Site icon مجلة المنارة

الرقابة الدستورية على الحقوق والحريات (دراسة مقارنة)

 

 

الرقابة الدستورية على الحقوق والحريات

(دراسة مقارنة)

 

 

إعداد الباحثة :كوثر أمرير

 

 

تعتبر الرقابة القضائية ضمانة أساسية لحماية حريات الأفراد في الظروف العادية وضرورة حتمية لحماية هذه الحريات في الأوقات الاستثنائية. فالنص الدستوري مهما بلغ من الرقي عند الصياغة بالتنصيص على مختلف الحقوق والحريات يبقى غير ذي جدوى إذا لم ينص على آليات فعالة لحماية هذه الحقوق من اي انتهاك قد يطالها من طرف اي سلطة .ولضمان هذه الحماية تم مأسسة الرقابة الدستورية كأقصى وسيلة لحماية الحقوق والحريات.هذا ويتضمن القانون المقارن مجموعة من التجارب الناجحة في الرقابة الدستورية التي و ان تعددت أشكالها فان هدفها يبقى واحدا وهو حماية الحقوق والحريات .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تقديم

حرية الأفراد هي أساس الحريات جميعا،  وهي المقصد الأسمى لكل حكومة عادلة. من هذا المنطلق ظهر مبدأ أساسي ومشترك بين دول الديمقراطيات الفردية، وهو مبدأ “الحقوق الفردية” وأيا كانت الأسس التي قام عليها هذا المبدأ فإن هناك نتائج مشتركة من أهمها:

أن الدول ليست ذات سلطات مطلقة، فهي لا تستطيع أن تصدر التشريعات حسبما تشاء.أن على الدولة ألا تحترم الحقوق الفردية فيما يتعلق بالغاية فحسب وإنما عليها أن تحترم الوسائل، فلا يكفي مثلا أن تعمل الدولة على إدراك الحرية أو السعادة المستقبلية للأفراد، بل يجب عليها منذ الآن أن تحترم تلك الحرية. [1] ولأهمية هذه الحرية أصبحت الدساتير في جانب كبير منها تظمينا للحرية والحقوق الفردية، لكن هل يكفي لحماية الحريات ولتمتع الأفراد بها أن نجعلها أنشودة نتغنى بها أو حتى نضمنها بين ثنايا الدستور؟ بالقطع أن ذلك لا يكفي فلابد بجانب ذلك أن نكفل لهذا الدستور ذاته السمو ونمنع أي سلطة من أن تتعدى عليه وبخاصة السلطة التشريعية.

ومن ثم يأتي دور القضاء الحر المستقل المحايد فهو وحده الذي باستطاعته حماية الحريات الفردية، فالرقابة القضائية وحدها هي التي تحقق ضمانة حقيقية للأفراد. ولدينا في تجارب العديد من الدول، المثل الكبير، والتي أخذت بالرقابة القضائية على دستورية القوانين، حيث لعبت دورا حيويا في حماية الحريات الفردية، من خلال عدة أحكام، كإيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومصر..

لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا هو : عن أي حقوق وحريات نتحدث؟ هل هي الحقوق والحريات المعتمدة كونيا في المواثيق الدولية؟ أو تلك فقط المنصوص عليها في الدساتير الوطنية؟ أو الحريات والحقوق المافوق ما هو تشريع ؟ أي الحقوق والحريات الطبيعية المجردة، دون قيد أو شرط، كما تحدث عنها الفلاسفة؟ وكيف يتم حماية هذه الحقوق والحريات، مع اختلاف أشكال الأنظمة السياسية في كل دولة، واختلاف مرجعياتها؟

سنحاول الإحاطة بهذه النقاط بتقسيم هذا العرض على النحو التالي :

 

 

 

 

                                                            
      – المطلب الاول  : مجال التدخل
      – المطلب الثاني : أهلية رفع الدعوى


  – المطلب الاول  : الدعوى الدستورية الأصلية (المباشرة) والدعوى الفرعية. 

  – المطلب الثاني : الدعوى الدستورية الإحتياطية   AMPARO

 

خاتمة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول : تدخل القضاء الدستوري لحماية الحقوق  والحريات .

السؤال الذي يطرح نفسه في بداية هذا المبحث هو هل على القاضي الدستوري التقيد بما تم تعداده من حقوق وحريات في النص الدستوري؟ خصوصا ان القواعد المتعلقة بالحقوق والحريات في النص الدستوري جد مختصرة وقصيرة،.هنا نجد ان القانون المقارن واجتهاد القاضي الدستوري عمل على التوسع في معاني و أبعاد هذه النصوص، حيث يتم ربطها بمضامين بعض النصوص الوطنية كمقدمات الدساتير أو بعض المبادئ ذات القيمة الدستورية أو المبادئ ما فوق الدستورية التي تجد جذورها إما في نص الدستور بحد ذاته. أو في إعلانات حقوق الإنسان العالمية والمعاهدات الدولية، وبالتالي ربط اجتهاد القاضي الدستوري بنصوص الكتلة الدستورية التي بدون الاحتكام إليها لا يستطيع القاضي الدستوري حماية جوهر هذه الحقوق.

ففي فرنسا استهلت دستورها بمقدمة أصبحت جزءا لا يتجزأ منه وهذا ما اعتمده المشرع اللبناني. في حين ان النمسا دستورها لا يحتوي على أي مقدمة ولا يرتبط بأي إعلانات حقوق، وفي الوقت الذي نجد المشرع الفرنسي استبعد إدخال المعاهدات والاتفاقات الدولية ضمن الكتلة الدستورية نجد المشرع الاسباني والنمساوي وحتى الألماني أدرجها ضمن الكتلة الدستورية.

وقد تكفلت الرقابة على دستورية القوانين بالتدقيق  في تطوير مفهوم الحقوق والحريات التي يجب ان تحظى بالقيمة الدستورية فكل من الحقوق التي يكفلها الدستور لها اثر حاسم على مسيرة الديمقراطية وممارسة سلطات الدولة.[2]

وقد أدى القضاء الدستوري دورا حاسما في تطوير معنى ونطاق الحقوق والحريات التي يجب ان تكفلها الدولة، على ان القضاء الدستوري قد اتجه في البداية إلى الاعتماد في تحديد الحقوق والحريات على إرادة المشرع الدستوري، وعلى سبيل المثال فالمجلس الدستوري في فرنسا رفض في البداية التسليم بدستورية حقوق الإنسان التي لم ترد صراحة في نصوص الدستور إلا ان هذا الاتجاه الضيق لم يدم طويلا حيث تم التوسع في تحديد الحقوق والحريات. وقد ذهبت بعض الدساتير إلى التفسير الواسع في تحديد الحقوق والحريات فنص دستور كل من اسبانيا والبرتغال على مبدأ ان النصوص المتعلقة بالحقوق الأساسية يجب تفسيرها وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأضاف إليها الدستور الاسباني المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

جاء الدستور من اجل تحقيق غايتين تنظيم هيكلة الدولة وتوزيع الصلاحيات بين مؤسساتها

 

من جهة وضمان حقوق وحريات الأفراد من جهة أخرى[3].

فقد نصت معظم الدساتير الحديثة على جملة من الحقوق المكرسة لحرية التفكير والتعبير  والتنقل والمساواة,ونذكر على سبيل المثال منها الدستور الايطالي  الذي ينص في مادته الثانية على ان الجمهورية تعترف وتكفل حقوق الإنسان غير قابلة للمساس بها سواء بصفته فردا أو عضوا في المجتمع  أو في ممارسته الشخصية وحدد هذه الحقوق صراحة في المادة 13وما بعدها من الدستور[4].

أما الدستور الألماني الاتحادي فقد اقتصر على تحديد حقوق الإنسان التقليدية أي الحقوق المدنية والسياسية (الجيل الاول للحقوق) وحددها في المواد من 1 إلى 20 وفي المادة 33 و 38 و 101 و102 و 103 وبهذا التحديد فتح الباب أمام القضاء الدستوري لاستخلاص الحقوق في الدولة بحسب ما يقتضيه النظام الاشتراكي.

وتعتبر الحقوق الأساسية الحقوق التي تهدف إلى حماية حرية الفرد في مواجهة تدخل السلطة العامة، وقد أكدت المحكمة الدستورية الألمانية طبيعة هذه الحقوق ووظيفتها قائلة بأنه يمثل الأفراد فيها صفة الدائن والدولة تمثل صفة المدين وان وظيفتها تتمثل في الدفاع عن الفرد ضد تدخل الدولة في بعض المجالات .

أما الدستور النمساوي فقد اقتصر في بيان اختصاصات المحكمة الدستورية بالإشارة إلى دورها عند انتهاك الحقوق التي يحميها الدستور المادة (144).[5]

بالنسبة لفرنسا لم يتضمن الدستور الفرنسي بابا خاصا بالحقوق والحريات وإنما تمت الإشارة إليها فقط في الديباجة[6] التي نصت (يعلن الشعب الفرنسي رسميا تمسكه بحقوق الإنسان ومبادئ السيادة الوطنية مثلما حددها إعلان 1789………).

وقد جاء تعديل 2008 الذي نص لأول مرة على حق الأفراد في الطعن في دستورية الأحكام التشريعية أمام القضاء (المادة 61 الفقرة 1)وذلك في حالة انتهاك الحقوق والحريات التي كفلها الدستور[7] من ناحية أخرى اعتمد المجلس الدستور على فكرة الحرية الشخصية المنصوص عليها في المادة 22 من الدستور لكي يستخلص منها عددا من الحقوق الدستورية مثل الحق في الحياة الخاصة والحق في الحصول على مسكن ملائم.

أما في اسبانيا فقد جاء الدستور الاسباني بتحديد الحقوق والحريات الأساسية وقام بالتمييز بين الحقوق الأساسية والحريات العامة(المواد من 15 إلى 29)وحقوق وواجبات المواطنين ( المواد 30 إلى 37 ) والمبادئ الحاكمة للسياسة الاجتماعية والاقتصادية (المواد من 39 إلى 52)[8] لكن هذا لا يمنع من ان للقاضي الدستوري صلاحية التوسع في تفسير هذه الحقوق عن طريق دعوى لامبارو التي تكفل للمواطنين بان يطالبوا بحق من حقوقهم المنصوص عليها دستوريا والمعتاد وصفها بالحقوق الأساسية من الصف الاول[9] لأنها تتمتع بضمانات أكثر اتساعا من الحقوق الأخرى(الجيل الاول والثاني)أي الحريات العامة التقليدية ذات الطبيعة الفردية والجماعية باستثناء حق الملكية.

كذلك لا يمكن ان يكون موضوع دعوى لامبارو الحق في الشغل,حرية المقاولة,الحق في الحماية الصحية,الحق في التمتع ببيئة جيدة. فدعوة الحماية الدستورية (لامبارو) لا تكون مقبولة إلا حينما يكون الضرر لاحقا بحقوق أساسية يكون من السهل حمايتها قانونيا[10].من جانب أخر يمكن لكل فرد ذو حق أساسي الاعتراض على قانون في إطار الدفع الفردي بانتهاك حق أساسي استنادا إلى المادة 93 الفقرة 1  رقم 4 من القانون الأساسي والمادة 13 رقم 8 من نفس القانون(أي شخص تضررت حقوقه الأساسية من طرف السلطة العامة يمكنه اللجوء إلى المحكمة الدستورية الفيدرالية أي ما يسمى بالطعون الدستورية)[11]

 

أما في مصر فقد اتخذت من المستوى الذي تلتزم به الدول الديمقراطية في قواعدها القانونية وفي احترام حقوق المواطنين والحريات معيارا وضابطا لرقابتها الدستورية ومؤدى ذلك ان المحكمة الدستورية العليا تتمسك بحقوق الإنسان المسلم بها في الدول الديمقراطية. وقد وصل بها الأمر إلى حد عدم الوقوف عند معنى الحرية الشخصية التي كفلها الدستور. وتكشف متابعة الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا منذ إنشائها عام 1979, وما ورد بهذه الأحكام من حيثيات وما أرسته من مبادئ , أن دور المحكمة الدستورية العليا في الرقابة علي دستورية القوانين في مصر لم يكن مجرد عمل ‘ قانوني ‘ يتسم بالحياد والموضوعية في فحص النصوص التشريعية لبيان مدى توافقها مع الدستور , وإنما تأثر دورها بالواقع السياسي والاجتماعي وتفاعل معه , بحيث أصبحت المحكمة تضطلع بدور بارز في وضع أسس وضمانات حماية حقوق الإنسان , كما استقر مدلولها في وجدان قضاتها , حتى وإن لم ينص على هذه الحقوق صراحة في الدستور , حيث باتت الرقابة القضائية على دستورية القوانين في تفاعل دائم مع الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعيشها المجتمع , وصار للمحكمة الدستورية دور ‘ إنشائي ‘ في مجال حقوق الإنسان , وليس مجرد تأكيد وضمان حقوق مكفولة بنصوص الدستور.

أما في المغرب فقد طرا تحول نوعي على مستوى القضاء الدستوري ، هو ذلك الانتقال من المجلس الدستوري إلى المحكمة الدستورية أي الانتقال من الرقابة السياسية لدستورية القوانين إلى الرقابة القضائية، وهو أمر فيه دلالة ديمقراطية قوية. فإلى جانب الاختصاصات الدستورية التي كانت مخولة للمجلس الدستوري فإن المحكمة الدستورية عرفت تجديدا دستوريا متمثلا في إقرار حق المواطن المغربي في الدفع بعدم دستورية أي قانون يراه متعارضا مع مصالحه ؛ فلا يمكن الحديث عن عدالة دستورية ما لم توفر الضمانات القانونية لحماية الحقوق الفردية والجماعية للمواطن ؛ وفي هذا الصدد أقر دستور 2011 في الفصل 133 على أنه تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون، أثير أثناء النظر في قضية من شأنها أن تمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور بشكل صريح والمنصوص عليها صراحة في ديباجة الدستور والباب الثاني منه في المواد من19الى40.
إن هذا التضمين يعتبر من المستجدات الدستورية الدالة، بحيث خول للمواطن المغربي لأول مرة في تاريخ الدستور المغربي الحق في اللجوء إلى المحكمة الدستورية لإثارة عدم دستورية أي قانون من شأنه تطبيقه على نزاع معروض على القضاء أن يمس بحقوقه وحرياته الدستورية الأمر الذي يدرج الدستور المغربي في خانة دساتير الجيل الجديد من حقوق الإنسان أو ما يطلق عليه الأمريكيون بجيل حقوق التدعيم [12].

 

المطلب الثاني : أهليه رفع الدعوى أصحاب الصفة في أثارة هذا النوع من الحماية الدستورية

تعد الرقابة علي دستورية القوانين ضمانة هامة للحقوق والحريات وإقامة نظام ديمقراطي سليم . فهي تهدف إلي حماية حقوق الأفراد وحرياتهم ، وتفعيل وتعميق قيم الديمقراطية لديهم [13].

فقد نصت دساتير بعض الدول، على سبيل المثل  (( النمسا ، اسبانيا ، ألمانيا  )) بحق الأفراد في رفع دعوى دستورية ، في حالة انتهاك حقوقهم وحرياتهم [14]  ، و سنتطرق  في هذا المطلب لبعض الدول الغربية وأخرى عربية توضح الأطراف الذين لهم الحق في رفع دعوى دستورية .

الفقرة الاولى : نموذج الدول الغربية

منح الدستور الاسباني” حق تقديم الطعن إلي كل شخص طبيعي أو قانوني الذي له مصلحة مشروعة وكذلك المدافع عن الشعب والنيابة العامة ” حسب المادة 162/1[15]

تتم هذه الرقابة بشكل عام لحماية الحقوق والحريات بواسطة دعوي “لامبارو” يباشرها  احد الأطراف بسبب المساس بحقوقه الدستورية من خلال تشريع أو لائحة أو بسبب حكم قضائي أو قرار إداري[16] ويتوفر هذا الحق لكل من:

1 ــ الشخص الطبيعي أو القانوني تكون له مصلحة مشروعه وفق الشروط التالية :

2ــ المدافع عن الشعب :محامي الشعب فهو يمارس وظيفة الدفاع عن الشرعية وحقوق المواطنين والمصالح العمومية .[17]

3 ــ النيابة العامة .

أما الدستور الايطالي فقد أعطي الحق للأطراف ، وذلك أثناء النظر في قضية من القضايا ، ويري أحد الأطراف أو كلاهما أن قانوناً أو نصاً من القانون الذي يراد تطبيقه علي النزاع هو مخالف للدستور، علي المواطن في هذه الحالة أن يبين للمحكمة التي يدفع أمامها أوجه المخالفة للدستور ويبين انه صاحب مصلحة في هذا الدفع والمحكمة التي تنظر الموضوع تستطيع أن تقبل الدفع بعدم الدستورية إذا رأت انه مبني علي أساس مقبول، وعندئذ تحيل الدعوى إلى المحكمة الدستورية لكي تفصل في المسألة الدستورية [18].

أما الدستور الفرنسي فلم يعرف هذه الميزة إلا مع تعديل 2008 ، الذي أضافه المادة 61/1 إلي الدستور التي تمثل العصب الجوهري لهذا التعديل ، تأتي أهمية هذه المادة من حيت منحها للأفراد الحق في الطعن بعدم دستورية الأحكام التشريعية أمام القضاء مباشرة .

يسمي القانون التنظيمي هذه الرقابة ” مسألة الأولوية الدستورية ” فهي أجازت :

وقد أتاح  هذا التعديل ولأول مرة الحق للأفراد بالطعن بالأحكام التشريعية أمام القضاء العادي شريطه ان ينتهك الحقوق والحريات التي كفلها الدستور.[19]

 

الفقرة الثانية: نموذج الدول العربية

أما الدستور المصري لم يرخص للأفراد الحق في رفع دعوى مباشرة أمام المحكمة الدستورية ولكن قانون المحكمة الدستورية [20] أجاز للأفراد برفع دعوى مباشرة للمحكمة الدستورية العليا في أحوال معينة ، وذلك إذا كان الفصل في المسألة الدستورية لازما للحكم في الدعوى الأصلية [21] وهذه الحالات حددتها المواد 25 (الفقرة الثانية والثالثة ) و 28، 31، 32، 50 ، وبناء على هذه المواد يحق للأفراد اللجوء إلى المحكمة الدستورية ، ولكن المحكمة لا تتقيد اختصاصها بشرط المساس بالحقوق والحريات ، إلا ان المسالة الدستورية في الغالب تتعلق بهذه الحقوق أو الحريات [22].

كما ان من المستجدات التي حملها الدستور المغربي 2011 هو إقرار حق المواطن المغربي في الدفع بعدم دستورية أي قانون يمس بحقوق والحريات التي ضمنها الدستور، وهذا ما أقره الفصل 133 الدستور ((تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون ،أثير أثناء النظر في قضية ، وذلك إذا دفع أحد الإطراف بأن القانون ، الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور )) .

فهذا الفصل يمنح للمواطن و لأول مرة في تاريخ الدستور المغربي الحق في اللجوء إلى المحكمة الدستورية لإثارة عدم دستورية أي قانون من شأنه تطبيقه علي نزاع معروض علي القضاء ، في حالة مساسه بالحقوق والحريات الدستورية [23].

 

المبحث الثاني : آليات حماية الحقوق والحريات في الأنظمة المعاصرة               

إن الدراسة المقارنة لموضوع حماية الحقوق والحريات الأساسية، تشكل أهم الأسس والوسائل التي تؤدي إلى تطوير النظام القانوني لحماية تلك الحقوق، وذلك لأنه بدلا من الإنطلاق من البداية يتم اختصار كافة المراحل التي لم تؤت أكلها في تطوير المنظومة وتحقيق أهدافها، وبالتالي قطع شوط لا بأس به، خاصة إذا كانت هذه المقارنة في نظم متقدمة في مجال حماية الحقوق والحريات الأساسية.

ومما لا شك فيه أن الحقوق والحريات الأساسية تعد أحد الموضوعات الرئيسية التي تقوم عليها الدساتير المعاصرة، ونظرا لتلك الأهمية، فإن المشرع الدستوري غالبا ما ينص على تلك الحقوق في صلب الوثيقة الدستورية. وهنا تتباين مواقف الدساتير من هذا النوع : فمنها ما ينص على تلك الحقوق ويحيل أمر تنظيمها إلى المشرع سواء بواسطة قوانين أساسية lois organiques أو بواسطة قوانين عادية lois ordinaires  هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن بعض الدساتير تحيل إلى المواثيق والإتفاقيات الدولية أو الإقليمية المتعلقة بتلك الحقوق دون أن تقوم بتعدادها وحصرها.[24]

ولا يمكن التقليل من أهمية النص على تلك الحقوق والحريات، لأن ذلك بحد ذاته يشكل ضمانة فعلية لحمايتها، ولكن النص الصريح على الحقوق والحريات ليس كافيا ما لم يقترن بضمانة أخرى تتمثل في الرقابة على دستورية القوانين سواء عن طريق الدعوى الأصلية أو الفرعية (المطلب الأول). وسنركز على الحماية الدستورية عن طريق الدعوى الإحتياطية AMPARO ، كآلية جد متطورة لحماية الحقوق والحريات الأساسية في (المطلب الثاني).

تعتبر الدعوى الدستورية الأصلية والدعوى الفرعية من بين أهم الآليات التي يتم بواسطتها حماية الحقوق والحريات من طرف القضاء الدستوري، والتي تتيح للأفراد الدفاع عن حقوقهم من أي انتهاك قد يطالها.

   الفقرة الأولى :  الرقابة القضائية بطريقة الدعوى الأصلية المباشرة (رقابة الإلغاء)

تحدث الرقابة بطريقة الإلغاء أو الدعوى الأصلية controle parvoie daction  عندما يقوم صاحب الشأن المتضرر من قانون معين بالطعن فيه مباشرة أمام المحكمة المختصة طالبا إلغائه لمخالفته الدستور , دون أن ينتظر تطبيق القانون عليه في دعوى من الدعاوى القضائية , فإذا ما ثبت للمحكمة المختصة أن القانون المطعون فيه يمس أحد الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، فإنها تحكم بإلغائه بحيث كأن لم يكن أو إنهاء حياته بالنسبة للمستقبل طبقا لأحكام الدستور التي تنظم الرقابة الدستورية.[25]

وقد يكون هذا الحكم قبل صدور القانون المخالف للدستور، فتسمى رقابة الإلغاء السابقة أو بعده فتسمى رقابة الإلغاء اللاحقة. وبسبب خطورة الأثر المترتب على هذا الحكم والمتمثل بإلغاء تشريعات البرلمان، حرصت الدول على ان تمارسه محاكم دستورية عليا متخصصة أو أعلى درجات القضاء في الدولة، كما لم تجز الكثير منها للأفراد ان يطعنوا مباشرة في دستورية القوانين. بينما أجاز بعضها ذلك بطريق غير مباشر بان يتقدموا بالطعن بعدم دستورية قانون ما أمام بعض المحاكم، فان اقتنعت هذه المحكمة بجدية الطعن تقدمت به إلى المحكمة الدستورية[26].

أولا : رقابة الإلغاء السابقة

بعد تشريع القانون من قبل السلطة التشريعية المكلفة بإعداد القانون , يرسل القانون للتصديق عليه لغرض إصداره , وقد ترتئي الجهة الموكلة بالتصديق إرسال هذا القانون إلى محكمة خاصة يحددها الدستور , للتأكد من عدم تعارض القانون مع الدستور , فتحريك الرقابة يكون من السلطة , وليس من قبل الأفراد , وقد أخذ بهذا دستور ايرلندا لعام 1937 , حيث يتعين على رئيس الدولة إذا رغب بممارسة حق الرقابة أن يحيل القانون في ظرف سبعة أيام من تاريخ استلامه للقانون إلى المحكمة العليا , وبعد استشارت مجلس الدولة , أن تصدر حكمها في فترة لا تتجاوز الستين يوما , فإذا أصدرت المحكمة حكما بدستورية القانون المحال إليها وجب على رئيس الجمهورية التصديق عليه , وقد تبنت هذه الطريقة من الرقابة بعض دول أمريكا اللاتينية أمثال كولومبيا في دستورها لعام 1886 , وبنما في دستورها لعام 1904 , والإكوادور في دستورها لعام 1929 [27].

ثانيا : رقابة الإلغاء اللاحقة

وهي رقابة لاحقة على إصدار القانون أو هي وسيلة هجومية تسمح لبعض الجهات أو المراجع بالطعن في هذا القانون مباشرة أي بصورة مستقلة عن أي نزاع عن طريق الدعوى الأصلية [28].

فمضمون رقابة الإلغاء اللاحقة هو ما تضمنه الدستور ذاته من حق للأفراد أو لبعض السلطات في إقامة الدعوى والطعن المباشر في قانون ما باعتباره يمس “أحد الحقوق الدستورية وأمام محكمة معينة يقع ذلك من اختصاصها , فإذا ما اقتنعت تلك المحكمة بعدم دستورية القانون فإنها سوف تصدر قرارها بإلغائه ويكون هذا القرار نافذا” بالنسبة للجميع دون الاقتصار على مصلحة الطاعن , والمشكلة التي ستثور بهذا الشأن هي نوع المحكمة المختصة , هل هي المحكمة الدستورية , أم اختصاص المحاكم العادية , وقد اختلفت الدساتير بهذا الشأن بين إناطة الرقابة على دستورية القوانين بمحكمة قضائية أو إناطة ذلك بمحكمة خاصة كما أخذت بذلك سويسرا .[29]

فمن اخذ بالاتجاه الأول عهد إلى المحكمة العليا في الدولة أيا” كانت تسميتها محكمة اتحادية أو محكمة تمييز , إضافة لاختصاصاتها المدنية والجنائية وفي سويسرا عهد إلى المحكمة الاتحادية العليا الفصل بالدعاوى المتعلقة بانتهاك الحقوق الدستورية للمواطنين , غير أن هذه الرقابة محدودة نسبيا” إذ أنها لا تمتد إلى القوانين المشرعة من البرلمان الاتحادي , بل تقتصر على الدعاوى المقدمة ضد قوانين الكانتونات , وضد القرارات الصادرة من السلطات الأخرى في الكانتونات , فالدعاوى والطعون بالنسبة لهذه القوانين والقرارات تقبل على نطاق واسع جدا” سواء تعلقت بمخالفتها للدستور الاتحادي , ودستور الولاية , فلكل ذي مصلحة حالية أو مستقبلية أن يستفيد من هذا الحق في الطعن , بل أجاز الدستور السويسري للأفراد تقديم الطعون ضد قوانين الولايات ذات الصفة العامة حتى وان لم تكن هناك مصلحة للفرد كون المصلحة عامة , وهي المحافظة على سلامة الدستور , وقد أخذ بهذا الاتجاه الدستور الفرنسي في تعديل 23 يوليوز 2008 في (المادة 61)، وقد أتاح هذا التعديل و لأول مرة للأفراد الطعن بـــــالإحكام التشريعية (disposition législative) أمام القضاء العادي ، و نعني بالأحكام التشريعية النصوص التي اعتمدتها السلطة التشريعية ممثلة بالبرلمان الفرنسي بمجلسيه (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ)، ما يعني ان محل الطعن (الحكم الذي يُدفع بعدم دستوريته) يجب أن يكون حكما تشريعيا صُوّت عليه من قبل البرلمان.[30]

و يثار الدفع بعدم دستورية القانون أو مسألة أولوية الدستور ، كما اسماها القانون التنظيمي رقم 2009-1523 10/12/2009 المنظم (للمادة 61)، أمام المحاكم  و بمختلف درجاتها سواء أمام محاكم الدرجة الأولى أو الاستئناف أو النقض[31]. وبمختلف أنواعها سواء كانت ادارية تابعة لمجلس الدولة، أو عادية تابعة لمحكمة النقض يستثنى من ذلك المحاكم الجنائية (la cour d’assises) فلا يمكن إثارة الطعن أمامها ،  و مع ذلك يمكن إثارة الطعن في المراحل التي تسبق إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية أي الطعن أمام قاضي التحقيق (le juge d’instruction) أو المراحل التي تلي المحكمة الجنائية أي أمام محكمة الاستئناف أو محكمة النقض.

و يجب في الطعن بعدم دستورية النص التشريعي المقدم أمام المحكمة ان يكون مكتوبا ومسببا و منفصلا عن بقية إجراءات الدعوى الأخرى، عندها يجب على القاضي النظر في هذا الطعن مباشرة و دون تأخير معلنا “أولويته” على بقية إجراءات الدعوى ، ثم ينظر القاضي في الطعن فأن كان مقبولا و مستوفيا للشروط التي وضعها القانون التنظيمي في 10-12-2009 وجب عليها إحالة  القضية إلى محكمة النقض (ان كان قاضيا عاديا) أو مجلس الدولة (ان كان قاضيا إداريا) أما إذا رفض القاضي إحالة الطعن بسبب كونه غير مقبولا أو غير مستوف للشروط فأن قراره يكون  قابل  للطعن.

و بعد وصول الطعن إلى محكمة النقض أو مجلس الدولة – بحسب الاختصاص – يتم إخضاع الطعن لمزيد من الفحص و الدراســــة خلال مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر بعدها  يجب اتخاذ القرار إما بقبول الطعن وهذا يعني إحالته إلى المجلس الدستوري أو رفضه وهذا يعني منع إحالته إلى المجلس الدستوري وردهُ نهائيا ، ويكون قرار محكمة النقض أو مجلس الدولة في هذه الحالة نهائيا وغير قابل للطعن .[32]

   الفقرة الثانية : الرقابة القضائية بطريق الدفع الفرعي

في هذا النوع من الرقابة القضائية على دستورية القوانين , لا توجد دعوى بإلغاء قانون من القوانين لعدم دستوريته وإنما يتعلق الأمر بالدفع بعدم دستورية القانون المراد تطبيقه , يتقدم أحد أطراف النزاع في قضية معروضة أمام القضاء، و تأخذ شكلا ” دفاعيا” مقتضاه أن ينتظر صاحب الشأن الذي يراد تطبيق قانون معين عليه في قضية مطروحة أمام محكمة من المحاكم , ثم يدفع بعدم دستورية هذا القانون , فتتولى المحكمة بحث الأمر أي أن المحكمة في حالة الدفع بعدم الدستورية لا تقضي بإلغاء القانون وإنما تمتنع فقط عن تطبيقه في القضية التي أثير الدفع بمناسبتها ويظل القانون قائما” ويمكن أن تثار مسالة عدم دستوريته من جديد وذلك لان حكم المحكمة له حجية نسبية فلا يقيد المحاكم.[33]

بل ولا نفس المحكمة بالنسبة للقضايا التي تعرض عليها فيما بعد ذلك فان هذه الطريقة تعد أخف وطأة وأقل أثرا” من الطريقة السابقة التي تؤدي إلى إعدام القانون المخالف للدستور , ويرجح في الفقه والقضاء أن سكوت الدستور لا يمنع المحاكم من رقابة دستورية القوانين عن طريق الدفع الفرعي , لان القاضي في هذه الحالة إنما يغلب حكم القانون الأعلى على حكم القانون الأدنى , وذلك يدخل ضمن صلاحيات وظيفته , وقد أخذت كثير من الدول بهذه الطريقة دون نص من الدستور , منها الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحكم الشهير الذي أصدره القاضي marshall  عام (1803) , ومن البلاد التي أخذت بها كذلك اليونان , والنرويج , وقد نصت بعض الدساتير صراحة على ذلك كدستور اليابان الصادر عام (1946) [34].

والظاهر أن قضاء المحاكم الأمريكية في مجال الرقابة الدستورية هو قضاء امتناع عن التطبيق , ولكن أثر هذا القضاء يزداد قوة بفضل نظام السوابق القضائية النافذ في الولايات المتحدة , وبمقتضى هذا النظام أن كل محكمة تتقيد بالحكم الذي أصدرته . وتتقيد به المحكمة التي في درجتها , وكذلك المحكمة الأدنى درجة , فالحكم الصادر من المحكمة العليا وهي أعلى محكمة في الاتحاد بعدم دستورية أي قانون يقيدها كما يقيد سائر المحاكم الاتحادية , ومحاكم الولايات , وهكذا يتضح من قضاء المحاكم الأمريكية انه قضاء امتناع عن التطبيق مؤسس على نظام السوابق القضائية , ويقترب هذا القضاء من حيث النتائج العملية في هذه الحالة من قضاء الإلغاء , إلا أنه لا يزال متميزا” عنه ومختلفا” في آثاره من حيث وجود القانون بالنسبة لقضاء الامتناع وزوال القانون من الوجود بالنسبة لقضاء الإلغاء , وتبرير ذلك أن المحكمة العليا وان كانت مقيدة بالأحكام الصادرة منها إلا انه من المتصور أن تتطور الظروف على نحو يحملها على العدول عن قضائها السابق وعندها يستأنف ذلك القانون نفاذه [35].

الدعوى الدستورية الإحتياطية كوسيلة لحماية الحقوق والحريات الأساسية، تأتي في مرحلة ما بعد استنفاد كافة طرق التقاضي سواء النظامي أو الإداري أو الدستوري وتحديدا في كل من النظام الدستوري النمساوي مهد نشأة مثل هذه الحماية، والألماني والإسباني والذي طور النظام الدستوري لهذا النوع من الحماية بحيث أصبح شائعا، وتكاد تكون الأكثر استخداما أمام المحكمة الدستورية الإسبانية من قبل الأفراد، وهذا غير مستغرب، لأنها الوسيلة الوحيدة التي تمكن الأفراد من ذوي المصلحة أو غيرهم اللجوء للقضاء الدستوري لحماية الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في الدساتير.[36]

الفقرة الأولى : ماهية الدعوى الدستورية الإحتياطية لحماية الحقوق والحريات الأساسية

  أولا : مفهوم الدعوى الدستورية الإحتياطية لحماية الحقوق والحريات الأساسية

تعتبر الدعوى الدستورية الإحتياطية من ابتداع المشرع الدستوري الألماني والذي أخذ بها. واعتبرها كمرحلة نهائية لتعزيز الحقوق والحريات الأساسية، ويقصد بهذه الدعوى ذلك الإجراء القانوني الذي من خلاله يتمكن صاحب المصلحة أو غيره من اللجوء إلى المحكمة الدستورية طالبا منها التدخل من أجل حماية حقه أو حريته التي تم انتهاكها سواء جراء إصدار تشريع أو عمل قانوني من السلطة أو عمل قضائي وذلك بعد استنفاد كافة الإجراءات القانونية العادية أو غير العادية سواء كانت الإجراءات أمام الجهة التي أصدرت العمل أو أمام الجهات القضائية ذات الإختصاص مع التقيد بالشروط والآجال التي حددها المشرع الدستوري.[37]

بناءا عليه يمكن تحديد الدعوى الدستورية الإحتياطية وفقا للنظام النمساوي والإسباني والألماني بأنها تقوم على العناصر الآتية : [38]

والسؤال الذي يطرح نفسه، يدور حول الطبيعة القانونية أو التكييف القانوني للدعوة الإحتياطية، هل تعتبر دعوى قضائية عادية، ومن ثم تعتبر درجة من درجات التقاضي؟

ثانيا : التكييف القانوني للدعوى الدستورية الإحتياطية

لم تشر التشريعات الدستورية إلى الطبيعة القانونية للدعوى الدستورية الإحتياطية، ويعتقد أن هذا التوجه من المشرع هو لإفساح المجال للفقه والقضاء لتحديد هذه الطبيعة، لان التكييف القانوني ليس من عمل المشرع، وإنما هو عمل قضائي بحت يتم تكريسه من خلال الإجتهادات القضائية. وهذا هو حال التجربة الألمانية فلم يحدد المشرع الدستوري الفيدرالي الألماني طبيعة الدعوى الدستورية الإحتياطية في المادة (93) الفقرة الأولى البند الرابع(4/1/93)، وهذا أيضا موقف المشرع الفيدرالي في القانون التنظيمي للمحكمة الفيدرالية الألمانية LOTFA في المواد (90) وما بعدها. وعليه فإنه يتوجب البحث في اجتهاد المحكمة الفيدرالية لتحديد موقفها من الطبيعة القانونية للدعوى الدستورية الإحتياطية.

وتأسيسا على الاجتهاد المستقر لتلك المحكمة فإنها أرست معيارا عاما يبين تلك الطبيعة، حيث إنها أقرت بأن الدعوى الدستورية الإحتياطية ليست استئنافا بديلا أو طريقا للطعن بأحكام المحاكم العادية أو الإدارية، وإنما هي ذات طبيعة استثنائية يتم تحريكها من قبل الأفراد أمام المحكمة الفيدرالية من أجل وضع حد ومنع تدخل السلطات العامة في حقوقهم الأساسية وانتهاكها[44].

الفقرة الثانية : النظام القانوني للدعوى الدستورية الإحتياطية لحماية الحقوق والحريات  .                الأساسية   

تعتبر الدعوى الأساسية الإحتياطية لحماية الحقوق والحريات الأساسية من الدعاوى القضائية، وبالتالي فإنها تخضع للنظام الإجرائي الذي تخضع له الدعوى الدستورية الأصلية، ولكن نظرا لطبيعتها الخاصة والاستثنائية فإنها تتقيد بمجموعة من الضوابط تميزها عن غيرها من الدعاوى التي تهدف لحماية الحقوق والحريات الأساسية.

أولا : المحل في الدعوى الدستورية الاحتياطية

مما لا شك فيه أن لكل  دعوى محلا، ونقصد هنا بمحل الدعوى الدستورية الاحتياطية الأعمال القانونية، وغيرها من الأعمال الصادرة عن السلطات العامة ذات الصلة بالحقوق والحريات الأساسية التي أسبغ عليها المشرع الدستوري الحماية الدستورية. وعليه فإن محل الدعوى الدستورية الاحتياطية أو نطاقها يتحدد بنصوص دستورية خاصة نظرا للطابع الاستثنائي لهذه الدعوى، لأن الأصل أن الدعوى الدستورية الأصلية يتحدد نطاقها بالأعمال التشريعية الصادرة عن السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص الأصلي، أو تلك الأعمال التي لها قوة القانون والصادرة عن السلطة التنفيذية استنادا لصلاحياتها التشريعية الاستثنائية كاختصاصها بإصدار مراسيم تشريعية بموجب التفويض التشريعي لها، أو مراسيم بقانون والتي تصدرها أثناء غيبة البرلمان سواء بسبب الحل أو عدم الانعقاد، وبالتالي فإن محل الدعوى الدستورية الأصلية لا يخرج عن هذا النطاق، ولا تنصب على غير تلك الأعمال القانونية.[45]

أما الدعوى الدستورية الاحتياطية، فإن محلها أوسع نطاقا من ذلك، بحيث يشمل أعمالا أخرى[46]. أبرزها أعمال السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وكذا السلطة القضائية.

ثانيا : الآثار المترتبة على الفصل في الدعوى الدستورية الإحتياطية

تعتبر الدعوى الدستورية الإحتياطية إحدى الآليات الدستورية التي يمكن من خلالها تفعيل الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية، وذلك من إثارة موضوع مدى مشروعية النظام الذي تم تبني العمل استنادا إليه، أو مدى دستورية القانون الذي صدر العمل بمقتضاه، أو مدى صحة تطبيق النظام أو القانون إذا ثبتت مشروعية الأول (النظام) ودستورية الثاني (القانون). وطالما أن الدعوى الدستورية الإحتياطية لا تخرج عن هذا الإطار فلا مرية من القول إن الآثار المترتبة على الفصل فيها لا يختلف عن الفصل في الدعوى الأصلية أو الدفوع الدستورية، اللهم إلا فيما يتعلق ببعض الجوانب، خاصة تلك المتعلقة بنطاق الدعوى الدستورية الإحتياطية ،في شكله الموسع، بحيث يشمل أعمال السلطة الإدارية والسلطة القضائية إذا ما كان انتهاك للحقوق الأساسية من جراء اتخاذ تلك الأعمال.[47]

واستنادا إلى ما سبق، فإننا سنحاول التوقف بإيجاز عند الآثار المترتبة على الفصل في الدعوى الدستورية الإحتياطية، وذلك بالتوقف ابتداءا على أن المحكمة الدستورية، ومن خلال هيئاتها، تدقق الدعوى شكلا، فإما أن تقبلها أو تردها في حال عدم توافر شروطها[48]، وخاصة شرط استنفاد كافة طرق الطعن سواء منها العادية أو الإدارية. أما إذا توافرت شروطها فإنها تقرر قبول الدعوى، وتباشر التدقيق في موضوعها. ومن خلال تدقيق المحكمة لموضوع الدعوى الدستورية الإحتياطية، يمكن لها أن تصدر حكما يكون محله واحدة من الحالات التالية [49]:[50]

هذا فيما يتعلق بالآثار المباشرة للفصل في الدعوى الدستورية الإحتياطية، أما الآثار غير المباشرة، فأهمها أن الدعوى الدستورية الإحتياطية قد تؤدي إلى مسألة البحث في دستورية قانون ما. حيث إنه إذا تبين للهيئة المصغرة أثناء تدقيقها للدعوى الدستورية الإحتياطية أن القانون يمس أحد الحقوق الأساسية أو الحريات العامة، فإنها تحيل الأمر إلى المحكمة بهيئتها العامة لبحث دستورية القانون الذي صدر، استنادا إليه العمل محل الدعوى الدستورية الإحتياطية، بحيث إذا ثبت عدم دستوريته تصدر حكما بعدم دستورية القانون[52] ،ويترتب على هذا الحكم من الآثار ما يترتب على الأحكام الدستورية بوجه عام سواء أصدرت استنادا للدعوى الأصلية أو استنادا للإحالة والدفوع الدستورية[53].[54]

 

خاتمة

لا شك أن الحقوق الأساسية والحريات العامة شكلت وما تزال نواة المبدأ الديمقراطي، وأن تطور هذا المبدأ مر بمراحل طويلة كان أبرزها ظهور وتكريس فكرة القضاء الدستوري المستقل في الدول التي أخذت بنظام مركزية الرقابة على دستورية القوانين لحماية الحقوق الأساسية والحريات العامة من انحراف السلطة التشريعية، وقد ظهر القضاء الدستوري بهذه الصورة منذ النصف الثاني من القرن العشرين في غالبية الدول الأوربية، لاسيما التجربة الألمانية والسويسرية والاسبانية، إضافة إلى التجربة الفرنسية، أما بالنسبة للتجربة النمساوية فإنها وإن عرفت القضاء الدستوري منذ فترة سابقة على ذلك، إلا أن الاحتلال الألماني لها أدى إلى تجميد دور المحكمة الفيدرالية الدستورية إلى أن حصلت على استقلالها في مطلع النصف الثاني من الأربعينات من القرن الماضي.

وعلى الرغم من أهمية الدور الذي لعبه القضاء الدستوري لحماية الحقوق والحريات، سواء من خلال الدعوى الدستورية الأصلية، أو من خلال الدفوع الدستورية، فإن تلك الدول لم تكتف بذلك، لأن ذلك لا يتناول حماية الحقوق والحريات من تعسف وانحراف السلطات العامة الأخرى. الأمر الذي دفع لتبني نظام دستوري احتياطي لتفعيل وتعزيز حماية الحقوق والحريات تمثل ذلك من خلال الأخذ بما سمي بالدعوى الدستورية الاحتياطية كآلية دستورية أخيرة يمكن أن تحقق الحماية الحقيقية للحقوق والحريات، من أعمال السلطات العامة الثلاث بعد استنفاد كافة وسائل الحماية الأخرى أمام الجهات القضائية في النظام القضائي.

وتأسيسا على ما سبق تحليله، فإننا نخلص للقول بأنه بالرغم من اتفاق الدول المشار إليها أعلاه للأخذ بالدعوى الدستورية الاحتياطية، فإنها لم تتبن نظاما متطابقا، بحيث إن هناك من الدول ما توسع كثيرا في تحديد نطاق ومحل تلك الدعوى والبعض الآخر حاول تضييق نطاقها، وعلى أية حال وبالرغم من ذلك الاختلاف في التنظيم، فإنه لا يمكن إنكار الدور الذي تلعبه هذه الدعوى في تحقيق الفاعلية للحقوق والحريات.

وترسيخ المبدأ الديمقراطي في تمكين الأفراد والأشخاص المعنوية من اللجوء مباشرة إلى جهة القضاء الدستوري لرفع الانتهاك أو المساس الذي يلحق بحقوقهم الدستورية. سواء أكان هذا المساس مصدره عملا برلمانيا أم عملا إداريا صادرا عن السلطة التنفيذية أم عملا من أعمال السلطة القضائية. وسواء أكان سبب هذا المساس عدم دستورية القانون الذي استند إليه في إصدارها أم نتيجة لخطأ في تطبيق نص قانوني دستوري أو كان سبب ذلك مخالفة نص قانوني دستوري. [55]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع

 

 

 

[1] – د. عبد الحميد متولي، “القانون الدستوري والأنظمة السياسية” الجزء الأول سنة 1963 ص232.

[2]  – احمد فتحي سرور الحماية الدستورية للحقوق والحريات-الشروق-الطبعة الاولى1999ص 5- 10

 

[3]  – أمين عاطف صليبا دور القضاء الدستوري في إرساء دولة القانون  المؤسسة الحديثة للكتاب لبنان طبعة 2002

 

[4]  – تعتبر الحقوق الأساسية كل الحقوق التي تنال حماية بواسطة المبادئ الدستورية سواء نص عليها الدستور صراحة أو استخلصت ضمنا رغم ورودها في قوانين عادية ودلك في ضوء ما نص عليه الدستور الايطالي في المادة الثانية

[5]  – اعتبرت الاتفاقات الدولية  جزء من القانون الاتحادي وتأخذ مرتبة الدستور الاتحادي وقد تضمنت معاهدة فيينا في 1955 نصوص تتعلق بالحقوق الأساسية ,كما ان انضمام النمسا إلى الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان له اثر في توزيع هده الحقوق.

[6]  – احمد فتحي سرور الحماية الدستورية للحقوق والحريات-الشروق-الطبعة الأولى1999-ص45- 47

[7]  – هذه الحقوق هي التي تحتويها التشريعات التالية دستور 1958 وتعديلاته الكاملة.النصوص التي أحالة إليها ديباجة الدستور.إعلان حقوق الإنسان والمواطن 1789.ديباجة دستور 1946 والمبادئ الاساسية التي اعترفت بها الجمهورية الفرنسية.الميثاق البيئي 2004.وهو نص له قيمة دستورية يكرس حقوق الانسان اقره البرلمان الفرنسي سنة 2004 واكتسب قيمة دستورية بعد الإشارة اليه في ديباجة دستور 1958.

[8]  – احمد فتحي سرور مرجع سابق-ص45- 46

[9]  – من امثلتها الحق في المساواة (المادة 14 )الحق في الحياة والكرامة الجسدية(المادة 15)الحرية الايديولوجية والدينية والثقافية(المادة 16(الحق في الحرية والأمن الشخصي(المادة 17)

[10]  – احمد فتحي سرور مرجع سابق

[11]  – نايف محمد راشد الكعبي ، رقابة المحاكم الدستورية  “دراسة مقارنة ” إطروحه لنيل الدكتوراه في الحقوق ، جامعة الحسن الثاني  ، لسنه الجامعيه 2010  – 2011 ص                       115

[12]  – احمد فتحي سرور- مرجع سابق ص 153

[13]  – د. عيد احمد حسبان ، الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية ، المجلة الشريعة عدد 28 ، 2006 .

[14]  – إبراهيم محمود السيد للبيدي ، صور الرقابة الدستورية وحقوق الإنسان www.policemc.gov.bh

[15]  – نايف محمد راشد الكعبي ، رقابة المحاكم الدستورية  “دراسة مقارنة ” إطروحه لنيل الدكتوراه في الحقوق ، جامعة الحسن الثاني  ، لسنه الجامعيه 2010  – 2011 ، ص 114 .

[16]  –  د أشرف اسماعيل عزب ، حسين سالم والقضاء الاسباني ، اليوم السابع  http://www.youm7.com

[17]  – يعتبر محامي الشعب في أسبانيا افضل دليل علي حيوية الديمقراطية الاسبانية ، تنحصر مهمته الاساسية في الدفاع عن سيادة الدستور ومصالح الجماعة .

[18]  – د. يحيي الجمل ، أنظمة الرقابة الدستورية . http://droit.3oloum.org

[19]  – د. علي عيسي اليعقوبي ، تعديل الدستور 23 تموز 2008 ، وأثره في تطوير الرقابة علي دستورية القوانين في فرنسا . http://hamoudi.org/arabic/dialogue-of-intellenct/22/05.htm

[20]  – قانون المحمكة الدستورية رقم 48 لسنه 1979 .

[21]  – إبراهيم محمود السيد للبيدي ، صور الرقابة الدستورية وحقوق الإنسان  . www.policemc.gov.bh

[22]  – د. احمد فتحي سرور ، الحماية الدستورية للحقوق والحريات ، مرجع سابق ، ص 182 ،

[23]  – محمد زين الدين ، الأبعاد الحقوقية  للمحكمة الدستورية المغربية ، صحيفة الخبر ،2013 http://www.alkhabar.ma

[24] – د. عيد أحمد الحسبان “الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية” ، مجلة الشريعة ، العدد 28 ،رمضان 1427ه/أكتوبر 2006م . ص 322- 323 http://sljournal.uaeu.ac.ae/issues/28/docs/4.swf

[25] –  د. عبد الغني بسيوني عبد الله – النظم السياسية والقانون الدستوري – مطبعة الدار الجامعية – 1992 .ص 560- 561

[26] – د.إسماعيل مرزة – مبادئ القانون الدستوري والعلم السياسي – دار الملاك للفنون والآداب والنشر, بغداد ط 3  2004 ص 93

[27] – د. حسان محمد شفيق العاني – الأنظمة السياسية والدستورية المقارنة- مطبعة جامعة بغداد 1986. ص 225

 

[28] – خليل الهندي وأنطوان الناشف , المجلس الدستوري في لبنان , المؤسسة الحديثة للكتاب , طرابلس – لبنان 1998 ص 83.

 

[29] – حسن طاهر المحنة “الرقابة على دستورية القوانين” رسالة الماجستير ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، كلية القانون والعلوم السياسية تحت إشراف د. مازن ليو راضي ،  العراق 1429ه/ 2008م . ص 60.

[30] – د. علي عيسى اليعقوبي بحث بعنوان: ” تعديل 23 تموز 2008 وأثره في تطور الرقابة على دستورية القوانين في فرنسا” ، كلية الحقوق، كليرمونت فيرون ، جامعة اوفيرن الفرنسية.

[31] – FAVOREU, Louis. Droit constitutionnel. p170

[32] – د. علي عيسى اليعقوبي بحث بعنوان: ” تعديل 23 تموز 2008 وأثره في تطور الرقابة على دستورية القوانين في فرنسا” ، كلية الحقوق، كليرمونت فيرون ، جامعة اوفيرن الفرنسية.

[33] – د. ماجد راغب الحلو – القانون الدستوري – دار المطبوعات الجامعية ,الإسكندرية 1997 . ص 27 .

[34] – د. ماجد راغب الحلو – النظم السياسية والقانون الدستوري – منشأة المعارف الإسكندرية – الطبعة الثانية 2005. ص 444.

[35] – د. إسماعيل مرزة – مبادئ القانون الدستوري والعلم السياسي – دار الفنون للآداب والنشر- الطبعة الثالثة 2004 . ص 189-190.

[36] – د. عيد أحمد الحسبان “الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية” ، مجلة الشريعة ، العدد 28 ،رمضان 1427ه/أكتوبر 2006م . ص 323- 324   http://sljournal.uaeu.ac.ae/issues/28/docs/4.swf

[37] – نفس المرجع السابق ص 325- 326 .

[38] – نفس المرجع السابق ص 326 .

[39] – المادة 2/53 من الدستور الاسباني 1978 والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 1-311 بتاريخ 29-12-1978 .

[40] – تتألف المحكمة الدستورية الاسبانية من اثني عشر قاضيا يتم تعيين عشر منهم من قبل الملك بناء على اقتراح أربعة من قبل مجلس النواب وأربعة باقتراح من مجلس الأعيان واثنين باقتراح من الحكومة. ويقوم المجلس الأعلى للهيئات القضائية بتعيين عضوين (المادة 1/159 من الدستور الاسباني).

[41] – تتألف المحكمة الدستورية الفيدرالية في ألمانيا من ستة عشر عضوا بحيث يتم اختيار ثمانية من قبل المجلس الوطني Bandestag ، وثمانية من قبل المجلس الفيدرالي Bandestat .

[42] – AlBercht Weber , Jurisdiccion constitucional en Europa occedinntal, R.E.D.C, N. 17, 1986, p.1986

[43] –  حدد الأجل لرفع الدعوى الدستورية الاحتياطية إذا كان محلها عملا إداريا خلال عشرين يوما من اكتساب العمل الصفة القطعية ( م 3/2/43) من القانون الأساسي للمحكمة الدستورية الاسبانية ، وهو ذات الأجل المحدد للطعن بأعمال السلطة القضائية ( م 2/44) من القانون أعلاه، أما أعمال البرلمان غير التشريعية فثلاثة أشهر من اكتساب الصفة النهائية وفقا للمادة 42 من قانون المحكمة أعلاه.

[44] – Tribunales Constitucionales Y Derechos Fundamentales, C.E.C, Madrid, 1994, P.167 .

[45] – د. عيد أحمد الحسبان “الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية” ، مجلة الشريعة ، العدد 28 ،رمضان 1427ه/أكتوبر 2006م . ص 341  http://sljournal.uaeu.ac.ae/issues/28/docs/4.swf

[46] – نفس المرجع السابق ص 341 .

[47] – د. عيد أحمد الحسبان “الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية” ، مجلة الشريعة ، العدد 28 ،رمضان 1427ه/أكتوبر 2006م . ص 357  http://sljournal.uaeu.ac.ae/issues/28/docs/4.swf

[48] – المادة 53 من قانون المحكمة الدستورية الاسبانية

[49] – المادة 1/55 من قانون المحكمة الدستورية الاسبانية.

[50] – د. عيد أحمد الحسبان “الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية” ، مجلة الشريعة ، العدد 28 ،رمضان 1427ه/أكتوبر 2006م . ص 358  http://sljournal.uaeu.ac.ae/issues/28/docs/4.swf

[51] – حكم المحكمة الدستورية الاسبانية رقم 1994/22 بتاريخ 1994/7/18 ، والحكم 1996/22 بتاريخ 1996/2/12 ، والمتعلقان بتطبيق الأثر الرجعي للحكم الدستوري كوسيلة من أجل إعادة الحق والتمتع به. وكذلك الحكم 1997/159 بتاريخ 1997/10/2 والذي أكدت فيه أثر الحكم بعدم الدستورية على الدعوى الدستورية الاحتياطية.

[52] – المادة 2/55 من قانون المحكمة الدستورية الاسبانية، وأصدرت المحكمة عدة أحكام بهذا الخصوص منها : الحكم 1981/34 بتاريخ 1981/11/10 ، والحكم 1983/65 بتاريخ 1983/7/21 والحكم 1989/45 بتاريخ 1989/2/20 ، وجميعها صدرت استنادا إلى الإحالة من قبل الهيئات المصغرة للمحكمة لتلك القوانين المشكوك بعدم دستوريتها إلى المحكمة بهيئتها العامة.

[53] – حددت المواد 37، 38 من القانون الأساسي للمحكمة الدستورية الاسبانية تلك الآثار. حيث نصت المادة 37 على أنه: (… يمكن للمحكمة رد الدفع بعدم الدستورية والإحالة في حال عدم توفر شروطها الإجرائية… ويجب أن يكون قرارها مسببا). أما المادة 1/38 فحددت آثار الحكم بعدم الدستورية بحيث إن: (أ- الحكم بعدم الدستورية الصادر استنادا لإحالة قاضي الموضوع أو الدعوى من صاحب المصلحة، يحوز قوة الشيء المقضي به في مواجهة السلطات العامة، وتكون ذات حجية مطلقة بنشرها في الجريدة الرسمية للدولة. ب – لا يمكن إثارة الطعن بعدم الدستورية مرة أخرى في الحالة التي فصل فيها الحكم الدستوري. ج – تقوم المحكمة الدستورية بإعلام الجهة القضائية التي تنظر دعوى الموضوع بالحكم، وتقوم هذه الأخيرة بإعلام الأطراف المعنية، ويكون للحك أثره بالنسبة لمحكمة الموضوع من تاريخ عمله بالحكم والأطرتف من تاريخ تبليغهم به).وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية الاسبانية أصدرت العديد من الأحكام بهذا الخصوص ، حيث استقر اجتهادها على أن الحكم بعدم الدستورية هو حكم كاشف لعيب عدم الدستورية، وبالتالي إلغاء القانون المعيب بعدم الدستورية ومن بين الأحكام الحكم 1983/66 بتاريخ 1983/7/21 والحكم 1994/166 بتاريخ 1994/5/26 . حيث أكدت على إلغاء النصوص القانونية المعلن عدم دستوريتها.

[54] – د. عيد أحمد الحسبان “الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية” ، مجلة الشريعة ، العدد 28 ،رمضان 1427ه/أكتوبر 2006م . ص 359  http://sljournal.uaeu.ac.ae/issues/28/docs/4.swf

 

Exit mobile version