Site icon مجلة المنارة

الجهوية وإعداد التراب في بعض التجارب المقارنة

 

الجهوية وإعداد التراب في بعض التجارب المقارنة

 

د. شفيق بوكرين

باحث في العلوم السياسية والقانون الدولي

 

مقدمة :

تعد الجهوية من المواضيع التي كثر الحديث عنها، نظرا لميادين تدخلها، والتي تهدف إلى تفعيل سياسة الدولة على المستوى الجهوي، ولاسيما في مجال إعداد التراب ، بحيث تعمل على تحقيق الانسجام بين التصاميم الوطنية و التصاميم الجهوية لإعداد التراب .

و في هذا الإطار، فإن سياسة إعداد التراب تهدف إلى بلورة نظرة مستقبلية، و ترسم التوجهات الكبرى لما سيكون عليه المجال بجميع مكوناته خلال مدة طويلة ، الأمر الذي يتطلب سياسة لإعداد التراب ترتكز على اللامركزية الجهوية، باعتبار هذه الأخيرة تلعب دورا مهما في تنفيذ هذه السياسة .

و تعتبر الجهوية  أداة من أدوات ممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي ، و كذا وسيلة من وسائل تحقيق التنمية المتوازية للبلاد ، و هيكلا من الهياكل القادرة على تجميع الطاقات البشرية و المادية، و ذلك إذا ما تم توجيهها توجيها عقلانيا.[1]

فالجهوية لها أهداف اقتصادية و اجتماعية، بحيث تهدف إلى تحقيق توازن بين جميع أقاليم البلاد، و هي أيضا عنصر أساسي لإعداد التراب، حتى أنه لا يمكن نهج أي سياسة لإعداد التراب دون تعزيز و تقوية الإدارة الجهوية ،لجعلها في خدمة الجماعات الترابية.

و بالتالي فالجهة تعتبر أداة لإنتاج تقسيم ترابي يؤدي إلى وجود عينات ذات ترابط داخلي، و إلى إحداث إطار لعلاقات تبادل و تكامل بينها، و لكن دون تفكيك عن الدولة المركزية، وفق تصميم ترابي ناجح يعتبر التنمية الجهوية مظهرا من مظاهره.

و عموما ، فإعداد التراب هي سياسة يجري بموجبها تحديد الإجراءات و التدابير التي يتعين اتخاذها من أجل تهيئة مجال جغرافي معين، بغية تنميته تنمية شمولية و متوازية هدفها الحد من الإختلالات و الفوارق الإقتصادية و الإجتماعية بين مختلف أجزائه.

يتضح إذن، أن هناك علاقة بين الجهوية و إعداد التراب، إلا أن هذا التنظيم الجهوي يختلف من بلد لأخر، حيث تم تبني نظام الجهوية السياسية في كل من إيطاليا و إسبانيا، بينما اتبعت ألمانيا نظام الفدراليات، فدساتير هذه الأنظمة نصت على اعتماد جهويات، تكون قادرة على تجاوز الإختلالات و المشاكل التي كانت تعوق مسارها التنموي.

و تكمن أهمية الموضوع، في كون سياسة إعداد التراب في ظل هذه الأنظمة الأوربية، سواء أكانت بسيطة كإسبانيا و إيطاليا، أو فيدرالية كألمانيا ،  ستمكننا من استجلاء تجربة و تطور هذه الدول في سياسة إعداد التراب من خلال البعد الجهوي ، و بالتالي تحديد موقع هذا البعد داخل هذه السياسة .

و من ثمة ، فإن الإشكالية المحورية التي يمكن إثارتها و ارتباطا بالموضوع، هي كالتالي : كيف يمكن إبراز طبيعة العلاقة بين الجهوية و سياسة إعداد التراب في ظل بعض النماذج الأوربية التي هي موضوع هذه الدراسة ؟

و لبسط  هذا الموضوع، سنحاول معالجة هذه الإشكالية، من خلال تحديد تجليات الجهوية و إعداد التراب داخل هذه الأنظمة الأوربية (مبحث أول)، على أن نحدد في نقطة موالية طبيعة العلاقة بين الجهوية و إعداد التراب في تلك الأنظمة ( مبحث ثاني ).

ذلك ما سنتناوله من خلال اعتماد مقارنة بين النظاميين الإيطالي و الإسباني من جهة، و النظام الألماني من جهة ثانية ، وفق التصميم المقترح التالي :

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول : تجليات الجهوية و إعداد التراب في الأنظمة الأوربية :

المطلب الأول : التجليات في إطار الدولة الموحدة ( إيطاليا / إسبانيا ).

المطلب الثاني : التجليات في إطار الدولة الفيدرالية ( ألمانيا ).

المبحث الثاني : طبيعة العلاقة بين الجهوية و إعداد التراب في ظل الأنظمة الأوربية

المطلب الأول : في إطار الدولة الموحدة ( إسبانيا و إيطاليا ).

المطلب الثاني: في إطار الدولة الاتحادية (ألمانيا).

خاتمة

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول : تجليات الجهوية في ظل بعض الأنظمة الأوروبية

إن ما يميز الأنظمة السياسية الحديثة الأوروبية هو توزيع السلطة و الاختصاص داخل الدولة على وحدتها الإقليمية ، معترفة لها بمجموعة من الحقوق الأساسية ، و من أهمها وضع دستور محلي خاص بها، لتنظيم  سلطاتها التشريعية و التنفيذية و القضائية باستقلال عن الإدارة المركزية .

و تكمن التجارب المقارنة في كون هذه الدول جعلت من الجهوية آلية تدبيرية لإعداد التراب  ضمن المخططات التنموية و السياسية و الاقتصادية المحددة ، و تنبني على معايير تنسجم مع السياق الاجتماعي و الثقافي الذي تنتمي إليه، و ذلك لتجاوز الإختلالات و الفوارق الاقتصادية و الاجتماعية التي تعاني منها بعض الجهات والأقاليم  .

و في هذا الاتجاه تكتسي تجربة الدول الموحدة كايطاليا و اسبانيا أهمية بالغة، باعتبارها تشكل نماذج متميزة في تحديد سياسة إعداد التراب في الإطار الجهوي،  وأيضا باعتبارها تكرس هذا البعد، و تحقق فيه نجاحا كبيرا (مطلب ثاني).

المطلب الأول : الجهوية في إطار الدول الموحدة .

سنقتصر في هذا المطلب على النموذجيين الإيطالي و الإسباني، لكونهما يشكلان نموذجين متميزين للجهة داخل الدول ذات الطبيعة البسيطة، فكلاهما اختارا نظام الجهوية السياسية، لكن ما يميز إيطاليا، أنها تعرف نوعين من الجهات، جهات ذات نظام عادي و جهات ذات نظام خاص، المنصوص عليه في المادة 116 من الدستور الإيطالي[2].

أما إسبانيا، فعرفت نظام ما يعرف بالجماعات المستقلة، باعتبارها وحدات تتمتع بالاستقلال في تسيير مصالحها .

 

أ- إيطاليا : الجهوية في النموذج الإيطالي.

تعتبر إيطاليا من الدول الأوربية السباقة إلى تبني خيار الجهوية ، والأمر الذي   دفع إيطاليا إلى تبني خيار الجهوية  يعود لسببين : أولا ، يتجلى في مطلب تحديث الدولة التي لم تكن أبدا متجذرة في المجتمع الإيطالي،  زيادة على ما فقدته من مصداقية في ظل النظام الفاشي . و ثانيا ، يتمثل في معالجة مشاكل الجنوب الإيطالي .و مع ذلك يعتبر القانون الصادر عن البرلمان بتاريخ 17 فبراير 1968 أول قانون نظم الجهات الإيطالية الحديثة أعقبه قانون رقم 382 بتاريخ 1975 الذي منح للجهة مكانة متميزة بين باقي المؤسسات.

إن إيطاليا تقدم مثالا على الجهة ذات الطابع السياسي في إطار الدولة الموحدة، فالجهة جماعة ترابية دستورية، تتقاسم مع السلطات المركزية الوظائف السياسية خاصة في الميدانين التشريعي و التنظيمي[3]، تجعلها مختصة بوضع نظامها أو قانونها بجميع الوظائف الإدارية التي تتيح لها تدبير مجالها الترابي الخاص، و ثروتها الذاتية، و تقترح قوانين على البرلمان ، و تصدر قوانين جهوية و تضع ميزانيتها ،  و تتولى جباية  ضرائبها  الخاصة، زيادة على  ممارستها لسلطة  الوصاية  على الجماعات  المحلية   الأخرى ، والمؤسسات العمومية التي تتواجد في نطاق ترابها.[4]

هكذا ، فالجهات الإيطالية تتوفر على اختصاصات أوسع مقارنة مع باقي الجهات في الدول الأوربية الموحدة، من بينها الاختصاصات المتعلقة بمجال إعداد التراب  ( التعمير- الغابات – الأشغال العمومية – الطرق-الخ…).

ب- إسبانيا: الجهوية في النموذج الإسباني.

انتقلت إسبانيا إلى النظام الديمقراطي مباشرة بعد سنة 1975( وفاة فرانكو)، حيث تم وضع دستور 1978 الذي أسس لملكية دستورية، و دولة إجتماعية و ديمقراطية، و ما يميز النظام السياسي الإسباني هو طبيعة السلطة المركزية، إذ تنص المادة الثانية من دستور1978 على مبدأين رئيسيين: مبدأ وحدة الأمة الاسبانية ، الذي يضمن حق الاستقلال الذاتي للقوميات والأقاليم التي تتكامل فيما بينها عن طريق التضامن، والمبدأ الثاني يتمثل في المساواة بين جميع الاسبانيين في  الحقوق والواجبات، وكذلك المساواة بين جميع الجهات الاسبانية.

و ترجع أسباب إقرار نظام الجماعات المستقلة بإسبانيا إلى العوامل الجغرافية و التاريخية للبلد، حيث أن موقعه الإستراتيجية بين أوربا و إفريقيا ،و توفره على ثلاث واجهات بحرية، ساهم فيه التنوع الإثني و الثقافي و التعدد اللغوي في المجتمع الإسباني، الناتج عن الهجرة.

و من أجل الحفاظ على التنوع داخل الدولة الواحدة و تجنب الحركات الانفصالية، قامت الدولة الإسبانية بإعطاء الجهات ( الجماعات المستقلة ) اختصاصات واسعة من خلال الدستور الوطني و منحها الحق في وضع أنظمة أساسية محلية .

و الملاحظ  كذلك، أن الدستور الإسباني قد حدد الصلاحيات بدقة بين الدولة و الجماعات المستقلة، بحيث نصت المادة 148 على الصلاحيات المحجوزة للدولة، والمادة 149 على الصلاحيات المحجوزة للجهات.

فبالنسبة للصلاحيات المحجوزة للدولة، و القابلة أن تكون مشتركة مع الجهات، فتشير المادة 156 من الدستور الإسباني إلى أنه ” يمكن للجماعات المستقلة أن تقوم بدور مفوض لها أو بتعاون مع الدولة من أجل تسيير التحصيل و تصفية المداخيل الضريبية وفقا للقوانين و الأنظمة الأساسية، و يمكنها كذلك أن تضع الضرائب الخاصة بهما ” فمجال المالية العامة يمكن أن يكون مشتركا بين الدولة و الجماعات المستقلة .

أما الصلاحيات المحجوزة للدولة، و القابلة للتفويض للجماعات المستقلة، فهي مجالات يجوز للكورتيس العام تفويضها إلى الجماعات المستقلة بناءا على فقرتين الأولى و الثانية من المادة 150 من الدستور، أو بناءا على قانون تنظيمي[5] ، و من بين هذه المجالات:

– التشريع الأساسي و النظام الاقتصادي للضمان الاجتماعي .

– السكك الحديدية و النقل البري الذي يمر في أكثر من جماعة مستقلة، و نظام الاتصالات، و البريد.

و من جهة أخرى فالصلاحيات المحجوزة للجهات ( الجماعة المستقلة) تنقسم إلى نوعين، مجالات محجوزة لصلاحيات الجماعات المستقلة، و مجالات مشتركة بين كل الجماعات المستقلة، و هذه الصلاحيات المشتركة بين كل الجماعات المستقلة،هي التي نصت عليها المادة 148 من الدستور الإسباني :

– الفلاحة و الماشية.

– الجبال و استغلال الغابات.

– حماية البيئة.

– تشجيع و تطوير اقتصاد الجماعات المستقلة.

– تشجيع الثقافة و البحث العلمي و التعليم بلغة الجماعة المستقلة .

بفضل توزيع الصلاحيات بين الدولة و الجهات استطاعت إسبانيا تجاوز مشاكلها اللغوية و العرقية و المجالية، و بالتالي تمكنت من بناء دولة قوية فاعلة داخل منظومة الإتحاد الأوربي .

و عليه ،فإن النظام الجهوي في كل من إيطاليا و إسبانيا، سعى إلى ترسيخ البعد الجهوي ، من خلال إحداث تضامن و تعاون بين الجهات، من أجل تحقيق التوازن على المستوى المجالي و الاجتماعي والاقتصادي و الثقافي، و من جهة أخرى المساهمة في بلورة تنمية وطنية شاملة، تساير التوجهات التنموية للاتحاد الأوربي.

المطلب الثاني : الجهوية في إطار الدولة الفيدرالية ( الاتحادية) .

إن ألمانيا باعتبارها دولة فيدرالية، فهي تشمل العديد من الجهات التي يطلق عليها “اللاندر” lander ،   و هي عبارة عن ولايات تستمد اختصاصاتها التشريعية و القضائية و الإدارية من دستورها الخاص بها[6].

فإذا كانت بعض الميادين الهامة في التشريع تختص بها الدولة الفيدرالية، فإن ” اللاندر” يباشر سلطات هامة كالشؤون الثقافية بما فيها التعليم المدرسي و الجامعي و البث الإذاعي و التلفزي و الأمن الداخلي ووضع القواعد العامة التنظيمية للجماعات المحلية التابعة لها، كما تتوفر على برلمان منتخب بطريقة ديمقراطية ، و هو جهاز تشريعي منتخب  بالاقتراع  العام  المباشر لمدة  تتراوح  بين 4 و6 سنوات ، و حكومة منبثقة عن هذا البرلمان وبنيات إدارية وقضاء خاص.

أما الإدارة والتنفيذ ،فيدخلان في صلاحيات الجهات التي تقوم بتنفيذ قوانين الإتحاد ،على ألا تمس بالمبادئ العامة المكفولة من الدستور الاتحادي، والتي يمكن إجمالها في النقط التالية:

– مبدأ عدم المساس بالهيكلة الفدرالية (المادة 79 من دستور 1949).

– مبدأ مشاركة الولايات في التشريع والإدارة على الصعيد الإتحادي ( المادة 79 من دستور 1949).

– مبدأ التجانس (المادة 28 من دستور 1949).

وللإشارة ، فمبدأ الولاء والإخلاص المتبادل غير منصوص عليه في الدستور، ويتمثل على سبيل المثال لا الحصر في المجال المالي ، وبالأخص تعهد إحترام الولايات للمعاهدات الدولية ومعاملة الإتحاد للولايات معاملة متساوية .

ويمكن أن نعتبر النموذج الألماني مثالا للفدرالية المتعاونة بين الإتحاد Bund والولايات Lander، وهذا المبدأ تم تكريسه دستوريا من خلال التعديل الدستوري لسنة 1969 بإدخال مبدأ التعاون والتشارك بين الإتحاد والولايات ، أو ما يطلق عليه بمفهوم الصلاحيات المشتركة، إذ يمكن للإتحاد الفيدرالي المشاركة مع الولايات – بناء على إتفاقيات – في ميادين البرامج التعليمية وتشجيع مؤسسات ومشاريع البحث العلمي، كما يساهم في إنجاز المهام الممنوحة للولايات في مجموعة من المجالات الإقتصادية والزراعية إذا كانت هذه المهام ذات نفع عام على المجتمع ولها تأثير على تحسين الظروف الحياتية.[7] (المادة 91 من الدستور الألماني).

وفي إطار توزيع المهام المالية بين الاتحاد والمناطق، يتحمل كل من الإتحاد والولايات بشكل منفصل النفقات، لكن الأعمال التي تقوم بها الولايات بناءا على تكليف من الإتحاد، فإن هذا الأخير هو الذي يتحمل النفقات المترتبة على ذلك ( 104 من الدستور الألماني ).

ويمكن للإتحاد منح مساعدات مالية لغرض إستثمارات ذات أهمية خاصة للولايات والبلديات ، بهدف خلق توازن إقتصادي بين مختلف الولايات داخل الإتحاد.

المبحث الثاني : طبيعة علاقة  الجهوية بإعداد التراب  في ظل الأنظمة الأوربية المقارنة .

تكتسي العلاقات التي تربط اللامركزية الجهوية  بإعداد التراب أهمية خاصة ، لكون هذا التحديد  يتميز بطابعه الإستقلالي الذي يرجع  الأصل فيه إلى النقاش الدائر حول المركزية و اللامركزية  ، إذ أن  العمل الجهوي يثير مسألة اللامركزية ، بينما يحيل إعداد التراب على آليات الاندماج و التضامن الوطني ،

و بالتالي دعم المركزية .[8]

لكن اختلاف الأساس الذي يقوم عليه كل من المبدأ اللامركزي و مبدأ إعداد التراب لا يصل إلى حد التناقض ، بل إن العلاقة التي تربط بين اللامركزية و إعداد التراب هي علاقة جدلية و تكاملية ، بحيث إذا كانت اللامركزية تؤدي من الوجهة الاقتصادية إلى إحداث مراكز  للقرار تتمتع بنوع من الاستقلال ، مع ما قد يترتب عن ذلك من مضاعفة الفوارق الجهوية ، فإنه بالمقابل ، فمفهوم إعداد التراب يقوم بالأساس على تقليص الفوارق الجهوية و البحث عن أفضل  توزيع جغرافي للأنشطة الاقتصادية ، و هو ما يعتبر في الأساس عملا من اختصاص السلطة المركزية.[9]

و في هذا الاتجاه ، تعتبر دراسة  تجارب الدول الأوربية المقارنة من الأشياء التي تمكن من تحديد علاقة إعداد التراب بالجهوية ، في كل  من الدول الموحدة كإيطاليا و إسبانيا ( مطلب أول) ، و الدول الفيدرالية كألمانيا (مطلب ثاني ) .

المطلب الأول : طبيعة العلاقة بين الجهوية و إعداد التراب  في الدول الموحدة .

للحديث عن طبيعة هذه العلاقة في الدول الموحدة، سنقتصر على النموذجيين الإيطالي (أ) و الإسباني (ب).

أ – النموذج الإيطالي :

بالرجوع إلى المقتضيات المادة 117 من الدستور الإيطالي الذي حدد مجال تدخل الجهات، نجده أنه، قد  نقل إليها اختصاصات واسعة، تهم  إعداد التراب  والتعمير و الغابات والأشغال العمومية،والطرق. واختصاصات محدودة في مجالات المرافق الاجتماعية والثقافية ، وأكثر محدودية في ميدان التنمية الاقتصادية كالصناعة العصرية والتقليدية والسياحة وغيرها. ، وفي المجال المالي يعترف الدستور الإيطالي للجهات بمبدأ الاستقلال المالي سواء فيما يخص الموارد أو النفقات[10] .

و هذا الاختصاص يوضح العلاقة بين الجهوية و إعداد التراب في إيطاليا .

و بمقارنة هذا الاختصاص مع اختصاصات المجالس الجهوية في الدول الأوربية الموحدة،  يلاحظ أن نطاقه أكثر اتساعا ، و بالتالي تبقى تجربة الجهوية في علاقتها بإعداد التراب في إيطاليا جد مهمة، و لها مكانة دستورية،  بحيث لا يمكن إجراء أي تعديل لقواعدها أو اختصاصاتها إلا بتعديل دستوري.[11]

إلا أن هذه الجهات رغم منحها مجموعة من الصلاحيات و الآليات و الوسائل القانونية، سواء من خلال المخططات التنموية الجهوية، أو التخطيط لتنفيذ سياسة إعداد التراب، فإنها لم تستطيع الحد من الاختلالات الجهوية ما بين منطقة الشمال الغنية، و الجنوب الذي يعاني من الإقصاء و التهميش،

و رغم ذلك، تبقى الجهوية بإيطاليا ، مثالا حيا  للجهة ذات الطابع السياسي في إطار الدولة الموحدة، التي ذهبت فيه اللامركزية الجهوية إلى الحد  الذي أصبحت بمثابة حد فاصل أو حل توظيفي  بين الجهات والإدارة المركزية في إطار الدولة الموحدة .[12]

و هكذا يمكن القول بأن الجهوية لها حضور قوي في مجال إعداد التراب الجهوي،و كذا المساهمة في إعداد التراب في المجال الوطني، في حين يبقى دور الدولة تكميلي للحد من الإختلالات المجالية التي تعرفها الجهات الإيطالية ، من  خلال السهر على مسألة التضامن الوطني بين الجهات، لكي لا تكون هناك جهات غنية و أخرى فقيرة .

وعموما ، فإن سياسة إعداد التراب بإيطاليا، هي سياسة مشتركة ما بين الدولة و الجهات الإيطالية على مستوى الإعداد و التنفيذ .

ب – النموذج الإسباني :

لضمان  التوازن بين وحدة الأمة الإسبانية و حق الاستقلال الذاتي  للمناطق، اعتمد الدستور الإسباني  مجموعة من المبادئ ، فيما يتعلق بإعداد التراب في علاقته بالجهوية ، نجد من أهمها : مبدئي المساواة و التضامن .

بخصوص مبدأ المساواة ، فقد نص على المساواة بين جميع الإسبانيين في الحقوق و الوجبات في أي جزء من أقاليم الدولة ، و كذلك مساواة الجهات فيما بينها ، فالجماعات المستقلة الإسبانية متساوية أمام القانون من حيث الحقوق و الواجبات بصرف النظر عن عدد سكانها أو مستواها الاقتصادي و الاجتماعي أو خصائصها الثقافية .

أما مبدأ التضامن ، فنجده يدعم مبدأ المساواة ، و ينص الدستور كذلك على تضامن جميع الجهات لتحقيق  التكامل الاقتصادي ، و هو ما أشارت إليه المادة الثانية  من الدستور ” يجب على القوميات و الأقاليم أن تتكامل  و تتضامن فيما بينها  ” ، و نصت المادة 138 كذلك على هذا المبدأ تضمن الدولة التحقيق الفعلي لمبدأ التضامن المكرس في المادة الثانية من الدستور من خلال السهر على إقرار التوازن  الاقتصادي الملائم و العادل بين مختلف الأقاليم الإسبانية “[13] .

و بالرجوع إلى المادة 148 من الدستور الإسباني ، الذي حدد صلاحيات  الجماعات المستقلة  في ممارسة الاختصاصات التالية،  منها التعمير و الإسكان والتدبير في مجال حماية البيئة ، نجد أنه قيد مسألة تشجيع تطوير اقتصاد الجماعات المستقلة بالسياسة العامة للدولة.

كما أن الدولة احتفظت بأسس التخطيط العام للنشاط الاقتصادي ، وإصدار التشريع الأساسي حول حماية البيئة ، مع احترام صلاحيات الجماعات المستقلة لوضع قواعد إضافية للحماية ، وهو ما أشارت إليه المادة 149 من الدستور الاسباني .

و جاء في المادة 158 من نفس الدستور، أنه يؤسس صندوق للمقاصة يخصص لتوجيه نفقات الاستثمار، بحيث يهدف إلى تصحيح عدم التوازن الاقتصادي بين الأقاليم، ولإقرار مبدأ التضامن فعلا، كما أن الكورتيس العام هو الذي يوزع موارده بين الجماعات المستقلة والعمالات عند الاقتضاء.

ويبقى النموذج الإسباني من النماذج المتميزة التي حاولت الربط بين الديمقراطية  الجهوية و التنمية الجهوية من خلال إعطائها عدة اختصاصات ذاتية في مجال إعداد التراب. [14]

و عموما، فدور الدولة في إعداد التراب ، يتجلى في السهر على تحقيق مبدأ التضامن بين الجهات، وفق  مضمون المادة 138  من الدستور الإسباني، من أجل الحد  من التفاوتات المجالية بين الجهات، عن طريق إبرام مجموعة من  الاتفاقيات وعقود البرامج بين كل من الدولة و الجهات، و بين الجهات فيما بينها، كما يظهر دور الدولة كذلك من خلال تطبيق مبدأ المساواة في الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية في مجال إعداد التراب .

و من خلال ما سبق ، يتضح أن سياسة إعداد التراب في اسبانيا هي سياسة مركزية بامتياز، ومنصوص عليها في الدستور الاسباني ، من خلال مبدأين أساسيين  هما : مبدأ المساواة ومبدأ التضامن الذي تعمل الدولة المركزية على تحقيقه بين كافة الجهات الاسبانية.

 

المطلب الثاني: طبيعة العلاقة بين الجهوية و إعداد  التراب في الدول الفيدرالية (ألمانيا  نموذجا ).

عرفت ألمانيا  خلال الثورة الصناعية تقدما لاعقلانيا للنمو الصناعي، نتج عنه عدم التحكم في التوزيع الترابي للمقاولات، و تنمية جهوية غير متوازية، إضافة إلى اكتظاظ المدن و تشويه عمرانها، و عدم كفاية تجهيزات البنية التصنيعية، مع انتشار مظاهر الهجرة و الفقر و البطالة .[15]

كل هذه المشاكل دفعت بالسلطات في البداية إلى إحداث جمعيات شراكة بين الجماعات المحلية، أوكلت  لها السلطة التدبير في ميدان إعداد التراب مثل، ” جمعية تدبير برلين الكبرى” سنة 1911، التي لم تتواجد على الساحة إلا لمدة تسع سنوات، بسبب ضعف الوسائل الممنوحة لها، ليتم تعويضها سنة 1920 بمؤسسة أخرى، تحمل اسم “الجمعية الموحدة لبرلين”. و كذلك تم في نفس السنة تجميع الجماعات  و المقاطعات القروية و الإدارات لمنطقة الرور  (Ruhr) في إطار جمعية مشتركة، حيث أسندت إليها مهمة تدبير المجال عبر كل الجماعات، و تنسيق الاتصال فيما بينها، و تهيئة المناطق الخضراء، إذ أصبحت هذه الجمعية نموذجية لسياسة إعداد التراب، فاستمرت  في هذه السياسة إلى غاية 1975، حيث استبدلت بإدارة لاند (Land ( العامة.[16]

ووفقا لهذه السياسة قامت الدولة الفدرالية، بالسهر على التوزيع الجيد للسكن و الأنشطة الإنتاجية و الترفيهية  والتجهيزات الاجتماعية و الثقافية، كما قامت بربط هذه العناصر كلها بوسائل المواصلات، إلا أنه و بالرغم من المجهودات التي بذلت من أجل تحقيق توازن أحسن للتراب، فإنه لم يتم القضاء على الفوارق الاقتصادية بين التجمعات الحضرية و الصناعية و بين المناطق القروية ، بالإضافة إلى ذلك تزايدت الهجرة القروية نحو المناطق التي تتوفر على مرافق حيوية .

و في هذا الإطار قامت جميع ولايات هامبورغ  و برلين و برلين الغربية في الفترة ما بين 1968 و 1978 بإصلاح جهوي واسع، حيث قلص عدد المدن و الدوائر إلى 99، بعد أن كان يفوق 139، كما انخفض عدد المقاطعات القروية من 425 إلى  235 .[17]

و في الاتجاه، يتضح أن العلاقة بين إعداد التراب و الجهوية في ألمانيا الفدرالية، تتجسد  بشكل واضح من خلال الاختصاصات الواسعة المرتبطة بسلطتي التشريع  و التنفيذ ، و ذلك على مستوى الجهات، بحيث يتضمن هذا الاتجاه بعدين ،بعد أفقي يتمثل في العلاقة بين الجماعات والمقاطعات من جهة ،أو بين الجهات و باقي الجماعات الأخرى، تم هناك بعد عمودي يرتكز على التنسيق الذي تقوم به الدولة الفدرالية المبني على التوازن المجالي بين مختلف الجهات.[18]

وانطلاقا من المادة 72 من الدستور الألماني المتعلقة بالتشريع التنافسي، يحق للولايات التشريع فقط بالنسبة للمدى الذي لم يمارس فيه الاتحاد صلاحياته التشريعية بموجب قانون، ويحق للاتحاد التشريع في المجالات الواردة في المادة 74 (الفقرة الأولى)، والمتعلقة بمجالات التشريع التنافسي، إلى أن يتم التوصل إلى تحقيق التوازن بين مناطق الاتحاد، كما تستطيع الولايات أن تمارس صلاحياتها التشريعية في مجالات الحفاظ على البيئة، وتنظيم الحيز المكاني، وتدبير شؤون المياه .

ومجالات التشريع التنافسي الواردة في المادة 74 من الدستور الألماني ، هي القوانين المتعلقة بالاقتصاد، والعقار وقانون دعم تشييد الأبنية السكنية، والملاحة سواء في السواحل البحرية أو الملاحة الداخلية، وتنظيم الحيز المكاني، وتدبير شؤون المياه، وإجازات القبول والتخرج والتعليم العالي.

وجاء في المادة 87 من الدستور الألماني، أن الملاحة البحرية اختصاص حصري للاتحاد من خلال القانون، ويمكن للاتحاد نقل إدارة ممرات مائية اتحادية إلى الولايات، مادامت تقع ضمن حدودها، كما أن المادة 83 من نفس الدستور، فيما يخص توزيع السلطة بين الاتحاد والولايات، تنص على أن الولايات تنفذ القوانين الاتحادية باعتبارها شؤونا خاصة بها، إلا إذا حدد هذا القانون الأساسي شيئا آخر أو سمح به.

و يستشف مما سبق، أن النموذج الألماني يعمل على إحداث نظام يأخذ بعين لاعتبار الخاصيات المميزة لكل جهة، مع تشجيع استمرارية التقاليد الثقافية و التنوع العرقي، و يهدف إلى إعادة التوازن بين مختلف الجهات الألمانية عن طريق تبني قانون إطار لإعداد التراب سنة 1965، الذي تم تجديده سنة 1998، هذا القانون الذي يحدد التوجهات العامة لإعداد التراب، و بالخصوص تشجيع سياسة إعداد التراب ذات البعد الجهوي عبر تنمية التخطيط المحلي، يمكن القول أن هذا النظام قد ساعد على تقليص الاختلالات في مختلف المناطق، إضافة إلى مساهمته في دعم المناطق و الأقاليم الأقل حظا، و إقراره بمبدأ الديمقراطية التشاركية، حيث يمكن لكل مواطن انطلاقا من موقعه أن يشارك في المشروع المجتمعي .

وعموما، يمكن القول أن سياسة إعداد التراب في ألمانيا، هي سياسة مركزية وجهوية في نفس الوقت، بحيث يحق للولايات إصدار تشريعات تتعلق بمجالات إعداد التراب في الحالات التي يسمح بها الدستور الألماني، كما يمكن للدولة الفيدرالية ممارسة هذا الاختصاص.

 

 

 

 

خاتمة:

 

خلاصة القول، يتضح أنه يوجد إطار جهوي لإعداد التراب في النماذج الأوربية المتعلقة  بعرضنا (إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا) ، وذلك من خلال الاختصاصات الموكولة للجهة ، والقادرة على بلورة سياسة واضحة تساهم في الحد من الإختلالات بين مختلف الأقاليم والمناطق ، وبالتالي إعادة التوازن الترابي رغم اختلاف كل نظام سياسي عن الآخر( إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا)، وانفراد كل منهما بخصوصيات. وعليه فإن العلاقة بين الجهوية وإعداد التراب تطبعها اختلافات حسب الخصوصيات التي يمتاز بها كل نموذج، إلا أنه رغم ذلك يمكن القول أنها تشترك في مجموعة من الأهداف .

وفي هذا الإطار، نتحدث عن حداثة التجارب الجهوية بهذه الدول التي اعتمدت الجهوية بشكل تدريجي لاعتبارات منها، على الخصوص الهاجس السياسي و الخوف من التفكك ،وبالتالي عملت على احتواء النزاعات الانفصالية، بالإضافة إلى الاعتبار الاقتصادي، الذي لعب دورا مهما في اعتماد الجهوية كخيار للحد من التفاوتات الاقتصادية.

كما أن دور الدولة في إعداد التراب في هذه النماذج يختلف من بلد لآخر، فهو حاضر بشكل مهم في كل من اسبانيا وألمانيا، وذلك لتصحيح الإختلالات الجهوية التي تظهر من حين لآخر، وأقل أهمية بالنسبة لإيطاليا ، حيث يمكن القول أن إعداد التراب فيها هو اختصاص أصيل للجهة.

 

 

لائحة المراجع :

 

أ – المراجع باللغة العربية:

– عبد المجيد السملالي ، النموذج الألماني للجهوية ، المجلة المغربية للأنظمة القانونية و السياسية ، عدد خاص ، يوليوز 2005

– أحمد السوداني ، النظام الجهوي الإسباني ، الجماعات المستقلة ، المجلة المغربية الأنظمة القانونية و السياسية ، عدد خاص ، يوليوز 2005 .

– محمد بوجيدة ، طرق توزيع الاختصاصات بين الدولة والجماعات المحلية في القانون المقارن، طبعة 2000

الأطروحات والرسائل:

– عبد القادر الكحيل ،الرهانات السياسية و التنموية للجهة بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام كلية الحقوق أكدال الرباط ،السنة الجامعية 2006 -2007.

– عبد الخالق العلاوي ، سياسة إعداد التراب في المغرب : دراسة الإطار المؤسساتي و الأدوات المنهجية،

أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق وجدة، السنة الجامعية 2005-2006

– رشيد البكر، إعداد التراب و رهان التنمية الجهوية ، أطروحة لنيل الدكتورة في الحقوق ، جامعة الحسن الثاني عين الشق ، كلية الحقوق الدار البيضاء، السنة الجامعية 2000 .

– محمد بوبوش ، قضية الصحراء و مفهوم الإستقلال الذاتي ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق أكدال الرباط ، السنة الجامعية 2002.

 

– المراجع باللغة الفرنسية :

– Gérad Maroc  – hans kistenmacher –hans  guntherchev  traduction en français , ELK nowak – lehmann , Imprimé en france , Mai 1994.

–  Louis Pavoreu ( et autres ) droit constitutionnel , Dalloz, 2000.

– Jacques delors , l’aménagement du territoire et la politique régionale  en allemagne, vers une  européanisation  en douceur ? document de  travail  ute guder, octobre  2003, site : www.notre- Europe .eu /file admim( IMG/pdf/ ute . pdf).

–  c. guillemet , et jarmanent,la région italienne : un pari encore à gagner ,revue française de science politiques , Aout 1981.

 

 

– عبد المجيد السملالي ، النموذج الألماني للجهوية ، المجلة المغربية للأنظمة القانونية و السياسية ، عدد خاص ، يوليوز 2005،ص 155 .[1] [2]- محمد بوبوش ، قضية الصحراء و مفهوم الإستقلال الذاتي ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ، كلية الحقوق أكدال بالرباط ، السنة الجامعية 2002، ص 129.
[3] – رشيد البكر، إعداد التراب و رهان التنمية الجهوية ، أطروحة لنيل الدكتورة في الحقوق ، جامعة الحسن الثاني عين الشق ، كلية الحقوق الدار البيضاء، السنة الجامعية 2000،ص 201
[4]- Driss Basri : « la décentralisation Maroc de la commune à la région ». Nathan ,1994 p 260 .
أحمد السوداني ، النظام الجهوي الإسباني ، الجماعات المستقلة ، المجلة المغربية الأنظمة القانونية و السياسية ، عدد خاص ، يوليوز 2005 ، ص 109 .- [5]  

 

[6]- Gérad Maroc – hans kistenmacher –hans –guntherchev  traduction en français , ELK nowak – lehmann , Imprimé en france , Mai 1994, p15.
[7] – Louis Pavoreu ( et autres ) droit constitutionnel , Dalloz, 2000, p : 453.
[8] -c. guillemet , et jarmaent,la région italieme : un pari encore à gagner ,revue française de science politiques , aout 1981,m4,page 701-702.
[9] – عبد الخالق العلاوي ، سياسة إعداد التراب في المغرب : دراسة الإطار المؤسساتي و الأدوات و المنهجية ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية الحقوق و جدة ، السنة

الجامعية : 2005-2006 ص 190.
-محمد بوجيدة ، طرق توزيع الاختصاصات بين الدولة والجماعات المحلية في القانون المقارن، طبعة 2000،ص 123[10] [11] – عبد القادر الكحيل ،الرهانات السياسية و التنموية للجهة بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام كلية الحقوق أكدال الرباط ،السنة الجامعية 2006 -2007 ص 143.
– رشيد  البكر ، مرجع سابق، ص 203.[12] – أحمد السوداني ، نفس المرجع، ص 110. [13] – أحمد السوداني ، نفس المرجع ،  ص  133.[14] – رشيد البكر ،نفس المرجع ، ص 18 .[15] – رشيد البكر ،نفس المرجع ، ص 196 .[16] – عبد المجيد السملالي ،نفس المرجع ،ص 155.[17] [18] – Jacques delors , l’aménagement du territoire et la politique régionale  en allemagne, vers une  européanisation  en douceur ? document de  travail  ute guder, octobre  2003, site : www.notre _ Europe .eu /file admim( IMG/pdf/ ute . pdf).

Exit mobile version