Site icon مجلة المنارة

العمل للمنفعة للعامة في توجه السياسة العقابية المعاصرة – دراسة مقارنة –

العمل للمنفعة للعامة في توجه السياسة العقابية المعاصرة

من إعداد: إكرام مختاري                خالد بنتركي

دكتورة باحثة في القانون الجنائي      طالب باحث صف الدكتوراه

 والعلوم الجنائية                        كلية الحقوق وجدة

 

مقدمة:

شكلت العقوبة السالبة للحرية في وقت غير بعيد عقوبة أساسية في معظم التشريعات والأنظمة العقابية، وقد إكتسبت هذه الأهمية بعد الإنتقادات التي وجهت للعقوبات البدنية القاسية، فأصبحت بذلك الوسيلة المعول عليها في مواجهة الأفعال وكبح السلوكات الإجرامية غير المشروعة.

وإن كانت العقوبات السالبة للحرية من الأهمية بمكان في النظام العقابي والوسيلة الأكثر إستعمالا لمواجهة الخطورة الإجرامية، إلا أن الواقع العملي والتطور النوعي والعددي للجرائم أثبت قصور هذه العقوبات في التصدي للظاهرة الإجرامية والعود للإجرام، وبالتالي أصبحت محل إنتقاد واسع وتشكيك وجدل حول قيمتها لبلوغ أهداف السياسة العقابية المعاصرة في تحقيق الإصلاح والتأهيل المطلوب للمحكوميين بعقوبات سالبة للحرية قصيرة المدة التي تشكل النسبة الغالبة في الأحكام المنطوق بها، الشيء الذي جعلها غير كافية لتنفيذ برامج الإصلاح والتأهيل المناسب لشخص المحكوميين، وهو ما يفسر إرتفاع حالات العود للإجرام لدى هذه الفئة مما يدل على فشل العقوبات في تحقيق الردع بنوعيه العام والخاص، بالإضافة إلى إرتفاع تكلفة تنفيذ برامج الإصلاح وإعادة الإدماج والإيواء ونفقات تسيير وبناء السجون.

أمام هذه السلبيات أصبحت التشريعات الجنائية اليوم مطالبة بمراجعة سياستها وفلسفتها العقابية من خلال إعتماد بدائل عقابية نفعية تشاركية تفيد المجتمع والسجين معا، وتوفر ظروف أفضل لنجاح عملية التأهيل الإجتماعي بعيدا عن أسوار السجن[1].

وقد حرصت معظم التشريعات الجنائية المقارنة جعل هذه البدائل ضمن أولوياتها من خلال التنزيل السليم لها وبلورتها على أرض الواقع ضمن بيئة إجتماعية حرة قريبة لبيئة المحكوم عليه، ويشكل العمل للمنفعة العامة أحد أبرز وأهم تطبيقات بدائل العقوبات التي تتوفر على هذه الشروط، لهذا يعرف هذا النظام بأنه”: بديل عقابي يقوم فيه المحكوم عليه بتأدية عمل للمنفعة العامة لدى إحدى المؤسسات العمومية بصورة مجانية وذلك خلال مدة محددة وضمن شروط وضمانات قانونية يسهر القضاء على ضمانها.”

ومن هذا المنطق تبرز أهمية العمل للمنفعة العامة بإعتباره أحد أهم الأشكال العقابية المستحدثة في السياسة العقابية المعاصرة لينضاف إلى باقي العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية.

ولقد إعتمد لأول مرة في التشريع الجنائي في إنجلترا عام 1972 تحث مسمى  Communty service ordersحيث سمحت أحكام هذا القانون للمحكمة أن تحكم  على من بلغ السابعة عشرة من عمره فما فوق القيام بعمل للمنفعة العامة مجانا، خلال مدة محددة على ألا تتجاوز عدد الساعات 240 ساعة ولا يقل عن 40 ساعة، وينفذ خلال إثني عشر شهرا على الأكثر، ثم إعتمدته باقي التشريعات العقابية الأخرى كندا سنة 1976 بناء على تجربة أطلقتها ولاية كيبك الكندية في بعض المقاطعات، ونجاح التجربة دفع بالولاية إلى تعميم النظام على كامل الولاية في عام 1980، وأدخل العمل للمنفعة العامة أيضا إلى القانون الفرنسي بموجب القانون رقم 83-466 الصادر سنة 1983 الذي عدل عدة مرات إلى أن استقرت أحكامه في المواد 131-8 إلى حدود 131-32 من قانون العقوبات الفرنسية[2]، ويدعى هذا القانون قانون “التضامن”، لأنه يمثل تضامنا مع المحكوم عليه من خلال فرض العمل للمنفعة العامة، ثم على المستوى العربي أخذ المشرع المصري عقوبة الشغل خارج السجن من خلال القانون(12) الصادر في 1912/6/8، ونص عليه المشرع التونسي لأول مرة في القانون رقم 89 سنة 1999، وعدل سنة 2005 بموجب الفصل الخامس حيث صنف المشرع التونسي العمل للمنفعة العامة كعقوبة أصلية[3]، وإستحدثها المشرع الجزائري كذلك من خلال القانون رقم 09/01 المؤرخ في مارس 2009 من خلال المادة 05 مكرر [4]01.

في حين لم يسلط الضوء عليه في التشريع العقابي المغربي إلا من خلال التعديل الأخير الذي طال نصوص القانون الجنائي المغربي وقانون المسطرة الجنائية لسنة 2015، على الرغم من أهميته العقابية وقيمته الإضافية النوعية في علاج الإختلالات والإشكالات القانونية والواقعية لظاهرة إكتظاظ السجون، والعود للإجرام، والإفراط في حالات الإعتقال، والتكلفة الإقتصادية الباهضة التي تصرف في بناء السجون وتسييرها وإنعكاس ذلك على المجتمع والفرد معا.

لذلك لتسليط الضوء على تجادبات الموضوع نتساءل عن مدى فعالية العمل للمنفعة العامة في تجسيد سياسة إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين مقارنة بعقوبة الحبس؟، ولأي حد يمكن تنزيل المقتضيات القانونية المتعلقة بالعمل للمنفعة العامة على أرض الواقع؟، ما هي نواقص القانون وحلول إنجاح العمل للمنفعة العامة.

لمقاربة الموضوع والاجابة عن التساؤلات السابقة إرتأينا تقسيم الموضوع إلى مطلبين، تناولنا في المطلب الأول: الاطار القانوني للعمل للمنفعة العامة، ثم تطرقنا في المطلب الثاني لتطبيق العمل للنفع العام في التشريع الجنائي المغربي والفرنسي.

المطلب الأول:الإطار القانوني للعمل للمنفعة العامة

يمثل تبني العمل للمنفعة العامة مرحلة مهمة في تاريخ العقوبة، وقد جاء في إطار الحركية التي تعرفها الأنظمة العقابية في مختلف التشريعات الجنائية المعاصرة، وإنعكاس للتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتراكم للتجارب الفاشلة التي تزامنت مع تطبيق العقوبات السالبة للحرية وعجزها في إصلاح الجناة وتأهيلهم لما بعد تنفيذ العقوبة، ونتيجة للأسباب السابقة التي ساهمت بشكل أو بأخر في إنتاج مفاهيم وأفكار فلسفية جديدة تختلف عن تلك التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر والمرتبطة بالأغراض التقليدية للعقوبة المتمثل في الردع والإيلام داخل مؤسسة محددة النطاق، وقد أسهمت الإنتقادات والتشكيك حول جدوى العقوبات السالبة في تحقيق أهداف السياسة العقابية المعاصرة، إلى ضرورة التفكير في بدائل عقابية ذات طبيعة إجتماعية إصلاحية تشاركية لا تقتصر على جهاز القضاء الناطق باالعقوبة والمؤسسة السجنية فحسب، بل تتعداه إلى إشراك المؤسسات والقطاعات العامة والرأي العام في تحقيق مستحقات هذا الإصلاح المنشود، ويعتبر العمل للمنفعة أحد أهم هذه البدائل وأكثرها تطبيقا في مختلف التشريعات الجنائية المقارنة، لذلك نتساءل عن ماهية هذه العقوبات في ظل الأنظمة القانونية التي إعتمدته(الفقرة الأولى)، ثم نسلط الضوء عل المقاربة الفلسفية الذي يقوم عليها العمل للمنفعة العامة من خلال الوقوف على طبيعته القانونية( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: ماهية العمل للمنفعة العامة.

إرتبط العمل بالعقوبة منذ القدم، وسمي في ظل القوانين السابقة بالعمل العقابي نسبة للجزاء الذي يحل بالمحكوم عليه المخل بنظامها الاجتماعي، وقد تطور مع تطور العقوبة ووظيفتها فأصبحنا اليوم أمام بدائل عقابية ذات طبيعة خاصة لعل أهمها العمل للمنفعة العامة أو التشغيل الاجتماعي، لذلك قبل الخوض في فهم ماهية العمل للمنفعة العامة لابد من الوقوف على تعريف بدائل العقوبات أولا، ثم التطرق لتعريف العمل للمنفعة العامة بإعتباره نوع من البدائل العقابية الحالية.

أولا:  تعريف العقوبة البديلة

إن تعريف العقوبة البديلة لا تختلف كثيرا عن العقوبة الأصلية إلا من خلال الغاية، فكلاهما جزاء يقرره المشرع ويطبقه القاضي على مرتكب الجريمة، فتعرف العقوبة الأصلية بأنها” جزاء يوقع بإسم المجتمع تنفيذا لحكم قضائي على من تثبت مسؤوليته عن الجريمة[5]، ويطلق عليها أيضا ” الجزاء الذي يوقع على الجاني عند مخالفته للقاعدة القانونية الآمرة أو الناهية، وذلك لتقويم ما في سلوكه من اعوجاج ولردع غيره من الافتداء به.

في حين تعرف العقوبة البديلة أنها تلك العقوبة التي تقررها المحكمة المختصة على المحكوم عليه بموافقته ورضاه، بدلا من العقوبة السالبة للحرية مقيدة المدة، وتتمثل إما بغرامة أو عمل للنفع العام يقدمه المحكوم عليه لفائدة المجتمع دون أجر ولمدة محددة، أو أي شكل آخر على أن تتم وفق شروط وضوابط معينة[6].

وتعرف كذلك على أنها” العقوبات أو التدابير التي تطبق على الشخص المحكوم عليه كبديل للعقوبة السالبة للحرية والتي تجنبه الآثار السلبية للحبس وتكفل له صيانة لشخصه وكرامته من خلالها”.

وقد إتجه المشرع الجنائي المغربي من خلال مسودة القانون الجنائي الجديد لسنة 2015 إلى تعريف العقوبة البديلة لأول مرة حيث عرفها بأنها تلك العقوبات البديلة التي يحكم بها في غير حالات العود كبديل للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها سنتين حبسا”[7].

يلاحظ من خلال التعاريف السابقة أن كلا من العقوبة البديلة والأصلية تخضع لكافة الأحكام والمبادئ التي تخضع لها العقوبة الأصلية، سواء من حيث شروط تطبيقها، فكلاهما يقررها المشرع ويطبقها القاضي، في حين تتميز عن العقوبة الأصلية بأنها لا تتم بالجبر والإكراه، فأمر تنفيذها متروك لحرية المحكوم عليه بها، فله أن يقبل بها أو أن يرفضها، وإذا ما رفضها طبقت عليه الأصلية المتمثلة في الحبس السالب لحريته.

ومن حيث جوهرها فجوهر العقوبة الأصلية هي الردع والايلام وإن كان ليس مقصودا لذاته بل لتحقيق غاية المشرع من خلالها وهي إصلاح المحكوم عليه وإعادة تأهيله من خلال برامج تأهيلية وإرشادية داخل المؤسسة العقابية، أما غاية أو جوهر العقوبات البديلة يقوم على توفير معاملة عقابية خاصة تنطوي على التهذيب والتأهيل، دون أن تنطوي على سلب الحرية، فهناك حالات من الإجرام البسيط ولبعض الأشخاص ونذكر من ذلك جنوح الأحداث، وإلزام المدين بأداء ما في ذمته المالية من خلاله إخضاعه لمسطرة الإكراه البدني وغيره من الحالات التي تسلب فيها حريته من خلال إيداعه لدى المؤسسة السجنية، ففي هذا النوع من الأمثلة يجب أن يخضع المحكوم عليه لتدابير عقابية إجتماعية مع خضوعه لبرامج التأهيل والتوجيه ينبغي الالتزام بها والتقيد بشروطها فتسهم بالتالي في تنمية شعوره بالمسؤولية وتقييد حريته على نحو يجعله يفكر مليا فيما أقدم عليه بحيث يدرك بأن ما قام به هو تصرف غير مقبول إجتماعيا[8].

والباحث في العقوبات البديلة يجدها عديدة ومتنوعة إلا أن أهمها العمل للمنفعة العامة فما المقصود بها ؟.

ثانيا: تعريف العمل للمنفعة العامة

يجب التنويه بداية إلى أن المشرع المغربي من خلال مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد2015  لم يقف على تعريف العمل للنفع العام، وإنما  تحدث فقط عن إجراءات العمل به والجهة المختصة في تنفيذه وعليه يمكن القول أن العمل للنفع العام يعد أهم بدائل العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة في السياسة العقابية المعاصرة، وذلك لأن أساس العقوبة فيه هو إصلاح وتأهيل المحكوم وإعادة إدماجه في المجتمع، كما نادى به الفقيه الجنائي ماركل أنسل وجراماتيكا اللذان يعتبران أهم رموز المدرسة الاجتماعية للدفاع الاجتماعي.

وتأسيسا على ذلك فقد عرف العمل للنفع العام بأنه”: تلك العقوبة البديلة التي تقوم على قيام الجاني بعمل ما لدى إحدى المؤسسات العمومية، خلال مدة معينة، ولساعات محددة، يحددها الحكم الصادر، والذي يحدد كذلك المؤسسة التي يباشر فيها المحكوم عليه تنفيذ تلك الساعات خلالها، ومهاراته، أو بناء على تقرير الطبيب الذي يحدد نوع الأنشطة التي يستطيع الجاني تحمله مع مراعاة صنف الجاني( من ذوي الإعاقات والأطفال والنساء).

ويعرف كذلك أنه”: قيام الجانح بعمل يعود بالفائدة على المجتمع تكفيرا عن الخطأ المرتكب من طرفه وذلك دون أن يكون ذلك مقابل أجرة”[9].

في حين يعرفه المشرع الفرنسي من خلال المادة 131/8 من قانون العقوبات الفرنسية بأن العمل للنفع العام هو”: العمل بلا مقابل لمصلحة شخصية معنوية عامة أو جمعية مخولة مباشرة أعمالا للمصلحة العامة”.

كما يعرفه المشرع الجزائري في المادة 5 مكرر 1 من قانون العقوبات بأنه قيام المحكوم عليه بعمل للنفع العام بدون أجر لمدة تحددها المحكمة طبقا للحد الأدنى والأقصى المنصوص عليه في المادة لدى شخص معنوي من القانون العام.

نستنتج من خلال ما سبق  أن العمل للمنفعة العامة هو ذلك العمل الذي يقوم به المحكوم عليه كبديل عن العقوبة السالبة للحرية لفائدة المجتمع وبرضاه، وذلك بغرض إصلاحه وإعادة إدماجه في الحياة الاجتماعية وتجنبيه مساوئ السجن والسجناء، من خلال مقرر قضائي إكتسب قوة الشئ المقضي به، وفق الشروط القانونية المنصوص عليها[10].

والعمل بهذا الجزاء سجل في منذ عهود سبقت نظرا لأهميته الاصلاحية والردعية في نفس الوقت، وإن إخلتفت طبيعته في الأعراف والقوانين، إلى أن تطور بهذا الشكل الذي سنسعى لتبيانه في الأتي:

ثالثا: التأصيل التاريخي للعقوبة البديلة(العمل للنفع العام)[11]

إن ظهور مصطلح ومفهوم العقوبات البديلة كمفهوم جديد في الإصلاح والتأهيل ظهر تقريبا في منتصف القرن الماضي، لكن جذوره التاريخية ترجع إلى عهود مضت ولاسيما في تشريعنا الإسلامي، فقد أعطت الحاكم في العقوبات الحديثة صلاحية الحكم في إستبدال عقوبة القتل للأسير القاتل بعقوبة الخدمة في مصلحة المجتمع، إما بالتعليم كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بأسرى بدر أو بالإستبدال بالعقوبة المالية حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز(فإما منا بعد وإما فداء)[12].

أما في التشريعات الوضعية فقد بدأ الاهتمام الدولي بالبحث عن بدائل السجون منذ منتصف القرن الماضي، وقد أثير للموضوع لأول مرة في 1872 من خلال مؤتمر لندن والذي تمخض عنه إنشاء اللجنة الدولية للعقوبة والاصلاح التابعة لعصبة الأمم المتحدة والتي كانت تعقد مؤتمراتها الدولية كل خمس سنوات حول مكافحة الجريمة ومعاقبة المجرمين، ولقد عقدت تلك اللجنة العديد من المؤتمرات، وكانت في كل مؤتمر تشير إلى موضوع العقوبات البديلة كمحور من محاور مؤتمراتها، إلا أن أولى المحاولات الجادة لتبني نظام العقوبات البديلة كانت قد أثيرت في مؤتمر لندن المنعقد سنة 1960، والذي كان من أهم توصياته دعوة كافة الدول للعمل على ألا يحكم قضاتها الجنائيون قدر المستطاع بعقوبة قصيرة المدة، و أن يحلوا محلها وقف التنفيذ أو الغرامة أو العمل في ظل نظام شبه الحرية، ثم أثير هذا الموضوع في مؤتمر جنيف المنعقد سنة 1975 والذي تم تخصيص موضوعه الرئيسي للبحث عن بدائل السجن كبديل للجزاء في المجتمع الحر[13].

وقد تواثرت مؤتمرات الأمم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، وآخرها المؤتمر الثاني عشر الذي عقد في سلفادور بالبرازيل الذي عقد في الفترة من (12-19/4/2010)، والذي شدّد الإعلان الصادر عنه والمعروف بـ (إعلان سلفادور) في البند رقم (15) منه على ضرورة تدعيم بدائل السجن التي يمكن أنَّ تتضمن الخدمة المُجتمعيَّة.

ومن جانب آخر، تم عقد العديد من المؤتمرات الدوليَّة التي تناولت عقوبة العمل للمنفعة العامّة، نذكر منها المؤتمر الدوليّ الذي عقد حول موضوع خدمة المُجتمع كجزاء جنائيّ في سويسرا بمدينة كرانس مونتانا في الفترة من 16-19/9/1991، وقد انتهى هذا المؤتمر بتأكيد دور عقوبة العمل للمنفعة العامّة كعقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحريَّة في إعادة تأهيل المحكوم عليهم، وأوصى المؤتمر التشريعات الجنائيَّة التي لا تطبق تلك العقوبة أن تجري تعديلات في تشريعاتها، يتم من خلالها إدخال تلك العقوبة إلى قوانينها

وجدير بالذكر أنَّ التوصيات الصادرة عن المجلس الأوروبي اهتمت بموضوع بدائل عقوبة السجن ومنها العمل للمنفعة العامّة؛ إذ تضمَّن التوصيَّة الصادرة عن مجلس أوروبا الصادرة بالقرار رقم 10(76) أنَّ خدمة المُجتمع هي طريقة ” لكي يساهم المُجتمع بفاعليَّة في إعادة تأهيل المجرم من خلال قبول تعاونه في العمل التطوعيّ”؟، “.

ومن ناحية ثانيَّة، تحظى خدمة المُجتمع بالتأييد بموجب قرار المجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ للأمم المتحدة رقم (1998/23)، الفقرة (3/ج)، كما أكد على أهمية العمل للمنفعة العامّة إعلان كادوما حول الخدمة المُجتمعيَّة، الذي صدر عن المؤتمر الدوليّ المعني بأوامر الخدمة المُجتمعيَّة في إفريقيا الذي عقد في كادوما زيمبابوي خلال الفترة من 24-28/11/1997، والذي أوصى بزيادة استخدام التدابير غير الاحتجازيَّة (ومنها العمل للمنفعة العامّة) فيما يتعلق بالجرائم الأدنى مرتبة في الميزان الجنائيّ.

وعلى ضوء هذه المؤتمرات وما رافقها من اتفاقات ثنائية ومتعددة الأطراف لا يتسع المجال لذكرها جميعا، فقد بادرت العديد من التشريعات القانونية إلى الأخذ ببدائل العقوبات في سياستها الجنائية ومنها التشريع الجنائي المغربي حيث أخذ ببعض نماذج العقوبات أو التدابير البديلة في القانون الحالي، بالإضافة إلى إستحداث بدائل عقابية إضافية ذات طبيعة خاصة  في مشروع قانون القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، وذلك لإرساء فلسفة عقابية جديدة وهو ما سوف نتطرق إليه.

الفقرة الثانية: العمل للمنفعة العامة( طبيعته وفلسفته)

تختلف التشريعات الجنائية في تحديد طبيعة العمل للنفع العام في التوجع العقابي، فتضعه بعض التشريعات في صورة عقوبة أصلية، أو في صورة تدبير بديل لعقوبة الحبس أو الغرامة، في حين تتجه سياسة بعض التشريعات لإعتباره بديلا فعال لتجنب مسطرة الإكراه البدني، كما قد يكون في صورة عقوبة تكميلية لعقوبة أصلية إلخ.

أولا: طبيعة العمل للمنفعة العامة.

يقصد بالعقوبة الأصلية ذلك الجزاء الذي يوقعه القاضي على الجاني دون أن يكون مقترنا بعقوبة أخرى[14]، وفي نفس الاتجاه يذهب المشرع الجنائي المغربي حيث ينص من خلال الفصل 14 من القانون على أنه:” العقوبات إما أصلية أو إضافية”، فتكون أصلية عندما يسوغ الحكم بها وحدها دون أن تضاف إلى عقوبة أخرى”، وبمفهوم مخالفة النص كل ما لم يرد النص عليه لا يعتبر عقوبة أصلية، وبهذا الخصوص تتجه بعض التشريعات المقارنة إلى اعتبار العمل للنفع العام عقوبة أصلية في بعض الجرائم التي تقرر لها عقوبة الحبس، ومن بين التشريعات نذكر القانون الانجليزي، حيث يتمتع القاضي بحق إنزال هذه العقوبة بصفة أصلية في الجنح المعاقب عليها بالحبس إذا لم يكن المحكوم عليه قد سبق وحكم عليه بالحبس خلال السنوات الخمس السابقة بالنطق بعقوبة العمل للنفع العام.

ومن بين التشريعات كذلك نجد التشريع التونسي يعتبر العمل للنفع العام عقوبة أصلية لسنة 1999 وأطلق عليها العمل لفائدة المصلحة العامة، من خلال نص الفصل الخامس من المجلة الجزائية التونسية، التي تنص على أن العقوبات هي الآتية:

وأيضا أدرجها المشرع القطري ضمن العقوبات الأصلية من خلال المادة 57 من قانون العقوبات حيث ينص على أن العقوبات الأصلية هي:

ويجوز للمحكمة بناءا على طلب النيابة العامة أن تحكم بعقوبة التشغيل الاجتماعي[16] لمدة لا تزيد عن 12 عشر شهرا، أو أن تستبدل هذه العقوبة بعقوبة الحبس الذي لا يتجاوز هذه المدة بعقوبة الغرامة وذلك في الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، وبالغرامة التي لا تزيد عن ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، متى رأت المحكمة أن طبيعة الجريمة أو الظروف التي ارتكبت فيها تبرر ذلك[17].

خلافا للتشريعات التي ذهبت في اتجاه اعتبار العمل للنفع العام عقوبة أصلية، إتجهت تشريعات أخرى إلى اعتبار العمل للنفع العام  تدبير أو عقوبة بديلة للسجن، ومنها التشريع الجنائي المغربي  الذي تطرق إليه من خلال الباب الأول مكرر الذي جاء تحث عنوان “العقوبات البديلة” والذي خصص لها من المادة 1-35 إلى حدود المادة 15-35 من مشروع القانون الجنائي الجديد  2015الذي ذهب فيه إلى إعتبار العمل للنفع العام من بين البدائل العقابية ، ومن بين التشريعات المقارنة أيضا  التي أخدت به كعقوبة بديلة أيضا نجد التشريع الجزائري من خلال المواد 05 مكرر 01 إلى 05 مكرر 06[18]، في حين إتجه كل من المشرع المصري والبحريني إلى الأخذ بالعمل للنفع العام إما كبديل للحبس قصير المدة أو بديلا للإكراه البدني بإعتباره وسيلة لتحصيل الغرامة التي يمتنع المحكوم عليه عن دفعها، أو يعجز عن دفعها والمنصوص عليه في المواد 520-523 من قانون الإجراءات المصري[19]، في حين نصت المادة 371 من قانون البحريني لسنة 2002 إلى أنه:” للمحكوم عليه أن يطلب في أي وقت من قاضي تنفيذ العقاب قبل صدور الأمر بالإكراه البدني إبداله بعمل يدوي أو صناعي يقوم به.

من خلال ما سبق نخلص إلى أن العمل للمنفعة العامة ذو طبيعة خاصة تأخذ صفة العقوبة أحيانا بحيث فيه نوع من إلزام المحكوم عليه وإجباره على الالتزام جسديا ونفسيا، على إعتبار أن العمل لأجل المنفعة العامة يدخل في إطار العقوبات المقيدة للحرية، والتي يخضع فيها المحكوم عليه للرقابة والتوجيه، كما أن العمل الذي يقوم به هو من الأعمال غير المأجورة وتتطلب منه نوع من الانضباط والجهد، ونتيجة لذلك فحرمان المحكوم عليه وتقييدها يحقق وظيفة الردع العام على اعتبار أن كل إخلال بالالتزامات المفروضة تجعل المحكوم عليه يستأنف قضاء العقوبة الأصلية المحكوم بها، في حين أن حسن أدائه يدل على ندمه ورغبته في التكفير عن جرمه وعدم الرجوع إليها مرة ثانية.

وفي بعض الأحيان تأخذ صفة البديل العقابي  من خلال تحقيق أغراض وغايات إصلاحية ولهذا فمعظم التشريعات الجنائية تتجه في هذا الطرح إذ تأخذ بها كبديل عن العقوبة الأصلية لعدة إعتبارات تسعى في المقام الأول إلى إصلاح الجاني خارج المؤسسة السجنية، خلافا للعقوبة التي يراد بها تحقيق غاية الردع والإيلام، وتأسيسا على ذلك يمكن القول أن العمل للمنفعة العامة يهدف إلى غايتين:

الأولى: إصلاح ضرر الجريمة

أما الغاية الثانية فهي إعادة تأهيل المحكوم عليه إجتماعيا، من خلال تكليف المحكوم عليه بالعمل للمنفعة العامة من خلال معاملة خاصة، لا تستوجب سلب حريته بشكلها التقليدي المعروف، وتعزيز روح التضامن والاشتراك مع الآخرين، ذلك من أجل تسهيل إعادة إندماجه بشكل طبيعي في الحياة من جديد[20].

وقد يأخذ طبيعة التدبير الإحترازي[21] لأنه ذات طابع تأهيلي وقائي، فهو يفرض لإعتبارات اجتماعية بالدرجة الأولى، حيث يسعى إلى تجنب المحكوم عليه سلبيات السجن والإختلاط بالسجناء ذو السوابق الإجرامية، والحد من من ظاهرة العود من خلال ترويض الفرد على العمل والالتزام والاحساس بالمسؤولية إتجاه العامة.

ومن الدراسات التي أكدت هذه النتيجة دراسة اجرتها وحدة البحوث في وزارة العدل في هولاندا بين عامي 1981- 1983 ومن ثم عام 1988، حيث وجدت انه لم يحصل عود إلى الإجرام بين فئة من حكم عليه بعمل للمنفعة الذين تراوحت أعمارهم بين 18-24 سنة سواء أكانو مبتدئين أم العائدين للإجرام[22].

فضلا عن ذلك فقد أثبتت التجارب والدراسات ان نسبة العود للجريمة، أقل عند من حكم عليهم بالعمل للمنفعة العامة، مقارنة بالمحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية قصيرة المدة نفذت في الوسط العقابي المغلق، وهو ما يجعلنا نتساءل عن الفلسفة الحقيقية للتشريعات الجنائية من تبني البدائل العقابية في السياسة العقابية المعاصرة؟.

ثانيا: فلسفة إعتماد العمل للمنفعة العامة في السياسة العقابية المعاصرة

إن إعتماد التشريعات  العقابية للعمل لللمنفعة العامة يرجع إلى عقود سبقت، حيث ظهرت الفكرة (العمل للمنفعة العامة) بداية مع الفقيه الايطالي الكبير سيزاردوبيكاريا سنة (1794-1738)، في كتباه الشهير “الجرائم والعقوبات” سنة 1764 حيث ذهب إلى أن العقوبة الأكثر ملاءمة ستكون شكلا وحيدا للرق العادل، أي الرق المؤقت، حيث يكون المتهم وعمله بموجب نظام الرق هذا في خدمة الجماعة، وبذلك تكون هذه الحالة من التبعية التامة كتعويض عن الطغيان الظالم الذي تسبب به الشخص من خلال إخلاله بالعقد الاجتماعي[23].

وهكذا توالت التشريعات العقابية[24] في تبني العمل للمنفعة العامة كمقاربة جديدة تقوم على فلسفة الاصلاح والتأهيل والإشتراك عوض العقوبة السالبة التي أظهر تطبيقها العديد من المساوئ أهمها تنامي ظاهرة العود والاحتراف[25] وإكتظاظ المؤسسات السجنية، وهو ما يظهر أهمية العمل للمنفعة العامة الذي يعزى إلى هدفين:

الأول من خلال التعويض عن الضرر الذي سببه السلوك الاجرامي للجماعة، وكذلك بالالتزام بالتعويض للمجني عليه عبر إعادة إدماج المحكوم عليه في خدمة المنفعة العامة، والوقاية من مخاطر السجن.

وإنسجاما مع هذا التوجه نرى أن فلسفة العمل للمنفعة العامة تقوم على مقاربة ” عقابية تشاركية”، إذ يسهم تطبيقها في جبر الضرر الذي أحدثته الجريمة، ويعود بالنفع على الدولة التي تستفيد من خدمات مجانية يقدمها المحكوم عليه لفائدة الصالح العام وفي نفس الوقت يعود بالنفع كذلك على المحكوم عليه بإعادة تأهيله من خلال زرع روح المسؤولية والتضامن الاجتماعي إتجاهه[26].

وكما عبر عنها بعض الفقه بأنها تشكل عقود تشاركية مختلفة كونها تحمل في أساسها فكرتين: فكرة الجزاء وفكرة التعويض، وإجتماع هاتين الفكرتين يسهم لاشك فيه خلق إرادة الاندماج الاجتماعي لدى المحكوم عليه، والإعتياد على السلوك القويم، وهذا ما يدعونا إلى القول أن العمل للمنفعة العامة هو من أكثر البدائل فعالية ونفعية على أرض الواقع.

المطلب الثاني: تطبيق العمل للمنفعة العامة في التشريع الجنائي المغربي والفرنسي.

إن تدبير العمل للنفع العام يعتبر من بين أهم البدائل العقابية في السياسة الجنائية المعاصرة نظرا للمزايا التي يمتاز بها التدبير مقارنة بغيره من التدابير، إلا أن ما تجدر الإشارة إليه أنه من البدائل العقابية المشروطة المقيدة سواء ما تعلق منها بالمحكوم عليه أو بالعقوبة الأصلية في معظم التشريعات المقارنة الدولية أو العربية منها على وجه الخصوص.

وما يجب التنويه إليه كذلك أن المشرع المغربي لم يكن ينص على هذا التدبير في القانون الجنائي المغربي،  خلافا لبعض التشريعات المقارنة التي أخذت به منذ سنوات، الأمر الذي يستدعي معرفة موقف التشريعات الجنائية من العمل للنفع العام وتطبيقاته في السياسة الجنائية المقارنة، خاصة التجربة الفرنسية بإعتبارها الأكثر إكتمالا ونضجا وأيضا لكون التشريع العقابي الفرنسي يعتبر اليوم من أكثر التشريعات إستجابة ومواكبة لإتجاهات السايسة العقابية الحديثة، كما أن التشريع الفرنسي يمثل الأصل التاريخي للتشريع الفرنسي.

لذلك وإنسجاما مع المقتضيات السابقة إرتأينا التطرق لشروط وإجراءات تطبيق العمل للمنفعة العامة في مشروع القانون الجنائي الموضوعي والمسطري من خلال الفقرة الأولى، ثم نتطرق لتجربة التشريع الفرنسي للعمل للمنفعة العامة في السياسة العقابية الحديثة له في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: شروط واجراءات العمل للمنفعة العامة في التشريع المغربي

إن العمل للنفع العام بإعتباره من بدائل العقوبات كما جاء به مشروع القانون الجنائي ونصت على إجراءات تطبيقه وتنفيذه قانون المسطرة الجنائية الجديد لسنة 2015 لأول مرة، نجد المشرع نص على مجموعة من الشروط والاجراءات الواجب توفرها في كل من المحكوم عليه والعقوبة الأصلية في الباب الأول مكرر من قانون المسطرة الجنائية الجديد 2015، والذي خصصه المشرع للحديث عن العقوبات البديلة نجد المشرع قد أورد جملة من الشروط العامة التي تنطبق على بدائل العقوبات بصفة عامة، وشروط خاصة خصصها المشرع للعمل لأجل المنفعة العامة من خلال الفرع 2 من المادة 6-35 إلى حدود 9-35، فما هي إذن هذه الشروط، وما هي إجراءات العمل بها؟..

أولا: الشروط المتعلقة بالمحكوم عليه

ربط المشرع الجنائي المغربي تطبيق بدائل العقوبات(العمل لأجل المنفعة العامة خاصة بجملة من الشروط التي يجب توفرها في المحكوم عليه، تماشيا مع معظم التشريعات المقارنة السباقة التي تبنت هذا التدبير في سياستها العقابية، مع وجود بعض الإختلاف الذي سوف نقف عليه من زاوية المقارنة والتحليل.

على خلاف ذلك لم يضع المشرع المغربي حدا أقصى لسن المحكوم عليه المراد شموله بتدبير العمل لأجل المنفعة العامة، ونتيجة لذلك يجوز تطبيق العمل للمنفعة على كل شخص يبلغ من السن 15 فما فوق.

أشار المشرع الجنائي المغربي إلى ضرورة موافقة المحكوم عليه بالعقوبة البديلة أثناء الجلسة [29]وبمفهوم المخالفة لنص المادة 4-35 فقرة 2 كل موافقة تتم خارج الجلسة أو بواسطة محاميه تعتبر كأن لم تكن، وهو ما يفهم بعبارة الالزام الواردة في المادة المشار إليها ” لا يجوز الحكم بالعقوبة البديلة إلا بحضور المحكوم عليه في الجلسة وبموافقته”.

ورضا المحكوم عليه مطلوب نفسيا، إذ يعد ضمانا لتعاون المحكوم عليه مع الجهات المشرفة على سلوكه، وتلك التي يعمل لديها، وكما أن الرضا دليل الوفاء بإخلاص للإلتزامات المفروضة عليه، ولاسيما أن طبيعة العمل للمنفعة العامة تفترض الإستجابة التلقائية وتأبى الإكراه، كما أن فكرة الرضاء بالعمل لا تتعارض مع كونه إلزاميا ومفروضا، والرضا مطلوب أيضا قانونا وقد تم التأكيد ذلك بموجب المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان من خلال نص المادة الرابعة التي تنص على أنه” لا يمكن فرض عمل على الشخص بطريقة القوة والالزام”[30]، ويتماشى أيضا مع مضامين العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966[31]، ونتيجة لذلك فإن أثر الإصلاح على سلوك الجاني لا يمكن جني ثماره إلا من خلال رغبته ورضاه بأداء الأعمال الموكولة إليه لأن العمل للنفع العام هو بديل عقابي يقوم على الرضا وليس الجبر والالزام[32]،  مع ضرورة إشعاره بحقه برفض العقوبة[33].

وقد سايرت التشريعات الجنائية هذا التوجه بحيث نجد المشرع الجزائري ينص على ضرورة موافقة المحكوم عليه على القبول للعمل من أجل المنفعة العامة من خلال المادة 05 مكرر 01 في فقرتها الثالثة: التي تنص على أنه:” يتم النطق بعقوبة العمل للنفع العام في حضور المحكوم عليه ويتعين على الجهة القضائية قبل النطق بهذه العقوبة إعلامه بحقه في قبولها أو رفضها والتنويه في ذلك الحكم”، ونفس الشرط أخذ به المشرع التونسي من خلال الفصل 15 ف3.

بالإضافة إلى كل من شرط الموافقة الصريحة للمحكوم عليه على العمل للمنفعة العامة كبديل للعقوبة الحبسية والذي يطبق على من بلغ سن 15 سنة، كما تضمنه القانون الجديد، تتجه بعض التشريعات إلى الأخذ بشرط ثالث يتعلق بضرورة ألا يكون المحكوم عليه غير مسبوق الحكم عليه قضائيا، ومن التشريعات التي أخذت به نجد التشريع الجزائري من خلال المادة 53 مكرر 05 من قانون العقوبات، وكذا من خلال المادة 630 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري[35].

وهو نفس توجه المشرع الفرنسي حيث قيد تطبيق العقوبة(العمل للصالح العام)، بشرط ألا يكون سبق للمحكوم عليه خلال السنوات السابقة على وقوع الجريمة التالية بعقوبة عن جناية أو جنحة بالحبس الذي يتجاوز أربعة أشهر بدون وقف التنفيذ، ويسايره في ذلك المشرع الجنائي المغربي من خلال المادة 1-35 من مشروع القانون الجنائي الجديد لسنة 2015 حيث ينص على أنه:” العقوبات البديلة هي العقوبات التي يحكم بها في غير حالات العود كبديل للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها سنتين حبسا”،[36] ونعتقد أن اشتراط التشريعات الجنائية لهذا الشرط سيجعل تطبيق العمل للنفع العام محصور فقط بالنسبة للمحكومي عليهم المبتدئين من غير المسبوقين الأمر الذي يفتح قوس للتساؤل حول أحقية المحكوم عليهم من ذوي السوابق من الاستفادة بعقوبة العمل للنفع العام خاصة إذا كانت النصوص الجنائية وقت تنفيذ الأحكام لم تكن تسمح بإستبدال العقوبة السالبة للحرية بعمل للصالح العام كما هو الحال بالنسبة للتشريع الجنائي المغربي الذي لم يكن ينص على هذا المقتضى الجنائي في إطار النصوص الحالية؟، كما أن إشتراط عدم السوابق القضائية للمحكوم عليه سيفرغ الغاية من الأخذ ببدائل العقوبات بصفة عامة، ويضرب في الصميم  كذلك الغاية الإصلاحية المبتغاة من تبنيها في السياسة العقابية والتي تتجلى بالأساس في تجنيب مساوئ العقوبة القصيرة المدة، والعود للإجرام[37]، وحل لمشكل إكتظاظ السجون الذي يعاني منه المغرب على وجه الخصوص، والإفراط في اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي على حساب البدائل العقابية الأخرى مثل المراقبة القضائية ووقف التنفيذ والكفالة إلى غير ذلك من البدائل الذي ينص عليه قانون المسطرة الجنائية المغربي، بالإضافة الى التكلفة الاقتصادية المرتفعة التي تنفق سنويا على السجون لتنفيذ برامج الإصلاح وإعادة الإدماج المسجونين، حيث يبين المبيان التالي الإعتمادات المرصودة للسجون برسم سنة 2011[38]:

 

السنوات 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011
ميزانية التسيير 146 مليون درهم 146

مليون درهم

146

مليون درهم

 

209

مليون درهم

519،7

مليون درهم

535

مليون درهم

525

مليون درهم

ميزانية التجهيز 100

مليون درهم

100

مليون درهم

100

مليون درهم

159،2

مليون درهم

264

مليون درهم

408

مليون درهم

325

مليون درهم

الاعتمادات الخاصة 216،6

مليون درهم

155،4

مليون درهم

113،4

مليون درهم

344،5

مليون درهم

102،1

مليون درهم

206،9

مليون درهم

244،7

مليون درهم

 

بالإضافة إلى الافراط المسجل في حالات الاعتقال الإحتياطي في العديد من السجون المغربية، وذلك حسب بعض المعطيات الواقعية كما هو مبين لنا في الجدول التالي[39]:

 

المؤسسة السجنية نسبة الإعتقال الاحتياطي%
السجن المحلي وجدة 81،89
السجن المحلي بالناظور 79،72
السجن المحلي عكاشة بالدار البيضاء 69،85
السجن المحلي بالحسيمة 59
السجن المحلي عين قادوس بفاس 50،4
السجن المحلي بالعيون 54،2

 

ولعل ما يؤدي إلى هذا الوضع غير الطبيعي لحالات الاعتقال كما سبق وأشرنا إلى عدم فهم غاية سن بدائل العقوبات ولاسيما حالات الإعتقال الإحتياطي وتعطيل الأخذ ببديل المراقبة القضائية المنصوص عليه في المادة 160 من قانون المسطرة الجنائية المغربي.

كما يجب الإشارة وذلك حسب إحصاءات قام بها المجلس الوطني لحقوق الانسان أن عدد المحكومين في المغرب بلغ سنة 2012 بعقوبات قصيرة المدة، 9229 حالة[40]، في مقابل ذلك بلغت نسبة تطبيق بدائل العقوبات  8% فقط[41].

ومن هذا المنطلق فإشتراط المشرع الجنائي المغربي عدم سبقية الحكم على  المحكومين كشرط أولي للإستفادة من تطبيق بدائل العقوبات بشكل عام، والعمل للمنفعة العامة بشكل خاص سيقلص حالات اللجوء إلى هذا المقتضي، كما أنه لا يساهم إلى حد كبير في علاج حالات الإكتظاظ التي تعرفها المؤسسات السجنيبة مع ما ينجم عنها من هضم للحقوق الدنيا للسجناء.

وإذا إستحضرنا إرادة المشرع المغربي عند تناوله للظروف القضائية المخففة وهي شخصية بحثة ترتبط بشخص المحكوم عليه فقط، نجد المشرع الجنائي قد منح للقضاء الحكم فقط بالغرامة بديلا للحبس في الجنح الضبطية ولو توافرت حالة العود طبقا للفصل 150[42] من القانون الجنائي في فقرته الأخيرة حيث أجاز المشرع الحكم بالغرامة فقط عوض الحبس، إذا كانت العقوبة المقررة في القانون هي الحبس وحده على أنه في هذه الحالة يمكن أن يصل الحد الأقصى للغرامة إلى خمسة ألاف درهم ونفس التوجه ذهب إليه من خلال الفصل [43]151 من نفس القانون إذ يمكن للقضاء أن يحكم بالغرامة بدلا من الاعتقال متى كان مقرر قانونا، لذلك فالغاية من استعراض توجه المشرع المغربي بهذا الخصوص هو أن المشرع المغربي أخذ ببديل العقوبات السالبة من خلال إستبدال الحبس بالغرامة رغم توافر حالة العود، وهو ما يدعونا إلى التشبت بضرورة إعادة المشرع النظر في هذا الشرط المدرج في مسودة القانون الجنائي وتطبيق بدائل العقوبات المنصوص عليها قانونا سواء كان المحكوم عائدا أم لا في مادة الجنح والمخالفات على الأقل.

مع التأكيد على إرتباط أهمية العمل للمنفعة العامة في إصلاح الجناة والتصدي لظاهرة العود، بحيث  تشير بعض التجارب الدولية والعربية بحسب بعض الإحصاءات التي توفرت لنا أن عدد الأحكام القاضية بعقوبة العمل للنفع العام بلغت من بداية تاريخ دخول قانون العقوبات التونسي سنة 1999 حيز التنفيذ 3081 حكما من بينها 1058 حكما خلال السنة القضائية 2009/2010.

وارتفع الأخذ بهذه العقوبة البديلة سنة 2010، مقارنة بالسنة القضائية التي سبقتها بنسبة بلغت %12،4، ما يؤكد نجاح السياسة الجنائية القاضية بتفعيل عقوبة العمل للنفع العام[44].

أما بخصوص تكريس عقوبة العمل للنفع العام في الجزائر فقد سجل سنة 2008 ما نسبته 5،41 في المئة كمعدل العود للجريمة لرفع إلى%42،5  عام 2009، بينما تراجعت عام 2010 إلى  %2،40 ويرد هذا التراجع تزامنا مع تطبيق عقوبة العمل للنفع العام التي تعتبر عقوبة بديلة عن الحبس، وتشير بعض التقارير الصادرة عن وزارة العدل الجزائرية إلى استفادة 867 من المحكوم عليهم خلال 2010 من إمتيازها، ليرتفع إلى 4 آلاف من المحكوم عليهم الذين إستفادوا من إجراءات عقوبة العمل للنفع العام من سنة 2010 إلى 2011[45]، وهو ما يفسر نتائج تطبيق تدبير العمل للنفع العام في تخفيف نسبة العود إلى الإجرام.

ثانيا: الشروط المتعلقة بالعقوبة والجريمة

إن المشرع الجنائي المغربي أورد من خلال مشروع القانون الجنائي الجديد مجموعة من القيود لإستفادة المحكوم عليهم من العمل للنفع العام، فزيادة على الشروط المتعلقة بالمحكوم عليه والتي سبق التطرق إليها، نجد المشرع علق تطبيق هذا البديل أيضا بمجموعة من الشروط الخاصة المتعلقة بالعقوبة والجريمة يمكن إختصارها:

 

إستثنى المشرع الجنائي المغربي من الإستفادة من إستبدال العقوبة السالبة للحرية بالبدائل العقابية المنصوص عليها بموجب القانون حيث تنص المادة 3-35 على هذا المنع بصريح النص” لا تطبق العقوبات البديلة على الجرائم التالي:

والغاية من هذا المنع كون الجرائم المنصوص عليها بموجب المادة السابقة تعد من أخطر الجرائم وبتعلقها بالنظام العام، وأن الحد الأقصى للعقوبة بالنسبة لهذه الجرائم يتجاوز السنتين.

وهو ما يجعل هذه الجرائم تسقط من الاستفادة ببدائل العقوبات، بالإضافة إلى أن هذا النوع من الجرائم هو من  الجرائم العمدية التي يقدم عليها الجاني عن ذراية وتعمد وإصرار، ويتميز فيها الجناة بخطورة إجرامية[53]، يجب أن تقابل بعقوبات رادعة وليس العكس.

في حين إتجه المشرع الفرنسي إلى وضع حد أدنى لساعات العمل توازي الساعات المنصوص عليهما من قبل المشرع المغربي والجزائري المحدد في 40 ساعة، في حين قرر حدا أقصى لا يمكن تجاوزه 240 ساعة والتي لا يجوز أن تتجاوز ثمانية عشر شهرا[55]، إلا للضرورات التي تبيح ذلك كالأسباب الطبية أو المهنية أو الأسرية الخطيرة التي تخضع لتقدير المحكمة، ويمكن لقاضي تطبيق العقوبات أن يوقف تنفيذ العمل لأسباب السالفة الذكر.

ثانيا : إجراءات تنفيذ عقوبة العمل للنفع العام

إستهل المشرع المغربي من خلال المادة 1-647 الحديث عن دور النيابة العامة في تبليغ الحكم المتضمن عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة إلى قاضي تطبيق العقوبات بإعتباره الجهة المختصة في تنفيذ والإشراف على تنفيذ العقوبة من قبل المحكوم، وإن كان من الناحية المسطرية لابد من الحديث أولا عن الجهة المختصة في إصدار الحكم القاضي بإستبدال العقوبة السالبة للحرية ببديل العمل لأجل المنفعة العامة، وعليه ما يجب التنويه إليه بخصوص هذه النقطة أن المشرع المغربي خلط بين الإجراءات المسطرية والموضوعية، بحيث أنه بالرجوع إلى القانون الجنائي المغربي نجده يتحدث عن إجراءات تنفيذ عقوبة العمل للمنفعة العامة من خلال ما ورد في المادة 5-35 التي تنص” تبلغ كتابة الضبط المقرر الصادر بتنفيذ العقوبة البديلة إلى قاضي تطبيق العقوبات بمجرد صيرورته قابلا للتنفيذ، وتشعر النيابة العامة بذلك”، ونجد نفس المقتضى منصوص عليه في قانون المسطرة الجنائية من خلال نص المادة 1-647، لذلك كان حريا بالمشرع المغربي التطرق للتبليغ والتنفيذ وأيضا للجهة المصدرة للحكم في نص قانون المسطرة الجنائية المغربي بإعتباره المكان المناسب لهذه الإجراءات.

وانسجاما مع المعطيات السابقة وبالضبط بالرجوع إلى الباب المتعلق بتدابير تنفيذ عقوبة العمل للمنفعة العامة نجد المشرع يتطلب جملة من الشروط والإجراءات للعمل للمنفعة العامة نذكر منها:

بالرجوع إلى نص المادة 2-647 من مشروع ق، م، ج نجد أن المشرع أوكل لقاضي تطبيق العقوبات السهر على تنفيذ وتتبع واختيار العمل الملائم لشخص المحكوم، وفي سبيل ذلك فإن قاضي تطبيق العقوبات يقوم بمهمته من خلال عدة إجراءات تم النص عليها وهي:

وبعد إستنفاذ هذه الاجراءات الأولية من التثبت من البيانات الشخصية وقدرات العمل واختيار العمل الملائم للمحكوم عليه، يقوم قاضي تطبيق العقوبات بتبليغ المقرر الخاص بتنفيذ عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة إلى المحكوم عليه وإلى جهاز النيابة العامة، والمؤسسة السجنية التي يقضي فيها إعتقاله، بالإضافة إلى هذا يتم تبليغ المقرر أيضا للمؤسسة العامة التي سيؤدي فيها المحكوم عليه عقوبته بحيث يتم خصم مدة الإعتقال التي قضاها المحكوم عليه بحساب ساعتين عمل عن كل يوم حبس،  على أن تستبدل المدة المتبقية من عقوبة الحبس الأصلية بالعمل لأجل المنفعة العامة.

وكما سبقت الإشارة إلى ذلك فإن المشرع المغربي يميز بهذا الخصوص بين المحكوم عليه المعتقل وغير المعتقل، وإن كانا يتمتعان بنفس الإجراءات بإستثناء ما يتعلق بمقرر تنفيذ عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة المتعلق بالمحكوم عليه رهن الإعتقال الذي يتعين أن يتضمن الإشارة إلى:

كما أن المحكوم عليه المعتقل لا يملك حق اختيار العمل المناسب المضمن في قائمة الأعمال المنجزة من قبل قاضي تنفيذ العقوبة خلافا للمحكوم عليه في حالة سراح[57]، ونعتقد أن هذا التمييز لا مبرر له لاسيما وأن المشرع في بداية الأمر إشترط تطبيق العقوبات البديلة على غير المسبوقين قضائيا، وعليه فسواء كان المحكوم عليه معتقلا أو غير معتقل يجب تمتيعهما بنفس الاختيارات القانونية، بالإضافة إلى هذا فإن المشرع المغربي أثناء حديثه عن الاجراءات والعناصر التي يتضمنها المقرر أغفل التطرق للضمان الاجتماعي الذي يجب أن يحظى به المحكوم عليه أثناء قيامه بالعمل للصالح العام، لهذا يجب على المشرع إستدراك هذه النقطة في الصيغة النهائية لقانون المسطرة الجنائية.

في هذه الحالة يجب التمييز بين الحالة التي يخل المحكوم عليه بإلتزاماته لظرف خارج عن السيطرة كالظروف الاجتماعية أو الصحية أو العائلية أو الدراسية أو المهنية، أو بظروف قد تمر بها المؤسسة التي يؤدي فيها المحكوم عليه عقوبته بها[58]، في هذه الحالة الأخيرة يقوم قاضي تنفيذ العقوبة بإصدار مقررا بوقف العقوبة، خلافا للحالة الذي يخل فيها المحكوم عليه بالإلتزامات المفروضة عليه دون أي عذر مقبول، فإن قاضي تطبيق العقوبات يصدر في هذه الحالة مقررا يضع فيها حدا لهذه العقوبة، من خلال أداء المحكوم عليه المخل بإلتزامه للعقوبة الحبسية الأصلية بعد خصم ساعات العمل المؤداة[59]، ماعدا ذلك لم ينص المشرع الجنائي لأية جزاءات جنائية إضافية ناتجة عن هذا الإخلال، وذلك خلافا لتوجه بعض التشريعات المقارنة ومنها قانون العقوبات الفرنسي من خلال 434/42 حيث أن المشرع الفرنسي عاقب المحكوم عليه المخل بالحبس سنتين وغرامة مقدرة بثلاثين ألف أورو[60].

الفقرة الثانية: العمل للمنفعة العامة في السياسة العقابية الفرنسية

حرصت معظم التشريعات العقابية المعاصرة على مراجعة سياستها العقابية  نحو الأخذ ببدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، وأهم هذه البدائل العمل للمنفعة العامة، إنسجاما مع توجهات قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية إدارة شؤون قضاء الأحداث( قواعد بكين)[61]، التي نصت على تفعيل اللجوء إلى التدابير غير السالبة للحرية ومنها(الخدمة في المجتمع المحلي) مع موافقة الحدث[62]، وأيضا مجموعة قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية للتدابير غير السالبة للحرية( قواعد طوكيو)، التي تؤكد أن يكون العمل على تأدية خدمات للمجتمع المحلي، من التدابير البديلة عن عقوبة السجن[63].

وفعلا إستجابت التشريعات العقابية المقارنة الدولية والعربية، لهذه التوصيات من خلال تضمين العمل لأجل المنفعة العامة في نصوصها التشريعية الجنائية، ونظرا لتعدد القوانين[64] وتشعبها إرتأينا التطرق لتجربة المشرع الجنائي الفرنسي فقط نظرا لتأثر القانون المغربي بدرجة كبيرة بتوجهات المشرع الفرنسي، على أن التوجهات التشريعية العربية سبقت الإشارة لى بعضها كلما أتاحت فرصة النقاش ذلك.

على أنه تجدر الإشارة إلى أن العمل للنفع العام تم التنصيص عليه لأول مرة بموجب القانون العقوبات الفرنسي في 10 يوليو من عام 1983، حيث تم النص عليه في المواد من 43/3/1 إلى 43/3 من قانون العقوبات كعقوبة أصلية بديلة للعقوبة السلبة للحرية، وكعقوبة تكميلية للعقوبة الموقوف تنفيذها مع وضع المحكوم تحت الاختبار في المواد 747/1 إلى 747/8، من قانون الاجراءات الجنائية الفرنسي[65].

أولا: العمل للمنفعة العامة بديل عقابي

نظم المشرع الجنائي الفرنسي العمل للمنفعة العامة بموجب المواد 131-8 و 131-22 وأيضا 131-24 من ق، ع، ف، بحيث يطبق العمل للمنفعة العامة إما بديلا للعقوبة الأصلية، وأيضا يحكم بها القاضي كعقوبة إضافية في الجنح والمخالفات في جرائم السير-القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات)، والمخالفات المتعلقة بالإتلاف والإيذاء،.

لذلك نتساءل عن شروط تطبيق العمل للمنفعة وإجراءات تنفيذه؟ هذا ما سوف نجيب عنه من خلال النقاط التالية:

تجدر الإشارة إلى أن المشرع الفرنسي خصص هذه الصورة من العمل للمنفعة العامة كبديل عن عقوبة السجن المفروضة على الجرائم البسيطة، حيث تنص المادة 131-8 من قانون العقوبات الفرنسي على أنه:” في حال إرتكاب جنحة معاقب عليها بالحبس، يمكن للمحكمة أن تفرض بدلا عن عقوبة الحبس غتمام مدة تتراوح بين 40 و240 ساعة عمل للمنفعة العامة دون مقابل، لصالح شخص معنوي من أشخاص القانون العام، أو هيئة عامة مرخص بإتمام عمل للمنفعة العامة لصالحها”[66].

حيث يتضح من قراءة المادة السابقة أن المشرع الفرنسي لم يحصر تطبيق العمل لأجل المنفعة العامة في جريمة محددة، وإنما يمكن للقاضي حسب سلطته التقديرية إستبدال العقوبة الأصلية في جميع مواد المخالفات والجنح[67] المنصوص عليها والتي لا يتجاوز الحد الأقصى للعقوبة فيها 3 سنوات.

لابد من الإشارة بخصوص الشروط المتعلقة بالمحكوم عليه، هي تقريبا نفس الشروط التي تبناها المشرع الجنائي المغربي من خلال مشروع ق ج، م، و ق، م، ج، م، حيث يشترط المشرع الفرنسي حضور المحكوم عليه جلسة النطق بالحكم ورضاه( المادة 131-8 من ق، ع، ف) وحيث  يشترط فيه أن يكون بالغا من العمر 16 سنة فما فوق، بحيث جعل المشرع الفرنسي سن 16 سنة السن القانوني للسماح للعمل للمنفعة العامة وهو سن يتماشى مع تشغيل الأحداث بالعمل( م 20 من قرار 2 شباط 1945)، في حين إستثنى المشرع الفرنسي تطبيق العمل للمنفعة في المحاكم العسكرية بالنسبة للعسكريين[68].

بمجرد قبول المحكوم عليه العمل للصالح العام خلال جلسة الحكم، تبدأ المحكمة بتحديد الإطار التنفيذي لهذا العمل الذي يتراوح ما بين 40 إلى 240 ساعة بالنسبة لمواد الجنح، وبين 20 إلى 120 ساعة في مواد المخالفات، وذلك خلال مهلة زمنية لا تتعدى 18 شهرا.

وتحدد الأعمال المراد إتمامها من قبل المحكوم عليه ضمن قائمة لدى كل محكمة (م 131-8  من ق، ع، ف)، بحيث يقوم عارضو العمل( المؤسسات العامة والهيئات والجمعيات المحلية التي تقدم خدمات عامة)، بتقديم طلب لهذه الغاية تحدد فيه المهام والأعمال المطلوبة، بالإضافة إلى طبيعة وطريقة تنفيذ هذه الأعمال.

يقوم قاضي تنفيذ العقوبة بإجراء تحقيق حول هذه الأعمال، ويرسل صورة عن هذه الطلبات إلى مجلس المنطقة المختص بمكافحة الجريمة مشفوعا برأي النيابة العامة، ثم يقوم بإختيار الهئية التي سيتم العمل لصالحها والعمل الذي يناسب المحكوم عليه وملاءمته لإعادة الإندماج الإجتماعي والمهني له[69].

ثم يصدر قاضي تنفيذ العقوبة قرارا يحدد فيه طريقة تنفيذ العمل للمنفعة العامة، كما يحدد فيه أيضا:

بالإضافة كذلك يحدد قاضي تنفيذ العقوبة نظام العمل وتوقيته(م 131-36)، وأيضا طرق التنفيذ المتعلقة بساعات العمل وشروط العمل ليلا، والشروط الصحية، والمشرف الاجتماعي المكلف بمتابعة عمل المحكوم عليه، وكذلك المسؤول الفني المكلف بمراقبة تنفيذ العمل من الناحية المهنية والتقنية[70]، ويبلغ قاضي تنفيذ العقوبة هذا القرار إلى المحكوم عليه.

وإذا كان المحكوم عليه عاملا، فإن المشرع الفرنسي نص في هذه الحالة على أنه لا يجوز أن يتجاوز العمل للمنفعة العامة إثني عشرة ساعة أسبوعيا، ولا يدخل في حساب هذه المدة فترة الإنتقال، وساعات الراحة أو الطعام، ونظرا للخصوصية التي يتمتع بها محاكمة الأحداث فإن المشرع الفرنسي راعى هذه الخصوصية من خلال حلول قاضي الأحداث محل قاضي تنفيذ العقوبة في القيام بهذه الإجراءات.

ويتمتع المحكوم عليه المزاول للعمل للمنفعة العامة ليلا من شروط الصحة والسلامة المهنية لقواعد قانون العمل، كما يخضع لأحكام قانون الضمان الإجتماعي فيما يتعلق بحوادث وإصابات العمل( المرسوم 23/1/1984).

ويخضع المحكوم عليه بتأدية العمل للصالح العام للرقابة من قبل الجهة التي يقضي عقوبته فيها، بحيث تسهر هذه الجهة على تقديم وثيقة لقاضي تنفيذ العقوبة تشعرها فيه بإتمام العمل بشكل كامل، ويمكن للمحكوم عليه أن يستفيد من إعادة الإعتبار المنصوص عليه في المادة 133-73-2 من ق، ع، ف وذلك بعد مرور 5 سنوات من مدة التجربة.

وفي حالة إخلال المحكوم عليه بإلتزاماته العملية المفروضة عليه، في هذه الحالة قرر المشرع الفرنسي معاقبة المحكوم عليه المخل بإلتزاماته بالحبس لسنتين والغرامة 30000 يورو[71]، بالإضافة إلى عقوبة المنع من مزاولة الحقوق المدنية[72].

ثانيا: العمل للمنفعة العامة المصاحب للوضع تحث الإختبار.

ربط المشرع الفرنسي تطبيق عقوبة العمل للمنفعة العامة على المحكوم عليه الخاضع للإختبار القضائي، وذلك في حالة الحكم بوقف التنفيذ لأول مرة في قانون 1983 وإستقرت أحكامه في المواد 747-1 وما يليها من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي، والمواد 132-54و 132-55، 132_56 من نفس القانون[73].

فما هي إذن شروط هذه الصورة وإجراءات تنفيذها.؟ هذا ماسوف نتناوله في النقاط التالية:

1_ شروط التطبيق

إن تطبيق وقف التنفيذ مع الإلزام بالقيام بعمل للمنفعة العامة يقتضي توفر بعض الشروط تتعلق بالجريمة والعقوبة، وأخرى تتعلق بالمحكوم عليه[74].

يطبق العمل لأجل المنفعة العامة المقترن بالوضع تحث الاختبار القضائي في حال الحكم بعقوبة الحب من أجل جناية أو جنحة من جرائم القانون العام، في الجرائم التي لا تتجاوز مدتها 5 سنوات ( المادة 132-54 الفقرة الأولى و المادة 132-41 الفقرة الأولى من ق، ع، ف.

إستلزم المشرع الفرنسي للحكم بالإختبار القضائي مع الإلزام بالقيام بعمل لفائدة المنفعة العامة حضور المحكوم عليه وموافقته على العمل[75]، وتعتبر هذه الصورة أوسع نطاقا بالحكم للمنفعة العامة كبديل للعقوبة الأصلية، حيث نجد المشرع الفرنسي تغاضى عن شرط عدم أسبقية الحكم على المحكوم عليه، وتأسيسا على ذلك فإن العمل للمنفعة العامة المقترن بالوضع تحث الإختبار يطبق على ذوي السوابق من المجرمين بالإضافة لشموله للمحكوم عليهم من المبتدئين، كما تجدر الإشارة إلى أنه تطبق على الأحداث الذين يتجاوز عمرهم 16 سنة، وعليه فإن هذه الصورة أوسع نطاقا مقارنة بالعمل للمنفعة العامة كبديل للعقوبة الأصلية التي حصرها المشرع الجنائي الفرنسي في المخالفات والجنح الذي لا يتجاوز الحد الأقصى للعقوبة فيها ثلاث سنوات[76].

-2 إجراءات تنفيذ العقوبة.

بخصوص طرق تنفيذ عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة المقترن بالوضع تحث الإختبار يمكن القول أنها نفسها إجراءات تنفيذ العقوبة في الصورة الأولى( العمل للنفع العام كبديل للعقوبة الأصلية)، حيث تخضع لضرورة إستصدار موافقة ورضا المحكوم عليه لبدء إجراءات التنفيذ وذلك في سقف زمني حددها المشرع الفرنسي في 18 شهرا يبتدء من تاريخ النطق بالحكم(م 132-54  الفقرة الثانية[77] والمادة 131-22 الفقرة الأولى من قانون العقوبات الفرنسي.

ويحظى المحكوم عليه الموضوع تحث الإختبار بنفس الضمانات والحقوق الوارد النص عليها في قانون العمل من قواعد الضمان الإجتماعي، وشروط العمل ليلا والصحة والسلامة المهنية، وحوادث العمل وإن كان من جهة  ثانية تنفرد هذه الصورة( وضع المحكوم عليه تحث الاختبار مع العمل للمنفعة العامة) لمجموعة من الالتزامات التي نص عليها المشرع في المادة 132-55 من ق، ع، ف وهي:

على أنه تجدر الإشارة في الأخير إلى أن قيام المحكوم عليه بشكل كامل بالعمل المحكوم به، يعتبر الحكم الصادر في حقه كأن لم يكن، على أنه وبمفهوم المخالفة فإن خرق المحكوم عليه وعدم الإلتزام بواجباته المفروضة عليه، فإن المساعد الإجتماعي يخبر قاضي تنفيذ العقوبة الذي يمكنه إحالة المحكوم عليه إلى محكمة الجنح، حيث تقضي هذه الأخيرة إما بزيادة مدة العمل، أو تعديل الإلتزامات المفروضة عليه، أو تحديد عمل آخر للمنفعة العامة، أو إلغاء الإختبار وإستئناف المحكوم عليه تنفيذ العقوبة الأصلية إما كليا أو جزئيا.

ختاما يمكن القول أن العمل للمنفعة العامة من بين أكثر البدائل العقابية فعالية على أرض الواقع، وقد تم تبنيه على نطاق واسع في التشريعات الجنائية المعاصرة  نظرا للإيجابيات الكثيرة التي يتميز بها، أهمها قدرته على إصلاح وترويض المحكوم عليه على العمل، وإشراكه في النسيج الإجتماعي بكل سهولة، وإن كنا نتساءل عن سبب تأخر المشرع الجنائي المغربي في تبني العمل للمنفعة العامة حتى اليوم، خاصة بعد أن بينت التجارب الدولية والعربية المقارنة على نجاح هذا النظام في تحقيق الأغراض الإصلاحية للمحكومي عليهم، وفي قدرته على معالجة العديد من الإكراهات الواقعية التي يعاني منها النظام العقابي ( العود للإجرام، إرتفاع المحكومين بالعقوبات القصيرة المدة، الإكتظاظ التي تعرفه المؤسسات السجنية ، عدم تصنيف المحكومين داخل المؤسسات السجنية,) مع ما ينتج عن ذلك من هدر للحقوق الانسانية الدنيا للسجين بإعتباره جزء مهم في المقاربة التشريعية، وإن كنا لا ننكر بعض الصعوبات التي قد تعترض تطبيقه من بينها مدى قبول الرأي العام والمجتمع لهذا النظام إستنادا لظاهر تطبيق هذا البديل الذي يوحي بأنه إنقلاب على المفاهيم التقليدية للجزاء الذي يوصف بالردع والإيلام وحق المجتمع في الإقتصاص من الجاني  المخل بنظامها وأمنها، ولأنها جزء من ثقافة راسخة ومرافقة لتربيته الأساسية.

إلا أن هذه الصعوبات يمكن تدليلها من خلال توجيه الرأي العام نحو النتائج التي يحققها تبني هذه البدائل العقابية مقارنة بالعقوبات السالبة للحرية ومساوئها وعجزها إصلاح الجناة مما ينعكس سلبا على المجتمع والسجين معا.

لذلك وعلى ضوء هذه الخلاصة نوصي بضرورة:

 

 

 

 

 

 

 

 

إنتهى  بحمد الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] – وهنا نستحضر ما جاء في ديباجة المنشور الصادر عن وزير العدل الجزائري رقم 2 لسنة 2009 بمناسبة إستحداث العمل للمنفعة العامة في التشريع الجزائري ورد فيها ما يلي:” لتعزيز المبادئ الأساسية للسياسة الجنائية والعقابية التي ترتكز بالأساس على إحترام حقوق الإنسان، وتحقيق إعادة الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم، وهو المبتغى الذي لم يعد يرتكز على حبس الأشخاص فقط، بل أضحى تحقيقه يتوقف من جهة على مدى إحترام مبدأ تشخيص العقوبة عند النطق بها، ومن جهة أخرى على إمكانية مساهمة العقوبة في إصلاح المحكوم عليهم نهائيا دون اللجوء المفرط لوسائل الإكراه التي قد تنجم عنها أثار سلبية على مختلف جوانب حياتهم، فضلا عن أن هذه العقوبة البديلة تحقق هذه الغاية، كما تسمح بإشراك الهيئات والمؤسسات العمومية في عملية(إعادة الإدماج)، حيث جمع ما سلف بين السياسة الجنائية وحقوق النسان وتفريد العقاب لتحقيق الإدماج الاجتماعي، ووصف الحبس بكونه من وسائل الإكراه المفرط يعني أن بديله على النقيض من ذلك، والقوة بالوسيلة يؤكد مقولة أن العقاب أيا كان ليس بالغاية، إنما أداة بيد الدولة لتحقيق غاية أو غايات محددة، وكل ما تقدم لا يبتعد كثيرا عن فكرة الدفاع الإجتماعي”.

فتحليل أهم الأفكار التي وردت في الديباجة يتضح أن الفكر العقابي أصبح يتجه صوب ما دعت إليه مدرسة الدفاع الإجتماعي من أهداف يمكن تلخيص أفكارها في أن وظيفة العدالة الجنائية الرئيسية وغايتها هو تأهيل المجرم ليعاد إلى المجتمع الذي يحتاج إلى الحماية، دون النظر إلى عدالتها أو نفعيتها، وبأن محور النظام الجنائي هو الجريمة لا الفعل المناهض للمجتمع.

حيث يتضح أن العمل للنفع العام ما هو إلا نتاج لأهم أفكار الدفاع الاجتماعي التي تقوم على توجيه الأنظار إلى شخص المجرم من خلال تفريد العقاب الذي يتناسب وشخصيته من خلال تدابير إجتماعية تهد ف مساعدته وتقويمه ليصبح فردا صالحا في المجتمع من خلال إعادة إدماجه فيه من جديد.

[2] – Derniére modification du texte le 30 décembre 2015-Document généré le 06 janvier 2016-Copyright© 2007-2016 Legifrance.

[3] – المجلة الجزائية التونسية، الصادرة في 06 جوان 2005، المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية التونسية، المؤرخة في 16 جوان 2005، العدد 46، والتي تم تحيينها بتاريخ 09 فبراير 2015.

 

[4] – – القانون رقم 09/01 المؤرخ في 25 فبراير 2009، المعدل والمتمم لقانون العقوبات الجزائري، الجريدة الرسمية للجمهورية الديمقراطية الشعبية، الصادرة بتاريخ 08 مارس 2009، العدد 15.

 

[5] -للتوسع في مفهوم العقوبة البديلة أنظر بشكل خاص إلى:

–  حسني عبد الحميد، شرح قانون العقوبات، القسم العام 1983، ط 1، / 555.

وأيضا مضواح بن محمد آل مضواح، ” بدائل العقوبات السالبة للحرية مفهومها وفلسفتها” ندوة بدائل العقوبات السالبة للحرية بالتعاون مع إدارة السجون الجزائرية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 2012، ص، 04.

 

Coll corpus. Droit privé. Parivé. Pari.Zool.p. 781.[6] -F- Desporteset F. le Gunechec . Droit pénal general..

[7] – المادة 1-35 من الفرع الأول للباب الأول مكرر من مسودة القانون الجنائي المغربي الجديد لسنة 2015.

[8] – للمزيد من التعمق حول الموضوع يراجع محمد آل مضواح،” بدائل العقوبات السالبة للحرية مفهومها وفلسفتها”، ندوة بدائل العقوبات السالبة للحرية بالتعاون مع إدارة السجون الجزائرية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 2012، ص، 04.

[9] – عمر مازيت، محاضرة حول العمل للنفع العام، يوم دراسي، مجلس قضاء بجاية منشور بتاريخ 2014/01/10، على الموقع الالكتروني:

www.startimes.com/f

ينظر في نفس الموضوع: الشحات إبراهيم محمد منصور، الجرائم الحدية والتعزيرية في الفقه الجنائي الإسلامي، بحث فقهي مقارن، دار الفكر الجامعي، مصر، 2011، ص، 35.

[10] – وهو ما يستفاد من نص المادة 1-647 من مشروع قانون المسطرة الجنائية لسنة 2015 التي تنص على أنه:” تقوم النيابة العامة بتبليغ الحكم المتضمن لعقوبة العمل من أجل المنفعة العامة بعد إكتسابه لقوة الشيء المقضي به إلى قاضي تطبيق العقوبات الذي يتولى السهر على تنفيذ إجراءات هذه العقوبة”.

[11] – تختلف التشريعات الجنائية في تسمية عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، حيث يستعمل المشرع التونسي مصطلح التشغيل الاجتماعي، بينما المشرع الانجليزي بمقتضى قانون العدالة الجنائية عام 1972 تسمية العمل لخدمة المجتمعVommunity service ، أما التشريع الفرنسي تبنى هذا البديل العقابي لأول مرة بموحب قانون 10 جوان 1983 تحث تسمية le travail d’intérét général

يراجع بخصوص الموضوع كل من: محمد سيف نصر، بدائل العقوبة السالبة للحرية في التشريعات الجنائية الحديثة، رسالة دكتوراه في الحقوق القاهرة، 2004، ص، 384.و

[12] – الآية 4 من سورة محمد.

[13] – أنظر بخصوص الموضوع الكساسبة فهد، وظيفة العقوبة في الاصلاح والتأهيل، دراسة مقارنة، دار وائل، الطبعة الأولى، ص، 176.

وقد تمت إثارة نفس الموضوع مرة أخرى في المؤتمر السادس للأمم المتحدة للوقاية من الجريمة المنعقد في مدينة كراكاس سنة 1980، وقد جاء في توصيته السادسة حث الدول الأطراف على نشر التدابير البديلة لعقوبة السجن في العالم على نطاق واسع، وإدخالها ضمن التشريعات الجنائية وإعطاء الأجهزة العدالة الجنائية التأهيل اللازم لفهمها وتطبيقها وإعتمادها، أما مؤتمر الأمم المتحدة السابع المنعقد في ميلانو عام 1985 فقد تضمن في توصيته رقم 16 من مضمونه( وجوب إتخاذ التدابير اللازمة لعلاج ظاهرة تكدس السجناء والاستعاضة ما أمكن عن عقوبة الحبس بتدابير بديلة مؤهلة لإعادة إدماج المحكوم عليهم في الحياة الإجتماعية.

وقد نص في مادته 17 على أن الجزاءات التي لا تشترط الحبس تمثل طريقة أفضل لإعادة تأهيل المحكوم عليهم وأوصى المؤتمر بما يلي:

[14] – ويعرفها بعض الفقه بأنها ذلك العقاب الأصلي عن الجريمة، ويحكم بها القاضي دون أن يكون معلقا على الحكم بعقوبة أخرى، ولا يجوز أن تنفذ في المحكوم عليه إلا إذا نص عليه.

– فوزية عبد الستار، مبادئ علم الإجرام وعلم العقاب، دار المطبوعات الجامعية، مصر2007-ص، 230.

فيما جعله القانون الفرنسي عقوبة أصلية بديلة للحبس في حدود معينة، وعقوبة تكميلية بالنسبة لبعض جرائم المرور، وصورة خاصة لنظام الوضع تحت الاختبار المقترن بوقف تنفيذ عقوبة الحبس، المواد 131/20 و 131/80 و132/54 من القانون العقوبات الفرنسي، والمادة 747 من قانون الاجراءات الجنائية والمواد 1و2و4و12و79 من قانون المرور الفرنسي.

[15] – المجلة الجزائية التونسية، الصادرة في 06 جوان 2005، مرجع تمت الإشارة إليه سابقا.

[16] – عرف المشرع القطري التشغيل الاجتماعي بأنه إلزام المحكوم عليه بأن يؤدي لمدة محددة عملا من الأعمال المبينة في جدول الأعمال الاجتماعية المرفق بهذا القانون.( المادة 63 من نفس القانون).

[17] – حددت المادة 23 من نفس القانون الجرائم التي تطبق عليها هذه العقوبة وهي:” الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وبالغرامة التي لا تزيد عن ألف ريال، أو بالتشغيل الاجتماعي، أو بإحدى هذه العقوبات، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”.

[18] – القانون رقم 09/01 المؤرخ في 25 فبراير 2009، سبقت الإشارة إليه في ص، 2.

[19] – تنص الماادة 520  على أنه:” للمحكوم عليه أن يطلب في أي وقت من النيابة العامة قبل صدور الأمر بالإكراه البدني إبداله بعمل يدوي أو صناعي يقوم به”.

[20] – للتوسع في أهداف العقوبة يراجع: محمود نجيب حسني، علم العقاب، دار النهضة العربية، القاهرة، بدون ذكر الطبعة، ص، 98-107.

[21] – تجدر الاشارة إلى أن المشرع الجنائي المغربي لم يعرف التدابير الاحترازية، في حين عرفها الفقه على أنها مجموعة الاجراءات التي يصدرها القاضي لمواجهة الخطورة الاجرامية الكامنة في شخص مرتكب الجريمة بغرض تخليصه منها”.

للتوسع في مضامين التدابير الوقائية يرجع إلى: أسحق ابراهيم منصور، موجز في علم الاجرام وعلم العقاب، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1991، ص، 160,

[22] – دراسة أشار إليها: مصطفى العوجي، التأهيل الإجتماعي في المؤسسات العقابية، الطبعة الأولى، مؤسسة بحسون، بيروت 1993، ص، 179-181.

[23] – أورده الأستاد في مقاله:

J .Pradel.les nouvelles alternative à l’emprisonnement crées par la loi n 83-466 du 10 juin 1983.D.1984 chron .pp.117- spé. P.112.

– يرجع جذور العمل للمنفعة العامة في التشريعات العقابية   إلى التشريع السوفياتي لعام 1920 الذي تبنى ما يسمى” الأعمال الاصلاحية دون سلب الحرية” من خلال المادة 27 من ق، ع، لمزيد من التفاصيل يرجع إلى:

  1. Pradel. Droit pénal comparé. Précis Dalloz- Droit privé.2éme éd . Paris. 2002.p.672.

[25] – تشير إحدى الدراسات الأوروبية إلى أن غالبية ما يسمى بجرائم الصدفة تحولو إلى جرائم الاحتراف فعلى سبيل المثال لوحظ أن 29 من اصحاب الجنح الاخلاقية تحولوا إلى جرائم السرقة، وكذلك العود إلى مجتمع السجن وثقافته التي تكسب أساليب الاحتراف.

دراسة أشار إليها: أحمد البراك،” العقوبات السالبة للحرية في ميزان السياسة العقابية المعاصرة، منشور على الموقع الإلكتروني:

www.blog.saeed.com

[26] – للتوسع في هذا الرأي يرجع إلى:

Ch.lazerges.la politique criminelle. Que Sais- je n 2356.Paris. 1987.p.103/ et du même auteur voir également. Introduction à la politique criminelle. Coll. traité de sciences criminelles. L’harmattan. Paris.2000.p.109.

[27] – تجدر الإشارة إلى أن هذا السن ينسجم مع روح الاتفاقيات ولاسيما الاتفاقية 38 الصادرة عن منظمة العمل الدولية والتي جعلت سن 15 سنة هو السن الأدنى للتشغيل بإستثناء الأعمال الخفيفة التي يمكن النزول فيها عن هذا السن.

وقد صادق عليها المغرب بتاريخ 6 يناير 2000، ويتلاءم كذلك مع الفصل الأول من ظهير شريف رقم 071.63.1 صادر في 25 جمادى الثانية 1383(13 نوفمبر 1963) بشأن التعليم الإجباري.

[28] – على خلاف ذلك جعل المشرع الجزائري سن 16 سنة سنا أدنى لتطبيق العمل للنفع العام وليس سن 15 سنة، تماشيا مع روح القانون رقم 11/90 المتعلق بعلاقات العمل، حيث ورد في المادة 15 منه على أنه” لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يقبل العمر الأدنى للتوظيف عن 16 سنة إلا في الحالات التي تدخل في عقود التمهين”.

– القانون رقم 11/90 المؤرخ في 21 أبريل 1990 المتعلق بعلاقات العمل، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، الصادرة بتاريخ 25 أبريل 1990، العدد 17.

[29] – ما يجب الإشارة إليه أن إشتراط حضور المحكوم عليه أثار انتقادا واسعا من لدن البرلمانيين الفرنسيين، وذلك أثناء مناقشة مشروع قانون العمل للمنعة العامة سنة 1983، وعللوا رفضهم على أن “الرأي العام لن يكون متجاوبا مع هذا الشرط، فالعدالة بين المتهمين ستمس مسا خطيرا في حال رفض أحد المتهمين عملا ما، وقبله متهم آخر، كما أنه ليس من المقبول قانونا أن يترك للمتهم الاختيار على اللائحة للعقوبة التي سيخضع لها”.

للتوسع في حجم معارضي شرط حضور لمحكوم عليه ورضاه أنظر:

  1. Pradel. Droit pénal général. Op.cit. n.589.

[30] – للتوسع في هذا التوجه أنظر تقرير:

H.Tulkens.le centenaire de la peine de liberté aux.pays-Bas-Groningen.1986.p.113.

[31] – العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إعتمد وعرض على التوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف(د-21)، المؤرخ في 12/12/1966، بدأ النفاذ في 22/03/1976.

[32] – J-H.Robert.droit pénal général. Thémis-Droit- privé.PUF.5éme éd. Paris. P. 426.

للتوسع في ظاهرة إكتظاظ السجون من حيث الأسباب والنتائج، أنظر بشكل خاص باللغة الفرنسية

  1. Otani. l’exécution de la peine privative de liberté en milieu fermé. Etude comparée des Droits français Syrien et Libanais. Op.cit.311-322.

[33] – للمزيد من التوسع حول بدائل العقوبات وعلى مزايا الأخذ به يراجع كل من:

– بوسري عبد اللطيف، النظم المستحدثة لمواجهة الحبس القصير المدة، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم القانونية، تخصص علوم جنائية، غير منشورة، كلية الحقوق باتنة 2013، ص، 101.وأيضا- حسن بن فلاح، العقوبات البديلة- العمل لفائدة المصلحة العامة-، أيام دراسية بالمعهد الأعلى للقضاء، تونس أيام 13/11، 2003، ص، 07.

[34] – يعرف المشرع الجزائري السوابق القضائية من خلال المادة 53 مكرر “05 من ق،ع بقوله:” يعد مسبوقا قضائيا كل شخص طبيعي محكوم عليه بحكم نهائي بعقوبة سالبة للحرية، مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من أجل جناية أو جنحة من القانون العام دون المساس بالقواعد المقررة لحالة العود”.

للمزيد من الاستفادة حول الموضوع يرجع لباسم شهاب،” عقوبة العمل للنفع العام في التشريع الجزائري”، مجلة الشريعة والقانون، كلية القانون، جامعة الامارات المتحدة، الكويت، العدد السادس والخمسون، أكتوبر 2013، ص، 138.

[35] – القانون رقم 90/11 المؤرخ في 21 أبريل 1990 المتعلق بعلاقات العمل، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، الصادرة بتاريخ 25 أبريل 1990، العدد 17.

[36] – المادة 1-35 من الفرع 1 من الباب الأول مكرر من مشروع القانون الجنائي المغربي الجديد لسنة 2015.

[37] – – لابد من الإشارة إلى تجربة ناجحة طبقت على شخص حكم عليه ازيد من 32 مرة، وهو يعاني من داء الصرع، كلف بالعمل على إعادة إصلاح الألعاب في مؤسسة تعني بالأطفال المعوقين، ودهان قارب يستخدمونه في رحلات نهاية الأسبوع وقد أنجز العملين بنجاح، ما يوكد نجاح التدبير في التقليل من حالة العود إلى الإجرم:

– أشار إليها الأستاد: J. Pradel.le travail d’Intérêt général en Europe occidentale. Aperçus .comparatives.R.P.D.P. 1986.PP.144-156.

[38] – المصدر: المجلس الوطني لحقوق الانسان أكتوبر 2012، تقرير خاص بالأوضاع في السجون وحقوق الإنسان، أزمة السجون مسؤولية مشتركة 100 توصية من أجل حماية حقوق السجينات والسجناء،ص، 17.

[39] – المجلس الوطني لحقوق الإنسان أكتوبر 2012، تقرير خاص بالأوضاع في السجون وحقوق الإنسان، مرجع سابق، ص، 21,

[40] – المجلس الوطني لحقوق الانسان، أكتوبر 2012، المرجع نفسه، ص، 21.

[41] — دراسة أشارت إليها رجاء ناجي المكاوي، الجزاءات التقليدية، العقوبات السالبة للحرية والغرامة، مقالة منشورة على الشبكة العنكبوتية غوغل، ص، 8.

[42] – ينص الفصل 150 من ق، ج،” في الجنح الضبطية، بما في ذلك حالة العود، يستطيع القاضي، في غير الأحوال التي ينص فيها القانون على خلاف ذلك……

وتنص الفقرة الأخيرة من نفس الفصل على أنه:” وفي حالة الحكم بالغرامة عوضا عن الحبس إذا كانت العقوبة المقررة في القانون هي الحبس وحده، فإن الحد الأقصى لهذه الغرامة يمكن أن يصل إلى خمسة ألاف درهم.

[43] – ينص الفصل 151 من ق، ج،” في المخالفات، بما في ذلك حالة العود يستطيع القاضي، إذا ثبت لديه توفر الظروف المخففة، أن ينزل بعقوبة الاعتقال والغرامة إلى الحد الأدنى لعقوبة المخالفات المقررة في هذا القانون ويجوز له أن يحكم بالغرامة عوضا عن الاعتقال في الحالة التي يكون فيها الاعتقال مقررا في القانون,”

[44] – إحصاءات أشار إليها مهدي الزعلامي،” تونس حصيلة عقوبة العمل للمصلحة العامة”، جريدة المصدر، يومية تونس، عدد 149/12/2010، ص، 09.

[45] – أشارت إليها عبد الرؤوف حنان، العمل للنفع العام كبديل عن عقوبة الحبس، شهادة لنيل الماستر في الحقوق، تخصص قانون جنائي، للموسم الدراسي الجامعي 2013/2014، جامعة محمد خيضر، بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية،قسم الحقوق، ص، 86.

[46] – في حين إتجهت بعض التشريعات الجنائية إلى تحديد مدد قصيرة، ومنها التشريع المصري الذي نص على أن العمل للمنفعة العامة يكون بديلا للحبس البسيط لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.

أنظر على سبيل المثال المادة 479 من قانون الإجراءات الجنائية المصري التي تنص على أنه:” لكل محكوم عليه بالحبس البسيط مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أن يطلب بدلا من تنفيذ عقوبة الحبس عليه تشغيله خارج السجن وفقا لما هو مقرر بالمواد 520 وما بعدها”.

ونفس المقتضى أشار إليه قانون الإجراءات الجنائية البحريني لسنة 2002 حيث نصت المادة 337 منه على أنه:” لكل محكوم عليه بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر ان يطلب من قاضي تنفيذ العقاب بدلا من تنفيذ عقوبة الحبس عليه تشغيله خارج السجن وفقا لما هو مقرر بالمادة 371 وما بعدها”.

[47] – تنص المادة 41 من ق، ج، م على أنه:” يمكن للمتضرر أو المشتكي به قبل إقامة الدعوى العمومية، وكلما تعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين حبسا أو أقل أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم أن يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر.”

[48] – للتعمق حول الموضوع يراجع كل من: رشيد مشقاقة، ” دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الزجري”، مطبعة دار السلام، الرباط، الطبعة الأولى، مارس 2004، ص، 28 و29 وأيضا:

– محمد عبد النباوي،” الدور الاجتماعي للنيابة العامة في ظل قانون المسطرة الجنائية المغربي الجديد”، مجلة الملحق القضائي، العدد 37، منشورات المعهد العالي للقضاء بالمملكة المغربية،ص، 11.

[49] – عاقب المشرع المغربي جريمة الاختلاس بموجب الفصل 241 حيث ينص على أنه” يعاقب بالسجن من خمس إلى عشرين سنة وبغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم.,”.

[50] – ينص الفصل 243 من ق، ج، م” يعد مرتكبا للغدر، ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وبغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم.,”.

[51] – الفصل 248 من نفس القانون.

[52] – الفصل 250 من ق،ج،م حيث يعاقب المشرع مرتكب هذه الجريمة بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من خمسة ألاف إلى مائة ألف درهم”.

[53] – تعرف الخطورة بأنها أهلية الشخص في أن يصبح مصدرا لإرتكاب الجرائم مستقبلا، وعرفت كذلك بأنها إحتمال أن يصبح الفرد فاعلا لجريمة.

أنظر بخصوص هذا المعنى كل من: محمد أبو العلا عقيدة، أصول علم الاجرام، دار النهضة العربية، 1994، ص، 201.

وعبد الله سليمان سليمان، شرح قانون العقوبات الجزائري، القسم العام، الجزاء الجنائي، ديوان المطبوعات الجامعية، 2002، ص، 219,

[54] – نص المادة 5 مكرر 1 من قانون العقوبات الجزائري

أنظر بخصوص الموضوع: محمد لمعيني،” عقوبة العمل للنفع العام في التشريع العقابي الجزائري”، مجلة المنتدى القانوني، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، العدد 07، أبريل 2010، ص، 181.

[55] – Article 131-8 du code pénal Français.

[56] – للمزيد من التوسع حول الموضوع يراجع:

Les 20 ans du travail d’intérét  général. Publier sur site suivant :

www-ca- poitiers-justice.fr mise à jours l 1 october 2007.

 

[57] – المادة 2-647 من مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد 2015.

وتجدر الإشارة إلى أن قاضي تنفيذ العقوبات يقوم بتهيئ برنامج دوري بالأعمال المتوفرة والمؤسسات التي يؤدي فيها المحكوم عليه عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، وله أن يستعين للقيام بهذه المهمة بممثل السلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والعدل والصحة والتعليم والتشغيل وكذا ممثلي الجماعات المحلية( م 4-647).

[58] – المادة 7-647 من مشروع ق، م، ج، م,

[59] – بحسب ما تمت الإشارة إليه وفق المادة 3-647 من مشروع ق، م، ج، م.

[60] – Article 434-42 dispose que »la violation.par le condamné.des obligations résultant de la peine de travail d’intérêt général prononcée à titre de peine principale ou de peine complémentaire est punie de deux ans d’emprisonnement et de 30000 euros d’amende.

[61] – مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة  ومعاملة المجرمين المنعقد في ميلانو من 26 آب- 6 أيلول 1985، وقد إعتمدت الجمعية العامة بقرارها 40/22 المؤرخ في 29/11/1985.

[62] – القاعدة رقم 18,

[63] – مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في هافانا- كوبا من 27 آب-7 أيلول 1991، وقد إعتمدت الجمعية العامة بقرارها 45/110 المؤرخ في 14/12/1985 قوعد المؤتمر.

[64] –  للتوسع في مضامين هذه القوانين يرجع إلى:

  1. Ancel. Réforme pénale et politique criminelle dans les dernières années du XXème siècle in Mélanges R .Legros .éditions de l’Université de Bruxelles. Faculté de Droit. Bruxelles.1985.PP.1-11.

تجدر الإشارة إلى أن العمل للمنفعة العامة أعتمد لأول مرة في إنجلترا سنة 1972 ويدعى هذا النظام”Community service ordres » وقد أدخل بموجب قانون العدالة الجزائية الذي أقر نتيجة لتقرير Wootton »” المجلس الاستشاري حول النظام الجنائي، وقد سمحت أحكام هذا القانون للمحكمة أن تحكم على من بلغ السابعة عشرة من عمره وما فوق القيام بإتمام عمل لمنفعة المجتمع مجانا، وذلك خلال مدة محددة، على ألا يتجاوز عدد الساعات 240 ساعة ولا يقل عن 40 ساعة، وينفذ خلال إثني عشر شهرا على الأكثر.

وفي اليونان أدخل هذا النظام بموجب قانون تنظيم المؤسسات العقابية اليوناني الصادر بموجب القانون رقم 1851 لعام 1989، والذي دخل حيز التنفيذ سنة 1990 بموجب الفقرة الأولى من المادة 61 من هذا القانون حيث يمكن لكل محكوم بعقوبة سالبة للحرية لا تتجاوز 18 شهرا أن يتقدم بطلب إلى محكمة تنفيذ العقوبة يطلب فيها أن يقوم بعمل للمنفعة العامة كبديل عن العقوبة السالبة للحرية، لدى إحدى الجهات العامة أو الهيئات المحلية أو شخص من أشخاص القانون العام، بطبيعة الحال فإن هذا العمل غير مأجور المادة 1/61 من نفس القانون.

وإعتمدت ألمانيا هذا النظام ليكون أحد الإلتزامات المفروضة في نظام الإختبار مع الوضع قيد التجربة(م 56 من ق، ع ألماني)، كما يمكن أن يفرض نظام العمل لأجل المنفعة العامة كبديل عن الغرامة غير المدفوعة وذلك في إيطاليا.

– للتوسع في تطبيق نظام العمل للمنفعة العامة في الدول الأوروبية يراجع بشكل خاص باللغة الفرنسية:

  1. tomic-Malic. Le travail d’intérêt général en Europe. Etude du droit comparée sur l’application du travail d’intérêt général dans les pays d’Euripe K occidentale. Ministère de la Justice. Etude et recherche. Paris. P.1994.p.21 et

– للتوسع في تطبيق العمل للمنفعة العامة في إيطاليا وألمانيا وأيضا هولاندا:

  1. Pradel. Droit pénal comparé. Précis Dalloz-Droit privé. 2éme édition. Paris .2002.p.731.

 

 

[65] – القانون رقم 204/2004 المؤرخ في 09 مارس 2004، المتضمن قانون الاجراءات الجنائية الفرنسي المعدل والمتمم المنشور بالجريدة الرسمية  للجمهورية الفرنسية، الصادرة بتاريخ 10 مارس 2004، العدد 67.

 

[66] – وهذه صيغة النص بالفرنسية:

«  Lorsqu’ un délit est puni d’une peine d’emprisonnement , la juridiction peut prescrire , à la place de l’emprisonnement, que le condamné à complaira, pour une dirée de Vingt à deux cent  quatre- Vingt heures un travail d’intérêt général non rémunéré au profit soit d’une personne morale de droit public, soit d’une personne morale de droit privé chargée, d’une personne morale de droit public, soit d’une personne morale de droit  privé chargée d’une mission de service public ou d’une association habilitées à mettre. »

[67] – – تشير دراسة قامت بها محكمة الإستئناف في مدينة بواتيه الفرنسية في بداية تطبيق التدبير إلى أن أكثر الجرائم التي تم فيها تكريس العمل للمنفعة العامة هي جرائم السرقة وإخفاء الأشياء المسروقة والائتلاف، وقد شكلت هذه الجرائم نسبة 72 سنة 1999 و 61 سنة 2000، وعلى المستوى الوطني نلاحظ ارتفاعا ملحوظا في فرض هذا النظام في مواد مخالفات المرور، للمزيد من التفاصيل يراجع:

– Les 20 ans du travail d’intérêt général. www.ca- poitiérs.justice.Fr

[68] – المادة 131-19 من ق، ع، ف.

[69] – للتوسع في الموضوع:

G, Stefani ,G. Levasseur et B. Bouloc.Droit pénal général. Précis .Dalloz privative de liberté en milieu fermé. Etude comparée Français. Syrien et libanais. Op.cit.n.341.

[70] – المادة 131-30 من قانون العقوبات الفرنسي.

[71] – Article 434-42 code pénal francais.

[72] – للمزيد من التفاصيل حول جزاء الإخلال بعقوبة العمل للصالح العام يراجع على سبيل المعرفة:

– J-Pradel- Droit pénal comparé.op.cit.p.732.

[73] – تشير بعض الدراسات التي قامت بها محكمة الاتئناف في مدينة  إلى أن هذه الصورة شكلت 50 من مجموع الأحكام الصادرة سنة 1996، وفي عام 1999 أصبحت هذه النسبة 210 حكم يقضي بعقوبة العمل للمنفعة العامة كعقوبة مستقلة، و 346 حكما يقضي بالإختبار مع القيام بالعمل للمنفعة العامة، وفي سنة 2001 إنخفضت هذه النسبة 234 حكما يقضي بعقوبة العمل للمنفعة العامة كعقوبة مستقلة، و139 حكما يقضي بالإختبار مع القيام بالعمل للمنفعة العامة، للمزيد من التعمق يرجع إلى تقرير منشور على الموقع الإلكتروني:

Les 20 ans travail d’intérét général www.ca-poitiérs.justice.fr.

وفي سنة 2012 تشير بعض الاحصاءات الصادرة عن وزارة العدل الفرنسية أن عدد الأحكام الصادرة بالعمل للمنفعة العامة بلغت 25732 حكم، 7000منها  بالنسبة للمتوفرين على شروط وقف التنفيذ مع العمل للمنفعة العامة التي تساوي 6 أشهر او أقل من هذه المدة.

تقرير صادر عن وزارة العدل الفرنسية بمرور 30 سنة من إحداث القانون، منشور بتاريخ 02/06/2014. منشور على الموقع الإلكتروني:

 

[74] -B-M.Boyer.le sursis assorté de l’obligation d’àccomplir un travail d’intérêt général n’est- il qu’une- simple variante du sursis avec mise à l’épreuve ? R.P.D.P. 1987.pp. 103-107. Et du même auteur.V.Ambiguités de la nature juridique du sursis assorti de l’obligation d’accomplir un travail d’Intérêt général.Rev.sc.crim. 1990.PP.310-316.

[75] – – المادة 132-54 الفقرة الثانية من قانون العقوبات الفرنسي.

[76] – للإستفادة يراجع:

R.Merle st A.Viti.traité de Droit criminel.Tome I.problémes généraux de la science criminelle- Droit pénal général. Cujas.7éme éd. Paris.1997.n.829.

[77] – – تنص المادة 132-54 الفقرة الثانية منها على ما يلي:

« La juridication peut en outre soumettre le condamné à tout ou partie des obligations prévues à l’article 132_45 pour une dirée qui ne peut excéder dix-huit mois. L’exécution du travail d’Intérêt général avant la fin de ce délai ne net pas fin à ces obligations. »

Exit mobile version