Site icon مجلة المنارة

الجهة كدعامة ترابية للمجال بالمغرب

الجهة كدعامة ترابية للمجال بالمغرب

                                                                                                                  رضوان العلمي

                                         باحث في سلك الدكتوراه

بجامعة محمد الخامس السويسي، كلية الحقوق سلا

 

إن التراكمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، وصعوبة معالجتها مركزيا، فرضت أن تتخذ التنمية أبعادا مجالية، وهو ما اقتضى أيضا نهجا جديدا في ممارستها والتفكير في الوسائل القانونية لترجمتها على أرض الواقع، ومن هذا المنطلق، أصبحت الجهة[1] الإطار الملائم لبلورة استراتجية بديلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والمجالية، وأضحى موضوع الجهوية يحظى باهتمام مختلف الفاعلين السياسيين  بالمغرب[2].

وتعتبر الجهوية نمط من التعبير عن تصور مجتمع ما لحاجاته ومشاكله وإمكاناته وللكيفية التي يراها مناسبة لتدبير هذه الأمور والتحكم فيها، فالجهة إذن كفضاء للاستعمال وكآلية تدبيرية ومجال للممارسة الديمقراطية المحلية، تعتبر خيارا لا محيد عنه لتحقيق التنمية، وترتبط الأهمية التنموية للجهة من خلال الاختصاصات الموكولة لها والضمانات القانونية المتاحة لها لمزاولة مهامها.

 

لكن واقع الممارسة العملية للجهوية بالمغرب، عرف مجموعة من الحدود سواء على المستوى القانون أو المستوى الإداري( الفقرة الأولى)، الشئ الذي دفع للتفكير في تطوير ودعم الآليات الخاصة بالجهوية من خلال ورش الجهوية  الموسعة[3] وما أسفر عليه تقرير اللجنة الاستشارية بهذا الشأن( الفقرة الثانية).

 

الفقرة الأولى: الحدود التي تعتري الجهوية بالمغرب

بعد مرور ما يزيد عن خمسة عشر سنة على دخول القانون 96-47 المنظم للجهات حيز التطبيق، يمكن أن نقيم التجربة الجهوية ببلادنا، وذلك من خلال الوقوف على العراقيل و الحدود التي تعترضها سواء منها تلك الكامنة في القانون(أولا)، أو وتلك المتعلقة بالتنظيم الإداري (ثانيا).

أولا : الحدود المتعلقة بقانون الجهة

هناك العديد من المآخذ والسلبيات التي يمكن تسجيلها فيما يتعلق بالمقتضيات التي جاء بها قانون الجهة سواء من الناحية الشكلية (أ) أو من الناحية الموضوعية (ب).

أ: العيوب الشكلية

قبل التطرق إلى العيوب الموضوعية، ينبغي أولا أن نسجل مجموعة من الملاحظات الشكلية التالية[4]:

وعليه، فتمت عدة جوانب من قانون الجهة، بقيت رهينة بإصدار نصوص قانونية وتنظيمية، ذلك أن التطبيق الفعلي لها يستوجب إصدار هذه النصوص التنفيذية والتوضيحية والتكميلية، نذكر منها:

ب: العيوب الموضوعية

إضافة إلى الملاحظات الشكلية، هناك ملاحظات هامة أي العيوب الموضوعية المختلفة المسجلة على قانون الجهة، والمتمثلة كنقطة أولى في ضرورة توفير الوسائل البشرية والمادية، حيث نجد أن جل المجالس الجهوية لم تستطع إيجاد مقرات لها باستثناء ما بذله الولاة لتوفير بعض المكاتب قصد إيواء مصالحها والتي توجد في نفس البنايات التي توجد بها المصالح التابعة للولاة مباشرة[9].

كما يلاحظ أن النص المنظم للجهات قد اقتصر على وضع رهن إشارة المجالس الجهوية كاتبا عاما ومكلفين بالدراسات، وهذا إجراء لا يمكنه أن يعوض إدارة ذاتية للجهة، كما أنه لم يوجد هناك نص يوضح ضوابط ومعايير موضوعية لاختيار الكتاب العاملين والمكلفين بمهمة الدراسات [10].

وقد شكلت الوصاية على الأشخاص الترابية أحد الإشكالات الكبرى للامركزية بالمغرب منذ الاستقلال، ذلك أن جدلية المركزي واللامركزي انساقت إلى تأكيد أولوية المركز على الجهة والجماعة، كما كان من بين المبررات المقدمة لفرض الوصاية على الجهة خصوصا في المجال المالي هو أن الدولة تقوم بتحويل تدفقات مالية- أموال عمومية- من المركز إلى الجهة، وبالتالي فمن حق الدولة مراقبة استخدام هذه التدفقات قصد التأكد من مطابقتها لتوجيهات الدولة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

بالنسبة للوسائل المالية، والتي تعتبر المالية المحلية دعامتها الأساسية في تدبير الشأن العام للجماعة وفي تحقيق طموحات الجماعات المحلية، فالملاحظ هو حضور هاجس التمويل وتوفير الموارد الضرورية الكفيلة بإنجاز المهام والاستجابة للاحتياجات في كل تناظر ونقاش يتناول التجربة الجماعية بالمغرب منذ1976، وقد طرحت دوما على الجماعات المحلية إشكالية تعبئة واستقطاب الموارد المالية ومصادر التمويل الضرورية لسد حاجاتها ومواجهة أعباء تنميتها.

ويمكن إبراز أهم الإشكاليات المالية في التنظيم الجماعي في الجوانب التالية:

فالمقاربة الموضوعية والمنهجية للإشكاليات السالفة الذكر تقتضي تحليلها المعمق، وباحتياط عملي شديد، ليس من خلال قراءة النصوص التشريعية والقانونية والتنظيمية فحسب، بل من معاينة على أرض الواقع، وفي صميم الممارسة الحية لإبراز مواطن الضعف والخلل، واقتراح عناصر تفكير ومسالك بحث في الحلول والبدائل الممكنة والقابلة للتطبيق.

ثانيا: الحدود المتعلقة بالتنظيم الإداري للجهة

إضافة لما سبق، هناك العديد من السلبيات والمعيقات المرتبطة بالتنظيم الإداري سواء منها ما يتعلق بالتقسيم الجهوي (أ)، أو تلك المتعلقة بسياسة اللاتركيز ببلادنا (ب).

أ : تقسيم ترابي[11] غير متوازن

لن يكتمل صرح الجهوية حتى يكون هناك تقسيم جهوي يأخذ بعين الاعتبار جميع الفعاليات والطاقات المتنوعة عبر مختلف الأقاليم المغربية، ويبرز الأبعاد المختلفة للمجال المغربي.

ولما كان الهدف من الجهوية هو تنمية جهات قوية لضمان الوصول إلى الجودة في الخدمات ومحو الفوارق وعدم التوازن بين الجهات، بتصحيح المشاكل المرتبطة بطلب الخدمات وعدم التوازن في توزيع المصالح [12]، فإن مسألة تقسيم المجتمع إلى جهات حسب معايير واعتبارات جغرافية، اقتصادية، اجتماعية، سياسية وإدارية معينة، مسألة تختلف باختلاف السياقات الاجتماعية المتعددة وأيضا باختلاف العلاقة القائمة في مجتمع محدد في الزمان والفضاء بين دولة وطنية من جهة ومجتمع مدني من جهة أخرى [13].

ففكرة التقسيم الجهوي ليست وليدة اليوم ، بل هو تقليد عرفته بلادنا منذ زمن طويل، إلا أن أشكال هذا التقسيم اختلفت بحسب الظروف والأزمنة، فظهير 16 يونيو  1971 حاول خلق تناغم وتوازن تنموي بين مختلف أنحاء المغرب، رغم أن هذا التقسيم[14] لم يكن ليسد الثغرة التي جاء من أجلها وبدأت عيوبه تنضح يوما بعد يوم[15].

الشئ الذي فرض التفكير في إعادة تنظيم الجهة، وذلك بإقامة وحدة منسجمة ومندمجة بشكل يجعلها تتماشى ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية من جهة، وما تفرضه سياسة اللامركزية والديمقراطية المحلية من جهة أخرى[16]، ليتوج ذلك بصدور مرسوم 17 غشت 1997 [17].

فأهم ما يميز هذا التقسيم الجهوي كونه حاول قدر الإمكان  خلق توازن بين جميع الجهات التي تم إحداثها بناء على معطيات ومعايير متعددة ومراعاة لخصوصيات كل منطقة، وقد تضمن مرسوم التقطيع الجهوي مدخلا يوضح المعايير المعتمدة لوضع الخريطة الجهوية وتتلخص هذه المعايير في أربع مجموعات أساسية:

ولقد حدد المرسوم رقم 246-97-2 الصادر بتاريخ 17 غشت 1997 عدد الجهات في ستة عشرة جهة[18]، و يظهر إذن أن المرسوم قد أتى بالعديد من الأشياء الجديدة على مستوى التقسيم المجالي، ولا أدل على ذلك رفعه من عدد الجهات إلى 16 بدل سبعة، مع مراعاة المقاييس التي تسهم في تحديد معالم التجانس والتكامل لكل جهة، وهو ما يضفي عليها بالتالي ركائز هويتها المتميزة، ولكن لم يسلم هذا التقسيم بدوره من بعض الانتقادات، حيث يتباين تعدد الجماعات داخل الجهة الواحدة (من 13 جماعة بجهة واد الذهب إلى 239 جماعة  بجهة ماسة درعة)، وأيضا عدد العمالات داخل للجهة الواحدة (من 1 إلى 8)[19]. كما أن عدد الجهات في التقسيم الجهوي إذا ما قارناه مع تقسيم 1971، يبدو مبالغ فيه وغير متناسب مع حجم التراب الوطني وعدد السكان وكذا لإمكانيات المالية والبشرية[20] والكلفة المترتبة عن الهيكلة الجهوية.

و من بين المؤاخذات الأخرى الموجهة للتقسيم الجهوي، كون أن الإطار الجغرافي لعدد مهم من الجهات يعد إطارا ضيقا لا يستجيب لمتطلبات الجهة، فعلى سبيل المثال تعتبر مدينة الدارالبيضاء جهة كبرى، في حين لا تعد سوى مجموعة حضرية كبرى منفصلة عن محيطها البشري والاقتصادي والمجال الطبيعي، فلقد كان بالأحرى أن يكون لها وضع خاص نظرا لمشاكلها، كما هو الشأن لبعض العواصم العالمية، لكن دون أن تشكل جهة قائمة لذاتها، ونفس الملاحظة يمكن تطبيقها على جهة الرباط- الخميسات التي تبدو ضيقة وغير متوازنة بالنظر إلى مكوناتها وحدودها الترابية [21]، ففي الكثير من الجهات يبدو الهيكل الترابي الجهوي منفصلا عن الواقع البشري والاقتصادي والجغرافي الذي يهدف إلى تنظيمه.

وعليه، إن التقسيم الجهوي يعد من المواضيع الحساسة التي تتميز بالتعقيد والصعوبة من حيث كونه الإطار الجغرافي الذي تطبق فيه السياسات التنموية على صعيد مختلف الجهات، ولهذا فهو إطار متميز بطبيعته المتنوعة والمختلفة على جميع الأصعدة [22].

ب : ضعف سياسة اللاتركيز

تعرف الإدارة المغربية في السنين الأخيرة تحولات و تطورت مهمة في أداء مهامها ووظائفها الشئ الذي انعكس على تطور في وظائف الدولة. فهذه الأخيرة ومهما بلغت كفاءتها وإمكانياتها لا يمكنها أن تضطلع بمهمة تأطير فعال لمختلف الجهات والأقاليم والعمالات، لذلك فإن منطق الأمور ومقتضيات المصلحة العامة تستوجب نهج الأساليب التدبيرية الفعالة، وهذا ما يتطلب إقامة قنوات لتصريف الشؤون العامة على صعيد مختلف مستويات الإدارة الترابية[23].

وتعد سياسة اللاتركيز الإداري، إحدى الوسائل المساعدة في التدبير الإداري المركزي حيث تعمل كأجهزة إدارية تابعة للإدارة المركزية، وذلك على مستوى مختلف التقسيمات الإدارية التي يتم إحداثها، فهي تعتبر وسيلة لممارسة السلطة الإدارية المركزية التي تستهدف الرفع من سلطات الممثلين المحليين للسلطة المركزية.

 

 

ولقد شهد مسلسل التركيز الإداري تطورات متلاحقة منذ عام 1993، تاريخ اعتماد مرسوم 20 أكتوبر 1993 بشأن اللاتركيز، حيث جاء هذا الأخير ليترجم فعلا وعي السلطات المغربية بالأهمية الكبيرة لسياسة اللاتركيز وبدورها في تحديث الإدارة، وبعده جاء مرسوم 2005[24] والذي حاول تجاوز نقائص مرسوم 1993 في محاولة بالدفع بهذه السياسة.

فهذا الاهتمام بسياسة اللاتركيز يرمي إلى تحقيق التطور المستمر والفاعلية في مهام المصالح العمومية وتكييفها مع المتطلبات والتحديات الاقتصادية من جهة، ومع تطور المجتمع وحاجيات المواطنين من جهة ثانية، ويهدف أيضا إلى تحقيق إصلاح شامل للإدارات عبر معالجة الاختلالات العضوية المسجلة على المستويين المركزي والمحلي، حيث يوجد اللاتركيز في صلب هذه الحركة الإصلاحية.

إلا أن واقع اللاتركيز بالمغرب يظهر وبجلاء مدى الاختلال الذي تعانيه الإدارة المغربية حيث يسير هذا المسلسل ببطء شديد لا يساير التحديات المطروحة على الجهاز الإداري، كما لا يستجيب لتطلعات المواطنين. فمازال الواقع الممركز مستمرا في مضايقة كل مبادرة في هذا المجال، ولعل من بين مظاهر ضعف نظام اللاتركيز جمود انتشار المصالح غير الممركزة، حيث تشكل العمالات والأقاليم الإطار الترابي الأساسي لتنصيب المصالح غير الممركزة لمختلف الوزارات والإدارات المركزية، إلا أن تضاعف عدد العمالات والأقاليم منذ الاستقلال إلى اليوم، قد أفرز إشكالية التوفيق بين مواقع المصالح غير الممركزة والتقسيمات الإدارية الجديدة، وجعل التقسيمات الجديدة تفتقر إلى المصالح اللازمة والتي لم تتطور بنفس وثيرة هذه التقسيمات، وهو ما يؤكد بجلاء عدم مسايرة المصالح غير الممركزة لتطوير التقسيم الإداري[25].

 

 

بالإضافة إلى إعاقة وظيفة التنسيق المعهود بها إلى العامل، والتي تفترض أن يجد هذا الأخير أمامه ممثلين عن مختلف الوزارات، ولعل مما يضاعف من حدة الوضع أن التقسيم الإداري يرتكز على كثرة الدوائر الإدارية متفاوتة التسلسل وممثلة في بعض الأحيان على مستوى مزدوج – مركزي و لاممركز-.

هكذا، فإن توزيع المصالح الخارجية على المستوى الترابي يعتبر حاليا مختلا وغير متوازن بين الإدارة المركزية والمصالح اللاممركزة، بحيث يلاحظ غياب تمثيلية مختلف الوزارات  على صعيد جميع العمالات والأقاليم[26]، فباستثناء بعض الوزارات مثلا الداخلية المالية والفلاحية، هناك وزارات أخرى دون تمثيلية ترابية شاملة لكافة أنحاء التراب الوطني.

ويظل الواقع العملي هو افتقاد العديد من التقسيمات الإدارية لمجموعة من المصالح الإدارية الحيوية، كما قد ينضاف إلى ذلك مسألة غياب تأطير فعال لهذه المصالح كمظهر ثان من مظاهر ضعف نظام اللاتركيز، حيث إن نجاح هذا الأخير رهين بنهج سياسة تأطيرية فعالة لفائدة المصالح غير الممركزة ويكون ذلك خاصة من خلال تحويل الاختصاصات الضرورية لها، وكذا من خلال تزويدها بالموارد المالية والبشرية.

الفقرة الثانية: خلاصات تقرير اللجنة الاستشارية حول الجهوية المتقدمة

 

انسجاما مع عمق وفلسفة الجهوية المتقدمة، كما أكد عليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة يوم 3 يناير2010[27]، حيث عملت هذه الأخيرة على بلورة مرتكزات هذا الورش الهيكلي الكبير لمشروع الجهوية المتقدمة في شكل تقرير[28].

 

ويشكل التقرير الختامي للجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة مدخلا لإصلاح عميق لهياكل الدولة من خلال السير الحثيث المتدرج على درب تطوير اللامركزية الجهوية ( أولا)، حيث لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تجاوز العائق المالي وتحقيق تمويل ذاتي للجهة ( ثانيا).

 

أولا: رهانات اللامركزية على ضوء تقرير الجهوية المتقدمة

إن مضمون اللامركزية الجهوية يسمح بإعطاء نفس جديد يفتح آفاق الممارسة الديمقراطية أمام الفئات الاجتماعية ومشاركتها في إدارة الشؤون الجهوية بشكل يحقق مفهوم التنمية الجهوية، حيث يتم معاينة مواطن الضعف والخلل في إطار إدارة حرة تعبر عن حاجياتها من خلال هيئات منتخبة تمارس نشاطها في استقلالية تحت وصاية الدولة[29].

 

ويعد اختيار الجهة كجماعة ترابية لامركزية من خلال تقرير الجنة الاستشارية حول الجهوية، لتكريس الانتقال إلى سياسة تنموية جهوية حقيقية، كسبيل أمثل لإرساء البنيات الاجتماعية والاقتصادية المندمجة والمنفتحة على المستقبل، وليس اختيار الجهة كجماعة ترابية لامركزية اعتباطيا، بل هو اختيار استراتيجي أملته ضرورات الديمقراطية المستندة إلى قيم الحرية والمسؤولية والفعالية وذلك بإبراز الجهوية كشريك مميز للدولة.

 

وفي نفس المنحى جاء التقرير لبلورة الإرادة الملكية حول الجهوية المتقدمة، حيث دعا جلالته إلى جعل الجهوية ” تحولا نوعيا في أنماط  الحكامة الترابية”. وذكر جلالته في خطابه المؤرخ في 3 يناير 2010 إلى أن الجهوية المتقدمة ستعمل على إعادة توزيع الاختصاصات بشكل منسجم مع مختلف المستويات الإدارية وتترجم بتضامن كبير ما بين الجهات، ولا تغير في الثوابت السامية لوحدة الأمة والتراب (أ)، وهذا التوجه الجديد بلا شك يعد تعبيرا صريحا على ضرورة جعل الجهة قاطرة لتحقيق الحكامة الجيدة بكل أنواعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية، فهي بهذا المفهوم تتجاوز المفهوم الكلاسيكي الذي يعتبر الجهة مجرد وحدة لامركزية تعتمد على أجهزة منتخبة تسير شؤونها بنفسها، بل والحال، تعتبر الجهة الإطار الأمثل لإيجاد ” أجوبة مغربية للقضايا المغربية الكبرى ” كما قال جلالته، ويعتبر المجال الترابي للدولة الحقل الذي تمارس فيه سيادتها، وتنظيمه من خلال تقسيمه إلى عدة وحدات ترابية يتم من خلالها بلورة القرارات التنموية وإنجاز المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي خلق نوع من التجاوب بين المركز والمحيط بالشكل الذي يضمن تلك الرابطة الترابية بين الوحدات الإدارية المقسمة سواء كانت ذات طابع لامركزي أو لا متمركز[30]، ومن تظهر أهمية التقسيمات الترابية   ( ب ) التي جاءت في التقرير.

تدخل الجهة كباقي الجماعات الترابية الأخرى في نظام اللامركزية الترابية الذي يعد بمثابة ” الديمقراطية المطبقة على الإدارة “[31]، إذ يشكل موقعها ضمن باقي مكونات اللامركزية مجالا مهما للحوار والتشاور وممارسة الشؤون العامة وذلك بالنظر إلى الاختصاصات الواسعة التي جاء بها التقرير، فهي تشكل مجموعة وفضاء متميز للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وإعداد التراب الوطني والتخطيط، بل إنها مركز للتقرير والبرمجة والتخطيط، ولا سيما مع قصور المقتضيات الإدارية الناتجة عن إحداث مزيد من الأقاليم الصغيرة مما أدى إلى جعل الإقليم لا يرقى إلى المستوى المطلوب لتسير التنمية[32].

غير أنه إذا كانت الجهة إحدى المكونات الأساسية لللامركزية، فإن التطورات المتسارعة على صعيد الوطني والدولي فرضت ضرورة إعادة النظر في دورها واختصاصاتها، بل وكذلك في مفهومها (1)، هذا المفهوم الذي خصص له التقرير محور رابع بعنوان حكامة جيدة الأداء الذي من مداخلاته تعزيز القدرات التنفيذية و التدبيرية الجماعات الترابية وعلى رأسها الجهوية (2).

  1. مفهوم الحكامة الجيدة

من المفاهيم التي أصبحت متداولة في العصر الحالي نجد مفهوم الحكامة، مما جعل منه مفتاحا لحسن التدبير على جميع المستويات- اقتصادية – اجتماعية – سياسية-، وقد بدأ تداول هذا المفهوم منذ أكثر من منة نصف قرن من طرف بعض الاقتصاديين الأمريكيين، وقد تم تطوريه من طرف Olivier Williamson وذلك للتعبير عن وجود نوع من التنسيق الداخلي في الشركات الذي يسمح بتقليص كلمة المعاملات داخل السوق، فالحكامة هنا أكثر الوسائل للتنسيق بين الفاعلين[33]. وبالتالي فإن هذا المفهوم قد أخد في البدء طابعا اقتصاديا، وفي هذا الإطار عرفه البنك الدولي في تقريره لسنة 1989 ” أسلوب ممارسة القوة في إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد من أجل التنمية”، غير أن هذا التعريف لم يحدد طبيعة الفاعلين[34].

أما برنامج الأمم المتحدة للتنمية فقد عرفها على أنها[35]: ” ممارسة السلطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية من أجل تسيير شؤون البلاد على كل المستويات ” .

في حين أن معهد الحكامة عرفها على أنها: ” مجموعة المؤسسات والتصرفات والتقاليد التي تنص على ممارسة السلطة واتخاذ القرار والكيفية التي يستطيع بها المواطنين إسماع صوتهم ” [36]، فمن خلال هذا التعريف نستشف أن الحكامة ليست مرتبطة بالدولة، بل تفترض وجود فاعلين أخريين يساهمون في اتخاذ القرار كالمقاولات والنقابات والجمعيات، ومنظمات غير حكومية ومجتمع مدني، أما الأستاذ سعيد حنيتي فيعرف الحكامة على أنها [37]: ” مسلسل معقد من العمل الجماعي يجمع فاعلين مختلفين عن طريق عقلنة المساطر، بهدف تحقيق ما هو أحسن اقتصاديا واجتماعيا مع الحفاظ في نفس الوقت على الموارد الإنتاجية بهدف تأمين تطور اقتصادي متوازن ودائم”.

ومن وجهة نظرنا فيمكن تعريف الحكامة ب: ” تحّكم مختلف الفاعلين بمستوياتهم الثلاث – العام – الخاص – مجتمع مدني، في السياسات المحلية بغية تحقيق التنمية المستدامة”.

فالحكامة الجيدة في هذا الإطار هي نظام محلي يشارك فيه الجميع، بحيث يكون التفاعل إيجابيا في إطار منهجي بواسطة العديد من العمليات لتحصل على مجموعة من المخرجات تستطيع استخدام السلطة السياسية، وممارسة الرقابة على المجتمع المحلي من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية[38]. هذه المقاربة التشاركية جاءت بعد أن أبان التسيير المركزي عن محدوديته وعدم نجاعته، فالشأن العام بهذا المنظور أصبح نتيجة تفاعل يضع وجها لوجه الدولة ومكونات المجتمع المدني، وليس فقط نتيجة قرار أحادي الجانب أي الإدارة أو الدولة.

فإذا كانت الحكامة كمفهوم لم يلق بعد الإجماع على تحديده، فالأكيد هو أن مفهومه يحيل إلى النجاعة والفعالية والرشادة، لذلك يقترح تقرير اللجنة تمكين المجلس الجهوي من وكالة تكون تحت مراقبته كفيلة بإمداده بالدراسات التقنية وبإنجاز مشاريع الاستثمار الجهوي التي لن تزيد إلا أهمية[39].

2 – الجهوية كمجال لتطبيق الحكامة الجيدة [40]

إن اللامركزية الجهوية كمرحلة متطورة التي دعا جلالة الملك لتجسيدها من أجل تحقيق الحكامة الترابية، والتي ربطها في هذا الإطار بين الجهوية المتقدمة وبين ضرورة انبثاق مجالس ديمقراطية تتمتع بصلاحيات واسعة وموارد كافية تمكنها من النهوض بالتنمية المندمجة، والأكيد أن المسار الديمقراطي في هذا المستوى يفرض اعتماد الاقتراع العام المباشر في انتخاب أعضاء المجالس الجهوية حتى تعبر عن طموحات الساكنة الجهوية، وهو نفس الشئ الذي جاء في تقرير اللجنة[41].

 

فالجهة أصبحت تقع في قلب التحولات الاقتصادية ومفاهيم الفعالية والمرفق العام وفي ظل المطالبة بالعدالة في المجالات الاجتماعية كالتعليم والصحة والشغل والسكن حيث يتطلب الأمر إيجاد أفضل استقبال، وهي المجالات التي قامت اللجنة الاستشارية بمقاربتها ضمن المحور الثاني في التقرير تحت عنوان ” اختصاصات موسعة وأحسن تمفصلا”.

 

وانسجاما مع هذا التصور الذي يفرض على الجهة التدخل في جميع الميادين بهدف النهوض بالتنمية الترابية،  فإن اللامركزية الجهوية مدعوة اليوم كي تصبح إطارا أوسع للتنسيق بين مختلف المصالح الحكومية لتفادي مشكل تداخل الاختصاصات الذي لطالما عانت منه اللامركزية بشكل عام، وعليه، فالوالي أو عامل مركز الجهة سيضطلع بور جديد، بل وسيبقى على عاتقه مسؤولية التنسيق يبين مختلف المرافق الحكومية على صعيد الجهة[42].

 

فإذا كان على الجهة أن تمارس مهامها مع الأخذ بعين الاعتبار الدور الأساسي الذي تلعبه الدولة، فعلى هذه الأخيرة أن لا تتجاهل الجهة و صيرورتها، فالجهوية المتقدمة تقتضى وجود ممثلين عن الدولة، بمعنى ولاة وعمال على قدر المسؤولية الجديدة وقادرين على العمل في إطار تشاوري مع المؤسسات الجهوية، كما يتعين على موظفي الدولة أن يعتبروا الجهة محورا أساسيا لتدخلاتهم وأن يتخلصوا من نزعة التدبير المركزي الذي نعته الخطاب الملكي ب” المركزية المتحجرة”.

وعلى هذا الأساس فإن الوالي سيضطلع بثلاث مهام محورية[43]:

وتعد من نقط القوة في تقرير اللجنة الاستشارية، تضمينه لمحور أول بعنوان جهوية ديمقراطية الجوهر، حيث يتمتع الرئيس بصلاحيات تنفيذية من أجل دعم التدبير الديمقراطي للشؤون الجهوية، كما سيكون الآمر بالصرف لنفقات المجلس، وبذلك فالرئيس لن يظل منتخبا خاضعا لتأثير السلطة المركزية، بل إنه سيتمتع ولأول مرة باستقلالية وصلاحيات أوسع[44].

 

أما على مستوى علاقة الدولة بالجهة، فنرى أن يتم العمل وفق برنامج تعاقدي محدد سلفا بينهما في جل الأمور المتعلقة بالتنمية الوطنية، كما يرتكز هذا التعاقد على تسطير برنامج لللأهداف المراد انجازها خلال مدة معينة، وهنا فإننا لا نتبنى النموذج الفرنسي، بقدر ما نجد في مقوماته ما يمكن جعله كحجر الأساس في إنشاء علاقات تعاقدية بين الدولة والجهة، على أن تبقى مراقبة الدولة في هذا المجال مقتصرة على النتائج وليس مراقبة المصادقة والتنفيذ.

 

لهذا فإن تطبيق الحكامة الترابية عن طريق اللامركزية الجهوية، يفترض إعادة النظر في الجانب للإدارات اللاممركزة على الصعيد الجهوي بحيث يتم الأخذ بعين الاعتبار الأهمية الترابية في إعداد الميزانية، بغية تلبية الحاجيات الجهوية ودمجها عند إعداد السياسات العمومية، وبالتالي تحقيق تنمية متوازنة على المستوى المجالي عن طريق ملائمة برمجة الميزانية وتنفيذها مع سياسة اللاتمركز الإداري[45].

 

ومجمل القول، فإن تحقيق الحكامة الترابية في زمن التكتلات الجهوية تبقى رهينة بمدى تأقلم الفاعلين في الحقل السياسي مع هذا المعطى، وكذلك مدى توفير الشروط الضرورية لإنجاح هذه التجربة، فهل التقسيم الترابي الذي جاء في التقرير قد يساهم في تخصيص إطار جغرافي مناسب يحكم ويضبط حركية التنمية الجهوية.

 

 

 

 

ب:  دور التقسيم الجهوي الجديد في التنمية مجالية 

يكتسي التقطيع الترابي الجهوي أهمية بالغة ضمن نجاح أي نظام جهوي، ولكي يكون للتقطيع الجهوي فعالية وظيفية يتعين أن يرتكز على معايير موضوعية بعيدة عن الهواجس الأمنية والقبلية والإثنية.

 

ويشير التقرير في محوره الثامن المعنون ب ” جهات جديدة ذات طابع مؤسساتي ووظيفي” [46] على أن مشروع التقطيع الجهوي، صيغ بناء على منهجية علمية، وتطبيقا لمعاير تقنية معمول بها تساعد على خلق توافق بين أهداف الجهوية وحقائق هيكلة التراب الوطني، وهذه المعايير هي: الفعالية والتجانس والوظيفية والقرب والتناسب والتوازن، وقد أدى العمل بالمعايير السابقة إلى تقليص عدد الجهات من ستة عشر (16) إلى اثني عشر (12) جهة يمكن أن نميز في إطارها بين طبقتين من الجهات:

 

ويري التقرير أنه في إطار الجهوية المتقدمة التي أقرتها المملكة من تلقاء سيادتها بصفاتها دولة موحدة، فليس التقطيع الجهوي في حد ذاته هو الرهان، بقدر ما أن المضمون المؤسساتي هو الموضوع الذي يحقق التنمية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية، فالتقسيم الترابي الجديد يحيل بشكل كبير على تحقيق هذه الغايات، لذلك فإنه لا بد وأن يقوم على أسس واقعية وعقلانية رشيدة، والتي من شأنها تحقيق التكامل بين الجهات الغنية والفقيرة والدفع بعجلة الجهوية المندمجة.

 

 

 

 

 

وعلى ضوء هذه المعطيات شكل التقطيع الجهوي الجديد وفق تقرير اللجنة الاستشارية الجهوية رافدا أساسيا في التفعيل العملي للجهوية المتقدمة الذي يضم 12 جهة بدلا من 16 جهة، و 75 إقليما و 1503 جماعة موزعة على الشكل التالي[47]:

 

ويمكن القول على أن هذا التقطيع سيمكن الجهات الجديدة من إيواء أكبر عدد من السكان، وتغطية مساحات ترابية مهمة وطرح بدائل اختيارية جزئية، إذ قلص عدد الجهات بنسبة 25 بالمائة، مستندا في ذلك على منهجية عملية وتطبيقا لمعايير تقنية معمول بها على العموم، توفق بين كل واحدة من هذه القواعد وبين الأهداف الجهوية وحقائق هيكلية التراب الوطني [48].

 

 

 

فالملاحظة التي يمكن إبرازها في هذا الباب أن الأمر لا يتعلق بتقطيع إداري، بل بتجزئ التراب إلى وحدات متماسكة من منظور الإعداد، وقد أطلق على هذه العملية التجميع الترابي بدل التقطيع الترابي، حيث تم الاعتماد على معايير ومبادئ الفعالية والتجانس، القرب والتجانس والتوازن.

 

ثانيا: تجاوز العائق المالي للجهة

يشكل الشق المالي عنصرا مهما في مشروع الجهوية المتقدمة، فمن خلاله يمكن للجهة من أن تجسد قراراتها وتصوراتها على أرض الواقع، وبالتالي تكون قابلة للتنفيذ [49]، فاعتبار الجهة وحدة لامركزية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، يجعل لها الحق الاستفادة من أنظمة تمويل وفق ما يخوله لها القانون المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيئاتها، فالوضعية المالية الحالية للجهات والتي تعتمد معظمها على الإعانات والإمدادات المالية الممنوحة من طرف الدولة أو بعض المؤسسات المالية، يجعل من الصعب تفعيل وظيفة الجهة بشكل عام والجهوية المتقدمة بشكل خاص.

 

وبغية تمكين الجهات من القيام بمهامها الجديدة، وبالتالي تنشيط الحركة الاقتصادية للجهة وخلق تنمية مستدامة، فإن الدولة رصدت لهذه الأخيرة مزيدا من الموارد المالية تم التعبير عنها بموجب الاقتراح الذي تقدم به التقرير في المحور الثالث تحت عنوان ” جهوية مكرسة للتنمية المندمجة ” والتي تم تجسيدها في آلية صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات، وذلك تماشيا مع التوجهات الملكية حيث جاء في خطاب جلالة الملك ” … ويضل التضامن الوطني حجر الزاوية في الجهوية المتقدمة إذ أن تحويل الاختصاصات للجهة يقترن بتوفير موارد مالية عامة وذاتية.”  فجل المهتمين بالشأن المحلي يتفقون على أن مسألة الموارد تعد أساسية وجوهر الجهوية المتقدمة، حيث بينت التجارب الدولية على أنه من الصعب إيجاد ضرائب خاصة بالمجالات الترابية، وهذا ما يفسر الإشارة إلى صندوق التضامن في التقرير.

 

فهذا الصندوق يمكن من توطيد الموارد المالية للجهة، من خلال تدخلاته التي ستحد من التفاوتات الناجمة عن تركيز الثروات والنمو اللامتكافئ للمجالات الترابية، كما سيكمن من تقليص الفوارق الجغرافية والديموغرافية بينها. وعليه فيبقى من الضروري تبني قانون يحدد نظام وطرق تدخل هذا الصندوق، أضف لذلك ما يمكن أن يحققه صندوق التأهيل الاجتماعي عبر التعاون المركزي- اللامركزي، بحيث يهدف هذا الجهاز لسد مظاهر العجز في كل ما يتعلق بالتنمية البشرية التي تتقاطع بشكل كبير مع مجالات اختصاص الجهات حسب ما جاء في التقرير[50]، ويبقي من الضروري توضيح صلاحيات هذا الصندوق واختصاصات رئيسه، كما تتوقف تقوية الوسائل المالية للجهة على إيجاد إطار خاص بجباياتها حتى تتمكن هذه الأخيرة من النهوض بمهامها التنموية مع مراعاة مستلزمات العقلنة والانسجام والتكامل[51].

 

ويتضح مما سبق، أن المقاربة الاقتراحية لتدبير مالية الجهة تجد أساسها القانوني في التجارب المقارنة، فالتجربة الاسبانية تعمل على توزيع الموارد عبر مجلس الجبائية والمالية للمجموعات المستقلة، فوظيفتها الأساسية تبقى ضمان مشاركة الجهات في تحديد معايير توزيع الموارد المخولة من الدولة إلى تلك الوحدات اللامركزية، مع ضمان الشفافية في هذا التوزيع، إذ ينص الدستور الاسباني على أن  المجموعات المستقلة تستفيد من استقلال مالي كبير[52].

 

وأمام تنوع وتعدد الموارد المالية الممنوحة للمجموعات المستقلة، فإن النظام المالي يمكن أن يساهم بشكل فعال في حل الخلافات التي يمكن أن تظهر بين الدولة المركزية والجهات[53].

لقد أضحت الجهة اليوم ذات أهمية كبري داخل التنظيم الإداري لمختلف دول العالم، بل أصبحت تشكل أقطابا دولية كبرى تساهم في تحقيق التمنية الاقتصادية وتستقطب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، فالمغرب ملزم اليوم بتفعيل مضامين الجهوية المتقدمة بغية تجاوز الاختلالات المجالية الكبرى التي يعرفها منذ سنوات، حيث تعتبر الجهة اليوم دعامة ترابية قوية تساهم في تحقيق التنمية المجالية بصفة خاصة والتنمية المستدامة على وجه العموم.

 

 

[1] –  أن وضع تأطير قانوني للجهوية لم يكن بالأمر الهين، فالمنظور الفكري لأهداف الجهوية المنشودة منذ الحماية الفرنسية، قد اصطدم بمجموعة من العراقيل المادية والبشرية حالت دون تحقيق ذلك، حيث كانت الاعتبارات العسكرية هي المتمثلة في ضرورة إخضاع كل مناطق وجهات البلاد إلى سلطة الحماية التي دفعت إلى إدخال واستعمال مفهوم الجهة والتقسيم الجهوي، باعتبار أنه يسمح  في بلد شاسع ومترامي الأطراف بالقيام بعمل فوري وفعال، وهكذا تم إحداث جهات عسكرية بقرار صادر عن المقيم العام الفرنسي في 4 غشت 1912، أما الجهات المدنية فلم تحدث إلا ابتداءا من سنة 1919، حيث أحدثت جهة الدار البيضاء والرباط وفق القرار المقيمي الصادر في 27 مارس 1919 ثم جهة وجدة بقرار صادر في 22 دجنبر 1919، في حين أحدثت جهة الغرب سنة 1920، وفي 11 دجنبر 1923 صدر نص تنظيمي عن الإقامة العامة الفرنسية يعدل التقسيم الترابي، حيث أحدثت أربع جهات مدنية وهي الرباط،   الدار البيضاء، وجدة والغرب، وثلاث جهات عسكرية وهي فاس ومراكش ومكناس وثلاث مراقبات مدنية وهي آسفي والجديدة (مازاكان) والصويرة (موغادور)، لكن هذا التعديل عرف تغييرا آخر سنة 1935، حيث تم تقسيم البلاد إلى منطقتين مدنية وعسكرية تضم الأولى جهات وجدة والدار البيضاء والرباط وآسفي وميناء ليوطي (القنيطرة) ومازاكان (الجديدة)، في حين تضم الثانية فاس ومكناس ومراكش وتازة وتافيلالت وتخوم درعة ووسط الأطلس. بعد الاستقلال مباشرة أهمل التقسيم الجهوي وأهملت الجهة لاعتبارات أبرزها شساعة المجال الترابي وضآلة عدد السكان آنذاك، ليحل الإطار الإقليمية محلها كوسيلة تمكن فرض سلطة الدولة الغنية سياسيا وإداريا بحيث اعتبر الإقليم آنذاك من أهم الوحدات الإدارية للدولة، كما عرفت هذه الفترة توالي المخططات الإنمائية المتعاقبة بداية من التصميم الثنائي لفترة 58-59 الذي كان مركز حول الاستثمارات العمومية المنتجة في الميدان الفلاحي من خلال عملية الحرث وتجهيز المناطق السقوية وبعض الصناعات والتكوين المهني والتقني، وفي سنة 1960  أعد أول مخطط رباعي تلاه مخطط ثلاثي لفترة 65-67 ومخطط خماسي لفترة 68-72، الذي يعتبر خطوة هامة في المسار الجهوي وفي خضم توالي هذه المخططات بدت سياسة التخطيط كنواة للجهوية، فيمكن اعتبار هذه الفترة فترة التمهيد لفكرة نشوء الجهة الاقتصادية، إذ ظهرت من خلال تلك الجهود الحاجة الملحة للاهتمام بالمجال الجهوي وبالجهة بعد التأكد والتيقن من استفحال خطورة الفوارق والتفاوتات الجهوية وعجز الإمكانات الضئيلة المبعثرة واللامتناسقة، وكذا الإطار الإداري الإقليمي عن مواجهتها لمحدوديته وعدم ملاءمته والهدف المرجو من التنمية الجهوية، في حين ان الأهداف الكامنة وراء إنشائه تبقى لأغراض سياسية وإدارية القصد منها ضمان التأطير الجيد للسكان، أي ما يمكن إجماله في الهاجس الأمني بدل الهاجس التنموي. وفي هذا الإطار، صدر الظهير الشريف رقم 77-71-1 بتاريخ 16.6.1971 بشأن إحداث الجهات الاقتصادية السبعة، وبذلك وجد الإطار القانوني للتنمية الذي يسمح بتوزيع جيد للاستثمارات وبتجميع المصالح المشتركة أو المتكاملة وبداية مسلسل اللامركزية الإدارية،  ومن هنا تتجلى كذلك أهمية التوجه الجهوي في كل تخطيط اقتصادي واجتماعي وفي السياسية الاقتصادية العامة للبلاد. وفي هذا السياق ذهب التوجه نحو الإقدام على تجربة جديدة في المسار الديمقراطي المحلي الذي انخرط فيه المغرب وأخذ يرسخه تدريجيا، فأتى دستور 1992 ليجعل من الجهة جماعة محلية (مادة 94)، متوجا بذلك حقبة التمهيد لدخول هذا النوع الجديد من التنظيم الترابي، وفاتحا الباب على مصراعيه لبناء هيكلة إدارية جديدة، بما لها من تبعات تعتبر تحولا كبيرا في ممارسة الحكم المحلي، ولقد كرس الدستور المراجع لسنة 1996، الجهة كجماعة محلية – أما الدستور الجديد لسنة 2011 فقد اعتبرها جماعة ترابية حسب ما جاء في الفصل 135-، الشيء الذي جعل التنظيم الترابي للمملكة يعرف مولودا جديدا اسمه الجهة، فصدر القانون 96/47 المتعلق بتنظيم الجهة، الذي توج مجموع الأعمال السياسية والقانونية حول الإصلاحات السياسية التي مافتئت السلطات العمومية تنوي القيام بها . و للمزيد من التفصيل في الموضوع راجع :

– ذ. الشريف الغيوبي، « الأسس القانونية والمقومات المالية للتنمية الجهوية»، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،  جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – أكدال ، الرباط، السنة الجامعية 2002_2003 ص2.

– دة. مليكة الصروخ،« البعد اللامركزي للجهوية»، مقال منشور في المسألة الجهوية ورهانات التنمية بالمغرب، الرباط 1999، ص 11.

[2]  – ذ. صالح المستف، « الجهوية في مغرب الجهات»، مقال منشور بـالجهوية الموسعة بالمغرب (أي نموذج مغربي في ضوء التجارب المقارنة؟)، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، الطبعة الأولى، فبراير 2010، ص 173.

[3]  – الخطاب الملكي 3 يناير 2010 بمناسبة تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية.

 

[4]  – وتتمثل أولا في سوء تبويب مقتضيات قانون الجهة، وكمثال على ذلك المقتضيات المتعلقة بالوصاية التي جاءت مشتتة بين مقتضيات وردت تحت عنوان الوصاية (الباب الرابع منه المواد من 42 إلى 48)، والتي همت الوصاية على الأعمال، ومقتضيات أخرى تعلقت بالوصاية على الأشخاص (المواد 17، 19، 20، 22، 23، 33، 57).

[5] – ذ. عبد الكبير يحيا، « التقسيم الجهوي بالمغرب ورهان التنمية»، مرجع سابق، 59،60،61.

  [6]  – مما يفتح الباب على مصراعيه للتأويلات على عكس تشريعات الدول العربية الأخرى وخصوصا في الشرق الأوسط حيث تتميز بهذه الميزة الجيدة لصياغة القوانين.

[7]– أما الإرسالية فهي وثيقة تصلح لإرسال أو توجيه وثائق إلى جهات أخرى لغاية محددة.

[8] وفي هذا الصدد يجب أن تحدد هذه النصوص بوضوح الاختصاصات الخاصة بالجهة، وتلك التي ستنقل إليها مستقبلا مع تبيان كيفية نقل الاعتمادات الموازية لهذا النقل، وكذا الجدولة الزمنية التي سيتم خلالها نقل مختلف الاختصاصات المعينة، إلى جانب إصدار النصوص التنفيذية والتوضيحية والتكميلية، وهو ما أدى إلى جعل الجهات عبارة عن وحدات إدارية لا مركزية لا تعمل، وبالتالي ظلت بمثابة الأجهزة المشلولة والعاجزة عن إضفاء الطابع الجهوي على تدبير الشأن العام الجهوي، لهذا فالتصريح الجهوي المنظم بموجب قانون 1997 مازال متعثرا منذ إدخاله حيز التنفيذ، وهذا ما أكده البعض حيث أكد على قصور الأداء الحكومي في هذا الميدان، وارتكازه على مقاربات وتوجيهات لا تعرف إلى أين تتجه الجهوية اليوم ومستقبلا، وذلك في زمن أصبحت فيه جميع دول العالم تحدد توجيهاتها المستقبلية على أساس جهوي، لهذا لا يجب أن تستعمل الجهوية كأداة مبنية لتصور إيديولوجي وسياسي بدل الاقتصادي والتنموي-  انظر بهذا الخصوص المهدي بنمير، « اللامركزية والشأن العام المحلي، أية آفاق في ظل المفهوم الجديد للسلطة»، سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية (8)، من إصدارات المنتدى الجهوي لتنمية الجماعات المحلية وهيئاتها،  ص 153.

 [9]  – وهذا ما لاحظته لجنة الجهة المنبثقة عن المناظرة السابعة المحلية التي أوصت في هذا الصدد بالتعجيل بإحداث مقرات للجهات وهيكلة مصالحها الإدارية مع ضرورة فصل الإدارة الجهوية التابعة للوالي عن الإدارة الجهوية التابعة للمجلس الجهوي، فجل الجهات لا تتوفر على إدارة خاصة بها.

[10] – د. الحسن الوزاني الشاهدي، « الجهة أداة لتطوير ودعم اللامركزية»، مرجع سابق، ص 40.

[11]  – فالتقسيم الترابي هو وسيلة بيد الدولة لضبط وثيرة التنمية وضبط المجتمع السياسي، وربط السكان بإستراتيجية الإنتاج، وأداة لإعادة هيكلة المجتمع حسب التناقضات والضغوط الظرفية، بإدماج شرائح اجتماعية جديدة في المنظومة السياسية والإدارية للـدولة فالدولة عند التجائها إلى استخدام وسيلة التقسيم الترابي تهدف إلى تحسين الإطارات الترابية من جهة، وزيادة قدرتها على التدخل في ميادين شتى حفاظا على شرعيتها وسلطتها من جهة أخرى. – راجع بهذا الخصوص:

–  إدريس بن الساهل،« الآفاق المستقبلية للجهة كجماعة محلية»،  مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة»، عدد 8، 1996، ص 66.

– فؤاد القاضي،« التقسيم الترابي بالمغرب»، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي، المدرسة الوطنية للإدارة، السنة الجامعية  1992، ص 45.

[12] – ذ. محمد بلمحجوبي، « التحدي الجهوي بالمغرب» مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة»، عدد 16، 1998، ص 142.

[13] – ذ. مصطفى حسن، « المسألة الجهوية وإشكالية التنمية بالمغرب» مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة  مواضيع الساعة»، عدد 16، 1998، ص 72.

[14] – منشور بالجريدة الرسمية عدد 3060 لسنة 1971

[15] – ذ. محمد عبد الصمد الحمراوي، « استراتيجيات التنمية المحلية»، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 16، 1998، ص من 91 إلى 95.

[16] –  ذ. عبد القادر الإدريسي وأحمد وعطى، « التقسيم الجهوي الجديد»، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة»، عدد 16 1998، ص 27.

[17] – وهو مرسوم رقم 246-97-2 الذي نصت عليه المادة الرابعة من قانون 96-47، والمتعلق بتحديد عدد الجهات ومراكزها ودوائر نفوذها وعدد المستشارين الواجب انتخابهم في كل جهة وتوزيع المقاعد على مختلف الهيئات الناخبة والمقاعد الراجعة للجماعات المحلية وتوزيعها على العمالات والأقاليم المكونة لها، منشور بالجريدة الرسمية، عدد 4509، بتاريخ 18 غشت 1997 ، ص 3275.

 [18] – وهي على الشكل الآتي:

الجهة رقم 1: وادي الذهب لكويرة؛ الجهة رقم 2: العيون- بوجدور- الساقية الحمراء؛ الجهة رقم 3: كلميم- السمارة؛ الجهة رقم 4: سوس- ماسة- ردعة؛ الجهة رقم 5: الغرب شراردة بني احسين؛ الجهة رقم 6: الشاوية- ورديغة؛ الجهة رقم 7: مراكش- تانسيفت- الحوز؛ الجهة رقم 8: الجهة الشرقية؛ الجهة رقم 9: الدار البيضاء الكبرى؛ الجهة رقم 10: الرباط- سلا- زمور- زعير؛ الجهة رقم 11: دكالة- عبدة؛ الجهة رقم 12: تادلة- أزيلال؛ الجهة رقم 13: مكناس- تافيلالت؛ الجهة رقم 14: فاس- بولمان؛ الجهة رقم 15: تازة- الحسيمة- تاونات الجهة رقم 16: طنجة- تطوان.

[19] – ذ. طالع محمد بلمحجوبي، « التحدي الجهوي بالمغرب»، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة»، عدد 16، 1998، ص 130.

[20]  – ذ. محمد عامر، « إشكالية التقطيع الترابي في البناء الجهوي»، مقال منشور بالدوريات المغربية للاقتصاد، العدد 20، 1997، ص 10 .

[21] –  ذ. محمد بلمحجوبي، « التحدي الجهوي بالمغرب»، مرجع سابق، ص 131.

[22] –  ذ. رشيد لبكر، « إعداد التراب الوطني ورهان التنمية الجهوية »، مرجع سابق، ص 217.

[23] –  ذ. عبد الكريم بخنوش،« اللاتركيز الإداري ودوره في الرفع من مستوى التدبير الإداري»، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد66.67، 2006، ص 71.

[24] – المرسوم رقم 02.05.1369 الصادر في 29 شوال 1426 الموافق ل 2 دجنبر 2005 بشأن تحديد قواعد تنظيم القطاعات الوزارية واللاتمركز الاداري ، الجريدة الرسمية عدد 5386 بتاريخ 11 ذو الحجة 1426 الموافق ل 12 يناير 2006.

[25]  – ذ. عبد الكريم بخنوش،« اللاتركيز الإداري ودوره في الرفع من مستوى التدبير الإداري»، مرجع سابق، ص 78.

[26] – ذ. رشيد السعيد،« مدى مساهمة اللاتركيز الإداري واللامركزية في دعم الجهوية» أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال الرباط،  السنة الجامعية 2001_2002، ص 216.

[27]  – لابد من إبراز ملاحظة أساسية تتعلق بأصالة المنهجية المعتمدة لإعداد الإصلاح الجهوي الجديد، أن صاحب الجلالة لم يطلب من وزارة الداخلية أن تقوم بتهيئ مشروع الجهوية المتقدمة، بل أعلن عن قيام لجنة بذلك، وهكذا جلالته أنة ” … على غرار نهجنا في تدبير القضايا الكبرى للأمة، ارتأينا اعتماد مقاربتنا الديمقراطية والتشاركية”، ولهذا الغرض تم الإعلان عن قيام لجنة استشارية متعددة الاختصاصات مشهود لها بالكفاءة والخبرة الواسعة وبعد النظر.

[28] – تقرير اللجنة الاستشارية حول الجهوية المتقدمة، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة نصوص ووثائق ، عدد 241، 2011، ص: 32.

[29] – ذ. عبد الواحد مبعوث: ” التنمية الجهوية في دعم التركيز الإداري واللامركزية ، ص: 306، مرجع مذكور لدى ذ. رشيد السعيد، مرجع سابق، ص: 218.

[30] – ذة. مينة بنلمليح :” القسيم الترابي الجهوي ومتطلبات الجهوية المتقدمة، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتتمة، سلسلة مواضيع الساعة ، عدد خاص رقم ،71 ص: 80.

[31] – د. الحسن الوزاني الشاهدي:” الجهة أداة لتطوير ودعم اللامركزية” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتتمة، سلسلة مواضيع الساعة ، عدد 52، ص: 18.

[32] – د. الشريف الغيوبي : ” عدم التركيز بين العمالة أو الاقليم والجهة” ،  منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتتمة، سلسلة مواضيع الساعة ، عدد 52 ، 2006، ص: 41.

[33] – ذة. سلوى شعراوي: ” مفهوم إدراة الدولة والمجتمع ” مجلة المستقبل العربي، عدد 244، نونبر 1994، ص: 111 وما بعدها.

[34]  – ذ.عبد الصمد الركيك: ” آفاق الجهوية المتقدمة بالمغرب بين اللامركزية الجهوية واللاتمركز الإداري” رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ، تخصص القضاء الاداري ، جامعة محمد الخامس- السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية  والاجتماعية- سلا السنة الجامعية 2010-2011 ص: 29.

[35] – برنامج الأمم المتحدة للتنمية، تقرير 1997.

[36] – ذ. عبد العزيز أشرقي: ” الحكامة الجيدة ” مطبعة النجاح الجديدة ، الطبعة الأولي، 2009، ص: 35.

[37] – HANITI said «  gouvernance économique et développement des territoires  », imprimerie, el Marif al jadida, 2005, P : 16.

[38] – ذ. كريم لحرش : ” الحكامة المحلية بالمغرب ” سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، العدد 2 غشت 2009، الطبعة الأولى، ص: 06.

[39] – تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية، مرجع سابق، ص: 49.

[40]  – وعليه، تكون الحكامة الجيدة هي إشراك الجميع في إتخاد القرارات التي تعنيهم مباشرة بهدف تحقيق التنمية مع وضع برنامج عام للأهداف المرجوة، واعتماده في تدبير الشأن العام الترابي يعد شرطا من شروط التنمية، وإذا كان الأمر كذلك، فالأكيد حسب ما ورد في تقرير اللجنة الاستشارية بأن الجهة باعتبارها وحدة ترابية أعلى في نظام اللامركزية وبالنظر إلى الاختصاصات الموسعة المخولة لها على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، تشكل إطارا مثاليا لتحقيق وتطبيق الحكامة الترابية، حيث دعا صاحب الجلالة في خطابه المؤرخ في 3 يناير 2010 إلى وضع تصور للجهة نابع من الخصوصية المغربية ” يهدف إيجاد جهات قائمة الذات تعتمد على معايير عقلانية وواقعية داعيا في الوقت إلى عدم اختزال الجهوية في مجرد توزيع جديد للسلطات بين المركز والجهات “.

 

[41] – تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية، مرجع سابق، ص: 39.

[42] – ذ. المكي السراجي: ” اللاتمركز الإداري في إطار الجهوية الموسعة” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتتمة،عدد مزدوج 97-98 ، 2011 ص : 124.

[43] – El yagoubi MOHAMED  «  la notion de régionalisation avancée dans les discours royaux » opt ; cit, P : 32.

[44] – ذ. رشيد لصفر : ” الجهوية المتقدمة بالمغرب ، المرتكزات والرهانات في ضوء تقرير اللجنة الاستشارية “، منشورات سلسلة اللامركزية والادارة المحلية، عدد 11 و12، ص: 118.

[45] – ذ. أمينة حطان : ” أسس الإصلاح الإداري بالمغرب ” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط أكدال، السنة الجامعية 2008-2009، ص: 333.

[46] – تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية، مرجع سابق، ص: 62.

 

[47]  – تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية، مرجع سابق، ص: 63.

[48] – ذة. مينة بنلمليح :” القسيم الترابي الجهوي ومتطلبات الجهوية المتقدمة، مرجع سابق، ص: 102.

[49]   – ذ. عبد الواحد مبعوث: ” التنمية الجهوية في دعم التركيز الإداري واللامركزية ، ص: 372.

[50] – تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية، مرجع سابق، ص: 46.

[51] – El yagoubi MOHAMED  «  la notion de régionalisation avancée dans les discours royaux » opt ; cit, P : 27

[52] – ibid  P : 28

[53]  – ذة. سارة لخمال: ” آفاق الجهة بالمغرب، دراسة قانونية – تحليلية ” رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونينة والاقتصادية والاجتماعية – طنجة، السنة الجامعية 2007/2008 ص: 63.

Exit mobile version