التحصيل الضريبي وسؤال ضمانات الملزم

التحصيل الضريبي وسؤال ضمانات الملزم

*يونس مليح

باحث بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –سلا-

ملخص:یعالج هذا الموضوع عملیة التحصیل الضریبي في التشریع المغربي والضمانات المسطرية التي سنها المشرع لفائدة الملزمين خلال هذه المرحلة. فعملية التحصيل الضريبي تعمل من خلالها الإدارة الضریبیة على بسط مختلف صلاحياتها وسلطاتها من أجل نقل دین الضریبة من طرف الخاضعین للضریبة وفقا لقواعد قانونیة بصورة جبریة ونهائیة إلى الخزینة العامة للدولة، في سبیل تحقیق غایات اقتصادیة واجتماعية، الأمر الذي يثار معه سؤال مدى احترام الإدارة الضريبية لضمانات الخاضعين للضريبة، سؤال سنحاول الإجابة عنه من خلال تطرقنا في هذا المقال للضمانات المسطربة للملزم أثناء مرحلتي التحصيل الضريبي الحبي الرضائي والجبري.الكلمات المفاتيح: الملزم، الإدارة الضريبية، الضمانات، الحقوق، المسطرة، التحصيل.Abstract: This topic addresses the process of tax collection in the Moroccan legislation and the statutory guarantees enacted by the legislator for the benefit of those who are required during this stage. The process of tax collection through which the tax administration works to extend its powers and powers to transfer tax debt by the taxpayer, according to legal rules in a manner that is legitimate and final to the general treasury of the state, in order to achieve economic and social goals, Taxation of Taxable Guarantees, a question that we will attempt to answer by discussing in this article the restrictive guarantees of the taxpayer during the stages of tax collection of tax and charity. Keywords: binding, tax administration, guarantees, rights, ruler, collection.  

مقدمة:

بعد الانتهاء من مرحلة تحديد وعاء الضريبة وربطها وتحديد مبلغها الواجب على الممول، تأتي مرحلة تحصيل الضريبة إلى الخزانة العامة في موعد استحقاقها، ووجوب قيام الممول بتوريدها من تلقاء ذاته دون أن يقع على عاتق الإدارة الضريبية عبء مطالبته بأدائها، وذلك وفقا لمبدأ أن دين الضريبة هو دين محمول لا مطلوب. ويهدف المشرع من وراء ذلك إلى ضمان تحصيل الضرائب في المواعيد المحددة قانونا لمواجهة النفقات العامة المختلفة[1].

فقد عهد المشرع المغربي لكل من إدارة الضرائب والخزينة العامة أمر تحصيل المستحقات الضريبية من جيوب الملزمين وتوريدها إلى خزينة الدولة. وسن لذلك قواعد إجرائية تقنن مجال تدخلها للمحافظة على حقوق الخزينة من جهة، كما سن بالمقابل ضمانات للخاضعين للضريبة لحمايتهم من كل تعسف أو شطط قد يرتكب في حقهم من طرف الإدارة ضد حقوقهم المالية[2]. وذلك خلال مختلف إجراءات مرحلة التحصيل، فما هي إذن الضمانات المسطرية الممنوحة للملزم أثناء كل من التحصيل الرضائي (أولا) والتحصيل الجبري (ثانيا). وهل تكرس حقيقة حماية الملزم في مواجهة الإدارة الضريبية خلال كل إجراءاتها المسطرية وآجالها؟.

أولا: الضمانات المسطرية للملزم أثناء مرحلة التحصيل الرضائي

تعد مرحلة التحصيل الحبي أو الرضائي، من بين المراحل الأساسية التي يمر منها التحصيل الضريبي، ويقصد به تلك التدابير المسطرية لتسديد الديون العمومية بمبادرة من الملزم، حيث يكون الأداء بشكل طوعي واختياري، دون إرغام أو جبر[3]. بينما نجد أن المشرع المغربي لم يعرفه، فقد عرف التحصيل بشكل عام دون تمييز بين المراحل التي يمر منها، إلا أن المدونة كشفت على مرحلة التحصيل الرضائي من خلال المادة 7، التي تنص على أن الديون العمومية تستوفى إما بطريقة رضائية خلال الفترة الممتدة ما بين تاريخ الشروع في التحصيل وتاريخ الاستحقاق، وإما باللجوء إلى إجراءات التحصيل الجبري المحددة في القانون رقم 15.97، لتدل على أن الجهات المكلفة بالتحصيل مجبرة على المرور بمرحلة التحصيل الرضائي قبل الشروع في الإجراءات الزجرية في مواجهة الملزمين، وذلك تعزيزا للضمانات المسطرية، التي حاولت المدونة الجديدة توفيرها للمدينين، بحيث يكون الأداء بشكل طوعي واختياري دون إرغام أو جبر قبل خضوعهم للزيادات والغرامات الناتجة عن فوائد التأخير وبقية إجراءات التحصيل الجبري.

1-                إجراءات التحصيل الرضائي وسؤال ضمانات الملزم

ترمي هذه الوسيلة أو المرحلة إلى تسديد الدين الضريبي بشكل حبي داخل الآجال القانونية، لذلك دون اللجوء إلى تحريك مسطرة المتابعة الجبرية، حيث أن هذا النوع من التحصيل هو الذي يعبر فيه المدين/الملزم عن رغبته في سداد ديونه الجبائية، ويتم ذلك وفق حالتين؛ فبخصوص الحالة الأولى، وهي الفترة الممتدة بين تاريخ الشروع في التحصيل أو إصدار الدين وتاريخ الاستحقاق، من غير احتساب مبالغ الزيادة عن التأخير، إذ يكون الدين الجبائي، في هذه الحالة، قد حل أجله، وأن فترة الاستخلاص الودي قد انتهت، وعلى ضوء ذلك يمكن للمحاسب العمومي (القابض المالي) أن يشرع في التحصيل الجبري. أما بالنسبة للحالة الثانية؛ وهي الحالة التي يمكن على ضوئها تمتيع الملزم بتسهيلات في الأداء وفق الشروط المحددة قانونيا[4].

ويعتمد هذا الأسلوب على الوعي الضريبي للملزم، وعلى حسن نيته وصدقه وشعوره الوطني، على أن الإدارة الضريبية تحتفظ لنفسها بحق مراقبة ما جاء في تصريح الملزم للتحقق من صحته حيث يمكنها الطعن في هذا التصريح كلما توفرت على دلائل تثبت صحة مزاعمها، هذا الأسلوب يتطلب أيضا النزاهة والكفاءة لدى موظفي الإدارة الضريبية لمحاربة الغش الضريبي من جهة والقضاء على المحاباة والرشوة من جهة أخرى[5].

  • إخبار الملزمين

حسب المادة الخامسة (5) من م.ت.د.ع، يتعين على إدارة الضرائب إخبار الملزمين بما يلي:

إخبار عام: يندرج ضمنه تعليق الملصقات التي تتم بمبادرة من المصالح المركزية للخزينة العامة للمملكة، حيث أجبرها على عملية استخلاص ديون الدولة بالمبادرة منها إلى أعلام المدينين بما ترتب في ذمتهم من مبالغ ضريبية وبفترة تحصيلها بالطريقة الحبية، التي تمتد من تاريخ الشروع في التحصيل على تاريخ الاستحقاق. ويعتبر الإخبار عن طريق تعليق الملصقات من طرق الإبلاغ الجماعية التي تمكن عموم المواطنين من الاطلاع على علانية الإدارة في استيفاء الديون العمومية. إضافة إلى تعليق الملصقات من أجل الإخبار بالإشعار الضريبي الذي يأتي بعد انتهاء المحاسب من إجراءات المراقبة والتحمل بالمبالغ المدرجة بالجداول الضريبية، حيث يتحتم على مصالح تحصيل الضريبة إعلام الخاضع لها بديونه قبل حلول تاريخ استحقاقها. ونظرا لأن المشرع يتوخي إخطار الملزم بديونه وآجالها، فقد اكتفى بوسيلة من الوسائل المعتمدة في مجال الإرساليات، وهي البريد العادي، مجنبا بذلك كافة المواطنين الملزمين مصاريف الإرسال في المرحلة الحبية.

إخبار خاص: يتجلى هذا النوع من الإعلام  في إطار كل من الاستجابة لطلبات الملزمين، حيث يمكن لمن يهمه الأمر التقدم إلى القباضة التي يخضع لدائرة نفوذها من حيث التضريب أو مكان الأداء من أجل الحصول على كشف لوضعيته الضريبية، فَيُمَكّنُهُ القابض من مستخرج للجدول الضريبي إلا أن هذه العملية لا تتم إلا عند توصل القابض بطلب محرر من قبل الملزم يلتمس فيه الحصول على نسخة من الجدول الضريبي الجماعي ويكون هذا المستخرج على شكل وثيقة تسحب بطريقة حديثة (معلوماتية) وهي لا تعتبر وصلا كما قد يتبادر إلى ذهن بعض الملزمين بل مجرد جرد لما ترتب في ذمة هؤلاء من ديون (أصل الدين وتوابعه).

والجدير بالذكر أن التحصيل الرضائي في بعض الأحيان لا يكون دائما بمبادرة من الملزم، فقد تكون الإدارة هي المبادرة إلى التحصيل وبصفة تلقائية من المنبع، وهذا حق يمنحه إياها القانون، مع استثناء قانوني يهم الموظفين والمأجورين الذين تتكفل إدارتهم المشغلة بالتصريح بمداخيلهم، وتعمل على اقتطاع الضريبة الواجبة عليهم بواسطة تقنية الحجز عند المنبع[6].

وما يلاحظ  على المادة 5 من م.ت.د.ع، أن المشرع عند وضعها قيد الحق المخول للإدارة الضريبية في مباشرة عملية التحصيل بجملة من الضمانات التي حصرها في هذه المادة[7]، وذلك بهدف حماية حقوق الخاضع للضريبة، والحفاظ على الضمانات المسطرية المخولة له.

ومن جهة أخرى، فقد تكلفت قباضات إدارة الضرائب بتحصيل ضرائب الدولة ابتداء من سنة 2004، وراكمت منذ ذلك التاريخ مبالغ للباقي استخلاصه تناهز 29,6 مليار درهم[8]، ويعزى حجم هذه المبالغ إلى عدة عوامل أهمها إهمال عمليات التحصيل الحبية والجبرية. إضافة إلى ذلك ضعف الجهود المبذولة للقيام بعمليات التحصيل بسبب تقادم الديون العمومية، حيث ناهز المبلغ المتقادم من الباقي استخلاصه على مستوى قباضات المديرية الجهوية للرباط على سبيل المثال، ما مجموعه 1,6 مليار درهم[9].

2-                 آجال التحصيل الرضائي وسؤال ضمانات الملزم

يفتح التحصيل الرضائي أجلين مهمين، هما تاريخ الشروع في التحصيل وتاريخ الاستحقاق، تتم داخلهما جميع الإجراءات المسطرية المتعلقة بمرحلة التحصيل الرضائي للدين الضريبي من طرف الإدارة الضريبية. وهما أجلان يفترض فيهما منح الوقت الكافي والمناسب لاستنفاذ جميع إجراءات التحصيل الرضائي من أجل حمل الملزم على الأداء، وذلك قبل مباشرة إجراءات التحصيل الجبري، تعزيزا للضمانات المسطرية للملزم في مواجهة الإدارة الضريبية.

§         تاريخ الشروع في التحصيل

يمكن القول بأن الشروع في التحصيل أو الاستخلاص هو قرار تصدره الإدارة الجبائية فتجعل قوائم التحصيل نافذة منذ صدورها، ثم تسري المواعيد التي تخضع لها الضرائب والرسوم المبينة فيها منذ ذلك التاريخ[10]. وقد نصت المادة 13 من م.ت.د.ع على أنه:”تستحق الضرائب والرسوم المدرجة في الجداول عند انصرام الشهر الثاني الموالي لشهر الشروع في تحصيلها”.

ويعتبر تاريخ الشروع في التحصيل ذو أهمية بالغة تتجلى في كونه[11]:

  • يشكل نقطة الانطلاق لمساطر التحصيل كلها؛
  • يفتح أجل المطالبة والمنازعة في الوعاء الضريبي؛
  • يعتبر نقطة انطلاق التقادم الرباعي؛
  • يتم بموجبه تحديد تاريخ استحقاق الدين الضريبي.

وتعتبر هذه الآجال من الضمانات المسطرية المقررة للملزم أثناء هذه المرحلة، إذ بافتتاحها يصبح من حق الملزم الاستفادة من التقادم الضريبي، وكذا حقه في تأجيل الدين الضريبي أو الحق في وقف الأداء.

الحق في الاستفادة من التقادم الضريبي: يعد التقادم من الضمانات الأساسية المقررة لفائدة المدين بالضريبة في مواجهة الإدارة المكلفة بالتحصيل، وقد خصصت له مدونة تحصيل الديون العمومية الباب التاسع الذي يحتوي مادة وحيدة؛ وهي المادة 123 دون أن نغفل المادة 125 من الباب العاشر، التي تتحدث عن آثاره بالنسبة للمحاسبين المكلفين بالتحصيل. وبالرجوع إلى المادة 123 نجد إجراءت تحصيل الضرائب والرسوم تتقادم بمضي 4 سنوات، وأن وعدم قيام المحاسب المكلف بالتحصيل بأي إجراء لتحصيل الديون الضريبية يترتب عنه سقوط هذه الديون بسبب تقادمها، ويحق للمدين المعني من أجل الاستفادة من سقوط دينه أن يدفع بالتقادم، وإذا تم إجباره بالأداء يمكنه اللجوء إلى القضاء لوقف المسطرة المطبقة لمخالفتها القانون[12].

الحق في وقف الأداء الضريبي: يقصد بوقف أداء الدين العمومي الحق المخول بمقتضى القانون لكل مدين في أن يلجأ إلى المحاسب المكلف بالتحصيل من أجل أن يوقف أداءه الضريبة أو متابعته بإجراء من إجراءات المتابعة، وذلك إلى حين البت في شكايته المتعلقة بموضوع الدين أو صدور حكم في الدعوى الموضوعة أمام القضاء المختص. ويعتبر تأجيل الضريبة حقا للملزم وليس مجرد رخصة يترك للإدارة أمر الاستجابة إليها أو عدمه. وقد أقر هذا الحق من أجل حماية الحقوق المالية للمدين الذي يرى أن تسديد الدين المطالب به في حينه سيؤثر عليه سلبا وعلى توازنه المالي، من أجل هذا، اعتبر في فرنسا أن أي قانون يتناقض مع هذا الحق هو قانون مخالف للدستور[13]. ويشترط في هذا الحق نوعين من الشروط :

شروط شكلية تتلخص في :

  • أن يقدم طلب وقف الأداء من طرف الملزم بالدين بشكل صريح؛
  • ضرورة وجود منازعة في أصل الدين مرافقة لطلب وقف الأداء؛
  • أن يكون المدين قد رفع المطالبة داخل الأجل المنصوص عليه في النصوص الجاري بها العمل.

شروط موضوعية تتمثل في:

  • حصر طلب وقف الأداء في الجزء المتنازع فيه؛
  • ضرورة تقديم ضمانات لتأمين تحصيل الدين الضريبي.

وينص الفصل  124 من القانون 15.97 بما معناه أنه لا يحق لأية سلطة عمومية أو إدارية أن توقف أو تؤجل أداء الضرائب أو الرسوم التي في حكمها، مما يعني أن المنع محصور على الموظف أو السلطة الإدارية، كيفما كان نوعها دون السلطة القضائية التي لها كامل الصلاحية في الاستجابة لطلبات إيقاف تنفيذ الدين العمومي متى توافرت لها المبررات لذلك[14].

ففي مصر مثلا، جاء في نص المادة (105) من قانون الضريبة على الدخل بأن الضريبة يتم تحصيلها دفعة واحدة أو على أقساط لا تتجاوز عدد السنوات الضريبية التي استحقت عنها الضريبة، وإذا طرأت ظروف عامة أو خاصة تحول دون تحصيل الضريبة، فإنه يجوز للإدارة الضريبية تقسيط الضريبة على مدة أطول بحيث لا تزيد على مثلي عدد السنوات الضريبية، ويسقط الحق في التقسيط عند التأخير في الوفاء بأي قسط، كما يجوز بناء على طلب المول الموافقة على تجديد التقسيط في حالات معينة.

وهو نفس الأمر الذي ذهب إليه المشرع المغربي من خلال الفقرة الثانية من المادة 124 من م.ت.د.ع، إذ أنه يمكن للمحاسب المكلف بالتحصيل أو لرئيس الإدارة التي ينتمي إليها أن يقبلا من المدينين تبرئة ذمتهم على أقساط، مقابل تقديم الضمانات التالية المنصوص عليها في المادة 118 من م.ت.د.ع :

  • إيداع في حساب الخزينة؛
  • سندات ممثلة لحقوق الدين المنصوص عليها في القانون رقم 35.94 المتعلق ببعض سندات الدين القابلة للتداول، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.95.3 بتاريخ 24 من شعبان 1415 ( 26 يناير 1995 )؛
  • سندات عمومية وغيرها من القيم المنقولة؛
  • كفالة بنكية؛
  • ديون على الخزينة؛
  • سند التخزين؛
  • رهن أصل تجاري؛
  • تخصيص عقار للرهن الرسمي.

ويمكن للمدين أن يعرض أشكالا أخرى من الضمانات على أن يتم قبولها من طرف المحاسب المكلف بالتحصيل.

وتكمن الأهمية القصوى لهذا الإجراء، في أنه منح للملزمين ضمانات مسطرية أوسع وأريح، كما أنه يعتبر من الأشياء الإيجابية التي  تحسب للمشرع، لأنه بتخويله المحاسب المكلف بالتحصيل إمكانية القيام بمصارفة مع الملزم الذي يبين حسن نية ورغبة في الأداء وذلك عن طريق أقساط، يكون بذلك قد حقق هدفين في نفس الوقت، فمن جهة، يتم توريد الدين الذي على عاتق المدين لفائدة الخزينة بشكل سلس، ومن جهة ثانية، إعطاء الأمان للملزمين وخلق مناخ للثقة بينهم وبين الخزينة، وذلك بتمديد الآجال عن طريق الأداء بأقساط.

وبالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ووفقا لتقرير دولي، فقد احتلت هذه الأخيرة في العام 2015 المركز (47) من إجمالي (189 دولة)، وذلك من حيث سهولة دفع الضريبة، والتسهيلات التي تتوفر للملزمين في إجراءات تقدير وربط ودفع الضرائب المقررة عليهم، كما أشار هذا التقرير أيضا بأن الممول في الولايات المتحدة يحتاج إلى ما يزيد على (175) ساعة في السنة لإكمال إجراءاته في دفع الضريبة. وبهذه النتيجة احتلت الولايات المتحدة المركز (55) في ترتيب الدول التي شملها التقرير من حيث الوقت الذي يهدره الممول في دفع الضريبة[15].

وتتيح الإدارة الضريبية الأمريكية (IRS) خيارات متعددة للمكلف لأداء الضريبة المقررة عليه قبل فرض الغرامات المترتبة على تأخير الدفع، حيث يمكن للمدين اللجوء إلى إحدى الوسائل التالية لسداد هذه الضريبة إلى وزارة الخزانة الأمريكية، إما على دفعات متعددة أو دفعة واحدة، وذلك عن طريق[16]:

  • الخصم المباشر من حسابه المصرفي؛
  • الخصم من مرتبه عن طريق الخصم من المنبع؛
  • الدفع عن طريق شيك أو حوالة؛
  • الدفع بواسطة بطاقات الائتمان؛
  • الدفع المباشر عن طريق الانترنت.

أما عن موعد دفع الضريبة في فرنسا فإن تاريخ (15) سبتمبر من كل عام يعد هو الموعد النهائي لقيام الممولين في فرنسا بأداء الضرائب المقررة عليهم، حيث يمكن للمول دفع الضريبة عن طريق وسائل الدفع الإلكترونية، كما يمكنه الدفع بالطرق التقليدية نقدا لمن لا يتجاوز مبلغ الضريبة المستحقة عليه 3000 يورو، أو عن طريق الشيكات للمبالغ التي تصل إلى 50.000 يورو، أو عن طريق الحوالات إلى حساب الخزينة العامة للمبالغ التي تتجاوز 50.000 يورو. أما بالنسبة لمن يقوم بدفع الضريبة على دفعات شهرية، فتتوزع هذه الدفوع حسب الشهور التالية من كل عام[17]:

  • الدفعة الأولى: قبل منتصف شهر فبراير؛
  • الدفعة الثانية: قبل منتصف شهر ماي؛
  • الدفعة الثالثة: قبل منتصف شهر سبتمبر، كما يمكن في هذه الحالة الخصم من رصيد الممول من فائض الدفعتين السابقتين.
§         تاريخ الاستحقاق[18]

تتمثل الغاية من الاستحقاق في المجال الجبائي في إمكانية فرض أداء الضريبة التي حل أجلها لتصبح إما مستحقة استحقاقا لأجل أو استحقاقا فوريا[19]. فحسب ما نصت عليه المادة 13 من م.ت.د.ع، يعتبر تاريخ الاستحقاق هو آخر يوم من الشهر الموالي لشهر الشروع في الحصيل، وبالرجوع إلى المادة 7 من نفس المدونة، نجد بأنه خلال الفترة الممتدة بين تاريخ الشروع في التحصيل أو الإصدار وتاريخ الاستحقاق هو الأجل الأقصى الذي حدده المشرع للشروع في عملية التحصيل الرضائي.

ويمكن أن نميز هنا ما بين ثلاثة أنواع لمدد استحقاق الدين الجبائي:

أولا: الاستحقاق لأجل (L’exigibilité à terme): وهو يهم الحقوق المثبتة (Droits constatés)، ويعني أن الدين الجبائي لا يصبح مستحقا إلا عند انصرام أجل عادي معين يبتدئ من تاريخ انشاء الدين، بالإضافة إلى ذلك تقتضي هذه الطريقة استخلاص أو تحصيل الدين الجبائي بعد إتمام عمليات تحديد الوعاء وتصفية الجباية. وعلى هذا الأساس فهناك فاصل زمني بين المرحلة ذات الطبيعة الإدارية المتجسدة في مرحلة التصفية، والمرحلة الثانية المحاسبية المرتبطة بالأداء، إذ لا يمكن مطالبة االملزم بالوفاء قبل حلول الأجل القانوني لذلك.

ثانيا: الاستحقاق الفوري (L’exigibilité immédiate): يرتبط الاستحقاق الفوري بالحقوق الفورية (Droit au comptant)، إذ يشكل استثناء الأصل، والذي يتمثل في تحديد أجل معين لتسديد الدين الجبائي بصفة عامة، وتصبح الجبايات مستحقة استحقاق فوريا مخافة أن يختفي الملزم بشكل مباغت أو يغادر أرض الوطن.

ثالثا: الاستحقاق المسبق (L’exigibilité préalable): حيث يقضي بأن يتم تحصيل الدين الجبائي قبل حدوث الواقعة المنشئة للضريبة (أي الحدث أو التصرف القانوني أو الوضعية التي ينشأ عنها دين الضريبة)، أو أثناء حصول الملزم على رخصة بالمزاولة أو الاشتغال، والملاحظ أن هذه الطريقة لا يتم الاعتماد عليها كثيرا خاصة على المستوى المحلي على الرغم من وضوح فعاليتها في عدم ضياع الأموال العمومية المتحصلة لفائدة الجماعات المحلية في المجال الجبائي، إذ يشكل الرسم المترتب على السماح بإغلاق بعض المحلات العامة بعد الميعاد المحدد أو فتحها قبله، الرسم الوحيد الذي يؤديه الملزم مسبقا، وبذلك لا يحق للملزم باسترجاع ما دفعه ولو لم يزاول النشاط المترتب عليه الرسم.

وبالمقارنة مع المشرع المصري وحسب ما جاء في نص المادة (5) من قانون الضريبة على الدخل بأن الفترة الضريبية هي السنة المالية التي تبدأ من أول يناير وتنتهي في 31 ديسمبر من كل عام، أو أي مدة قدرها اثنا عشر شهرا تتخذ أساسا لحساب الضريبة. ويجوز حساب الضريبة عن فترة تقل أو تزيد على اثني عشر شهرا، وتحدد اللائحة التنفيذية للقانون إجراءات المحاسبة عن هذه الفترة، وتستحق الضريبة في اليوم التالي لانتهاء الفترة الضريبية، كما تستحق لوفاة الممول أو بانقطاع إقامته أو توقفه كليا عن مزاولة النشاط[20]. أما فيما يخص مكان أداء الضريبة فقد جاء في نص المادة (102) من قانون الضريبة على الدخل المصري، أن دين الضريبة يكون واجب الأداء في مقر المصلحة وفروعها دون حاجة إلى المطالبة في مقر المدين.

يتبين من خلال الآجال المذكورة سابقا أن المشرع المغربي راعى في تحديدها مصلحة الإدارة الضريبية، ورغبتها في تحصيل الديون الضريبية، دون الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الملزم، وألزمه بآجال معينة تبعا لنوع وطبيعة الضريبة أو الرسم، دون أن يمنحه إمكانية تحديد الآجال الذي يتناسب مع وضعيته كملزم طبيعي أو معنوي، مقيم بأرض الوطن أو مهاجر، أو مع طبيعة النشاط الخاضع للتضريب فلاحي أو تجاري، صناعي أو حرفي، موسمي أو مؤقت.

وفي نفس السياق، ووفقا لتقرير دولي، فقد احتل المغرب في العام 2015 المرتبة (124) من إجمالي (189 دولة)، وذلك من حيث سهولة دفع الضريبة، والتسهيلات التي تتوفر للملزمين في إجراءات تقدير وربط ودفع الضرائب المقررة عليهم، كما أشار هذا التقرير أيضا بأن الممول في المغرب يحتاج إلى ما يزيد على (358) ساعة في السنة لإكمال إجراءاته في دفع الضريبة. وبهذه النتيجة احتل المغرب المركز (145) في ترتيب الدول التي شملها التقرير من حيث الوقت الذي يهدره الممول في دفع الضريبة[21]، وهو مركز إن دل على شيء فهو يدل على المكانة الدنيا التي تحتلها الإدارة الضريبية في ترتيب عدد الدول المشار إليها، هذا راجع بالأساس إلى تأثر الإدارة الضريبية بالعوامل السلبية والبيروقراطية التي تأثر بلا شك في علاقة الملزم بالإدارة، على الرغم من الإصلاحات والتطورات التي شهدتها هذه الأخيرة،  ومن هنا فعلى المشرع المغربي أن يتحرك في اتجاه خلق مزيد من الأريحية والطمأنينة في نفسية الملزمين، ومنحهم مزيدا من الضمانات سواء من حيث الإجراءات أو من حيث آجال التحصيل الحبي، حتى يتسنى للمغرب الصعود في سلم الترتيب العالمي من ناحية المردودية الجبائية أو من حيث الظروف والمناخ المتاح للملزم للأداء.

ثانيا: الضمانات المسطرية للملزم أثناء مرحلة التحصيل الجبري

يقصد بالتحصيل الجبري مجموع العمليات والإجراءات التي تمكن المحاسبين المكلفين بها من استيفاء المبالغ المتمثلة في ديون الدولة، وإذا لم يتم قبضها عند حلول تاريخ استحقاقها المقرر قانونا يصبح باستطاعة هؤلاء القيام بجميع الإجراءات اللازمة للوصول إلى الحصول على المبالغ الواجبة على المدينين وعلى الخصوص في الشروع في تطبيق إجراءات المتابعات وتنفيذها. وقد أثبتت التجربة أن نسبة الديون المحصلة بطريقة جبرية تفوق بكثير تلك المستخلصة رضائيا[22].

1-                 إجراءات التحصيل الجبري وسؤال ضمانات الملزم

قبل الخوض في الإجراءات التي تمر منها مسطرة التحصيل الجبري، تجب الإشارة إلى أن المشرع المغربي قد أشار في المادة 29[23] من م.ت.د.ع إلى عدم مباشرة إجراءات التحصيل الجبري في مواجهة الملزم إلا بناءا على سند تنفيذي أو دين مستحق الأداء، وكل إخلال أو عدم احترام لهذه الإجراءات يعرض صاحبه لجريمة الغدر[24]. وقد تناولت التعليمية التفسيرية للقانون 15.97 وخصوصا المواد (36 و37 و38 من م.ت.د.ع)، الإجراءات التي يتعين على المحاسب المكلف بالتحصيل إتمامها قبل الشروع في عملية التحصيل الجبري، والتي تتلخص فيما يلي:

  • ضم الديون الواجبة على المدين المراد متابعته: ويكمن الهدف من سن المشرع لقاعدة ضم الديون الواجبة على المدين، في كونه يحرص أشد الحرص على أن تصل مديونية الملزم إلى علمه التام، حتى يتفادى المحاسب المكلف بالتحصيل مواجهته من طرف هذه الأخيرة، بأي احتجاج على مبالغ الغير المتضمنة باللائحة والتي تصل إلى علمه لاحقا[25]؛
  • إرسال آخر إشعار دون صوائر: بعد توصل القابض بالجداول الضريبية وقوائم الإيرادات، يجب بمبادرة منه إخبار الملزمين بتاريخ الشروع في التحصيل والاستحقاق بكل وسائل الإخبار بما فيها تعليق الملصقات. بمقتضى المادة 36 من م.ت.د.ع، يكفي التنبيه إلى أن هذا الإشعار يرسل عبر البريد العادي، بدل  إرساله عبر البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل الذي يضمن حقوق الملزم في علاقته بإدارة التحصيل، ومع ذلك فالتعليمات الصادرة عن الخازن العام إلى المحاسبين المكلفين بالتحصيل تشير إلى أن الإشعارات التي لم يتوصل بها المدينون بالضرائب ويتم إرجاعها إليهم من طرف مصالح البريد، يتم تكليف مأموري التبليغ والتنفيذ التابعين للخزينة بإيصالها مباشرة إلى أصحابها، وفي حالة عدم إيجادهم، يتم التأكد من مصالح الوعاء من هوية الملزمين وعناوينهم[26]. ولعل في هذا ضمانة إضافية لصالح المدينين لتفعيل حقهم في الإشعار قبل مباشرة إجراءات التحصيل الجبري.
  • الترخيص بحمل مديني الدولة على الوفاء بالدين العمومي:  إلى جانب إعطاء الصلاحية للمحاسب في أن يتخذ الإجراءين الشكليين التاليين، من عملية الربط الديون المستحقة على الملزم نفسه، وإرسال آخر إشعار دون صوائر لهذا الأخير لتذكيره بمديونيته، أوجب المشرع على القابض الحصول على إذن بالتنفيذ على أموال وممتلكات المدين، وأعطى الاختصاص في هذا الشأن إلى رئيس الإدارة التي ينتمي إليها المحاسب المكلف بالتحصيل، حيث تنص المادة 37 من المدونة على ما يلي : “باستثناء الإنذار، لا يمكن مباشرة التحصيل الجبري إلا بموجب قائمة اسمية بمثابة ترخيص تبين المدين أو المدينين المشار إليهم في المادة 29 من المدونة”. ويصدر هذا الترخيص عن رئيس الإدارة التي ينتمي لها المحاسب المكلف بالتحصيل أو عن الشخص المفوض من طرفه لذلك[27]. والإذن بالإجبار كما كان يطلق عليه في إطار الظهير السابق[28]، أو الترخيص في إطار المدونة الجديدة، بالإضافة إلى كونه يكتسي قيمة سند المتابعات، فإنه يعد إجراءا شكليا داخليا، لأنه لا يبلغ إلى الملزم[29] كما هو الشأن بالنسبة للإشعار بدون صائر لعدم وجود أي نص قانوني يقضي بذلك، بل يهم العلاقة القائمة بين القابض ورئيس الإدارة التي ينتمي إليها.

وتتوزع إجراءات التحصيل الجبري بين إجراءات عادية تتمثل في:

  • الإنذار Le commandement  ؛
  • الحجز La saisie؛
  • البيع La vente  .

وأخرى استثنائية تتمثل خصوصا في:

  • الإكراه البدني la contrainte par corps.
  • الإشعار لدى الغير الحائز L’avis à tiers détenteur (ATD).
أ‌.         إجراءات التحصيل الجبري العادية أو العامة

تفتتح إجراءات التحصيل الجبري التي حددتها م.ت.د.ع على سبيل الحصر، وفق ترتيب معين، يبدأ بالإنذار تم الحجز فالبيع.

  • الإنذار Le commandement

هو عبارة عن إشعار يتضمن مجموعة من البيانات التي تحتوي على المبلغ المطالب به والجزاءات المترتبة عنه، كما يشمل ما يفيد إجبار الملزم الجبائي المحلي أو الوطني على أداءه حالا بما في ذمته اتجاه خزينة الدولة أو الجماعة المحلية، وقد جرى العمل الإداري على تمييزه عن الباقي بلون معين وعادة ما يكون الأزرق، وذلك للدلالة على الإجبار الأول في المتابعة[30]. وهو إجراء من إجراءات التحصيل الجبري العادية، حيث يستند إلى النصوص القانونية التي على أساسها بني، وهي المواد 40 إلى 43[31] من م.ت.د.ع. وقد حرصت المصالح المركزية للتحصيل، على أن تستهله بالإشارة إلى النصوص المذكورة، عند تهييئها للمطبوعات في شكل صيغ للإنذارات القانونية، والتي تقوم بتبليغها إلى مديني الدولة[32]. وقد أكدت هذه المقتضيات، الجذاذات التي أعدتها مديرية العمليات المالية والبنكية والخزينة العامة للمملكة، من أجل مساعدة القابض وأعوان التبليغ والتنفيذ التابعين للخزينة، على القيام بإجراءات التحصيل الجبري بكل يسر وسهولة. وبخصوص أهمية الإنذار الضريبي من الناحية العملية فهو إجراء مقرر ومطلوب قبل القيام بإجبار مديني الدولة على الأداء بالطرق القانونية[33]. فقد يحقق في كثير من الحالات الهدف منه، بل ويغني عن اللجوء إلى إجراءات التحصيل الجبري التي تترتب عنها مصاريف، وبالتخفيف على الجهاز القضائي من الطلبات التي يتقدم بها القابض بطلب المساعدة أو بصفته مدعي.

ويتضمن الإنذار مجموعة من البيانات تتوزع على النحو التالي:

  • هوية الملزم بحسب ما إذا كان الشخص معنوي أو طبيعي؛
  • موضوع الإنذار الضريبي؛
  • اسم المصلحة الإدارية المعنية (القباضة)؛
  • صفة المحاسب و موطنه الإداري الذي سيتم به التنفيذ؛
  • تاريخ الإرسال باليوم والشهر والسنة؛
  • هوية العون المكلف بتبليغ الإنذار وصفته وضرورة توقيعه على الإنذار؛
  • تحديد الديون المستحقة موضوع التحصيل الجبري؛
  • فصل الجدول الضريبي، بالسند الذي تم على أساسه اتخاذ إجراءات التحصيل الجبري؛
  • السنة التي فرضت فيها الضريبة؛
  • المبلغ الإجمالي المستحق الواجب أداؤه، بعد إضافة صوائر التحصيل المنصوص عليها في المادة 90  من م.ت.د.ع؛
  • صيغة المطالبة بالدين تحت طائلة الإجبار بكل الوسائل والطرق القانونية بما في ذلك الحجز وبيع الممتلكات؛
  • صيغة تتضمن عبارة تدل على إخطار المدين بالأداء داخل أجل 30 يوم، تحتسب ابتداء من التوصل بالإجراء[34]؛
  • صيغة تدل على الإكراه الإداري بالإجبار على الدفع أو الشروع في إجراءات التحصيل الجبري[35]؛
  • خانة مخصصة لتبليغ الإنذار عند إلصاقه بآخر موطن للملزم، عندما يتعذر تسليمه للمدين أو لمن يجيب عنه من الأشخاص الذين تولى القانون تعيينهم لذلك[36].

فإجراءات الإنذار إذن تبقى جد محدودة خصوصا من خلال الضمانات الممنوحة للملزم عبر هذا الإجراء، وبالذات أثناء تعليق الإنذار في آخر موطن للمدين، وذلك حين يتعذر حصول تبليغ هذا الإنذار إما للمدين شخصيا، وإما في موطنه لمن يقوم مقامه، حيث نجد بأنه أثناء اللجوء إلى هذه الوسيلة، هناك العديد من الصعوبات تتعلق خصوصا بإثبات واقعة التعليق في حد ذاتها، فكيف يمكن للملزم أن يرى هذا الإنذار خاصة وأن هذا الأخير قد يزال من مكانه بفعل الإنسان أو المطر أو الريح.

  • الحجز La saisie

يعتبر الإجراء الفعلي في المتابعة الجبرية للتحصيل، إذ يجعل الملزم الجبائي يشعر فعلا أن هناك نية جدية وحقيقية لدى الإدارة الجبائية لمتابعته في هذا الشأن، من أجل ذلك فقد أحاطه المشرع بمجموعة من الضوابط الأساسية التي تحكمه[37]. وينقسم بذلك الحجز إلى نوعين: حجز تحفظي  وحجز تنفيذي.

فمن جهة الحجز التحفظي يثبت للدائن “الدولة” ولو لم يكن بيده سند تنفيذي، أي ولو لم يكن له الحق في التنفيذ الجبري، وفي هذا الصدد أراد المشرع أن يحيط الإجراء بشروط تضمن عدم اللجوء إلى الحجوز التعسفية، فتطلب أن يكون الدين محقق الوجود، حال الأداء ومعين المقدار، كما اشترط أيضا الحصول على إذن من القضاء قبل إيقاع الحجز التحفظي دون سند تنفيذي، فهو إجراء وقتي لا يمس أصل الحق ولا جوهره، ويصدر عن رئيس المحكمة الابتدائية في نطاق الفصل 148 من ق.م.م لأنه يتم تنفيذه بصورة استعجالية، بعد توافر شروط الاستعجال حتى يستجاب لطلب الحجز، ومخافة ضياع حق الدائن بسبب تصرف المدين في أمواله تصرفا يضر بحقوق الدائنين و يضعف من الذمة المالية للمدين .[38]حيث تتم مباشرة إجراءات الحجز التحفظي انطلاقا من النقاط الأساسية التالية:

  • منع تصرف المدين في الأموال المحجوزة بالتفويت: بموجب الفصل 453 من ق.م.م يمنع على المدين المحجوز عليه التصرف في الحجوز، لكن من حقه أن ينتفع بماله انتفاع الحارس على حقوقه، فكل تفويت لصالح الغير سواء كان تبرعا بعوض أو غير عوض يكون باطلا وعديم الأثر متى لم يكن مؤرخا قبل تبليغ الحجز التحفظي.
  • محضر الحجز: يتم تحريره من طرف المأمور وفقا للشروط والأحكام المنصوص عليها في الفصل 455 من ق.م.م وفقا للمعطيات التالية:
  • العناصر الواردة بالترخيص كأساس للبيانات الإلزامية بمحضر الحجز؛
  • تحرير  محضر المحجز بالدقة اللازمة؛
  • اللجوء إلى الحراسة القضائية في ميدان استخلاص الديون العمومية؛
  • تحويل الحجز التحفظي على منقولات المدين إلى حجز تنفيذي.

من جهة ثانية فالحجز التنفيذي فهو وضع مال المدين تحت يد القضاء، تمهيدا لبيعه بالمزاد العلني، واستيفاء الحاجز لحقه من حصيلة البيع. ويتم هذا الحجز وفق الإجراءات التالية:

  • الانتقال إلى مكان التنفيذ: بعد التأكد من المكان الذي توجد به المنقولات   المراد حجزها، وهو حسب التعليمات المصلحية في هذا الإطار إما سكنى المحجوز عليه أو محل إقامته. وفي الحالة التي يباشر فيها الحجز بسكن الملزم، يتعين على عون التنفيذ أن يصطحب معه “عون امرأة ” ( إذ أنه لم تفصل التعليمات في هذه النقطة هل هي موظفة في نفس القباضة أم من المصالح الخارجية للخزينة، وإلى غاية الآن فإن اللجوء إلى هذه الطريقة لم يتم على أرض الواقع). قصد مرافقة العون أثناء إنجاز هذه المهمة أو عريفة تسبقه إلى عين المكان، وذلك من أجل تفادي أي تشكي من طرف صاحب المسكن، بكون عون التنفيذ للخزينة لم يحترم القواعد المنظمة لحرمة المنزل. ففي مثل هذه الحالة يكون مجبرا على الاستعانة بالعريفة أو مقدم الحي بل بعون من أعوان القوة العمومية بصفته شرطة قضائية، حتى تحفظ للطرفين كرامتهما، وعلى الأخص مديني الدولة، فيبقى عون التنفيذ هو المسؤول الوحيد عن وصف وإحصاء المنقولات المحجوزة[39]. وفيما يتعلق بتنفيذ الحجز بالمقر الذي يزاول به الملزم نشاطه المهني، فإن حضور السلطة المحلية إلى جانب عون التنفيذ للخزينة لا يكون ضروريا إلا في الحالة التي تتم فيها عرقلة إجراءات التنفيذ بالحجز على منقولات المدين، إما بفعله هو شخصيا “الملزم” أو بفعل غيره.
  • تحرير محضر الحجز التنفيذي: يجرى الحجز التنفيذي على المنقولات بموجب محضر يتم تحريره من طرف عون التبليغ والتنفيذ للخزينة، حتى يلاحظ بنفسه الأموال المراد الحجز عليها، ويتمكن من وصفها وصفا دقيقا في المحضر مع مراعاة مجموعة من الشروط من بينها:
  • الحصر والوصف الدقيق في المحضر الذي ينجزه عون التنفيذ؛
  • ضرورة الإشارة إلى السند التنفيذي؛
  • ذكر مكان الحجز الذي توجد به المنقولات المراد الحجز عليها؛
  • تهيئ بيان مفصل لمفردات المنقولات حسب نوعها، أوصافها، مقدارها ومقاسها؛
  • ضرورة تحديد ميعاد البيع الذي يجب أن يكون بعد انتهاء أجل 8 أيام من اليوم الذي تم فيه الحجز ما لم يتفق الدائن والمدين على أجل آخر؛
  • الإشارة إلى الصعوبات التي اعترضت عملية التنفيذ؛
  • ضرورة توقيع عون التنفيذ على محضر الحجز؛
  • تبليغ المدين بنسخة لمحضر الحجز التنفيذي إما بكيفية مباشرة إذا كان المدين المحجوز عليه حاضرا، أو بالطرق القانونية المنصوص عليها بالفصول 37 إلى 39 من ق.م.م.

وخلال تحرير العون لمحضر الحجز لابد أن يتضمن هذا الأخير البيانات التالية:

  • تاريخ تنفيذ الحجز الذي يجب أن يكون معينا باليوم والشهر والسنة؛
  • توضيح عنوان المحاسب المكلف بالتحصيل وبتنفيذ الحجز؛
  • الاسم العائلي والشخصي للملزم المراد التنفيذ بالحجز على ممتلكاته، وكذا مقر سكناه إذا كان شخصا طبيعيا، أما في حالة الشخص الاعتباري تحديد موطنه أو مقره الاجتماعي؛
  • الإشارة إلى طبيعة الدين أو الديون، والمبالغ الإجمالية لها؛
  • تبيان الصوائر المقررة قانونا عن تنفيذ الحجز، أي تكلفة الحجز؛
  • اسم وصفة وكذا توقيع المأمور المؤهل لتنفيذ الحجز والذي قام به فعلا .

ولما كانت الغاية من الكشف التفصيلي أي المحضر، هي الحيلولة دون تهريب الأموال المحجوزة واستبدالها بغيرها، فيجب أن يقوم عون التنفيذ زيادة في الاحتراس، بترقيم المنقولات ترقيما تسلسليا ووصفا مانعا للجهل بها، لتفادي أي تغيير في حالتها يضر بحقوق الخزينة .

  • تعيين حارس ليتولى الحرص على المحجوزات :يكمن الهدف من ذلك حسب الفصل 461 من ق.م.م هو الاحتفاظ بها على حالتها وتفادي اختلاسها أو استبدالها، وفي غالب الأحيان يتم اختيار المحجوز عليه لأن في ذلك ضمان الحراسة من شخص يخشى على كرامته من خضوعه للعقوبات الجنائية التي لا يرضاها لنفسه إذا صدر منه تصرف ينم عن تبديد المحجوزات[40]. هذا بالنسبة للشخص الطبيعي أما الشخص المعنوي، فيتم تعيين ممثله القانوني حارسا على الأشياء المحجوزة، على أساس موافقته على ذلك. غير أن مأمور التنفيذ التابع للخزينة العامة يمكنه أن يسند حراسة المحجوزات إلى الشخص الذي يراه مناسبا للقيام بهذه المهمة، إذا تبين له أن ضمان الخزينة مهدد بالضياع ولا يجوز له أن يختار هذا الشخص من بين أصدقاء المحاسب المكلف بالتحصيل أو معارفه أو أقاربه.
  • إقفال محضر الحجز: وذلك عن طريق تعيين تاريخ بيع المحجوزات، والذي يمكن المحاسب الحاجز من انجاز الإشهار الكافي للأشياء المحجوزة المراد بيعها بكل المراحل التي يمر منها والآجال المضروبة بإجراء هذا الإشهار وأيضا بإمكان الملزم المحجوز عليه أن يعرف الميعاد المعطى له ليتمكن من جمع المبالغ الضرورية التي تخوله التخلص من الدين العالق بذمته، قبل الشروع في عملية البيع، بل لكي يتفادى عملية البيع أصلا. وأيضا يتم  توقيع محضر الحجز وتسليم نسخة منه إلى المدين وذلك بعد إتمام الشكليات المتطلبة في التنفيذ بواسطة الحجز، حيث يقوم مأمور التبليغ والتنفيذ التابع للخزينة بتهيئ محضر الحجز ويوقعه، ثم يطلب من كل شخص حضر عملية الحجز التوقيع إلى جانبه. بعد ذلك يسلم نسخة من المحضر وبعد التوقيع بالتسلم، إلى الملزم أو إلى ممثله أو إلى الحارس الذي تم تعيينه للمحافظة على المحجوزات وهي تقوم مقام تبليغه ما دام كل المعنيين بالأمر حاضرين، أما إذا سجل غياب جلهم أو بعضهم فإن مأمور التبليغ والتنفيذ يكون ملزما بتبليغهم في محلاتهم المختارة.

ونظرا لخطورة مسطرة الحجز وما قد يترتب عليها من أضرار قد تمس بمصالح المدين فقد نص المشرع في الفصل 459 من ق.م.م على عدم إمكان تمديد الحجز إلى أكثر مما هو لازم لأداء ما هو مستحق للدائن الحاجز من مبالغ بالإضافة إلى مصاريف التنفيذ الجبري، وعليه يجب على عون المتابعات ألا يوقع الحجز على ما يتجاوز قيمة الدين المطلوب للحاجز، كما يجب عليه الامتناع من تلقاء نفسه الاستمرار في البيع متى بلغ ثمن الأشياء المبيعة قدرا مساويا للديون المحجوزة من أجلها والمصاريف، وبهذا يتحقق تلقائيا التناسب الكمي بين قيمة الحق ومحل التنفيذ في مرحلة البيع[41].

فالحجز إذن، يثير إشكالا كبيرا يمس بالدرجة الأولى ضمانات الملزم المسطرية، حيث يكمن هذا الإشكال في مدى التمييز بين الملزم ذو القدرة على الوفاء بديونه، والملزم المعروف بعسره، والتي ترك تقديرها المشرع للمحاسب في أن يميز ما بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي وما بين التاجر المعسر والتاجر الميسور، فهذا الإجراء من الناحية العملية والواقعية لا نجد له أثر، مما يشكل معه تناقضا يمس بين ما هو قانوني وما هو واقعي. ومن حيث الإجراءات التي بموجبها تتم عملية الحجز نجد بأن المشرع المغربي أحاط هذه العملية بمجموعة من الضمانات لفائدة الخزينة لتحصيل ديونها، وذلك عن طريق محضر الحجز، وتعيين حارس على المحجوزات، ومنع تصرف المدين في الأموال المحجوزة بالتفويت، بينما في المقابل لا نجد ضمانات مسطرية واضحة المعالم أثناء سلوك هذا الإجراء، مما يفتح معه مجموعة من التساؤلات حول مدى توازن كل من الضمانات الممنوحة للملزم والضمانات الممنوحة للخزينة أثناء عملية الحجز.

  • البيع La vente

تكمن أهمية البيع الجبري لمنقولات المدين في أنه الوسيلة التي يتم بواسطتها تحويل أموال المدين إلى مبالغ نقدية يستوفي منها الدائن حقه. ورغم هذه الأهمية التي يتمتع بها البيع الجبري، إلا أن هناك حالات تتطلب اللجوء إليه خاصة إذا توفر للمدين النقود التي تكفي لتغطية الدين حيث يستوفي الدائن حقه مباشرة وبدون بيع[42].

ويتم البيع من طرف القابض المكلف بالتحصيل أو لحسابه، من قبل عون التبليغ والتنفيذ للخزينة، أو من طرف مأموري كتاب الضبط بمحاكم المملكة، أو بواسطة الأعوان القضائيين بطلب من المحاسب وبحضور السلطة المحلية أو من يمثلها عن طريق المزاد العلني، في أقرب سوق أو في مكان أخر يتوقع الحصول فيه على أحسن نتيجة ممكنة، وذلك بعد إبلاغ العموم بكل وسائل الإشهار المتناسبة مع أهمية الحجز، بتاريخ ومكان البيع، ثم تعرض الأشياء المحجوزة للبيع حسب الترتيب الذي يرضاه المدين، وذلك حسب الأحكام التي سنتها المادة60  من م.ت.د.ع[43].

ويتطلب بيع الحجوز استصدار قرار في شكل إعداد قائمة للبيع والتأشير عليها من طرف الخازن الجهوي أو الخازن الإقليمي المفوض من لدنه ذلك من طرف الخازن العام للملكة مع إمكانية تقليص أجل 8 أيام إذا دعت الضرورة ذلك وباتفاق مع المدين وهي حالة تفرضها نوعية المحجوز القابل للتلف خلال المدة القانونية[44].

وارتباطا بموضوع بيع المحجوز فإنه لا يجوز لأي أحد من الموظفين المشرفين على هذه العملية الاشتراك في عملية البيع بالمزاد العلني ولو عن طريق غيرهم[45]، حيث يهدف المشرع من خلال هذا الإجراء إلى منع أي استغلال وترك إجراءات المزايدة تجري بكل حرية، وهو ترسيخ للضمانات المسطرية الممنوحة للملزم ولطمأنته على أن عملية البيع تتم في أحسن الظروف، وعدم احترام هذه الشروط يخضع صاحبه للجزاءات المقررة في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

ب‌.    مساطر التحصيل الجبري الاستثنائية أو الخاصة

تتمثل الإجراءات الخاصة أو الاستثنائية للتحصيل حسب القانون رقم 97/15 المنظم لتحصيل الديون العمومية في مسطرتي الإكراه البدني والإشعار للغير الحائز.

  • الإكراه البدني la contrainte par corps

هو وسيلة من وسائل التحصيل الجبري للدين العمومي، لكنها وسيلة جد استثنائية، لا تباشر إلا بعد ما تفشل الوسائل الأخرى في تحقيق نفس النتيجة، وبالتالي فهو وسيلة للضغط على المدين للوفاء بما في ذمته، وللحيلولة دون القيام بأي تصرف من شأنه التأثير سلبا على ضمانات الخزينة[46].

فالمشرع المغربي لم يعرف الإكراه البدني، وقد تصدى بعض الفقه الإسلامي لعملية التعريف هذه فعرفه الإمام أبو زهرة في أنه يتلاقى في أصل الاشتقاق مع الكراهة، وهو في الشريعة حمل الشخص على فعل أو قول لا يريده مباشرة، وبذلك يتبين أن الإكراه والرضا لا يمكن أن يتلاقيا، ومن الطبيعي ألا يسيرا في خط متواز، وأن يكونا متعاكسين لأن الإكراه يناقض الرضا[47]. فقد أقر فقهاء الإسلام مبدأ حبس المدين الذي يمتنع عن الوفاء بديونه رغم قدرته ويسره، حيث اعتبروا الحبس في حالة المماطلة المتعمدة جزاء لظلم المدين لدائنه لقوله ص: “مطل الغني ظلم، فلا يجوز حبس المدين المعسر الذي لا مال له لأداء الدين وإنما ينظر إلى حين يسره”، لقوله تعالى: “وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون”[48]، وعليه فالمبدأ في الفقه الإسلامي يقول “يسر المدين شرط حبسه”.

كما نجد المشرع الفرنسي في (المادة 749) من قانون المسطرة الجنائية ينص على تطبيق الإكراه البدني فيما يخص استخلاص الغرامات والمصاريف وكذا الأداءات التي يحكم بها القضاء الزجري لصالح الخزينة، وفي نفس الإطار جاءت المادتان (1845 و1845 مكرر) من المدونة العامة للضرائب بفرنسا تسمحان بممارسة الإكراه البدني في حق الملزم الذي يكون محل إدانة نتيجة الغش الضريبي.

كذلك نجد (المادة 511) من قانون الإجراءات الجنائية المصرية تنص على أنه:”يجوز الإكراه البدني لتحصيل المبالغ الناشئة عن الجريمة المقضي بها للحكومة ضد مرتكب الجريمة ويكون هذا الإكراه بالحبس البسيط”.

ويعتبر الإكراه البدني ضمن الوسائل التهديدية لتنفيذ الأحكام وغيرها من السندات التنفيذية، ويتم عبر زج المدين في السجن لفرض انصياعه لأحكام القانون محافظة على ما لهذه الأحكام والسندات من هيبة وقدسية. ويعد الإكراه البدني استثناءا من قاعدة أن الشخص يلزم في ماله لا في شخصه لأنه في العصور الغابرة كان المدين يقتل ويسترق، ثم تطور القانون الروماني فلم يصبح للدائن إلا حق حبس المدين وإجباره على العمل لمصلحته، ثم تحول الإلزام من الجسم إلى المال[49]. فالمشرع المغربي رغم مصادقته على ميثاق الأمم المتحدة للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، فإن ذلك لم يؤد إلى إلغاء النصوص المنظمة للإكراه البدني[50]. بالمقارنة مع نظيره المصري أو الفرنسي، حيث ضيقوا كثيرا من تطبيقات الإكراه البدني إلى حد إلغائه في الديون المدنية والتجارية[51]، أما المشرع الليبي فمازال يأخذ بفكرة حبس المدين القادر على الوفاء إذا لم يسدد دينه بموجب المادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1972 بتحريم ربى النسيئة في المعاملات المدنية والتجارية[52].

فالمشرع الفرنسي ونظرا للأضرار الخطيرة التي يمكن أن تنتج عن تطبيق إجراء الإكراه البدني، فقد عمل على تقليصه، ويلجأ إلى هذا الإجراء في حالتين:

  1. حالة صدور حكم قضائي زجري ضد جريمة الغش والتهرب الضريبيين؛
  2. حالة التغيير المستمر لسكن أو محل الإقامة من قبل الملزم الذي خضع للربط الحكمي للضريبة (Taxation d’office)[53].

تتم مباشرة مسطرة الإكراه البدني وفقا لأحكام القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، حيث يتم تحريك مسطرة الإكراه البدني عن طريق توجيه طلب الاعتقال من طرف المحاسب المكلف بالتحصيل إلى المحكمة الابتدائية بعد التأشير عليه من لدن رئيس الإدارة التابع لها المحاسب المذكور أو الشخص المفوض لذلك. ويجب أن يتضمن الطلب اسم الملزم المدين وعنوانه، بالإضافة إلى نوعية الضرائب المفروضة عليه ومبالغها وتاريخ الإنذار القانوني وتأشيرة السلطات المحلية التي يجب أن تشير في تأشيرتها إلى قدرة المدين على الوفاء بالدين. كما تم استثناء بعض المدينين من الخضوع للإكراه البدني في حالات عددتها المادة 77 من م.ت.د.ع سواء ما تعلق منها بمبلغ الديون المستحقة؛ إذ أعفت الديون التي تقل عن 8000 درهم، كما راعت بعض الحالات الاجتماعية كحالة المرأة الحامل والمرضعة، وكذا سن المدين فأعفت المدين الذي يقل عمره عن 20 سنة أو يفوق 60 سنة، ونصت على عدم تطبيق المسطرة ضد الزوجين في آن واحد ولو من أجل ديون مختلفة، وأدخلت المادة 79 مددا زمنية للإكراه البدني بالنسبة للضرائب المباشرة والرسوم المماثلة وديون الدولة الأخرى بخلاف مدة الإكراه بالنسبة للمصاريف القضائية والغرامات الواردة في الفصل 678 من ق.م.ج. كما نجد المادة 134 من م.ت.د.ع تنص على الإكراه البدني في ميدان تحصيل الغرامات والأداءات النقدية ويبقى خاضعا للفصول من 675 إلى 687 من ق.م.ج[54].

ويلاحظ من الصياغة القانونية للمادتين 77 و134 من م.ت.د.ع، أن هنالك تعارض بين المادتين المذكورتين، إذ تمنع المادة 77 الإكراه البدني في الضرائب والرسوم والديون العمومية الأخرى التي تقل عن 8.000 درهم، وحسب صياغة هذه المادة تكون الغرامات كدين عمومي بمدلول المادة 2 من م.ت.د.ع التي تقل في معظمها عن 8.000 درهم غير مشمولة بالإكراه البدني، بينما في صياغة المادة 134 تبقى الغرامات مشمولة بالإكراه البدني، ومثل هذا التعارض مطروح في الوقت الحالي بين مختلف المحاكم العادية حول إمكانية اللجوء إلى الإكراه البدني حول التنفيذ الزجري للغرامات في ضوء الصياغة المعارضة للمادتين معا[55].

فعلى الرغم من فعالية الإكراه البدني في حمل مديني الدولة والجماعات المحلية وهيآتها على الوفاء بدينهم، إلا أن هذا الإجراء ظل لا يراعي وضعية بعض المدينين، فرغم ما جاءت به المدونة الجديدة لتحصيل الديون العمومية من ضمانات مسطرية لصالح الملزم تتعلق في مجملها بالأشخاص الذين يمكن أن تمسهم مسطرة الإكراه البدني، باستثناء الشرط المتعلق بمبلغ الدين الضريبي عندما يكون مجموع المبالغ يقل عن 8.000 درهم، فإن هذه الضمانات المسطرية الممنوحة للملزم تبقى بسيطة بالمقارنة مع ما نهجته التشريعات المقارنة في هذا المجال، تطبيقا وتبنيا لمبادئ حقوق الإنسان والحريات الشخصية والمقدرة التكليفية لكل ملزم على حدة.

  • الإشعار للغير الحائز L’avis à tiers détenteur (ATD):

في إطار توسيع دائرة ضمان استخلاص الدين العمومي لتمويل النفقات العامة، خولت مدونة تحصيل الديون العمومية من خلال الفصول (من 100 إلى 104) متابعة الغير الحائز، إذ ألزم المشرع الغير المودعة لديه أموال المدين الأصلي بأداء الضرائب وباقي الديون العمومية إما تلقائيا أو بناءا على طلب المحاسب، تحت طائلة ترتيب مسؤوليته بالأداء على وجه التضامن[56].

ويمكن تعريف الإشعار للغير الحائز على أنه “مطالبة احد المدينين للملزم بعدم تمكين هذا الأخير من دينه وتحويله للخزينة”. وهو إجراء اقتبسه المشرع المغربي من القانون الفرنسي[57]، وقد أحدثه منذ بداية القرن التاسع عشر[58]. فالإشعار للغير الحائز إذن يشكل آلية قانونية تمكن الدائن (الدولة) بدين عمومي من استخلاص دينه من يد الغير بطريقة غير مباشرة بدل استخلاصه مباشرة من يد المدين (الملزم). وعليه فإن المحاسب المكلف بالتحصيل وفقا لهذه الآلية يمكن له استخلاص الضرائب والرسوم وغيرها من الديون المتمتعة بامتياز الخزينة من يد مديني الملزمين بهذه الديون، وذلك عن طريق توجيه إشعار للأغيار الحائزين لمبالغ يملكها الملزمون من أجل الوفاء عن هؤلاء في حدود ما ترتب في ذمتهم من ديون عمومية، وقد يكون الأغيار الذين يوجه إليهم الإشعار من المحاسبين العموميين أو المقتصدين أو المكترين[59] وبصفة عامة كل الحائزين أو المدينين بمبالغ تعود أو ينبغي أن تعود إلى المدينين بتلك الديون.

وتجب الإشارة إلى أن هذا الإجراء الذي هو من إجراءات التحصيل الجبري، كما جاء في قاعدة لحكم المحكمة الإدارية بفاس، صادر بتاريخ 4/7/2006، ملف عدد 64 س/2006 بأن:” الإشعار للغير الحائز إجراء تنفيذي ومباشر من إجراءات التحصيل الجبري لاستخلاص الديون العمومية… نعم”[60]، ليس من مستجدات مدونة التحصيل، وإنما كان قائما قبل ذلك حسب الفصل 62 من ظهير 1935.08.21 .

ويعتبر الإشعار للغير الحائز بمثابة حجز لدى الغير إلا أنه سمي بذلك الاسم تمييزا له عن هذا الأخير لكونه مخصص فقط لتحصيل الديون العمومية من يد الحائزين الأغيار. وينتج عن الإشعار للغير الحائز نشوء التزام قانوني على عاتق الغير الحائز، قوامه ضرورة الوفاء، بصفة فورية، للدائن العمومي من المبالغ المحازة وفي حدود تغطية الدين العمومي، وتبرأ ذمة الغير الحائز إزاء المحجوز عليه والمحاسب العمومي عند الوفاء لهذه الأخيرة وفق ما تقرره المادة 103  من م.ت.د.ع.

وتتعطل مسطرة الإشعار للغير الحائز في حالة تزامنها مع مساطر صعوبات المقاولة[61]، أو حالة سلوك مسطرة وقف الأداء، أو مسطرة وقف التنفيذ، فإنه قد يتراجع بصورة استثنائية مراعاة لقواعد قانونية آمرة تبسط سطوتها على الإشعار للغير الحائز، وتقيد الإدارة الدائنة بالقدر نفسه الذي تقيد به غيرها من الدائنين، وكذلك إذا توصل المحاسب من إدارة الضرائب بصفتها مصلحة وعاء ضريبي بإخبار بتصحيح جبائي بالنسبة للمدين.

وتأسيسا على ما سبق ذكره فإن الإشعار لغير الحائز يترتب عليه خرق للضمانات المسطرية الممنوحة للملزم، وخرقا لمبدأ السرية الواجب أن يكون لدى الأغيار الحائزين على أموال المدين، وقد يكون فيه إلحاق للضرر بالملزم، خصوصا وأن مثل هذا الإجراء يتسم بالفجائية، وهذا ما أكده المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا)  في قرارات عديدة له[62]، حيث يعتبر أنه لا يمكن مباغتة المدين بالتنفيذ على أمواله لدى الغير دون إخباره أولا بوجود متابعة ضده، خاصة وأنه قد يقوم بالأداء بناء على هذا الإخبار، إذ أن مثل هذا الإجراء لا يترك للملزم أي فرصة لتدارك الأمر، وهو ما قد يجعله في وضعية قانونية صعبة، خصوصا في الحالات التي تكون فيها الحسابات البنكية موضوع مسطرة الإشعار لدى الغير الحائز، حيث يمكن للحجز على الحساب البنكي أن يجعل الشيكات التي سلمها الملزم والتي حان أجلها بدون تمويل[63]. وهو الأمر الذي ذهبت إليه المحكمة الإدارية بوجدة، في حكمها الصادر بتاريخ 03/06/2009، ملف عدد 1.09.40، الذي جاء فيه:” إن إجراءات التحصيل المباشرة على حسابي الطالب لدى كل من البنك الشعبي والتجاري وفا بنك إنما تباشر من أجل استخلاص الضريبة المذكورة على الرغم من إلغاء السند الضريبي الذي على أساسه يتم هذا الاستخلاص بمقتضى الحكم المذكور فإنه طلب الإيقاف يكون على درجة من الجدية التي تبرر الاستجابة له علاوة على توفر حال الاستعجال بالنظر لما سيترتب عن إجراءات الحجز وتنفيذه وتحويل المبلغ المحجوز لحساب الخزينة من أضرار يصعب تداركها مستقبلا”، لهذه الأسباب أمرت المحكمة الإدارية بوجدة:” بإيقاف إجراءات استخلاص الضريبة على الأرباح العقارية برسم سنة 2002 موضوع الإشعار للغير الحائز على حساب الطالب لدى البنك الشعبي، وحسابه لدى التجاري وفا بنك إلى غاية الحسم في جوهر النزاع وبعدم الاختصاص فيما يخص طلب رفع الحجز”.

أما في القانون الجزائري، وعلى سبيل المقارنة، لا ينتج عن الإجراء نقل ملكية المبالغ إلى الدائن العمومي بمجرد تبليغه إلى الغير الحائز، بل يتعين انتظار صيرورة الإجراء نهائيا؛ أي انه يبدأ بمجرد إيقاعه، تحفظيا بتجميد المبلغ المحجوز وتعليق عملية التسليم إلى غاية اكتسائه الصبغة النهائية، ويخول القانون للمدين مهلة ثلاثين (30) يوما اعتبارا من تاريخ تبليغه للتعرض على المسطرة، وبعد رفض التعرض من طرف الإدارة أو القضاء، كما في حالة انقضاء هذا الأمد دون التعرض، يصبح الإجراء نهائيا ومرتبا لقاعدة تسليم المبالغ للدائن العمومي[64].

وفي القانون الفرنسي كان الإشعار يفضي إلى تجميد المبالغ المالية المتعرض عليها بين يدي الغير الحائز، ولا تنتقل ملكيتها إلا بعد انصرام أجل التظلم من الإجراء، قبل أن يسن المشرع الفرنسي قاعدة التسليم الفوري في المسطرة بمقتضى المادة 86 من القانون  650-91 بتاريخ 9 يوليوز 1991، وبالنظر إلى عدم تناغم هذه المادة مع الفصل277 من كتاب المساطر الجبائية في حينه، استمر التضارب في العمل القضائي الفرنسي حول الطبيعة القانونية للتدبير إلى أن حسم المشرع الفرنسي الأمر بموجب قانون المالية لسنة 2002[65]. ونظرا لما يثيره هذا الإجراء من إشكالات قانونية وردود فعل سلبية من طرف الملزمين، فإن المشرع المغربي يجب أن يسير في اتجاه توضيح وضبط إجراءات مسطرة الحجز لدى الغير الحائز في اتجاه إعطاء ضمانات مسطرية أكثر للملزم، كما هو الحال في التجربة الفرنسية[66].

من خلال جل ما تم ذكره نجد أن المشرع المغربي، رغم تنصيصه على كل من إجراءات الإنذار والحجز والبيع والإكراه البدني والحجز لدى الغير، لكي تتمكن الخزينة العامة من تحصيل ديونها، فإنه لم يكتفي بذلك بل متعها بالإضافة إلى هذا بصلاحيات أوسع في تحصيل ديونها على جميع الدائنين، وذلك نظرا لأهمية ديون الخزينة، ودورها في تمويل ميزانية الدولة، لذلك نص على امتياز الخزينة وشروط تنفيذه والحفاظ عليه، وهنا نجد بأن الضمانات التي يجب على المشرع التركيز عليها خلال جل هذه المراحل لم يتم إرسائها بشكل يجد فيها الملزم حبل النجدة التي تمكنه من استرجاع أنفاسه أثناء مباشرة هذه الإجراءات، فكل ما تم ذكره يعزز ضمانات الإدارة في مواجهة الملزم الضعيف، لدى من وجهة نظرنا يجب على المشرع المغربي إعادة النظر في كل تلك الإجراءات التي تباشرها الإدارة الضريبية، وتعزيز مكانة وضمانات الملزم أثناء مباشرتها.

2-                 آجال التحصيل الجبري وسؤال ضمانات الملزم

تعتبر آجال التحصيل الجبري من الأشياء الأولية الواجبة من جهة، على المحاسب المكلف بالتحصيل للقيام بها والحرص على سلامتها حتى تنتج آثارها القانونية والحيلولة دون الوقوع في الأخطاء والإخلالات التي قد تِؤدي إلى بطلان مسطرة التحصيل الجبري، ومن جهة أخرى، على المدين لمنحه أجلا قانونيا للقيام بالواجبات المفروضة عليه بمقتضى القوانين الجبائية.

أ‌.          آجال مسطرة التحصيل الجبري العادية

تتوزع آجال مسطرة التحصيل الجبري العادية، بين كل من الإنذار تم الحجز فالبيع، حيث تبقى هذه الآجال ذات أهمية بالغة، خصوصا عند مباشرة الإدارة الضريبية لهذه الوسائل، التي تعتبر من الوسائل الخطيرة في مواجهة الملزم، وذلك داخل الآجال القانونية المحددة لذلك.

بالنسبة للإنذار: يجب على المحاسب المكلف بالتحصيل أن يتأكد من توفر شرطين هامين[67]:

  • كون الدين الضريبي أصبح مستحق على المدين بناءا على المواد 13 إلى 15 من م.د.ت.ع؛
  • انصرام مدة عشرين يوم بعد إرسال آخر إشعار دون صوائر حسب المادة 36 من م.ت.د.ع؛

وبالنسبة لآجال تبليغ الإنذار إلى الملزم فهو أجل واحد فقط، ويتحدد في مدة تحتسب بعد مضي ثلاثين (30) يوما ابتداء من تاريخ الاستحقاق، وثاني يوم على الأقل بعد إرسال آخر إشعار بدون صائر، وعلى هذا الأساس اعتبر بعض المهتمين بهذه الآجال[68]، أن أجل تبليغ الإنذار القانوني إلى الملزم بمثابة مرحلة تمهيدية يدعى فيها المدين إلى الأداء. أو بمثابة تذكير له بدون صائر لتسديد ما بذمته من دين وذلك قبل الشروع في التحصيل الجبري عن طريق تبليغ الإنذار. وقد نصت مدونة التحصيل في المادة 17 على ما يلي:”عند ما يصادف حلول الأجل يوما معطلا أو يوم عطلة، يرجأ تاريخ الاستحقاق إلى يوم أول عمل موالي”.

بالنسبة للحجز: قبل الدخول في تفاصيل آجال الحجز تجب الإشارة أولا إلى أنه قبل دخول م.ت..د.ع حيز التطبيق كان المحاسبون المكلفون بالتحصيل يركنون إلى مقتضيات المادة  458 من ق.م.م، أما بعد دخولها حيز التنفيذ فباتوا يعتمدون على مقتضيات المادة 46 منها والتي حددت الأشياء غير القابلة للحجز في:

  • فراش النوم و الملابس وأواني الطبخ اللازمة للمحجوز عليه و لعائلته؛
  • السكنى الرئيسية التي تؤوي عائلته على أساس ألا تتعدى 200000 درهم؛
  • الكتب والأدوات اللازمة  لمهنة المحجوز عليه؛
  • المواد الغذائية المخصصة لتغذية المحجوز عليه ولعائلته لمدة شهر واحد؛
  • الحيوانات مصدر قوت المحجوز عليه وكذا العلف الضروري لتربيتها؛
  • البذور الكافية لبذر مساحة تعادل 5 هكتارات؛
  • الأشياء الضرورية للأشخاص المعاقين أو التي تخصص لعلاج المرضى.

وفيما يخص آجال الحجز فقد حددته الفقرة الثانية من المادة 44 من م.ت.د.ع في أجل واحد، إذ أنه لا يمكن أن يتم الحجز إلا بعد ثلاثين يوما (30) من تبليغ الإنذار.

بالنسبة للبيع: حسب مضمون المادتين 59 و 61 من م.ت.د.ع نجد بأن هناك أجلين لعملية البيع، يكمن الأول في أنه لا تتم عملية بيع الأثاث والأمتعة المحجوزة والمحاصيل والثمار التي أوشكت على النضج إلا بعد أجل ثمانية (8) أيام ابتداء من تاريخ الحجز. إلا أنه يمكن تخفيض هذا الأجل باتفاق مع المدين، لاسيما حين يخشى تلف المحجوزات أو لتجنب صوائر الحراسة غير المتناسبة مع قيمتها. أما الأجل الثاني فيكمن في كون المدين المحجوز عليه يمكن له بطلب منه وبترخيص من رئيس الإدارة التابع لها المحاسب المكلف بالتحصيل أن يبيع الأمتعة المحجوزة بنفسه، ويخول له القيام بذلك داخل أجل ثلاثين (30) يوما من تاريخ الترخيص الممنوح له.

ب‌.     آجال مسطرة التحصيل الجبري الاستثنائية

تعتبر آجال المسطرة الاستثنائية للتحصيل الجبري، التي يتم مباشرتها بعد فشل الوسائل الأخرى التي تم ذكرها في تحقيق نفس النتيجة، من الأشياء الضرورية عند مباشرة أي إجراء من هذه الإجراءات الاستثنائية، سواء كان ذلك عبر سلوك مسطرة الإكراه البدني أو عبر سلوك مسطرة الإشعار لدى الغير الحائز.

بالنسبة لآجال الإكراه البدني: تباشر مسطرة الإكراه البدني عبر تقديم طلب إلى السيد رئيس المحكمة الابتدائية من طرف المحاسب المكلف بالتحصيل أو الشخص الذي يفوضه في ذلك، حيث يبت في الطلب المعروض أمامه داخل أجل ثلاثين (30) يوما ويحدد مدة الحبس، ومن المعلوم أنه لا يمكن اللجوء إلى رئيس المحكمة مباشرة إلا بعد استيفاء إجراء الإنذار دون نتيجة بعد ثلاثين (30) يوما من تاريخ الاستحقاق وعشرين (20) يوما من إرسال إشعار للمدين بعد إتّبَاع مسطرة الحجز والبيع (الفصل 36 و41 من م.ت.د.ع).

ويمكن إيقاف آثار الإكراه البدني، وذلك عن طريق إفراج على المدين المعتقل بأمر من وكيل الملك بعد الإدلاء بما يفيد:

  • الأداء الكلي للديون؛
  • أداء قسط يعادل على الأقل نصف المبالغ الواجبة وتعهده بأداء الباقي داخل أجل لا يتعدى ثلاث (3) أشهر بناء على طلب من المحاسب المكلف بالتحصيل، مع تقديم الضمانات المنصوص عليها في المادة 118 من م.ت.د.ع، تحت طائلة إكراه من جديد في حالة عدم وفائه بتعهداته، وفي ذلك محاولة من المشرع تجنب الأثر السيئ من تطبيق الإكراه البدني على حقوق وحرية المدين ودفعه إلى تسوية دينه عبر منحه أجل الميسرة، وإذا كان لا يمكن إكراه المدين من جديد من أجل نفس الدين فإن حبس المدين لا يسقط الدين الذي يمكن تحصيله من جديد.

وتتوزع مدد الإكراه البدني حسب المادة 79 من م.ت.د.ع كالتالي:

  • من خمسة عشر يوما (15) إلى واحد وعشرين يوما (21) بالنسبة للديون التي يعادل أو يفوق مبلغها ثمانية آلاف درهم (8000) ويقل عن عشرين ألف درهم (20.000)؛
  • من شهر إلى شهرين (2) بالنسبة للديون التي يعادل أو يفوق مبلغها عشرين ألف درهم (20.000) درهم ويقل عن خمسين ألف درهم (50.000)؛
  • من ثلاثة أشهر (3) إلى خمسة أشهر (5) بالنسبة للديون التي يعادل أو يفوق مبلغها خمسين ألف درهم (50.000) ويقل عن مائتي ألف درهم (200.000)؛
  • من ستة أشهر (6) إلى تسعة أشهر (9) بالنسبة للديون التي يعادل أو يفوق مبلغها مائتي ألف درهم (200.000) ويقل عن مليون درهم (1.000.000)؛
  • من عشرة أشهر (10) إلى خمسة عشر شهرا (15) بالنسبة للديون التي يعادل أو يفوق مبلغها مليون درهم (1.000.000).

وبالمقارنة مع ظهير 6 مارس 1961 المحدث للإكراه البدني في الديون العمومية، فإن مدة الإكراه البدني كانت محددة بين شهر واحد وسنة، لذلك يعاب على المشرع الرجوع للوراء فيما يخص هذا الإجراء.

بالنسبة للإشعار لغير الحائز: لم تنص م.ت.د.ع على شكليات وآجال الإشعار للغير الحائز إلا انه وجب تطبيق القواعد العامة للتحصيل الجبري التي تنص على ضرورة إرسال آخر إشعار للمدين بدون صائر وإلزامية الترخيص للمحاسب وإعلام المدين عسى أن يدفعه ذلك إلى الأداء.

ونصت المادة 102 من م.ت.د.ع على أن الإشعار للغير الحائز يترتب عنه الأداء الفوري للمبالغ الموجودة في حوزة الأغيار الحائزين في حدود مبالغ الضرائب والرسوم المطلوب أدائها. وكضمانة يسلم مقابل المبلغ وصلا له القوة القانونية اللازمة للإثبات من طرف المحاسب حسب ما نصت عليه المادة 103 من م.ت.د.ع وعلى إثر ذلك فإن الغير الحائز يجد نفسه يحل محل المدين، وبالتالي استبدال الدائن الأصلي بغيره في حدود معينة كالتالي:

  • وفاء الغير الحائز نياية عن المدين إلا في حدود المبالغ المدين بها الملزم؛
  • عدم الوفاء بعد إشعاره بالمسطرة يؤدي إلى إجراءات التحصيل الجبري.

ومن أجل الحفاظ على حقوق الملزمين أو من يحل محلهم، لا يجوز تضمين الإشعار للغير الحائز لأي عنصر يكون من شأنه إحاطة غير الحائز، علما بأهمية النشاط المهني الذي يزاوله الملزم (الوعاء أو الفترة الخاضعة لها) بل يكتفي بالإشارة إلى نوع الدين الواجب أدائه مرفوقا بكشف مفصل عن الديون المترتبة في ذمة الملزم وبعض العناصر المساعدة الضرورية.

وفي هذا الإطار، فإذا كان الغير يعلم أنه غير مطالب بهذه الضريبة لكنه أقدم مع ذلك على دفعها بدافع الوكالة أو التصرف الفضولي أو بأية صورة كانت، فإن القضاء درج على أن هذا الغير لا يحق له مطالبة الإدارة الضريبية بما دفعه، وذلك استنادا إلى الفصل 69 من قانون الالتزامات والعقود[69].

ومن جهة ثانية فقد ألزم المشرع المحاسب المكلف بالتحصيل أن يتأكد من الملزم المدين من خلال الجدول الضريبي قبل القيام بعملية الحجز لدى الغير، وهو الأمر الذي ذهب إليه المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في قراره عدد 376، المؤرخ في 11/04/2007، الملف الإداري عدد 1377/4/2/2006، الذي جاء فيه:” بصرف النظر عن سوء أو حسن نية المحاسب المكلف بالتحصيل في استخلاص المبلغ المنازع فيه فإن عدم تحققه من الشركة المدينة بذلك المبلغ من خلال الجدول الضريبي المتعلق بها قبل القيام بالحجز لدى الغير وسحب المبلغ المذكور العائد للمستأنف عليها فإنه يكون قد ارتكب خطأ مصلحيا تتحمل الخزينة العامة المسؤولية عن الأضرار الناتجة عنه تلك الأضرار المتمثلة في حرمان المستأنف عليها من استغلال المبلغ المسحوب من حسابها دون وجه حق منذ تاريخ هذا السحب وأن مبلغ التعويض عما ذكر والمحكوم به مناسب لجبر هذه الأضرار والحكم المستأنف كان لذلك صائب وواجب التأييد، وبذلك قضى المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) بتأييد الحكم المستأنف”[70].

أما المشرع الفرنسي وعلى الرغم من أنه ينص على ضرورة التسليم الفوري للأموال، فإنه لا يسمح للمحاسب بإجبار الغير على التسليم، إلا بعد انقضاء أجل شهرين المفتوحة في وجه الملزم المدين للتعرض، ويميز المشرع الفرنسي بين تاريخ الإشعار وتاريخ الإجبار وهو التمييز غير الوارد في القانون المغربي. ومن خلاله ندعو المشرع المغربي إلى سلك نفس الطريق الذي سلكه المشرع الفرنسي أولا، ثم فك الغموض حول تفعيل مقتضى الإخبار من لدن القابض قبل مباشرته لهذا الإجراء كدرجة ثانية، وحق الملزم في التعرض لترسيخ الحقوق الواجبة أن تكون أثناء مباشرة هذا الإجراء من لدن الإدارة من جهة، وترسيخا للحقوق والحريات المعترف بها في المواثيق الدولية من جهة أخرى.

في الأخير ونظرا للطبيعة الخاصة للدين الضريبي والتي تجعل من مداخيله شريان الحياة لخزينة الدولة، فقد قدم المشرع في سبيل استخلاصها لإدارة التحصيل صلاحيات وسلطات واسعة، حيث متعها بسلطة التنفيذ المباشر أو التنفيذ الجبري، فهي ليست بحاجة (على خلاف الدائنين) إلى الالتجاء للقضاء لإصدار سند تنفيذي، فالمشرع يخول لها حق استصدار سند استخلاص ديونها بنفسها، كما أنها في غنى تام عن التماس موافقته لمباشرة معظم إجراءات التحصيل الجبري[71]. وما نقترحه في هذه المرحلة هو أنه عند إرسال إدارة الخزينة العامة للجداول والإنذارات وجميع الإشعارات للملزم لمباشرة عملية التحصيل، عليها أن ترفقه بميثاق للملزم حتى يتسنى له فهم ما له وما عليه، وأيضا توفير الوقت والجهد للرد على استفسارات المدينين، فبالمقارنة مع فرنسا نجد بأن الإعلام والإخبار يتم على طريقتين:

  1. إما عن طريق الوثائق الرسمية في شكل منشورات عن المعلومات العملية، كالمرشد والدليل الضريبي؛
  2. أو عن طريق ملخص موجز لمختلف الوثاق الشبه رسمية التي تنشرها الإدارة عن طريق مصلحة الإعلام المتواجدة على الصعيد الوزاري، نذكر في هذا الصدد ما يسمى ب Les notes bleus، التي تعنى بتفسيرات وتعليقات الإدارة حول التدابير الجبائية[72].

أما في كندا فتضع الوزارة المختصة سلسلة من المنشورات العامة والتقنية باللغتين الفرنسية والإنجليزية، محررا بأسلوب بسيط وواضح، إضافة إلى ترجمات صوتية على أشرطة ممغنطة ودلائل منجزة بطريقة برايل (braille)[73]. وهو الطريق الذي يجب أن يحدو حدوه المشرع المغربي في اتجاه إعطاء ضمانات مسطرية أكثر نجاعة وأكثر ملائمة لظروف الملزم الصعبة، خصوصا أثناء سلوك إجراءات وآجال مسطرة التحصيل الجبري، وما يترتب عن سلوكها من مساس بحقوق المدين وسلب لحريته أثناء مرحلة الإكراه البدني التي تعتبر من أخطر مراحل التحصيل الجبري، وأيضا تقنين إجراءات هذه الوسيلة في اتجاه منح صلاحيات أكثر للملزم، وفي اتجاه تليين العلاقة غير الواضحة ما بين كل من الإدارة والملزم.


[1]  – قدري نقولا عطية:”ذاتية القانون الضريبي وأهم تطبيقاته”، رسالة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق، جامعة الإسكندرية، سنة 1960، ص 122.

[2] – محمد قصري:”المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي”، مطبعة دار أبي رقراق، الطبعة الثالثة 2011، ص ص 23-24.

[3]  – محمد بحيري:”التحصيل الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم 47.06″، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات، السنة الجامعية 2007/2008، ص 122.

[4]  – حجيبة جهدكان: مرجع سابق، ص 57.

[5] – عبد الفتاح بلخال:”الضرائب في المغرب، وفق آخر التعديلات المدرجة في  قانون مالية 2009″، الجزء الأول، مطبعة دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الأولى 2009، ص 33.

  [6] – سعيد جفري:”تدبير المالية العمومية بالمغرب”، مطبعة أوماكراف، الطبعة الأولى، الدار البيضاء، سنة 2009، ص 98.

[7]  – تنص هذه المادة على أنه:” يجب بمبادرة من الإدارة إخبار الملزمين بتواريخ الشروع في تحصيل جداول الضرائب والرسوم واستحقاقها بكل وسائل الإخبار بما فيها تعليق الملصقات.

و ترسل الجداول وقوائم الإيرادات إلى المحاسب المكلف بالتحصيل خمسة عشر يوما على الأقل (15) قبل تاريخ الشروع في التحصيل.

و يرسل إعلام الضريبة عن طريق البريد في ظرف مغلق إلى كل ملزم مقيد بالجداول أو قوائم الإيرادات وعلى أبعد تقدير عند تاريخ الشروع في التحصيل وذلك بمبادرة من الإدارة. ويبين هذا الإعلام المبلغ الواجب أداؤه وتاريخي الشروع في التحصيل والاستحقاق”.

[8]  – التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2011، ص 30.

[9]  – التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات: نفس المرجع، ص 30.

[10]  – حجيبة جهدكان: مرجع سابق، ص 59.

[11]  – الحسن كثير:”التبليغ في المادة الجبائية على ضوء التشريع الجبائي والاجتهاد القضائي”، مطبعة الأمنية، الرباط، سنة 2012، ص 153.

 – [12] محمد حنين:”تقادم ديون الدولة”، مجلة القانون المغربي، مطبعة دار السلام، الرباط، عدد 1، سنة 2002، ص 59.

 [13]  – عبد الرحمان أبليلا وعبد الرحيم الطور:”تحصيل الضرائب و الديون العمومية على ضوء المدونة الجديدة 15/97″، مطبعة الأمنية الرباط، سنة 2000، ص 198.

[14]  – محمد قصري: مرجع سابق، ص ص 190-191.

[15] – Price Waterhouse coopers (PWC), world bank and IFC: Paying Taxes 2015 The global picture, pp: 151, 166.

ويمكن تحميله من الرابط التالي على شبكة الأنترنت:

http://www.pwc.com/gx/en/paying-taxes/pdf/pwc-paying-taxes-2015-high-resolution.pdf

[16]  – موقع دائرة الإيرادات الداخلية “الضرائب” الأمريكية (IRS) على شبكة الانترنت:

http://www.irs.gov/taxtopics/tc202.html

[17]  – الموقع الفرنسي (pratique.fr) على شبكة الأنترنت:

http://www.pratique.fr/paiement-impot-revenu.html

– وموقع إدارة الضرائب الفرنسية على شبكة الأنترنت:

http://www.impots.gouv.fr/portal/dgi/public/particuliers

[18]  – يقصد بالإستحقاق طابع دين يكون فيه للدائن الحق في المطالبة بالتنفيذ الفوري، دون أن يكون ملزما بالتقيد بأجل ولا انتظار إتمام شرط معلق. وفي معنى آخر أن الإستحقاق أو وجوب الأداء هو أن يصبح الدين واجبا أداءه للدائن. للمزيد من المعلومات يراجع، حجيبة جهدكان: مرجع سابق، ص 75. 

يراجع في هذا الصدد أيضا، طارق علام:”تنفيذ المداخيل على المستوى المحلي: بين التطبيق والمعوقات –حالة جماعة سيدي بليوط-“، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1998/1999. وعبد القادر التيعلاتي:”النزاع الضريبي في التشريع المغربي، الوجيز في النزاعات الضريبية على مستوى أسس فرض الضريبة واحتسابها”، الأحمدية للنشر، الدار البيضاء، 1997، ص ص 20-24.

[19]  – الحسن كثير: مرجع سابق، ص 154.

[20]  – هناك الكثير من التفصيلات المتعلقة بهذا الموضوع؛ لمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى نصوص قانون ضريبة الدخل المصري رقم (91) لسنة 2005، ولائحته التنفيذية المتعلقة بذلك.

[21] – Price Waterhouse coopers (PWC), world bank and IFC: Paying Taxes 2015 The global picture, pp: 151, 166.

ويمكن تحميله من الرابط التالي على شبكة الأنترنت:

http://www.pwc.com/gx/en/paying-taxes/pdf/pwc-paying-taxes-2015-high-resolution.pdf

[22]– عبد الرحمن أبليلا وعبد الرحيم الطور: :”تحصيل الضرائب و الديون العمومية على ضوء المدونة الجديدة 15/97″، مطبعة الأمنية الرباط، سنة 2000، ص 11.

[23]  – صياغة هذه المادة توحي بمجموعة من الملاحظات:

  • إن الإعلام بالتصحيح يقوم في هاته الحالة الاستثنائية مقام السند التنفيذي؛
  • إن صياغة هذا النص يتعارض مع الإجراءات الموجودة أصلا في القواعد الخاصة بكل ضريبة والمتعلقة بما يسمى بالمسطرة السريعة في عملية التصحيح والتي توجب إصدار الجدول الضريبي منذ تبليغ رسالة التصحيح الأولية ومباشرة إجراءات استخلاص الضريبة بصرف النظر عن باقي إجراءات المسطرة الإدارية المتعلقة بتصحيح الضريبة وعرض النزاع على أنظار اللجنة المحلية واللجنة الوطنية.
  • يطرح تساؤل كذلك حول طبيعة الإجراءات التحفظية التي من شأنها ألا تعرقل النشاط العادي للمقاولة، ذلك أن المقاولة تعتبر كل إجراء عرقلة لنشاطها. لمزيد من المعلومات يراجع، محمد قصري:”المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي”، مطبعة دار أبي رقراق، الطبعة الثالثة 2011، ص ص 160، 161.

[24]  – المادة 243 من مجموعة القانون الجنائي المغربي، والتي تنص عل أنه:” يعد مرتكبا للغدر، ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وبغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم، كل قاض أو موظف عمومي طلب أو تلقى أو فرض أوامر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق، سواء للإدارة العامة أو الأفراد الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه خاصة. تضاعف العقوبة إذا كان المبلغ يفوق مائة ألف درهم”.

[25]  – حجيبة جهدكان:مرجع سابق، ص 273.

[26]  – التعليمية العامة الصادرة عن الخزينة العامة للملكة حول التحصيل، ماي 2001، ص 19 .

[27]  – عبد الرحيم الكنبداوي:”تحصيل الديون الضريبية، مقاربة قانونية وقضائية”، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، منشورات مجلة الحقوق المغربية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2012، ص 35.

[28]  – المادة 35 من الظهير الشريف الصادر في فاتح جمادى الأولى 1353 (21 غشت 1935) بسن نظام المتابعات في ميدان الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة والديون الأخرى المستخلصة من طرف أعوان الخزينة.

[29]  – أحمد اجواهري:”مسطرة الإكراه البدني في تحصيل الديون العمومية”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2001/2002، ص 98.

[30]  – عبد الرحمان أبليلا وعبد الرحيم الطور: مرجع سابق، ص 38.

[31]  – تنص المادة 43 أعلاه بما معناه أنه يسلم الإنذار للشخص نفسه وفي حالة تعذر ذلك إلى أقاربه أو خدمه أو مستخدميه أو أي شخص آخر يسكن معه ويبلغ طبقا للقواعد العامة المتعلقة بالتبليغ، وما يهمنا بالمادة المذكورة هو الفقرة الأخيرة منها والتي تنص أنه ” في الحالة التي يتعذر فيها تسلم الإنذار نظرا لعدم العثور على المدين أو على أي شخص آخر في موطنه أو محل إقامته، يعتبر الإنذار مبلغا تبليغا صحيحا في اليوم العاشر الموالي لتاريخ تعليقه في آخر موطن له”. إن تطبيق هاته الفقرة الأخيرة سوف يطرح عدة إشكاليات منها أنه لا يجوز للإدارة أن تتمسك بمقتضياتها إلا في حالة إثبات قيامها بالإجراءات السابقة حسب تسلسلها ومنها تعذر التبليغ للمعني بالأمر شخصيا أو في موطنه للأشخاص الذين لهم الصفة في التبليغ تحت طائلة عدم الاحتجاج بمقتضيات تلك الفقرة، ثم إن صياغة “آخر موطن” سوف تثير العديد من المنازعات إذ أن المدين سوف يثير في مواجهة الإدارة بمناسبة الطعن في التبليغ أن الموطن الذي علق فيه الإنذار ليس بآخر موطن له علما بأن الإدارة هي الملزمة في هاته الحالة بإثبات واقعة آخر موطن، وما هي وسائلها في ذلك؟ كما أن المدين قد يثير في مواجهة الإدارة بطلان التبليغ والإجراءات الموالية له بجميع الدفوعات المتعلقة بنفي واقعة التعليق من جهة وبقاء الإنذار معلقا بآخر موطن له طيلة عشرة أيام التي تعتبر قرينة على التبليغ. وهنا يطرح الإشكال حول إثبات واقعة التعليق ووسائلها بالنسبة للإدارة وبقاء الإنذار معلقا خلال عشرة أيام، وما هي الوسائل الكفيلة بضمان بقائه معلقا طيلة تلك المدة، وكيفية إثبات ذلك. لمزيد من المعلومات أنظر محمد قصري: مرجع سابق، ص ص 164-165.

[32]  – حجيبة جهدكان:مرجع سابق، ص 277.

[33]  – محمد السماحي: “مسطرة المنازعة في الضريبة”، الطبعة الثانية، سنة 2003، ص 149.

[34]  – L’instruction sur le recouvrement des créances publics p:44.

[35]  – Ibid, p:44.

[36]  – عائشة العديوني:”دور الخزينة في تحصيل الضرائب المباشرة” ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية  والاجتماعية، اكدال، الرباط، 1998، ص 124.

[37]  – مولاي عبد الرحمان أبليلا ورحيم الطور: مرجع سابق، ص 40.

[38]  – حجيبة جهدكان: مرجع سابق، ص 326.

[39]  – حجيبة جهدكان: مرجع سابق، ص 345.

[40]  – M’hamed BENTAHIR :“Le recouvrement des Impôts Directs au Maroc”, Mémoire du cycle supérieur, N° 9, Ecole Nationale de l’Administration Publique, Rabat 1979,  p 82.

[41]  – الطيب برادة:”التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق الدار البيضاء، السنة الجامعية 1988، ص 309.

[42]  – أسامة أحمد شوقي المليجي:”الإجراءات المدنية للتنفيذ الجبري في قانون المرافعات المصري”، دار النهضة العربية للنشر، القاهرة، سنة 2000، ص ص 541- 542.

[43]  – حجيبة جهدكان: مرجع سابق، ص 377.

[44]  – تنص المادة 59 من القانون 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية على ما يلي:”لا يتم بيع الأثاث والأمتعة المحجوزة والمحاصيل والثمار التي أوشكت على النضج إلا بعد ثمانية (8) أيام ابتداء من تاريخ الحجز. إلا أنه يمكن تخفيض هذا الأجل باتفاق مع المدين، لاسيما حين يخشى تلف المحجوزات أو لتجنب صوائر الحراسة غير المتناسبة مع قيمتها

يمكن بعد موافقة الملزم إجراء خبرة حسب ما تفرضه طبيعة الشيء المحجوز من أجل تقدير قيمته وذلك طبقا لمدونة المسطرة المدنية “.

[45]  – يشمل هذا المنع المحاسب المكلف بالتحصيل وأعوان التنفيذ التابعين للخزينة والأعوان التابعين لمحاكم المملكة والقابض البلدي، والأعوان القضائيين.

[46]  – عبد الرحمان أبليلا:”الإثبات في المادة الجبائية بين القواعد العامة وخصوصيات المادة (على ضوء الممارسة والاجتهاد القضائي)”، مطبعة الأمنية، الرباط، سنة 2013، ص 183.

[47]  – محمد أبو زهرة:”الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي”، دار الثقافة العربية للطباعة والنشر، سنة 1974، ص 528.

[48]  – القرآن الكريم: “الآية 279 من سورة البقرة”.

[49]  – عبد الرزاق السنهوري:”الوسيط في شرح القانون المدني”، الجزء الثاني، دار النهضة العربية للنشر، سنة 1968، ص 800.

[50]  – الفصل 27، و30 مكرر من ظهير 1961 المغير والمتمم لظهير 1953 بشأن ضبط المتابعات في ميدان الضرائب المباشرة والأداءات المماثلة لها ومحصولات ومداخيل الأملاك المخزنية وغيرها من الديون التي يستخلصها القباض، والفصول من 633 إلى 647 من قانون المسطرة الجنائية، والظهير رقم 305-60-1 بشأن استعمال الإكراه البدني في القضايا المدنية الصادر بتاريخ 1961/2/20.

[51]  – عبد الرزاق السنهوري: نفس المرجع، ص 801.

[52]  – جمعة محمود الزريقي:”أحكام الإفلاس واستغراق الذمة بالمال الحرام في الفقه الإسلامي”، مركز دراسة العالم الإسلامي، الطبعة الأولى، سنة 1999، ص 17.

[53]  – Alain Garay – Philipe Borras :”Le contentieux du recouvrement”,  Edition Librairie générale de droit et de jurisprudence, 1994, p :123.

[54]  – تم تحيين هذا القانون وغيرت أماكن هذه الفصول من 633 إلى 647 من ق.م.م.

[55]  – محمد قصري: مرجع سابق، ص ص 166-167.

 [56]  – محمد قصري: مرجع سابق، ص 180 .

[57]  – نظم المشرع الفرنسي الإشعار للغير الحائز في المواد L262  و  L263من كتاب المساطر الجبائية الفرنسية.

[58]  – Loi du 12 nov. 1808 relative au privilège du trésor pour le recouvrement des contributions directes, bulletin des lois 4 e S.B 213, n° 3886, Art 2 : “Tous fermiers, locataires, receveurs, économes, notaires, commissaires-priseurs, et autres dépositaires et débiteurs de deniers provenant du chef des redevables et affectés au privilège du Trésor public, seront tenus, sur la demande qui leur en sera faite, de payer, en l’acquit des redevables et sur le montant des fonds qu’ils doivent, ou qui sont en leurs mains, jusqu’à concurrence de tout ou partie des contributions dues par ces derniers. Les quittances des percepteurs pour les sommes légitimement dues leur seront allouées en compte”.

[59]  – من بين الحالات الشائعة لتطبيق هذا الإجراء إلزام المكتري بعدم أداء السومة الكرائية للملزم المكري، وتحويل هذه المبالغ للخزينة طيلة المدة الكافية لتغطية الدين الضريبي.

[60]  – حياة البجدايني:”العمل القضائي في المنازعات الضريبية بين مواقف محاكم الموضوع وتوجهات المجلس الأعلى”، مطبعة الأمنية، الرباط، منشورات مجلة الحقوق المغربية، الجزء الثاني، 2010، ص 224.

[61]  – الكتاب الخامس من مدونة التجارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.83 من ربيع الأول 1417، الموافق لفاتح أغسطس 1996، منشور بالجريدة الرسمية عدد 4418 في 3/10/1996.

[62]  – عبد الرحمان أبليلا: مرجع سابق، ص 171.

[63]  – لقد سار القضاء فعلا على منح وقف تنفيذ الإشعار للغير الحائز الموجه إلى بنك بعد اعتراض مدين بالضريبة، وهو موثق، تشبث فيه بأن هذه الأموال تعود إلى زبنائه، مع الملاحظ أن القاضي الاستعجالي لم يكلف الموثق بإثبات ما يتمسك به، وإنما اعتمد على قرينة لصالح الموثق مفادها أن الحساب البنكي للموثق مخصص لودائع زبنائه، في حين دفعت الإدارة بأن الموثق لم يقدم هوية هؤلاء الزبناء ومبلغ الوديعة الذي يؤول لكل واحد، وأن القانون يلزمه بإيداع هذه الودائع في حساب خاص لدى الخزينة العامة. أنظر: عبد الرحمان أبليلا: نفس المرجع، ص 172.

[64]  – سعيد أولعربي:”استخلاص الديون العمومية بين مقتضيات الفعالية والضمان، مقال في مسطرة التنفيذ على الأموال النقدية،(الإشعار للغير الحائز)”، مقال منشور بجريدة المساء، عدد 1858، الصادر بتاريخ 14 شتنبر 2012.

[65]  – سعيد أولعربي: نفس المرجع.

[66]  – الإشعار لغير الحائز (Avis à tiers détenteur) المنظم في التشريع الفرنسي في كل من المواد  L262 وL263   و L263A من كتاب المساطر الجبائية.

[67]  – les fiches procédures de recouvrement, p: 3.

[68]  – عبد الحميد الحمداني:دراسة أولية لبعض مقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية”، مقال منشور بمجلة الخزينة العامة للمملكة “المنازعات في ميدان تحصيل الديون العمومية”، أعمال الدورات التكوينية المنظمة لفائدة قباض وأطر الخزينة، خلال سنتي 2000 و 2001، دون ترقيم و لا إشارة إلى سنة الإصدار.

[69]  – عبد الرحمان أبليلا: مرجع سابق، ص 192.

[70]  – حياة البجدايني: مرجع سابق، ص ص 191-193.

[71]  – عبد الرحيم الكنبداوي:” تحصيل الديون الضريبية، مقاربة قانونية وقضائية”، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، منشورات مجلة الحقوق المغربية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى 2012، ص 108.

[72]  – J.C.MARTINEZ:”Le statut de contribuable”, librairie général de droit et de jurisprudence, 1980, p: 169.

[73]  – J.C.MARTINEZ ET P.DIMALTA:”droit fiscal contemporain“, L’impôt, le fisc, le contribuable, édition Litec 1986, p : 401  et 403.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *