Site icon مجلة المنارة

الرقابة القضائية على الفصل التعسفي

الرقابة القضائية على الفصل التعسفي

د. أشرف ملحم

أستاذ في جامعة النجاح – فلسطين

تتمثل السلط العامة في الدولة في ثلاث؛ هي السلطة التشريعية (المجلس التشريعي/ البرلمان) والسلطة التنفيذية (الحكومة)، والسلطة القضائية (المحاكم)، وتتأسس العلاقة بين هذه السلط على مبدأ الفصل بينها[1]، ويتمثل هذا المبدأ في توزيع المهام بين هذه السلط؛ فالسلطة التشريعية تشرّع القوانين، والسلطة التنفيذية تسيّر أمور الدولة وِفق القوانين الموضوعة، في حين أن السلطة القضائية تسعى إلى تحقيق العدل من خلال ما نصّ عليه القانون، وقد حدّد القانون الأساسي المعدّل مهام كل سلطة من هذه السلط.

ولئن استقلت كل سلطة[2] عن الأخرى واختصت كل سلطة من سلط الدولة باختصاص معيّن، فإن ذلك لا يمنع من وجود رقابة متبادلة بين هذه السلط، وذلك بُغية حماية حرية الأفراد وحقوقهم.

كما تمارس السلطة القضائية بجميع درجاتها[3] رقابة على تطبيق القوانين، وذلك من خلال اختصاصها في فض المنازعات المعروضة عليها، ومن ضمن هذه المنازعات نجد المنازعات العمالية التي تنشأ نتيجة العلاقة بين رب العمل والعامل، فتراقب المحاكم مدى احترام كلا الطرفين للقواعد والمبادئ الأساسية التي وضعها قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 الذي نظم العلاقة بين رب العمل والعامل من نواحٍ عديدة في إطار ما يسمى عقد العمل، إذ أن  »قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 الفلسطيني قد حدد أساس العلاقة بين العامل ورب العمل وحدد كيفية التصرف لكل منهم وحدد طرق إنهاء عقد العمل لكلا الطرفين وبالتالي نجد أن آلية إنهاء عقد العمل تعود لطرفين 1- إنهاء عقد العمل من قبل رب العمل م 41/ 46 من القانون 2- ترك العامل العمل مع الاحتفاظ بحقوقه حسب نص المادة 42 من نفس القانون»[4].

وعلى الرغم من أن “العمل حق لكل مواطن قادر عليه”[5]، فإنه يحق لرب العمل فصل العامل من عمله في حالات بيّنها الفصلان 40 و41 من قانون العمل، إلا أنه يوجد حالات يندرج في إطارها ما يسمى “الفصل التعسفي”، والذي يُعد “التهديد الأكبر” الذي كثيراً ما يخشاه العمال خاصة في ظل أوضاع اقتصادية داخلية ودولية صعبة جداً مع ازدياد معدلات البطالة في المجتمع الفلسطيني تحديداً، فإن المحاكم تراقب عملية فصل العامل عن عمله، وتكيّفه إن كان تعسفياً أم شرعياً، كما تراقب آثار عملية الفصل ومدى منح العامل لحقوقه التي كفلها له قانون العمل.

وقد صدر قانون العمل الفلسطيني رقم 7 سنة 2000، وذلك في إطار “فلسطنة” التشاريع المنطبقة في مناطق السلطة الفلسطينية من أجل توحيدها، وبذلك فإنه وقع إلغاء قانون العمل رقم 21 لسنة 1960 والذي كان منطبقاً في الضفة الغربية، كما وقع إلغاء قانون العمل رقم 16 لسنة 1964 والذي كان منطبقاً في قطاع غزة.

وقد عرّفت المادة 24 من قانون العمل رقم 7 عقد العمل بأنه “اتفاق كتابي أو شفهي صريح أو ضمني يبرم بين صاحب عمل وعامل لمدة محددة أو غير محددة أو لإنجاز عمل معين يلتزم بموجبه العامل بأداء عمل لمصلحة صاحب العمل وتحت إدارته وإشرافه، ويلتزم فيه صاحب العمل بدفع الأجر المتفق عليه للعامل”[6].

وبذلك فإن عقد العمل هو علاقة بين العامل ورب العمل تقوم على تقديم الأول لخدماته مقابل أجر تحت إشراف الثاني.[7]

وقد عرفت المادة 46/3 الإنهاء التعسفي لعقد العمل بأنه “إنهاء عقد العمل دون وجود أسباب موجبة لذلك” وفي هذه الحالة فإن الإنهاء يكون إما من طرف العامل أو من طرف رب العمل، فإن كان الإنهاء غير المبرر من طرف العامل فإنه يسمى “استقالة تعسفية”، وإن كان الإنهاء غير المبرر من طرف رب العمل فإنه يسمى “فصلاً تعسفياً”.

وعليه ووفقاً للمادة 46/3 فإنه يمكن تعريف الفصل التعسفي بأنه «إنهاء عقد العمل من طرف رب العمل دون وجود أسباب موجبة لذلك”، وقد عرفته محكمة النقض بأنه “الذي يصدر عن صاحب العمل بلا مبرر ومخالفاً لنص المادتين 40 و41 من ذات القانون – أي قانون العمل – اللتين حددتا الحالات التي يجوز معها لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل، فإذا لم تتوفر إحدى هذه الحالات وقام صاحب العمل رغم ذلك بفصل العامل فإن الفصل عندئذ يكون تعسفياً»[8].

كما أقرت محكمة النقض أن «المادة 46 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 قررت بأن الفصل التعسفي هو إنهاء عقد العمل دون وجود أسباب موجبة لذلك. وبالتالي فإن الفصل التعسفي يقع خارج الطبيعي والمألوف وإن عبء إثباته يقع على العامل ( المدعي ) وعليه إثبات ادعاءه عملاً بأحكام المادة 2 من قانون البينات والتي جاء فيها “على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه” وحيث أن محكمة الاستئناف قد توصلت لنتيجة عدم إثبات واقعة الفصل التعسفي من خلال البينات واستخلصت ذلك من وقائع الدعوى وهي صاحبة الصلاحية في تقدير الواقع ووزن البينات فإننا نجد أنها استخدمت خياراتها القائمة على أساس في البينات واستدلال يتفق والواقع والقانون.»[9]

إلا أن تعريف الفصل التعسفي وفق قانون العمل يُعد تعريفاً قاصراً على اعتبار أن الفصل التعسفي لا يتعلق فقط بعدم وجود سبب للفصل، بل أنه يتعلق كذلك بعدم احترام الإجراءات القانونية الواجب اتباعها عند فصل العامل حتى وإن ارتكب هذا الأخير خطأ استوجب فصله عن عمله.

وقد كان المشرع التونسي أكثر إيضاحا في بيان الفصل التعسفي، فقد نصّ الفصل 14 ثالثاً من مجلة الشغل على أنه “يعتبر تعسفياً، الطرد الواقع بدون وجود سبب حقيقي وجدي يبرره أو دون احترام الإجراءات القانونية أو الترتيبية أو التعاقدية”.

ويتخذ الفصل التعسفي عديد الأشكال؛ إذ قد يكون صريحاً عندما يصرّح رب العمل بفصل العامل من عمله دون سبب أو دون احترام الإجراءات القانونية، وقد يكون الفصل مقنعاً أي غير صريح، وذلك تفادياً لمطالبة العامل بالتعويض عن فصله التعسفي، من ذلك أن يقوم رب العمل بنقل العامل من مركز عمله إلى مكان آخر دون مبرر أو دون احترام الإجراءات القانونية للنقل، وقد أعطت المادة 42 في النقطة أ من الفقرة الأولى للعامل الحق في ترك العمل بعد إشعار رب العمل، وذلك في حال “تشغيله في عمل يختلف في نوعه ودرجته اختلافاً بيناً عن العمل الذي اتفق عليه بمقتضى عقد العمل، إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك ولمدة مؤقتة منعاً لوقوع حادث أو في حالة القوة القاهرة”[10].

وقد جاء في حكم محكمة النقض أنه «وبما أن ترك العامل للعمل حسب نص المادة 42 من القانون المذكور نتيجة اتخاذ قرارات من رب العمل من شأنها تغير في شروط العقد أو إحداث تعديلات في العلاقة التعاقدية القائمة بين العامل ورب العمل فإن رفض العامل التعديلات الجوهرية في عقد العمل وشروطه يكون للعامل الحق في ترك العمل واعتبار نفسه مفصولاً بحكم تصرف رب العمل وكأن صاحب العمل قام بفصل العامل ضمنياً لرغبته في إنهاء العلاقة التعاقدية مما يجعل للعامل الحق في المكافأة وبدل الفصل التعسفي وكافة حقوقه العمالية وأية حقوق مستحقة الأداء مترتبة له .وأن عدم دفع راتب العامل هو من الشروط الجوهرية في عقد العمل التي تمكن العامل من ترك العمل عملاً بأحكام المادة 42 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2001»[11].

وقد أقرّت محكمة التعقيب التونسية أنه «من المبادئ الأصلية أنه لا يمكن للمؤجر أن يُشّغل أجيراً في عمل من صنف دون الصنف المرسّم فيه مباشرة إلا إذا اقتضى سير العمل ذلك لمدة محدودة لا تجاوز الشهر في السنة على أن يحتفظ بأجرته وبجميع امتيازاته المقابلة لرتبته الأصلية وإلا عُدّ ذلك طرداً تعسفياً»[12].

وقد اعتبرت محكمة التعقيب التونسية أن «مجرد صدور قرار من المؤجر في نقل الأجير من مركز عمله إلى عمل آخر طرداً تعسفياً قبل البت في موضوع النقلة و شرعيتها”[13] مخالف لمجلة الشغل، إذ يتوجب بداية النظر في مدى توفر شروط النقلة من مكان عمل إلى آخر، فإذا ما توافرت هذه الشروط فإن نقل العامل من مكان عمله إلى مكان آخر لا يعتبر فصلاً تعسفياً، وبالتالي فإن العامل لا يستحق التعويض.

وقد كان الأولى بقانون العمل باعتباره قانون “حماية العامل” أن يضع شروطاً محددة لنقل العامل أهمها مصلحة العمل، وكذلك تحديد مدة النقل كما فعل المشرع التونسي في الاتفاقية الإطارية المشتركة.

ولا يدخل ضمن الفصل التعسفي فصل العامل في فترة التجربة[14]، فقد جاء في المادة 35 من قانون العمل أنه “ينتهي عقد العمل الفردي… برغبة أحد الطرفين في فترة التجربة”، وبذلك فإنه «يعتبر انتهاء العقد خلال فترة التجربة طرداً شرعياً غير مبرر للتعويض»[15].

ومن جهة أخرى فإن مسألة الإثبات في دعوى الفصل التعسفي سواء منها إثبات صفة العامل أو مدة العمل أو صفة التعسف هي من الأمور الواقعية، وإن لم ينص قانون العمل على ذلك فقد أقرته محكمة النقض حيث «أن الأمور الواقعية وتحقيقها في الدعوى هي من الصلاحيات التقديرية لمحكمة الموضوع حيث أن الجانب الواقعي للحكم والمتمثل في فهم الواقع والتقدير في شأنه وتقدير قيمة البينة ووزنها يدخل في صميم سلطة محكمة الموضوع متى كان حكمها أقيم على أسباب سائغة تكفي لحمله وله أصل ثابت في أوراق الدعوى»[16].

وفي المقابل نجد أن مجلة الشغل التونسية كانت واضحة في مسألة تقدير الوقائع إذ نصَّ الفصل 14 خامساً على أنه «يرجع للقاضي تقدير مدى وجود الصبغة الحقيقية والجدية لأسباب الطرد ومدى احترام الإجراءات القانونية أو التعاقدية المتعلقة به. وذلك بناء على عناصر الإثبات المقدمة إليه من طرفي النزاع ويمكنه لهذا الغرض الإذن بإجراء كل وسيلة تحقيق يراها لازمة».

وقد كانت تقر محكمة التعقيب التونسية أنه «يعتبر كل طرد تعسفياً إلى أن يثبت المؤجر خلاف ذلك.»[17]، إلا أن اتجاه القضاء التونسي تغيّر فيما بعد وأصبحت المحاكم تقضي بأن «عبء إثبات الطرد أو التخلي.. متروك لاجتهاد قاضي الموضوع بعد سماع الطرفين وتلقي ما لكل منهما من وسائل الإثبات المعتمدة قانوناً، وذلك للصبغة الخصوصية للنزاع الشغلي»[18].

وفي جميع الأحوال، وعلى اعتبار أن القضاء هو الحارس للقانون، والمراقب لكيفية تطبيقه فإن المحاكم بجميع درجاتها تراقب مدى تطبيق قانون العمل كما ينبغي دون المساس بحقوق أي طرف من أطراف عقد العمل، وتتعلق هذه المراقبة بالفصل التعسفي من جميع جوانبه سواء من حيث حالاته (الجزء الأول) أو من حيث تقدير التعويض عنه (الجزء الثاني).

الجزء الأول: الرقابة القضائية على حالات الفصل التعسفي

تعرض قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000، وتحديداً في فصله الثالث إلى “إنهاء عقد العمل الفردي”، محدداً الحالات يمكن فيها إنهاء عقد العمل سواء كان ذلك الإنهاء بإرادة رب العمل أو بإرادة العامل.

وقد حددت المواد 39 و40 و41 من قانون العمل الحالات المتعلقة بإنهاء رب العمل لعقد العمل، ويُعتبر إنهاء رب العمل لعقد العمل “حقاً” له طالما وُجد ما يُبرر ذلك، لكن في حال غياب سبب يبرره فإن الفصل يكون تعسفياً (أ).

كما أنه يعد الفصل تعسفياً في حال عدم احترام رب العمل للإجراءات القانونية الواجبة الإتباع من قبله عند فصل العامل (ب).

حدّد قانون العمل حالات الفصل من العمل في المادتين 40 و41 منه، ويمكن جمع هذه الحالات في حالتين هما غياب السبب الحقيقي للفصل عن العمل (أولاً)، وغياب السبب الاقتصادي والفني (ثانياً).

أولا- غياب السبب الحقيقي

بداية علينا أن نلفت الانتباه إلى أن المادة 39 من قانون العمل أقصت حالات معينة من دائرة خطأ العامل الذي يبرر الفصل عن العمل؛ فقد جاء فيها أنه “لا يمكن اعتبار الحالات التالية بوجه الخصوص من الأسباب الحقيقية التي تبرر إنهاء العمل من قِبل صاحب العمل”، كما أنه بقراءة هذه المادة نجد أنها تشترط وجود سبب حقيقي يبرّر فصل العامل من عمله، وعليه فإن غياب وجود السبب الحقيقي للفصل يؤدي إلى اعتبار هذا الفصل تعسفياً.

ولئن لم يعرّف المشرع السبب الحقيقي إلا أن الفقه تولى هذه المهمة فقد عرّفه الأستاذ السنهوري بأنه “السبب غير الموهوم أو غير الصوري”[19]، وبالتالي فإن السبب الحقيقي هو السبب الموجود فعلاً والصحيح.

وقد نصت المادة 4 من الاتفاقية الدولية رقم 158 الصادرة عن الدورة 68 لمكتب العمل الدولي في 2 حزيران 1982 على أنه “لا يُنهى استخدام عامل ما لم يوجد سبب صحيح لهذا الإنهاء يرتبط بمقدرة العامل أو بسلوكه، أو يستند إلى مقتضيات تشغيل المؤسسة أو المنشأة أو المرفق”.

وبذلك فإن الأسباب المتعلقة بالحياة الخاصة أو الشخصية للعامل لا يمكن أن تكون مبرراً للفصل من العمل، وقد جاء في مداولات مجلس النواب الفرنسي المتعلقة بتنقيح قانون العمل الفرنسي لسنة 1973 أن “السبب الحقيقي هو السبب الذي يتسم بالموضوعية ولا يترك مجالاً للأهواء الشخصية”[20].

ولئن اشترط المشرع أن يكون سبب الفصل من العمل حقيقياً، فإننا على الضفة الأخرى نجد أن المشرع التونسي اشترط بالإضافة إلى ذلك أن يكون السبب جدياً وذلك بالفصل 14 ثالثاً من مجلة الشغل[21] الذي جعل صفتي الجدية والحقيقية اللاحقة بسبب الفصل صفتين متلازمتين لسبب الفصل.

ويمكن تعريف السبب الجدي بأنه السبب الذي يتسم بقدر من الجسامة يستحيل معه الاستمرار في العمل دون الإضرار بالمؤسسة ويجعل الطرد ضرورياً، وبذلك فإن السبب الجدي هو الذي يمثل خطر الإضرار بالمؤسسة من ناحية أولى،  ويجعل مواصلة العلاقة التعاقدية مستحيلة من ناحية أخرى.[22]

وبناء على ما تقدم، ومن خلال قراءة المادة 39 من قانون العمل فإننا نجد أنها حدّدت الحالات التي لا تدخل في إطار السبب الحقيقي للفصل عن العمل، وبذلك يكون المشرع قد حدد مجال الأسباب الحقيقية بصفة إقصائية.

أما المادة 40 من قانون العمل، التي ولئن حدّدت الحالات التي لا تستوجب من رب العمل إشعار العامل بفصله عن عمله، فإنه يمكن اعتبار هذه الحالات من الأسباب الحقيقية للفصل، بل أننا نذهب أبعد من ذلك ونقول أن الحالات التي نصت عليها المادة 40 تعتبر من الأخطاء الفادحة التي تستوجب الفصل عن العمل، إلا أنها ليست الحالات الوحيدة، وبذلك فإنه للقاضي سلطة تقديرية في وزن الأمور بحسب الإثباتات المتاحة له وتقييم إن كان سبب الفصل حقيقياً أم غير حقيقي وبالتالي يكون الفصل تعسفياً.

ومن ضمن الحالات التي خصها قانون العمل بقواعد خاصة، والتي تميّز قانون العمل الفلسطيني عن بقية قوانين العمل في الوطن العربي وغيره، حالة غلق الاحتلال للمنشأة، والتي تعتبر سبباً لفصل العامل من عمله حيث نصت المادة 38 من قانون العمل على أنه “لا ينتهي عقد العمل في حالة صدور قرار إداري أو قضائي بإغلاق المنشأة أو بإيقاف نشاطها مؤقتاً لمدة لا تزيد على شهرين، وعلى صاحب العمل الاستمرار في دفع أجور عماله طيلة فترة الإغلاق أو الإيقاف المؤقت”.

وقد طبقت محكمة النقض هذه المادة تطبيقاً سليماً، حيث أقرّت أن «أمر تقدير الفصل التعسفي متروك لمحاكم الموضوع ذلك أن التعسف في إنهاء خدمة العامل هي مسألة من مسائل الواقع وليست مسألة قانونية تنضبط بضوابط معينة، وهي كغيرها من مسائل الواقع تستخلصها المحكمة بما لديها من صلاحيات في تقدير البينات ووزنها دون معقب عليها من محكمة النقض ما دام أنها تستند إلى بينة قانونية ومستخلصة استخلاصاً سائغاً ومقبولاً. أما إذا كان الاستخلاص غير ذلك فان واجب محكمة النقض مراقبة محكمة الموضوع فيما توصلت إليه من نتائج… ولما كان ذلك وكانت محكمة البداية بصفتها الاستئنافية قد قنعت من خلال البينات المقدمة أن إنهاء عمل المدعي (الطاعن) من قبل الجمعية المدعى عليها جاء عقب إغلاق الاحتلال لها بأربعة أشهر وعبثه بمحتوياتها ومصادرته لأجهزة تعود لها، وأن هكذا إنهاء له ما يبرره لا يشوبه أي تعسف يستأهل معه التعويض  حيث لا ينال من ذلك بقاء مستخدمين آخرين في عملهم لتنوع نشاطات الجمعية آخذين بعين الاعتبار أنه لم يجرِ تعيين شخص آخر مكان المدعي في العمل مديراً تنفيذياً لدى الجمعية بدلاً عنه»[23].

كما اعتبرت محكمة النقض أن المحكمة «بالاستناد إلى صلاحيتها في وزن وتقدير البينات توصلت إلى أن الجهة المدعى عليها تتحمل أجور المواصلات للمدعي وبأن سبب الترك هو تحميله لهذه الأجور عند الحضور والمغادرة وبأن التنقل من دفع هذه الأجور من قبل الجهة المدعى عليها يعطي المبرر بترك العمل وعلى نحو يتحول إلى درجة الفصل التعسفي الموجب للتعويض.»[24]

وفي جميع الأحوال، فإن تقدير الصبغة التعسفية للفصل من عدمه موكول إلى اجتهاد القضاء، وقد قضت محكمة النقض و «حيث أن المحكمة بالقرار الطعين قد أقرت أن الفصل التعسفي يجب أن يكون بدون سبب موجب لإيقاف العامل عن العمل من خلال ما استخلصته من الأدلة والبينات المقدمة إليها فإن الاجتهاد القضائي قد جرى على أن لمحكمة الموضوع صلاحية وزن البينة والأخذ أو عدم الأخذ بها واستخلاص النتائج منها دون الرقابة عليها لمحكمة النقض، إلا أن الاجتهاد القضائي مستقر أيضاً على أن ذلك مشروط بأن تكون للواقعة التي أثبتتها المحكمة في حكمها مصدر في الدعوى وتم استخلاصها استخلاصاً سائغاً ومقبولاً عقلاً وغير متناقض، وإذا لم تتوفر هذه الشروط فإن لمحكمة النقض الحق في بسط رقابتها على محكمة الموضوع لبيان الخلل والخطأ في ذلك»[25].

وبذلك فإن تقدير القاضي لجسامة الخطأ المرتكب من طرف العامل يجب أن يعتمد على مركز العامل والظروف المحيطة بارتكاب الخطأ بالإضافة إلى فداحة النتائج الناجمة عنه.

وفي المقابل نجد أن مجلة الشغل التونسية وضعت في الفصل 14 رابعاً قائمة “غير حصرية”[26] للأخطاء التي قد يرتكبها العامل وتؤدي إلى فصله، وقد أطلق المشرع على هذه الأخطاء مصطلح “الخطأ الفادح”، إلا أن هذه الأخطاء المنصوص عليها في الفصل 14 من مجلة الشغل التونسية لا تُعفي رب العمل من إشعار العامل بفصله عن عمله، بل أن مجلة الشغل ذهبت أبعد من ذلك، ولم تُعفِ رب العمل ولا في أي حالة من الحالات بإشعار العامل بفصله عن عمله، وذلك بهدف إعطاء العامل فرصة للدفاع عن نفسه من خلال الإطلاع على أسباب الفصل.

وفي جميع الأحوال فإن الأخطاء التي من الممكن أن يرتكبها العامل وتؤدي إلى فصله يمكن تصنيفها إلى صنفين:

  1. الخطأ التأديبي

يمكن تعريف الخطأ التأديبي بأنه “كل فعل أو امتناع عن فعل يُنسب إلى فاعل ويُعاقب عليه بجزاء تأديبي”[27].

أما من وجهة نظر القانون الإداري فإنه يمكن تعريف الخطأ التأديبي بأنه “إخلال الموظف بواجبات وظيفته إيجابا أو سلباً بسبب إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه فكل موظف يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين أو القواعد التنظيمية العامة أو أوامر الرؤساء في حدود القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يُقصّر في تأديته بما تتطلبه من حيطة ودقة وأمانة أو ما يخل بالثقة المشروعة في هذه الوظيفة التي يقوم بها بنفسه… إنما يرتكب ذنباً إدارياً يسوغ تأديبه فتتجه إرادة الإدارة إلى توقيع جزاء عليه بحسب الأشكال والأوضاع المرسومة قانوناً في حدود النصاب المقرر”[28].

ومما سبق بسطه فإن الخطأ التأديبي في معناه الواسع هو إخلال العامل بنظام العمل داخل المؤسسة وبقواعد السلوك المتعلقة بالعمل، كما أنه يتعلق بسيرة العامل الشخصية داخل المجموعة المهنية التي يعمل بها، بمعنى سوء سلوك العامل في علاقته مع زملائه العمال[29].

  1. الخطأ العقدي

يفيد الخطأ العقدي إخلال العامل بأحد التزاماته العقدية[30]، وهذه الالتزامات إما أن تكون أصلية أو فرعية؛ فالالتزامات الأصلية تتمثل في أداء العمل طبقاً لعقد العمل وأوامر رب المتعلقة، أما الالتزامات الفرعية فإنها تتمثل في الالتزامات المتفرعة عن عقد العمل والتي لا يشترط فيها أن تكون صريحة في عقد العمل من ذلك عدم إفشاء السر المهني والمحافظة على الأشياء التي أعطيت للعامل للقيام بعمله، لكن في حال تلف هذه الأشياء لسبب خارج عن إرادة العامل أو لقوة قاهرة فإنه لا يعتبر مرتكباً لخطأ عقدي[31].

وفي جميع الأحوال سواء كان خطأ العامل تأديبي أو عقدي فإنه في هذه الحالة يحق للعامل فصله خاصة في حالة إثبات ذلك الخطأ.

ومن بين الحالات التي يُعتبر فيها العامل مرتكباً لخطأ فادح “إدانته بحكم نهائي أو جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الأخلاق العامة”، وفقاً للنقطة 7 من المادة 41، إلا أنه يجب أن يقع فصله من العمل أثناء فترة السجن وليس بعدها ففي هذه الحالة يعتبر الفصل تعسفياً ويحق للعامل المطالبة ببدل الفصل التعسفي، وقد أقرت محكمة النقض أنه “بالرجوع إلى صريح المادة 40 من قانون العمل نجد أن المستأنف قد تم الاستغناء عن خدماته وإحضار شخص آخر غيره دون مبرر قانوني سيما وأن المستأنف لم يتم فصله إلا بعد خروجه من السجن وليس قبل الأمر الذي نجد معه أن المستأنف يستحق بموجب المادة 46-47 من القانون…الأجرة الشهرية… وبدل الفصل التعسفي”[32].

ثانياً- غياب السبب الاقتصادي أو الفني

جاء في المادة 41 من قانون العمل أنه “يجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل لأسباب فنية أو خسارة اقتضت تقليص عدد العمال مع احتفاظ العامل بحقه في بدل الإشعار، ومكافأة نهاية الخدمة، شريطة إشعار الوزارة بذلك”[33]، وبذلك فإن مرور المؤسسة الاقتصادية بأزمة اقتصادية أو تغييرات تكنولوجية يعد سبباً لفصل عامل أو عدة عمال من عملهم.

ويقوم مفهوم السبب الاقتصادي على عنصرين أساسيين[34]:

وعليه فإن الظروف الاقتصادية “السيئة” التي تمر بها المؤسسة تكون سبباً مُبرِراً لإنهاء عقد العمل، وقد أقرت محكمة النقض المنعقدة في رام الله أنه “بالرجوع إلى تسبيب الحكم فإننا نجده قد بنى انتهاء عقد عمل الطاعن على خسارة الشركة وإغلاقها أي أنه بُني على أسباب موجبة لإنهاء العقد مستخلصه ذلك من البينات المقدمة”[35].

كما اعتبرت محكمة النقض أنه “ولما كان المطعون ضده قد اقر بأنه عرض على الطاعن مبلغ 800 شيكل بدل 1200 شيكل ولكنه ادعى أن ذلك لفترة مؤقتة لان الشغل في المحل خف وان المحل لم يعد يدر ربحاً ، ولما كان هذا الادعاء بقي ادعاء مجرداً لا دليل عليه ،فانه والحال هذه يعد إنهاء لعقد العمل دون سبب موجب لذلك ويعتبر فصلاً تعسفياً وفق أحكام المادة 46/3 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 وبالتالي فان الطاعن يستحق التعويض عن الفصل التعسفي وفق نص المادة 47 من القانون المذكور[36].

وما يجب الإشارة إليه في إطار الفصل لأسباب اقتصادية أن قانون العمل وتحديداً المادة 41 منه اشترطت أن يكون الفصل جماعياً حيث استعملت عبارة “تقليص عدد العمال”[37]، وعليه فإن الفصل لأسباب اقتصادية وفنية لا يشمل الفصل الفردي إذ أن الاكتفاء بفصل عامل واحد لن يحل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المنشأة إلا أنه في حال المنشآت الصغيرة التي تتضمن عدداً محدوداً جداً من العمال فإنه يمكن اعتبار فصل عامل واحد أو عاملين لأسباب اقتصادية ممكناً.

وعليه فإن الأسباب الاقتصادية والفنية تتمثل في الحالة التي تستقر عليها المؤسسة والتي تكون تشكو من صعوبات تملي عليها التخفيض في عدد العمال المستخدمين لديها أو فصلهم لعجزها عن مواصلة نشاطها، وقد تكون هذه الأسباب ناتجة عن صعوبات داخلية أو خارجية ذات صبغة ظرفية، وبالتالي فإن الفصل لأسباب اقتصادية وفنية يبتعد عن الفصل بسبب سلوك العامل أو ضعفه المهني أو التدني في الإنتاج[38].

ومما سبق بسطه، وعلى الرغم من أن هدف التشريع الاجتماعي حماية العمال إلا أن ذلك لم يمنعه من حماية المنشأة الاقتصادية التي تعد النواة الأساسية للحياة الاقتصادية لأي دولة في العالم، وقد حاول قانون العمل عامة التوفيق بين مصلحة العمال ومصلحة المنشأة الاقتصادية، إلا أن حالة التوفيق هذه بين مصلحتين شبه متناقضتين تحتاج “وسيط” للمعادلة بينهما، هذا الوسيط هو القاضي الذي يكون له عادة دور ذو صبغة شائكة وعسيرة؛ فمن جهة عليه حماية مصلحة المؤسسة الاقتصادية، ومن جهة أخرى عليه توفير الضمانات القانونية للعمال، وذلك من خلال مراقبة عملية الفصل لأسباب اقتصادية.

ويجب أن يكون تقدير المحكمة للحالات التي يحق فيها لرب العامل فصل العامل عن عمله واضحاً وجلياً ومبني على أسس واقعية مستمدة من الأدلة التي يقدمها طرفا الدعوى، وفي هذا الإطار أقرت محكمة النقض أنه “وحيث أن النتيجة التي توصلت إليها المحكمة الاستئنافية بنيت على تفسير خاطئ لأحكام المادتين 40 و41 عمل وخلطت بين الغياب المنصوص عليه في المادة 40/4 عمل وبين الأسباب الفنية المنصوص عليها في المادة 41 باعتبارها غياب العامل وعدم التزامه من الأسباب الفنية التي تجيز فصل العامل من طرف واحد فإنها بذلك تكون قد أخطأت في تطبيق أحكام المادتين المشار إليهما أنفاً تأويلاً وتفسيراً لا نقرها فيما ذهبت إليه في حكمها محل الطعن بخصوص واقعة الفصل التعسفي من عدمه لأنه متى وردت عبارات النصوص القانونية بصيغة واضحة فلا محل للتفسير وبالتالي لا يجوز تقييد مطلق النص وتخصيص عمومه بغير مخصص، والذي نراه على ضوء ذلك من الأوراق وشروط الفقرة الرابعة من المادة 40 عمل الواجبة التطبيق أن يكون العامل قد أُنذِر مرتين على الأقل بسبب الغياب كتابياً فإذا لم يتم هذا الإجراء فيكون الفصل تعسفياً”[39].

إن حالة عدم احترام الإجراءات القانونية للفصل من العمل تتعلق بعقد العمل غير محدد المدة، فإنهاء عقد العمل محدد المدة لا يخضع لأي إجراء قانوني، وقد نصت الفقرة 1 من المادة 46 من قانون العمل على أنه “يجوز لأي من طرفي عقد العمل غير محدد المدة إنهائه بمقتضى إشعار يرسل بعلم الوصول إلى الطرف الآخر قبل شهر من إنهاء العمل”[40].

ولئن حصرت الفقرة 3 من المادة 46 من قانون العمل الفصل التعسفي بـ “إنهاء عقد العمل دون وجود أسباب موجبة لذلك”، وعلى الرغم من عدم تنصيص قانون العمل على “عقوبة” عدم احترام رب العمل لإجراء إشعار العامل (أولاً) أو إشعار وزارة العمل (ثانياً)، فإنه يدخل في إطار الفصل التعسفي عدم احترام الإجراءات القانونية الواجبة الإتباع في حال فصل العامل حتى وإن كان العامل قد ارتكب خطأ أوجب فصله من عمله، ونجد ذلك جلياً وواضحاً في مجلة الشغل التونسية التي اعتبرت في الفقرة الثانية من الفصل 14 ثالثاً أنه “يعتبر تعسفياً، الطرد الواقع دون وجود سبب حقيقي وجدي يبرره أو دون احترام الإجراءات القانونية أو الترتيبية أو التعاقدية”.

أولاً- إشعار العامل

نصت المادة 46/1 من قانون العمل على أنه “يجوز لأي من طرفي عقد العمل غير محدد المدة إنهاءه بمقتضى إشعار يُرسل بعلم الوصول إلى الطرف الآخر قبل شهر من إنهاء العمل”[41]، وبذلك فإن الإشعار بإنتهاء عقد العمل يُمثّل مهلة للعامل يبحث خلالها عن عمل آخر[42] ومهلة لصاحب العمل للبحث عن عامل آخر[43].

ويكون الإشعار حصراً برسالة بعلم الوصول، وبذلك يتوجب أن يكون الإشعار كتابياً قبل شهر من إنهاء عقد العمل، كما أنه يتوجب أن يتضمن الإشعار سبب أو أسباب الفصل عن العمل.

و “لما كانت الجهة المدعى عليها وبموجب صريح المادة 41 من القانون وجهت إشعاراً للعامل بإنهاء عمله وفق ما ورد على صفحات الضبط من نفس مدير مكتب العمل ووفق الوضع الاقتصادي الذي آل إليه المصنع ووفق الظروف الاقتصادية الصعبة وأن القانون أشار بأن هذا حق لرب العمل في حال الخسارة وتردي الوضع الاقتصادي وطالما أن الشركة طبّقت النصوص القانونية حسب الأصول والثابت أمام محكمة الدرجة الأولى فإن إنهاء عمل المدعي لا يعتبر والحالة هذه فصلاً تعسفياً”[44].

وفي المقابل نجد أن المشرع التونسي تميّز مقارنة بالمشرع الفلسطيني بوجوب إحالة العامل على مجلس التأديب بالإضافة إلى وجوب إعلامه بانتهاء عقد العمل قبل شهر وفقاً للفصل 14 مكرر من مجلة الشغل التونسية.

وقد استقر الاجتهاد القضائي التونسي على اعتبار الفصل الواقع دون إحالة العامل على مجلس التأديب تعسفياً حتى لو كان مرتكباً لخطأ[45].

وفي جميع الأحوال، ولئن اشترط قانون العمل وجوب إشعار العامل بفصله عن عمله، إلا أن المبدأ استتبعته عدة استثناءات نصت عليها المادة 40 من قانون العمل، وتعد عقوبة الفصل دون إشعار من أشد العقوبات التأديبية، فمن جهة يقع حرمان العامل من مصدر رزقه، ومن جهة أخرى قد لا يجد عملاً آخر لأنه تمّ فصله عن عمله بسبب خطأ ارتكبه[46].

وفي المقابل نجد أن مجلة الشغل التونسية لم تضع حالات يمكن من خلالها فصل العامل من عمله دون إشعاره، إلا أن الاتفاقية الإطارية المشتركة نصت في الفصل 73 منها على إمكانية فصل العامل من عمله دون إشعاره ودون عرضه على مجلس التأديب في حال مسكه متلبساً بجريمة التحيّل أو السرقة أو خيانة الأمانة أثناء تأديته لعمله، وكذلك عند صدور حكم بسجنه من أجل جناية أو جنحة.

ثانياً- إشعار وزارة العمل

أفردت المادة 41 من قانون العمل حالة إشعار وزارة العمل بفصل عامل أو عمال من العمل بالظروف الاقتصادية التي تمر بها المنشأة؛ وقد نصت هذه المادة على أنه “يجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل لأسباب فنية أو خسارة اقتضت تقليص عدد العمال… شريطة إشعار الوزارة بذلك“.

وقد أقرّت محكمة النقض المنعقدة في رام الله «أن المحكمة لم تعالج نص المادة 41 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 والتي أوجبت أن الأسباب الموجبة بذلك لا بد من إبلاغ الوزارة فيها حيث جاء في النص “يجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل لأسباب فنية أو خسارة اقتضت تقليص عدد العمال مع احتفاظ العامل بحقه في بدل الإشعار، ومكافأة نهاية الخدمة، شريطة إشعار الوزارة بذلك”…. وأن إغفال التثبت من صحة واقعة من وقائع الدعوى هو من الأمور التي تعيب الحكم خصوصاً إذا كانت هذه الواقعة توصل إلى نتيجة قد تخالف النتيجة التي توصل إليها الحكم المطعون فيه، وهذا ما نجده في الحكم حيث أن الأخذ بالأسباب يوجب تبليغ الوزارة بذلك عملاً بنص المادة 41 من قانون العمل وحيث أن الحكم لم يعالج هذه الواقعة مما جعل هذه الأسباب تصيبه بالعوار وتعيب الحكم مما يستوجب معه نقض الحكم».[47]

كما أقرت محكمة النقض في نفس السياق أن “النقص في التمويل وإنهاء المشروع الذي كان يعمل عليه المدعي وإغلاق مكتب الخليل التابع للجمعية – الخيرية – التي يعمل فيها هو الذي أدى إلى فصله بعد أن سبق إشعاره بالفصل قبل مدة شهرين وكذلك إشعار وزارة العمل بخصوص الفصل”[48]، وبذلك فإن فصل العامل في هذه الحالة لا يكون تعسفياً، وبالتالي فإنه لا يوجب الحكم له ببدل الفصل التعسفي.

وفي المقابل نجد أن مجلة الشغل التونسية اشترطت على صاحب العمل في الفصول 21 إلى 21/13 الذي ينوي فصل عمال لأسباب اقتصادية أن يُعلم تفقدية الشغل المختصة ترابياً، لا وزارة العمل، بعزمه فصل عدد من العمال عن العمل، وفي هذه الحالة فإن تفقدية الشغل تقوم بإجراء بحث للتأكد من الحالة الاقتصادية للمنشأة وإن كانت تستوجب فعلاً فصل عدد من العمال.

ويكون على تفقدية الشغل مهمة محاولة الصلح بين صاحب العمل والعمال، فإن فشلت في ذلك فإنها تحيل ملف المنشأة إلى لجنة مراقبة الطرد خلال ثلاثة أيام من انتهاء المحاولة الصلحية[49].

وفي جميع الأحوال فإن عدم احترام رب العمل للإجراءات القانونية الواجب اتباعها في حال فصل أحد العمال أو مجموعة من العمال يجعل من الفصل تعسفياً حتى وإن ارتكب العامل خطأ حقيقياً، وقد أقرت محكمة التعقيب التونسية أنه “ولئن كان الخطأ الفادح مبرراً كافياً لفصل العامل من طرف رب العمل إلا أن ذلك لا يعفي هذا الأخير من إتباع الإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقية المشتركة[50] التي توجب على المؤجر إحالة العامل المرتكب للخطأ الفادح على مجلس التأديب الذي يتولى النظر في الموضوع واقتراح العقوبة التأديبية. وعليه فالمؤجر عندما يقوم بطرد عامل مخطىء دون إتباع الإجراءات المذكورة يكون قراره متسماً بالتعسف ويفتح المجال للعامل المطرود للمطالبة بالغرامات المحددة بالفصل 23 مكرر من مجلة الشغل.”[51]

 

الجزء الثاني: الرقابة القضائية على تقدير التعويض

على الرغم من أن العلاقة بين العامل ورب العمل هي علاقة تعاقدية، ونظراً لعدم إقرار قانون العمل بتعويض العامل عينياً[52] أي عدم إقراره بإمكانية إرجاع العامل إلى عمله بعد فصله من عمله، فإن تعويض المتضرر يكون بقدر ضرره، إلا أن التعويض عن الفصل التعسفي يُعد استثناء لهذه القاعدة إذ أنه محدد في قانون العمل بسقف يعتمد على الأجر ومدة معينة دون الأخذ بعين الاعتبار مدى الضرر الحقيقي الذي لحق بالعامل، كما أنه لا يوجد تعويض عن الضرر المعنوي الذي يصيب العامل المفصول تعسفياً على الرغم من جسامة الأضرار المعنوية التي تصيبه.

ويبدو أن مسألة تسقيف التعويض عن الفصل التعسفي هي نتيجة اشتداد المنافسة بين المنشآت الاقتصادية الذي أدى إلى الضغط على كلفة الإنتاج سواء من خلال تطوير وسائل العمل أو الحد من الأعباء الاجتماعية، فما كان من المشرع إلا أن جعل من قانون العمل الأداة المثلى لتحقيق التوازن بين الحماية الاجتماعية للعامل ودفع عملية التنمية الاقتصادية وذلك بإحلال قدر من التوازن النسبي بين مصالح العمال ومصالح المنشأة الاقتصادية من خلال تبني مفهوم الحماية المرنة الذي يُحقق المرونة دون الإخلال بمقتضيات الحماية[53] في حدها الأدنى.

وفي جميع الأحوال فإن الرقابة القضائية تكون على بدل التعويض على الفصل التعسفي (أ)، وكذلك على الحقوق العمالية الأخرى (ب).

 

تمارس المحاكم رقابة على نوع عقد العمل إن كان عقداً محدد المدة (1) أو عقداً غير محدد المدة (2)، وذلك قبل الخوض في تحديد بدل التعويض والحقوق العمالية لأن تحديد هذه الأخيرة يكون نتيجة تحديد نوع عقد العمل، وقد أقرت محكمة النقض أنه “ولما كان قانون العمل قد فرّق بين عقد العمل محدد المدة وعقد العمل غير محدد المدة فيما يرتبه لكل منهما من حقوق للعامل. ولما كانت محكمة بداية بيت لحم بصفتها الاستئنافية لدى وزنها لعقد العمل (م/01) خلال حسابها للتعويض المستحق للمدعية المستأنفة لم تبيّن ما إذا كان هذا العقد محدد المدة أو غير محدد المدة، وترتب عن ذلك أن جمعت بين الحقوق التي يرتبها لكل منهما حين حكمت للمطعون ضدها المدعية ببدل الإشعار وبدل الفصل التعسفي … فإن حكمها والحال هذه يكون مخالفاً للقانون وحرياً بالنقض لهذا السبب”[54].

  1. الرقابة القضائية على تقدير التعويض عن الفصل التعسفي في عقد العمل محدد المدة

يمكننا أن نستنتج تعريف عقد العمل محدد المدة من المادة 24 من قانون العمل[55]، وعليه فإنه يُعرّف بأنه “العقد الذي يكون مبرماً لمدة زمنية معينة، فإما أن يكون محدداً بأجل ثابت أي لفترة زمنية لتنفيذه أو لإنجاز عمل معين وينتهي العقد بإنجاز هذا العمل”.

ووفقاً للمادة 25 من قانون العمل فإنه “لا يجوز أن تزيد المدة القصوى لعقد العمل محدد المدة لدى نفس صاحب العمل بما في ذلك حالات التجديد عن سنتين”، كما وبينت المادة 26 من قانون العمل أن الاستمرار في تنفيذ عقد العمل محدد المدة بعد انتهاء مدته يحوّله إلى عقد عمل غير محدد المدة.

وقد أقرت محكمة النقض المنعقدة في رام الله أنه “بالرجوع إلى قانون العمل نجد أن المادة 25 منه تنص على أنه: لا يجوز أن تزيد المدة القصوى لعقد العمل محدد المدة لدى نفس صاحب العمل بما في ذلك حالات التجديد عن سنتين متتاليتين. بينما تنص المادة 26 منه على أنه: إذا استمر طرفا عقد العمل محدد المدة في تنفيذه بعد انقضاء مدته اعتبر غير محدد المدة.

ومقتضى هذين النصين أن المشرع فرّق بين الاتفاق الصريح بين صاحب العمل والعامل وبين الاتفاق الضمني، واشترط لاعتبار العقد محدد المدة في حالات التجديد أن يتم الاتفاق على المدة المحددة صراحة، أما إذا انتهت المدة المتفق عليها في العقد واستمر طرفاه في تنفيذه، أي كان الاتفاق ضمنياً، اعتبر العقد غير محدد المدة”[56].

أما في القانون التونسي فإن مدة عقد العمل محدد المدة يجب ألا تتجاوز أربع سنوات متتالية مع التجديدات وفق الفصل 6-4 وتحديداً النقطة 2 منه[57].

وعليه فإن “إن إلزام العامل بإمضاء عقود محددة المدة بعد مضي ما يقارب الخمس سنوات في العمل القار والمتواصل يعتبر وضع حد للعلاقة الشغلية من قبل المؤجر بصفة تعسفية لأنه يشكل هضما لحقوق العامل الذي على علم بصبغة عمله الوقتية ضرورة أنه لم يقع إبرام عقود محددة المدة بينهما من قبل وأن رفضه إمضاء عقد محدد المدة بعد إكتسابه صفة العامل القار لا يعد خطأ فادحا ولا قطعا من جانبه للعلاقة الشغلية”[58].

وبناء على ما تقدم، فإن تجاوز مدة عقد العمل محدد المدة لسنتين متتاليتين وفق قانون العمل، ومدة أربع سنوات متتالية وفق القانون التونسي تحوّله إلى عقد عمل غير محدد المدة يستوجب إنهاءه اتباع إجراءات معينة يحددها القانون، فإذا ما وقع “تلاعب” من قبل رب العمل موهماً نفسه والعامل بأن العقد محدد المدة، وقرر فصل العامل دون سبب موجب، ودون احترام الإجراءات يُصيّر هذا الفصل تعسفياً ويخضع التعويض عنه لمبادئ التعويض التي يخضع لها عقد العمل غير محدد المدة.

وما يمكن ملاحظته بخصوص عقد العمل محدد المدة أن قانون العمل لم يُخصه بقواعد خاصة في حال إنهائه تعسفياً إلا بخصوص الإجراءات المتبعة، أما بخصوص بدل التعويض عن الفصل التعسفي فإن قانون العمل “سوّى” بين التعويض في عقد العمل محدد المدة وعقد العمل غير محدد المدة من هذه الناحية.

وقد نصَّت المادة 27 من قانون العمل على أنه “يتمتع العاملون بعقود عمل محددة المدة بمن فيهم العاملون بموجب عقد عمل عرضي أو عقد عمل موسمي بنفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات التي يخضع لها العاملون بعقود عمل غير محددة المدة في ظروف مماثلة مع مراعاة الأحكام الخاصة بالعمل لمدة محددة أو عرضية أو موسمية”، وبذلك فإن جميع العمال يتمتعون بنفس الامتيازات سواء كانوا أصحاب عقود عمل محددة المدة أو غير محددة المدة إلا في حال تنصيص القانون بشكل صريح على استثناء لقاعدة المادة 27 من قانون العمل.

وقد أقرت محكمة النقض أن “المادة 27 من القانون المذكور تقضي بأن يتمتع العاملون بعقود عمل محددة المدة بنفس الحقوق التي يخضع لها العاملون بعقود غير محددة المدة في ظروف مماثلة مع مراعاة الأحكام الخاصة بالعمل لمدة محددة”[59].

وفي المقابل نجد أن المشرع التونسي خص التعويض عن الفصل التعسفي بقواعد خاصة به؛ إذ جاء في الفصل 24 من مجلة الشغل أنه “تقدر الغرامة المستحقة عن القطع التعسفي لعقد الشغل المبرم لمدة معينة من طرف المؤجر بمبلغ أجر يساوي ما تبقى من مدة العقد أو أجر ما تبقى لو وقع إتمام العمل”، وبذلك فإن العمل المفصول تعسفياً في عقد العمل محدد المدة يتحصل على ما تبقى له من أجر لو أنه تمَّ تنفيذ عقد العمل، إلا أنه لا يتمتع بالامتيازات التي كان يتمتع بها لو أنه استمر في عمله.

ما يمكن ملاحظته أن قانون العمل اعتمد مدة السنة كحد أدنى لتحديد مبلغ التعويض، فماذا لو كانت مدة العمل أقل من سنة فكيف سيتم احتساب مبلغ التعويض، هل سيقع احتسابها على أنها كسور؟

نجد أن محكمة النقض من خلال مراقبتها للفصل التعسفي عن العمل أقرّت أنه “بالنسبة لكيفية حساب بدل الفصل التعسفي، ولما كان يراعى في حساب التعويض عن الفصل التعسفي كامل المدة التي قضاها العامل لدى صاحب العمل بحيث تحسب كسور السنة لغايات حساب هذا التعويض”[60].

وعليه فإن العامل المفصول تعسفياً في عقد العمل محدد المدة يتحصّل على تعويض يعتمد على الأجر الذي كان يتحصّل عليه وعلى المدة التي قضاها في العمل كما هو البحال في التعويض عن الفصل التعسفي في عقد العمل غير محدد المدة.

  1. الرقابة القضائية على تقدير التعويض عن الفصل التعسفي في عقد العمل غير محدد المدة

يمكن تعريف عقد العمل غير محدد المدة بأنه “العقد الذي لم يتم تحديد مدة معينة لإنهائه أو عمل معين ينتهي أداؤه، كما يكون عقد العمل غير محدد المدة عندما يكون العقد محدداً إلا أنه يتضمّن شرطاً يخوّل كلاً من العاقدين أن ينهيه بإعلان قبل إنقضاء مدته، وعندما يستمر العاقدان في تنفيذ العقد المحدد بعد إنقضاء مدته[61].

ويتميز عقد العمل غير محدد المدة بأنه يحتوي على حق ممنوح لأطرافه في إنهائه من جانب واحد[62]، حيث نصّت المادة 46/1 من قانون العمل على أنه “يجوز لأي من طرفي عقد العمل غير محدد المدة إنهائه..”[63].

وعليه فإنه يحق لرب العمل إنهاء عقد العمل بإرادته المنفردة شريطة أن يكون هذا الإنهاء مسبباً ومبرراً بإرتكاب العامل لخطأ أو بسبب الظروف الاقتصادية التي “دفعت” رب العمل إلى فصل العامل.

وما يجب الإشارة إليه بخصوص تقدير التعويض عن الفصل التعسفي أن قانون العمل لم يعتمد على “درجة خطأ رب العمل”، إذ أنه ساوى بين جميع حالات الفصل التعسفي، في حين أن المشرع كان أكثر تفصيلاً إذ تبنى نظرية “تدرج الخطأ” لتقدير التعويض عن الفصل التعسفي حيث أن القاعدة المعتمدة في التعويض في حالة عدم وجود سبب حقيقي  ليست هي نفسها المعتمدة في حال الفصل لوجود أسباب اقتصادية.

وفي جميع الأحوال فقد نصت المادة 47 من قانون العمل على أنه “مع احتفاظه بكافة حقوقه القانونية الأخرى، يستحق العامل تعويضاً عن فصله تعسفياً مقداره أجر شهرين عن كل سنة قضاها في العمل على ألا يتجاوز التعويض أجره عن مدة سنتين”.

وبناء على نص المادة 47 من قانون العمل فإن التعويض عن الفصل من العمل يخضع لقاعدة تسقيف مزدوجة؛ فمن جهة تبلغ غرامة التعويض أجر شهر عن كل سنة، ومن جهة أخرى لا يجب أن تتجاوز هذه الغرامة أجر سنتين.

وقد أقرّت محكمة النقض أنه «بالرجوع لنص المادة 47 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 نجد أنها تنص على “مع احتفاظه بكافة حقوقه القانونية الأخرى يستحق العامل تعويض عن فصله تعسفياً أجر شهرين عن كل سنه قضاها في العمل على ألا يتجاوز التعويض أجره عن مدة سنتين” وأن النص المذكور يفيد أن العامل الذي يتم فصله تعسفياً يستحق أجرة شهرين عن مدة عمله على ألا يتجاوز مجموع راتبه بدل الفصل التعسفي عن مجموع راتبه لمدة سنتين أي لا يزيد عن ما مجموعه راتب 24 شهراً»[64].

ونجد أن المشرع التونسي اعتمد نفس مبدأ ازدواجية تسقيف التعويض إلا أنه أعطى حيزاً للقاضي ليمارس شيئاً من الاجتهاد، فخيره الفصل 23 مكرر بين أجر شهر وأجر شهرين عن كل سنة في حال كان الفصل التعسفي لعدم احترام الإجراءات القانونية للفصل، شريطة ألا يتجاوز مبلغ التعويض ككل أجر ثلاث سنوات في حال كان الطرد لعدم وجود سبب جدي وحقيقي.[65]

وتميّز المشرع التونسي عن المشرع الفلسطيني بأنه حدّد سقفاً واحداً للتعويض عن الفصل التعسفي في حال وجود سبب حقيقي وجدي للفصل لكن دون احترام الإجراءات القانونية، حيث حدّد مبلغ التعويض بين أجر شهر وأربعة أشهر، وذلك وِفق اجتهاد القاضي[66].

ومهما يكن من أمر فإن التعويض عن الفصل التعسفي في مجمله يعتمد على عنصرين أساسيين:

العنصر الأول: الأجر: يعتبر الأجر عنصراً مميزاً من عناصر عقد العمل بالإضافة إلى عنصر العمل وعنصر تبعية العامل لرب العمل، وهو التزام محمول عليه مقابل العمل الذي يقدّمه العامل ويمكن تعريف الأجر الأساسي بأنه “المقابل النقدي و/أو العيني المتفق عليه الذي يدفعه صاحب العمل للعامل مقابل عمله، ولا تدخل في ذلك العلاوات والبدلات أياً كان نوعها”[67]، ويقصد بالأجر العيني “الشيء الذي يقدمه صاحب العمل لعماله، ويتحدد هذا الشيء في المأكل أو المسكن أو الاثنين معاً، ويجوز أن يكون أي تقدمة أخرى، وبذلك فإن الأجر العيني أياً كانت صورته يمثل جزءاً من الأجر وبالتالي فإنه يخضع من كل الوجوه لنظامه وأحكامه القانونية[68].

و “يتم احتساب الحقوق العمالية على آخر أجر تقاضاه العامل. وحيث أن المدعي (المطعون ضده) قَبِل بتغيير أجرته من 2000 شيكل إلى 1600 شيكل شهرياً وتم قبول ذلك بإرادته الحرة يكون تصرفه هذا ملزماً له. فمتى قبل الشروط الجديدة لعقد العمل واستمر في تنفيذ العقد بالأجر المقبوض والجديد وكان ذلك بإرادة حرة فان العقد الجديد يصبح هو الساري ويبقى قائماً ولا يحق له بعد القبول أن يعلن رفضه للأجر الجديد أو يطالب بالقديم حيث يعتبر استمراره بعد تخفيض الأجر انه قبل بهذا الأجر”[69]

وفي جميع الأحوال فإن “العبرة لما ورد في لائحة الدعوى ما دام أن المدعي طالب باحتساب حقوقه العمالية على اعتبار أن أجره الشهري 864 ديناراً وليس كما جاء في هذا السبب 946 ديناراً .ولما كان ذلك وحيث أن تجاوز الطلبات الواردة في لائحة الدعوى غير جائز والحكم بأكثر منها ينهض مبرراً لإعادة المحاكمة إذا ما اكتسب الحكم بشأنها الدرجة القطعية .”[70].

ومهما يكن من أمر، وسواء كان الأجر عينياً أو نقدياً فإنه يُمثّل معياراً لتقدير التعويض عن الفصل التعسفي، بالإضافة إلى معيار أقدمية العامل في عمله.

العنصر الثاني: الأقدمية: يُمكن تعريف الأقدمية بأنها المدة التي قضاها العامل في عمله منذ ابرام عقد العمل وحتى انتهائه سواء بشكل شرعي أو غير شرعي.

ويدخل في إطار أقدمية العامل المدة التي قضاها العامل في مكان عمله الأول وفي مكان عمله الثاني إذ أن انتقال العامل من مكان عمله الأول إلى مكان عمل آخر لا يقطع عقد العمل طالما أنه يعمل لدى نفس الشخص، وفي حال تمّ فصله تعسفياً فإنه يقع احتساب المدة التي قضاها في المكان الأول والمكان الثاني الذي انتقل إليه، وفي ذلك أقرت محكمة النقض أنه “ولما كان قيام صاحب العمل بنقل العامل من مكان عمله إلى مكان آخر لا يؤثر على عقد العمل واعتباره استمراراً للعمل في المكان الأول”[71].

ومحصلة لما سبق بسطه فإن عنصري الأجر والأقدمية هما العنصرين المحددين لمبلغ التعويض عن الفصل التعسفي، وقد تبنى المشرع هذه القاعدة التي استوحاها من المادة 12 من اتفاقية العمل الدولية عدد 158 الصادرة عن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في عام 1982، والتي تنص في الفقرة الأولى منها على أنه «يكون لأي عامل مسرّح، وفقاً للقوانين والممارسات الوطنية، الحق في تعويض عن إنهاء الاستخدام أو إعانات أخرى مثلية يحدد مقدارها، بين أمور أخرى، على أساس طول مدة الخدمة ومستوى الأجر، ويدفعها مباشرة صاحب العمل أو صندوق تموّله اشتراكات أصحاب العمل».

ومهما يكن من أمر، وعلى اعتبار أن قانون العمل لم يُميّز في تحديده للتعويض عن الفصل التعسفي بين أنواع عقود العمل من جهة، وبين حالات الفصل التعسفي من جهة أخرى، فإنه يكون للعامل المفصول تعسفياً بالإضافة إلى التعويض عن الفصل التعسفي عديد “الحقوق العمالية” الأخرى[72].

نصّت المادة 41 من قانون العمل على أنه “يجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل لأسباب فنية أو خسارة اقتضت تقليص عدد العمال مع احتفاظ العامل بحقه في بدل الإشعار، ومكافأة نهاية الخدمة..”.

  1. مكافأة نهاية الخدمة

تتميز مكافأة نهاية الخدمة عن التعويض عن الفصل التعسفي بأن العامل يستحقها رغم عدم حدوث أي ضرر له، وقد أقرها له قانون العمل حتى في حال إنهاء عقد العمل من قبله، كما يتحصّل عليها العامل في حالة بلوغه سن التقاعد، ويستحقها العامل بمجرد انتهاء أو إنهاء عقد عمله.

وقد بيّنت المادة 42 حالات حصرية يمكن من خلالها للعامل الحصول على مكافأة نهاية الخدمة في حال إنهاء عقد العمل من طرفه[73]، فإن لم تتوفر حالات المادة 42 من قانون العمل فإن “العامل الذي يترك العمل لا يستحق مكافأة نهاية الخدمة”[74].

ورغم اختلاف الفقهاء[75] حول الطبيعة القانونية لمكافأة نهاية الخدمة بين من يعتبرها أجر إضافي يلتزم به رب العمل عند نهاية خدمة العامل، وآخر يعتبرها ملحقاً للأجر، ورأي ثالث يعتبرها ضماناً وتأميناً للعامل ضد خطر انتهاء العقد، فإنها في جميع الأحوال تعتبر حقاً للعامل عند انتهاء عقد العمل مهما كان نوع هذا الأخير محدد المدة أو غير محدد المدة.

وقد أقرت محكمة النقض المنعقدة في رام الله أنه “ولما كانت المادة 45 من قانون العمل تقضي للعامل الذي أمضى سنة من العمل الحق في مكافأة نهاية الخدمة، كما أن المادة 27 من القانون المذكور تقضي بأن يتمتع العاملون بعقود عمل محددة المدة بنفس الحقوق التي يخضع لها العاملون بعقود غير محددة المدة في ظروف مماثلة مع مراعاة الأحكام الخاصة بالعمل لمدة محددة، ولما كان نص المادة 45 المذكورة جاء عاماً، فإن مقتضى ذلك أن يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة متى أمضى سنة في العمل سواء كان عقده محدد المدة أم غير محدد المدة”[76].

وفي المقابل نجد أن مجلة الشغل التونسية ميزت عقد العمل غير محدد المدة بمكافأة نهاية الخدمة دوناً عن عقد العمل محدد المدة؛ حيث نص الفصل 22 منها على أن “كل عامل مرتبط بعقد لمدة غير معينة وقع طرده بعد انقضاء فترة التجربة يستحق في ما عدا صورة الخطأ الفادح مكافأة نهاية الخدمة..”، وبذلك فإن مكافأة نهاية الخدمة في القانون التونسي لا تتعلق إلا بحالة الفصل التعسفي لعدم وجود سبب حقيقي وجدي، فإن كان العامل مرتكباً لخطأ فادح إلا أن رب العمل لم يحترم الإجراءات القانونية فإن العامل المفصول لا يستحق مكافأة نهاية الخدمة.

وقد أقرت محكمة التعقيب التونسية أن “مكافأة نهاية الخدمة مستحقة من طرف كل عامل مرتبط بعقد لمدة غير معينة وقع طرده بعد انقضاء فترة التجربة في ما عدا صورة الخطأ الفادح”[77].

وقد اشترطت المادة 45 من قانون العمل أن يكون العامل قد أمضى سنة كحد أدنى ليتحصّل على مكافأة نهاية الخدمة، وتحسب له في هذه الحالة الكسور التي تضاف إلى السنة، وقد قضت محكمة النقض بأن «نص المادة 45 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 تنص على “للعامل الذي أمضى سنة في العمل الحق في مكافأة نهاية الخدمة مقدارها أجر شهر عن كل سنة قضاها في العمل على أساس آخر أجر تقاضاه دون احتساب ساعات العمل الإضافية تحتسب لهذا الغرض كسور السنة”. وهذا يعني أنه يتم احتساب الحقوق العمالية على آخر أجر تقاضاه العامل وحيث أن المدعي (المطعون ضده) قبل بتغيير أجرته من 2000 شيكل إلى 1600 شيكل شهرياً وتم قبول ذلك بإرادته الحرة يكون تصرفه هذا ملزماً له….أما رفضه وتركه للعمل بسبب عدم صرف راتبه والذي جاء مطالباته في الإخطار العدلي يعتبر تغيير جوهري في شروط العقد وللعامل الحق بترك العمل عملاً بأحكام المادة 42 من قانون العمل والاحتفاظ بكامل حقوق ولكن تحسب هذه الحقوق حسب العقد والأجر الجديد وليس القديم حيث ان المادة 45 من قانون العمل جاءت مطلقة من آخر أجر تقاضاه». [78]

ولكن ما يمكن ملاحظته أن اشتراط المادة 45 من قانون العمل لمدة السنة ليكون للعامل الحق في مكافأة نهاية الخدمة فيه حيف للعامل الذي يقضي أقل من سنة في عمله خاصة وأن السنة هي 365 وِفق المادة الأولى من قانون العمل، فإن ذلك يفتح الباب على مصراعيه لأرباب العمل للتحايل على القانون، وبالتالي فصل العامل من عمله قبل إتمام السنة ربما بيوم واحد، وبالتالي يفقد “حقه” في مكافأة نهاية الخدمة، لذا نقترح على مشرع قانون العمل التدخل لتعديل المادة 45 من قانون العمل وإلغاء شرط السنة ليكون من حق العامل المفصول الحصول على مكافأة نهاية الخدمة، فمثلاً على اعتبار إمكانية الاستناد إلى الكسور في تقدير بدل التعويض فإنه يمكن باستعمال مبدأ النسبة والتناسب النظر إلى المدة فإن كانت مثلاً 180 يوماً فإنه يمكن منح العامل أجر نصف شهر، وهكذا.

وفي جميع الأحوال فإن تقدير مكافأة نهاية الخدمة حاله كحال تقدير التعويض عن الفصل التعسفي إذ سقّفه المشرع، إلا أن ما تتميز به مكافأة نهاية الخدمة أن لها سقفاً واحداً لا سقفين فقد نصت المادة 45 من قانون العمل على أنه “للعامل الذي أمضى سنة في العمل الحق في مكافأة نهاية الخدمة مقدارها أجر شهر عن كل سنة قضاها في العمل على أساس آخر أجر تقاضاه دون احتساب ساعات العمل الإضافية تحتسب لهذا الغرض كسور السنة”.

وفي المقابل نجد أن المشرع التونسي وضع سقفين لمكافأة نهاية الخدمة، فمن جهة أقرَّ في الفصل 22 من مجلة الشغل أن “كل عامل مرتبط بعقد لمدة غير معينة وقع طرده بعد انقضاء فترة التجربة يستحق.. مكافأة لنهاية الخدمة تقدّر بأجر يوم عن كل شهر عمل فعلي في نفس المؤسسة”، ومن جهة أخرى نص في الفقرة الثانية من نفس الفصل على أنه “لا يمكن أن تفوق هذه المكافأة أجر ثلاثة أشهر مهما كانت مدة العمل الفعلي، إلا في صورة وجود شروط أحسن جاء بها القانون أو الاتفاقيات المشتركة أو الخاصة”.

كما تميّز المشرع التونسي عن المشرع الفلسطيني بأنه وضع نصاً قانونياً خاصاً بمكافأة نهاية الخدمة في حالة الفصل التعسفي لأسباب اقتصادية، فقد نصَّ في الفصل 21-10 من مجل الشغل الذي جاء فيه أنه “في صورة قبول الطرد تبدي اللجنة رأيها في مكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل وتسعى للتوفيق بين الطرفين المعنيين حول مبلغ المكافأة”، وهذا ما يدعو للتساؤل حول مدى التزام القاضي برأي لجنة مراقبة الطرد عند تقدير مكافأة نهاية الخدمة، وهل يمكنه تطبيق التقدير المنصوص عليه في الفصل 20 من مجلة الشغل؟

ما يمكن ملاحظته أن قرارات محكمة التعقيب التونسية حول تطبيق الفصل 21-10 من مجلة الشغل شابها اختلاف وصل حد التضارب، بين قرارات نصت على الزامية رأي لجنة مراقبة الطرد واتفاق الأطراف، وقرارات تؤكد الصفة الاستشارية للجنة مراقبة الطرد، وبالتالي يمكن للقاضي إعادة تقدير مكافأة نهاية الخدمة وفق الفصل 20 من مجلة الشغل.

لكن هذا الخلاف وقع حسمه من خلال تدخل محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة حيث أقرّت أن “المحكمة المتعهدة تبقى لها كل الصلاحيات لتقدير مكافأة نهاية الخدمة التي يستحقها العامل الواقع طرده لأسباب اقتصادية أي أنه يمكن للمحكمة أن تقدّر مبلغاً يختلف عن المبلغ المقترح من اللجنة كما لها أيضاً أن تعتمد المبلغ المقترح من طرف اللجنة إذا ما رأت أن ذلك المبلغ كافياً لتعويض العامل عن فقدان موطن شغله”[79].

لكن ما يلفت الانتباه أن محكمة التعقيب لم تبين السند القانوني الذي اعتمدته لتعطي للقاضي سلطة تقدير مكافأة نهاية الخدمة، كما أنها لم تبيّن على أي أساس يستند القاضي لمعرفة إن كان “المبلغ كافياً لتعويض العامل عن فقدان موطن شغله”، هل أنه الفصل 22 من مجلة الشغل؟ وإذا ما وقع اعتماد معايير الفصل 22 من مجلة فما كانت الغاية من وضع الفصل 21-10 من مجلة الشغل.

باعتقادنا أن المبدأ العام تمّ التنصيص عليه في الفصل 22 من مجلة الشغل، وذلك بتقدير مكافأة نهاية الخدمة بمعايير معينة، أما الفصل 21-10 فإنه استثناء للفصل 22، وبالتالي فإن القاضي يكون ملزماً برأي لجنة مراقبة الطرد في تقديرها لمكافأة نهاية الخدمة، وعليه فإن تقدير مكافأة نهاية الخدمة في حال الفصل لأسباب اقتصادية يخرج عن نطاق الفصل 22 من مجلة الشغل، وإلا فإنه سيقع إفراغ الفصل 21-10 من محتواه ومن قيمته العملية.

وفي جميع الأحوال فإن مكافأة نهاية الخدمة هي حق للعامل عند انتهاء أو نهاية عقد عمله، وذلك بنص القانون، كما يكون له الحق في الحصول على شهادة خدمة عن المدة التي قضاها في العمل[80].

  1. أيام العطل والأعياد

بينّت محكمة النقض في رام الله بعض أيام الأعياد الرسمية؛ فقد أقرت أن “الأعياد الرسمية التي تمنح فيها للعامل إجازة بأجر كامل هي كما يلي: اليوم الوطني يوم واحد ويصادف الأول من كانون الثاني من كل عام، عيد العمال العالمي يوم واحد، عيد الاستقلال يوم واحد، فيكون مجموع أيام الأعياد الدينية والوطنية والرسمية التي يستحق المدعي عنها أجر كامل هي عشرة أيام في السنة الواحدة”[81].

وقد “استقر الاجتهاد على أن عمل العامل أيام العطل الرسمية والأعياد هو من قبيل العمل الإضافي ومصدر الحق فيه القانون وليس عقد العمل إذ الثابت أن الطاعن كان يتقاضى راتباً شهرياً مقداره (3200) شيكل مضافاً إليه مبلغ (60) دينار أردني عن عمله أثناء الأعياد، أما بالنسبة للعمل الإضافي فلا يثبت إلا بموجب كشوفات خطية يبين فيها التواريخ وعدد ساعات العمل الإضافي موقعه من ذوي الشأن كمراقب العمل أو صاحب العمل”[82].

أما الإجازة السنوية فإنه يمكن تعريفها بأنها “إراحة العامل من عناء العمل على مدار عام ليجدّد نشاطه وحيويته”[83]، وقد نصت المادة 74 من قانون العمل على أنه “يستحق العامل إجازة سنوية مدفوعة الأجر مدتها أسبوعان عن كل سنة في العمل، وثلاثة أسابيع للعمال في الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة ولمن أمضى خمس سنوات في المنشأة”[84]، وقد أقرت محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس “أما بدل إجازات سنوية عن آخر سنتين وفق أحكام المادة 74/4 من قانون العمل الفلسطيني طالما أن مدة عمل المدعي لدى المدعى عليها تزيد عن خمس سنوات وفق نص المادة 74/1 هي 21 يوم في السنة الواحدة×السنتين الأخيرتين×الأجرة”[85].

وتتميّز الإجازة السنوية عن الأعياد الدينية والرسمية ولا تدخل هذه الأخيرة في احتسابها؛ إذ جاء في المادة 76 من قانون العمل أنه “للعامل الحق في إجازة مدفوعة الأجر في الأعياد الدينية والرسمية لا تحتسب من الإجازات السنوية”.

ويجب “على صاحب العمل أن يثبت أن العامل قد استوفى إجازته السنوية، كما أن تعطّل العمل لفترات خلال السنة لا يلغي حق العامل في إجازته السنوية ما دام مستعداً للعمل”[86].

  1. بدل الإشعار

يمكن تعريف بدل الإشعار بأنه المنحة التي يتحصّل عليها العامل في حال عدم قيام رب العمل بإعلامه بفصله عن عمله، أو في حال قيام رب العمل بإعلام العامل إلا أنه لم يذكر أسباب الفصل، وكذلك في حال فصل العامل عن عمله في حالة القوة القاهرة.

وقد أقرّت محكمة النقض أن المادة 46 من قانون العمل نصّت على أنه “يجوز لأي من طرفي العقد غير المحدد المدة إنهاءه بمقتضى إشعار يرسل بعلم الوصول إلى الطرف الآخر قبل شهر من إنهائه للعقد.. حيث أن المدعى عليها قد أرسلت إشعاراً بعدم رغبة الكلية في تجديد عقد العمل.. وأن الإشعار مؤرخ.. قبل انتهاء العمل بثلاثة أشهر، فإن أحقية العامل في بدل الإشعار في غير محله”[87].

ولئن لم ينص قانون العمل على كيفية احتساب بدل الإشعار فإن الاجتهاد القضائي أقر بأن بدل الإشعار يُقدّر بأجر شهر، وقد أقرّت محكمة النقض أن “ما توصلت إليه المحكمة الاستئنافية باحتساب أجرة النصف الثاني من مدة الإشعار دون أجرة النصف الأول بسبب تغيب العامل ( الطاعن ) عن العمل منذ لحظة استلامه الإشعار واقع في محله ونقرها فيما ذهبت إليه”[88]، ولكننا لا نجد سنداً قانونياً لاعتبار بدل الإشعار أجر شهر، ولكي تكون الأمور قانونية أكثر كان يتوجب على المشرع تحديد بدل الإشعار كما فعل في بدل الفصل التعسفي ومكافأة نهاية الخدمة.

وبذلك فإن لم يقم رب العمل بإشعار العامل بفصله من عمله فإن هذا الأخير يكون مستحقاً لأجر شهر تحت عنوان بدل إشعار.

وعلى الضفة الأخرى نجد أن القانون التونسي لم ينص كذلك على كيفية تقدير بدل الإشعار الذي يطلق عليه منحة الإعلام بالطرد، وإن كان في الفصل 14 مكرر أوجب على كلا الطرفين إعلام الطرف الآخر بإنهاء عقد العمل قبل شهر من انتهائه، فإن الاجتهاد القضائي التونسي مشى على منوال الاجتهاد القضائي الفلسطيني وقضى بأجر شهر كبدل إشعار.

  1. الساعات الإضافية

نصّت المادة 68 من قانون العمل على أن “ساعات العمل الفعلي في الأسبوع خمس وأربعون ساعة” من حيث المبدأ، ووضعت المادة 69 استثناء لذلك بأن خفّضت ساعات العمل ساعة واحدة كحد أدنى في “الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة والأعمال الليلية”، كما يتمتع العامل بيوم راحة على الأقل في الأسبوع وهو عادة ما يكون يوم الجمعة، ويمكن للعامل بالاتفاق مع رب العمل “تجميعها مرة واحدة في الشهر”[89].

وعليه فإن هذا الحق الذي يتمتع به العامل يقابله جزاء مختلف عن حساب أجر العمل في أيام العمل العادية إذا ما اتفق العامل ورب العمل على أن يعمل الأول زيادة عن الساعات المحددة في أسبوعياً أو أراد العمل في وقت عطلته على ألا تتجاوز هذه الساعات 12 ساعة في الأسبوع، وقد بيّنت المادة 71/2 من قانون العمل كيفية احتساب الأجر في هذه الحالة إذ جاء فيها أنه “يُدفع للعامل أجر ساعة ونصف عن كل ساعة عمل إضافية”.

وقد أقرّت محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس أن”آخر ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض يشير إلى عدد الساعات الأثني عشر في الأسبوع بما لا يتجاوزها ويدفع للعامل أجر ساعة ونصف عن كل ساعة وحيث أن الجهة المدعى عليها دفعت وِفق البينة الثابتة ساعة بساعة وليس بساعة ونصف يستحق المدعي نصف ساعة معفاة من الرسم”[90] بموجب المادة 71 من قانون العمل.

وفي جميع فإن “قانون العمل رقم 7 لسنة 2000 والذي بحكم واقعة المطالبة بالحقوق العمالية لا يوجد فيه ما يساند المطالبة بربط الحقوق العمالية بجدول غلاء المعيشة”[91].

كما أن “الاجتهاد القضائي في فلسطين قد استقر على عدم الحكم بالفائدة القانونية في المطالبات الناشئة عن عقد العمل لعدم وجود نص في قانون العمل يجيز الحكم بالفائدة وكذلك لا تنص أحكام قانون العمل على ربط المبلغ المحكوم به بجدول غلاء المعيشة”[92]، وبذلك “لا يوجد في قانون العمل الفلسطيني ما يشير إلى أية حقوق من هذا النوع سيما لا يتطابق الأجر والفائدة في نفس الوقت”[93].

وعليه فإن “قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000 الذي ينظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل لم ينص على جواز الحكم بالفائدة القانونية ولا على ربط المبلغ بجدول غلاء المعيشة كون المطالبة بالحقوق العمالية خاضعة لهذا القانون الخاص، وأن المطالبة بالفائدة وكذلك المطالبة بربط المبلغ بجدول غلاء المعيشة لا تستند إلى نص قانوني يبررها، بالإضافة إلى أن المطعون ضدها لم تمانع في دفع مستحقات المدعي بل العكس فقد طالبته بالتوجه للمحاسب من أجل استلام حقوقه”[94].

وعلى الرغم من عدم تنصيص قانون العمل على الفائدة القانونية فإن ما يمكن الإشارة أنه مثلاً في حال إنهاء أو انتهاء عقد العمل فإن مكافأة نهاية الخدمة تكون حقاً مكتسباً للعامل بمجرد حصول ذلك، ولكن عدم التنصيص على الفائدة القانونية للعامل في حال تأخر رب العمل عن إعطائه مكافأة نهاية الخدمة يدعو رب العمل للمماطلة في ذلك، وبالتالي فإنه يتوجب على قانون العمل التنصيص على الفائدة القانونية في هذه الحالة على اعتبار أن مكافأة نهاية الخدمة في هذه الحالة تكون ديناً في ذمة رب العمل.

 

الخاتمة

يمثل العمل حقاً مكفولاً دستورياً لكل شخص، لكن هذا الحق يقابله “إمكانية” مُتاحة لرب العمل تتمثل في فصل العامل من عمله، وإن كان من “حق” رب العمل فصل العامل الذي يرتكب خطأ يضر بمصلحة العمل، إلا أنه ولئن لم يتضمّن قانون العمل تعويض العامل “المخطئ” عن الضرر الذي يصيبه جرّاء عدم احترام رب العمل للإجراءات القانونية للفصل خاصة منها الإشعار، فإنه أقرّ صراحة تعويض العامل المفصول تعسفياً عن الضرر الذي لحقه والمتمثل في خسارته لعمله نتيجة تعسّف رب العمل بحقه في الفصل لأنه وقع فصله دون ارتكابه لأي خطأ.

ولئن كان ما يربط العامل برب العمل هو عقد العمل، فإن مسؤولية هذا الأخير عن فصل العامل تعسفياً تكون مسؤولية عقدية، إلا أن قانون العمل خصّ مسؤولية رب العمل بقواعد خاصة، وهو بالتالي يُعتبر استثناءً من المسؤولية العقدية التي تعتمد على التعويض “الكامل” عن الضرر المادي لأنه حدّد مقدار التعويض مسبقاً محدداً إياه بسقف نصّت عليه المادة 47 من قانون العمل.

وما يمكن ملاحظته بخصوص قانون العمل أنه:

وفي جميع الأحوال، فإن قانون العمل يُعد القانون المنظّم للعلاقة بين العامل ورب العمل من حيث الحقوق والواجبات، وبالتالي على كل طرف احترام وتطبيق ما نصّ عليه، ففي حال مخالفة أحكامه فإنه على المُخالِف “دفع ثمن” عدم احترامه للقواعد القانونية، وعليه فإن عدم احترام رب العمل للقواعد القانونية التي تنظّم مسألة فصل العامل من حيث الحالات والشروط يؤدي به إلى “دفع” مبالغ مالية كتعويض عمّ سببه للعامل من ضرر، إلا أن هذا التعويض لا يساوي الضرر المادي الحقيقي للعامل كما أنه لا يقع تعويضه عن الضرر المعنوي الذي أصابه نتيجة فقدانه لمركز عمله، وهذا نتيجة محاولة الموازنة بين مصلحة المنشأة الاقتصادية باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد ومصلحة العامل، وبالتالي فإن قانون العمل فقد سمته الأهم وهي “قانون العمّال” ليُصبِح قانون “الموازنة بين العمال والمنشأة الاقتصادية”.

المراجع:

http://muqtafi.birzeit.edu

 

 

[1]– يعتبر الفقيه مونتسكيو منظم مبدأ الفصل بين السلط.

[2]– نصت المادة 97 من القانون الأساسي المعدل على أن “السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها”.

كما نصّت المادة 1 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 على أن “السلطة القضائية مستقلة، ويحظر التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة.”.

[3]– جاء في المادة 6 من قانون السلطة القضائية أنه “تتكون المحاكم الفلسطينية من:
أولاً: المحاكم الشرعية والدينية وينظمها القانون.
ثانياً: المحكمة الدستورية العليا وينظمها القانون.
ثالثا: المحاكم النظامية وتتكون من:
1- المحكمة العليا وتتكون من:
أ- محكمة النقض
ب- محكمة العدل العليا.
2- محاكم الاستئناف
3- محاكم البداية.
4- محاكم الصلح.
وتنظر كل منها في المسائل التي ترفع إليها طبقا للقانون.”

[4]– حكم رقم 720/2011 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 08/05/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=97364

[5]– المادة 2 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000.

[6]– وقد عرف الفصل 6 من مجلة الشغل التونسية عقد العمل بأنه “اتفاقية يلتزم بمقتضاها أحد الطرفين ويسمى عاملاً أو أجيراً بتقديم خدماته للطرف الآخر ويسمى مؤجراً وذلك تحت إدارة ومراقبة هذا الأخير وبمقابل أجر”.

[7]– أقرت محكمة التعقيب التونسية أنه “يشترط لقيام العلاقة الشغلية توفر عنصر التبعية ويعني بذلك الإدارة والإشراف المباشر من المؤجر على الأجير فيما يتعلق بنوعية خدماته وسلطته في الرقابة على كيفية تنفيذ العمل مع وجوب احترام الأجير للتوقيت الذي يضبطه المؤجر مقابل أجر”، قرار تعقيبي مدني عدد 16271، مؤرخ في 17 جانفي/ كانون الثاني 2008، نشرية محكمة التعقيب، قسم مرافعات ومدني، الجزء 1، مركز الدراسات القانونية والقضائية، تونس/ الجمهورية التونسية، 2008، ص. 367.

[8]– حكم رقم 617/2013  صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله  بتاريخ 15/12/2014، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=96320

[9]– حكم رقم 828/2013 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 01/10/2014، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=96866

[10]– وقد نص الفصل 22 من الاتفاقية الإطارية المشتركة التونسية على أنه “لا يمكن أن يتم تغيير إقامة أو نقلة إلا بموجب ضرورة مصلحة العمل ولا يمكن التصريح بهما تلقائياً إلا في حدود انعدام الراغب فيهما من العملة”.

[11]– حكم رقم 720/2011 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 08/05/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=97364

[12]– قرار تعقيبي مدني عدد 20264، مؤرخ في 5 ديسمبر/ كانون الأول 1988، نشرية محكمة التعقيب، القسم المدني 1، تونس/ الجمهورية التونسية، 1988، ص. 129.

[13]– قرار تعقيبي مدني عدد 15174، مؤرخ في 10/03/1986، نشرية محكمة التعقيب، القسم المدني، تونس/ الجمهورية التونسية، 1986، ص. 15.

[14]– أقرت محكمة النقض أن عقد العمل “لا يعتبر عقداً محدد المدة وإنما عقداً غير محدد المدة بدلالة وجود فترة تجربة وبدلالة قابليته للتجديد لمدة أخرى، لذلك وجدت أن العامل المدعي يستحق 1/3 أجرة شهر عن 4 شهور عمل.. عن بدل مكافأة نهاية الخدمة”، حكم رقم 477/2011 صادر محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 21/06/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=89433

[15]– قرار تعقيبي مدني عدد 3347، مؤرخ في 24 اكتوبر/تشرين الأول 2005، نشرية محكمة التعقيب، القسم المدني1، مركز الدراسات القانونية والقضائية، تونس/ الجمهورية التونسية، 2005، ص.  331.

[16]– حكم رقم 890 و891/2011، صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 06/01/2014، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=95207

 

كما أقرت أنه “على صاحب العمل أن يُثبت سبب إنهاء عقد العمل، وأن يكون ذلك لأحد الأسباب المحددة في المادتين 40 و41 من قانون العمل على سبيل الحصر وإلا كان متعسفاً في فصل العامل”، حكم رقم 94/2009 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 30/09/2009، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=58318

وقد سارت محكمة الاستئناف على نفس نهج محكمة النقض حيث أقرت أنه “كان من الواجب على الجهة المدعى عليها المستأنفة أن تقدم لمحكمة الدرجة الأولى ما يسعفها في إثبات واقعة ترك المدعي للعمل من تلقاء نفسه لا أن يقوم العامل بإثبات أنه طرد من العمل”، حكم رقم 41/2012 صادر عن محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس بتاريخ 29/02/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=91597

[17]– قرار تعقيبي مدني عدد 15621، مؤرخ في 22/02/1988، نشرية محكمة التعقيب، القسم المدني عدد 1، تونس/ الجمهورية التونسية، 1988، ص. 135.

[18]– قرار تعقيبي مدني عدد 34265، مؤرخ في 6 أفريل/ نيسان 2009، وقع ذكره في:

هدى لطيف العقيدي، التعويض عن الفصل التعسفي، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، 2011، ص. 84 و85.

[19]– عبد الرزاق أحمد السنهوري، نظرية العقد، شرح القانون المدني، النظرية العامة للالتزامات، الجزء الأول، دار الفكر، بيروت/ الجمهورية اللبنانية، غير مؤرخ، ص. 548 و549.

[20] – AUDINET (J.), Debats Assemblé Nationale 23 mai 1973, cité par SINAY (H.), Des difficultés d’ordre probatoire de la loi du 13/07/1973, Rev. Droit social, Avril 1978, p.22.

[21]– جاء في الفصل 14 ثالثاً من مجلة الشغل التونسية أنه “يعتبر تعسفياً، الطرد الواقع دون سبب حقيقي وجدي يبرره أو دون احترام الإجراءات القانونية أو الترتيبية أو التعاقدية”.

[22]– المنجي طرشونة، الطرد لأسباب شخصية في القانون وفقه القضاء، مجلة القضاء والتشريع، عدد 7، السنة 50، جويلية/ تموز 2008، مركز الدراسات القانونية والقضائية، تونس/ الجمهورية التونسية، ص. 32.

[23]– حكم رقم 354/2012 صادر عن محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس بتاريخ 28/04/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=97321

كما أقرت محكمة النقض أنه “ولما كانت الحالة محل البحث ألا وهي إنهاء خدمات العامل لبلوغه سن الستين ليست من قبيل الحالات التي اعتبر المشرع إنهاء خدمات العامل فيها غير مبرره، أو تلك التي اعتبرها مبرره فإنها والحالة هذه تدخل في نطاق ما تستخلصه المحكمة في ضوء ما يقدم لديها من بينات وما تستخلصه مما هو مطروح أمامها من أسباب ووقائع”، حكم رقم 336/2012 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 18/06/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=89343

[24]–  حكم رقم 28/2013  صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله  بتاريخ 31/08/2014، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=97112

[25] – حكم رقم 849/2011 صادر عن محكمة النقض المعقدة في رام الله بتاريخ 14/02/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=93738

كما أقرت المحكمة أن “لما كانت واقعة إنهاء خدمات العامل من قبل رب العمل وتحديد وصفها في ما إذا كانت تدخل في نطاق الفصل التعسفي من عدمه هو أمر تستخلصه المحكمة في ضوء ما يقدم لديها من بينات إلا إذا قطع المشرع بان حالات بعينها يكون الفصل فيها غير مبررا ً أو أن الفصل فيها يكون مبررا ً .”

حكم رقم 849/2011 صادر عن محكمة النقض المعقدة في رام الله بتاريخ 14/02/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=93738

[26]– نص الفصل 14 رابعاً من مجلة الشغل التونسية على أن “الخطأ الفادح من الأسباب الحقيقية والجدية التي تبرر الطرد.، فمن خلال استعمال المشرع التونسي حرف “من” فإن الخطأ الفادح هو مجرد سبب من الأسباب الحقيقية والجدية، ولم يتوقف المشرع التونسي عند هذا الحد بل أنه في الفقرة الثانية من الفصل 14 رابعاً من مجلة الشغل وعند تعداده للحالات التي تعتبر خطأ فادحاً نص على أنه “ويمكن أن تعتبر بالخصوص الحالات التالية أخطاء فادحة وذلك حسب الظروف التي وقع فيها ارتكابها”، فعبارة “بالخصوص” تفيد التعداد على سبيل الذكر لا الحصر.

[27]– DELEPREE (F.), L’élaboration du droit disciplinaire de la fonction publique, Paris, L.G.D.J., 1969, p. 69.

[28] – فوزي حبيش، مسؤولية الموظف العام، التأديب، المجلة التونسية للإدارة العمومية في خدمتك، 1981-1982، عدد 29-30، تونس/ الجمهورية التونسية، ص.4.

[29]– هدى لطيف العقيدي، التعويض عن الفصل التعسفي في قانون العمل، دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت/ الجمهورية اللبنانية، الطبعة الأولى، 2011، ص. 83.

[30]– نصت المادة 33 من قانون العمل على أنه “يلتزم العامل بتأدية عمله بإخلاص وأمانة والمحافظة على أسرار العمل وأدواته ولا يعتبر العامل مسؤولاً عن خلل الأدوات أو ضياعها نتيجة أي ظرف طارئ خارج عن إرادته أو قوة قاهرة”.

[31]– جاء في المادة 33 من قانون العمل أنه “لا يعتبر العامل مسؤولاً عن خلل الأدوات أو ضياعها نتيجة أي ظرف طارئ خارج عن إرادته أو قوة قاهرة”.

[32]– حكم رقم 318/2012 صادر عن محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس بتاريخ 24/09/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=91287

[33]– جاء في المادة 4 من الاتفاقية الدولية عدد 158 أنه “لا ينهى استخدام عامل ما لم يوجد سبب صحيح لهذا الإنهاء… يستند إلى مقتضيات تشغيل المؤسسة أو المنشأة أو المرفق”.

كما نص الفصل 21 من مجلة الشغل التونسية على أنه “على كل مؤجر يعتزم طرد أو إيقاف عن العمل لأسباب اقتصادية أو فنية البعض من عملته القارين أو كاملهم، أن يعلم بذلك مسبقاً تفقدية الشغل المختصة ترابياً”.

[34]– النوري مزيد، النظام القانوني للطرد لأسباب اقتصادية، مجلة القضاء والتشريع، العدد 3، مارس/آذار 2008، مركز الدراسات القانونية والقضائية، تونس/ الجمهورية التونسية، ص. 92.

[35]– حكم رقم 849/2011 صادر عن محكمة النقض المعقدة في رام الله بتاريخ 14/02/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=93738

[36]– حكم رقم 399 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 07/10/2012، انظر”

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=89377

[37]– كما استعمل المشرع التونسي في الفصل 21 من مجلة الشغل في معرض حديثه عن الفصل لأسباب اقتصادية وفنية عبارة “البعض من عملته القارين” للدلالة على وجوب الفصل الجماعي للعمال في حال مرور المنشأة بأزمة اقتصادية أو فنية.

[38]– سامية جمال نصر، المراقبة القضائية للطرد لأسباب اقتصادية وفنية، مجلة المحاماة، تصدرها الهيئة الوطنية للمحامين بتونس، تونس/ الجمهورية التونسية، العدد 2 لسنة 1999، ص. 102.

[39]–  حكم رقم 617/2013  صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله  بتاريخ 15/12/2014، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=96320

[40]–  يقابلها الفصل 14 مكرر من مجلة الشغل التونسية حيث جاء فيه أنه “يتم الإعلام بإنهاء عقد الشغل المبرم لمدة غير معينة برسالة مضمونة الوصول توجه إلى الطرف الآخر قبل شهر من إنهاء العقد”.

[41]– جاء في الفقرة الأولى من الفصل 14 مكرر من مجلة الشغل التونسية أنه “يتم الإعلام بإنهاء عقد الشغل المبرم لمدة غير معينة برسالة مضمونة الوصول توجه إلى الطرف الآخر قبل شهر من إنهاء العقد”.

[42]– وتأكيداً على ذلك فقد نصت المادة 46/2 من قانون العمل على أنه “يحق للعامل الذي تلقى إشعاراً من صاحب العمل بإنهاء عقد العمل التغيّب عن العمل طيلة النصف الثاني من اجل الإشعار ويُعتبر تغيبه عملاً فعلياً في المنشأة”.

كما نصت الفقرة الثانية من الفصل 14 مكرر من مجلة الشغل التونسية على أنه “يرخص للعملة التغيب كامل النصف الثاني من مدة أجل الإعلام ليتسنى لهم السعي للحصول على شغل آخر، وتعتبر مدة التغيب عملاً فعلياً ولا ينجر عنه أي تخفيض في الأجور أو المنح”.

[43]– هشام رفعت هشام، شرح قانون العمل الأردني، تشريع، فقه، قضاء، مكتبة المحتسب، عمان/ المملكة الأردنية الهاشمية، 1973، ص.290.

[44]– حكم رقم 113/2012 صادر عن محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس بتاريخ 19/04/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=90522

[45]– المنجي طرشونة، الطرد لأسباب شخصية في القانون وفي فقه القضاء، مرجع سابق، ص. 40.

[46]– سيد محمود رمضان، الوسيط في شرح قانون العمل، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان/ المملكة الأردنية الهاشمية، الطبعة الأولى، 2004، ص. 287.

[47]– حكم رقم 849/2011 صادر عن محكمة النقض المعقدة في رام الله بتاريخ 14/02/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=93738

[48]– حكم رقم 392/2012، صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 05/06/2014، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=95687

[49]– الفصل 21-3 من مجلة الشغل التونسية.

[50]– عرّف الفصل 31 من مجلة الشغل التونسية الاتفاقية المشتركة بأنها “اتفاق متعلق بشروط العمل مبرم بين المؤجرين المنظمين لكتلة أو القائمين شخصياً من جهة وبين مؤسسة أو عدة مؤسسان نقابية للعمال من جهة أخرى. ويجب أن تكون تلك الاتفاقية كتابية وإلا كانت عديمة الاعتبار”.

[51]– قرار تعقيبي مدني عدد 53759، مؤرخ في 19/08/1996، نشرية محكمة التعقيب، القسم المدني عدد 1، 1996، تونس/ الجمهورية التونسية، ص. 142.

وتؤكد محكمة التعقيب التونسية دائما على وجوب احترام الإجراءات القانونية للفصل وإلا كان تعسفياً، فقد أقرت أنه “قرار الطرد المتخذ من قبل المؤجر بصفة منفردة و دون عقد مجلس التأديب، و عرض الموضوع عليه و يعد إخلالا بإجراء أساسي و يجعل الطرد تعسفيا و لو كان لارتكاب العامل لهفوة خطيرة”، قرار تعقيبي مدني عدد 16686، مؤرخ في 03/02/1992، نشرية محكمة التعقيب، القسم المدني عدد 1، تونس/ الجمهورية التونسية، 1992، ص. 129.

[52]– يمكن تعريف التعويض العيني بأنه “إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر”، عدنان إبراهيم السرحان، الضرر وتعويضه وفق أحكام الفعل الضار في القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، دراسة في ضوء قواعد الفقه الإسلامي، مجلة الأمن والقانون، كلية شرطة دبي، السنة السادسة، العدد 2، ربيع الأول 1419 هـ/ يوليو 1998، مطابع البيان التجارية، دبي/ دولة الإمارات العربية المتحدة، ص. 178.

[53]– عصام الأحمر، الدعوى الشغلية من خلال مجلة الشغل وفقه القضاء، مركز الدراسات القانونية والقضائية، الطبعة 2، 2008، تونس/ الجمهورية التونسية، ص. 275.

[54]– حكم رقم 619/2010 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 16/01/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=88603

[55]– كما نص الفصل 6-2 من مجلة الشغل التونسية على أنه “يمكن أن يتضمّن عقد الشغل لمدة معينة تحديداً لفترة زمنية لتنفيذه أو تعييناً للعمل الذي ينتهي العقد بإنجازه”.

[56]– حكم رقم 419/2009 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 31/05/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ViewCJCard.aspx?CJID=60824

[57]– ينص الفصل 6-4/2 أنه “يمكن إبرام عقد الشغل لمدة معينة… على ألا تتجاوز مدة هذا العقد أربع سنوات بما في ذلك تجديداته”.

[58]– قرار تعقيبي مدني عدد 18883، مؤرخ في 12/01/2008، نشرية محكمة التعقيب، القسم المدني عدد 1، تونس/ الجمهورية التونسية، 2008، ص. 128.

[59]– حكم رقم 419/2009 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 31/05/2010، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=60824

[60]– حكم رقم 94/2009 صادر عن ومحكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 30/09/2009، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=58318

[61]– هشام رفعت هشام، مرجع سابق، ص. 107.

[62]– محمد عطاء الله، إنهاء عقد الشغل غير محدد المدة من جانب واحد، مذكرة للإحراز على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، تونس/ الجمهورية التونسية، 1995/1996، ص. 2.

[63]– أقر الفصل 14 جديد من مجلة الشغل التونسية أنه “ينتهي عقد الشغل سواء كان مبرماً لمدة معينة أو لمدة غير معينة: ب- بإرادة أحد الطرفين تبعاً لارتكاب خطأ فادح من الطرف الآخر.”.

[64]– حكم رقم 890 و891/2011، صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 06/01/2014، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=95207

[65]– جاء في الفصل 23 مكرر من مجلة الشغل التونسية أنه “يقع جبر الضرر في حالة الطرد التعسفي بغرامة يتراوح مقدارها بين أجر شهر وأجر شهرين عن كل سنة أقدمية بالمؤسسة على ألا تتجاوز هذه الغرامة في جميع الحالات أجر ثلاث سنوات”.

[66]– جاء في الفقرة الثانية من الفصل 23 مكرر من مجلة الشغل التونسية أنه “في الحالة التي يتبين فيها أن الطرد وقع لوجود سبب حقيقي وجدي ولكن دون احترام الإجراءات القانونية أو التعاقدية فإن مقدار الغرامة يتراوح بين أجر شهر وأربعة أشهر، ويقع تقدير الغرامة حسب طبيعة الإجراءات وتأثيرها على حقوق العامل”.

[67]– المادة 1 من قانون العمل، يقابلها الفصل 134 -2 من مجلة الشغل التونسية الذي نصّ على أنه “يُقصد بالأجر ما يستحقه العامل من مؤجره مقابل العمل الذي أنجزه. ويتضمن الأجر الأجر الأساسي مهما كانت طريقة احتسابه وملحقاته من منح وامتيازات سواء كانت نقدية أو عينية مهما كانت طبيعتها قارة أو متغيرة وعامة أو خصوصية باستثناء المنح التي لها صبغة استرجاع مصاريف”.

[68]– سيد محمود رمضان، مرجع سابق، ص. 137.

[69]–  حكم رقم 720/2011 صادر عن محكمة نقض رام الله بتاريخ 08/05/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=97364

[70]– حكم رقم 354/2012 صادر عن محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس بتاريخ 28/04/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=97321

[71]– حكم رقم 439/2010 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 24/05/2011، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=87044

[72]– استهلت المادة 47 من قانون العمل بأنه “مع احتفاظه بكافة حقوقه القانونية الأخرى..”.

[73]– جاء في المادة 42 من قانون العمل أنه “يجوز للعامل ترك العمل بعد إشعار صاحب العمل مع احتفاظه بحقوقه القانونية بما فيها مكافأة نهاية الخدمة وما يترتب له من حقوق، وذلك في الحالات الآتية:

  1. تشغيله في عمل يختلف في نوعه ودرجته اختلافاً بيناً عن العمل الذي اتفق عليه بمقتضى عقد العمل، إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك ولمدة مؤقتة منعاً لوقوع حادث أو في حالة القوة القاهرة.
  2. تشغيله بصورة تدعو إلى تغيير مكان إقامته.
  3. الثبوت بتقرير طبي صادر عن اللجنة الطبية أن استمراره في عمله يشكّل خطراً على حياته.

4.اعتداء صاحب العمل أو من يمثله على العامل أثناء العمل أو بسببه بالضرب والتحقير.

  1. عدم وفاء صاحب العمل بالتزاماته تجاه العامل رغم مطالبته بها كتابياً”.

[74]– حكم رقم 55 لسنة 2012 صادر عن محكمة نقض رام الله بتاريخ 03/05/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=93809

[75]–  سيد محمود رمضان، مرجع سابق، ص. 458 و459.

[76]– حكم رقم 419/2009 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 31/05/2010، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=60824

[77]– قرار تعقيبي مدني عدد 13368، مؤرخ في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2007، نشرية محكمة التعقيب، القسم المدني 1، تونس/ الجمهورية التونسية، 2007، ص. 52.

[78]– حكم رقم 720/2011 صادر عن محكمة نقض رام الله بتاريخ 08/05/2013، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=97364

[79]– قرار تعقيبي مدني عدد 24496، مؤرخ في 14 جانفي 2004، ذكره:

النوري مزيد، مرجع سابق، ص.101.

[80]– المادة 44 من قانون العمل.

ونص الفصل 27 من مجلة الشغل على أنه “لكل عامل عند انتهاء شغله أن يطالب مؤجره بشهادة تنص على تاريخ الدخول والخروج وموع العمل. وعند الاقتضاء على الأعمال التي تداولها مع بيان مدة القيام بكل عمل منها”.

[81]– حكم رقم 407/2010 صادر عن محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس بتاريخ 16/03/2011، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=91586

[82]–  حكم رقم 617/2013  صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله  بتاريخ 15/12/2014، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=96320

[83]– سيد محمود رمضان، مرجع سابق، ص. 342.

[84]– نصَّ الفصل 112 من مجلة الشغل التونسية على أن “كل عامل يستحق كل عام رخصة خالصة الأجر”.

وحدّد الفصل 113 من نفس المجلة كيفية احتساب مدة الإجازة السنوية، وهي يوم عن كل شهر عمل فعلي على ألا تتجاوز المدة القصوى 15 يوماً في السنة.

أما إذا كان العامل سنه دون الثمانية عشر سنة فإن الإجازة السنوية تحسب بيومين عن كل شهر عمل فعلي على ألا تتجاوز المدة القصوى للإجازة ثلاثين يوماً في السنة.

أما إذا كان العامل بين الثمانية عشر والعشرين فإن مدة الإجازة تكون بحساب يوم ونصف عن كل شهر على ألا تتجاوز اثنين وعشرين يوماً في السنة.

[85]– حكم رقم 407/2010 صادر عن محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس بتاريخ 16/03/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=91586

[86]– حكم رقم 94/2009 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 30/09/2009، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=58318

[87]– حكم رقم 575/ 2011 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 14/10/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=93878

[88]– حكم رقم 617/2013، صادر عن  محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 15/12/2014، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=96320

[89]– المادة 72 من قانون العمل.

[90]– حكم رقم 113/2012 صادر عن محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس بتاريخ 19/04/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=90522

[91]– حكم رقم 890 و891/2011، صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 06/01/2014، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=95207

[92]– حكم رقم 201/2001 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 14/05/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=89120

[93]– حكم رقم 354/2010 صادر عن محكمة الاستئناف المنعقدة في القدس بتاريخ 27/04/2011، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=91431

[94]– حكم رقم 606/2010 صادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله بتاريخ 26/03/2012، انظر:

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=88705

Exit mobile version