Site icon مجلة المنارة

استراتيجيات العلاقات العامة ودورها في إدارة الأزمات داخل المؤسسات

 

” استراتيجيات العلاقات العامة ودورها في إدارة الأزمات داخل المؤسسات”(*)

 

                                       إعداد: علي سالم عاشور

أستاذ بقسم الإعلام بالجامعة الأسمرية الإسلامية زليتن- ليبيا

 

تعـــتبر إدارة العـــــلاقات العــــــــامة من الإدارات التي لها أهمـية كبـيرة للعـــــــديد مـن المؤسسات على اختلاف أنواعها الخدمية منها والاقتصادية، فقد أضحت هذه الوظيفة في السنوات الأخيرة أحد الوظائف الأساسية التي تساعد أي مؤسسة في التعرف على انسب الطرق العلمية والمهنية لحل وإدارة الأزمات والمشكلات ، كذلك لمعرفة أراء واتجاهات الجماهير المتعاملة معها، وذلك لتحقيق التفاهم وتحقيق الثقة بينها.

أي أن إدارة العلاقات العامة تعتبر حلقة وصل بين إدارات المؤسسة، والمنظمة وجماهيرها ، وذلك لتحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها المؤسسة، كذلك المصالح والحاجات المشتركة بينها وبين الجماهير المخــتـلـفـة، لـــذا تـعــتـبـر العـلاقـات الـعـامة فــن الاتصال الإنساني التي تـسعى المـؤسـسات والمــنـظمات من خلالها إلى صناعة علاقات متميزة وممتازة مع كل الأطراف المتعاملة معها(1).

كما أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى زيادة الاهتمام بالعلاقات العامة سواء في الدول المتقدمة أو الدول النامية، أبرزها أنها تساعد المؤسسات في حل وإدارة الأزمات والمشاكل التي تتعرض لها ، والتي تعيق تحقيق أهدافها ، كذلك زيادة التنافس بين المنظمات التي مع أعداد كبيرة من الجمهور، حيث ألزمها ذلك الوصول إلى كافة الأطراف المتعاملة معها، والتعرف على أهم احتياجاتها وأرائها وأفكارها من خلال طرق ووسائل اتصالية تساعدها في ذلك ، والتقدم الهائل الذي نلاحظه في وسائل الإعلام وتواجد منظمات متخصصة في فنون العلاقات العامة ، بالإضافة إلى التطور الواضح في وسائل الاتصال جعل من مهام وأعمال العلاقات سهلة وميسورة لكل القائمين عليها، لاسيما في إدارة الأزمات داخل المؤسسات(2)  .                                                                                                                                           العلاقات العامة تستخدم استراتجيات مختلفة وأدوات متنوعة قبل حدوث الأزمة وإستراتجيات أخرى أثناء الأزمة، وإستراتجيات ثالثة بعد حدوث الأزمة.  لذلك ازداد اهتمام المؤسسات المختلفة بوظيفة العلاقات العامة ولم يعد من الممكن إغفال

من هنا جاءت هذه الدراسة لمعرفة دور استراتيجيات العلاقات العامة في إدارة الأزمات داخل المؤسسات المختلفة .

    وقد قام الباحث بتقسيم هذه الورقة إلى ثلاث مباحث ، يتناول المبحث الأول ( الإطار المنهجي للدراسة) ويتضمن وإشكالية الدراسة أهميتها، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، ومنهجها وأدواتها، في حين يتناول المبحث الثاني : العلاقات العامة (التعريف والوظائف) حيث يشمل هذا المبحث تعريف العلاقات العامة، وأهم أهدافها ووظائفها، كذلك التعريف بالأزمة وإدارة الأزمة، أما المبحث الثالث والأخير والمعنون (إستراتيجيات العلاقات العامة وإدارة الأزمة) فيشمل تعريف الإستراتيجية بشكل عام، وتعريف إستراتيجيات العلاقات العامة وأهم أنواع تلك الاستراتيجيات،  ودور استراتيجيات العلاقات العامة في إدارة الأزمات قبل وأثناء وبعد الأزمة،ومن ثم نتائج الدراسة ، و التوصيات التي تقدمها، وجاءت هوامش الورقة في ذيلها.

المبحث الأول ( الإطار المنهجي للدراسة)

إشكالية الدراسة :

لقد أصبحت العلاقات العامة ضرورة ملحة في هذا العصر الذي يتميز بالتغيرات السريعة، والأحداث المتلاحقة، والمؤسسات متعددة الجنسيات التي تعمل على نطاق دولي، والمجتمعات المركبة المعقدة التي تحتاج التعاملات فيها لتفهم عميق وبرامج مدروسة، وبحث دقيق, لذا فقد وضعت معظم المؤسسات في الدول المتقدمة، والدول النامية ضمن هيكلها إدارة العلاقات العامة، لتقوم بوظيفتها التي غالبا ما تهدف إلى بناء الصورة الذهنية الحسنة والطيبة عن هذه المؤسسات والهيئات، وكلما كانت الصورة الذهنية لدى الجماهير إيجابية عن خدمات تلك المؤسسات  أو الهيئات أتاح ذلك وجود مناخ يسمح لها بتحقيق أهدافها وأداء رسالتها وتقديم خدماتها من خلال تفهم الجماهير لدورها والإقبال على التعاون معها.

كما تعد وظيفة العلاقات العامة من  الوظائف الإدارية ، هدفها ممارسة مجموعة من النشاطات التي تكون صورة أكثر بريقاً عن المؤسسة،  فالعلاقات العامة تربط بين المؤسسات بعضها ببعض، وتربط بين المؤسسة وعملائها، وتربط أيضاً بين المؤسسة والمجتمع المحلي الذي تعمل فيه، بل تربط بين العاملين داخل المؤسسة بمختلف مستوياتهم, وتؤدى العلاقات العامة دوراً ملموساً في توطيد العلاقة بين كل هذه الأطراف.

ونتيجة لتعرض المؤسسات المختلفة لبعض الأزمات سواء أكانت إدارية أم مالية …. أم غيرها من أنواع الأزمات التي تعرقل عمل المؤسسات بشكل أو بأخر ، عندها فإن الإدارة العليا للمؤسسة تلجأ إلى إدارة العلاقات العامة لتستخدم هذه الأخيرة كل ما بوسعها لإنقاذ المؤسسة وحل أو إدارة تلك الأزمة بالطرق والإستراتيجيات التي تتخذها بشكل سريع وغير مكلف ،وبشكل علمي أيضاً لضمان عدم تكرارها.(3)

فالعلاقات العامة وحدة إدارية متخصصة تقوم بتقديم خطط وبرامج لإدارة المؤسسة تتعلق بالعلاقات بين المؤسسة والجمهور، محللة لسياسة المؤسسة وإجراءاتها لتلائم حاجات جماهيرها ومنفعة المجتمع، كما تُؤمن وسائل الاتصال بين الإدارة ومحيطها لتبادل المعلومات وتوحيد الرؤية، كما تسعى لتصحيح الأفكار والمعتقدات والسلوك سواء داخل المؤسسة أو خارجها محققة الصالح العام.(4)

   وانطلاقاً من أن إشكالية الدراسة هي المرشد أو الموجه الذي يحقق سلامة السير في طريق البحث العلمي، لذلك فإن تحديدها بشكل واضح يساعد الباحث في تحقيق أهداف دراسته (5) ، لهذا فقد بلور الباحث إشكالية دراسته في التساؤل التالي:-

ما دور استراتيجيات العلاقات العامة  في إدارة الأزمات ؟

تأتي أهمية هذه الـــــــــورقة البحثية من أهمية موضوعها ألا هو موضوع استراتجيات العلاقات العامة ودورها في إدارة الأزمات داخل المؤسسات ،  لما لهذا الموضوع من أهمية قصوى لكافة المؤسسات، الخدمية منها والتجارية ، وتوفير إطار نظري مبني على أسس علمية سليمة ، وبطريقة منهجية حول العلاقات العامة واستراتجياتها في إدارة الأزمات،  كـــــذلك تعتبر هذه الدراسة إضافة علمية متخصصة لكافة المهتمين والباحثين وأهل الاختصاص في مجالات علوم الإعلام والاتصال والعلاقات العامة ، وذلك من خلال ما تطرحه من أفكار وأراء ونتائج ومقترحات.

كما تتأتى أهمية هذه الدراسة من أهمية العلاقات العامة لأي مؤسسة كانت ، وذلك

      أما الأهداف التي تسعى لتحقيقها هذه الدراسة فيمكن تلخيص أبرزها في الآتي:

 لقد اعتمدت الدراسة الحالية منهج الوصفي التحليلي بصفة أساسية ،وذلك بغية الوصول إلى تحديد وصف دقيق وعلمي للظاهرة موضع الدراسة ، وقد استخدم الباحث الأسلوب المكتبي الذي يعتمد على المصادر والمراجع ورسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه ، والكتب العربية والمترجمة، وذلك للإلمام بجميع متطلبات الدراسة ، وتحقق أهدافها التي تسعى إلى تحقيقها.

 

المبحث الثاني : العلاقات العامة ” التعريف والوظائف”

 

تعددت تعريفات العلاقات العامة واختلفت وتباينت فيما بينها طبقاً لتخصص وهدف من يقوم بوضع التعريف، ونوع الوسائل والأدوات والطرق التي تستخدم لتحقيق الهدف، ولا يوجد تعريف واحد جامع للعلاقات العامة،  فيرى البعض مفهوم العلاقات العامة في ضوء الفكر الإداري ، أو من وجهة نظر علم الاتصال والإعلام ، أو التسويق أو علم الاجتماع .

ونبدأ بتعريف وضعه القاموس الحديث بأن العلاقات العامة: هي حث الجماهير للفهم والإدارة الجيدة ، وجاء قاموس وبترز فعرفها على أنها:  فن أو علم تطوير وتبادل التفاهم والرغبة الحسنة(6) ، أما قاموس ويبستر فيراها : تنشيط العمليات الاتصالية وخلق الثقة بين شخص ، أو منظمة ،  أو مشروع ، أو أشخاص آخرين ، أو جماهير معينة ، أو مجتمع كله ، من خلال نشر المعلومات التي تفسر وتشرح ، وتنمية علاقات متبادلة ، ودراسة ردود الفعل و تقويمه(7).

هذا بالنسبة لأهم القواميس التي تناولت تعريف العلاقات العامة، أما ما وضعته الجهات العامة والخاصة لتعريف العلاقات العامة، فقد جاء ت تعريفاتها متباينة بعض الشيء ، فقد يكون السبب أنها تحمل ذات الاختصاص وهو العلاقات العامة ، وأبرز تلك التعريفات ما وضعته  الجمعية الفرنسية للعلاقات العامة حيث أكدت : بأنها مجموعة الوسائل التي تستخدمها المؤسسة لخلق جو الثقة لدى الموظفين والعمال والهيئات المتصلة بها. (8)

في حين قال المعهد البريطاني للعلاقات العامة : بأنها الجهود المخططة والمستمرة لتأسيس وصيانة السمعة الحسنة والتفاهم المتبادل بين المؤسسة وجمهورها(9) ، لكن  تعريف جمعية العلاقات الأمريكية كان أكثر تفصيلاً حيث عرفها بأنها: كل نشاط موجه لبناء وتدعيم علاقات سليمة منتجة بين المؤسسة و جمهورها ، كالعملاء ، والموظفين ، والمساهمين ، أو الجمهور بوجه عام ، بهدف تسهيل عملية صياغة سياستها  حسب الظروف المحيطة بها ، وشرح هذه السياسة للمجتمع . (10)

وتذهب جمعية العلاقات العامة الدولية إلى أنها: الوظيفة المستمرة والمخططة للإدارة ، والتي تسعى بها المنظمات باختلاف أنواعها، و أوجه نشاطها إلى كسب تفاهم وتعاطف وتأييد الجماهير الداخلية والخارجية والحفاظ عليها(11).

أما الباحثون والدارسون للعلاقات العامة وعلوم الإعلام والاتصال، وعلم الاجتماع، وبعض المهتمين بالعلاقات العامة، فقد تنوعت بتنوع التخصص والمجال، فنذكر بعض التعريفات التي وضعها المختصون في مجالات العلاقات العامة والإعلام، والتي كان أبرزها  بأنها: وظيفة إدارية مميزة تساعد في إيجاد اتصال وفهم وقبول وتعاون،  متبادل بين المنظمة وجمهورها والحفاظ عليهما(12). ومنهم من عرفها بأنها: نشاط يهدف إلى عمل الخير و إعلام الجمهور به.(13)

كما عرفت العلاقات العامة بأنها : نشاط اتصالي يهدف إلى توثيق الصلة بالمجتمع ، ومن أجل تحقيق ذلك تعمل على إبراز الصورة المشرفة لها ، من خلال المؤسسات التي تخدم وتعمل على صيانة مصالحه.(14)

وهي أيضاً فن الاتصال بالجماهير التي تعنى به مؤسسة من المؤسسات الأهلية ، أو مصنع من المصانع الكبيرة المعروفة ، أو جمعية من الجمعيات التي تهدف إلى جلب الخير لعدد كبير من أفراد المجتمع ونحو ذلك (15).

ويضع الباحث تعريفاً مختصراً للعلاقات العامة بأنها : كل نشاط يقام بشكل فردي أو جماعي ، لتوصيل رسالة طيبة عن إدارة المؤسسة للجمهور الداخلي من جهة، وعن المؤسسة بشكل عام للجمهور الخارجي من جهة أخرى ، وذلك باستخدام طرق وأدوات تناسب كلا الطرفين .

نلاحظ اتفاق الباحثون والدارسون في حقل العلاقات العامة على وضع تعريف جامع مانع لها، ذلك لأن العديد من المشتغلون في هذا المجال- جهات ومنظمات ودارسون وباحثون- اختلفوا في  تعريفه وتحديد مضمونه، مما أدى إلى وجود كم هائل من التعريفات التي أعطيت لمصطلح العلاقات العامة، ويري الباحث أن سبب هذا الاختلاف يرجع إلى عدة أسباب، وهي:

  1. حداثة ظهور علم العلاقات العامة مقارنة بغيره من العلوم المهتمة بدراسة الظواهر الاجتماعية مثل: علم الاجتماع ، والسياسة… وغيرها، فهي أقدم وأرسخ منها من حيث النشأة والتطور، ومن حيث استقرار مفاهيمها الأساسية.
  2. اتصال العلاقات العامة الوثيق واختلاطها أحياناً بعلوم أخرى، الأمر الذي يجعلها تطغى في كثير من الدراسات المهتمة بالظواهر الاجتماعية، على علم العلاقات العامة الحديث، فلا تبدو هويته واضحة المعالم، ثم تختفي الطبيعة الخاصة أمام الطبيعة المسيطرة لهذا العلم أو ذاك من العلوم العريقة المتصلة، مثل علوم الإعلام والإعلان .
  3. إقدام الكثير من غير المتخصصين على الكتابة في العلاقات العامة، الأمر الذي أدى إلى وجود كم هائل من الكتب والبحوث والمقالات المتخصصة في العلاقات العامة، والتي تحمل وجهات نظر متباينة.

كما أن للعلاقات العامة العديد من العناصر العامة التي يمكن أن نلخصها في الآتي(16):

لعله من العلمي والمنطقي أيضاً، أن نذكر الأهداف قبل الوظائف ، انطلاقاً من أن تحديد الأهداف يأتي قبل تأدية الوظائف، لهذا فإن العلاقات العامة تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف منها:

  1. العمل على تحقيق الفهم المشترك ودعم الثقة المتبادلة بين المؤسسة والعاملين, وكذلك أطراف التعامل الخارجي (الموردون, والعملاء, والنقابات, والمنظمات الأخرى الحكومية وغير الحكومية).(18)
  2. تعريف جماهير المنظمة بأهدافها وسياساتها ومنتجاتها من السلع والخدمات.
  3. إعطاء فكرة للإدارة عن اتجاهات جماهير المنظمة وآرائها .
  4. الحصول على تأييد الجماهير ورضاها عن نشاطات المؤسسة ومنتجاتها وخدماتها(19) .
  5. تسعى العلاقات العامة إلى تطوير أسواق المؤسسة وتوسيعها, وذلك بنشر أفكار جديدة تتقبلها الجماهير, تفسح المجال لتسويق سلعها أو خدماتها في مجالات جديدة وأسواق جديدة.(20)
  6. كذلك تعمل على إيجاد حلول سريعة وفاعلة لمختلف الأزمات التي تتعرض لها المؤسسة، وبأقل جهد وأسرع وقت ، وبأقل تكلفة أيضاً، إذا ما اتبعت إستراتيجية .

     تؤدي العلاقات العامة العديد من الوظائف المهمة داخل جل المؤسسات والمنظمات الخدمية والإنتاجية، وباعتبار إن العلاقات العامة هي وظيفة إدارية وإعلامية، فإن وظائفها لا تختلف كثيراً عن وظائف الإدارة العامة لأي مؤسسة،  كذلك لارتباطها بالإدارة العليا للمؤسسات نجدها تأخذ منها جل وظائفها ومهامها، فمن أهم  وظائف إدارة العلاقات العامة داخل المؤسسات هي :

تعرف الأزمة بأنها موقف أو حالة أو قضية يواجهها متخذ القرار في إحدى الكيانات الإدارية سواء أكانت دولة أم مؤسسة أو مشروع أو حتى أسرة صغيرة ، حيث تتداخل الأسباب والمسببات بالنتائج وتتداعى الأحداث حتى تصل الأمور إلى حالة من التعقيد ، ويعيش متخذ القرار في حالة من الضبابية تفقده الرؤية ، وكأنه في حالة عمي مؤقت في لحظة اصطدامه بالأزمة ، وتصيبه حالة من الارتباك وعدم السيطرة في محاولاته الإمساك بخيوطها أو توجيهها مستقبلاً . إذا الأزمة هي لحظة حاسمة وحرجة تواجه الكيان الإداري فتجعل من متخذ القرار في حالة من عدم التوازن ، حيت قلة المعلومات ، وحالة عدم التأكد واختلاط الأسباب والنتائج ، وعدم القدرة على وضع تصور سريع وفاعل لما قد تولده الأزمة.(30) كذلك هي حدث يؤثر أو لديه احتمالية التأثير على المؤسسة ككل .(31)

كذلك هي “حالة إدراك صاحب القرار لوجود مواقف تهدد المصلحة العليا للمؤسسة ، وتتطلب السرعة في التعامل مع هذه المواقف باتخاذ قرارات جوهرية“(32)

وتعرف أيضاً بأنها حالة خطيرة وحاسمة أو نقطة تحول تستوجب مواجهة سريعة وإلا حدث شيء مادي ينشا عنه موقف جديد قد يجلب نتائج وآثار سلبية.(33)

في حين ذهب باحث أخر في تعريفه للأمة على أنها : تهديد وفرصة في نفس الوقت ، وهي فرصة تساعد المنظمة في تحقيق أهدافها ، وقد تكون تهديداً يمنع المنظمة أو يحد من قدرتها على تحقيق أهدافها ، وتسعى المنظمة نحو الحل لأن النتائج والأهداف تكون مهمة.(34) 

ودون الخوض في تعريفات أخرى، فإن للأزمة تتسم بالسمات الآتية :

    أما فيما يتعلق بتعرف إدارة الأزمات ، فقد حملت الكتب والدوريات المئات من التعريفات لهذه الإدارة المهمة والحيوية لكافة المؤسسات التجارية والخدمية ، فقد عرفت على أنها ” العلم الذي يعنى بالأساس في كيفية التغلب على الأزمات بالأدوات العلمية والإدارية المتنوعة ، وتجنب سلبياتها والاستفادة من إيجابياتها“،(36) كما أنها –إدارة الأزمات- محاولة منظمة لتجنب أزمة في منظمة أو لإدارة أحداث سببتها أزمة ما .(37) وهذه الإدارة تهدف بالدرجة الأولى إلى قهر الأزمة أياً كان نوعها ، وهو أمر يتطلب الرغبة والقدرة ، فبواسطة هاذين العنصرين تستطيع هذه الإدارة      –إدارة الأزمات-  التغلب عن الأزمات التي تتعرض إليها المؤسسة .

المبحث الثالث : استراتيجيات العلاقات العامة و إدارة الأزمات

أولاً : مفهوم الإستراتيجية :

الإستراتيجية كلمة مشتقة من الكلمة اليونانية إستراتيجيوس ، والمعنى منها “فن القيادة” ،وهناك بعض المراجع تترجمها بأنها تعني ” فن الجنرال”.  وعلى كل حال فقد كانت الإستراتيجية ولفترة طويلة أقرب ما تكون للمهارة المغلقة، التي كانت يمارسها كبار القادة المحترفون ، إذ أن أول مجال استخدم هذا المصطلح هو المجال العسكري والحربي ، كذلك تباين مفهومه من قائد حربي لأخر، لهذا فإنه لا يوجد تعريف شامل لهذا المصطلح لديناميكيته أسوة بغيره من المفاهيم والمصطلحات  التي تندرج تحث العلوم الإنسانية ، ولكن لا بد لنا في هذا المقام من التعريج على بعض التعريفات لهذا المصطلح ، حيت عرفت الإستراتيجية بأنها : فن استخدام الإمكانات والوسائل المتاحة بطريقة مثلى لتحقيق الأهداف المرجوة على أفضل وجه ممكن . بمعنى أنها طرق لمعالجة مشكلة مباشرة أو غير مباشرة ، أو تنفيذ مهمة ما، أو أساليب عملية لتحقيق هدف معين.(38)

كما أنها – الإستراتيجية – الخطة أو الاتجاه أو منهج العمل لتحقيق أهداف ما، وهي الممر أو الجسر الذي يأخذنا من هنا إلى هناك ، وهي الأسلوب والمكان أو الموقع. (39)

كذلك الإستراتيجية هي خطة محكمة البناء ومرنة التطبيق ،  يتم من خلالها استخدام كافة الإمكانات والوسائل المتاحة بطريقة مثلى لتحقيق الأهداف المطلوبة (40).

أما المعجم الإعلامي فقد عرف الإستراتيجية بأنها: صياغة الأفكار الاتصالية التي ستطرح في الحملة، لتحقيق أو إنجاز هدف إجرائي محدد،، وهي بذلك تمثل الخطوط الأساسية التي تربط معا كل الإجراءات والممارسات التي ستقام أثناء تنفيذ الحملة(41) .

وذهب آخران إلى أنها : فن الجمع بين مجموعة من العمليات بطريقة سليمة للحصول على هدف معين .(42)

إذاً فالإستراتيجية هي:  فن استخدام الوسائل المتاحة لتحقيق أغراض معينة محدد مسبقاً ،أو  لكونها نظام المعلومات العلمية و القواعد المهنية لحل إشكالية معينة أو تدارك وقوعها.

كما أن هذا المصطلح- الإستراتيجية- لم يعد قاصراً على الميادين العسكرية وحدها؛ وإنما امتد ليكون قاسم مشترك بين كل النشاطات في ميادين العلوم المختلفة. (43)

ويقصد بالإستراتيجية أيضاً: هي السبل التي تتخذها إدارة العلاقات العامة لتحقيق أهدافها في إدارة الأزمات التي تتعرض إليها المؤسسة، أو تفادي وقوع أي نوع من الأزمات .

ثانياً : إستراتيجيات العلاقات العامة: (المفهوم والأنواع) 

يعود اهتمام العلاقات العامة بالمشاركة في إدارة الأزمات إلى فترة مبكرة ، حيت إن رائد العلاقات العامة “إيفي لي” (Lvy Ledbetter Lee ) قام عام 1906م، أثناء عمله بإدارة أزمة نشبت أصحاب الشركة وعمالها أدت إلى إضرابهم عن العمل ، وهذه المهمة هي أول إدارة مهنية للعلاقات العامة في إدارة وحل الأزمات، وهو بذلك يعتبر المؤسس الأول لإستراتيجيات العلاقات العامة. (44)

تعرف استراتيجيات العلاقات العامة بأنها الخطط العامة التي تواجه مراحل المعركة ، فإنها تهدف إلى تبيان أساليب العمل في العلاقات العامة.(45)

كذلك تعرف بأنها مجموعة القرارات المهمة والمستقلة عن بعضها ، والتي تتخذها المؤسسة لتحقيق أهداف معينة باستعمال وسائل اتصال متنوعة.(46 (

كما أن بعض الباحثين والخبراء في مجالات الاتصال والعلاقات العامة يؤكدون أنه يصعب على ممارسي العلاقات العامة اعتماد إستراتيجية واحدة في الاتصال للعلاقات العامة، حيث يمكن تبني الإستراتيجية المناسبة لكل موقف اتصالي محدد ، أو استعمال مزيج من الاستراتيجيات التي تجدها إدارة العلاقات العامة تفي بالغرض. وقد قام ” لولر” بوضع أنموذجاً بناءً على نظريات ونماذج سابقه ” جرونج” ، وقد تم تسميته بالأنموذج الموقفي.

ويعرف الباحث إستراتيجيات العلاقات العامة بأنها كل الإجراءات والطرق المتنوعة التي تتخذها إدارة العلاقات العامة في تحقيق أهدافها لاسيما عند حدوث الأزمات.

وتعتمد العلاقات العامة على العديد من الإستراتيجيات في إدارة الأزمات، و التي يمكن بواسطتها التغلب وتفتيت أي أزمة تتعرض إليها المؤسسة ، فهناك العديد من التصنيفات التي وضعت لإستراتيجيات العلاقات العامة ، فمنهم من صنفها : إستراتيجيات منطقية واستراتيجيات عاطفية .(47) وهناك آخرون صنفوا إستراتيجيات العلاقات العامة التي تتبعها في إدارة الأزمات إلى : إستراتيجيات التقليدية وأخرى حديثة ، وذهب أخر في تصنيفه للإستراتيجيات إلى إستراتيجية هجومية ، وأخرى دفاعية ، وثالثة مختلطة (48).

  1. الإستراتيجيات التقليدية : وهي تقليدية الظهور والأسلوب ، ومن أنواعها :

كما أن هناك أنواع أخرى تحث هذا التصنيف، منها إستراتيجية كبت الأزمة ، وإستراتيجية تفريغ الأزمة ، وإستراتيجية إخماد الأزمة .(52)

  1. الإستراتيجيات الحديثة : وقد ظهرت هذه الإستراتيجية نتيجة للتطور الذي طرأ على النظم الإدارية، وتطور إدارة العلاقات العامة ، وهي أكثر فاعلية من سابقتها –الإستراتجيات التقليدية- في حل وإدارة الأزمات، ومن أنواعها :

بالإضافة إلى ما سبق، فإن هناك استراتيجيات أخرى يراها الباحث مهمة وفاعلة، ومستخدمة بكثرة في إدارات وأقسام العلاقات العامة عند حدوث أزمات للمؤسسات، وهي تقع ضمن أهم إستراتيجيات العلاقات العامة، ومن بين أهم هذه الإستراتيجيات(*) هي:

 

 

إستراتيجية الاتصال والإعلام:

      يقوم الإعلام بدور غاية في الأهمية أثناء الأزمات فيمكن أن يقوم بمهمتين أساسيتين: الأولى توضيح تطورات الموقف للرأي العام والأطراف المعنية ، أما الثانية فهي تشكيل والتأثير على الرأي العام وتوجيهه،(54) ، فبواسطة هذه الإستراتيجية يعبر المضمون الاتصالي عن رؤية المؤسسة، ويحمل معاني ودلالات ذات معنى واحد، ويتم من خلالها تقديم المعلومات إلى الجماهير الأساسية لمساعدتهم في تكوين الرأي واتخاذ القرارات ، وتتخذ هذه الإستراتيجية  العديد من وسائل الاتصال والإعلام خاصة في إدارة الأزمات ، وهي نفسها وسائل الاتصال والإعلام التي تستخدمها إدارة العلاقات العامة في أي مؤسسة، ويراها المحللون أنها أفضل إستراتيجية لإدارة الأزمة، حيث تتحمل المؤسسة المسؤولية الكاملة عن كافة الأضرار الناتجة عن الأزمة، وهذا من اجل الحفاظ على صورتها المكتسبة من خلال الجهود السابقة، ورغبة منها على الحفاظ على رأس مالها المعنوي المتمثل في ثقة الجمهور بها.(55)

إستراتيجية الإقناع :

وهذه الاستراتيجية  تأتي بعد الاعتراف الصريح والعلني بأن هناك أزمة داخل المؤسسة ، وهي من الإستراتيجيات المهمة التي تعتمد عليها العلاقات العامة  في إدارة الأزمات التي تعرقل عمل المؤسسة ، فهي أساسية في كل من الدعاية والإعلان ، حيث تستخدم في اتصالات المؤسسة عندما تسعى إلى خلق قاعدة للعلاقات الإستراتيجية مع الجماهير الأساسية ، وتسعى المؤسسة عن طريق هذه الإستراتيجية إلى تغيير المقصود في معارف واتجاهات وسلوكيات جمهور معين ، لكن هذه الإستراتيجية تتطلب أهدافا واضحة ومحددة ، ومزيجاً من الرسائل المقنعة .(56)

وتظهر أهمية وحاجة إستراتيجية الإقناع لإدارة الأزمات داخل المؤسسات في الحالات التالية: (57)

  1. عندما لا يدرك الجمهور الذي يتعامل مع المؤسسة – الداخلي والخارجي- حجم الأزمة، أو أنها ليست ذات أهمية كبيرة ، أو عندما يعتقد أنه لا جدوى من حل وإدارة هذه المشكلة، عندها تستخدم إدارة العلاقات العامة إستراتيجية الإقناع لإقناع الجماهير بما تريد الإدارة .*
  2. عندما يكون التغيير كبيراً أو مثيراً للجدل ، أو محفوفاً بالمخاطر، أو لإقناع الجمهور أن حلاً معيناً واحداً للأزمة هو الأفضل.
  3. وتستخدم أيضاً عندما تكون ضغوط الوقت شديدة ، والقدرة على استعمال النفوذ ضيقة وضعيفة.
  4. عندما تسعى المؤسسة إلى خلق قاعدة للعلاقات الإستراتيجية مع جماهير المؤسسة المختلفة .

إستراتيجية الحوار :

وهي الإستراتيجية التي تستخدمها المؤسسة في المناقشات المتعلقة بممارسة العلاقات العامة ، وكذلك المناقشات الفكرية المعتمدة حول الأزمة ، استشارة الجمهور في سياسيات التي تنتهجها المؤسسة حيال ظرف من الظروف أو موقف من المواقف ، وتتطلب هذه الإستراتيجية رسائل اتصالية من أطراف الحوار ، وعادة ما توجه إلى الجمهور المدرك النشط  والواعي لما يدور حوله ، وهي إستراتيجية تجمع بين الاتصال والمضمون الاتصالي الذي يعبر عن رؤى المؤسسة وجماهيرها.(58)

إستراتيجية بناء الإجماع :

وهي التي تجمع بين الاتصال في اتجاهين والمضمون الاتصالي الذي يعبر عن سياسة المؤسسة ، وتستخدم هذه الإستراتيجية عندما تشعر المؤسسة أن علاقاتها الخارجية قد تصدعت، كذلك لتوثيق وربط علاقات بين الإدارة العليا والموظفين داخل المؤسسة ، أو عندما يكون هناك تعارض في مصالح أطراف يعتمد كل طرف منها في وجوده على الطرف الأخر،  وأبرز ما ينتج عن استخدام إدارة العلاقات العامة لهذه الإستراتيجية هو تطوير لسياسات وقرارات ولوائح المؤسسة.(59)

ثالثاً: العلاقات العامة ودورها في إدارة الأزمات :

     تعتبر إدارة الأزمات من بين أهم الوظائف الأساسية التي تقوم بها إدارة العلاقات العامة وأكثرها فاعلية، لأن الأزمات تشوه صورة المؤسسة أمام جماهيرها الداخلية والخارجية، وتؤدي إلى توتر العلاقة بينهما، حيت أن من المهام الرئيسية للعلاقات العامة هو الاحتفاظ بالمؤسسة في صورة إيجابية،  وتحقيق التوافق بين المنظمة وجماهيرها ، فإنها لابد أن تعمل على تعديل وتحسين هذه الصورة عند حدوث الأزمة إلى الصورة الايجابية مرة أخرى، وأن تعيد العلاقات الإيجابية مع الجماهير، فالأزمات تؤدي إلى حالة من عدم التوازن في الكيان الإداري الذي تحدث فيه،  والعلاقات العامة دورها إعادة التوازن للكيان والحفاظ عليه بعد ذلك .

وتأتي أهمية العلاقات العامة في إدارة الأزمات إلى عدة أوجه تتكامل فيها العلاقات العامة وإدارة الأزمة في المؤسسة، من خلال الأدوار الفاعلة التي تؤديها ، وذلك بسبب أن الأزمة غالباً ما تحدث بدون مقدمات ، وبما أن العلاقات العامة تتمتع بالمعرفة الكافية لما يدور داخل المؤسسة ، وقدرتها على جمع المعلومات،(60) إضافة إلى أنها تقوم أثناء الأزمات بتحقيق التفاهم عبر تفعيل الأدوار الاتصالية مع أطراف مهم، عن طريق إمدادها بالمعلومات اللازمة عن المنظمة في أثناء الأزمة ، ومحاولة كسب تأييدها، كما أنها تقوم بإجراء عمليات التقييم ، وهذا الإجراء مفيد للمؤسسات بعد انتهاء الأزمة من أجل تعزيز قدرة المؤسسة على التعامل مع الأزمات في المستقبل(61) .

إستراتيجيات العلاقات العامة قبل حدوث الأزمة :

تقوم إدارة العلاقات العامة في مرحلة ما قبل الأزمة بعدة عمليات، والتي تشمل على العديد من الأنشطة والمهام التي تتعلق بإعداد وتجهيز البحوث والدراسات ، وتحديد المخاطر المحتملة وكذلك التخطيط ، وفيما يلي توضيح لهذه المهام والإستراتيجيات :

  1. إعداد البحوث والدراسات: وهي تلك البحوث التي تقوم بها إدارة العلاقات العامة هادفة جمع المعلومات والحقائق ، من اجل التنبؤ أو تفادي وقوع أزمة ما ، وتعمل هذه البحوث من تقليل فرص حدوث أزمة ، إضافة إلى قدرتها على مواجهة الشائعات التي تتعرض إليها المؤسسة ، أو في تحديد الاضطرابات في العلاقة بين المنظمة وجماهيرها الداخلية والخارجية.(62) فبواسطة هذه البحوث تستطيع غدارة العلاقات العامة وقاية المؤسسة من الأزمات والحيلولة دون وقوعها ، إذ تعتبر هذه الخطوة قاعدة أساسية لاتخاذ إجراءات وقائية في منع حدوث الأزمات.
  2. تحديد المخاطر المتوقعة: وهي إدارة قضايا المخاطر التي تتنبأ إدارة العلاقات العامة باحتمالية وقوع بعض المخاطر فيها، حيت تقوم برصد الأحداث والقضايا المرتبطة بالمؤسسة وتحديد أثر البيئة الخارجية المحيطة والعوامل الخارجية والداخلية التي تؤثر في مصالح المؤسسة ، وذلك بتحليل هذه القضايا وتحديد أولويات الاهتمام بعناصرها ، واختيار البدائل القابلة للتنفيذ ، حتى تصل في النهاية إلى وقاية المنظمة من الوقوع في مثل هذه المخاطر.(63)
  3. التخطيط : وهي مجموعة من المبادئ والخطوات والأدوات التي صممت لتساعد مديري الإدارات لاسيما مدير وأعضاء إدارة العلاقات العامة عند اتخاذ القرارات المصيرية التي يتخذونها ، بحيث يكون تصرفهم تصرف مبني على رؤى إستراتيجية سليمة . ويكون التخطيط بمثابة طريقة للتفكير بما ستكون عليه الأمور في المستقبل إذا ما تم فعل كذا أو كذا. (64)

إستراتيجيات العلاقات العامة وقت الأزمة :

تستخدم العلاقات العامة العديد من الإستراتيجيات خاصة عند حدوث الأزمات، وذلك بتنفيذ خطة منظمة  لإدارة الأزمة مع إدخال بعض التعديلات عليها وفقاً لكل أزمة، ولذلك يرتبط النجاح في التعامل مع الأزمة بشكل كبير بالاستعداد الجديد لمواجهة الأزمات في مرحلة ما قبل الأزمة، فإن ما تم الاستعداد للأزمة بشكل جيد تصبح المشاكل التي تواجهها المؤسسة عند التعامل مع الأزمات أكثر سهولة وأقل تأثير.

وفي بداية حدوث الأزمة يتم التعامل معها مباشرة،  فتعقد إدارة العلاقات العامة وبشكل فوري اجتماعاً طارئاً لفريق إدارة الأزمة للقيام بدراسة مسببات الأزمة ، واختيار الإستراتيجية المناسبة التي تتماشى مع هذه الأزمة.

ويتلخص دور هذه الإستراتيجية في الاتصال بكل من الجمهور الداخلي والخارجي فيما يلي:

وهو جمهور العاملين بالمؤسسة من: مديري الأقسام والإدارات المختلفة، وممثلي اتحادات العمال ومندوبي المبيعات… والعمال.

وفي هذه المرحلة يتولى فريق معالجة الأزمة مهامه بدوره في معالجة الأزمة ، حيت يبادر إلى عقد اجتماع فوري حال وصوله خبر وقوع الأزمة بمناقشة التفاصيل واتخاذ القرارات التصحيحية والعلاجية لتصويب الأوضاع داخل المؤسسة .

كما أن فتح قنوات اتصال مع العاملين أثناء الأزمة ضروري لتهدئة حالة الاضطراب والخوف والانفعال أو الصراع بين موظفي المؤسسة ، والقضاء على الشائعات التي تعتبر النتيجة الطبيعية للأزمة ، والتي إذا تركت بدون تحكم وسيطرة فقد تؤدي إلى اشتعال الأزمة وتفاقمها مرة أخرى(66) .

لهذا يجب الاهتمام بهذه الشريحة المهمة – العاملين – عند حدوث الأزمة، حيث لهم الحق في المعرفة والاهتمام بما يدور حولهم حول الأزمة، وخاصة إذا كانوا يشعرون بأنهم جزءاً لا يتجزأ من المؤسسة .

يعد الاتصال بالجمهور الخارجي ضرورياً لنجاح جهود إدارة العلاقات العامة أوقات الأزمات، حيث أن جهود الاستجابة للأزمة لن تنجح إذا لم يتم إعلام الجمهور بها، ومن ثم لابد من فتح قنوات الاتصال مع الجماهير ووسائل الإعلام لنقل المعلومات عن الإجراءات والخطوات المتبعة التصحيحية ، والأنشطة الإدارية التي تقوم بها المؤسسة لعلاج الموقف.

وتعد الاتصالات الفاعلة من الأمور المهمة لنجاح إدارة الأزمة، فالاعتراف بالحقيقة وإعلام الجمهور بحقيقة ما حدث وكذلك إعلامهم بالإجراءات المتبعة لتدارك الأوضاع التي تقوم بها المؤسسة لمعالجة الأزمة، هو أهم دعامات نجاح إدارة الأزمة، ونجاح إدارة العلاقات العامة بصفة عامة.

ففي الأزمة يتزايد طلب الجمهور على المعلومات بشكل كبير، وسوف يحصلون عليها من عدة مصادر إذا لم تخبرهم المؤسسة بنفسها، ولن تستطيع فعل أي شيء حيال ذلك ، فصفحات الصحف سوف تملأ بالمعلومات ، وسوف يتحدث العاملون عن الأزمة مع عائلاتهم وأصدقائهم ، وسيتحدث الجمهور العام فيما بينهم ، كما يمكن أن يقوم أعداء ومنافسي المؤسسة بملأ فجوة المعلومات بمعلومات لا يحمد عقباها عن سمعة المؤسسة، والتهويل والتضخيم الذي قد يظهر في وسائل الإعلام، ولكن يمكن تخطى كل هذا بأن تقوم المؤسسة بإمداد الجمهور بالمعلومات مباشرة فتكون المؤسسة نفسها هي مصدر المعلومات، مع التنبيه إلى أنه لو أخفت المؤسسة شيئاً عن الجمهور كان يجب أن تخبرهم به ، فلن تكون لها أي مصداقية بعد ذلك عند الجمهور.(67)

كما يجب أن يكون الاتصال عملية مستمرة يتم فيها نقل الحقائق  فقط، وذلك من أجل العمل على إزالة  سوء الفهم بين المؤسسة وجماهيرها وإعادة الثقة والعلاقات القائمة بينهم.(68)

 وهناك العديد من الوسائل الاتصالية التي يمكن أن تستخدم في الاتصال أثناء الأزمات ، فمن الطرق والوسائل الشائعة الاستخدام في التعامل مع الأزمات : المؤتمرات الصحفية، البيانات الصحفية، المؤتمرات التلفزيونية، شرائط الفيديو، الزيارات الميدانية، وإقامة خطوط للاتصال الساخنة.(69)

ويمكن بناء وإعداد إستراتيجية فاعلة إزاء الأزمات التي تتعرض إليها المؤسسات المختلفة ، وذلك بتحديد العديد من المحددات، وإجراء عدة خطوات مهمة، وهذه الخطوات تتلخص في :

إستراتيجيات العلاقات العامة بعد انتهاء الأزمة :

لا يتوقف عمل العلاقات العامة بعد انتهاء الأزمة، بل يجب على إدارة العلاقات العامة الاستمرار في الحفاظ على العلاقات التي تم اكتسابها مع الجمهور وعناصر الأزمة ، وكذلك ضرورة الاستمرار في الاتصالات الوقائية التي من أهم غاياتها وقاية المؤسسة من الأخطار المحيطة بها، كما أن إدارة العلاقات الهامة ينبغي عليها الاستمرار في بناء سمعة طيبة وجيدة للمؤسسة والضرورة الحفاظ عليها .

وهنا تتخذ إدارة العلاقات العامة بالمؤسسات استراتيجيات معينة بعد الانتهاء من الأزمة، ومن أهم الخطوات والاستراتيجيات التي تتبناها العلاقات العامة هي:

أو ما يسميها البعض بمهمة المتابعة والتقييم، بمعنى أن تستمر مهام إدارة العلاقات العامة بعد الأزمة ، وهي مهمة قد تكون أصعب من معالجة الأزمة نفسها، وفي هذه المرحلة يقع على عاتق اتصالات العلاقات العامة دور التأكيد من تخفيف الأضرار التي لحفت بسمعة المؤسسة، والسعي لإعادة سمعة المؤسسة لما كانت عليه قبل الأزمة.(72)

وبعد مرور الأزمة، لا ينبغي على إدارة العلاقات العامة عان ترتاح وان تتوقف الجهود الساعية لتبات المؤسسة، وان لا تتوقف الجهود الاتصالية والإعلامية عند هذا الحد بل ينبغي أن تستمر إدارة العلاقات العامة في القيام بمجموعة من الأنشطة الاتصالية التي تساعد على تأكيد سلامة أعمال المؤسسة وتحافظ على صورتها الذهنية ، وتستخدم في ذلك جميع الطرق الكفيلة بتحقيق ذلك ، مثل تنظيم الزيارات ولقاء قادة الرأي العام ، ورجالات الإعلام والمسئولين وتغطيتها إعلامياً ، وتنظيم مهرجانات رياضية أو ثقافية، أو القيام بأيام مفتوحة ليتأكد الجماهير بشكل غير مباشر بأن الأمور رجعت لطبيعتها ، واستعادة المؤسسة لكامل قوتها وقدرتها.

وعندما تتأكد المؤسسة بان الأمور رجعت على ما هي عليه قبل الأزمة، فإن ذلك لا يعني أن مهمة العلاقات العامة قد انتهت ” فالعلاقات العامة الفعالة هي تلك الإدارة التي تستفيد مما حدث فتتخذ إجراءات لمنع تكرار حدوثه ، وعليها أن تقرر ما إذا كانت ستستمر الحادثة أو المشكلة لمصلحة المؤسسة في الخطط القادمة .(73)

وإذا كانت الأزمة بكل توابعها ونتائجها تكشف عن قصور هنا وهناك، وثغرات تحتاج إلى علاج فإن دور العلاقات العامة يمتد إلى ما بعد الأزمة، بحيث تبحث عن كيفية تفادي هذا القصور في المستقبل وعلاج الأخطاء التي وقعت في الماضي والاستفادة  من تجارب الآخرين لمواجهة احتمالات الأزمة مستقبلا بأقل الخسائر الممكنة. (74) لهذا فالأزمة تعتبر منشط لكافة الإدارات لتفادي كل الأخطاء التي أدت إلى حدوث الأزمة، وذلك باعتبار أنها إحدى الركائز الأساسية في التنبؤ والاستشعار ببوادر الأزمات ويجب الاستفادة منها، عندها يكتسب العاملون في إدارة العلاقات العامة داخل المؤسسات خبرة في إدارة الأزمات، وذلك بالطرق السليمة والسريعة والعلمية وغير المكلفة أيضاً .

في النهاية توصلت هذه الدراسة إلى العديد من النتائج ، أبرزها :

  1. أن العلاقات العامة علم وفن معاً، وأنها مهمة إدارية وإعلامية تجتمع فيها كل الوظائف التي يجب أن تتحلى هذه المهمة.
  2. أن وظائف العلاقات العامة لا يمكن أن تنحصر في نقاط أو مهام معينة ، بل تكاد تصل إلى نفس مهام ووظائف الإدارة العليا للمؤسسات.
  3. أن الأزمات بصفة عامة تتسم بالفجائية والسرعة والمباغتة، ولا يمكن للمؤسسة تداركها وإدارتها إلا من خلال رؤية واضحة وإستراتيجية سليمة.
  4. أن العلاقات العامة لا تقصر على العملية التصحيحية والإعلامية للأزمات، وإنما يصل إلى الوظيفة الوقائية، بحيث تمنع وقوعها مرة أخرى.
  5. أن أكبر مهام العلاقات العامة أثناء إدارة الأزمات هي الوظيفة الاتصالية والإعلامية سواء للجمهور الداخلي والجمهور الخارجي.
  6. أن إدارة العلاقات العامة لا ينتهي عملها عند انتهاء الأزمة، بل يستمر عملها إلى ما بعد ذلك، بغية تفادي وقوع أزمات أخرى .

بعد هذه الإضاءة العلمية حول إستراتيجيات العلاقات العامة في إدارة الأزمات التي تحدث داخل المؤسسات، يقدم الباحث مجموعة من التوصيات ، لعلها تساعد المؤسسات المختلفة في حل وإدارة الأزمات التي قد تحدث لها.

  1. أن تكون لكل المؤسسات العامة والخاصة إدارة مستقلة للعلاقات العامة بكافة أقسامها وشعبها، أو تخصيص قسم خاص تابع لإدارة العلاقات العامة بمسمى ( قسم إدارة الأزمات ).
  2. أن تسخر لإدارة العلاقات العامة كافة الإمكانات والوسائل المادية والإعلامية حتى يتسنى تحقيق أهدافها التي تسعى إلى تحقيقها.
  3. الاهتمام بوسائل الإعلام والاتصال داخل إدارة العلاقات العامة سواء كانت وسائل اتصال موجهة للجمهور الداخلي أم تلك المعنية بتوصيل رسائل للجمهور الخارجي .
  4. أن تبتعد العلاقات العامة عن إستراتيجية حجب وكتم المعلومات أثناء الأزمات التي تتعرض لها المؤسسات، وذلك تفادياً لزعزعة ثقة الجمهور بالمؤسسة من جهة ، ومنع انتشار الإشاعات حول المؤسسة.
  5. الاهتمام بالتخطيط وإجراء البحوث والدراسات من فترة إلى أخرى، لمعرفة المشاكل والعوامل التي قد تتجمع لتكوين أزمة تعرقل المؤسسة وتربكها.
  6. أن تقوم المؤسسات وإدارة العلاقات العامة فيها بتوفير خبراء الأزمة من أجل تدريب ممارسي العلاقات العامة بإدارة العلاقات العامة .
  7. المراجعة الموضوعية للأزمات السابقة والتعلم من الأخطاء التي سببت الأزمات المشابهة أين ما تحدث، من أجل الإعداد السليم لخطط مناسبة لأي أزمات مستقبلية، وتفادي الأضرار الكبيرة التي قد تنتجها.

 

هوامش الورقة

(*) نظراً لتعدد وتنوع الإستراتيجيات التي تتبناها إدارات العلاقات العامة في الأوقات العادية و أوقات الأزمات فقد تبنى الباحث هذه الإستراتيجيات تحديداً في هذه الورقة البحثية.

(*)- قدمت هذه الورقة البحثية في الندوة الدولية “رؤى متقاطعة لواقع وتطبيقات ريادة الأعمال: المنعقدة يومي 2- 3 نوفمبر 2018م بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بجامعة ابن زهر أكادير- المملكة المغربية.

 

Exit mobile version