Site icon مجلة المنارة

الاندماج الإقليمي في إفريقيا بين دوافع التكامل وصعوبات الاندماج

الاسم الكامل: الزجاري نوال طالبة في سلك الدكتوراه، معهد الدراسات الأفريقية جامعة محمد الخامس.

الأسم الكامل: خديجة البوتخيلي، أستاذة باحتة ، معهد الدراسات الأفريقية جامعة محمد الخامس.

 

عنوان المقال: الاندماج الإقليمي في إفريقيا بين دوافع التكامل وصعوبات الاندماج

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عنــــــوان المداخلـــــة

 

الاندماج الإقليمي في إفريقيا

بين دوافع التكامل وصعوبات الاندماج

 

مــقدمــــــة :

أصبحت  التجمعات الإقليمية والجهوية حقيقة ثابتة، حيث تعتبر إحدى المظاهر الرئيسية في العلاقات الدولية  وتعتبر فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مناسبة لتزايد وتعميق التعاون الاقتصادي بين دول العالم، حيث وجدت كل دولة نفسها في حاجة إلى منقذ يساعدها على الخروج من دهاليز الحرب، مما أعطى لفكرة الاندماج والتعاون الدولي فرصة للظهور والانتعاش وتعد الدول الإفريقية من الدول التي عبرت وبإلحاح عن حاجتها للاندماج والتكامل باعتبارها، دول ضعيفة اقتصاديا، هشة اجتماعيا وغير ناضجة سياسيا، مما يجعلها في حاجة للاندماج والتكامل.

 

وبالرغم مما يبدو من توافر كل مقومات التكامل والاندماج الإقليمي في القارة الإفريقية، ووعي هذه الدول وسعيها لتحقيق شكل من أشكال التكامل الإقليمي فيما بينها، فإن نتيجة تلك الجهود باختلاف صورها وأشكالها، كانت متواضعة.

 

تعتبر سنة 1963 بشارة خير للدول الإفريقية، حيث كانت خطوة رئيسية في تطور التكامل الإقليمي في إفريقيا وتعتبر منظمة الوحدة الإفريقية، مؤشر قوي عبر عن مدى حرص وإرادة هذه الدول في التكتل والاندماج.

ينص ميثاق هذه المنظمة على ضرورة تعزيز وتقوية التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء من أجل تحقيق الهدف المنشود من وراء خلق هذه المنضمة من أجل تحقيق حياة أفضل لشعوب إفريقيا، إن قراءة ميثاق المنظمة يكشف أن الأولوية قد أُعطيت للأهداف السياسية لا الاقتصادية، وهو أمر يعود في جانب منه إلى أنه وبمجرد تحقق الحرية السياسية فإن عمليات تحقيق نمو اقتصادي سريع ستتحقق تلقائياً.

 

إلا أن الوضعيات الهشة لجل اقتصاديات الدول الإفريقية حديثة الاستقلال جعل منها دول ضعيفة تبحث عن الوقوف من جديد وبشكل قوي، إلا أن تحقيق هذا النمو الاقتصادي المنشود لن يتأتى إلا عبر تكتلات قوية فيما بينها.

من هذا المنطلق برزت فكرة تأسيس إتحاد المغرب العربي، كوسيلة لتوحيد اقتصاديات المنطقة والمضي بها قدما  لتقف في مصاف التكتلات الجهوية  الكبرى.

 

لدراسة هذا الموضوع وبشكل مفصل كان من الضروري طرح الإشكالية التالية، حيث أنه وبالرغم من توفر ظروف ومقومات اندماج حقيقي وفعال في القارة الإفريقية وكذا  وعي هذه الدول وسعيها لتحقيق التكامل والاندماج الإقليمي، إلا أن حصاد تلك المساعي يبقى متواضعا ورهينا بتوفير إرادة حقيقية تحقق الهدف المتوخى، إذا كيف يمكن تحقيق هذا الاندماج ؟ وماهي المعيقات الكامنة وراء هذا الإخفاق ؟ وهل يمكن اعتبار اتحاد المغرب العربي نموذج لاندماج الإفريقي ؟

 

المحاور الرئيسية:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أولا: دوافع الاندماج الإقليمي في إفريقيا

 

تعد التجمعات الإقليمية والجهوية، حقيقة لا مفرة منها وخاصية من خاصيات القرن الواحد والعشرين، وباتت تعتبر إحدى المظاهر المهمة في العلاقات الدولية، وذلك نظرا لاتساع رقعة المصالح المشتركة وازدياد تداخل وترابط اقتصاديات دول العالم مع بعضها البعض، هذا ما حتم على أية دولة مهما كانت مواردها الطبيعية والبشرية، أن تدبر سياساتها إن كان على المستوى الاقتصادي، السياسي أو الأمني بمعزل عن سياسات الدول الأخرى، خاصة الدول المتجاورة جغرافيا، مما يحتم عليها الانضمام إلى تكتلات اقتصادية وسياسية إقليمية بغية تحقيق الاندماج.

 

تختلف وتتشابك دوافع التكامل الإقليمي في إفريقيا، وإن ارتبطت في معظمها بقضايا التنمية الاقتصادية والاستقرار والأمن في القارة، حيث أن إقامة التجمعات الاقتصادية في إفريقيا سيشكل عامل أساسيا للاستقرار على جميع الأصعدة إن كان منها الاقتصادية والاجتماعي والسياسي في مختلف دول القارة[1].

 

إن التصنيف العالمي يضع القارة الإفريقية في خانة الدول المتخلفة والضعيفة اقتصاديا، وبالرغم من استيعاب القرة ل 13% من سكان العالم، فبالمقابل لا تتوفر إلا على من 3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ونصيبها في التجارة العالمية، في مطلع سنة 2010 لم يزد عن 2%، وطبقاً لبيانات البنك الدولي، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا لم يزد عن 1% من الاستثمار الأجنبي على المستوى العالمي.

 

  1. دوافع الاندماج الاقتصادية

 

تتعدد الأسباب المسؤولة عن ضعف التواجد الإفريقي في الاقتصاد العالمي، إلا أن من أهم الأسباب وراء هذا الغياب، تبقى الطبيعة الانقسامية للقارة والتي تمثل العائق الرئيسي أمام تقدم القارة وتنميتها،وفي ظل تلك الظروف وواقـع التشتت والتشرذم الذي وُلـدت فيه الدولة الإفريقية بعد الاستقلال بفعـل الحـدود السياسية الموروثة عن الاستعمار، سـعت حكومات تلك الدول إلى تبنّـي خطط اقتصـادية للتنمية، أعتبر التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي أهمها، حيت عمدت على خلق أسواق واسعة تسمح بتبني آليات إنتاج كبيرة لكي تلبي الحاجيات  على المستوى الداخلي والخارجي[2].

 

كما قامت هذه الدول باستخدام الأمثل لمواردها الطبيعية والتي تزخر بها جل البلدان الإفريقية، وتجنب إهدار الموارد النادرة، وخاصة رؤوس الأموال، حيث توظف رؤوس الأموال الإفريقية حيث أفضل الفرص المالية و الاقتصادية في نطاق دول التكامل.

 

كما قامت الدول الإفريقية بإجراءات مهمة كان الهدف منها هو الحدّ من تدهور التصنيف الاقتصادي الإفريقي على الصعيد الدولي، وخلق فرص تفاوضية لزيادة قدرتها بشأن شروط التبادل الاقتصادي  والتي تتطلب مؤهلات وقدرات تتجاوز الإمكانات التفاوضية الفردية للدول الإفريقية، كما أعادت الحكومات الإفريقية توزيع الموارد وتوظيفها في إطار دول الإقليم المشاركة في نطاق التكامل، كإجراء وقائي، وهنا نأخذ على سبيل المثال الخطوات التي قامت بها  دولتي الكوت ديفوار والبنين.

 

  1. دوافعالاندماج  السياسية

 

تعاني جل الدول الإفريقية من ضعف وهشاشة كبيرين، حيث اختزلت مسؤولية الدولة في تحقيق الديمقراطية لمواطنيها في إجراء انتخابات كشكل ديمقراطي، وكذا التشاور مع فعاليات مختلفة من مؤسسات المجتمع المدني لتضفي الشرعية اللازمة لمشروعها الديمقراطي.

 

فالدول الإفريقية لوحدها لم تعد تتوفر على الاستقلالية التي امتلكتها عند استقلالها، فهي اليوم دول أسيرة للنظام الرأسمالي العالمي لا للرأسمالية الوطنية، وفي ظل هذا الوضع يصعب عليها أن تتجاوب ومطالب جماهيرها أو مصالحها الذاتية، مما فرض و بشكل كبير الحاجة وضرورة التكامل الإقليمي بين الدول الإفريقية بوصفه مدخلاً أساسياً للتعامل مع مشكلات القارة[3].

 

إن الوعي بإعلاء قيمة العمل الجماعي لحل مشكلة الاندماج الوطني من خلال التعاون مع دول الجوار، بعدما كانت تتمسك كل دولة على حدا في مواجهة مشاكلها الداخلية  بوسائلها الخاصة وبدون أي تدخل من أية جهة أخرى على اعتبار أنها «مشكلة داخلية» لا يجوز لدول الجوار الأخرى التدخل فيها، أدى إلى ترسيخ علاقة التأثير والتأثر بين مسألتي الاستقرار الداخلي والاستقرار الإقليمي، وأكد دور التكامل الإقليمي كعامل استقرار لكل الدول الإفريقية[4].

 

إن الاعتبارات السياسية تؤكد الحاجة إلى قيام تجمعات إقليمية قوية، بوصفها القوة القادرة على مواجهة محاولات هندسة القارة من خارجها، وعلى تحقيق الاستقلال السياسي على الصعيد الداخلي والدولي.

 

كما أن التكامل الإقليمي في إفريقيا يمكن أن يكون عاملاً جوهرياً في الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مختلف الدول، حيث يوفر إطاراً لتسوية الصراعات وحلها والتخلص من مصادر التوتر والنزاع المتعلقة بالقومية والطائفية التي تزعزع الاستقرار وتقوض مستقبل البلاد الواقعة في نطاق الحرب.

 

ثانيا: معوقات الاندماج الإقليمي في إفريقيا

 

  1. المعوقات الاقتصادية

 

من بين أهم العراقيل التي تقف حاجزا أمام التكتلات الإقليمية، نجد المعوقات الاقتصادية ، من هنا يمكن القول أن اختيار نموذج الاندماج يعد خطوة أساسية في نجاح مشروع التكامل، حيث أن عدم ملائمة نموذج التكامل المتبع في العديد من التجمعات الاقتصادية في القارة الإفريقية  قد تمت صياغتها على شاكلة نموذج الإتحاد الأوروبي والذي يعتمد على قاعدة «دعه يعمل دعه يمر»، والتركيز غير المحدود على تحرير التجارة الإقليمية[5].

 

فإن كان هذا النموذج مناسباً للبلدان المتقدمة، فإنه لا يناسب الدول ذات الاقتصاد الهش، حيث يصعب التعاون بين هذه الدول في ظل وجود حواجز كثيرة في مجالات مختلفة كالنقل والاتصالات، وفي ظل الاختلافات الواضحة بين الدول الإفريقية في مستوى التنمية وتشابه كبير في الإنتاج والتي تكاد تنحصر في إنتاج السلع الأولية، الشيء الذي يؤدي إلى التنافس بينها[6].

 

كما أن اختلاف السياسات النقدية والمالية في مختلف البلدان تبقى من أهل عقبات التكامل الإقليمي، ويدخل في هدا الإطار رفع معدلات سعر الصرف، كما أن اختلاف السياسات المالية للبلدان الإفريقية تقود إلى زعزعت الأسعار واضطرابها.

 

إن فشل تجارب الاندماج بصفة عامة، ومن بينها تجارب التكامل في إفريقيا، يرجع بشكل كبير إلى التبعية الخارجية للاقتصاديات الإفريقية، فمن أجل الحفاظ على المصالح الداخلية لكل دولة تم اللجوء إلى تدعيم روابطهم مع القوى الدولية المهيمنة، ولذا فإن إفريقيا حتى اليوم تعتمد على أوروبا في جل معاملاتها الاقتصادية الخارجية.

 

ومع افتقار المنتجات الإفريقية إلى التنويع والنزوع إلى الاحتكار، فإن النتيجة المنطقية هي مزيد من ترسيخ واقع الضعف والتبعية والتهميش.

 

  1. المعوقات السياسية

 

تُعتبر المعوقات السياسية من بين أهم المعوقات باعتبارها المهيمنة، حيث تأتي في مقدمة المعوقات الأخرى.

 

إن ضعف الإرادة السياسية من طرف الحكومات الإفريقية هو دليل على إحجام الدول الأعضاء في تنظيمات التكامل الإقليمي عن تنفيذ القرارات الصادرة عن تلك التنظيمات، فعلى الرغم من كل الضمانات التي قد تمنحها التكتلات الإقليمية، فإن قلة قليلة جداً من الدول المشاركة في برامج التكامل هي التي قامت بخطوات حقيقية في سبيل إقامة مؤسسات وهياكل لتنفيذ مشروعات التكامل[7].

 

بالإضافة إلى تقاعس الدول الأعضاء وعدم الوفاء بالمستحقات المالية للمنظمات التكاملية الإقليمية فلا غرابة في قيام الدول الأعضاء بتبني برامج وقرارات، صادرة عن هذه التنظيمات التكاملية الإقليمية، دون وجود دراسة مسبقة وعميقة لكيفية تطبيقها على المستوى الوطني، أو دراسة تأثيرها على الدول الأعضاء[8].

 

وتعتبر سيطرة حكومات الدول الأعضاء على عمل المؤسسات الإقليمية، من بين أهم العقبات السياسية للاندماج، حيث يكون لممثلي الحكومات الوطنية دور مباشر في اتخـاذ القرارات الخاصة بالعملية التكاملية، مما يعني إعلاء السلطات والمصالح الوطنية على المصالح المشتركة للجماعة، وذلك نقيض فلسفة التكامل وأهدافها المنصوص عليها غالباً في اتفاقيات قيام تلك التنظيمات ومواثيقها.

 

ومن بين أهم المعوقات السياسية التي تقف حجر عثرة في وجه التكامل الإفريقي ، نجد الفكر السلطوي وانعدام الديمقراطية السائد في بعض الدول الإفريقية، حيث يكون لممثلي هذه الحكومات، دور مباشر في اتخاد قرارات أحادية والتي بدورها تلغي تماما مبدأ التشارك والاندماج.

 

هكذا تكون هذه القرارات الفردية هي تعبير عن إعلاء المصلحة الوطنية على حساب المصلحة الجماعية، وهنا نجد أن مبدأ سيادة الدولة يعلو على كل ما هو مشترك مما يجعل مبدأ التكامل فارغ من محتواه.

 

وأخيرا يمكن القول أن غياب الاستقرار السياسي وغياب الديمقراطية في أغلب الدول الإفريقية يعتبر عاملا إضافيا في إضعاف أي مشروع للاندماج باعتبار أن كل دولة تبحث عن حل لمشاكلها الداخلية وتثبيت استقرارها الداخلي عوض البحث على الاندماج مع كيانات أخرى ربما هي بدورها تعاني مشاكل سياسية[9].

 

 

3- كيفية تجاوز العقبات:

 

على الدول الأفريقية أن تتخطى العقبات التي تعترض تفعيل التجمعات الإقليمية، من أجل تقوية مركزها التساومي في عالم التكتلات الاقتصادية ومواجهة التداعيات السلبية للعولمة، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال ما يلي:

 

 

 

 

 

 

 

 

ثالثا: اتحاد المغربي العربي كنموذج

 

تعد تجربة اتحاد المغرب العربي، تجربة فريدة من نوعها بالنظر إلى المواثيق المنظمة لها، حيث اعتبرت خطوة من شأنها توحيد اقتصادات الدول الخمس للمنطقة المغاربية (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا).

 

وتحتل منطقة المغرب العربي موقعا استراتيجيا متميزا، باعتبارها جسرا بين إفريقيا، أروبا والدول العربية بحيث تشكل دور المد والجزر على جميع المستويات لبلدان المنطقة، نضرا لارتباطها بالأمن و السلام في المنطقة وما لذلك من انعكاسات على مصالح الدول العظمى[11].

 

  1. دوافع إنشاء اتحاد المغرب العربي

 

تعتبر سنة 1989 فاتحة خير على منطقة المغرب العربي، حيث اجتمع رؤساء الدول الخمس في المغرب بمدينة مراكش لبحث سبل تفعيل حلم لطالما راود شعوب المنطقة في تحقيق الوحدة والاندماج لما لهذا التكامل من نتائج إيجابية على هذه الدول[12].

 

ومن أهم ما نصت عليه معاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي توثيق أواصر الأخوة التي تربط بين شعوب المنطقة من وحدة في الدين واللغة والهوية والثقافة كما أن الاندماج المغاربي ما هو إلا تحقيق للتقدم والرفاهية الاقتصادية لشعوب المنطقة بتوفير 3 نقط من الناتج الداخلي الخام في كل دولة من دول المغرب العربي.

 

إن الاندماج المغاربي هو مساهمة في صيانة السلام والأمن في المنطقة ونهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين.

كما تعتبر من بين أهم دوافع هذا التكامل المغاربي العمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها.

 

كما يعد تحقيق الوفاق بين الدول الأعضاء وإقامة تعاون دبلوماسي وثيق وصيانة استقلال كل دولة من الدول المغاربية من أهم الغايات التي يهدف إليها هذا الاندماج.

تعد تحقيق التنمية الصناعية والتجارية والاقتصادية للدول الأعضاء واتخاد ما يلزم لبلوغ هذه الغاية خصوصا بإنشاء مشاريع مشتركة وإعداد برامج عامة ونوعية في هذا الصدد، من بين أهم أهداف اتحاد المغرب العرب، ويبقى البعد الثقافي حاضرا بإقامة تعاون يرمي إلى تنمية التعليم على جميع مستوياته والحفاظ على القيم الروحية والخلقية المستمدة من تعاليم الإسلامي السمحة وصيانة الهوية  القومية العربية واتخاذ ما يلزم من وسائل لبلوغ هذه الأهداف خصوصا بتبادل الأساتذة والطلبة وإنشاء مؤسسات جامعية وثقافية ومؤسسات متخصصة في البحث تكون مشتركة بين الدول الأعضاء[13].

 

 

  1. العوائق التي تعيق اتحاد المغرب العربي

 

كثيرة هي الأسباب والعوائق التي حالت دون تحقيق الحلم المغاربي الكبير، فاختلاف الأنظمة السياسية الحاكمة، وتنامي الخلافات ببن هذه الأنظمة، شكل إعاقة حقيقية للتوافق والاندماج، فهذه الفلسفة الأحادية تبقىدائما تفتقد إلى الجوهر الحقيقي  للاتحاد، وتطغى عليها  دائما مصلحة الحكام على مصلحة الشعوب، حيث أن تعدد الأنظمة السياسية بين ما هو رأسمالي واشتراكي شكل عائق حقيقيا للمضي قدما نحو الاندماج الذي بدوره يتطلب تقاربا حقيقيا من أجل صياغة رؤيا موحدة ومندمجة[14].

 

ظلت الدول المغاربية دائما مهووسة بفكرة لعب دور القيادة في شمال إفريقيا، ففكرة ذوبان الذات في اتحاد مغاربي كبير قادر على مواجهة التحديات، لم تفعل على أرض الواقع وظلت التنافسية على الزعامة هي الحاضرة وبقوة.

 

إن فكرة الزعامة، كانت من بين أهم عوائق الاتحاد، فحكام بعض الدول المغاربية وأمام الثروة النفطية الهائلة، مضوا في الجري خلف هذا الحلم وصدقوه، وصارت عائدات

النفط في هذه البلدان، بدلا من استغلالها في مشاريع تنموية تخرج شعوب المنطقة من أزمات الفقر والتهميش والبطالة، تستمر في سباق غير معهود نحو التسلح[15].

 

تعتبر قضية الصحراء معضلة كبيرة، أمام قيام اتحاد مغاربي كبير يستجيب لتطلعات شعوب ومواطني المنطقة ،حيث أن هذه المعضلة تدخل دول المنطقة في حسابات ضيقة تعطي للمشاكل الثنائية بعدا إقليميا

مما يذهب عليها فرصة التقدم والاندماج، لما لهذه القضية من رواسب ثقيلة على كل أطراف النزاع

 

لعل من أسباب فشل اندماج دول المغرب العربي هي تلك المركزية المهيمنة في اتخاذ القرارات وعدم إشراك الشعوب في الإدلاء بالرأي والمشاركة في الحياة السياسية ومن هنا نجد أن معظم المحاولات المغاربية قد باءت بالفشل والسبب يعود إلى العقلية التسلطية والديكتاتورية أحيانا والجامدة والغير منفتحة للحكام، إن غياب الديمقراطية وخنق الحريات والمضايقات  على أحزاب المعارضة،  وسيطرة  الأحزاب الحاكمة على الحياة  السياسية وتقزيم دور الجمعيات المدنية  وعدم السماح للمواطنين بتكوين جمعيات مستقّلة سواء كانت حقوقية ، علمية أو ثقافية[16].

 

كذلك عدم إشراك المواطن في وضع البرامج الطموحة والمخّططات التنموية المستقبلية الواعدة واتخاذ القرارات المصيرية  كل هذا يعقبر أي محاولة للاندماج .

إن مصالح بعض الحكام كانت دائما تطغى على المصلحة العامة لشعوبها ،مما أفرز نوعا من الاحتقان والمقاومة التي تولدت نتيجة لعدم الاعتراف بقدرة المواطن المغاربي على العطاء، وصنع القرار، كماأن انعدام الشفافية وغياب  فضاءات الحرية والديمقراطية كما أسلفنا ،كلها ساهمت في فشل هذه المبادرات، لأن الاستراتيجيات والخطط صارت غير واضحة.

خـــاتمــة :

 

إن مشكلة وحدة المغرب العربي ليست مشكلة عيب التركيب الديني أو الثقافي الخاص بالعروبة، بل مشكلة النخب السياسية الحاكمة التي أصبح همها الرئيسي هو الاندماج في قنوات النظام الدولي الأمريكي بانضباط محكم للاستمرار في الحكم دون غاية غيرها.

وهي نخب لا تشعر بأي نوع من الانتماء للعروبة السياسية، إسلامية كانت أم علمانية. ثم إن معظم الطبقات والفئات التي ظهرت في الجزء الثاني من القرن العشرين لتحكم المغرب العربي باسم شرعية قيادة حركة التحرر الوطني، لم تتمكن من كسب الحد الأدنى من الشرعية الديمقراطية تجاه شعوبها لفقدان الإنجازات الحقيقية في تحقيق الديمقراطية، وبناء دولة الحق والقانون بالتلازم مع بناء المجتمع المدني الحديث. كل هذا لم يتحقق، بل حصل عكسه تماما ً، أي بناء الدول التسلطية، وهبوب رياح القوميات القطرية الاصطناعية التي باتت تشكل “جدارا ً حديديا ً” يفصل بين بلدان المغرب العربي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع المعتمدة

 

 

 

[1] صعوبات وآفاق تفعیل اتحاد المغرب العربي، معهد الدراسات الإفريقية جامعة محمد الخامس الرباط، 2010 ص، 30-33.

 

 

[4] راوية توفيق: المشروطية السياسية والتحول الديموقراطي في إفريقيا. سلسلة دراسات إفريقية، (القاهرة: برنامج الدراسات المصرية الإفريقية جامعة القاهرة، مارس 2002م). ص 35.

 

[6]  د. محمد عبد الشفيع: الاقتصاد السياسي للعولمة، في د. حمدي عبدالرحمن (محرر): إفريقيا والعولمة، (القاهرة: برنامج الدراسات المصرية الإفريقية، جامعة القاهرة، 2004م)، ص 38.

 

 

[9]  د. محمد عاشور: الحدود السياسية وواقع الدولة في إفريقيا، (القاهرة: مركز   دراسات المستقبل الإفريقي، 1997م). ص:160

 

[11] عز الدين شكري، اتحاد المغرب العربي، مجلة السياسة الدولية، العدد والتاريخ. ص97-98

[12] صعوبات وآفاق تفعیل اتحاد المغرب العربي، معهد الدراسات الإفريقية جامعة محمد الخامس الرباط، 2010 ص، 30-33

 

 

[15] د محمد مواعدة، المغرب العربي واقعو آفاق، سلسلة الدفاتر القومية، العدد5 ، 2007).ص .87

 

[16] د امحمد مالكي، المغرب العربي أية آفاق، سلسلة المعرفة للجميع العدد 14 السنة  2007ص. 110-115

Exit mobile version