : 1992 ، ص: 179

[3]  – ضريف (محمد) : الإسلام السياسي في المغرب… م.س، ص: 180

[4]  – محمد الطوزي: الملكية والإسلام السياسي في المغرب ، ترجمة : محمد حاتمي وخالد شكراوي ، نشر الفنك، الدار البيضاء، 1999. ص: 12

[5]  – هذه المعلومات مأخوذة من الصفحة الرسمية للشيخ زحل في الفيسبوك ، وللإشارة فهو من دلني عليها قائلا: “راجع الصفحة ففيها كل ما يتعلق بسيرتي” ، وذلك في أعقاب درس ديني حضرته بمسجد المصلى الذي لا يبعد كثيرا عن كلية الآداب عيق الشق ، وقد ألقى الشيخ زحل درسه بعد صلاة العصر خلال شهر رمضان من سنة 2014 .

[6] – مجلة البيان ( مجلة تصدر عن المنتدى الإسلامي ) ، السنة السابعة عشرة ، العدد: 174/ ماي 2002 ، ص : 39

[7]  – Tozy (M) : Monarchie et islam politique au Maroc, Presses de Sciences Po , Paris 1999, p : 120

[8] – Tozy (M) , Etienne (B) : La da’wa au Maroc , Proléogomènes théorico-historiques, In : Les Radicalismes islamiques, Paris, L’Harmattan, 1986, p: 29

[9]  – عبد اللطيف حسني : مجلة وجهة نظر، عدد: 4/1999 ص : 2

[10]  – محمد الطوزي: الملكية والإسلام السياسي في المغرب … م.س، ص :163

[11]  – محمد الطوزي: الملكية والإسلام السياسي… م.س. ص :315 .

[12]  – محمد الطوزي: الملكية والإسلام السياسي… م.س. ص: 13 .

[13]  – راجع ما كتبته ذ / أمينة المسعودي في : وجهة نظر عدد: 25-26 / 2005 ، ص : 23 .

[14]  – محمد الطوزي: الملكية والإسلام السياسي… م.س. ص: 13

[15]  – نسبة إلى “متن العقيدة الطحاوية، بيان أهل السنة والجماعة” لمؤلفه أبو جعفر الطحاوي المتوفى سنة 321.

[16]  – يعتبر محمد تقي الدين الهلالي من أبرز الدعاة السلفيين المغاربة ، هو من مواليد 1311 هـ (1891) بسجلماسة ، وتوفي سنة 1987 ، محدث ولغوي وأديب وشاعر ، وهو أول من أدخل الدعوة السلفية للمغرب بعد أبي شعيب الدكالي ومحمد بن العربي العلوي ، فقد كان طالبا ومحاضرا في نفس الآن ومشرفا كذلك على الإذاعة العربية بألمانيا ، وقد حاز على شهادة الدكتوراه بجامعة برلين . أما بخصوص الفترة التي عرفت نشوء الحركة الإسلامي بالمغرب وفي سياق علاقته ببعض العلماء والدعاة ، فقد كان يعقد عدة لقاءات تجمعه بمؤسسي حركة الشبيبة الإسلامية ومن بينهم الشيخ زحل، وقد كان راضيا عن المسار التنظيمي الذي اتخذته الحركة الإسلامية أنذاك ، وكان بعد ذلك ينظم لقاءات دورية مع شباب الحركة.

[17] – Tozy (M) , Etienne (B) : La da’wa au Maroc… op.cit, p : 2

[18] – Ibid.

[19] – Tozy (M) : Monarchie et islam politique au Maroc … op.cit , p : 121

[20] – Tozy (M) , Etienne (B) : La da’wa au Maroc … op.cit , p : 29-30

[21]  – هذا النمط من الخطابة قد ميز تقريبا جل الدعاة المستقلين في هذه المرحلة… راجع بهذا الصدد:

– Tozy (M) , Etienne (B) : La da’wa au Maroc … op.cit , p : 15 et suite.

[22] – Tozy (M) : Monarchie et islam politique au Maroc … op.cit , p : 121

[23] – Ibid , pp : 121-122

[24] – Ibid.

[25]  – راجع: أحمد عالمي: تدبير الدولة للسياسة الدينية بالمغرب، العلماء نموذجا 1981-2010 ، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق ، جامعة الحسن الثاني – عين الشق، الدار البيضاء، 2015-2016 ، ص: 172-175.

[26] – Tozy (M) : Monarchie et islam politique au Maroc … op.cit , p : 122

[27] – Tozy (M) , Etienne (B) : La da’wa au Maroc … op.cit , p : 25

[28] – Tozy (M) : Monarchie et islam politique au Maroc … op.cit , pp : 122-123

[29]  – راجع جريدة العلم ، العدد 13778 ، بتاريخ 20 أبريل 1988 ، ص: 3

[30]  – ضريف (محمد) : الإسلام السياسي في المغرب المعاصر … م.س ، ص: 303

[31] – Tozy (M) : Monarchie et islam politique au Maroc … op.cit , p : 123

[32]  – هاني (إدريس) : علماء المغرب بين الأمس واليوم ، من السلفية الوطنية إلى السلفية التكفيرية ، حكاية انحطاط دراماتيكي ، مجلة وجهة نظر ، عدد: 46 / صيف وخريف 2010 ، ص: 28

[33]  – هذا الدرس الذي ألقاه الشيخ زحل  بمسجد المصلى في رمضان لسنة 2014 ، حضرته بصفة شخصية يوم 23 رمضان الموافق لـ 21 يوليوز 2014 ، حيث اعتاد الشيخ على إلقاء دروسه الرمضانية بعد صلاة العصر .

 

Exit mobile version