Site icon مجلة المنارة

الرقابة الداخلية في تدبير صفقات الجماعات الترابية على ضوء مرسوم الصفقات الجديد ل 20 مارس 2013

الرقابة الداخلية في تدبير صفقات الجماعات الترابية على ضوء مرسوم الصفقات الجديد ل 20 مارس 2013

 

يونس وحالو

باحث في القانون العام

 

 

مقدمة :

لم تعد وظيفة الدولة تقتصر على الأمن والقضاء وحفظ النظام العام، بل تجاوزت ذلك لتتدخل في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية لتتحول بذلك من دولة حارسة إلى دولة متدخلة، ومواكبة لكل تطورات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بهدف الوصول إلى التنمية الشاملة ، فمشاكل الأخيرة الاقتصادية والاجتماعية واللجوء إلى الوسائل التقنية الحديثة لتدبير الاقتصاد العصري ألزمت مختلف الحكومات على تحمل مسؤوليتها بدرجات متفاوتة تختلف من مجتمع لآخر، ولذلك كان عليها البحث عن الأساليب الكفيلة المادية والقانونية التي تساعدها على تحقيق أهدافها وبرامجها.

ومن أهم هذه الوسائل نجد الصفقات العمومية هذه الآلية التي تطورت وظائفها باتساع القطاع العام فتحولت من مجرد أسلوب تقني محايد وطريقة قانونية مجردة تستخدمها الإدارة من أجل الحصول على حاجياتها إلى أداة من أدوات السياسة العامة وهيأتها لبلوغ أهدافها التنموية وتنفيذ برامجها الاقتصادية والاجتماعية ووسيلة لترجمة التوجهات التنموية لها داخل مسلسل النهوض بالأوضاع المختلفة.

هذا وقد عرف نظام الصفقات العمومية عدة تطورات تاريخية قبل أن يصير على شكله الحالي، فبالإضافة إلى تنظيمه عدة مرات خلال فترة الحماية منذ معاهدة الجزيرة الخضراء 1906 وما بعدها فهو عرف أيضا تعديلات منذ حصول المغرب على استقلاله بدءاً بمرسوم 19 ماي 1965 المتعلق بإبرام صفقات الأشغال والتوريدات والخدمات المبرمة لحساب الدولة، حيث حاول المشرع المغربي من خلاله تجميع الشتات القانوني في وثيقة واحدة يسهل الرجوع إليها، جاعلا من المناقصة الأسلوب الأساسي لإبرام الصفقات العمومية تحت ذريعة تحقيق أكبر وفر مالي للإدارات العمومية([1]). وفي محاولة لتدارك الثغرات التي اتسم بها مرسوم 1965 الذي أعطى الأولوية للثمن على الجودة، جاء مرسوم 14 أكتوبر 1976 بمجموعة من التغيرات الجذرية على إبرام الصفقات العمومية فلم يرتكز على تقليص الثمن بل أعطى اهتماما أساسيا بالجودة فخول للإدارة سلطات واسعة في اختيار المقاولين والموردين الأكفاء والمستوفين للمعايير والشروط المحددة من قبل الإدارة([2])، ولم تعد مسطرة المناقصة مسطرة إلزامية (كما هو الشأن مع مرسوم 19 ماي 1965) لإبرام الصفقات العمومية([3]) بل تم توسيع مجال طلب العروض إلى جانب المناقصة في شكل متساوي إضافة إلى توسيع حالات الاتفاق المباشر وإحداث صفقات الأشطر([4])، وتم تعزيز هذا المسار التاريخي الذي سلكه نظام الصفقات العمومية بالمغرب بالإصلاح القانوني المتمثل في مرسوم 30 دجنبر 1998 والمتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض المقتضيات المتعلقة بمراقبتها وتدبيرها ليستجيب لمطالب الفاعلين في الحقل القانوني، والذي يشكل منعطفا أساسيا في تاريخ المنظومة التشريعية التي تعاقبت على المغرب في ميدان الصفقات العمومية، وصولا إلى وضع رؤية عصرية لنظام إبرام الصفقات العمومية تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والمالية والاجتماعية للصفقات([5]).

ومن المستجدات التي جاء بها المرسوم السابق للصفقات العمومية ل 30 دجنبر 1998 تحديد التوجهات الكبرى التي ينبغي أن تؤطر تدبير الصفقات، ويمكن تحديدها في أربعة محاور أساسية ([6]):

وعموما فإن إصلاح 1998 وإن كان قد حاول من خلال مقتضياته أن يستجيب لتطلعات الإدارات العمومية وانتظارات المقاولات في مجال تدبير الصفقات، فإن الممارسة العملية أبانت عن وجود مجموعة من الإختلالات خاصة عندما يتعلق الأمر بغياب إمكانية الطعن في عدم احترام مقتضيات القوانين الجاري بها العمل، وبصعوبة تدبير بعض الإجراءات في حالة الاستعجال مما يؤدي إلى قبول المتعهد صاحب العرض الأقل كلفة لاحترام شروط الرقابة، ناهيك عن ما أبانه من صعوبته لإثبات حالات الاختلاس والغش… ومن هذا المنطلق بات من اللازم إعادة صياغة النص القانوني بما يتوافق مع الظرفية الراهنة للبلاد واستجابة للمتطلبات الداخلية والخارجية([7])، ولهذه الغاية عمل المشرع المغربي على إصدار المرسوم رقم 388-06-2 صادر في تاريخ 16 محرم 1428 (5 فبراير 2007) المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها، وقد جاء في بيان الأسباب الداعية إلى إعداد وإصدار هذا القانون جملة من الإعتبارات الموضوعية الحركية التي يعيشها المغرب على أكثر من صعيد ومستوى يذكر منها:

إضافة إلى كون هذا القانون توخى الدقة في المفاهيم وتبسيط المقتضيات وأجاب عن العديد من الأسئلة والتساؤلات التي لم يجب عنها القانون السابق أي مرسوم 30 دجنبر 1998([8]).غير أنه تم الوقوف بعد وضع مرسوم 5 فبراير 2007 حيز التطبيق على مجموعة من الاختلالات والنقائص أصبح من اللازم معالجتها ضمن المحاور التالية([9]) :

ـ تدعيم وحدة الأنظمة المؤطرة للصفقات العمومية

ـ تبسيط وتوضيح المساطر

ـ تدعيم المنافسة والمساواة بين المتنافسين

ـ تدعيم منظومة الشفافية وتخليق تدبير الطلبيات العمومية

ـ تحديث وإدخال تكنولوجيا الإعلام والتواصل في ميدان تدبير الطلبيات العمومية

ـ تحسين الضمانات الممنوحة للمتنافسين وآليات تقديم الطعون والشكايات

ـ الأخذ بعين الاعتبار حماية البيئة

فما المقصود بمفهوم الصفقات العمومية؟.

ويقصد بالصفقة من الناحية اللغوية ضرب اليد على يد أخرى، وهكذا يقال صفق على يده أي ضرب يده على يده، وذلك علامة على حصول اتفاق ولهذا أطلقت كلمة صفقة على التعاقد الذي يهدف إلى إنجاز أشغال أو توريدات أو خدمات.

أما كلمة عمومية فيقصد بها الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية الأخرى سواء الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية.

وهكذا تطلق عبارة الصفقات العمومية على العقود التي تبرمها الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية الأخرى مع المقاولين أو الموردين أو الخدماتيين بهدف إنجاز الأعمال المطلوبة من أشغال عمومية وتوريدات وخدمات([10]).

وهي عقد بمقتضاها يلتزم أحد الأشخاص ذاتيا أو معنويا اتجاه شخص عمومي بإنجاز لحساب وتحت مسؤولية هذا الأخير مشروعا عاما، أو القيام بتوريدات أو خدمات تهم تسيير مرفق عمومي مقابل ثمن محدد وطبقا للشروط المنصوص عليها في العقد”([11]).

و الصفقة “عقد خاص بمقتضاه يتعهد شخص خاص أمام شخص عام بإنجاز شغل أو عمل معين لحساب الشخص العام وتحت مراقبته”([12]).

وقد عرفها المشرع المغربي في المادة 4 من مرسوم 20 مارس 2013 بأنها “كل عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من جهة وشخص طبيعي أو معنوي من جهة أخرى، يدعى مورد أو مقاول أو خدماتي، ويهدف وفق التعريفات الواردة بعده إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات”[13].

وتعتبر الصفقات العمومية عقودا إدارية بقوة القانون وذلك بالنظر إلى أن هذا الأخير هو الذي وضع لها نظاما قانونيا خاصا، وهي ما يطلق عليها العقود الإدارية المسماة بمعنى العقود التي أصبغ عليها المشرع وصف الإدارية وسماها([14]).

ولقد جاء المرسوم 20 مارس 2013 الخاص بصفقات الدولة والذي يسري على الجماعات الترابية[15] بفلسفة جديدة تتجلى في تحسين مساطر إبرام الصفقات العمومية وذلك بتحديد طرق إبرامها([16])، وبما أن الأمر يتعلق بصرف أموال عامة للدولة أو لأحد الأشخاص العامة التابعين لها، فلابد أن تصرف هذه الأموال في محلها  وبصفة شرعية، ومن أجل تحقيق هذا الهدف فعادة ما تحدد بدقة وبوضوح التفاصيل الخاصة بإبرام الصفقات العمومية([17]) ، وبما أن الصفقة العمومية عقد اداري فإنها تفتقد لخاصية معروفة تنبني عليها العقود المدنية، والتي تكون فيها للجهة المتعاقدة الحرية الكاملة في اختيار المتعاقد معها، حيث يخضع هذا الأخير في المجال الإداري لأساليب محددة تشكل في ذاتها قيدا على حرية الإدارة في اختيار المتعاقدين معها، وذلك بغرض الحصول على أفضل متعاقد من الناحيتين المالية والفنية تحقيقا للمصلحة العامة([18])، وتبعا لذلك فإن الإدارة تجد نفسها مقيدة بإجراءات قانونية من حيث عملية التعاقد ومن حيث اختيار من ستتعاقد معه، وتتراوح هذه الإجراءات بين الشدة واللين حسب الأمر وموضوع التعاقد([19]). ومن نافلة القول أن المشرع لم يفرض التقيد بهذه المساطر  في إبرام الصفقات العمومية إلا لتتم وفق كامل الشرعية والنزاهة حتى يصل إلى الطلبيات العمومية المتعهد المؤهل والمستحق([20])، وهو الشيء الذي يجعل المرور بهذه المساطر تفصيلا أمر حتمي للوقوف على الضوابط المتحكمة في مثل هذه الإجراءات القانونية.

واحترام المساطر والإجراءات ومعايير الانتقاء هي من لوازم العمل التعاقدي المشروع للإدارة  وهذا لن يتأتى إلا برقابة واسعة في مقابل السلطة التي تمنح للجماعات الترابية  في ابرام صفقاتها فكما يقال فإن ” كل سلطة بدون رقابة تؤدي إلى حماقة” ، وبالتالي فعنصر الرقابة يعد افرازا طبيعيا لممارسة السلطة ، وذلك لمحورية دورها في تحديد الضوابط وحدود كل تصرف ، وتحكم عمل الادارة بكل الضمانات القانونية درءا لأي انحراف وخرق للقانون قد تخل بالعمل التعاقدي سواء من لدن صاحب الصفقة (المقاول) أو من لدن صاحب المشروع (الجماعة المعنية) .

والرقابة هي مجموعة من التقنيات والآليات الهدف منها كشف الشوائب والإختلالات في الوقت المناسب واتخاذ التدابير  بصدد هذه الإختلالات وتصحيحها حماية للمال العام([21])، وتصب الرقابة في اتجاه واحد وهو تدبير الاموال العمومية والمحافظة عليها، ومن ثم التأكد من أن الإنفاق العام قد تم وفق القوانين واللوائح التنظيمية الجاري بها العمل، وأن الموارد العمومية قد حصلت واستخدمت أحسن استخدام أو استعمال. وباعتبار أن الصفقات العمومية هي نفقة من النفقات العمومية فإنها تخضع لرقابة واسعة الهدف منها هو ضمان مطابقة الصفقة للأهداف المنشودة من وراء إبرامها، ومطابقتها للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

وتعزيز عنصر الرقابة في ميدان الصفقات العمومية خاصة التي تبرمها الجماعات الترابية نابع من المشاكل التي تعرف على المستوى العملي والدليل على ذلك ما سجله مثلا التقرير السنوي([22]) للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2005 بحيث أن حسابات الجماعات الترابية التي قدمت خلال السنوات السابقة لسنة  2003 سجل فيها:

– 1136 حسابا من أصل 2138 بنسبة 53,13% و 628 حسابا لم تقدمه من أصل 3046 حساب غير مقدم بنسبة 20,61%.

ودققت للجماعات الترابية 251 حسابا سنة 2005 من أصل 1,73 بنسبة 21,39% ودر في حق الجماعات الترابية في إطار البث في الحسابات:

– 300 قرار تمهيدي من 106 بنسبة 29,7 %.

– 159 قرار نهائي من أصل 323 بنسة 47,7%.

– 56 قرار نهائي وتمهيدي تم تبليغه من أصل 115 بنسبة 48,89%.

من خلال النسب المذكورة يتبين مدى تفرد الجماعات الترابية بجانب وافر من القرارات التمهيدية والنهائية سواء بلغت إليها أم لا، والمخالفات المسجلة في مجال البث في الحسابات في مجال الصفقات حسب تقرير 2005 وهي:

– عدم مراعاة مساطر إبرام الصفقات العمومية باللجوء إلى تجزيء الطلبيات.

– عدم تطبيق غرامات التأخير بخصوص تنفيذ الصفقات العمومية.

– تنفيذ بعض الصفقات دون مصادقة سلطة الوصاية.

– عدم احترام بنود الصفقات.

وفي مجال مراقبة التسيير ومراقبة استخدام الأموال فإن التقرير سجل على تدبير الصفقات العمومية ما يلي:

– الإلتزام بالنفقات مع تجاوز الإعتمادات المالية.

– اللجوء المحدود إلى المنافسة خلال إبرام الصفقات العمومية.

– التأخير في إنجاز الأشغال والتوريدات وعدم تطبيق غرامات التأخير.

– اللجوء المفرط إلى تعديل الصفقات بواسطة ملاحق.

وقد سجل التقرير من خلال حصيلة عمل المجالس الجهوية حول الصفقات العمومية ملاحظات تهم الآمرين بالصرف وخاصة رؤساء المجالس تتعلق بـ:

– اللجوء غير المبرر إلى الصفقات التفاوضية.

– عدم احترام قواعد المنافسة.

وتجزئ الصفقة واللجوء إلى سندات الطلب وصفقات التسوية.

وسجل تقرير 2005 حول الصفقات العمومية ملاحظات تتعلق بالمحاسبين العموميين ويتعلق الآمر بـ:

– تجاوز السقف المرخص به للشراء بواسطة سندات الطلب.

– أداء حساب المبالغ الواجب دفعها في إطار الصفقات العمومية في غياب الكفالة النهائية والضمانة المطلوبة.

– الأداء المزدوج للنفقات العمومية بالصفقات.

وفي تقرير سنة 2006 يسجل أنه من بين ما سجلته المحاكم المالية من اختلالات في تدبير الأموال العمومية لمختلف المؤسسات مس جانبا منه الصفقات العمومية وحدد مكامن الخلل في تدبير الصفقات التي تبرمها الجماعات الترابية  في التأخير في تنفيذ الأشغال الخاصة بالمشاريع التي تسهر عليها ، واللجوء المتكرر إلى نفس الممونين وعدم احترام مبدأ المنافسة، وتجاوز القيمة الحقيقية للأشغال المنجزة في إطار الصفقات، والإعلان عن طلبات العروض دون إنجاز الدراسات التقنية، وإتيان بممارسات تفرغ المنافسة من محتواها، وتقديم الطلبيات العمومية عن طريق اللجوء المكثف لسندات الطلب.

ومما سبق تطرح أهمية الرقابة الداخلية  كعنصر محوري في تعزيز شفافية تدبير الصفقات وتقوية المنافسة واحترام أحكام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل ، وبالتالي ما هي أهم الإجراءات التي  جاء بها المرسوم 20 مارس 2013 لتكريس ما سبق مقتصرين على الرقابة الادارية الداخلية  فقط في افق التطرق الى باقي انواع التدخلات الرقابية فيما يستقبل من المقالات ، والتي تتوزع بين الرقابة الذاتية للجماعات تتولى في إطارها بنفسها مراقبة مدى شرعية تنفيذها للعمليات المالية([23]) وهي رقابة أيضا تمارس بواسطة وسائل مستحدثة في المرسوم المذكور للجماعات الترابية

وإذن فالرقابة الإدارية الداخلية التي تمارسها الجماعة الترابية هي رقابة ذاتية تنصب على مراقبة مختلف المراحل التي تمر منها الصفقة (أولا) دون إغفال للرقابة المستحدثة في إطار الإصلاح الذي مس نظام الصفقات (ثانيا).

أولا: الرقابة الذاتية للجماعة الترابية على الصفقات

سوف يتم تناول هذه الفقرة بدراسة وتحليل رقابة الإدارة الجماعية على تهييئ وإبرام الصفقة، والرقابة على تنفيذ الصفقة، وعملية التدقيق فيها.

أ: الرقابة على تهيئ وإبرام الصفقة

يجب أن تتيح المنهجية المتبعة في كل رقابة داخلية تحرير تقرير يضم الأهداف التالية: مساعدة التدبير على تحسين أنظمة المراقبة للمؤسسة ووضع وتفسير نموذج للمراقبة لها يكون موزعا بين كل الأشخاص المعنيين([24])، وهذه المنهجية يتم تفعيلها في إطار الصفقات العمومية بالمراقبة على مختلف مراحل الصفقة من بينها تهييء الصفقة التي تبقى من اختصاص صاحب المشروع باعتباره الأكثر دراية بطبيعة ومدى الحاجات المراد تلبيتها، وهذه المراقبة يمكن أن تنصب على ما يلي:

– قيام صاحب المشروع قبل أية دعوة للمنافسة او أية مفاوضة بتحديد المواصفات بكل دقة، ولا سيما التقنية منها ومحتوى الأعمال التي يجب تحديدها بالرجوع إلى المعايير المغربية المعتمدة أو في حالة انعدامها إلى المعايير الدولية([25]).

– طبيعة المواصفات التقنية المشار إليها أعلاه التي تخضع كذلك للمراقبة الداخلية، بحيث يتوجب في هذه المواصفات ألا تشير  إلى أي علامة تجارية او تسمية أو براءة، أو مفهوم أو نوع أو مصدر أو منتجين معينين إلا في حالة انعدام أية وسيلة أخرى كافية الدقة والوضوح لوصف مميزات الأشغال او التوريدات أو الخدمات المطلوبة وشرط أن تكون التسمية المستعملة مقرونة بعبارة أو ما”ما يعادلها”([26]).

– البيانات التي تشكل موضوع عقد الصفقة والتي يتعين إبرازها ضمن العقد وهي محصورة في بيانات اثني عشرة على الأقل كما يلي([27]):

1-طريقة الإبرام.

2-الإحالة الصريحة إلى فقرات وبنود ومواد هذا المرسوم التي أبرمت بموجبها الصفقة.

3-بيان الأطراف المتعاقدة وأسماء وصفات الموقعين المتصرفين باسم صاحب المشروع وباسم المتعاقد.

4-موضوع الصفقة مع الإشارة إلى العمالة أو العمالات أو الأقاليم مكان تنفيذ الأعمال.

5-تعداد المستندات المدمجة في الصفقة حسب اولويتها.

6-الثمن مع مراعاة المقتضيات المتعلقة بالصفقات بأثمان مؤقتة، أو كيفيات تحديد الثمن بالنسبة للأعمال المؤدى عنها على أساس نفقات مراقبة.

7-أجل التنفيذ أو تاريخ انتهاء الصفقة.

8-شروط استلام الأعمال وعند الاقتضاء شروط تسليمها.

9-شروط التسديد طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.

10-شروط الرهن عند الاقتضاء.

11-شروط الفتح.

12-المصادقة على الصفقة من طرف السلطة المختصة.

وهناك مجالات أخرى لهذه المراقبة تظهر بالخصوص عند إبرام الصفقة العمومية نجد:

– مراقبة داخلية على مدى توفر الشفافية في اختيار المشروع عند إبرام الصفقة، ومراقبة مدى حضور المساواة والمنافسة وفعالية النفقة العمومية، وذلك إذا ما كانت الصفقة قد خضعت لنفس الشروط المتعلقة بإعلام المتنافسين([28])، واستوفى نائل الصفقة الشروط المطلوبة في المتنافسين([29])، وأثبت نائل الصفقة كفاءاته ومؤهلاته([30]).

– مراقبة طرق إبرام الصفقات، أي طريقة طلب العروض والمباراة والتفاوض وسندات الطلب.

– مراقبة محتوى طلب العروض المفتوح، فتح الأظرفة في جلسة عمومية، فحص العروض، ومدى توفر الدعوة العمومية في صفقة المباراة.

– مراقبة محتوى نظام الإستشارة، في كل طلب العروض، إضافة إلى الملف الخاص بهذا الأخير بعده صاحب المشروع.

ب: مراقبة تنفيذ الصفقة والتدقيق فيها:

على عكس مراقبة تهييء الصفقة التي تنصب أساسا على صاحب المشروع يبقى تنفيذ الصفقة من اختصاص صاحب الصفقة الذي يخضع بدوره للرقابة من طرف الإدارة حيث نصت المادة 83 على الجزاءات التي تلحق بصاحب الصفقة (المقاول) في حالة ارتكابه لأعمال تدليسية أو مخالفات متكررة لشروط العمل، أو إخلالات خطيرة بالإلتزامات الموقعة، ويمكن للوزير أو لسلطة الوصاية بصرف النظر عن المتابعة القضائية أو العقوبات التي يمكن أن يتعرض لها صاحب الصفقة، أن يقصي الأخير بصفة مؤقتة أو نهائية عن المشاركة في الصفقات التي تبرمها إدارته بموجب مقرر معلل يتخذ بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات، ويمكن تمديد هذا الإقصاء إلى الصفقات التي تعلن عنها جميع الإدارات العمومية، بموجب قرار للوزير الأول باقتراح من الوزير المعني بالأمر وبعد استشارة أيضا لجنة الصفقات.

وتبقى الرقابة على التنفيذ عموما، تنصب على واجبات الملزم بالعقد الإداري سواء كان صاحب الصفقة (المقاول) أو صاحب المشروع (الجماعة الترابية)، ويلتزم المتعاقد مع الجماعة المعنية بتنفيذ الصفقة تحت مسؤوليته، بحيث يعتبر ذلك من صميم التزاماته اتجاهها ، لأن اختياره من طرف الأخيرة كان بناءا على مؤهلاته الذاتية وموارده المالية وكفاءاته التقنية، ولهذا فلا يجوز للمتعاقد إحلال غيره في حقوقه والتزاماته[31]، ومن خلال مسؤولية المقاول عن الأعمال التي ينجزها أثناء التنفيذ أو بعده، حيث تتأكد الرقابة من إنجاز الأشغال يتطلب رقابة على التنفيذ وفق المواصفات، وفي المدة المحددة، والشروط المتفق عليها خاصة التقنية([32])، وهنا يتضح على مستوى الواقع العملي صعوبة هذا النوع من الرقابة، حيث مثلا لا يتم فحص جزء أو عينة من البناء للتأكد من وجود المواد الأولية المطابقة للمواصفات، وإنما يتم الاكتفاء(على فرض القيام بالفحص) فقط بمعاينة المواد قبل خلطها في البناء…، إضافة إلى مسؤولية الإدارة على تصرفاتها المخلة لالتزاماتها التعاقدية أثناء نفس الفترة، والتي تتطلب اتزانا في التقيد بكل ما يضمن الإنجاز التام والجيد[33]. وفي هذا الصدد تملك الجماعات الترابية حق مراقبة تنفيذ الصفقة للتحقق من مطابقة تنفيذ الشروط المتفق عليها، كما أن الحق في توجيه الأعمال على النحو الذي تفضله بالنسبة لبعض الصفقات كما هو الشأن بالنسبة لصفقات الأشغال العمومية([34])، فالجماعات الترابية وهيئاتها العامة لها الحق في مراقبة وفحص تنفيذ صفقاتها وهذا الحق رسخه الاجتهاد القضائي نظرا لارتباطها الوثيق بالنظام القانوني للعقود الإدارية عامة والصفقات الجماعية خاصة([35]).

تنصب عملية المراقبة على أوضاع تنفيذ خاصة بالجوانب التقنية منها، ويتخذ هذا التدخل عدة أشكال ففي صفقات الأشغال العمومية تراقب اختيار المواد من طرف المقاول، وطرق التنفيذ، أما في عقود التوريد فالجماعة تكلف بعض المختصين من أجل التأكد من سلامة ومطابقة المواد للمواصفات المتفق عليها في بنود الصفقة([36])، وتمتد المراقبة الممارسة من طرفها لتشمل المستخدمين، حيث تحرص هذه الأخيرة على احترام الحد القانوني للأجر المنصوص عليه في مدونة الشغل، بالإضافة إلى أنها تملك حق مراقبة أماكن العمل ومدى ملائمته مع المقتضيات القانونية المعمول بها، فضلا عن مراقبتها للمواد ومدى مطابقتها للمواصفات الوطنية والدولية([37])، وتخضع سلطة الرقابة لاعتبارات تراعى فيها حماية المتعاقد من تعسف الإدارة من أهمها([38]):

1- يجب على صاحبة المشروع أن تترسم خطى مبدأ المشروعية وهي بصدد ممارسة سلطة الرقابة.

2- لا يجوز لصاحب المشروع وهي بصدد ممارسة الرقابة أن ترمي إلى تحقيق هدف لا يمت بصلة للمرفق العام موضوع التعاقد.

3-لا يكون من شأن تلك الرقابة مخالفة موضوع العقد أو تعديله.

كما أن للجماعة أثناء ممارستها للرقابة الحق في توجيه المقاول من أجل إجباره من طرفها على إجراء تعديلات على الأشغال التي تعتبر معيبة وإرجاع مواد اعتبرتها غير سليمة، ويتم ذلك على نفقة المقاول، كما يمكن للإدارة الجماعية توقيف أو تأجيل الأشغال متى اقتضت المصلحة ذلك شريطة ألا يزيد التوقيف عن سنة، وتمارس الإدارة سلطاتها بمقتضى أوامر مصلحة([39])، تصدر إما عن رئيس الجماعة بصفته آمرا بالصرف أو المصلحة التقنية المكلفة بالصفقات أو المشرف على المشروع كالمهندس الجماعي.

ومهما يكن من أمر فإن حق الرقابة والتوجيه مقرر للإدارة حتى ولو لم يتم التنصيص عليه في الصفقة صراحة لكون طبيعتها تنظيمية وليست تعاقدية فإن هذه السلطة ليست مطلقة بل تحكمها عدة ضمانات تتفق في أن يكون استعمال هذه السلطة لأغراض تخدم التنفيذ السليم للصفقة بهدف تحقيق الغرض منها.

وفيما يخص التدقيق([40]) الذي يهدف في ميدان الصفقات العمومية إلى تقويم الإحقاقات التي تميزه عن نظام المراقبة التقليدية حيث يعود له الفضل في الإنتقال من معيار المطابقة بالنظر إلى النص إلى معيار الإحقاق والإنجاز بالنظر إلى الهدف([41]).

وقد تم اعتماد آلية التدقيق في الصفقات العمومية لأول مرة مع مرسوم 30 دجنبر 1998 (المادة 86)، وتم تكريس هذا التوجه بصدور مرسوم 5 فبراير 2007 السابق والمرسوم الجديد ل 20 مارس 2013 ، وذلك وفق المادة 142  التي يمكن أن نستخلص منها النقط التالية:

– أن الصفقات العمومية والعقود الملحقة بغض النظر عن المراقبة، المحدثة بموجب النصوص العامة في مجال النفقات العمومية، تخضع إلى مراقبات وتدقيقات ذاتية.

– أن هذه التدقيقات لا تتم إلا بموجب مقرر يصدره الوزير المعني بالأمر.

– أن هذه التدقيقات يمكن أن تتعلق بتهييء وإبرام وتنفيذ الصفقات.

– أن هذه المراقبات والتدقيقات تكون إجبارية، بالنسبة للصفقات التي يتجاوز مبلغها سقف معينا .

– أن هذه الصفقات تكون موضوع تقرير يرفع إلى الوزير المعني بالأمر.

لكن النص على مبلغ 3 مليون درهم ومليون درهم كسقفين لإخضاع صفقات الجماعات الترابية للتدقيق  ذا أهمية كبيرة مقارنة مع وضعية بعض الجماعات الترابية التي تتسم ميزانياتها بالضعف مما يعني ان عدد من الصفقات التي تبرمها الجماعات الفقيرة ذات الموارد المحدودة، والتي قد تكون على قدر كبير من الأهمية هي مستثناة من التدقيقات الداخلية المنصوص عليها، لأنها لم تبلغ السقف المحدد.

إضافة إلى إشكال آخر وهو ما مدى توفر الجماعات الترابية على الأطر الكافية لإنجاز هذه التدقيقات ومدى حسن استجابة المسؤولين الجماعيين لهذه الرقابة.

الواقع أن ضعف التأطير  قاد العديد من المؤسسات إلى الاستعانة ببيوت التدقيق الخارجية الأجنبية للتدقيق في حساباتها([42]).

ولم يقتصر الأمر إلى الالتجاء إلى بيوت التدقيق الخاصة الأجنبية على المستوى العمومي فقط، على أن البعد المحلي أصبح مكونا آخر في الممارسة في هذا المجال حيث تم إخضاع الجماعات الترابية في فترة التسعينات إلى تدقيقات كلفت بها مكاتب دراسة أجنبية([43]).

كما أثبتت التجربة أن عقلية المسؤولين وبالخصوص الجماعيين لا تتجاوب مع المدققين وهذا راجع بالأساس إلى سوء فهم هؤلاء لمفهوم التدقيق أو لنقص كامن في قيم التواصل الذي يحدد العلاقات الإنسانية التي تعتبر إحدى موضوعات علم الإدارة، فالمسؤول الجماعي لا يفرق بين المدقق ذو البعد التدبيري والمراقب المالي ذو البعد الرقابي الزجري([44])، وهذا ما يفرض بإلحاح ترسيخ ثقافة تدبيرية تساهم في التغيير الجذري للعقليات السائدة.

ثانيا: الرقابة المستحدثة للجماعات الترابية على الصفقات

في إطار الإصلاح الذي مس الصفقات العمومية مع مرسوم 20 دجنبر 1998، تكرست  معه آليات جديدة ومستحدثة للرقابة حول الصفقات العمومية، وأعاد تنظيمها مرسوم 5 فبراير 2007 وأكدها المرسوم الجديد، ويتعلق الأمر بنشر البرامج التوقعية وتقرير نهاية الصفقة وتتبع سير تنفيذ الصفقة والإشراف المنتدب عن مشروع ، ولجنة تتبع الصفقات .

 

أ: نشر البرامج التوقعية وتقرير تقديم و نهاية الصفقة

لقد استحدث المرسوم للصفقات رقابة جديدة تتجلى في نشر البرامج التوقعية، وتقرير تقديم ونهاية الصفقة.

1– نشر البرامج التوقعية

انطلاقا من مقتضيات المادة 14 من مرسوم 20 مارس 2013 يستنتج ضرورة قيام الجماعة المعنية بنشر البرنامج التوقعي أو البرامج التوقعية التي تتعلق بها، قبل متم ثلاثة أشهر الأولى من السنة المالية التي تنوي فيها طرح برنامجها المذكور. وذلك في جريدة واحدة على الأقل ذات توزيع وطني، وفي بوابة صفقات الدولة المنصوص عليها في المادة 147 من نفس المرسوم، ويعد إجراء النشر المذكور واردا على سبيل البيان. ويهدف الإعلان إلى تكريس مبدأ الشفافية اتجاه سلطات المراقبة من جهة أولى، واتجاه المقاولات المتنافسة من جهة ثانية، واتجاه العموم ثالثة([45]).

وأما ما يلاحظ بخصوص نشر البرنامج التوقعي في الجريدة أنه لم يأخذ بعين الاعتبار جانب الازدواج اللغوي الجاري العمل به، مثلا عند طلب العروض إذ أن عبارة “نشر البرنامج التوقعي.. وذلك على الأقل في جريدة ذات توزيع وطني” تحمل على الاعتقاد بكون البرنامج التوقعي إنما تم نشره على طريقة واحدة سواء كان بالعربية أو بالفرنسية([46]).

وكما يلاحظ من جانب آخر استعمال عبارة يتعين مع بداية المادة 14، تفيد الوجوب بمعنى أن نشر البرنامج التوقعي لا يمكن تجاهله من طرف صاحب المشروع لأي سبب من الأسباب باعتباره من أهم الوسائل التي تكشف عن نية الجماعة وتوضح معالم توجهاتها التنموية، وتساعد كذلك على توضيح الرؤية لكل الهيآت المختصة بإجراء المراقبة ولكل الهيآت المهتمة مثل المواطنين والصحفيين والمستشارين الجماعيين وغيرهم، لكن أمام هذه الأهمية لماذا لم يعمل المرسوم على إقرار جزاء لمخالفة هذا النشر الخاص بالبرامج التوقعية؟

2– تقرير تقديم ونهاية الصفقة:

يندرج تقرير تقديم الصفقة في إطار عقلنة وترشيد صفقات الجماعات ومراقبة تسييرها، ويتضمن هذا التقرير النقط التالية([47]):

– طبيعة ومدى الحاجيات المحلية المراد تلبيتها.

– عرض حول الاقتصاد العام للصفقة وكذا مبلغ تقديرها.

– الأسباب الداعية إلى اختيار طريقة الإبرام.

– مبرر اختيار مقاييس انتقاء الترشيحات وتقييم العروض.

– مبرر اختيار نائل الصفقة.

-أما فيما يتعلق بالصفقات التفاوضية، فيبين كذلك تقرير التقديم قدر الإمكان مبررات الأثمان المقترحة بالمقارنة مع الأثمان المتداولة عادة في المهنة.

ومهما يكن من أمر فإن تقرير تقديم الصفقة يعتبر من أنواع الرقابة المستحدثة الجيدة والمحمودة، التي تهدف إلى الشفافية في ميدان الصفقات المبرمة من لدن الجماعات الترابية وتجنب اللامهنية في تدبيرها، درءا لأي تقديرات الغير متناسبة مع الواقع الاقتصادي والمالي.

وكما أشار المرسوم أيضا إلى تقنية مهمة بالنسبة لتتبع سير تنفيذ الصفقة، وهي تقرير انتهاء الصفقة بعد تنفيذها([48])، التي تكون في كل صفقة يفوق مبلغها مليون درهم وتتضمن البيانات التالية:

– موضوع الصفقة.

– الأطراف المتعاقدة.

– طبيعة الأعمال المتعاقد بشأنها من الباطن وهوية الأشخاص المتعاقدين من الباطن.

– أجل التنفيذ مع بيان تاريخ انطلاق وانتهاء الأعمال وتبرير التجاوزات المحتملة بالنسبة للتاريخ المقرر في الأصل لانتهاء الأعمال.

-مكان أو أماكن الإنجاز.

-الحصيلة المادية والمالية التي تبرر التعديلات التي طرأت على مستوى البرنامج الأصلي والتغيرات في حجم وطبيعة الأعمال وعند الاقتضاء مراجعة الأثمان.

ويتم توجيه هذا التقرير إلى  السلطة المختصة وهي سلطة الوصاية بالنسبة للصفقات التي تبرمها الإدارة والجماعة بمجرد انتهاء تنفيذ الأعمال ونشره في بوابة صفقات الدولة.

ب: تتبع سير تنفيذ الصفقة والإشراف المنتدب على المشروع

خول المشرع المغربي للجماعة المعنية في المرسوم السابق أن تعهد بتنفيذ الصفقة إلى موظف من نفس الجماعة يسمى الشخص المكلف بتتبع تنفيذ الصفقة خاصة إذا كانت أهمية الصفقة وتعقدها تبرر ذلك([49])، و أوجب المشرع على تحديد مهام الموظف المكلف بذلك بشكل صريح في دفتر الشروط الخاصة دون المساس. بالاختصاصات المخولة للآمرين بالصرف المفوض لهم من لدنهم إلى الآمرين المساعدين بالصرف([50]) ويتم تبليغ قرار التعيين وتسمية الموظف المذكور إلى المقاولة صاحبة الصفقة([51]).

إلا أن المرسوم الجديد أشار إلى امكانية مهمة اخرى  لتوسيع هامش الرقابة  وهي الإشراف المنتدب على الصفقة كنوع من المراقبة، حيث يستفاد منها أنه يمكن بأن تعهد الجماعة المعنية بموجب اتفاق إما إلى إدارة عمومية مؤهلة طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل، أو إلى هيئة عمومية بناء على مقرر الوزير الأول بعد استشارة الوزير المكلف بالمالية([52]). وحسب الفقرة الثانية من المادة 161 يجب أن ينص الإتفاق المذكور على:

أ-المنشأة والمنشآت التي تشكل موضوع الإتفاقية.

ب-الإختصاصات الموكلة إلى صاحب المشروع المنتدب.

ج-الشروط التي يعاين صاحب المشروع وفقها انتهاء مهمة صاحب المشروع المنتدب.

د-كيفية أداء الأتعاب إلى صاحب المشروع المنتدب والشروط المحتملة لدفع أتعاب تدريجية حسب تقديم إنجاز المشروع موضوع الإنتداب المذكور.

هـ-الشروط التي يمكن وفقها فسخ الإتفاقية.

و-طريقة تمويل المنشأة طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.

ز-كيفيات المراقبة التقنية والمالية والمحاسبية التي يمارسها المشروع في مختلف مراحل العملية.

ح-شروط الموافقة على المشاريع التمهيدية واستلام المنشأة.

ط-التزامات الإدارة أو الهيئة العمومية تجاه صاحب المشروع في حالة وقوع نزاع من جراء تنفيذ مهمة الإشراف المنتدب على المشروع هي حسب نفس المادة 161 هي كالتالي:

– تحديد الشروط الإدارية والتقنية التي سيتم بموجبها دراسة وتنفيذ المشروع.

– تتبع وتنسيق الدراسات.

– فحص المشاريع التمهيدية والمشاريع.

– الموافقة على المشاريع التمهيدية والمشاريع.

– تهيئ ملفات الاستشارة.

– إبرام الصفقات طبقا لمقتضيات هذا المرسوم.

– تدبير الصفقة بعد المصادقة عليها من طرف السلطة المختصة.

– تتبع وتنسيق ومراقبة الأشغال.

– استلام المنشأة.

ج ـ لجنة تتبع صفقات الجماعات الترابية :

جاء المرسوم الجديد آلية جديدة مهمة لتوسيع هامش الرقابة على الصفقات المبرمة من قبل الجماعات الترابية وتتجلى في لجنة تتبع صفقات الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات وتتألف من ممثلي لوزارة الداخلية وممثلي الجماعات المعنية حسب المادة 145، و تتولى لجنة تتبع الطلبية العمومية المحلية حسب نفس المادة القيام بما يلي :

ـ تصور طلبية الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات

ـ إنجاز دراسات تتعلق بطلبية الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات

ـ تتبع تطور الطلبية العمومية المحلية ومساطر المشتريات وتقييم الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية واقتراح أي إجراء من شأنه تحسين تسيير الطلبيات العمومية ومردوديتها على المستويات الاقتصادية والتجارية والتقنية

ـ إبداء الرأي حول مقررات وزير الداخلية بإقصاء متنافس أو صاحب صفقة حسب الحالة ، مؤقتا أو نهائيا ، من المشاركة في صفقات إحدى أو مجموع الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات

ـ إبداء الرأي حول تظلمات وشكايات المتنافسين في مجال صفقات الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات طبقا للتشريع الجاري بها العمل

ـ إبداء الرأي حول أية مسألة تتعلق بالطلبية العمومية المحلية المعروضة  عليها من طرف وزير الداخلية

ـ مساعدة أصحاب المشاريع المحليين في إعداد الوثائق المتعلقة بتحضير وإبرام صفقاتهم

ـ جمع ومعالجة وتحليل المعطيات المتعلقة بصفقات الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات

ـ إعداد إحصاء عام سنوي لصفقات الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات وإحصاءات جزئية تتعلق بمجموعة من أصحاب المشاريع المحليين أو فئة معينة من صفقات هذه الهيئات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة :

 

لقد حاولنا على امتداد صفحات المقال ان نبرز أهمية عنصر الرقابة الداخلية للجماعات الترابية على صفقاتها في تعزيز شفافية وحكامة تدبير الطلبية العمومية المحلية وذلك بإبراز أهم الآليات التي تعتمدها الجماعات المعنية في تحقيق ذلك ومختلف الوسائل التي تتيح امكانية تحسين ابرام التعاقدات المحلية وفق مقتضيات القانون والأنظمة الجاري بها العمل .

وتجدر الاشارة الى وجود العديد من انواع الرقابة كالتي تتولاها سلطة الوصاية وباقي الهيئات ذات الطبيعة الادارية والمالية على صفقات الجماعات الترابية ، إضافة إلى المحاكم العادية والإدارية والمالية كجهاز قضائي يراقب بدوره تدبير الطلبيات العمومية المحلية ، لكن من باب الانصاف لابد من التأكيد على اهمية تفرد الجماعات الترابية بمدونة خاصة للشراء الجماعي يستحضر خصوصيات الوحدات اللامركزية وطبيعة الحاجيات المحلية التي  لا تتلاءم معها الكثير من المقتضيات العامة الواردة في المرسوم الجديد انسجاما مع التوجه اللامركزي للدولة وانسجاما أيضا مع منطوق الدستور الجديد للمملكة

[1] – مولاي هاشم عالمة: الصفقات العمومية بالمغرب، النظام القانوني والرقابة القضائية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني عين الشق الدار البيضاء، 2003-2004، ص 5.

[2] – الشافعي عبد الرحيم: المنافسة في ميدان الصفقات العمومية، الإطار القانوني والواقع العملي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني عين الشق الدار البيضاء، 1999-2000، ص 26.

[3] -محمد العابدة: صفقات وزارة النقل والملاحة التجارية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، ص 25.

[4] – حماد حميدي: طرق إبرام الصفقات العمومية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، 1982-1983 ص 30.

[5] – مولاي هاشم عالمة: مرجع سابق ص 6

[6] – حنان ترموسي: تدبير الصفقات العمومية دراسة مقارنة بين مرسومي 1976-1998، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء 2000-2001، ص 25.

[7] – عمار شقواري: حكامة إبرام الصفقات العمومية: قراءة سوسيو قانونية في مرسوم 5 فبراير 2007، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الأول بسطات، سنة 2007-2008، ص 20.

[8] – أحمد الجنيدي: قراءة في بعض مضامين القانون الجديد المتعلق بصفقات الدولة

(www.bayanelyaoume.ma)

[9]  مذكرة تقديم مرسوم 20 مارس 2013 عندما كان مشروعا مطروحا

[10]  – حماد حميدي : “طرق إبرام الصفقات العمومية”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة جامعة محمد الخامس الرباط 1982. ص 1.

[11]  -René Romeuf : « la pratique des marchés publics » J Delmas Cie 1977 page 1.

[12] -Boutaqbout Abdelmajid : « Gestion des marchés publics » REMALD «Guides de gestion» n° 4  1997 page 7.

[13]  مرسوم 20 مارس 2013 الصادر بتاريخ 4 أبريل 2013 الموافق ل 23 جمادى الأول 1434 الجريدة الرسمية عدد 6140 الصفحة 3023

[14]  – محمد الأعرج : ” نظام العقود الإدارية والصفقات العمومية”، المجلة المغر بية للإدارة المحلية والتنمية  “سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية” عدد 73-2007 صفحة 37.

[15]  كما اكدت ذلك المادة 2 من المرسوم المذكور وكذا المواد 139 الى 154 في انتظار صدور القوانين التنظيمية الخاصة بها

[16] – كميليا العزاوي:”الصفقات الجماعية في  ظل النظام الجديد ودورها في تحقيق التنمية المحلية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا  المعمقة، في القانون العام، جامعة محمد الأول وجدة، 1999-2000، ص 11.

[17] – عبد القادر باينة:”الوسائل القانونية للنشاط الإداري”، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2006، ص 115.

[18] – عبد العزيز منعم خليفة:”الأسس العامة في العقود الإدارية”، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2008، ص 121.

[19] – مليكة الصروخ:”القانون الإداري دراسة مقارنة”، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة السادسة الدار البيضاء، 2007، ص 492.

[20] – عمار شقواري:”حكامة إبرام الصفقات العمومية قراءة سوسيوقانونية في مرسوم 5 فبراير 2007″، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام جامعة الحسن الأول، سطات، 2007-2008، ص 32.

[21] – المصطفى معمر: القانون الضريبي والقانون المالي، طبعة 2005، (بدون مطبعة) مكناس، ص 203.

[22] – هذا التقرير والتقارير الأخرى الخاصة بنفس الهيئة مأخوذة من الموقع الخاص بها: www.coursdescomptes.ma

[23] – المصطفى معمر، مرجع سابق، ص 205.

[24] – خالد شهيم: “إشكالية المراقبة في الصفقات العمومية الجماعية على ضوء المرسوم الجديد”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، 1998-1999، ص 26.

[25] – مادة 4 مرسوم 20 مارس 2013.

[26] –  مادة 4 مرسوم 20 مارس 2013.

[27] – المادة 13 مرسوم 20 مارس 2013.

[28] – المادة 22 مرسوم 20 مارس 2013.

[29] – المادة 24 مرسوم 20 مارس 2013.

[30] – المادة 25 مرسوم 20 مارس 2013.

[31]  يونس وحالو ، الصفقات العمومية والتنمية المحلية ، بحث لنيل شهادة الماستر ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، جامعة مولاي اسماعيل مكناس ، 2007 ـ 2008 ص 53

[32] – خالد شهيم، مرجع سابق، ص 155.

[33]  يونس وحالو ، نفس المرجع ، ص 75

[34] – مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص 340.

[35] –  Michel Guibal et Lucien Rapp : « contrats des collectivités locales » édition Françis le Febvre – Paris, 2007, p 138.

[36] – توفيق السعيد، الصفقات المبرمة من قبل الجماعات المحلية النظام القانوني الجديد”، مطبعة طوب بريس الرباط 2003، ص 141-142.

[37] – توفيق السعيد، مرجع سابق، ص 145.

[38] – محمد الأعرج:”قانون منازعات الجماعات المحلية” قانون منازعات الجماعات المحلية، م م إ م ت سلسلة مواضيع الساعة عدد 58 سنة 2008 ، ص 34.

[39] – محمد الأعرج:”نظام العقود الإدارية والصفقات العمومية وفق قرارات وأحكام القضاء الإداري المغربي ” سلسلة مؤلفات وأعمال جامعة م م إ م ت عدد 73 سنة 2007.، ص 90.

[40] – يقصد بالتدقيق “كل عمل يستهدف تقويم بنيات المراقبة الداخلية وفق مرجعيات علمية ومهنية دقيقة من أجل الوقوف على الخلل الذي تعاني منه المنظمة والمؤسسة في شتى المجالات وذلك من اجل السيطرة عليها والتنيؤ بتطوراته”. محمد حركات: التدبير الإستراتيجي ورهانات الجودة الكلية بالمقاولات المغربية، منشورات المجلة المغربية للتدقيق والتنمية، طبعة 1997، ص 170.

[41] – عمار شقواري، مرجع سابق، ص 155.

[42] –  سعيد الجفري: الرقابة على المالية المحلية بالمغرب محاولة نقدية في الأسس القانونية والسياسية والإدارية والمالية، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، عين الشق، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، ص 343.

[43] – سعيد الجفري، مرجع سابق، ص 351.

[44] – توفيق السعيد، مرجع سابق، ص 355.

[45] – خالد هشيم، مرجع سابق، ص 12.

[46] – خالد هشيم، مرجع سابق، ص 13.

[47] – المادة 163مرسوم 20 مارس 2013.

[48] – المادة 164 مرسوم 20 مارس 2013.

[49] – المادة 89 مرسوم 5 فبراير 2007.

[50] – فقرة 2 مادة 89 مرسوم 5 فبراير 2007.

[51] – فقرة 3 مادة 84 مرسوم 5 فبراير 2007.

[52] – المادة 139 مرسوم 20 مارس 2013.

Exit mobile version