Site icon مجلة المنارة

الدراسات الإفريقية بالمغرب: قراءة في الحصيلة

الدراسات الإفريقية بالمغرب: قراءة في الحصيلة

عبد الجبار أبوسفيان،

باحث في سلك الدكتوراه، جامعة محمد الخامس.

 

ملخص :

يشكل عامل الانتماء إلى القارة الافريقية وإلى قواسمها المشتركة من أقوى مبررات الاهتمام المغربي بالدراسات الإفريقية؛ لأن المغرب ارتبط تاريخيا بمصير هذه القارة التي عانت الدولة فيها ولازالت ويلات الاستعمار والاستغلال والقلاقل، بشكل جعل منها دولا فاشلة وغير قادرة على رفع تحديات التنمية والتحديث إلا بنسب تكاد تكون استثنائية.

هذه الدراسة تعكس الاهتمام المغربي بالبعد الإفريقي تاريخيا، وتقدم جردا لأهم الدراسات الإفريقية المتعلقة بالمغرب اعتمادا على إحدى الدراسات المميزة  التي قام بها أحد الباحثين المغاربة المرموقين. كما تتطرق لحصيلة الدراسات الإفريقية من خلال تجربة معهد الدراسات الإفريقية الذي أحدث في 1997،وتتعرض لمسار تقدمه وتربط ذلك بمسارات علاقة المغرب بالدول الافريقية.

One of the strongest justifications for Moroccan interest in African studies is that the factor of belonging to the African continent and its common denominators is because Morocco has historically been linked to the fate of this continent in which the state has suffered and the scourges of colonialism, exploitation and unrest still exist, in a way that has made them failed states and unable to raise the challenges of development and modernization, except in almost proportional proportions. Exceptional.

This study reflects the Moroccan interest in the African dimension historically, and provides an inventory of the most important African studies related to Morocco based on one of the distinguished studies carried out by a distinguished Moroccan researcher. She also touched on the outcome of African studies through the experience of the Institute of African Studies, which was created in 1997, and it is exposed to the path of its progress and links it to the tracks of Morocco’s relationship with African countri

 

 

 

تقديـــم عــــــــــــام:

لا شك أن دراسة المناطق كحقل علمي كان وليد سعي القوى الكبرى لوضع يدها على ثروات الدول الضعيفة التي قامت بدراستها وتحيين المعلومات التاريخية الجغرافية والعرقية والتاريخية وغيرها عن طريق الرحالة والجواسيس، وذلك قبل أن يتحول إلى علم ينهل من كل باقي فروع المعرفة وتستغله كل الدول والكيانات السياسية والاقتصادية المعاصرة من أجل الإفادة مما يقدمه من إمكانات هائلة للمضي قدما في تحقيق النتائج المبهرة سياسيا واقتصاديا وثقافيا. وإذا كان هذا العلم قد حدد لنفسه مجالات للدراسة والتحليل همت كل المناطق الأساسية التي يتقاسمها المعمور، فإن كلية سلا التابعة لجامعة محمد الخامس السويسي استطاعت أن تركز من خلال مجهودات بعض الأساتذة [1]على تلمس طريق أولي في الدراسات الأسيوية والإفريقية والشرق الأوسط كاختيار له مبرراته، وعلى رأسها أن المختصين باتوا يعتبرون القرن الحالي قرنا أسيويا وباسيفيكيا بامتياز، كما أن عامل “الحراك العربي” الذي أزاح العديد من القناعات المتعلقة ببناء الدولة في الوطن العربي، وأحدث زلزالا عميقا على مستوى البنية السياسية التي حكمت الجغرافيا العربية لعقود طويلة، كانت له اليد الطولى في هذا الاختيار، إلا أن اختيار الدراسات الإفريقية كمحور ضمن محاور المادة المذكورة، لا شك أن له أكثر من مبرر، أولاها أن هذه القارة بالرغم من التاريخ الإنساني الذي تجره وراءها، وبالرغم كذلك من تجاربها الإنسانية مع النضال والظلم والتهميش كذلك، إضافة إلى الثروات الكامنة فيها والتي أضحت عامل جذب ممهد لاكتشاف هذه القارة من طرف العديد من القوى الدولية الصاعدة التي استطاعت أن تضبط أجندتها على إيقاع التحولات العالمية الكبرى التي أصبح الاقتصاد العالمي وما يعيشه من آثار للأزمة الاقتصادية التي انطلقت في 2009 أحد أهم ملامحه، إلى غير ذلك من المبررات المعقولة والمقبولة التي تستحق عن جدارة اهتماما علميا حقيقيا. لكن يبقى عامل الانتماء إلى هذه القارة وإلى قواسمها المشتركة من أقوى هذه المبررات؛ لأن المغرب ارتبط تاريخيا بمصير هذه القارة التي عانت ولازالت الدولة فيها ويلات الاستعمار والتنظيم والاستغلال والمجاعة بشكل جعل منها دولا فاشلة غير قادرة على رفع تحديات التنمية والتحديث، إلا بنسب تكاد تكون استثنائية. والمغرب بصفته دولة افريقية تمتاز بموقعها الاستراتيجي الجيوسياسي المتميز استطاع أن ينتبه مبكرا إلى أهمية التوجه إلى هذه القارة لبناء جوار مشترك، وذلك منذ زمن بعيد يضرب بجذوره في التاريخ، وبالرغم كذلك من أن الدراسات المتوفرة حاليا لا تقدم كثيرا حول هذه العلاقات، فإن البعد الإنساني والديني بين المغرب ودول هذه القارة لازال شاهدا على دور المغرب في مساندة العديد من الدول. وهي التجربة التي استأنف فيها المغرب استثماره الحقيقي على عهد العاهل الجديد الذي أدرك بشكل ألمعي قيمة أن تنصت إفريقيا القارة لذاتها وتثق فيها، لأنها لا تعوزها الإمكانات ولا الموارد بقدر ما تعوزها الإرادة السياسية التي بواسطتها يمكن للسفينة الإفريقية أن تنطلق. وبالرجوع إلى الاهتمام المغربي بالبعد الإفريقي نجد أن قيام المغرب باستحداث معهد خاص بالدراسات الإفريقية  منذ سنة 1987 مسألة لا تحيد عن هذا الهدف الذي تنامت الجهود الرامية إلى تعزيز نجاحه. وسنحاول خلال هذه الورقة  الإجابة عن إشكالية القراءة في حصيلة التدريس المرتبط بهذه العلاقات الإفريقية، وذلك على ضوء نموذج معهد الدراسات الإفريقية، وسنحاول في مبحث أول أن نقوم بجرد لأهم الدراسات الإفريقية بالمغرب اعتمادا على الدراسة المختصرة التي قام بها الأستاذ محمد رزوق، أستاذ كلية الآداب والعلوم الإنسانية والتي سبق أن نشرت على أحد المواقع الإلكترونية تحت عنوان: ” الدراسات الإفريقية بالمغرب: واقع وآفاق”، أولا لأنها كانت موفقة في تقديم جرد يحترم التحقيب التاريخي الذي قطعته هذه الدراسات على قلتها، وثانيا لكون جل الاجتهادات التي دشنها الطلبة الذين بحثوا في الموضوع لم يعطوا الوقت الكافي للقيام بذلك، إما لأنها كانت تبحث بمنهج المقالة البحثية بشكل آني ولحظي محكوم بالوقت المخصص للمادة، وذلك يختلف منهجيا عن بحث الماستر أو الدكتوراه أو التخصص، ونظرا كذلك لكون المجهودات المبذولة، إما أنها لا تبتعد من حيث النتائج عن ما قدمته هذه الدراسة التي تتسم بالندرة، أو أنها تدور في فلكها مع تجديد الرؤية النقدية حولها. فيما سنتناول في مبحث ثان أهم ما قدمه معهد الدراسات الإفريقية خدمة لهذه الدراسات التي لازالت تحتاج بدورها إلى الكثير من الجهد والإبداع لإنضاجها، علما أن ما قدمه هذا المعهد لم يكن يخرج عن دراسات تتميز أساسا بالتركيز على البعد التاريخي.

  1. الدراسات الإفريقية قديما وحديثا:

كان البحث في هذه المرحلة ينجز من طرف جيوش القوات الاستعمارية، حيث  تركز هذه الدراسات على فسخ الهوية المغربية عن جذورها الإفريقية، وكانت الأبحاث تحرص على تأكيد الاختلاف بين المغرب و إفريقيا على مستوى الهوية والثقافة، بغية إبعاد المغاربة و الأفارقة عن نضالهم المشترك وخلق حالة من التشويش تساعد على تطبيق السياسات الاستعمارية.

وبالتالي فهذه المرحلة عرفت مجموعة من المغالطات حاول المستعمر تمريرها، من أبرزها تعسف الدارسين الأجانب في قراءة ظروف حملة المغرب على بلاد السودان، و اعتبارها حملة استعمارية لا تهدف إلا على الحصول على الذهب والعبيد. فهذه المغالطات ظهرت في الوقت الذي كانت فيه مجهودات الباحثين المغاربة قليلة و بعيدة عن الإلمام الكلي ببعض القضايا و الأحداث كما تقتضيه الضرورات العلمية المطلوبة. إذن كانت معظم الدراسات الإفريقية التي أنجزها الجهاز الاستعماري تتم بواسطة الموظفين الكبار والضباط والباحثين المتحيزين، وقد كانت على شكل مقالات نشرت بمجلات كثيرة، ومن أبرز هذه المقالات:

 

حاولت هذه الكتابات أن تضرب سياسة أحمد المنصور الذهبي، وإفراغها من أي مشروعية كما اعتبرت المغرب المسؤول الأول على خراب السودان قبل أن تصل إليه العناصر الأوربية التي حملت إليه حضارة مزدهرة.[2]

وقد بقيت مثل هذه الكتابات تمرر هذا النوع من المغالطات حتى بعد الاستقلال، فقد ظهرت كتابات افريقية تتميز بالإجحاف الكبير في الوطنية الشوفينية، فأصحابها يرون أن هذه الحملة كانت السبب المسؤول عن جميع ويلات هذا القطر من إفريقيا، حيث دمرت الحضارة المزدهرة لهذا البلد. فقد اعتبره ” سيسكو” مصيبة عصفت بالسودان شأنها في ذلك شأن القنبلة الذرية التي أسقطها الأمريكيون على مدينة هيروشيما اليابانية سنة  1945 على مستوى الخطورة[3] . أما “كيزوربو” فقد وصفه بكونه يتميز بالوحشية والنهب والسلب وإتلاف الثروات، كما اعتبروا أن وصول المغرب إلى السودان ساهم في سقوط

البلاد في سلسلة من الأزمات الاقتصادية التي خلفت أوبئة ومجاعات، دمرت البلاد وحولته إلى خراب.[4]

عملت هذه المغالطات كما أسلفنا على سلخ المغرب عن جذوره الإفريقية، بغية إبعاده عن النضال المشترك.الشيء الذي تنفيه بعض رسائل الاستغاثة التي بعثها أمراء السودان إلى سلطان المغرب المولى الحسن الأول منها:

هذه الرسائل تميزت بكونها كانت تدعو إلى الجهاد المشترك بين المغرب وبلاد السودان الغربي.[5]

أما فيما يخص الكتابات المغربية فهي نادرة باستثناء كتابات علال الفاسي خلال فترة نفيه إلى الغابون ، والذي كان يؤمن بالوحدة والمصير المشترك لكل من المغرب وإفريقيا، كما كان يعتبر نفيه للغابون أو الكونغو مجالا مناسبا لقيام حركة تحررية لفائدة البلاد[6].

2ـ مرحلة الستينات إلى غاية الثمانينات :

عرفت هذه المرحلة إعادة قراءة لتاريخ المغرب كما عرفت اهتماما خاصا بالتراث الإفريقي ، حيث كان لكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط دورا مهما في هذا الجانب، ومن إسهامات هذه الكلية قيامها بتقديم مجموعة من التصورات لظاهرة التصوف في المغرب، هذه التصورات أصبح لها فيما بعد صيت فلسفي ترجمته العديد من أعمال مفكرين وأعلام كان على رأسهم صاحب رباعية العقل العربي الأستاذ محمد عابد الجابري رحمه الله.

وقد كان لمجموعة من المؤرخين المغاربة الفضل في إعادة كتابة تاريخ المغرب و علاقته بإفريقيا ، كمحمد حجي و الوزاني وغيرهم. وقد عرفت هذه المرحلة اهتماما مكثفا بإفريقيا بسبب ظهور قضية الصحراء الغربية والأبعاد التي أخذها هذا النزاع، حيث بدأ المغرب ببناء علاقات مع دول القارة السمراء وذلك باتخاذه خطوات جادة في اتجاه تقوية التعاون المغربي الإفريقي. ومن بين الدراسات التي قدمت خلال هذه الفترة نذكر على سبيل المثال:

غير أن أهم حدث خلال هذه المرحلة كان هو إنشاء معهد خاص بالدراسات الإفريقية سنة 1987، وذلك بتعليمات من الملك الراحل الحسن الثاني. وقد جاء هذا المعهد ليهتم بكل ما يتعلق بدراسة مختلف مظاهر الحضارة الإفريقية والتراث المغربي المشترك، واللغات، واللهجات الإفريقية.

ومن خلال ملاحظة التراكم المعرفي للمعهد، يتضح انحصار المنتوج العلمي على مجال الدراسات التاريخية والتراث خلال السنوات الأولى من إنشاءه. وتتضح هذه الملاحظة أكثر من خلال قراءة في تخصصات الأساتذة الدائمين بالمعهد والذين كان معظمهم ينتمي إلى تخصص التاريخ. ولتحويل هذا المعهد من معهد لدراسة التاريخ إلى معهد يقوم بمتابعة تطور الأوضاع الإفريقية، كان لابد من انفتاحه على مجالات وتخصصات وحقول معرفية أخرى، وذلك حتى يتمكن من  الدفاع عن مصالح المغرب في إفريقيا على غرار ما تقوم به معاهد الدراسات الافريقية الغربية والعربية؛ لا سيما  التجربتين المصرية والسودانية اللتان حققتا تراكما لا بأس به في هذا الحقل.

3ـ قراءة عامة في حصيلة الدراسات الإفريقية المغربية:

وبالعودة إلى المرحلة التي تلت استقلال المغرب برزت مجموعة من الكتابات التي تهتم بالتراث

الإفريقي كما أسلفنا، هذه الكتابات قدمها مجموعة من الأساتذة والمؤرخين المغاربة على رأسهم:[7]

كانت هذه الكتابات تعتبر بداية الاهتمام بالدراسات الإفريقية بالمغرب، وفي نفس السياق يجب أن لا نغفل الكتب والمقالات والمجلات المتداولة بالمغرب خاصة “مجله المناهل” المصرية، كما لا يجب أن نغفل

الإنتاجات التي قامت بها نخبة من المفكرين العرب نذكر من بينهم[8]:

فإلى جانب الإهتمام بالدراسات الإفريقية ، عرفت هذه المرحلة كذلك إعادة كتابة التاريخ من طرف المؤرخين المغاربة، خاصة بعد المغالطات التي حاول المستعمر تمريرها بغية تحقيق أهدافه الاستعمارية السالفة الذكر. حيث كانت لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط دور مهم في الاهتمام بالتراث الإفريقي وتصحيح تلك المغالطات. كما كان لبعض الأساتذة الغيورين داخل هذه الكلية دور بارز في هذا الشأن، من خلال تحسيس الطلبة بأهمية التحقق وتصحيح تاريخ العلاقات المغربية الإفريقية وتحيين كافة المراجع برؤية فكرية مؤسسة، خاصة في ما يتعلق بحملة أحمد المنصور الذهبي للسودان.ومن بينهم هؤلاء نجد محمد حجي الذي أعزى هذه أسباب هذه الحملة  ليس فقط للعامل الاقتصادي المتعلق بوفرة خراج بلاد السودان وكثرة المال فيه، بل أيضا لتحقيق فكرة خلافة إسلامية- محلية إفريقية-، كما انه خلص إلى أن هاجس الخلافة عند أحمد المنصور الذهبي لم يكن يقف عند هذا الحد، بل أنه إنما كان يمهد بفتح السودان لبسط خلافته البلاد العربية الخاضعة للأتراك، لتهييئ الجو المناسب لاسترجاع الأندلس…[9]    كما قام محمد حجي معية مجموعة من الأساتذة داخل هذه الجامعة، بتأطير مجموعة

من الرسائل والأطروحات الجامعية  تهتم بتاريخ العلاقات المغربية الافريقية نذكر من بينها[10]:

وبالنهاية لا بد من التأكيد على كون الباحثين المغاربة حاولوا من خلال بحوثهم ودراساتهم أن يسلطوا الضوء على العلاقات التاريخية المغربية الإفريقية، وإثارة موضوعات مهمة لا زالت تحتاج إلى سبر أغوارها، مع الإشارة أن كل الدراسات المنجزة إلى حد الساعة وبالرغم من أهميتها التي لا ينكرها أحد إلا أنها لا ترقى إلى منافسة الكتابات الغربية حول الدراسات الإفريقية التي أنتجت متخصصين في الشمال والوسط والجنوب من القارة السمراء كما أن اهتمامات هؤلاء المتخصصين خضعت للتقسيم الموضوعاتي الذي قسم الاهتمام الإفريقي إلى قضايا توزعت بين الدين والعرق والقبيلة والديموغرافيا وغيرها من التيمات التي أغنت الدراسات المناطقية الحديثة والتي أكدت على ضرورة استغلال كل ما تتيحه التخصصات العلمية الأخرى من أجل بناء دراسات إفريقية واعدة.

  1. معهد الدراسات الإفريقية بالرباط:

أنشأ معهد الدراسات الإفريقية الدراسات الإفريقية بتعليمات سامية من الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله سنة 1987، وقد شرع في تنظيم أنشطته ابتداء من شهر أبريل 1990. وهو مؤسسة جامعية تابعة لجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، تعنى بدراسة التراث المشترك بين المغرب وباقي الدول الإفريقية وكذا البحث في مختلف مظاهر الحضارات واللغات واللهجات الإفريقية. ويسير المعهد مدير معين لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وقد تعاقب عليه خمسة مدراء إلى الآن وهم: أحمد توفيق 1990-1994 (تخصص:التاريخ)، الحسين مجاهد 1994-1997(تخصص:اللسانيات)، حليمة فرحات 1997-2003 (تخصص: التاريخ)، فاطمة الحراق 2003-2007 (تخصص: التاريخ)، ويحيى أبو الفراح منذ 2007 إلى الآن (تخصص الجغرافيا).من بين المهام المنوطة بالمعهد[11]:

وبمقتضى هذه التوجهات يكون معهد الدراسات الإفريقية:

ويرتكز البحث في معهد الدراسات الإفريقية حول المحاور الكبرى التالية:

وينتظم البحث داخل المعهد في إطار فرق البحث التالية:

كما أن محاور الأساسية للأبحاث داخل بنيات البحث في المعهد ترتكز على[12]:

  1. مختبر الدراسات والأبحاث المتعددة التخصصات حول أفريقيا
  1. فريق البحث: إفريقيا المجال والحضارات
  1. فريق البحث: الدينامية الدينية في إفريقيا

وقد قام المعهد بإنتاج مجموعة كبيرة من الإصدارات موزعة على مجموعات من الدوريات والمحاضرات، والبحوث والدراسات والنصوص والوثائق والندوات والعروض، والمعاجم والموسوعات، الترجمات إضافة إلى بعض مناسبات الاحتفاء وبعض مؤلفات الآداب والفلسفة.

ومن خلال مراجعة هذا لائحة الإصدارات المذكورة  يتبين أن المعهد استطاع خلال العشرية الأخيرة أن يراعي الكم والكيف في الإنتاجية وذلك من خلال تنويع اهتماماته وأسوق أمثلة على ذلك من خلال آخر ما أنتجه المعهد لأن الإصدارات الفائتة يمكن الاطلاع عليها من خلال دليل المعهد وأذكرجملة من المناظرات والندوات منها:

إضافة إلى ذلك عرف المعهد احتضان كوادر وأساتذة جدد في إطار ضخ دماء جديدة من خلال التركيز على تنويع التخصصات التي بدأت ولو بشكل نسبي تتجاوز المقاربة التقليدية التي كانت تعتمد على اختصاص الجغرافيا والتاريخ و يمكن ملاحظة ذلك بسهولة من خلال الجدول التالي:

لائحة الأساتذة الدائمين إلى حدود سنة 2013  ( الترتيب حسب التخصص)

الإسم والنسب التخصص
فاطمة الحراق التاريخ
العربي مزين التاريخ
خالد شكراوي التاريخ
احمد الشكري التاريخ
حسن الصادقي التاريخ
المعطي منجب التاريخ
نور الدين بلحداد التاريخ
الموساوي العجلاوي التاريخ
سعيد حراش التاريخ
يحيى ابو الفراح الجغرافيا
مولاي ادريس شداد الجغرافيا
حسن دامو الجغرافيا
مصطفى مشرفي علوم اقتصادية
محمد الشقندي علوم اقتصادية
هشام حفيظ علوم اقتصادية
خديجة بوتخيلي العلاقات الدولية
محمد جبور العلاقات الدولية
يونس الزكاري العلاقات الدولية
محمد جاري علوم سياسية
زكية زوانات أنتروبولوجية
فاطمة آيت المدني علم الاجتماع
رشيدة بنلباه أدب فرنسي

 

 

 

 

 

 

 

هذا ويعاني المعهد من مجموعة من الاختلالات الأخرى التي يمكن حصرها في ضعف المواكبة التي تقتضيها طبيعة تخصصه، لاسيما مع تزايد وتنامي التأكيد على دور الدراسات الإفريقية التي تعتبر مصر كدولة عربية رائدة فيها وذلك في إطار مركز الدراسات الإفريقية المصري الذي أنشىء بعد التحولات التي شهدتها مصر في الخمسينات، وذلك لإرتباط النظام المصري بالحركات التحررية الإفريقية، في إطار أدلجة سياسية تقدمية [13].فمركز الدراسات الإفريقية تابع بدوره لكلية الآداب بجامعة القاهرة، وتقوم رؤيته علي الخبرة التي راكمها على مدار أكثر من ثلاثة وستين عاما منذ نشأته وعبر مراحل تطوره المختلفة، وعلى إصرار أعضاء التدريس على أن يظل المعهد النموذج الأكمل للراغبين في استكمال دراستهم العليا في مجال الدراسات الإفريقية، في مختلف التخصصات العلمية، سواء كانوا مصريين أم عرب أم أفارقة، وكذا التعبير العلمي والأكاديمي عن كون مصر جزأ لا يتجزأ من القارة الإفريقية، وأن روابطها بالقارة ينبغي أن تتعزز في كل المجالات، فالمعهد المركز الرئيسي لإعداد الكوادر المتخصصة والقادرةعلى تطوير علاقات مصر بالقارة السمراء وتنميتها في عالم يتميز بالديناميكية وسرعة التغيير. محاولة في استيفاء متطلبات الجودة الاعتماد و مواكبة أحدث برامج التقدم العلمي وتحقيق المعايير الأكاديمية العالمية في مجال الدراسات والبحوث الإفريقية. فالمعهد باختصار يتميز كما أسلفنا  بدوره الريادي باعتباره أفضل معهد للدراسات العليا في الشؤون الإفريقية في مصر والعالم العربي، وعلى أنه أكثر قدرة على تخريج الكوادر المؤهلة المعنية بالشأن الإفريقي في المجالات العلمية المتنوعة على مستوى القارة، والأقدر على تحقيق التواصل العلمي والبحثي مع معاهد والمراكز المماثلة على مستوى القارة السمراء.[14]

وإلى جانب التجربة المصرية، توجد التجربة السودانية التي تحتضن أحد أهم المراكز المهمة على الصعيد القاري، وهو مركز البحوث والدراسات الإفريقية، لكونه يقدم بدوره إنتاجات علمية محترمة حول الدراسات الإفريقية، وتنوع المواضيع التي يتم تناولها ، وفق منطق الدراسات المناطقية، فهذا المركز يقوم بتكوين وتخريج نخبة من الأطر التي تخضع لتكوين مكثف في تخصصات متنوعة ومترابطة مع السودان وعلاقته بالشؤون الإفريقية، كما يقوم بتوثيق العلاقات وتنسيق الجهود مع المنظمات والمؤسسات الطلابية والدعوية ذات الصلة و روابط الخريجين بالداخل والخارج ويساهم إلى جانب ذلك كله في نشر الثقافة الإسلامية في إفريقيا، والاهتمام بتنمية المجتمع وترقية روح التدين فيه مع توفير قدر من العمالة الوسطية المطلوبة في سوق العمل وتوجيه مناهج التعليم العام وتطوير نظمه في إفريقيا وغيرها… [15]

إن المغرب منذ عهد المرابطين عن طريق الزاوية التيجانية، مرورا بالسعديين والمنصور الذهبي، كان دائما يلعب دورا إفريقيا لم يوازيه أي دور لأي بلد من بلدان المغرب العربي، وذلك منذ الفترة التي كانت تتم فيها التجارة عبر الصحراء والعصر الوسيط والحج الذي كان ينطلق من فاس ويضم مجموع الحجيج الوافدين من بلدان جنوب الصحراء، لقد ظلت المملكة الشريفة أرضا ومنبعا روحيا يؤمن بالدور الذي يتجاوز الصحراء. هكذا استطاع المغرب عن طريق المرابطين والموحدين والسعديين عند نهاية القرن السادس عشر أن يقوم بتصدير نموذجه الديني الذي ينهل من المذهب المالكي والمذهب الصوفي عن طريق الزاوية التيجانية التي تضمن للمغرب سمعة وصيتا جنوب الصحراء[16]. هذا التاريخ الممهور بالمشاكل والوعود لم يفته أن يبني روابط ثقافية استطاع من خلالها المغرب أن يمتن حقيقة جذوره الإفريقية. وبغض النظر عن المؤسسات والفاعلين السياسيين، أصبح هذا الإرث مطلبا لشعوب ضفتي الصحراء ولهذا السبب تجسد العلاقات بين المملكة الشريفة وبلدان جنوب الصحراء المدرسة التي يمكن أن تستوعبها دراسة ضمن أهم دراسات العلاقات الدولية التي  تتجاوز النظريات التقليدية والمأسسة المبنية على إصدار التقارير ومنطق المواجهة، لتعتمد أساسا على التبادل المتنوع المشارب والمجالات[17]. كما أن مقاربة العلاقات المغربية الإفريقية لا يمكن أن تتم مع إبعاد البراديغمات الانتروبولوجية دون المرور بالأسباب الحقيقية التي جعلت منها نموذجا يحتل فيه العامل الديني مكانة كبرى. هذا العمل المتعلق بتحديد المفاهيم يجب أن يكون محفزا للمنابع العلمية من كل المشارب والتخصصات؛ وهو ما تم التأسيس له مؤخرا بالرغم من التراكم الحاصل والذي تمتد جذوره إلى حقبة كانت اليد الطولى فيها هي يد المستعمر الأجنبي الذي لم يكن يدرك أن الذاكرة الجمعية ستستأنف الحلم والعمل من أجل مد الجسور من جديد.

إن البعد الروحي للعلاقات المغربية الإفريقية يشكل لدى الباحث المنتمي إلى دول جنوب الصحراء مسألة أساسية في المقاربة الجديدة للعلاقات الدولية والتي عرفت بدايتها الحقيقية في التسعينيات[18]. هذه الخصوصية التي دشنها العديد من الباحثين الشباب تؤكد من جهة تنامي البعد الثقافي المتميز بهيمنته الروحية كحقل غني ومفتوح. ومن جهة ثانية لكون منطقة جنوب الصحراء بدأت تفرز ابتداء من العشريتين الأخيرتين جيلا جديدا من القياديين والرؤساء الذين يتميزون بوعيهم المتزايد حول عوائق التاريخ التي أجهضت آمال الأفارقة في بناء وحدة حقيقية. وهو الأمر الذي جعل المغرب في الحالة الراهنة يدشن مشروع الجنوب للجنوب بمنطق رابح/ رابح الذي تتجاوزه لحظات النضال المشترك والسعي وراء التحرر التي كانت ولازالت تشكل الروابط الحقيقية التي تمد تجربة التعاون بالأمل والطموح الكفيلين بتحقيق تنمية إفريقية تقطع مع عهد المساعدات الإنسانية، لتصل إلى مرحلة النضج التي يصبح فيها التعاون والاستثمار منطلقين لاستنبات تجارب تنموية جديدة ترتكز أساسا على تبادل الخبرات والتجارب ورؤوس الأموال وتجعل من الهجرة مناسبة للتلاقح الثقافي والاقتصادي الذي ينهض بدول القارة السمراء.

[1] ـ أذكر على وجه الخصوص بمجهودات ذ.عادل الموساوي خلال سنوات 2012ـ 2013 التي درس فيها المبادئ الأولية لدراسة المناطق ضمن جملة من المواد التي كانت يؤمنها ماستر العلوم السياسية، تحت إشراف ذ. سعيد خالد الحسن. هذا قبل أن تنطلق كليات أخرى في تدشين فروع علمية وتخصصات أخرى تغذي المجهودات المبذولة.

[2]– مبارك آيت عدي : حملة أحمد المنصور الذهبي إلى بلاد السودان،أطروحة الدكتراه، كلية الأداب والعلوم الإنسانية ،26-06-2003.ص 15.

[3] – SISSOKO ,S.M ,Hstoire de l’Afrique Occidentale Moyenâge et temps modern Paris,1966 .

قد تم التطرق الى هذا المصدر في: المرجع السابق.ص 16.

[4] -KI-ZEROBO,j.Histoire de l’Afrique Noire d’hier a demain. paris 1972.

[5] – محمد رزوق: الدراسات الإفريقية بالمغرب واقع وآفاق،من موقع الكتروني:

//ccreaa.org/index.php ? view=article&catid=49%3Aafricas&id=63%3Aarti…25/12/2011: http

[6] – علال الفاسي: في منفى الغابون 1973-1964.اعداد وتقديم عبد الرحمان العربي الحريشي.منشورات مؤسسة علال الفاسي.2004،ط1,ص219,

[7] – محمد رزوق: الدراسات الإفريقية بالمغرب واقع وآفاق،من موقع الكتروني:

//ccreaa.org/index.php ? view=article&catid=49%3Aafricas&id=63%3Aarti…25/12/2011: http

[8]– مبارك آيت عدي : حملة أحمد المنصور الذهبي إلى بلاد السودان،مرجع سابق.ص 18.

[9] – محمد حجي: حملة أحمد المنصوروهاجس الخلافة، منشورات معهد الدلراسات الإفريقية، تحت عنوان المغرب وامبراطورية السنغاي في نهاية القرن السادس عشر، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،1995،ط1،ص 27-32.

[10]– أنظر دليل الأطروحات و الرسائل الجامعية المناقشة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية- الرباط 1964-2007.

 

 

[11] -أنظر دليل معهد الدراسات الإفريقية، وكذا موقعه الإلكتروني:     iea.um5s.ac.ma/index.php?

 

-[12] مرجع سابق

[13]– خالد شكراوي: الدين والسلطة في إفريقيا الغربية، كلية الأداب والعلوم الإنسانية ، 02-07-2002.

 

[14] – أنظر الرابط الإلكتروني:

http//african.cu.edu.eg/Pages/About.htm

 

[15] – أنظر الرابط الالكتروني:

http//African.cu.edu.eg

[16]Bakary SAMBE. Islam et diplomatie : La politique africaine du Maroc. Phoenix Press International.2011.p :239 .

[17] Ibid.

[18] Hassan Hami. La dimension spirituelle des relations transnationales : Le Maroc et l Afrique Subsaharienne (Essai en théorie des relations internationales).Première Edition ; Editions et Impressions Bouregreg.

Exit mobile version