Site icon مجلة المنارة

الدعم الدستوري للتمثيلية البرلمانية

الدعم الدستوري للتمثيلية البرلمانية

 

 

 

 

بالعودة إلى دستور 2011، نجده قد كرس مجموعة من الأهداف  في نصوص عديدة منه، يروم من خلالها الارتقاء إلى الأحسن بتمثيلية المؤسسة البرلمانية، التي طالما اتسمت في ظل أغلب التجارب البرلمانية بالضعف على مستوى استقطاب مختلف الأنواع الاجتماعية(تمثيلية الشباب-تمثيلية النساء-  تمثيلية الجالية)، إضافة إلى النقصان الذي كان يعتري النظام القانوني الذي من شأنه أن يشكل دعامة أساسية في تفعيل المقاربة النوعية في انتخاب المؤسسة البرلمانية.

وعليه فقد نص دستور 2011 على أحكام ( الفصول: 6- 7- 11- 17- 19- 30-33) أدت إلى وجوب تحديث الترسانة القانونية المتعلقة بالمعايير التي يجب مراعاتها أثناء انتخاب ممثلي الأمة(القوانين التنظيمية لمجلسي البرلمان- القانون التنظيمي للأحزاب السياسية- القانون التنظيمي للجماعات الترابية) في شقها المتعلق بدعم المشاركة والتمثيلية داخل المؤسسة البرلمانية، كما منحت هذه الأحكام الدستورية سلطة مفتوحة للمشرع البرلماني ليضع المعايير الملائمة لتحقيق مجموعة من الغايات المقررة دستوريا نوردها فيما يلي:

ولأجل هذا كله، فإن التساؤل الذي يفرض نفسه في هذا السياق، هو إلى أي حد كان المشرع البرلماني موفقا في تفعيل أحكام الدستور؟ وهل أحدثت أثرا على مستوى مؤسسة البرلمان؟

وللإجابة على هذا التساؤل، سنحاول أن نتناول الموضوع وفق محورين:

الأول: سنحاول أن نقارب من خلاله النصوص المرتبطة بتفعيل تمثيلية النساء والشباب

الثاني: سنتطرق فيه إلى الاحكام الدستورية المرتبطة بدعم تمثيلية مغاربة العالم.

 

 

المحور الأول: تشجيع تمثيلية الشباب والنساء

لقد عمل الدستور على الرفع من المكانة التي يجب أن تمنح للشباب في مجال المشاركة الانتخابية، كما ألزم المشرع البرلماني باتخاذ التدابير اللازمة من أجل تشجيع فئة اجتماعية من المواطنات والمواطنين في المشاركة وتحسين تمثيليتهم داخل البرلمان، فوجود إطار قانوني مواتي ملائم يعد عنصرا مهما في البيئة التي تمكنهم من المشاركة السياسية وهو يعكس الآراء والقيم الثقافية ويحدد القواعد والشروط الهيكلية للمشاركة[1]. هكذا نجد أن الآلية التي قام من خلالها البرلمان بتفعيل مقتضيات المشاركة، منعكسة في القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلسي البرلمان كم نجد مجموعة من المقتضيات كذلك في كل من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية والقانون التنظيمي للجماعات الترابية.

فبموجب القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب[2]، نصت المادة 23[3] منه على تخصيص 30 مقعدا للمترشحين الذكور الذين لا يزيد سنهم عن أربعين سنة ضمن الدائرة الانتخابية الوطنية، وهو مقتضى ينسجم مع منطوق الفصل 33 من الدستور[4]، الذي منح الصلاحية للبرلمان لتحسين وتشجيع التمثيلية بناء على اعتبارات عمرية، وما دامت القوانين التنظيمية تخضع لرقابة إلزامية من طرف القاضي الدستوري، فقد شكلت المادة 23 فرصة لكي يبلور المجلس الدستوري اجتهادا جد متقدم في هذا السياق، إذ أن هناك تحول نوعي في تأويل القاضي الدستوري، حيث اعتمد مؤشرات ديمغرافية الجسم الانتخابي في قراءة نتائج الانتخابات من أجل البرهنة على الطابع الملائم للتدبير المتخذ من قبل المشرع بمقتضى المادة 23  السالفة الذكر[5].

ويذهب أحد الباحثين في تعليقه على قرار المجلس الدستوري إلى أن هذا الأخير قد زاغ عن الصواب عندما أقر بدستورية المادة 23 من القانون التنظيمي في الشق الذي ينص فيه على اللائحة الوطنية المخصصة للشباب، وكان من الحري بالمجلس الدستوري أن يقضي بمخالفتها للدستور، استنادا إلى عدة تبريرات يوردها على الشكل التالي[6]:

وإذا حاولنا أن نقيم مدى قوة الحجج في دحض حيثيات القاضي الدستوري، فإنه من جهتنا نرى بأن المجلس الدستوري قد كان أكثر قوة ودفاعا عن موقف الدستور، وذلك باتباعه منهجية واستراتيجية مغايرة في الاستدلال والحجاج، وهذا بناء على مجموعة من الاعتبارات الدستورية:

أولى هذه الاعتبارات، أن الدستور الجديد لم يورد أي مقتضى صريح بشأن اعتبار التمييز الإيجابي خاص بالإناث دون الذكور، سيما وأن فصول الدستور مصاغة بصفة عامة، وتحيل إلى دور القانون في اتخاذ التدابير اللازمة لتشجيع تمثيلية فئات معينة في المجالس النيابية، وهو ما يتضح من خلال الفصل 30 الذي منح للقانون مجالا واسعا من أجل النص على مقتضيات من شأنها أن تشجع تكافؤ الفرض بين الرجال والنساء في الولوج إلى الوظائف الانتخابية دون أن يقيد هذه المقتضيات بشرط الحد الادنى والأقصى للهرم العمري للمترشحين من الجنسين. كما أن القول بعدم دستورية إدماج الشباب في اللائحة الوطنية، أمر مجانب للنص الدستوري الذي ألزم السلطات العمومية على العمل على توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية السياسية حسب منطوق الفصل 33، الأمر الذي يستدعي تدخل المشرع البرلماني ليسن التدابير اللازمة ما دام الأمر له علاقة بمصلحة عامة وتحقيق غاية دستورية، وهو ما صرح به المجلس الدستوري في حيثياته قراره 817.11[7].

ثانيا، ولما كان الأمر يتعلق إذن بتحقيق أهداف ذات قيمة دستورية فإنه من حق البرلمان أن يقوم بإقرار كل ما يراه مناسبا لكي يتم تفعيل هذه الأحكام في الواقع والممارسة، إلا أن الإشكال الذي قد يطرح هو المتعلق بفهم مضمون الفصل 33 من الدستور الذي نص على عبارة “الشباب” التي جاءت عامة وغير مخصصة لفئة معينة دون أخرى، إلا أن القاضي كان واعيا ومتفطنا بهذه المسألة عندما حدد فئة المرشحين بعبارة “المرشحين الذكور”، وذلك تمييزا لهم عن “المترشحات الإناث” اللائي قام القانون التنظيمي بسن مقتضيات خاصة من شأنها تحسين تمثيليتهن، وهذا لا يعني أن تأويل القاضي الدستوري لعبارة “الشباب” الواردة في الفصل 33 يقصرها فقط على الذكور، بل إن هذا التخصيص والتمييز القانوني بين لائحة الشباب الذكور وبين لائحة النساء، أملته من جهة، ضرورة مراعاة تكامل وانسجام واتساق نصوص الدستور في مبادئه وأهدافه التي يرمي إلى تحقيقها، ومن جهة أخرى حماية لعدم خرق مبدأ تكافؤ الفرص في الولوج إلى الوظائف الانتخابية المكرس بموجب الفصل 30 من الدستور.

هذه الإجراءات الاستثنائية في ما يخص التمييز الايجابي لفائدة الشباب هو الاتجاه المعمول به في العديد من الدول، حيث تمنح للمشرع صلاحيات واسعة لكي يسن ما يراه مناسبا من تدابير ترمي تشجيع فئة معينة في المشاركة في الشأن العام وتحسين تمثيليتهم في المؤسسة البرلمانية[8].

ويتضح من خلال ما سبق “أن القاضي الدستوري دبر صعوبة متعلقة بتبرير تركيب تدبيرين للتمييز الإيجابي الأول على أساس الجنس والثاني على أساس الهرم العمري داخل نفس التقنية التي هي اللائحة الوطنية من خلال استراتيجية بديلة للاستدلال تنبني على معطيات واقعية تقارن بين ديمغرافية الجسم الانتخابي (جنسا وسنا) من جهة، وتمثيلية النساء والشباب داخل مجالس النواب السابقة من جهة أخرى، وهذه المنهجية قد تكون لها مخاطرها، وأن تخصيص 30 مقعدا للذكور من الفئة العمرية الأقل من 40 سنة قد يؤدي إلى عدم فحص هذا التدبير التشريعي على ضوء “مبدأ حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس” الواردة في تصدير الدستور[9].

وإلى جانب هذا التدبير التشريعي لتشجيع تمثيلية الشباب والنساء في القانون التنظيمي لمجلس النواب بموجب اللائحة الوطنية، تم إقرار مقتضيات تمييزية أخرى من شأنها الرقي بتمثيلية النساء، في كل من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين والقانون التنظيمي للجماعات الترابية، تفعيلا لأحكام الدستور الذي أعاد الاعتبار لمكانة المرأة ودورها في اتخاذ القرار التشريعي.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن هذه الإجراءات التشريعية التي أصبح يطلق عليها “بالتمييز الإيجابي” “discrimination positive”، تهدف إلى ضمان أفضلية معينة لفئات من المواطنين لتعويض عدم المساواة في الوضع، والهدف منها كذلك هو استعادة وضعية تكافؤ الفرص الناتجة عن وضعية عدم المساواة في الأصل[10]. وهو ما يطرح إشكالية أساسية بالنظر إلى ما يمكن أن ينتجه من آثار على مستوى النص الدستوري، الذي ينص على ان القاعدة القانونية تسري على الجميع بدون أي تمييز، كما قد يشكل من الناحية الظاهرية مخالفة لمبدأ المساواة في التمتع بالحقوق والحريات الأساسية[11].

لقد طرحت هذه المسألة بشدة في العديد من المناسبات في فرنسا، أمام المجلس الدستوري الذي كان أكثر صرامة في التعامل مع النصوص التي كانت تروم تحسين تمثيلية النساء، حيث قضى بمخالفة مقتضيات “التمييز الإيجابي” للدستور والإعلان العالمي لحقوق الانسان ولمفهوم المساواة والسيادة الوطنية التي تمنع أي تقسيم للجسم الانتخابي على أساس الاقتراع العام وعلى المساواة، في أولى قراراته الصادرة في شأن الكوطا النسائية في 18 نونبر 1982[12]، كما سيؤكد على نفس المنطوق في قراره رقم 99-407 DC[13]، وهو ما سيؤدي إلى إجراء إضافة على المادة الثالثة من الدستور بموجب القانون الدستوري رقم 99-569 في 8 يوليوز 1999، الذي أسس لنظام الكوطا[14]، حيث نصت الفقرة الخامسة المضافة إلى المادة الثالثة على ما يلي:” يضمن القانون مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة”، وهذه المادة المضافة بالرغم من أنها جاءت عامة في الدستور، إلا أن المجلس الدستوري الفرنسي سيضع عليها قيود معينة، وفي هذا السياق استبعد المجلس الدستوري النصوص التشريعية الأخرى واعتبر أن الفقرة الخامسة لا تسري إلا فيما يتعلق بتحسين تمثيلية المرأة في المؤسسات المنتخبة، وهو ما سيتضح في قراره المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية (قرار رقم 445-01 DC)[15] وقراره المتعلق بقانون المساواة في الأجر بين المرأة والرجل ( قرار رقم 533-06 DC).

وبالنتيجة وبمناسبة تعديل 23 يوليوز 2008 فإن المشرع الدستوري قام بتوسيع هذه الأحكام بدءا من إلغاء الفقرة الخامسة من المادة الثالثة وتم تعويضها بفقرة جديدة في الفصل الأول من الدستور الذي نص على ما يلي:” يضمن القانون الولوج المتساوي بين الرجال والنساء في تقلد الولاية الانتخابية والوظائف الانتخابية وكذا ممارسة المسؤوليات المهنية والاجتماعية”[16].

منذ دخول أول دستور له، نص على تكريس مبدأ المساواة بين الجنسين في التمتع بالحقوق السياسية، ونصت الدساتير المغربية على ضمان حق المواطنين في ممارسة هذه الحقوق والحريات، إلا أن الواقع يظهر الهوة بينه وبين ما تنص عليه التشريعات، حيث أنه بالرغم من أن هناك مساواة قانونية فإن انعكاساته على مستوى الواقع المؤسسي ظل لمدة طويلة في المغرب مأزوما. وقد استدعى الأمر حتى سنة 2002 وبفضل نظام الكوطا الطوعية، لكي تستطيع المرأة أن تمارس دورها في تمثيل الأمة من داخل المؤسسة البرلمانية، حيث تميزت مرحلة ما قبل 2002 بضعف نسبة مشاركة النساء بل وغيابهن عن المؤسسات التمثيلية[17]. فقبل انتخابات 2002 تم إجراء تعديل على القانون التنظيمي رقم 97-31 بموجب القانون التنظيمي رقم02-06 الذي أسس ضمنيا لنظام التمييز الإيجابي وذلك عبر توافق الاحزاب لتخصيص نسبة من المقاعد لصالح النساء، مما جعل التجربة المغربية المؤسسة للكوطا قائمة على التوافق بين المكونات السياسية. كما يلاحظ أن الانتخابات التشريعية لسنة 2007 تميزت بمشاركة متدنية للناخبين حيث لم يتحاوز عدد النساء 4.5 بالمائة أما اللوائح التي ترأستها النساء فلم تتجاوز 2.68 بالمائة، وقد أسفرت عن فوز 34 امرأة من مجموع 325 مسجلة بذلك تراجعا طفيفا مقارنة مع الانتخابات التشريعية السابقة[18].

وبدخول دستور 2011، ستعرف تمثيلية المرأة في البرلمان تطورا ملموسا، وذلك بفعل التأسيس الدستوري لنظام التمييز الإيجابي كما نص عليه الفصل 19 من الدستور الذي كرس “مبدأ المناصفة” [19] بين النساء والرجال، إضافة إلى ما نص عليه الفصل 30 من ضرورة دعم القانون لتكافؤ الفرص بينهما.

وفي نفس هذا السياق نصت المادة 24 من القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، في فقرتها التاسعة على وجوب تقديم لوائح ترشيح يتناوب فيها الجنسان استلهاما لمضمون الدستور، حيث جاء فيها ما يلي: ” يجب ألا تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح اسمين متتابعين لمترشحين اثنين من نفس الجنس” وقد جاء قرار المجلس الدستوري مؤيدا لهذا المقتضى[20] الذي اعتبره منسجما مع مبدأ المساواة في التمتع بالحقوق، بالرغم من أنه جاء مقيدا كذلك لحرية الاحزاب، إلا أن الدور المخول للاحزاب بموجب الدستور يبرر ذلك حسبما صرح به المجلس الدستوري في قراره رقم  11-820[21] حيث جاء فيه: “وحيث إنه، إذا كان إلزام المشرع للأحزاب السياسية والمترشحين عموما بتقديم لوائح الترشيح على الوجه المذكور من شأنه أن يقيد حرية هذه الهيئات والمجموعات في تكوين لوائح ترشيحاتها وترتيب المترشحين فيها بغض النظر عن جنسهم، فإن هذا الإلزام، فضلا عن كونه جاء إعمالا لمبادئ أخرى يضمنها الدستور نفسه، لا سيما تلك الواردة في الفصلين 19 و30 المشار إليهما، يبقى منسجما مع الدور المخول للأحزاب السياسية دستوريا باعتبارها أداة لتعزيز انخراط المواطنات والمواطنين في الحياة السياسية والمشاركة في ممارسة السلطة، مما يبرر تقديم لوائح ترشيح تتيح المشاركة المتوازنة والفعلية للجنسين معا في الحياة العامة”.

وما يمكن أن يثير الانتهباه في قرار المجلس الدستوري في هذا الصدد، هو أن مقتضيات المناصفة “التمييز الإيجابي” لا يمكن تفعيلها على مستوى الواقع بدون تدخل من طرف الاحزاب السياسية، التي أصبح من الواجب عليها بموجب الفصل السابع، أن تعزز انخراط المواطنات والمواطنين في تدبير الشأن العام، فهي تشكل حسب الباحثين Norris et Lovenduski، “كلاب حراسة les  chiens de garde الهيئات العامة القرارية”[22]، حيث تلعب دورا مهما في جميع مراحل “التعيين désignation لدعم تمثيلية النساء والرجال من خلال القوائم الترشيحية التي تقدمها[23]، وهو ما كان المشرع الدستوري الفرنسي قد كرسه بموجب تعديل 1999 الذي نص على التمييز الإيجابي[24] في الفقرة الأخيرة من الفصل الثالث منه، لينص في الفصل الرابع على أن ” تعمل الأحزاب السياسية على تطوير المبدأ المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة وفق الشروط التي يحددها القانون”، فالمناصفة هي فقط “هدف وغاية ذات قيمة دستورية” تقتضي تدخل المشرع الذي لا يعتبر ملزما بفرضها، في المقابل يمكن إلزام الأحزاب السياسية على احترامها، فسياسة “الكوطا” تستهدف الأحزاب  ولا تتم بطريقة مباشرة[25]. وهو ما أيده المجلس الدستوري الفرنسي في قراره رقم  DC475 -2003 الصادر في 24 يوليوز 2003. وهو نفس ما  يستشف كذلك من قرار المجلس الدستوري المغربي رقم 820-11.

وتماشيا مع منطوق الدستور، فقد نص القانون التنظيمي رقم 11-29 المتعلق بالأحزاب السياسية على مقتضيات تروم دعم تمثيلية النساء والشباب في أجهزتها القرارية، كما أوجب المشرع الأحزاب بتقديم مرشحيها للانتخابات بطريقة ديمقراطية وشفافة[26].

إضافة إلى هذه المقتضيات تضمن القانون التنظيمي رقم 11-59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، جملة من المواد لصالح تحسين تمثيلية النساء على المستويين الجهوي والمحلي وذلك بإحداث دائرتين انتخابيتين على صعيد كل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات تخصص إحداهما للنساء على أن لا يقل عدد المقاعد المخصصة لهن عن ثلث المقاعد المخصصة للعمالة أو الإقليم أو عمالة المقاطعات المعنية برسم مجلس الجهة وفق مقتضيات المادة 77 من نفس القانون التنظيمي، وقد اعتبر المجلس الدستوري بأن المشرع له حرية اختيار نوعية الاحكام التي يرتئيها ملائمة لتحسين تمثيلية المرأة كما أكد على الطابع المرحلي لهذه التدابير، مع إمكانية المشرع أن يلجأ إلى أي وسيلة مباشرة أو غير مباشرة تفضي إلى تحسين المشاركة السياسية للنساء مستلهما ومستحضرا في ذلك نص وروح الدستور[27]. كما ذهب المجلس الدستوري بعيدا في تفسيره للنصوص القانونية من حيث توسيع نطاقها، اثناء نظره في المواد 102 و103 و104 المتعلقة بتأليف مجالس العمالات والأقاليم، فبالرغم من أن هذه النصوص خالية من أي تصريح يرمي إلى تحسين تمثيلية النساء، إلا أن القاضي الدستوري استعمل أسلوب “الإثارة غير المباشرة” لكي يستنتج بأن أحكام هذه المواد ترمي إلى تحسين تمثيلية النساء، وهو نفس ما سيتجه فيه المجلس الدستوري أثناء نظره في المادة 143 من القانون التنظيمي التي نصت على إحداث دائرة إضافية بدون أن تنص صراحة على تخصيصها للنساء، وذلك باعتماده “أسلوب الصريح والضمني” في نصوص القانون، لكي يستنتج من الأشغال التحضيرية للجان البرلمانية (تقرير لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية وكذا لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان)، بأن هذه الأحكام تهدف إلى تطبيق مقتضيات الدستور الذي أوكل إلى القانون التنظيمي تشجيع تمثيلية النساء[28]. سلوب الال وإلى جانب هذا الدعم الدستوري للتمثيلية البرلمانية والتنصيص على “المقاربة النوعية والعمرية” في تدبير المشاركة والتثمثيلية، فقد نص الدستور على أحكام أخرى مرتبطة بمسألة التمثيل والمشاركة السياسية للمغاربة القاطنين بالخارج.

المحور الثاني: دعم مشاركة وتمثيلية مغاربة العالم

لقد شكلت مسألة التمثيلية والمشاركة السياسية للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج، بؤرة نقاش طويل حول آليات وإجراءات إشراكهم في ممارسة حقوقهم السياسية، وظلوا لفترة طويلة غائبين عن المؤسسة البرلمانية كما أن الدساتير المغربية السابقة لم تكن توفر لهم أي ضمانات خاصة وصريحة لحقهم في تدبير الشأن العام والمشاركة في السلطة. وقد عرفت الممارسة المغربية تجربة استثنائية وحيدة، في الانتخابات التشريعية لسنة 1984، حيث شارك في فيها خمسة نواب انبثقوا من الانتخابات التي جرت في خمس دوائر انتخابية: عقا الغازي عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية(باريس)، إبراهيم برباش عن حزب الوسط الاجتماعي(ليون)، مرزوق أحيدار عن الاتحاد الدستوري(بروكسيل)، رشيد لحلو عن حزب الاستقلال(مدريد)، عبد الحميد نعيم عن التجمع الوطني للأحرار(تونس)[29].

ومنذ تلك اللحظة خصوصا بعد إلغاء المقاعد الخمس المخصصة للجالية، لم يعرف البرلمان المغربي أي حضور لهم، كما أن النصوص الدستورية اللاحقة لم تكن تنص على أي مقتضيات خاصة من شأنها الرقي بتمثيليتهم، وآليات إشراكهم في القرار البرلماني، واستدعى الأمر حتى دستور 2011، لكي يتم تكريس مجموعة من الحقوق للمواطنات والمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج، ومن بينها حقهم في المشاركة والولوج إلى مراكز القرار.

سيمكن الدستور المغربي لسنة 2011 المغاربة القاطنين بالخارج من التمتع بضمانات قوية في ما يخص مشاركتهم السياسية، وهكذا نجد أن الفصل 16 عمل على التنصيص على حماية حقوق الجالية المغربية المقيمة بالخارج، كما كرس الفصل 17 الحقوق الكاملة لهم بما فيها حقهم في التصويت والترشيح في الانتخابات المحلية والجهوية والوطنية، وبالرغم من أن هذا الحق كان مكرسا منذ أول تجربة دستورية بشكل ضمني، إلا أن ضماناته كانت غير كافية للرقي بتمثيليتهم ومشاركتهم، إلا أن دستور 2011 سيكون جد متقدم على سابقيه وذلك عندما نص على إمكانية مشاركتهم انطلاقا من بلدان الإقامة. وفي هذا السياق يجب التساؤل عن ماذا قدمه المشرع لتكريس هذه الحقوق المضمونة للمغاربة المقيمين بالخارج؟ وبعبارة أخرى إذا كان الدستور ينص على أن القانون يحدد طريقة مشاركتهم السياسية وطريقة ممارسة حق التصويت فإلى أي حد كان موفقا في هذا الشأن؟

تماشيا مع نصوص الدستور، نص القانون التنظيمي  لمجلس النواب في المادة 22 منه على إمكانية المغاربة المقيمين بالخارج أن يقدموا ترشيحاتهم للانتخابات المحلية والدائرة الانتخابية الوطنية وفق الكيفيات والشروط وداخل الآجال المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي. غير أنه لا يؤهل للترشيح كل مغربية أو مغربي مقيم بالخارج يتولى مسؤولية حكومية وانتدابية أو عمومية ببلد الإقامة[30].

وإذا كانت هذه المادة تدعم مشاركتهم في الانتخابات فإنها تبقى مقيدة بفصول أخرى من هذا القانون الذي لم ينص على إمكانية تصويتهم من بلدان الإقامة، كما حصل مع الاستفتاء على الدستور،  فالمادة الثانية من القانون التنظيمي لمجلس النواب لم تخصص أي دائرة من الدوائر الانتخابية، لمغاربة المهجر كما ينص على ذلك الدستور، كما أن تنصيص القانون التنظيمي في المادة 23 على ضرورة إيداع التصريحات بالترشيح من طرف كل مرشح بصفة شخصية قد يتناقض مع الحق الممنوح لهم بموجب المادة 22 من نفس القانون، إضافة إلى أن هناك غياب أي تحصيص لهم على غرار المقاعد المخصصة للشباب والنساء في اللائحة الوطنية، فقد كان من الحري إلى جانب ذلك تخصيص دوائر انتخابية خارج تراب الوطن، فالدستور بالرغم من أنه ألزم القانون بتحديد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح انطلاقا من بلدان الإقامة، فإن تفعيل هذا المقتضى لا يمكن أن يتم بدون تدخل من طرف البرلمان، وهو ما لم يكرسه القانون التنظيمي بشكل صريح، اللهم ما نص عليه في المادة 72 التي أعطت لهم الحق في التصويت عن طريق الوكالة الذي أثار نقاشا واسعا بين منتقد ومعارض لهذه التقنية وبين مؤيد لها، إلا أن المجلس الدستوري قد اعتبر أن هذا التنصيص يندرج في إطار السلطة التقديرية للمشرع، الذي من شأنه أن يضع استثناءات على مبدأ شخصية الانتخاب بالنسبة لفئات من المواطنين غير القاطنين بالبلد الأصلي[31] وهو نفس المنطوق الذي سيقرره حول المادة 12 من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية.

في هذا السياق، اعتبر الأستاذ “أحمد مفيد”  أن المجلس الدستوري أعطى تفسيرا “غير ديمقراطي” لكل من المادة 72 من القانون التنظيمي لمجلس النواب والمادة 12 من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية، فبالتمعن الدقيق في هذه المواد يتبين بأن المشرع لا يستهدف تحديد شروط الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح من بلدان الإقامة بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، بقدر ما يهدف إلى تقييد وحصر مشاركة المغاربة المقيمين في الخارج من ممارسة حق التصويت انطلاقا من بلدان الاستقبال، وذلك بالنص على التصويت بالوكالة عوضا عن التصويت الشخصي هذا مع العلم بأن الدستور المغربي ينص على أن التصويت حق شخصي وواجب وطني[32].

أما الأستاذ محمد الأعرج فقد اعتبر على إثر تعليقه على القرار  “أن ما يثير الانتباه هو أن الفصل 30 من الدستور واضح ويعتبر أن التصويت حق شخصي ويحيل على القانون في تنظيم شروطه وممارسته وليس تحديد طبيعة الحق هل هو شخصي أو غير ذلك، لأن التركيبة اللغوية للفصل 30 واضحة وتعتبر أن التصويت حق شخصي، والإحالة على القانون في عملية تنظيم الحق وممارسته لا يعني أن القانون يتولى تحديد طبيعة الحق، فالنص الدستوري في هذا المقتضى حاسم وقطعي ويحسم الطابع الشخصي للحق في التصويت، ولو أراد المشرع الدستوري أن ينيط بالقانون تحديد طبيعة الحق لتوقف عند اعتماد صيغة أن “التصويت حق” دون تحديد طبيعته، وبالتالي فالقاضي الدستوري يدخل استثناءات على قواعد دستورية مطلقة[33].

ولو حاولنا من جهتنا، تقدير مدى دستورية هذا الإجراء المتخذ ومدى صحة التعليقات على هذا القرار، فيجب أن نتمعن جيدا الغاية الدستورية من وضع نصوص خاصة بفئة معينة، فالقول بأن النص الدستوري جاء مطلقا قد يستبعد القاعدة القائلة بأن المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصا أو دلالة،[34] فإذا كان ” التصويت كحق شخصي”  جاء في الدستور مطلقا فإن تقييده بفصول أخرى من الدستور، تجعل من إمكانية وجود استثناءات على شخصية التصويت أمرا جائزا، نظرا لاتحادهما في الحكم الذي هو “الحق في التصويت”، سواء كان التصويت بصفة شخصية أو عن طريق الوكالة أو من خلال آلية أخرى. وهكذا فإن القراءة المتكاملة لنصوص الدستور تبرر إمكانية المشرع لكي يضع المقتضيات التي يرى أنها مناسبة لضمان ممارسة فئة معينة – ميزها الدستور وسماها بعينها- لحقوقهم الأساسية، فبالرغم من أن نصوص الدستور مطلقة في بعض أحكامها إلا أن ارتباطها من ناحية أخرى بمجال الحقوق والحريات المكتسبة التي تسمو على القوانين الوضعية لا يمكن أن يؤدي إلى إبطال قواعد استثنائية حتى ولو كانت مخالفة للدستور ظاهريا.

وتجدر الاشارة إلى أن اغلب التجارب قد تبنت إلى جانب تقنيات أخرى، التصويت عن طريق الوكالة بالنسبة لمواطنيها القاطنين بالخارج، ففي فرنسا تم تنظيم تقنية التصويت بالوكالة بموجب مدونة الانتخابات في موادها  ((L. 71 à L. 78, L. 111, R. 72 à R. 80،  للفرنسيين القاطنين خارج فرنسا، وذلك وفقا لما نص عليه الدستور بموجب تعديل 23 يوليو 2008، الذي نص في المادة 24 منه على تمثيليتهم على المستوى الوطني[35].

وبالرجوع إلى التجارب المقارنة، فإن هناك حوالي 111 دولة تسمح لرعاياها بالخارج بالمشاركة في الاقتراعات الانتخابية، ومع ذلك يقدر عدد البلدان التي تسمح لهم بذلك فعليا ب 80 دولة أما الدول الأخرى فمساطرها الانتخابية تبقى خاضعة لعدة قيود أو غير قابلة للتطبيق أو ملغاة[36]. كما أنه من بين 111 دولة تخول حق التصويت لرعاياها المقيمين بالخارج، هناك فقط 9 دول تمنح لهم إمكانية تمثيليتهم في المؤسسة البرلمانية. ففي فرنسا منذ عام 1948 يتمتع المواطنون في الخارج بتمثيلية في مجلس الشيوخ، حيث بلغت هذه النسبة سنة 1983 اثنى عشر(12) مقعدا[37]، وتجدر الإشارة إلى ان الأعضاء الاثنى عشر (12) يتم انتخابهم بطريقة غير مباشرة من خلال المجلس الأعلى للفرنسيين القاطنين بالخارج، 150 عضو يتم انتخابهم من بين 183 عضوا الذين يشكلون المجلس، الذي يمثل ما يقارب 2 مليون مواطن فرنسي يعيشون في الخارج، ويتم انتخاب الأعضاء 150 بطريقة مباشرة من قبل الناخبين في الخارج. وعلى إثر إصلاح 2008 تم ضمان عضوية وتمثيلية المواطنين في الجمعية الوطنية،  ومع إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية سنة 2010 تم إحداث 11 دائرة خارج فرنسا ومع تطبيق التقسيم سنة 2012 تم انتخاب 11 نائبا وفق 11 دائرة انتخابية مقسمة على عدد من البلدان حسب التجمعات الجغرافية وحسب عدد السكان الفرنسيين المقيمين فيها[38].

أما في المغرب وبالرغم من أن الدستور منح لهم الحق في التصويت والترشيح انطلاقا من بلدان الإقامة إلا أن الانتخابات التي أجريت في 25 نونبر 2011 لم تتضمن أي تحديد للدوائر الانتخابية للمغاربة القاطنين خارج التراب الوطني، كما هو معمول به في بعض التجارب التي تخصص مقاعد لمواطنيها غير القاطنين في البلد الأصلي[39]، كما ان استعمال التصويت بالوكالة على المستوى العملي ظل جد محدود، حيث أنه من أصل 847 مكتبا للتصويت تمت ملاحظتها لم يسجل استعمال هذه المسطرة إلا مرتين فقط[40].

وفي الختام

يمكن القول بأن إعادة النظر بمقتضى الدستور والقانون في آليات وإجراءات التمثيلية البرلمانية يعد مؤشرا إيجابيا لقياس مدى مساهمة هذه الاصلاحات في تسهيل وتفعيل التحول في نظام الديمقراطية التمثيلية، وتحسين تمثيلية فئات اجتماعية واسعة ودعم مشاركتهم يعد أحد هذه الانعكاسات، وعليه فإنه بالرغم من أن أثر دستور 2011 كان باديا على مستوى تحسين تمثيلية الشباب والنساء في المؤسسة البرلمانية -فيما ظل موطنوا الخارج خارج دائرة التمثيل-،فإن هذا التطور يبقى رهينا بمدى إمكانيته في الـتأثير والانعكاس على مستوى الوظيفة التي تؤديها المؤسسة البرلمانية، على مستوى مخرجات هذه الوظيفة المتجلية في وظيفة التعبير عن الأمة التي هي وظيفة مشتركة يتقاسمها كل أعضاء البرلمان. وفي هذا السياق لا يمكن إنكار بأن برلمان دستور 2011 قد استعاد نوعا من الحيوية والفعالية ونوعا من الحركية التي كانت شبه غائبة في  بعض لحظات التاريخ النيابي المغربي، وهذا لا يعني اننا نرمي إلى القول بأنه قد وصلنا إلى درجة البرلمان الديمقراطي، بقدر ما يعني بأن عملية التطور التي تعرفها التمثيلية البرلمانية هي عملية تدريجية، تستدعي إلى جانب التكريس الدستوري لها، ثقافة سياسية ووعي قادر على بلورتها على مستوى الواقع، أو حسب تعبير الباحثين ” إخراج المعادلة الانتخابية من حقل التمثيل إلى حقل السياسات العمومية”[41]، وفي ترجمة اختيارات المواطنين على مستوى الوظائف التي تمارسها المؤسسة البرلمانية.

 

[1] – تحسين المشاركة السياسية للشباب، برنامج الامم المتحدة الإنمائي(UNDP)، دليل الممارسات السليمة 2012، ص: 20.

[2] – القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، الصادر الأمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 1.11.165 في 14 أكتوبر 2011، الجريدة الرسمية عدد 5987(17 أكتوبر 2011) ص: 5053.

[3] – تنص المادة 23 القرة الثانية منه على ما يلي: ” فيما يخص الانتخابات على صعيد الدائرة الانتخابية الوطنية يجب على وكيل كل لائحة أو كل مترشح أن يودع بنفسه بمقر كتابة اللجنة الوطنية للإحصاء، المنصوص عليها في المادة 85 من هذا القانون التنظيمي التصريح في ثلاثة نظائر داخل الآجال المشار إليها أعلاه، ويجب أن تشمل لائحة الترشيح على جزأين يتضمن الجزء الأول منها أسماء ستين (60) مترشحة مع بيان ترتيبهن ويتضمن الجزء الثاني منها أسماء ثلاثين مترشحا ذكرا لا تزيد سنهم على أربعين سنة شمسية في تاريخ الاقتراع مع بيان ترتيبهم”.

[4] – تنص المادة 33 من دستور 2011 على ما يلي: ” على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق ما يلي:

– توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد؛”

[5] – مما جاء في حيثيات قراره ما يلي: “وحيث إنه، يبين من الاطلاع على نتائج الانتخابات التشريعية لسنوات 1997 و2002 و2007، من زاوية الهرم العمري للمرشحين الفائزين، أن عدد النواب الذكور الذين لم يكن عمرهم يتجاوز الأربعين في السنة التي جرى فيها الاقتراع في المجالس المنبثقة عن الانتخابات المذكورة اتسم بالتناقص، إذ انتقل من 71 عضوا سنة 1997 إلى 41 عضوا سنة 2002 إلى 36عضوا سنة 2007، مما يجعل هذه الفئة العمرية، في ميدان تمثيلية المواطنين في مجلس النواب، في وضعية متدنية لا تتناسب مع حجمها ودورها داخل المجتمع وتحول –واقعيا– دون إفساح المجال لها للانخراط والمشاركة في التنمية السياسية للبلاد، كما يدعو إلى ذلك الفصل 33 من الدستور المشار إليه أعلاه؛

وحيث إن المشرع، بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 23 من هذا القانون التنظيمي، عندما خصص للمترشحين الذكور الذين لا يزيد سنهم عن أربعين سنة –ضمن الدائرة الانتخابية الوطنية– ثلاثين (30) مقعدا، يكون قد سن تدابير ملائمة لتحقيق توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية السياسية للبلاد؛”

[6] – أحمد مفيد، ملاحظات منهجية حول تنزيل الوثيقة الدستورية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية (REMALD)، العدد 103، مارس أبريل 2012، ص: 12-15.

[7] – ومما جاء فيه:”…وحيث إن تحفيز المشرع إراديا للمترشحات الإناث بغض النظر عن سنهن ولمترشحين ذكور من فئة عمرية معينة يسعى إلى تحقيق غاية مقررة دستوريا ويعد تكريسا لإحدى القيم الكبرى التي ينبني عليها الدستور التي بمراعاتها تتحقق مصلحة عامة؛

وحيث إن عدم إخضاع المترشحات الإناث لقيد السن، خلافا للمترشحين الذكور، يرمي إلى إفساح أوسع مجال ممكن للمترشحات للولوج إلى الوظائف الانتخابية رعيا لوضعهن الراهن في المجتمع المغربي ؛

وحيث إن عدد المقاعد المقرر التنافس عليها في نطاق الدائرة الانتخابية الوطنية، من قبل المترشحات الإناث والمترشحين الذكور الذين لا يتجاوز سنهم أربعين سنة، يظل في حدود 22% من مجموع المقاعد التي يتألف منها مجلس النواب، مما يجعل هذه الوسيلة متناسبة مع الغاية الدستورية المراد بلوغها، ولا يترتب عنها، في هذه الحدود، انتقاص من حقوق الترشيح والانتخاب المخولة لسائر المواطنين؛

 

[8] – voir à ce propos, systèmes de quotas électoraux hommes-femmes et leur  application en europe, étude, IDEA et UNIVERSITE STOCKHOLM, 2008.

[9] – انظر في ذلك: تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان حول انتخابات 25 نونبر 2011.

[10]– انظر:الحسين أعبوشي، دور القانون في توطيد المواطنة: قراءة في إجراءات التمييز الإيجابي، ضمن أشغال الندوة المنظمة من طرف مختبر الدراسات الدستورية والسياسية والجمعية العربية للعلوم السياسية- مراكش  13-15 مارس 2009، ط1: 2010، ص:101.

[11]– انظر: محمد اليعقوبي، المرأة المغربية بين حق التصويت وحق الترشيح، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 38، 2002، ص:147.

[12] – Gwénaële CALVES, La Parité Entre Hommes Et Femmes Dans L’accès Aux Fonctions Electives Faut-il Réviser La Constitution?, CURAPP- Questions sensibles, PUF,1998, p: 219.

– (G.) Calvès, « Les politiques françaises de discrimination positive : trois spécificités », Pouvoirs, 2004, n° 111, pp:30-34.

[13] – dans sa Décision n° 98-407 DC du 14 janvier 1999, sur  Loi  relative  au  mode  d’élection  des  conseillers  régionaux  et des  conseillers  à l’Assemblée de Corse et au fonctionnement des conseils régionaux, le C.Cons affirmé sur l’obligation d’assurer la parité entre candidats féminins et  masculins énoncés par les articles 4 et 17: «Considérant que, en l’état, et pour les motifs énoncés dans la décision susvisée du 18 novembre 1982, la qualité de citoyen ouvre le droit de vote et l’éligibilité dans des conditions identiques à tous ceux qui n’en  sont exclus ni pour une raison d’âge,  d’incapacité ou de nationalité, ni pour une raison tendant à préserver la liberté de l’électeur ou l’indépendance de l’élu, sans que puisse être opérée aucune distinction  entre électeurs ou éligibles en raison de leur sexe ; que, par suite, les dispositions contestées doivent être déclarées contraires à la Constitution ; (…) »

[14] – Pierre Pactet Et Ferdinand Mélin Soucramanien, Droit Constitutionnel, 31e  Edition, Dalloz, à jour Août  2012, P:379.

[15] -C.cons, affirme: « Considérant que si, aux termes des dispositions du cinquième alinéa de l’article 3 de la Constitution, dans leur rédaction issue de la loi constitutionnelle n° 99-569 du 8 juillet 1999 : « la loi favorise l’égal accès des femmes et des hommes aux mandats électoraux et fonctions  électives », il résulte tant des travaux parlementaires ayant conduit à leur adoption que leur insertion dans ledit article que ces dispositions ne  s’appliquent qu’aux élections à des mandats et fonctions politiques ».

[16] – P. Pactet Et F. Mélin Soucramanien, op.cité, p:379.

[17] – في انتخابات  التشريعية لسنة 1963 بلغت نسبة المشاركة 73 في المائة ونسبة تصويت النساء بلغ 45 بالمائة في المدن و 39 بالمائة في القرى وترشح لهذه الانتخابات 690 متنافس من بينهم 16 امرأة (2 بالمائة) ولم تتمكن أي واحدة من الفوز، في انتخابات 1977 ترشح 692 رجل مقابل ثماني نساء ولم تتمكن أي واحدة من الفوز،في انتخابات 1984 ترشح 1318 رجل مقابل 15 امرأة لم تفز أي واحدة كذلك، وفي الانتخابات التشريعية لسنة 1993 ترشح 1976 رجل مقابل 33 امرأة ولم تتمكن النساء من الحصول إلا على مقعدين من أصل 333 أي بنسبة 0.6 بالمائة، في انتخابات 1997 ترشح 3219 رجل مقابل 69 امرأة أي بنسبة 2.1 بالمائة، ومن بين 325 مقعد لم تفز النساء إلا بمقعدين، وفي الانتخابات التشريعية لسنة 2002 وبفضل الكوطا وصلت نسبة تمثيلية النساء إلى 10.6 بالمائة أي 35 مقعد،. انظر:

– الحسين أعبوشي، دور القانون في توطيد المواطنة قراءة في إجراءات التمييز الإيجابي، م.س، ص: 105-106.

– محمد منار، الانتخابات بالمغرب: ثبات في الوظائف وتغير في السمات، الطبعة الاولى 2011، ص: 188-193.

[18] – إدريس الكريني، الكوطا ودورها في تمكين المرأة، مجلة مسالك، عدد مزدوج 23-24، 2013، ص:56.

[19] – هناك من يعتبر بأن المناصفة هي عبارة عن تمييز إيجابي تهدف إلى تسوية وضعية المرأة وتحسين تمثيليتها في المؤسسات المنتخبة، إلا أن التمعن في نص الدستور الجديد لسنة 2011، سيتضح بأن مفهوم المناصفة بين النساء والرجال  يضم مستويين: الأول وهو المتعلق بالتمييز الايجابي على أساس النوع، الثاني يتعلق بالتميز الإيجابي في نفس النوع على أساس الهرم العمري وهو ما سيتأكد مع قرار المجلس الدستوري 817/11، وهو ما ينسجم مع مبدأ تكامل نصوص الدستور وانسجامها. إضافة إلى ذلك يجب التنبيه إلى أن المناصفة هي غاية دستورية وليست مبدأ، لأن المبدأ هو المساواة، وهو ما أشار إليه الأستاذ الحسن الجماعي في العديد من المداخلات والندوات.

– حول التمييز الإيجابي انظر:

– Pouvoirs, n° 111-2004 ; (G.) Calvès, La discrimination positive op.cité, P: 228, Que sais-je ?, PUF, 2004 ; (J) Chevallier, Réflexions sur la notion de discrimination positive, Mélanges Cohen-Jonathan, Bruylant, 2004, vol.1, p. 415 ; Le Pourhiet (A.-M.), Pour une analyse critique de la discrimination positive, Le Débat, 2001, p:166.

[20] – حميد اربيعي، قراءة في قرارات المجلس الدستوري الصادرة في ظل الدستور الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 98، 2013، ص: 40.

[21] – قرار المجلس الدستوري رقم 11-820 الصادر في 21 من ذي الحجة 1432(18 نونبر 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5997 مكرر، 25 ذي الحجة 1432(22 نونبر 2011)، ص: 5563.

[22] – voir en ce cas: Norris et Lovenduski,  gender and party politics in Britain, p: 37 and following.http://keats.kcl.ac.uk/pluginfile.php/828707/mod_resource/content/1/Lovenduski%20and%20Norris,%20Gender%20and%20Party%20Politics%20in%20Britain.pdf

–  Norris et Lovenduski,  State Feminism and Political Representation,Cambridge University  Press, 2005.

[23] – systèmes de quotas électoraux hommes-femmes et leur  application en europe, étude, IDEA et UNIVERSITE STOCKHOLM,op.cité, p: 16-18.

[24] – ANNE LEVADE, Discrimination Positive Et  Principe D’égalité En Droit Français, revue pouvoir n° 111, 2004, p:67.

[25] – M. Fatin-Rouge Stéfanini, « Les discriminations positives électorales aux Etats-Unis et  en France », Les Cahiers du Conseil constitutionnel, n° 23, LGDJ-2007, pp. 91-94.

[26] – المواد 26 و27 و28 من القانون التنظيمي رقم 11-29. الصادر الأمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 1.11.166 صادر في 24 من ذي القعدة 1432 (22 أكتوبر 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5989، 26 ذي القعدة 1432 (24 أكتوبر 2011)، ص: 5176. كما أكد المجلس الدستوري في قراره 818-11 أثناء نظره في هذه المواد ما يلي: ” وحيث إن أحكام هذه المواد تفرض عددا من الواجبات والالتزمات على كل حزب سياسي، تتمثل في وجوب أن يتوفر على برنامج يحدد الأسس والأهداف التي يتبناها الحزب، وعلى نظام أساسي يحدد القواعد المتعلقة بتسييره وتنظيمه الإداري والمالي، وعلى نظام داخلي يحدد كيفيات تسيير كل جهاز من أجهزته وكذا شروط وكيفيات انعقاد اجتماعات هذه الأخيرة، وأن ينظم ويسير وفق مبادئ ديمقراطية كما يتعين عليه مراعاة مبادئ الحكامة الجيدة، وأن يعمل على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد من خلال  السعي إلى بلوغ نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا وجهويا في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة بين النساء والرجال، كما يتعين عليه أن يحدد في نظامه الأساسي نسبة الشباب الواجب إشراكهم في الأجهزة المسيرة للحزب، وأن يتوفر على هياكل تنظيمية وطنية وجهوية، وأن يراعي معايير الشفافية والديمقراطية في اختيار مرشحاته ومرشحيه لمختلف العمليات الانتخابية”.

[27] – حميد اربيعي، قراءة في قرارات المجلس الدستوري الصادرة في ظل الدستور الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، العدد 98، 2013،ص: 42.

[28] – أنظر في هذا الصدد: محمد الأعرج، المنازعات الإدارية والدستورية في تطبيقات القضاء المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 83، 2013، ص: 351-361.

[29] – انظر في هذا: مسألة المشاركة والتمثيلية السياسية لمغاربة العالم، مجموعة العمل “المواطنة والمشاركة السياسية”، منشورات مجلس الجالية المغربية بالخارج، الطبعة 2013، ص: 29.

[30] – المادة 22 من القانون التنظيمي رقم 27.11. كما تنص المادة 23 من القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين على أنه: “يمكن للمغاربة المقيمين بالخارج أن يقدموا ترشيحاتهم للانتخابات برسم الهيئات الناخبة التي ينتمون إليها المشار إليها في المادة الأولى أعلاه وفق الكيفيات والشروط وداخل الآجال المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي.

غير أنه لا يؤهل للترشيح كل مغربي أو مغربية مقيم بالخارج يتولى مسؤولية عمومية ببلد الإقامة”.

[31]  Youssef  Fassi Fihri, Le Conseil Constitutionnel Marocain Et Le Contrôle Du Législateur Organique, In ” La Nouvelle Constitution Marocaine A L’épreuve De La Pratique”, Actes Du Colloque Organisé Les 18 Et 19 Avril 2013, Publie: FRIEDRICH EBERT STIFTUNG, 2014, P: 158-159.

[32] – أحمد مفيد، ملاحظات منهجية…، م.س، ص: 71.

[33] – محمد الأعرج، م.س، ص: 361.

[34]  عبد الكريم زيدان، الوجيز في شرح القواعد الفقهية في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى لبنان 2001، ص: 28-30.

[35] Au niveau national : Dans sa rédaction issue de la révision constitutionnelle du 23 juillet 2008, l’article 24  de la Constitution dispose que « Les Français établis hors de France sont représentés à l’Assemblée  nationale et au Sénat ». Le premier scrutin pour l’élection de députés par les Français établis hors de  France s’est tenu en juin 2012. Depuis cette date, les Français de l’étranger disposent d’une représentation  complète au Parlement, constituée de 11 députés et de 12 sénateurs.

[36] – مجلس الجالية المغربية بالخارج، م.س، ص:18.

[37] JOËLLE GARRIAUD-MAYLAM, la représentation parlementaire des français de l’étranger: 60 ans d’histoire mouvementée(1944-2004), revue politique et parlementaire,2010, p:170 et suit.

[38] – القانون المتعلق بتمثيلية الفرنسيين بالخارج 2013.

[39] – في التقرير الذي نشره المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية سنة 2007، هناك 115 دولة تسمح لمواطنيها القاطنين بالخارج بالتصويت منها 21 دولة فقط لا تسمح بالتصويت في الانتخابات التشريعية، فدول مثل البرازيل الميكسيك وبوليفيا ساحل العاج تسمح بالتصويت في الخارج فقط في الانتخابات الرئاسية، بينما في دول مثل أستراليا بلجيكا ألمانيا اليابان الهند هولندا جنوب إفريقيا تركيا زيمبابوي والمملكة المتحدة لا تسمح بالتصويت في الخارج إلا بالنسبة للانتخابات التشريعية. أما البلدان التي تمنح لمواطنيها تمثيلية خاصة في المؤسسة البرلمانية فهناك 12 دولة: – 4 دول أوروبية: كرواتيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا(1948 بالنسبة لمجلس الشيوخ، بالنسبة للجمعية الوطنية ابتداء من تعديل 2008).

– 5 دول إفريقية: الجزائر والرأس الأخضر وموزمبيق وأنغولا وتونس (ابتداء من 2012).

– 3 دول من أمريكا اللاتينية: كولومبيا والإيكوادور وبنما.

– voir: Carlos Navaros, Isabel Morales Y Maria Gratschew, Voto En El Extranjero, El Manuel de IDEA Internacional, Impreso En México, 2007, P: 13-33 .

 

[40] – انظر: تقرير المجلس الوطني حول ملاحظة الانتخابات التشريعية ل 25 نونبر 2011، ص: 106.

[41] – انظر: حسن طارق، السياسة الانتخابية بالمغرب: الإشكاليات والتحولات، مجلة فكر العلوم الاقتصادية والقانونية والسياسية، العدد2، 2009، ص: 113.

Exit mobile version