Site icon مجلة المنارة

الشروط الاستثنائية في العمل القضائي

الشروط الاستثنائية في العمل القضائي

محمد أمقران

طالب باحث بسلك الدكتوراه،

جامعة محمد الخامس –الرباط-

من المسلم به، أن الإرادة هي الأساس في إنشاء العقود ، إذ تنتج قانونها الخاص فتكون ملزمة بالتقيد به و الخضوع له. ويعبر عن قدرة الإرادة على إنشاء العقود بمصطلح سلطان الإرادة. والذي تحدد أبعاده بالحرية التعاقدية و الرضائية و مبدأي القوة الملزمة والأثر النسبي للعقد[1].

إن التحولات الاقتصادية العميقة التي طرأت في كل البلدان ، نتيجة الأزمات الاقتصادية التي كانت في بداية القرن العشرين، أدت إلى تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي و الاجتماعي و فرض الرقابة عليه و توجيهه، و بذلك لم تعد الإرادة هي العنصر الوحيد في إنشاء العقد إذ خضعت إلى مجموعة من القيود فرضتها الظروف الجديدة. و لم تعد وحدها أساس القوة الإلزامية في العقد، و إنما زاحمها القانون في ذلك.  وأصبح العقد يحتوي على جانبين أحدهما تنظيمي يفرضه القانون، والآخر اتفاقي تتضمنه إرادة المتعاقدين. مما دفع بعضهم بعد تقلص الإرادة إلى الأخذ بالاصطلاح الجزئي للإرادة[2].

وإذا كان القانون الإداري حديث النشأة ، فإن موضوعاته العديدة  ونظرياته الأصلية ليست على درجة واحدة من تلك الصفة. و لعل ما يتعلق بالعقود الإدارية هو أحدث نواحي القانون الإداري على الإطلاق. ولهذا فإن كثيرا من الأحكام الرئيسية التي تهيمن على تلك المادة يعتريها الغموض و يلحقها الشك[3].

لهذا تم النزوح نحو معيار الشروط الاستثنائية، وذلك لمحاولة الحسم في صفة العقد. وكذا الحسم في الجهة المختصة بالبت في النزاعات المنبثقة عن تلك العقود، فالشروط الاستثنائية هي التي تضفي الصفة الإدارية على العقد و ذلك استنادا إلى خصائصها الذاتية.

خاصة و أن مفهوم العقد الإداري أو العقد بصفة عامة لم يعد يقتصر على ذلك العقد الورقي. بل إن التطور الرقمي الذي لا يمكن إنكاره أدخل وسائل تقنية جديدة تمكنت من تغيير أسلوب حياة الأفراد. وخاصة ما يتعلق بوسائل الاتصال الحديثة و نذكر بصفة خاصة الانترنت الذي جعل من الضروري ظهور إدارة إلكترونية، تعمل بوسائل جديدة في التعاقد و بالتالي تحتم وجود عقد إداري إلكتروني[4]. و هنا تزداد أهمية الشروط الاستثنائية ذلك كون هذا النوع من العقود يطرح صعوبة في التمييز بينه و بين العقود الإلكترونية الخاضعة للقانون الخاص.

فالشروط الاستثنائية يمكن تعريفها بأنها تلك البنود التي لا يمكن أن تكون محل تراضي في عقود القانون الخاص. أو التي تجعل العقود المبرمة في علاقات القانون الخاص عقودا باطلة.

أما العمل القضائي الذي يعتبر بمثابة مجموعة من الأحكام الصادرة في نزاعات مختلفة وذلك لتنظيم العلاقات بين مختلف الشرائح الاجتماعية، فقد عمل من خلال اجتهاداته التي تعتبر أساسية في إنشاء قواعد القانون الإداري، على تكريس معيار الشروط الاستثنائية. خاصة بصدور حكم ” Société des granits  ” سنة 1912 عن مجلس الدولة الفرنسي، حيث اشترط أن تأخذ الإدارة بأسلوب القانون العام من خلال تضمين العقد شروطا غير مألوفة في مجال القانون الخاص، ليتصف العقد بالصفة الإدارية. حيث أصبح معيار الشروط الاستثنائية معيارا للعقد الإداري إلى جانب معيار المرفق العام[5].

أما الشروط الاستثنائية في المغرب كمعيار لإضفاء الصفة الإدارية على العقد و تحديد الاختصاص للقاضي الإداري ، لم يتم الاهتمام به بشكل كبير إلا بعد تأسيس المحاكم الإدارية بالمملكة ، و ذلك بمقتضى قانون 41.90 المتعلق بالمحاكم الإدارية و الصادر بتاريخ 3 نونبر 1993. وخاصة المادة الثامنة منه التي تؤكد على أن هذه المحاكم تختص بالنظر في قضايا العقود الإدارية[6].

إن البحث في معيار الشروط الاستثنائية في العمل القضائي ليس ترفا فكريا ، بل إنه يستجيب لأهمية الحسم في صعوبة تحديد الصفة الإدارية للعقد. خاصة و أن هذه الشروط ترتبط ارتباطا و ثيقا بفقه القانون الإداري، ذلك أنها شكلت معيارا صالحا لتحديد نطاق القضاء الإداري إلى درجة أن العديد من الفقهاء و منهم ” Chapus”  و    “Walline ” اعتبروا أن هذه الشروط هي المحدد الأساسي للعقود الإدارية.

فإلى أي حد يمكن اعتبار الشروط الاستثنائية، أداة حاسمة في إضفاء الصفة الإدارية على العقد في العمل القضائي؟

أحيطت الشروط الاستثنائية بالعديد من التعريفات سواء من طرف الفقهاء أو من ناحية الاجتهادات القضائية ، كما أنها تضم الكثير من الصور المختلفة (الفصل الأول) . والتي تم استعمالها في العمل القضائي المغربي و كذا الفرنسي و ذلك من أجل إضفاء الصفة الإدارية على العقد ( الفصل الثاني ).

المحور الأول : مفهوم الشروط الاستثنائية و صورها

تقوم الإدارة بمجموعة من التصرفات و الأعمال سعيا منها لتحقيق المنفعة العامة و تلبية حاجيات المواطنين. و تجبرها هذه التصرفات على الدخول في علاقات مع الأغيار، سواء كانوا من أشخاص القانون العام أو أشخاص القانون الخاص. و لا يمكن لهذه العلاقات أن تكون محددة و منظمة إلا في إطار عقود. وكون الإدارة وكما سبقت الإشارة إلى ذلك تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، فإنها يمكنها تبعا لذلك أن تبرم عقود إدارية كما يمكنها أن تتصرف كالخواص و أن تبرم عقود تابعة للقانون الخاص.

فما يجعل مفهوم الشروط الاستثنائية مفهوم صعب التعريف، نجد ظهوره في صور كثيرة و مختلفة حيث تختلف هذه الشروط من علاقة تعاقدية لأخرى.

المبحث الأول :  الشروط الاستثنائية في الفقه و القضاء

حاول كل من الفقه و القضاء التعريف و الإحاطة بمفهوم الشروط الاستثنائية وذلك من أجل محاولة إزاحة الغموض عنها، و معرفة المعيار القادر على إعطاء الصفة الإدارية للعقد و بذلك و ضع تمييز بينها و بين عقود القانون الخاص.

المطلب الأول : التعريف الفقهي للشروط الاستثنائية

إن مفهوم الشروط الاستثنائية يبقى صعب التعريف و التحديد[7] ، حيث يراها البعض بأنها تلك العلاقة القائمة بين الإدارة و المرتفق و التي هي في الغالب علاقة لامساواة. مستمدة من قانون خاص بالإدارة، فكثيرة هي قواعد القانون الإداري التي تعطي للإدارة وضعية متميزة، وذلك بإسنادها سلطات قانونية ومادية مستثناة من القانون المشترك . فأشخاص القانون العام يتمتعون بقوانين مريحة، مقابل تلك القوانين التي هي بحوزة الأشخاص العاديين[8].

وقد حاول الكثير من الفقهاء الحسم في إعطاء تعريف دقيق و شامل لمفهوم الشروط الاستثنائية . ومن بينهم  نجد الفقيه “waline  ” الذي يرى أن البند غير المألوف هو البند الذي سيعتبر باطلا إذا تم التنصيص عليه في أحد عقود القانون الخاص ، وذلك لكونه مخلفا للنظام العام [9].

كما يرى الأستاذ ”  R . Chapus ” أن القضاء قد عرف الشرط الاستثنائي بكل وضوح، بأنه الشرط الذي يعتبر غير مشروع في القانون الخاص أي الذي لا يستطيع الأفراد إدراجه في عقودهم[10].

و الشروط الاستثنائية حسب ” Chapus ” دائما سميت بهذا الاسم لأنها تخلق نوعا من اللامساواة بين المتعاقدين، و ذلك بإعطائها للإدارة مراكز أسمى في علاقتها مع المتعاقد[11].

أما العميد ” Vedel ” فيرى أن الشروط الاستثنائية هي نصوص موضوعها، منح المتعاقدين حقوقا أو تحميلهم التزامات غريبة بطبيعتها عن تلك التي  يمكن الاتفاق عليها بحرية بين المتعاقدين في ظل القوانين المدنية و التجارية . إلا أنه يلاحظ أن غالبية الشروط التي اعتبرها القضاء شروطا استثنائية ليست إلا مجرد شروط غير مألوفة في العقود المدنية[12].

نلاحظ من خلال التعاريف الفقهية السابقة  أن كلها ركزت على أن الشروط الاستثنائية ، هي تلك الشروط التي لا يستطيع الأفراد إدراجها في عقود القانون المدني أو التجاري ، وذلك لكونها تخالف النظام العام. فمن الصعب التسليم بالتعاريف السابقة ، وذلك أننا لا يمكن اعتبار عقد ما عقدا إداريا فقط لكونه يتضمن شروط لا يمكن للأفراد إدراجها  في إطار القانون الخاص. بل لابد إما وأن يرتبط العقد بشخص معنوي عام ، أو أن يتوفر على بنود ليست فقط لا تتوفر في القانون الخاص ، بل  تتميز هذه  بامتيازات السلطة العامة .

فقد ذهب بعض الفقه في هذا الاتجاه حيث أقر بأن الشروط الاستثنائية، هي التي تنطوي على عنصر السلطة العامة. ومن ثم فإن هذه الشروط يستحيل تحقيقها في عقود الأفراد لأنها تستمد وجودها من وجود السلطة العامة كطرف في العقد..

فمن بين هؤلاء الفقهاء نجد ” Haurious ” الذي يعتبر بأن القانون الإداري يبقى قانون السلطة العامة، و الذي يحترم تكوين النظام الإداري الفرنسي، الممتلئ بسلطات وحقوق لفائدة الإدارة.

كما أكد “هوريو” كذلك في تعليقه على حكم محكمة التنازع الصادر في قضية “Templier  ” أنه ” يعتبر شرطا استثنائيا ذاك الشرط الذي يفرض لصالح الإدارة امتيازا من امتيازات السلطة العامة و الذي يطلق عليه في الحالة المعروفة امتياز القرار التنفيذي . ”

أما الأستاذ ” Burdeauفرأأ””””” أكد على أن تعريف الشرط الاستثنائي يجب أن يكون تعريفا قانونيا مستمدا من الصفة القانونية لهذا الشرط. فالشرط الاستثنائي هو ذلك الذي يعتبر غير مشروع في القانون الخاص، بحيث لا يجوز للأفراد إدراجه في عقودهم ولو كانوا في مركز يسمح لهم بفرضه على المتعاقد معهم.  فهذا الشرط هو الذي يكشف عن مباشرة الإدارة لسلطات استثنائية لا تتيسر ولا تنتمي إلا إليها وحدها[13].

في المقابل فإن بعض الفقه ذهب إلى حد رفض فكرة تمتع الإدارة بالسلطة العامة، ومن بينهم الأستاذ ” Rousset”. فهذه السلطة العامة التي تتوفر عليها الإدارة ليست إلا لغرض تحقيق المصلحة العامة، وبهذا لا يمكن اعتبارها من أدوات السلطة العامة. بقدر ما يمكن القول في ظل تعريف قانوني محدد أنها مجرد مجموعة من الامتيازات و الحقوق لخدمة الصالح العام[14].

إن عدم قدرة التعاريف السابقة على الإحاطة الشاملة و الدقيقة بمفهوم الشروط الاستثنائية ، تمكننا من اقتراح هذا التعريف فالشروط الاستثنائية هي : ” تلك البنود المتصلة بشخص من أشخاص القانون العام، و التي تتوفر على امتيازات السلطة العامة لفائدة الإدارة، وكذا كل تلك البنود التي لا يمكن أن تكون محل رضا في العقود القانون الخاص .”

المطلب الثاني : الشروط الاستثنائية في الاجتهادات القضائية

يعتبر الاجتهاد القضائي الإداري ذو أهمية كبيرة وذلك كونه ليس مجرد قضاء يقضي بين الأفراد فقط، لكنه قضاء يقضي بين الإدارة و الفرد. حيث إن العلاقة بينهما في تطور مستمر، ذلك فضلا عن اختلافهما باختلاف الظروف الاقتصادية و الاجتماعية بل وحتى السياسية[15].

بهذا يكون للقضاء الإداري دورا كبيرا في تكييفه لبعض المواضيع الإدارية، وخاصة منها العقود الإدارية التي تعرف بعض الصعوبات في التحديد و الحسم، فيما إذا كانت عقودا إدارية أم عقود القانون الخاص.

لهذا نجد أن مفهوم الشروط الاستثنائية ظهر من خلال الاجتهادات القضائية  و ذلك في حكم شركة « Granits porphyroides des vosge » في النزاع  الذي كان قائما بين الشركة المذكورة ومدينة « lille »   الفرنسية حول صفقة تسليم بضاعة من الأرصفة . حيث أعلن مجلس الدولة عدم اختصاصه كون العقد كان حول تسليم بضاعة وفق نفس مقتضيات القانون الذي ينظم العلاقات بين أشخاص القانون الخاص[16].

إن هذا الاجتهاد القضائي تم العمل به في مجموعة من القرارات القضائية إما بطريقة صريحة أو بشكل ضمني. كون أن القاضي الإداري أصبح يؤكد بأن الشروط الاستثنائية المتضمنة في  العقد، هي القادرة على أن تعطي للعقد في مجموعه صفة عقد إداري خاضع لقواعد القانون العام. باستثناء العقود المبرمة من طرف المرافق الصناعية و التجارية حيث أن هذه العقود هي عقود القانون الخاص حتى و إن تضمنت شروط استثنائية[17].

كما اعتبرت محكمة النزاع الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 19 يونيو 1952 في قضية ” Société des combustiles ” ، أن الشروط الاستثنائية هي تلك الوضعية التي تجمع المتعاقدين و المختلفة عن تلك التي يمكن أن تجمعهما في إطار علاقات القانون الخاص[18].

أما المحكمة الإدارية العليا بمصر فقد عرفتها بأنها تلك الشروط التي تضعها الإدارة بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق و امتيازات لا يتمتع بها المتعاقد معها ، و ذلك بقصد تحقيق النفع العام أو مصلحة  مرفق من مرافق الدولة و هي شروط غير مألوفة في القانون الخاص[19].

فالشرط الاستثنائي كمعيار للعقد الإداري لا يمكن تعريفه إلا عبر مقتضيات تحتوي على معايير بسيطة و التي تعطي إمكانية مسايرة تغيرات الاجتهادات القضائية[20].

فهذا المفهوم كان سيكون بسيطا إذا ما أخد بمفهومه الحرفي، فالشرط الاستثنائي من القانون الخاص هو ذاك الشرط الذي لا يمكن أن يظهر في عقود القانون الخاص ، و إلا أصبح عقدا غير شرعي .

كما أن الشروط الاستثنائية ليست فقط تلك الشروط التي تتضمن التزامات لا يمكن قبولها رضائيا في العقود المدنية و التجارية ، بل إن الاجتهاد القضائي اعتبر شروطا استثنائية كذلك حتى تلك الشروط  التي يمكن أن تكون ضمن عقود القانون الخاص ، لكنها لا تستعمل بطريقة اعتيادية ، أو التي لا يمكن أن تتضمنها عقود القانون الخاص إلا في شكل أو تأسيس مختلف. فالتعريف بالشروط الاستثنائية إذن يصبح أكثر صعوبة في كثير من الأحيان وخاصة إذا ما تعلق الأمر بتلك البنود التي تحتوي على حقوق السلطة العامة، سواء للإدارة في مواجهة المتعاقد معها أو للمتعاقد مع الإدارة في مواجهة المرتفقين . وهذا ما دفع بمجلس الدولة الفرنسي إلى أن يعتبر الشروط الاستثنائية تلك الشروط التي ” تحمل البصمة الإدارية ” وذلك لاعتبارات المصلحة العامة و التي لا يمكن تصورها في إطار القانون الخاص[21].

بالإضافة إلى أن بعض الاجتهادات القضائية عرفت الشروط الاستثنائية بتواجد إحالات داخل العقد على دفتر التحملات. و هذا ما تم التأكيد عليه من طرف مجلس الدولة الفرنسي في الحكم الصادر بشأن قضية ” Roudier de la Brille “[22] .

فالشروط الاستثنائية إذن حسب الاجتهاد القضائي، هي تلك المقتضيات التي ينص عليها العقد و التي لا يمكن أن يرتضيها أطراف القانون الخاص بينهم و إلا اعتبر العقد باطلا. خاصة وأن العقد في إطار القانون الخاص يقوم على أساس مبدأ سلطان الإرادة، و أن العقد شريعة المتعاقدين. فالاجتهاد القضائي خص العقود الإدارية بمعيار تواجد شروط استثنائية خارجة عن معاملات القانون الخاص، والتي تعطي للعقد طبيعة خاصة به بغض النظر عن الطرف الذي يقوم بإبرامه و مهما يكن موضوع العقد المبرم، ومن ثم يكون عقدا إداريا بطبيعته.

هذا المعطى لا يخص فقط العقود العادية ، بل يمكن إسقاطها حتى على العقود الإلكترونية . وذلك كون هذا العقد حسب “Thierry Revet  ” هو قبل كل شيء عقد لكنه مبرم بالصيغة الرقمية. وهذا ما لا يمنع من تضمن العقود الإلكترونية بنود غير مألوفة و بالتالي اعتبارها عقودا إلكترونية إدارية[23].

من هنا يظهر الدور الكبير الذي لعبه الاجتهاد القضائي ليس فقط في إعطاء تعريف وتحديد للشروط الاستثنائية، بل كذلك في تمييز العقد الإداري عن عقد القانون الخاص. وذلك يظهر في مجموعه من الأحكام التي فصلت فيها، حيث اعتبرت العقود المبرمة فيها عقودا إدارية لأنها تتوفر على شروط غير معتادة في القانون الخاص .

المبحث الثاني : صور الشروط الاستثنائية

تتخذ الشروط الاستثنائية مجموعة من الصور و الأشكال تتغير بتنوع العلاقات التي تربطها الإدارة مع باقي الأطراف الأخرى، وحسب متطلبات المصلحة العامة وما تستوجبه من إجراءات لتحقيقها. وعموما فهي تظهر في  شكل امتيازات للإدارة في مواجهة المتعاقد معها.

المطلب الأول : الشروط المستثناة من القانون الخاص

كما سبق القول فإن خصوصية نظرية العقد الإداري تترجم بمدى تواجد سلطات أو شروط استثنائية للإدارة، مؤسسة على أولوية مصلحة المرفق العمومي و ذلك باستبعادها لمجموعة من المبادئ التي تعتبر أساسية في القانون الخاص[24].

فهذه الشروط الاستثنائية متعددة ، حيث نجد أنها تتخذ مجموعة من الصور ، التي يمكن  إجمالها في مجموعتين. مجموعة تحتوي على امتيازات لفائدة الإدارة في مواجهة الأشخاص المتعاقدين معها ، و المجموعة الثانية تكون في شكل امتيازات يعترف بها للمتعاقد مع الإدارة تجاه الأغيار[25].

أما المجموعة الأولى من الشروط الاستثنائية و التي تعطي للإدارة حقوق أسمى من الحقوق التي يتمتع بها المتعاقدين معها ، فنجدها عموما هي تلك الامتيازات التي تصطبغ بالسلطة العامة. و التي تحكم علاقتها بالمتعاقد سواء قبل إبرام العقد، أو أثناء تنفيذه و تتجلى بصور أكثر وضوحا في استقلالها بفسخ العقد[26].

فصور الشروط الاستثنائية التي تظهر لفائدة الإدارة قبل إبرام العقد ، نجد ذلك الشرط المتعلق بالإحالة على دفاتر التحملات ، و قد تردد الاجتهاد القضائي كثيرا قبل أن يقر بأن الإحالة على دفاتر التحملات تعتبر شرطا استثنائيا ، حيث كان في السابق لا يعترف بها إلا إذا كانت هذه الإحالة بنفسها شرطا استثنائيا ، لكن في حكم ” Roudier de la Brille ” أقر بأن مجرد الإحالة على دفتر التحملات تعتبر شرطا استثنائيا[27].

فهذه الدفاتر من صنع الإدارة، و تستقل بوضعها غير أنها لا تفرضها على المتعاقد معها بل هي ذات صبغة تعاقدية ، يقبلها المتعاقد بالتوقيع عليها[28].

كما تعتبر سلطة الإدارة في اختيار المتعاقد معها من الشروط الاستثنائية التي تظهر قبل إبرام العقد. فكثيرا من شروط التعاقد تتضمن شرطا يقضي بأن المتقدم للمناقصة أو المزايدة يلتزم بإيجابه بمجرد تقديمه للملف، و لا يتم العدول عنه حتى يتم إرساء المناقصة. أما الإدارة فلا ترتبط إلا بعد اعتمادها لمقاول ما وقد لا ترتبط إطلاقا. وفي هذا الشرط الاستثنائي تقييد لإرادة الراغب في التعاقد مع الإدارة حيث لا يعطيه حق العدول عن إيجابه إلى أن يتم إرساء المناقصة ، في حين أن إرادة الإدارة حرة في التعاقد أو العدول عنه[29].

لكن يلاحظ أن هذا الشرط الاستثنائي أصبح مقيدا نوعا ما سواء بالمغرب أو بفرنسا. حيث نلاحظ أنه في المغرب يتم إبرام العقود الإدارية بموجب مسطرة محددة تراعي فيها مبدأ الشفافية و المساواة و اللجوء إلى المنافسة قدر الإمكان و فعالية النفقة العمومية. كما حث المشرع المغربي ضرورة تعليل قرار الإقصاء ، و أن هذه التبريرات تكون موضوع مراقبة قضائية ، و بالتالي فإن القضاء الإداري يمكنه التأكد من مطابقة أو عدم مطابقة العروض موضوع مقرر الإقصاء مع المقاييس المعمول بها[30].

هذا فيما يخص الشروط الاستثنائية التي تظهر قبل إبرام العقد بين الإدارة وأشخاص القانون الخاص. أما فيما يخص الشروط الاستثنائية التي تتمتع بها الإدارة بعد إبرامها للعقد، نجد  تلك الشروط التي تمنح للإدارة امتيازات في مواجهة المتعاقد. وهذه تعتبر أهم الشروط الاستثنائية لأنها تثير امتيازات السلطة العامة التي تعتبر أجنبية بطبيعتها عن أحكام القانون الخاص[31].

إن غالبية الشروط المنطوية على امتيازات للإدارة في مواجهة المتعاقد معها أثناء تنفيذ العقد، تظهر في صور متعددة كحالة إعطاء الإدارة لنفسها حق تعديل العقد بإرادتها المنفردة، أو سلطة إنهائه قبل الموعد المحدد دون الحاجة إلى تنبيه المتعاقد معها ، أو سلطتها في توقيع جزاءات على المتعاقد معها في حالة إخلاله بالتزاماته التعاقدية دون حاجة للجوء للقضاء . ومن ذلك أيضا إخضاع الإدارة للمتعاقد معها لسلطتها الإشرافية و الرقابية أثناء تنفيذه للعقد، أو منح الإدارة لنفسها سلطة التدخل في علاقة المتعاقد بمستخدميه و عماله وتحديد ساعات العمل والأجور الخاصة بهم[32].

فبالإضافة إلى هذه المجموعة من صور الشروط الاستثنائية و التي تعطي للإدارة امتيازات في مواجهة المتعاقدين معها. هناك مجموعة ثانية من الشروط الاستثنائية تنطوي على منح المتعاقد مع الإدارة سلطات في مواجهة الغير.

فهذه الشروط التي تبيح للمتعاقد مباشرة بعض امتيازات السلطة العامة في مواجهة الغير، هي بطبيعتها غريبة على علاقات الأفراد والإدارة وحدها هي التي تتمتع بها. ولذلك فإن الشروط التي تقرها تعتبر شروطا استثنائية بطبيعتها و مستحيلة التحقيق في عقود الأفراد[33].

من خلال كل ما سبق يتضح أن للشروط الاستثنائية المستثناة من القانون الخاص، صور كثيرة و متعددة، كلها تعمل على أن تعطي الصفة الإدارية للعقد. وقد اعتمد الاجتهاد القضائي الكثير من هذه الشروط ليعترف لبعض العقود بصفتها الإدارية. وذلك كون هذه الشروط من المستحيل أن نجدها في الاتفاقات التي تجمع فردين أو أكثر من أشخاص القانون الخاص، و إذا ما تم الاتفاق عليها ستعتبر عقودا تخالف النظام العام و بالتالي فهي عقود باطلة.

لذا للقول بإدارية عقد ما بصفة صريحة و غير قابلة للتشكيك، لابد من أن يتوفر وإلى جانب الشروط الاستثنائية المبينة أعلاه على المعيار الموضوعي.

المطلب الثاني :المعيار العضوي كشرط استثنائي

يعتبر المعيار العضوي من بين الشروط الاستثنائية التي تمكننا من الحسم في كون عقد ما عقدا إداريا أم لا. إن لم نقل أنه يعتبر من أهم هذه الشروط على الإطلاق كونه العنصر الحاسم في مسألة إدارية العقد. حيث نلاحظ أنه و إن توافرت كل الشروط الاستثنائية السابقة الذكر، و لم يتوفر المعيار العضوي تبقى مسألة الحسم في نوعية العقد مسألة صعبة.

بالاستناد على هذا المعيار فإنه لكي نتحدث عن وجود عقد إداري يتعين أن يكون طرفا العقد أو إحداهما على الأقل شخص من أشخاص القانون العام. فمن غير المتصور إطلاق وصف العقد الإداري على الاتفاق المبرم بين فردين عاديين أو شخصين من أشخاص القانون الخاص و لا تكون الإدارة طرفا فيه حتى لو كان أحدهما مكلفا بمهمة تتعلق بمرفق عام. فمن البديهي أن العقد الذي لا تكون الإدارة أحد أطرافه لا يجوز أن يعد من العقود الإدارية، و لهذا فإن العقود المبرمة بين أشخاص القانون العام و أحد أشخاص القانون الخاص تعد إدارية متى توافرت فيها السمات الأخرى[34].

فمن الشروط الضرورية إذن لقيام العقد الإداري أن يكون أحد طرفي هذا العقد شخص من الأشخاص المعنوية العامة، مؤهل و مختص قانونيا لإبرام العقد الإداري و ممثلا لشخص عام. و ينطبق هذا على الوزير بالنسبة للدولة و على العامل بالنسبة للعمالة و على رئيس المجلس الجماعي بالنسبة للجماعات المحلية (الترابية حاليا )، و على المدير العام بالنسبة للمؤسسات العمومية[35].

فالمعيار العضوي يكون متوفرا في العقد إذا ما تواجد شخص عام كطرف في العقد ” الدولة ، الجماعات الترابية ، أو المؤسسات العمومية ” . فالعقد المبرم بين شخصين من القانون الخاص لا يمكن أن يكون بأي حال عقدا إداريا حتى و إن كان في بعض الحالات، شخص من أشخاص القانون الخاص مكلفا بتدبير مرفق عام[36].

كما أن العقد الإداري يختلف عن القرار الإداري حيث أن شخص من القانون الخاص، يمكنه اتخاذ قرار إداري بصفة انفرادية ضد شخص من أشخاص القانون الخاص. غير أنه لا يمكنه أن يبرم عقد إداري مع شخص من الخواص، مهما كانت بنود العقد و مهما كان موضوعه[37].

فقد تم الأخذ بالمعيار العضوي في مجموعة من الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة ، و لعل أبرزها نجد حكم 20 أبريل 1956 الذي أطلق عليه اسم حكم ” Bertin ” . فهذا القرار أكد على أنه يعتبر عقد إداري ، ذلك العقد المبرم بين الدولة و مع ملاكين خواص، وذلك باعتبار أن العقد يهدف إلى تسيير مرفق عام[38].

فتطبيق هذا المفهوم للعقود الإدارية ، أخد شكلا واسعا في محاكم النزاعات وكذا لدى مجلس الدولة فهي تخص بالأساس العقود المبرمة في إطار موضوع الصفقات العمومية ، والمنعقدة مع مقاولي شركات الاقتصاد المختلط التي تعتبر أشخاص معنوية خاصة[39].

لكن لا يمكن أبدا الجزم في القانون الإداري ، وذلك كون المبدأ يعرف دائما بعض الاستثناءات. فالاجتهاد القضائي اعتبر أن العقود التي تبرم بين أشخاص القانون الخاص يمكن أن تكون عقودا إدارية، وذلك إذا ما تصرف أحد الخواص لفائدة شخص عام إما بشكل ضمني أو صريح. بالإضافة إلى “الجمعيات الشفافة ” أي تلك الجمعيات الممولة و المنظمة و المراقبة من طرف الجماعات و التي تتصرف في الواقع لصالح هذه الأخيرة. كما أن العقود التي تبرم مع أشخاص القانون الخاص يمكن أن تكون عقود إدارية ، بشرط أن تتضمن هذه العقود شرطا استثنائيا من القانون المشترك[40] .

الفصل الثاني: تطبيقات الشروط الاستثنائية في العمل القضائي المغربي و المقارن

إن القانون الإداري قانون قضائي بامتياز ، حيث أن معظم القواعد التي أسست لوجوده هي من صنع القاضي الإداري. ولكون العقود الإدارية جزء لا يتجزء من القانون الإداري ، فإنه كنتيجة لذلك فإن إصباغ عقد ما بالصبغة الإدارية لا يكون صحيح بشكل كبير إلا إذا ما كانت هذه الصفة ناتجة عن اجتهاد قضائي.

هذا ما دفع بالاجتهادات القضائية سواء بالمغرب أو بفرنسا ، إلى محاولة إيجاد معيار قائم بذاته يمكن من إضفاء الصفة الإدارية على عقد ما دون تردد. لهذا يلاحظ أن العمل القضائي اختار في كثير من الأحيان معيار الشروط الاستثنائية، للتفرقة بين عقود القانون العام وعقود القانون الخاص .

المبحث الأول: الشروط الاستثنائية في القضاء المغربي

يعتمد تصنيف العقود في العمل القضائي المغربي و بشكل كبير على مدى توفر العقد على بنود غير مألوفة في علاقات القانون الخاص. بالرغم من كونه لم يحسم في الصنف الواجب تضمنه في العقد ليكون العقد إداريا و بالتالي انعقاد الاختصاص للقاضي الإداري.

المطلب الأول: ضرورة اتصال العقد بشخص عام

يمكن للدولة و باقي الأشخاص المعنوية العامة، طبقا لمقتضيات عامة أو خاصة، إبرام عقود سواء مع أشخاص معنوية عامة أو مع أشخاص طبيعية أو معنوية خاضعة للقانون الخاص، وذلك بهدف الإشباع المباشر أو غير المباشر للمصلحة العامة[41].

فالعقود التي تبرمها الأشخاص المعنوية العامة مع الأغيار هي عقود إدارية. وذلك حسب المعيار العضوي الذي يعتبر كشرط من الشروط الاستثنائية التي لا يمكن أن تتوفر في باقي أنواع العقود الأخرى. حيث أن صفة العقد الإداري لا يمكن إضفاؤها على تلك العقود التي يبرمها أشخاص القانون الخاص ، مهما كانت الشروط أو البنود التي تتضمنها .

فهذا المعيار تم اعتماده من طرف القاضي المغربي سواء في المحاكم المدنية أو المحاكم الإدارية. وذلك ما يتضح في حكم المحكمة الابتدائية بسلا حيث أقرت بعدم الاختصاص في القضية التي تجمع  بين الدول المغربية في شخص الوزير الأول المكلف بإدارة الدفاع الوطني ، والسيد مدير وكالة المساكن والتجهيزات العسكرية ، وبين السيد لحسن واكرض[42].

هذا بعدما أبرمت وكالة المساكن و التجهيزات العسكرية عقد بيع مع الجنود بهدف الاستفادة من مساكن وظيفية[43].

توضح الوقائع التي جاءت في الحكم المذكور أن أحد أطراف الدعوة شخص من أشخاص القانون العام. وبذلك قضت المحكمة الابتدائية بسلا بعدم اختصاصها في النظر في موضوع هذه الدعوة. فأكدت بذلك على تبنيها للمعيار العضوي و خاصة أن الاختصاص النوعي يعتبر من النظام العام، أي أن المحكمة تثيره من تلقاء نفسها و لا تنتظر أن يطلب ذلك أحد أطراف الدعوة.

كما أكد القانون المنظم للمحاكم الإدارية 41.90 على أهمية المعيار العضوي كشرط استثنائي لانعقاد الاختصاص لهذه المحاكم. وذلك حسب المادة 8 منه ” تختص المحاكم الإدارية بالبت ابتدائيا … وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية و دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال و نشاطات أشخاص القانون العام “[44] .

فهذه المادة اعتبرت العقود الإدارية تلك العقود التي يبرمها أشخاص القانون العام، عندما يقومون بنشاط إداري يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، وبذلك أخضعتها لاختصاص القاضي الإداري.

وهذا ما أكده الحكم الصادر في قضية “فؤاد دنيال” ضد الجماعة الحضرية لمدينة سلا و شركة “ريضال” ووزير الداخلية و كذا الدولة المغربية و الوكيل القضائي للمملكة ” حيث إن الطلب يرمي إلى الحكم تضامنا على الجماعة الحضرية لمدينة سلا و شركة “ريضال” و الدولة المغربية بأداء تعويض نتيجة اعتدائهم المادي على عقار المدعين مع التماس تعيين خبير في المجال العقاري لتحديد التعويض المستحق عن حرمان المدعين من استغلال عقارهم منذ تاريخ الاعتداء المادي عليه.

يلاحظ من خلال مقتضيات هذا الحكم أن القضاء الإداري المغربي أكد على المعيار العضوي كشرط استثنائي في العقد الإداري و انعقاد الاختصاص للمحاكم الإدارية وذلك بمقتضى عقد التدبير المفوض الذي يعطي السلطة العامة للشركة بدلا من الجماعة الحضرية.

أيضا أكد ذلك المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) في قضية السيد “بدوي” ووزير التجارة و الصناعة في 26 يناير 1977. حيث اعتبر أن قرار فسخ العقد المتخذ من طرف مدير مكتب البحث و المساهمة المعدنية، هو قرار إداري ذلك كون هذا المكتب هو مؤسسة عمومية أي مرفق عام. وبالتالي فالاختصاص لا يعود للقضاء العادي حتى وإن كان نشاطها ذات طابع صناعي و تجاري[45].

إن العمل القضائي المغربي ليعتبر العقد عقدا إداريا يخضع لاختصاص القاضي الإداري في  ، يجب أن يكون أحد أطراف العقد شخص معنوي عام أو أن يتصل بمرفق عام حتى إن كان تدبيره من طرف الخواص وذلك بمقتضى عقود التدبير المفوض التي تعطيه امتيازات استثنائية .

غير أن القاضي الإداري في كثير من الأحيان لم يكتفي بالمعيار العضوي لإضفاء الصفة الإدارية على العقد، وبالتالي إخضاعه لاختصاص القضاء الإداري. بل استلزم بالإضافة إلى ذلك توفر العقد على شروط غير مألوفة في عقود القانون الخاص. وذلك نظرا لكون الشخص المعنوي العام يمكنه أن يتعاقد بصفته العامة التي تخول له السلطة العامة في مواجهة باقي الأطراف. كما يمكن له التعاقد خارج هذه الصفة و أن ينزل إلى مرتبة الخواص وذلك إذا ما اقتضت المصلحة العامة ذلك. وهذا ما نجده في عديد من الأحكام كحكم الصادر في قضية الطعن بين شركة ” صيبو ” و بين عامل اقليم “أنجرة. ” حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء القرار الصادر عن عامل إقليم الفحص- أنجرة عدد 2439 بتاريخ 29-06-2008 ، القاضي بإلغاء طلب الكراء المقدم من طرف الطاعنة من أجل كراء قطعة أرضية تابعة للجماعة السلالية ” عين الدالية الكبيرة ” مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.”

من خلال كل ما تقدم يتضح أن الاعتماد على المعيار العضوي كشرط استثنائي في العمل القضائي المغربي يعتبر معيار أساسي لإضفاء الصفة الإدارية على العقد، وبذلك إخضاعه لاختصاص القاضي الإداري. غير أن هذا التوجه لم يتم الحسم فيه بشكل نهائي . حيث يلاحظ أن القاضي الإداري في بعض أحكامه اعتمد المعيار العضوي كأساس و كشرط فاصل و حاسم في إضفاء الصفة الإدارية على العقد و إسناد الاختصاص في النزاعات التي تنشأ بسببه للقاضي الإداري. أما في أحكام أخرى يلاحظ أن القضاء يتراجع عن التوجه الأول ويرفض المعيار العضوي كشرط وحيد لإضفاء الصفة الإدارية على العقد و يشترط ضرورة تواجد شروط أخرى غير مألوفة في القانون الخاص.

فهذا التردد راجع بالأساس إلى طبيعة نشاط الشخص المعنوي العام الذي  يمتاز بعدم ارتباطه الصرف بنظام معين. حيث يمكنه أن يتصرف كشخص معنوي عام وطبقا للسلط التي يتوفر عليها كما يمكنه التصرف كباقي الأشخاص العاديين. وهذا ما جعل القاضي الإداري يتردد في إضفاء الصفة الإدارية نظرا للشرط الاستثنائي المتعلق بالمعيار العضوي.

هذا التردد الذي طبع العمل القضائي المغربي في الحسم في صفة العقد انطلاقا من المعيار العضوي. كونه شرط استثنائي غير متوفر في عقود القانون المدني، يفتح لنا المجال لدراسة باقي أنواع و صور الشروط الاستثنائية الكفيلة بإعطاء الصفة الإدارية للعقد دون الحاجة إلى التردد كتلك الشروط المتعلقة بالسلطة العامة.

المطلب الثاني : السلطة العامة كشرط استثنائي في القضاء المغربي

هذا الاتجاه الذي يعتمد على السلطة العامة باعتباره صورة من صور الشروط الاستثنائية في العقود الإدارية ، تم اعتماده في العمل القضائي المغربي. حيث نجد أن مجموعة من العقود التي تنطوي بنودها على شروط استثنائية متصفة بأعمال السلطة العامة نجد اختصاص البث فيها يعود للقضاء الإداري.

هذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في الحكم عدد 1921 الصادر بتاريخ 02-11-2005 بين شركة المقاولة العامة “الشاوية” ضد الدولة المغربية ، حيث اعتبرت المحكمة الإدارية ” أن المتعاقد معها نفذ أشغالا إضافية غير منصوص عليها في عقد الصفقة، وأن الأشغال كانت من مستلزمات حسن التنفيذ للمشروع ، وإن الفائدة قد نتجت للإدارة  ما يعطيه الحق بالمطالبة بمقابله المالي”، واعتبرت المحكمة المذكورة أن الكشف الحسابي المنجز من قبل مكتب الدراسات التقنية و المصادق عليه من طرف المهندس المعماري يشكل اعترافا من طرف هذه الإدارة بوجود هذه الأشغال[46].

هذا ما يلاحظ كذلك في حكم آخر حيث دفعت أعمال السلطة العامة، مقاولة “بناني” إلى اللجوء للقضاء، وذلك عندما قررت الجماعة الحضرية لمدينة أصيلا فسخ العقد الذي يربطها بالمقاولة. وذلك دون تعويض هذه المقاولة ، بالرغم من أن دفتر التحملات ينص على ضرورة التعويض لفائدتها في حالة الفسخ[47].

ففسخ العقد بصفة انفرادية من طرف الجماعة الحضرية لمدينة أصيلا، و كذلك تضمن العقد للإحالة على دفتر التحملات. تعتبر من البنود غير مألوفة التي لا يمكن أن يتضمنها عقد من عقود القانون الخاص، و التي تجعل العمل القضائي المغربي يعتبر هذا النوع من العقود عقدا إداريا، وبذلك ينعقد الاختصاص للقاضي الإداري.

فأعمال السلطة العامة تعتبر من صور الشروط الاستثنائية في العمل القضائي المغربي، وذلك كونها تخرج العقد من مصاف تلك العقود المبرمة بين أشخاص القانون الخاص. والتي تقوم على مبدأ سلطان الإرادة. و لا تعترف بامتيازات خاصة لطرف دون الآخر. وبذلك فإن العقود التي تحمل في بنودها امتيازات السلطة العامة لفائدة الإدارة تعتبر عقود إدارية حسب الاجتهادات القضائية المغربية. حيث أن كل الأحكام الواردة أعلاه و التي تنطوي على هذا النوع من الامتيازات فإن المحاكم الإدارية هي التي تختص في الفصل فيها.

غير أن امتيازات السلطة العامة كشرط من الشروط الاستثنائية، والتي تضفي الصفة الإدارية على العقد. ليست فقط تلك الامتيازات التي تستأثر بها الإدارة في مواجهة المتعاقد معها، بل هي كذلك تلك الامتيازات التي يستفيد منها المتعاقد في مواجهة الأغيار أو المرتفقين. كتلك الشروط التي تخول الملتزم الحق في اقتضاء رسوم من المنتفعين بالمرفق العام محل الالتزام ، وكذلك تلك البنود التي تعطي للمتعاقد مع الإدارة سلطة نزع الملكية للمنفعة العامة ، أو تلك الامتيازات التي تمنحه أحقية الانتفاع بارتفاقات على الملك العام أو في ممارسة إجراءات أعمال الشرطة الإدارية[48].

فأعمال السلطة العامة التي يتمتع بها المتعاقد مع الإدارة في مواجهة الأغيار ، تمكن من لم يكن طرفا في العقد أن يلجأ للمحكمة الإدارية ، من أجل المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تصيبه نتيجة لهذه الأعمال. وهذا ما يميز العقد الإداري حيث أن عقود القانون الخاص لا يمكنها أن تتضمن امتيازات كهذه لفائدة أي طرف من أطراف العقد.

هذا ما أكدت عليه المحكمة الإدارية في قضية “فؤاد دنيال” و من معه الذي طالب بالتعويض عن الضرر الناتج عن أعمال شركة “ريضال” ، بعدما قامت باحتلال قطعة أرضية موضوع الرسم العقاري عدد 20426 الكائنة بعمالة سلا [49].

هنا ينعقد الاختصاص للمحكمة الإدارية كون شركة “ريضال” يربطها عقد امتياز مع الجماعة الحضرية سلا . ومن خلال هذا العقد قامت الشركة المذكورة بعمل من أعمال السلطة العامة والمتمثل في احتلال ملك الغير . هذا ما دفع بأصحاب الملك بطلب الحكم تضامنا على الجماعة الحضرية لمدينة سلا وشركة “ريضال” بأداء تعويض نتيجة لاعتدائهم المادي على عقار

هذا بالإضافة إلى أنه هناك نوع من العقود التي تعطي للخواص أشكال أخرى من امتيازات السلطة العامة. كتلك المتعلقة بأعمال الشرطة الإدارية.

فهذه الامتيازات التي تمكن الخواص من القيام بأعمال الشرطة الإدارية ، وإن كانت تتعرض لكثير من الانتقادات و ذلك كونها تعتبر من النظام العام و التي تدخل ضمن الأعمال التي لا يمكن أن تقوم الإدارة بتفويتها للخواص. فإنها مع ذلك تضفي الطابع الإداري على العقد، وبالتالي يكون النظر في النزاعات التي تنشأ عنها من اختصاص المحاكم الإدارية.

غير ما يهمنا من هذه القضية هو كون أعمال السلطة العامة المتمثلة في الشرطة الإدارية و التي يقوم بها أشخاص القانون الخاص ،  تضفي الطابع الإداري على العقد، كونها تعتبر من الشروط الاستثنائية التي لا يمكن أن تتضمنها عقود القانون الخاص.

لهذا يمكن القول بأن الشروط الاستثنائية في العمل القضائي المغربي، هي شروط استثنائية مركبة لا تعتمد على صورة بعينها. بل يجب أن يجتمع شرطين أو أكثر من هذه الشروط للقول بأن العقد إداري. فالعمل القضائي المغربي لا يقبل إضفاء الصفة الإدارية على العقد فقط لأن أحد أطرافه شخص معنوي عام. حيث نجده قد تراجع في عدد من الأحكام على هذا الموقف ، معللا ذلك بأن للإدارة الحق في أن تتصرف كالخواص . كما أنه لا يقر بإدارية العقد الذي يربط بين شخصين من أشخاص القانون الخاص حتى و إن كانا قد اتفقا في العقد الذي يجمع بينهما على بنود يمكن القول عنها بأنها تعطي امتيازات السلطة العامة لطرف دون الآخر، فهذا العقد باطلا و ليس عقدا إداريا.

المبحث الثاني: الشروط الاستثنائية في العمل القضائي الفرنسي

ساهم العمل القضائي الفرنسي بشكل كبير في ترسيخ قواعد القانون الإداري بصفة عامة ، وقواعد العقود الإدارية بصفة خاصة. حيث أن مجموعة من العقود التي تعتبر اليوم عقود إدارية بدون أن يُطرح أي مشكل في الحسم في طبيعتها، ما كانت لتصبغ بالصفة الإدارية لولا عمل الاجتهاد القضائي الفرنسي.

اشترط العمل القضائي الفرنسي توفر مجموعة من البنود الاستثنائية التي لا يمكن أن تتوفر في العقود التي تربط أشخاص القانون الخاص، وذلك لاعتبار اتفاق ما عقد إداري .  فهذه البنود هي الوحيدة التي يمكن أن تضفي الصفة الإدارية على العقد في نظر الاجتهادات القضائية الفرنسية، حتى و إن توفر شرط واحد فقط من صورهذه الشروط الاستثنائية.

المطلب الأول: المراقبة كشرط استثنائي في القضاء الفرنسي

إنه و لكي يعتبر عقد ما عقدا إداريا وجب أن تتوفر في بنود العقد مجموعة من الشروط الاستثنائية، والتي تعطي للأطراف حقوق أو تحملهم التزامات خارجة بطبيعتها عن تلك البنود التي يمكن أن يتوافق عليها الأطراف في إطار القانون الخاص[50].

هذا ما تم التأكيد عليه من جانب العمل القضائي الفرنسي، حيث اعتبرت كثير من الأحكام الصادرة عن القضاء الفرنسي أن العقود التي تعطي للإدارة حق التسيير و المراقبة تعتبر عقودا إدارية تخضع لاختصاص القاضي الإداري. وهذا ما جاء به الحكم الصادر في 7 يوليوز 1980 المتعلق بشركة الاستغلال السياحي “La Haute – Maurienne” حيث أكد في حيثياته أن العقد و دفتر التحملات الملحق به يتضمنان مجموعة من الشروط غير مألوفة وخاصة ما يتعلق بفرض ساعات العمل على الشركة ، بالإضافة إلى رقابة النقابة على الموارد البشرية للمطاعم و الرقابة على أثمان الوجبات[51].

يلاحظ من خلال الحكم أعلاه أن محكمة النزاع الفرنسية، قد أضفت صفة عقد إداري على العقد محل النزاع، وذلك لمجرد توفره على بنود تعطي سلطة الرقابة للإدارة. فحق الرقابة بالنسبة لمحكمة النزاع الفرنسية يعتبر من قبيل الشروط الاستثنائية التي لا يمكن أن تتضمنها عقود معاملات أشخاص القانون الخاص. و بذلك أقرت الاختصاص للقاضي الإداري و بدون الحاجة إلى البحث في موضوع العقد.

كما نجد أن حكم 20 يونيو 2005 الصادر عن محكمة النزاع الفرنسية ، والذي يؤكد نفس المقتضيات السابقة ، وذلك في قضية الشركة الفندقية “Guyanaise  ” و المركز الوطني للدراسات المجالية. حيث يتضح من حيثيات الحكم أن مقتضيات العقد المبرم يعطي للمركز سلطة المراقبة على المتعاقدين معه، و ذلك بتمكينه من فرض مقتضيات خاصة بكيفية الاستغلال، و كيفية تحديد أثمان غرف المجموعة الفندقية[52].

عمدت محكمة النزاع الفرنسية انطلاقا من حيثيات القضية إلى التأكيد على وجود بنود التسيير والمراقبة لصالح المركز الوطني للدراسات المجالية ، و بالتالي توفر العقد المبرم بين هذا المركز والشركة الفندقية   “Guyanaise  ” على شروط غير مألوفة في عقود القانون الخاص، مما يجعل العقد إداريا ويخضع لاختصاص القاضي الإداري[53].

من خلال ما تقدم يتضح أن العمل القضائي الفرنسي، اتخذ سلطة التسيير و المراقبة الممنوح للإدارة من بين صور الشروط غير المألوفة و التي تضفي الصفة الإدارية على العقد. غير أن هذا الشرط غير كافي لوحده من أجل إضفاء الصفة الإدارية على العقد ، حيث أنه لا يمكن القول بأن جميع العقود التي تتضمن بند المراقبة هي عقود إدارية ، فمثلا قد يتم أن يكون في عقد من عقود القانون الخاص بند ينص على الرقابة ، وخاصة ما يتعلق بعقود الكراء حيث أنه يمكن لصاحب العين المكتراة أن يضمن العقد بمجموعة من البنود التي تمنحه حق المراقبة. فهذا العقد و إن كان يتضمن شرط الرقابة لا يمكن القول عنه عقد إداري.

فالشرط الاستثنائي المتعلق بسلطة التسيير و الرقابة و إن كان مهم و ضروري لإضفاء الصفة الإدارية على العقد، فإنه غير قادر على الحسم بصفة نهائية في طبيعة العقد بل يبقي على ذلك التردد في البت بشكل قطعي في الصفة الإدارية للعقد.

المطلب الثاني : توقيع الجزاءات كشرط استثنائي.

إن بين الصور المكونة للشروط الاستثنائية و القادرة على إصباغ العقد بالصبغة الإدارية، نجد سلطة الإدارة في توقيع الجزاءات على المتعاقد معها. فهذا البند إذا ما توفر في عقد ما لا يمكنه أن يكون إلا عقدا إداريا. وذلك كون هذا الشرط لا يمكن أن يكون محل عقد من عقود القانون الخاص ، خاصة وأن هذه الأخيرة تقوم على مبدأ سلطان الإرادة.

وهذا ما اتضح في الحكم الصادر بتاريخ 31 ماي 1907 حيث أقر هذا الحق للإدارة بدون أن تتضمنها شروط العقد. لكن حتى و إن كانت سلطة الإدارة في إنزال العقاب قائمة بالرغم من أن الاتفاق القائم بينها و بين المتعاقد لا يتضمن هذا الشرط ، فإن هذا لا يعني أن سلطة الإدارة واسعة في هذا المجال بل إنها مقيدة بمجموعة من الشروط ، لعل أبرزها وجوب التقيد بإنذار قبل إنزال الجزاء ، و احترام حق الدفاع للمتعاقد[54].

فإن حق الإدارة في توقيع جزاءات على المتعاقد يقوم إذا أخل المتعاقد مع الإدارة بالتزاماته التعاقدية ، بأن أهمل أو قصر في التنفيذ أو تنازل على العقد. وهنا أيضا تختلف الجزاءات في نطاق العقود الإدارية عن نظيرتها في العقود المدنية ، وذلك لاختلاف الهدف في كل من النظامين ، حيث نجد أن هناك جزاءات في المجال الإداري لا مثيل لها في القانون الخاص والعكس[55].

كما أن الإدارة لها الحق في أن توقع الجزاء بنفسها، فهي تتمتع بحرية التصرف التي لا مقابل لها في القانون الخاص. ومن تم فإنها تستطيع أن توقع الجزاء بنفسها، دون الحاجة إلى الالتجاء إلى القضاء مقدما. و ذلك تحت رقابة القاضي الإداري بطبيعة الحال ، فهذه الرقابة القضائية توازن سلطات الإدارة الواسعة في هذا المجال و تمثل ضمانة فعالة للمتعاقد ضد تعسف الإدارة أو مخالفتها للقانون. و المسلم به أن رقابة القضاء في هذا الصدد هي من قبيل القضاء الشامل ، ومن تم فإن سلطاته واسعة ، تتناول مشروعية القرارات الصادرة من الإدارة بتوقيع الجزاءات سواء من حيث الشكل أو الاختصاص[56].

هذا ما يؤكده الحكم الصادر في 1 يوليوز 2005 حيث تم انعقاد الاختصاص للقضاء الإداري ،  وذلك عندما اعتبر مجلس الدولة الفرنسي  أن دفتر التحملات ينص على بند يقضي بتوقيع الجزاءات على الشركة المتعاقد معها ، و ذلك في حالة إخلالها بالشروط التعاقدية. وهذا ما أدى بجماعة  ” Saint – Paul ” لتوقيع جزاءات مالية ضد شركة   “La Compagnie  Réunionnaise de service public  و المقدر ب 365.877 أورو . و بذلك انعقد الاختصاص للقاضي الإداري[57].

من خلال هذا الحكم يمكن القول بأن العمل القضائي الفرنسي اعتبر أن سلطة توقيع الجزاءات من بين صور الشروط الاستثنائية التي تضفي الصبغة  الإدارية على العقد

كما تم تبني نفس الفكرة في حكم آخر الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي و الذي يؤكد مسألة انعقاد الاختصاص للقاضي الإداري، في حالة كون النزاع يتعلق بعقد يتضمن سلطة توقيع الجزاء من طرف الإدارة ضد المتعاقد معها. وذلك في الحكم الصادر بتاريخ 17 مارس 2004 في قضية مدينة ” D’AIX – EN – PROVENCE  ” ضد مؤسسة ” Eurothermes”[58] .

يتضح من خلال ما سبق أن العمل القضائي الفرنسي اعتبر البند الذي يقضي بتوقيع الجزاءات على المتعاقد مع الإدارة ، من بين الشروط الاستثنائية التي تعطي للعقد الصفة الإدارية ، وإخضاعه لاختصاص القضاء الإداري.

 

خاتمة

تعتبر الشروط الاستثنائية  من المعايير الأساسية لإضفاء الصفة الإدارية على العقد. غير أن هذه الشروط تعتبر من المفاهيم التي يصعب الإحاطة بها ، ودراستها دراسة شاملة. بل إنه من الصعب إعطاءها مفهوم متفق عليه بين كل المهتمين بمجال العقود الإدارية. وذلك راجع بالأساس إلى ارتباط هذه العقود بمجالات الحياة الأخرى و التي تتميز بطابعها المتجدد.

إن صعوبة تحديد مفهوم شامل و متفق عليه للشروط الاستثنائية ، بالإضافة إلى عدم القدرة على إحاطة و حصر صور هذه الشروط. كل هذا ينعكس على ميدان تطبيق هذه الشروط الاستثنائية في العمل القضائي. وذلك لإضفاء الصفة الإدارية على العقد و الحسم في اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات الناشئة عن العقود التي تتضمن هذا النوع من الشروط.

فمما سبق يمكن القول أن الشروط الاستثنائية و إن استطاعت أن تضفي الصفة الإدارية على الكثير من العقود و ذلك في العديد من الاجتهادات القضائية. إلا أنها ليست بالمعيار الحاسم في إصباغ العقد بالصبغة الإدارية.

هذا ما يفتح المجال للبحث في فكرة انهيار معيار الشروط الاستثنائية ، و البحث في المعيار الذي اعتقد البعض أنه قد قام مقامها .

 

 

الكتب

– سليمان محمد الطماوي ، ” الأسس العامة للعقود الإدارية – دراسة مقارنة- “، دار الفكر العربي ، الطبعة الأولى ، 1957.

– عبد الله حمدان هزاع الحديد ، ” مظاهر السلطة العامة في العقود الإدارية  “،  بحث لنيل دبلوم الإدارة العامة ( السلك العادي ) من المدرسة الوطنية للإدارة العمومية ، 1986-1987

– مولاي إدريس الحلابي الكتاني ، ” العقود الإدارية ” ، الطبعة الأولى ، مكتبة دار السلام الرباط، أكتوبر 2000

– عبد العزيز عبد المنعم خليفة ، ” الأسس العامة للعقود الإدارية  : الإبرام- التنفيذ – المنازعات”،  دار الفكر الجامعي 2007.

– المجلس الأعلى ” قضايا العقود الإدارية و نزع الملكية للمنفعة العامة و تنفيذ الأحكام من خلال المجلس الأعلى ” الندوة الجهوية الثالثة ، مراكش 21 -22 مارس 2007

– إسماعيل منجيد ،” العقود الإدارية : إشكالية التكييف القضائي ” ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ، 2007-2008،

– منصور نابلسي ، ” العقود الإدارية – دراسة مقارنة – ” ، مطبعة زين الحقوقية ، الطبعة الأولى 2010

– محمد جمال الذنيبات ، ” الوجيز في القانون الإداري ” ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ، الطبعة الثانية 2011

– علي عبد الأمير قبلان ، ” أثر القانون الخاص على العقد الإداري – الجزء الأول – ” ، مطبعة زين الحقوقية و الأدبية ، الطبعة الأولى 2011

النصوص القانونية

القانون رقم 41.90 المتعلق بإحداث المحاكم الإدارية و المنفذ بظهير شريف رقم 1-91-225  الصادر في 22 من ربيع الأول 1414 الموافق ل 10 شتنبر 1993 و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4227 وتاريخ 3 تونبر 1993 ص.2168

الأحكام

الكتب

-André de Laubadére , ” Traité De Droit Administratif ” , 8 éme  édition , Librairie Générale De Droit Et De Jurisprudence  1980

-Epaminondas Spiliotopoulos ,  ” Droit Administratif Hellénique ” , Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence  1991

-Georges Vedel et Pierre Delvolvé , ” Droit administratif” , Tome 1,Presse universitaires de France, 12éme édition ,1992

 

– Georges dupuis et des autres: « droit administratif », Edition Dalloz paris, 6éme édition, juin 1999

-Valérie Dufau ,”   Les sujétions exorbitantes du droit commun en droit administratif ” , L’Harmattan 2000

-M .Long , P.Weil  et autres ”  Les grands arrêt de la jurisprudence administrative”  , 13 éme édition, Dalloz 2001

-Yves Gaudemet , ” Traité De Droit Administratif “, Tome 1 , 16 éme édition , L.G.D.J 2002

– Delphine Kessler , ” Le contrat administratif face à l’électronique : peut – il exister un contrat administratif  électronique ? ” , Mémoire en vue de l’obtention du DESS, d’université paris 1 Pantheon – Sorbonne, Septembre 2003

-Laurent Richer , ” Droit Des Contrats  Administratifs ” , 5 éme  éditon , L.G.D.J 2006

-Jean- Claude Ricci , ” Droit Administratif ” , Hachette Supérieure, 6éme édition 2008-

-Yves Gaudemet , ” Droit Administratif ” , 19éme édition , L.G.D.J 2010

-Didier Truchet , ” Droit Administratif   “4éme  édition , presses universitaires de France 2011

-René Chapus , ”  Droit Administratif Général ”  , Edition Montchrestien ,  2éme  édition.

المقالات

Michel Rousset et Mohammed Amine Benabdallah,” Le régime contentieux du service public Industriel et commercial.”,Revue Marocaine d’Administration Locale et de Développement, Janvier- février2013,  n 108

النصوص التنظيمية

-Royaume du Maroc Forces Armée Royales Sa majesté le Roi , chef suprême et chef d’Etat-major ” Instruction particulière relative a la cession des logement locatifs de fonction”

.

الأحكام

T.C., 7 juillet 1980, Société d’exploitation touristique de la Haute-Maurienne Rec.

Tribunal des conflits, 20 juin 2005, SNC Société hôtelière Guyanaise c. Centre national d’études spatiales, numéro C3446, publié au recueil

-Conseil d’Etat, SSR., 1 juillet 2005, Commune de Saint-Paul de la Réunion, requête numéro 269342, inédit au recueil

-Conseil d’Etat, SSR., 17 mars 2004, Ville d’Aix-en-Provence, requête numéro 243141, inédit au recueil

[1] –  علي عبد الأمير قبلان ، ” أثر القانون الخاص على العقد الإداري – الجزء الأول – ” ، مطبعة زين الحقوقية و الأدبية ، الطبعة الأولى 2011 ، ص. 19

[2] – عبد الأمير قبلان ،مرجع سابق  ، ص. 21

[3]  – سليمان محمد الطماوي ، ” الأسس العامة للعقود الإدارية – دراسة مقارنة- “، دار الفكر العربي ، الطبعة الأولى ، 1957، ص. 3

[4] -Delphine Kessler , ” Le contrat administratif face à l’électronique : peut – il exister un contrat administratif  électronique ? ” , Mémoire en vue de l’obtention du DESS, d’université paris 1 Pantheon – Sorbonne, Septembre 2003 , p.4

[5] – منصور نابلسي ، ” العقود الإدارية – دراسة مقارنة – ” ، مطبعة زين الحقوقية ، الطبعة الأولى 2010 ص. 15 و 16

[6] – القانون رقم 41.90 المتعلق بإحداث المحاكم الإدارية و المنفذ بظهير شريف رقم 1-91-225  الصادر في 22 من ربيع الأول 1414 الموافق ل 10 شتنبر 1993 و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4227 وتاريخ 3 تونبر 1993 ص.2168

[7] -Yves Gaudemet , ” Traité De Droit Administratif “, Tome 1 , 16 éme édition , L.G.D.J 2002,  p.680

[8]– Valérie Dufau ,”   Les sujétions exorbitantes du droit commun en droit administratif ” , L’Harmattan 2000, p. 11

[9]  -محمد جمال الذنيبات ، ” الوجيز في القانون الإداري ” ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ، الطبعة الثانية 2011 ، ص .501

[10]  -عبد الله حمدان هزاع الحديد ، ” مظاهر السلطة العامة في العقود الإدارية  “،  بحث لنيل دبلوم الإدارة العامة ( السلك العادي ) من المدرسة الوطنية للإدارة العمومية ، 1986-1987 ، ص. 21

[11]– René Chapus , ”  Droit Administratif Général ”  , Edition Montchrestien ,  2éme  édition, p. 405

[12]  عبد الله حمدان هزاع الحديد ، مرجع سابق، ص 23.

[13]  عبد الله حمدان هزاع الحديد ، مرجع سابق ، ص 21-22 .

[14] -Valérie Dufau ,op cite  , p. 25

[15]  إسماعيل منجيد ،” العقود الإدارية : إشكالية التكييف القضائي ” ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ، 2007-2008، ص 5.

[16]– M .Long , P.Weil  et autres ”  Les grands arrêt de la jurisprudence administrative”  , 13 éme édition, Dalloz 2001 , p. 155

[17]– Georges dupuis et des autres: « droit administratif », Edition Dalloz paris, 6éme édition, juin 1999, p. 403

[18] -Delphine Kessler , op cite , p.20

[19] – عبد العزيز عبد المنعم خليفة ، ” الأسس العامة للعقود الإدارية  : الإبرام- التنفيذ – المنازعات”،  دار الفكر الجامعي 2007.، ص. 45

[20] -Yves Gaudemet , op cite , p.681

[21]– Yves Gaudemet , ibidem.

[22]– André de Laubadére , ” Traité De Droit Administratif ” , 8 éme  édition , Librairie Générale De Droit Et De Jurisprudence  1980 , p. 363

[23] -Delphine Kessler , op cite, p.21

[24]– Yves Gaudemet , ” Droit Administratif ” , 19éme édition , L.G.D.J 2010 , p. 520

-[25]  مولاي إدريس الحلابي الكتاني ، ” العقود الإدارية ” ، الطبعة الأولى ، مكتبة دار السلام الرباط، أكتوبر 2000 ، ص. 22

[26]  -المجلس الأعلى ” قضايا العقود الإدارية و نزع الملكية للمنفعة العامة و تنفيذ الأحكام من خلال المجلس الأعلى ” الندوة الجهوية الثالثة ، مراكش 21 -22 مارس 2007 ، ص. 39

[27]– Yves Gaudemet , 16 éme édition ,op cite , p. 682

[28]  – المجلس الأعلى ، مرجع سابق، ص. 42

[29]  -عبد العزيز عبد المنعم خليفة ، مرجع سابق ، ص. 49

-[30]  المجلس الأعلى ، مرجع سابق ، ص. 43-44

[31]  -عبد الله حمدان هزاع الحديد ، مرجع سابق ، ص. 25

[32]  عبد العزيز عبد المنعم خليفة ، مرجع سابق ، ص. 49-50

[33]  -عبد الله حمدان هزاع الحديد ، مرجع سابق ، ص. 28

[34]  -محمد جمال الذنيبات ، مرجع سابق ، ص. 249

[35]  -مولاي إدريس الحلابي الكتاني ، مرجع سابق ، ص. 24

[36]– André de Laubadére , op cite , p.357

[37] -Didier Truchet , ” Droit Administratif   “4éme  édition , presses universitaires de France 2011 , p. 267

[38] -Laurent Richer , ” Droit Des Contrats  Administratifs ” , 5 éme  éditon , L.G.D.J 2006 , p. 101

[39] -André de Laubadére , op cite , p.357

[40] -Didier Truchet , op cite , p. 267

[41]-Epaminondas Spiliotopoulos ,  ” Droit Administratif Hellénique ” , Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence  1991 , p. 39

[42]–  حكم إبتدائية سلا عدد 384 الصادر بتاريخ 28-07-2010 في الملف رقم 196-2010-1101 بين لحسن واكرض و الدولة المغربية. ( غير منشور)

[43] – Royaume du Maroc Forces Armée Royales Sa majesté le Roi , chef suprême et chef d’Etat-major ” Instruction particulière relative a la cession des logement locatifs de fonction” p. 6   ( Non publié au B.O)

[44]– القانون رقم 41.90، مرجع سابق.

[45] -Michel Rousset et Mohammed Amine Benabdallah,” Le régime contentieux du service public Industriel et commercial.”,Revue Marocaine d’Administration Locale et de Développement, Janvier- février2013,  n 108 , p.215

[46] – المجلس الأعلى ، مرجع سابق ، ص. 48

[47] – حكم إدارية الرباط عدد 927 الصادر بتاريخ 11-5-2009 في الملف رقم 840-06 ش ت مقاولة بناني ضد الجماعة الحضرية لمدينة أصيلا. ( غير منشور)

[48] عبد الله حمدان هزاع الحديد ، مرجع سابق، ص. 29

[49]  – حكم إدارية الرباط عدد 916 الصادر بتاريخ 7-5-2009 في الملف عدد 1205-08 ش ت بين فؤاد دنيال و من معه ضد شركة ريضال( غير منشور).

[50] – Georges Vedel et Pierre Delvolvé , ” Droit administratif” , Tome 1,Presse universitaires de France, 12éme édition ,1992, p.38

[51] T.C., 7 juillet 1980, Société d’exploitation touristique de la Haute-Maurienne Rec.

[52] – Tribunal des conflits, 20 juin 2005, SNC Société hôtelière Guyanaise c. Centre national d’études spatiales, numéro C3446, publié au recueil

[53] – Tribunal des conflits, 20 juin 2005, Ibidem

[54] – Jean- Claude Ricci , ” Droit Administratif ” , Hachette Supérieure, 6éme édition 2008.

, p. 78

[55]  – سليمان محمد الطماوي ، مرجع سابق ، ص. 409

[56] – سليمان محمد الطماوي ، مرجع سابق ، ص.412 و 417

[57] – Conseil d’Etat, SSR., 1 juillet 2005, Commune de Saint-Paul de la Réunion, requête numéro 269342, inédit au recueil

[58] – Conseil d’Etat, SSR., 17 mars 2004, Ville d’Aix-en-Provence, requête numéro 243141, inédit au recueil

Exit mobile version