Site icon مجلة المنارة

” الديموقراطية التشاركية وآليات تطبيقها على المستوى الترابي ” عبد الإله مرشد

الديموقراطية التشاركية وآليات تطبيقها على المستوى الترابي

Participatory democracy and its implementation mechanisms at the territorial level 

عبد الإله مرشد

“باحث في العلوم القانونية والسياسية،

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله”

 

 

ملخص المقال :

إن أهمية الديموقراطية التشاركية في الدستور المغربي يتأسس على انخراط ومشاركة المواطنين في النقاش العمومي وفي اتخاد القرار السياسي نحو واقع أفضل للعيش وتحقيق التنمية، كما أنها تعد وسيلة لتحقيق التنمية الترابية وذلك من خلال جملة من الاصلاحات السياسية والادارية تبناها صانع القرار المغربي الذي يخطو خطوات نحو بناء مسار متكامل أداتها، تقوية دور المنتخبين في إدارة الشأن المحلي، وإشراك المواطنين كفاعل أساسي في تدبير الشأن وفي صياغة وتتبع السياسات العمومية.

وهنا لابد من الإشارة إلى الأساس الدستوري المرتبط بهذا الجانب والذي تضمنه دستور 2011 في الفصل139 منه “تضع مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها، كما يمكن للمواطنات والمواطنين تقديم عرائض يكون الهدف منها مطالبة المجلس المعني بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله “.

       فالمواطن بالمفهوم الدستوري يجب أن يعطي أفكار واقتراحات ويقدمها للهيئات المنتخبة ويدافع عنها، وعلى المواطنين أيضا أن يمارسوا ضغوطاتهم على السلطات والمؤسسات العمومية لأن القانون الأسمى هو الذي أعطاهم هذه الصلاحية، وهي سلطة دستورية لازم تفعيلها.

Article summary :

The importance of participatory democracy in the Moroccan constitution is based on the involvement and participation of citizens in public debate and in political decision-making towards a better reality for living and achieving development. An integrated process whose tool is to strengthen the role of elected officials in managing local affairs, and to involve citizens as a key player in managing affairs and in formulating and following public policies.

Here it is necessary to refer to the constitutional basis related to this aspect, which was included in the 2011 Constitution in Chapter 139 of it: “The councils of the regions and other territorial groups establish participatory mechanisms for dialogue and consultation to facilitate the contribution of female citizens, males and associations to the preparation and tracking of development programs. concerned with including a point within his competence on his agenda.

The citizen in the constitutional sense must give ideas and suggestions and present them to the elected bodies and defend them. Citizens must also exert pressure on the public authorities and institutions because the supreme law is the one who gave them this authority, and it is a constitutional authority that must be activated.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة :

عرفت بلادنا حوارات متعددة ومحطات مشهود لها بالتواصل والتشاور العمومي من أجل بلورة العديد من الإجابات حول الإشكالات التي يعرفها المغرب، وهذا راجع بالأساس إلى النظام السياسي الذي فهم واستوعب التحولات الكبرى، ومنه التجاوب مع مطالب التغيير في الاتجاه الذي يخدم المصلحة العامة، وفي ظل المتغيرات المتعلقة بالدستور الجديد، هذا ما تولد عنه مصطلح الديموقراطية التشاركية كبديل للنظرة الأحادية التمثيلية في التدبير والتنمية، وتأتي أيضا كوسيلة لتحقيق التنمية الترابية وذلك من خلال جملة من الاصلاحات السياسية والادارية تبناها صانع القرار المغربي الذي يخطو خطوات نحو بناء مسار متكامل أداتها، تقوية دور المنتخبين في إدارة الشأن المحلي، وإشراك المواطنين كفاعل أساسي في تدبير الشأن وفي صياغة وتتبع السياسات العمومية.

لعل الأهمية التي تكتسيها الديموقراطية التشاركية، هي نتاج لحقيقة يتقاسمها الجميع على نطاق واسع حول الأساليب التقليدية في الحكم والتدبير، والتي أبانت قصورها ومحدوديتها في مواجهة ما يفرضه السياق الراهن للعولمة.

إن أهمية التساؤل حول مكانة وأهمية الديموقراطية التشاركية في الدستور الجديد يتأسس على انخراط ومشاركة المواطنين في النقاش العمومي وفي اتخاد القرار السياسي نحو واقع أفضل للعيش وتحقيق التنمية، هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال هذه الورقة البحثية.

 

 

 

 

 

 

 

الفرع الأول : تحديد مفهوم الديموقراطية التشاركية

قبل الخوض في دراسة وتحليل أهم الآليات التي تضمنتها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لابد من تحديد مفاهيم للديموقراطية التشاركية، وحسب التعريفات المتداولة في أدبيات علم السياسة يمكن تعريفها بكونها “نموذج سياسي يستهدف توسيع انخراط ومشاركة المواطنين في النقاش العمومي، وفي اتخاد القرار السياسي، حتى لا ينحصر دورهم فقط  عند حدود الحق في التصويت والترشح والولوج إلى المجالس محليا ووطنيا، ليشمل الإخبار والاستشارة، وفي صنع السياسات العمومية “.

فالديمقراطية التشاركية[1] تتضمن العديد من العناصر وهي : تفاعلية أكبر مع المنتخبين، زيادة في وثيرة التصويت، تركيز على القرب، حق في المبادرة التشريعية، أخذ في الاعتبار مأسسة المجتمع المدني، ضمان نقاش عمومي مسبق في اتخاد أي قرار، ومراقبة شعبية …إلخ.

وقد حاول الفيلسوف الألماني يورغن  هابراماس الإحاطة بهذا المفهوم الذي يصنفه إلى ثلاثة حقوق يتمتع بها المواطنين في الدولة دون تمييز، وهذه الحقوق هي الحقوق السياسية، المدنية، الاجتماعية الاقتصادية والثقافية، وفي مقابل هذه الحقوق فإن المواطن مطوق بواجبات أبرزها المساهمة في تدبير الشأن العام، من خلال وجود منتخب واع ومسؤول، وناخب يعي حقوقه وواجباته[2] ، وعليه، يبقى تطبيق مقاربة الديموقراطية التشاركية بهذا المعنى يعتبر تجسيدا لمبدأ المواطنة الفاعلة وتكريسا لحق المواطن في المشاركة السياسية.

 

 

 

 

 

 

الفرع الثاني : أدوات تجسيد الديموقراطية التشاركية في المجالس الترابية

لقد اعتبر المشرع الدستوري المغربي الجماعات الترابية الإطار الصحيح لتطبيق الديموقراطية التشاركية، وهنا لابد من الإشارة إلى الأساس الدستوري المرتبط بهذا الجانب والذي تضمنه دستور 2011 في الفصل139 منه “تضع مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها.

ويمكن للمواطنات والمواطنين تقديم عرائض يكون الهدف منها مطالبة المجلس المعني بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله ”

انطلاقا من الأحكام الدستورية أعلاه، يبدو أن الوثيقة الدستورية قامت بتحسين عملية التفاوض والحوار بين المواطنين والجماعات الترابية، وفي هذا الإطار نجد أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية الصادرة سنة 2015 تضمنت عدة أليات تمكن المواطن من المشاركة الفعلية في صناعة القرار العمومي، وهذا ما سنتناوله في الفقرات التالية :

فقرة أولى : هيئات التشاور العمومي

     تعتبر الهيئات التشاورية المحدثة بالجماعات الترابية من الآليات المهمة التي كان يعول عليها لتأطير ونحت مفهوم المشاركة المواطنة ومأسسة الديموقراطية التشاركية بالمغرب، من خلال الآراء الاستشارية التي تضمن سن سياسات عمومية دامجة لجل الفئات المجتمعية ومحققة لحكامة ترابية تشاركية. وخصص المشرع الدستوري سنة 2011 مجموعة من المقتضيات التي حاولت تعزيز ودعم هذا الشكل السياسي الديموقراطي التشاركي للمجالس الثلاث.

1: على مستوى العمالة والإقليم :  نصت المادة 111 من القانون التنظيمي 112.14 [3]على أنه تحدث لدى مجلس العمالة أو الإقليم هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تختص بدراسة القضايا الإقليمية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة.

2 : على مستوى الجماعات: نصت المادة 120 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات[4] على أنه تحدث لدى مجلس الجماعة هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني، تدعى هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، أيضا يحدد النظام الداخلي للمجالس كيفية تأليف وتسييرها.

 

3 : على مستوى الجهات :  نصت المادة 117 من القانون 111.14 على إحداث مجلس الجهات ثلاث هيئات استشارية[5]، وهي:

هيئة استشارية تختص بمشاركة فعاليات المجتمع المدني تختص بدراسة القضايا الجهوية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة ومقاربة النوع.

هيئة استشارية تختص بدراسة القضايا المتعلقة باهتمامات الشباب.

هيئة استشارية بشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين بالجهة تهتم بدراسة القضايا ذات الطابع الاقتصادي.

انطلاقا من هذه المعطيات الدستورية، يبدو أن الأليات التشاركية الهدف منها فتح قنوات الحوار والنقاش من أجل تبادل وجهات نظر بين المجتمع المدني والهيئات المنتخبة لتحقيق التنمية، التي تم تطويرها في  الغرب[6] والدالة على التعاون بين المنتخب والفاعل المدني والتكامل في أدوارهما. حيث نجد المواطن يساهم بطريقة مباشرة في تقديم الاقتراحات والعرائض ويعمل على تتبعها ومراقبتها، فالمواطن له السلطة المادية والمعنوية في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة.

في هذا السياق، لقد تقوى المجتمع المدني في الدستور المغربي، حيث أفرد له مجموعة من الفصول وحدد له العديد من الأدوار في غاية الأهمية تتراوح بين دور التخطيط، التشريع، المراقبة والمشاركة في التدبير،[7] لكن ما يعاب على هذا الأخير أنه يظهر إلا في فترة الانتخابات هذا ما يفرغ المقتضيات الدستورية من مضمونها وأهدافها.

       فالمواطن بالمفهوم الدستوري الجديد يجب أن يعطي أفكار واقتراحات ويقدمها للهيئات المنتخبة ويدافع عنها، وعلى المواطنين أيضا أن يمارسوا ضغوطاتهم على السلطات والمؤسسات العمومية لأن القانون الأسمى هو الذي أعطاهم هذه الصلاحية، وهي سلطة دستورية لازم تفعيلها.

 

 

لكن السؤال المطروح والمتداول لدى كثير من الباحثين والمتمثل في سبب عدم اهتمام المواطن بالمشاركة في السياسات العامة للدولة، يقودنا إلى التفكير في عدة افتراضات أهمها :

الفرضية الأولى : إن السياسات تصنع على مستوى أعلى هرم السلطة وبالتالي لا يستطيع المواطن المشاركة فيها.

الفرضية الثانية : إن مشاركة الهيئات التشاورية التي تم إحداثها وفق المقتضيات القانونية للجماعات الترابية الثلاث تظل دون مستوى التطلعات لأسباب متعددة، يتعلق بعضها بطريقة إحداثها التي تحكمت في أغلب تجاربه معايير مصلحية أو علائقية أو حزبية، ويتعلق بعضها الآخر باختصاصات هذه الهيئات التي تم تقزيمها وحصرها بكيفية تجعلها أبعد أن تكون هيئات للمراقبة والنزاهة والشفافية.

الفرضية الثالثة : إن الفاعل المدني في معظم هذه الهيئات فقد ظل عاجزا عن تطوير قدراته من أجل ممارسة الاختصاصات الدستورية والقانونية الموكولة إليه خصوصا أمام عدم وضوح مفهوم الديموقراطية التشاركية وعدم وجود نصوص قانونية تضبط كيفية إدارة الشأن الترابي وهذا من شأنه المساهمة في عزوف المواطن عن المشاركة المحلية.

فقرة ثانية : آلية العرائض

      العريضة هي آلية اقتراحية يطالب من خلالها المواطنون والجمعيات المجالس المحلية بإدراج نقطة تدخل في صلاحياتها، ضمن جدول أعمال المجلس الجماعي ذاته، في حين تختلف شروط تقديم العرائض بحسب المستويات الترابية،[8] وبحسب الجهة التي تقدم العريضة، وعلى طول المساحة التشريعية الممتدة من المادة 118 حتى المادة 222 نظم المشرع المغربي آلية العرائض.

 

 

إن الفصل 15 من دستور 2011، أقر للمواطنات والمواطنين الحق في تقدِيم عرائض إلى السّلطات العمومية، ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق، وفيما يخص شروط تقديم العرائض أشار إلى أنه طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 139 من الدستور “يمكن للمواطنات والمواطنين تقديم عرائض يكون الهدف منها مطالبة المجلس المعني بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله” ولا يمكن أن يمس موضوع العريضة الثوابت المنصوص عليها في الفصل الأول من الدستور.

فكيف سعى المشرع إلى مأسسة العرائض كآلية تشاركية، وماهي القيمة المضافة لهذه الألية في اقتحام الشأن العام والمساهمة في النقاش العمومي؟

1 : شروط تقديم العريضة من طرف المواطنين والمواطنات

حسب المادة 120 من القانون التنظيمي للجهات” يجب أن يستوفي مقدمو العريضة على الشروط التالية :

أن يكونوا من ساكنة الجهة المعنية أو يمارسوا بها نشاطا اقتصاديا أو اجتماعيا أو تجاريا أو مهنيا.

أن يكون لهم مصلحة مباشرة ومشتركة في تقديم العريضة

أن يكونوا مسجلين في اللوائح الانتخابية العامة .

وألا يقل عدد التوقيعات على ما يلي: 300 توقيع بالنسبة للجهات التاي يبلغ عدد سكانها أقل من مليون نسمة. و400 توقيع بالنسبة للجهات التي يتراوح عدد سكانها ما بين المليون وثلاثة الملايين نسمة و500 توقيع بالنسبة للجهات التي يتجاوز عدد سكانها ثلاثة الملايين نسمة. كما يتعين أن يكون الموقعون موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على عمالات وأقاليم الجهة، شرط ألا يقل عددهم في كل عمالة أو إقليم تابع للجهة عن 5 في المائة من العدد المطلوب.

حقيقة أن هذه الشروط لا تخلو من بعض الشوائب التي تستوجب بعض الملاحظات بشأنها.

أولا : بالرجوع إلى القوانين التنظيمية المتعلقة بتقديم العرائض، تبين لنا عدم وفاء هذه القوانين لتوصيات اللجنة الوطنية للحوار حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية والذي أشرفت عليه الحكومة بنفسها، حيث ثم كبح إحدى أهم آلية إشراك المجتمع المدني في صناعة السياسات العمومية وذلك بوضع قوانين غير قابلة للتطبيق، ويتبين ذلك عندما اشترط عدد 7200 توقيع من طرف المواطنات والمواطنين، وهذا أمر يتناقض مع الوثيقة الدستورية، ويؤدي الى تقييد وتضيق حرية المواطن في تقديم العرائض، وتفرغها من كل الإيجابيات التي جاءت بها ويتعارض مع مضمون الديموقراطية التشاركية.

ثانيا : بالنسبة للقيد في اللوائح الانتخابية هنا يمكننا طرح تساؤل جوهري، هل المواطنة تختزل في القيد في الانتخابات ؟ نحن مع التسجيل والانخراط الايجابي في الحياة العامة لكن لا يمكن من الناحية القانونية أن نفرض هذه المشاركة، وأن نربط التسجيل بالمشاركة، وهذا فيه نوع من المقايضة ويتناقض مع ما ورد في الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب وخاصة الحقوق السياسية والمدنية التي توفر حق الانتخاب، ومنه يبقى القانون التنظيمي المتعلق بتقديم العرائض معرقل للرقابة التي يمكن أن يمارسها الرأي العام على السلطات العمومية.

2 :  شروط تقديم العرائض من قبل الجمعيات

تحدد المادة 121 من القانون 111.14 المتعلق بالجهات، على أنه يجب على الجمعيات التي تريد تقديم العرائض أن تستوفي مجموعة من الشروط كالتالي:

أن تكون الجمعية معترف بها إداريا طبقا للقانون لمدة تزيد عن ثلاثة سنوات وتعمل لمبادئ الديموقراطية والأنظمة السياسية.

أن تكون في وضعية سليمة إزاء القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

أن يكون لديها مقر أو أحد فروعها واقعا بمجال الجهة المعنية من حيث الاختصاص الترابي.

فيما يخص تقديم العرائض من قبل الجمعيات في العمالات والأقاليم وكدا الجماعات، كملاحظة فقد تم الاحتفاظ بنفس الشروط الواردة في القانون 111.14، إلا أن القانون التنظيمي 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم ينص في مادته 115 على أنه يجب أن يكون المنخرطون في الجمعية يصل إلى 100 منخرط.

3 : كيفية إيداع العرائض

تودع العرائض من قبل الوكيل أو الممثل القانوني لدى رؤساء الجماعات الترابية، مرفقة بالوثائق المثبتة للشروط التي يتطلبها القانون مقابل وصل يسلم فورا قبل أن تحال العريضة من قبل رئيس المجلس إلى مكتب المجلس الذي يتحقق من استفتاء العريضة للشروط القانونية حسب الحالة.

وفي حالة قبول العريضة، فإنها تسجل في جدول أعمال المجلس في الدورة العادية الموالية، ثم تحال بعد ذلك العريضة إلى اللجان الدائمة المختصة لتدارسها قبل عرضها على المجلس للتداول في شأنها وفي حالة التصويت عليها لتصبح مقررا قابلا للتنفيذ.

أما في حالة عدم قبول العريضة من قبل المكتب، يتعين على الرئيس تبليغ ذلك إلى الممثل القانوني للجمعية أو الوكيل بحسب كل حالة، قرار بالرفض يجب إن يكون معللا داخل أجل شهرين إبتداءا من تاريخ توصله بالعريضة.

وبالرغم من التنصيص على هذه الآليات الدستورية التي تعتبر قفزة نوعية على مستوى إشراك جمعيات المجتمع المدني في عملية إعداد وتنفيذ وتقويم القرار العمومي، غير أنه لا يخلو من ملاحظات أهمها.

الملاحظة الأولى : التي يمكن إثارتها بهذا الخصوص تتمثل في أن الشروط التي يشترط توفرها في المواطنين الذين يتقدمون بعريضة إلى مجلس الجهة ليس هي نفس الشروط المتطلبة في المواطنين الذين يتقدمون بطلب إلى مجلس العمالة أو الاقليم أو مجلس الجماعة، بحيث يلاحظ أن المادة 120 من القانون التنظيمي رقم14.111 المتعلق بالجهات قد اسقطت شرط توفر الموقعين على العريضة على شروط القيد في اللوائح الانتخابية، وهو شرط يعتبر أساسي في كل من المادة 114 من القانون التنظيمي رقم 14.112 المتعلق بالعمالات والاقاليم، والمادة 123 من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات.

إن هذا الشرط لاشك أنه سيقصي فئة عريضة من المواطنين والمواطنات في التعبير عن مطالبهم.

الملاحظة الثانية :  وهي في حالة تقديم العريضة وامتنع الرئيس عن تسليم الوصل المتعلق بإيداع العريضة ما العمل في هاته الحالة ؟ والملاحظة الاخيرة تتعلق  بالحالة التي يقبل فيها الرئيس العريضة ويمنح الوصل، ولكنه تراخى في إحالتها على المكتب للتأكد من استفائها للشروط المطلوبة، مع العلم أن القانون التنظيمي للجهات لم يشير إلى الآجال الفاصلة بين تاريخ إيداع العريضة لدى الرئيس وبين احالتها على المكتب، هذا ما يضع أصحاب العريضة في مفترق الطرق بحيث لم يعرفوا السبل الحقيقية للدفاع عن مطلب العريضة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفرع الثالث : تقديم ملتمسات في مجال التشريع

يعتبر الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع من الحقوق التي كفلها الدستور المغربي لسنة 2011،[9]  وقد أطر القانون التنظيمي 64.14[10] شروط وكيفية تقديم هذه الملتمسات التشريعية إلى مجلسي البرلمان لاتخاذ ما يلزم بشأنه اما قبوله ويتم تحويل الملتمس إلى مقترح قانون بعد تبنيه من طرف فريق برلماني، أو رفض هذا الملتمس وهنا يجب على المكتب المحال عليه تبرير اسباب الرفض. ورفض الملتمس التشريعي لا يقبل الطعن.

ومن شروط قبول الملتمس التشريعي جمع 25000 توقيع من المواطنين والمواطنات المغاربة المتمتعين بحقوقهم السياسية والمدنية ومقيدين في اللوائح الانتخابية العامة، وأن يكون هدف هذا الملتمس تحقيق المصلحة العامة، ويصاغ بوضوح مذكرة توضيحية تبين الأهداف المتوخاة من هذا الملتمس، ولا تقبل الملتمسات المس بثوابت الأمة المغربية، وكدا لا يتعارض الملتمس مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية والمواثيق التي صادق وانظم إليها المغرب.

وبشكل عام، فإن القانونين التنظيمين 44-14[11] المتعلق بالحق في تقديم العرائض وقانون 64.14 المتعلق بالملتمسات في مجال التشريع لم يعكس الفلسفة التي قامت عليها الوثيقة الدستورية الداعية إلى مشاركة وازنة وفعالة للمجتمع المدني في صناعة القرار السياسي وفق منهجية تشاركية.

كما أن تحقيق هذا الهدف ظل بعيد المنال، حسب المؤشرات الكمية والنوعية لاستعمال هذه الآليات بالمغرب والمستندة إلى بعض المحاولات الأولى لتقييم التراكم الحاصل في مجال الديموقراطية التشاركية، سواء من خلال العرائض المحلية المقدمة للمجالس الترابية أو الملتمسات المرفوعة، أو من خلال تقييم عمل الهيئات التشاورية المحدثة لدى مجالس الجهات والجماعات والعمالات والأقاليم.

 

خاتمة :

أكيد الوثيقة الدستورية لسنة 2011 مكنت المواطنين والمواطنات من المشاركة في تدبير الشأن العام العمومي عبر مجموعة من الأليات في سياق عالمي تراجعت فيه الديموقراطية التمثيلية لصالح الديموقراطية التشاركية.

إن الأليات التشاركية تمكن من تعزيز الثقافة المدنية الحقيقية، وتعطي قيمة مضافة لأي مشروع أو إعداد أي سياسة عمومية، لأنها تنشئ مسلسلا للمسؤولية المشتركة بين المواطنين والمنتخبين، وتصبح عملية اتخاد القرارات أكثر انفتاحا وشفافية تضع المواطن في قلب أو مركز المساهمة في القرارات التي تعنيهم، فهي أيضا تساعد على تعزيز الثقة في المنتخبين والمؤسسات المنتخبة من أجل إرساء مفهوم جماعة مواطنة مستمدة شرعيتها من المواطنين، وهذا هو الطريق الصحيح لتحقيق التنمية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع :

المجلات :

-محمد زين الدين ، “التدبير الجماعي والديموقراطية التشاركية ” مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد العدد 10-12 سنة 2009

النصوص القانونية :

– ظهير شريف رقم 1.15.84صادر في 20 من رمضان 1436(7 يوليو 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، الجريدة الرسمية عدد 6380الصادر بتاريخ 6 شوال 1436( 23 يوليو 2015)

– ظهير شريف رقم 1.15.85 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليو 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، الجريدة الرسمية عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015)، ص 6660.

– ظهير شريف رقم 1.15.83 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليو 2015 ) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، الجريدة الرسمية عدد 6380 الصادرة بتاريخ  6 شوال 1436 (23 يوليو 2015)

-الظهير الشريف رقم  . 1.16.108 صدر في 23 من شوال 1437 الموافق ل 28 يوليوز 2016 ، القاضي بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 64.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع ، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6492. بتاريخ 14 ذو القعدة الموافق ل 18 غشت 2016.

-الظهير الشريف رقم  . 1.16.107 صدر في 23 من شوال 1437 الموافق ل 28 يوليوز 2016 ، القاضي بتنفيذ القانون التنظيمي رقم   44.14بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6492. بتاريخ 14 ذو القعدة الموافق ل 18 غشت 2016.

Ouvrage :

Mehdi Mejdoubi. Qu est  ce que la démocratie .pour une bonne application. Editions la Croisée des Chemins ،Casablanca. 2012

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]-Mehdi Mejdoubi. Qu est  ce que la démocratie .pour une bonne application. Editions la Croisée des Chemins .Casablanca. 2012.p.99.

[2] -محمد زين الدين ، “التدبير الجماعي والديموقراطية التشاركية ” مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد العدد 10-12 سنة 2009.ص. 25.

 

[3] – انظر المادة 111 من القانون التنظيمي رقم  112.14من الظهير الشريف رقم 1.15.84صادر في 20 من رمضان 1436(7 يوليو 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، الجريدة الرسمية عدد 6380الصادر بتاريخ 6 شوال 1436( 23 يوليو 2015)

[4] – انظر المادة  120 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات

[5] – أنظر المادة 117 من القانون رقم 111.14 المتعلق بالجهات.

[6] – في فرنسا، تعتبر تجربة مجالس الاحياء ألية تشاركية من أليات ترسيخ ديموقراطية القرب على الصعيد المحلي ، مكنت المجالس الجماعية من إشراك المواطنين في تفاعل مع مكونات المجتمع السياسي والمهتمين بالشأن المحلي لبلورة سياسة تنموية نابعة من الحي.  تم تجربة مجالس الحكماء بإسبانيا فهي مجموعة محدودة من المواطنين يتم اختيارهم بالقرعة انطلاق من اللوائح الادارية المسجلة بالجماعة خلال يومين أو ثلاثة للاطلاع على المعلومات والنقاش الجماعي حول إحدى القضايا المطروحة التي تهم الشأن المحلي. للمزيد انظر بلال ابنيعيش المشاركة المواطنة في تدبير الشأن العام المحلي ” رسالة لنيل الماستر في القانون العام جامعة عبد المالك السعدي طنجة السنة الجامعية 2013.2014. ص.33

[7] – وضعت الفصول 13 و 14 و15 و139 من الدستور، والقوانين التنظيمية الثلاث التي صدرت سنة 2015 الآليات والفضاءات والإطارات العامة الكفيلة بضمان مشاركة فاعلة للمواطنين والمواطنات وفعاليات المجتمع المدني في صناعة القرار الديموقراطي والتنموي المحلي

[8] – اشترط القانون التنظيمي للعمالات والاقاليم الشروط التالية :

– أن يكونوا من ساكنة الجهة المعنية أو يمارسوا بها نشاطا اقتصاديا أو اجتماعيا أو تجاريا أو مهنيا.

– أن يكون لهم مصلحة مباشرة ومشتركة في تقديم العريضة

– أن يكونوا مسجلين في اللوائح الانتخابية العامة. وألا يقل عدد التوقيعات 500 ناخب بالعمالة أو الاقليم وهذا ما حدده القانون التنظيمي 112.14 وخاصة المادة 114 منه.

– بالنسبة للجماعات، طبقا لما تنص المادة 123 من القانون 123.14 يجب احترام ما يلي:

– 100  توقيع فيما يخص الجماعات الترابية التي يقل عدد سكانها عن 35000 نسمة.

-200  توقيع بالنسبة لغيرها من الجماعات على أن يقل عدد الموقعين بالنسبة لغيرها من الجماعات ذات نظام المقاطعات، كما يجب أن تتوفر فيهم شروط التسجيل في اللوائح الانتخابية.

 

[9] – نص الفصل 14 من الدستور على أن ” للمواطنات والمواطنين صمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي ، الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع”.

[10] – الظهير الشريف رقم  . 1.16.108 صدر في 23 من شوال 1437 الموافق ل 28 يوليوز 2016 ، القاضي بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 64.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع ، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6492. بتاريخ 14 ذو القعدة الموافق ل 18 غشت 2016.

[11] – الظهير الشريف رقم 1.16.107 صدر في 23 من شوال 1437 الموافق ل 28 يوليوز 2016 ، القاضي بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 44.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6492. بتاريخ 14 ذو القعدة الموافق ل 18 غشت 2016.

 

Exit mobile version