Site icon مجلة المنارة

إكراه الأجير على تقديم استقالته -دراسة في ضوء العمل القضائي-

إكراه الأجير على تقديم استقالته

-دراسة في ضوء العمل القضائي-

 

مليكة العراسي

أستاذة زائرة بكلية الحقوق سلا

 

تعد الاستقالة أحد أسباب إنهاء عقد الشغل غير المحدد المدة، وهي كحق ثابت للأجير[1] قد يلجأ إليها هذا الأخير لأسباب متعددة، فقد يكون ذلك بسبب ظروف العمل أو ظروف شخصية، كما قد يكون بسبب عثوره على عمل آخر يضمن له امتيازات أفضل. وعليه، فالأساس الذي تقوم عليه الاستقالة هو أنها تأتي بمبادرة من الأجير وبرغبة منه في إنهاء عقد الشغل الذي يربطه بمشغله بمحض إرادته[2]، أي أنه لإعمال الاستقالة كإجراء منهي للعلاقة الشغلية يجب أن تصدر عن إرادة حرة سليمة[3] لا يشوبها أي عيب من عيوب الرضا، وهو ما لا يتحقق دائما، فالمشغل الراغب في إنهاء عقد الأجير قد لا يجد من سبيل للتملص من الإجراءات القانونية المفروضة عليه بهذا الشأن سوى اللجوء إلى ممارسة ضغوطات  مادية ومعنوية على الأجير من أجل إجباره على تقديم استقالته، حيث يبدو في ظاهر الأمر أن الأجير هو المنهي للعقد باعتباره هو الذي بادر بوضع حد للعلاقة الشغلية لكن في حقيقته يكون المشغل هو المنهي له، وبالتالي فليس كل إنهاء لعقد الشغل من قبل الأجير يكيف على أنه استقالة من جانبه، بل قد تكون نتاج إكراه تعرض له من مشغله. فما هي إذن شروط تحقق هذا الإكراه المفسد لرضاء الأجير في تقديم استقالته؟ وكيف يمكن له إثباته؟.

للإجابة على هذا التساؤل نعتمد التصميم التالي:

المطلب الأول: الاستقالة وشروط قيام الإكراه.

المطلب الثاني: الاستقالة بين صور الإكراه وطرق الإثبات.

المطلب الأول: الاستقالة وشروط قيام الإكراه

يعتبر الإكراه[4] ضغط يؤثر على إرادة الأجير فيدفعه إلى تقديم استقالته،  فهو يعيب إرادة الأجير ويجعل رضائه غير سليم، حيث يفقده الحرية والاختيار، فالأجير المستقيل لا تكون لديه الرغبة في إنهاء عقد الشغل لكنه تحت الرهبة التي يولدها الإكراه يضطر إلى فعل ذلك[5]، وبالتالي يتضح أن الأجير لا يكون مكرها على تقديم استقالته إلا إذا توفرت شروط يمكن إجمالها فيما يلي:

الفقرة الأولى: وقوع ضغط على الأجير أحدث في نفسه رهبة دون حق

لكي تعتبر استقالة الأجير صادرة عن إرادة معيبة نتيجة الإكراه ينبغي أن يقوم المشغل باستعمال وسائل ضغط تحدث الرهبة في نفس الأجير، سواء كانت هذه الوسائل قد وقعت على الحس أو النفس وهو ما يعرف بالإكراه المادي، أو كانت عبارة عن تهديد بإلحاق الأذى لكن دون إيقاعه بالفعل، أو إحداث ألم نفسي وهو ما يعرف بالإكراه المعنوي[6].

كما يجب أن تكون الرهبة قد بُعثت في نفس الأجير دون وجه حق، أي من غير أن يسمح القانون بذلك، وهي تكون كذلك إذا كان الغرض من وراء الإكراه غير مشروع بغض النظر عما إذا كانت وسائل الإكراه مشروعة أو غير مشروعة، أي أن العبرة بالغاية أو الغرض لا بالوسيلة، فالمشغل الذي يهدد الأجير بمتابعته جنائيا إذا لم يوقع على استقالته يرتكب إكراها غير مشروع ولو أن الوسيلة إليه مشروعة- الإبلاغ عن الجريمة-[7]، فمادامت الغاية غير مشروعة ما استطاعت الوسائل المشروعة منع الأجير من الاحتجاج من كونه كان مرغما على الاستقالة، فالرهبة وإن تولدت من وسيلة مشروعة إلا أن الغرض المقصود منها غير مشروع، ومن تم تكون الإرادة فاسدة حتى ولو كانت الوسيلة مشروعة، وهو ما يتضح من قرار لمحكمة النقض جاء فيه: “لكن حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه وبما لها من سلطة لتقدير وتقييم الحجج المعروضة عليها استخلصت أن الأجير المطلوب في النقض لم يغادر العمل من تلقاء نفسه وبمحض اختياره كما تنص على ذلك المادة 63 من مدونة الشغل وإنما بسبب اتهامه بارتكاب السرقة داخل الشركة وخوفا من عرض الأمر على الشرطة من قبل الطاعنة المشغلة وعلى هذا الأساس استخلصت المحكمة انعدام التلقائية أو الرغبة في مغادرة العمل من قبل الأجير المطلوب في النقض وإنما أرغم عليها”[8].

والإكراه المفسد لرضا الأجير يستوي أن يكون صادرا من المشغل أو من الغير وهو ما نص عليه الفصل 49 من ظ.ل.ع[9] وأكدته محكمة النقض في قرار لها جاء فيه: “ومن جهة رابعة فقد ثبت لمحكمة الموضوع بشهادة الشاهد عمر بنسالم أن المطلوب قد تعرض لضغط وإكراه لتقديم استقالته، حيث أكد أن ابن مدير الشركة عرقل سير عمله وأزاح جميع العمال الذين كان يشرف عليهم المطلوب حتى بقي وحده في المصلحة، كما حرمه من سيارة الخدمة ومن توقيع التذاكر المجانية للزبناء وهو ما أكده الشاهد عبد الله أوزير، كما أن ابن مدير الشركة قام بتوقيف عملية تصفية الحسابات مداخيل الشركة، وكل هذه المعطيات أكدت أن الاستقالة تمت تحت الضغط والإكراه، وهي بالتالي خالية من عنصر الرضا…”[10].

الفقرة الثانية: أن تكون الرهبة التي تولدت في نفس الأجير هي التي حملته على تقديم استقالته

 

يجب أن تكون الرهبة التي تولدها وسيلة الضغط المستعملة من قبل المشغل أو غيره هي الدافعة بالأجير إلى تقديم الاستقالة، إذ أن الإكراه لا يؤثر في إرادة الأجير إلا على أساس أنه يفسد الرضا، ويكون كذلك إذا حمله على تقديم استقالته[11]، لأن الذي يعيب الإرادة ليس وسائل الضغط المجردة وإنما العبرة بما تحدثه تلك الوسائل من آثار سلبية على نفسية الأجير[12] تكون نتيجتها حصول الرهبة في داخله، والمقصود بهذه الأخيرة الخوف والإضطرار الذي يؤثر في رضا الأجير ويحمله على تقديم استقالة غير معبرة عن الواقع بصدق، بحيث يكون الظاهر منها غير المستتر[13]. وقد جاء في قرار لمحكمة النقض: “لكن حيث إن محكمة الاستئناف لما أوردت ضمن تعليلات قرارها المطعون…بأن: …إرغام الشركة الأجير على الخيار بين قبول الوضع القائم والمتمثل في عدم التصريح بالأجر الحقيقي للأجير لدى الضمان الاجتماعي وعدم شمول هذا التصريح المدة الحقيقية للعمل منذ بداية العلاقة الشغلية سنة 2002 أو أن يغادر العمل يعد في حد ذاته طردا تعسفيا مقنعا من العمل…، وهو ما أقرت به الطاعنة في عريضة النقض بقولها بأنها وضعت الأجير أمام هذا الخيار لأنه حق استعملته المشغلة تمشيا مع ظروفها المادية، فإن المحكمة تكون والحالة هذه قد عللت قرارها تعليلا سليما بعد أن تأكد لها أن مغادرة الأجير لم تكن تلقائية وإنما اضطرارية”[14].

ويبقى لقاضي الموضوع السلطة التقديرية في تحديد مدى تأثير الإكراه في نفس الأجير، وبالتالي ما إذا كان دافعا لإنهاء عقد الشغل أم غير دافع له. وفي هذا الصدد جاء في أحد قرارات محكمة الاستئناف بأكادير: “حيث ناقشت المحكمة تضمينات المقال الاستئنافي واطلعت على وثائق الملف فلاحظت أن استقالة المدعي من عمله والمؤرخة في 24/10/1990 كانت بالفعل تحت الضغط ذلك أن المشغلة علقت صرف أجرته عن الأشهر يونيو إلى نهاية شتنبر بتقديم الاستقالة.

وحيث إن تلك الاستقالة تفتقر إلى التعبير بإرادته الحرة عن اعتزال العمل مما يتعين معه اعتبارها والطرد التعسفي على حد سواء ما دام المدعي مدفوعا إليها بإجراءات تعسفية تتمثل في منع الأجرة عليه قبل تقديم تلك الاستقالة…”[15].

ولاستخلاص ما إذا كانت مبادرة الأجير بإنهاء عقد الشغل ناجمة عن إرادته الحرة أم أن الأمر يتعلق بفصل مقنع -أي فصل نتيجة الإكراه على الاستقالة-، يعتمد القاضي على القرائن المرجحة لتصريحات أحد الطرفين، فهو ملزم بإبراز الأساس المعتمد للوصول إلى هذه النتيجة، فقد جاء في قرار لمحكمة النقض: “وحيث ثبت صدق ما عابته الوسيلتان على القرار ذلك أن المطلوب في النقض قد استقال من عمله بمقتضى الوثيقة الصادرة عنه التي أدلت بها الطاعنة غير أن القرار قد ردها بكونها تمت تحت الضغط والإكراه دون أن يبرز الأساس الذي اعتمده للوصول إلى هذه النتيجة”[16].

وبالإضافة إلى ذلك يتعين على القاضي أن يبرز نوع الضغوط غير المشروعة المؤثرة في إرادة الأجير وقت تقديمه للاستقالة، وهو ما أكدته محكمة النقض بقولها: “…لما كان الإكراه يقتضي وقائع من شأنها أن تحدث ألما جسمانيا، أو اضطرابا نفسيا، أو خوفا من التعرض لخطر كبير، وأن تكون السبب الدافع لتقديم الاستقالة، فإن محكمة الاستئناف عندما قضت بأن المستأنف عليه تعرض لإكراه معنوي حمله على مغادرة الشركة المستأنفة خوفا من تعرضه لمكروه عند استمراره في العمل لديها، دون أن تبرز نوع الضغوط غير المشروعة المؤثرة في إرادة الأجير وقت تقديمه للاستقالة، يكون قرارها قد رد الدفع بتقديم الأجير (المطلوب في النقض) لاستقالته من العمل، بتعليل ناقص ينزل منزلة انعدامه، مما يعرضه للنقض…”[17].

كما ذهبت محكمة النقض في قرار آخر لها: “تكون المحكمة قد استعملت سلطتها التقديرية في تقدير الوقائع، حين عللت قرارها بكون تقديم الأجير للاستقالة جاء بعد إيقاف المشغلة لأجرته دون مبرر لمدة ثلاثة أشهر، واستنتجت عن صواب أن صبغة الأجر المعاشية ومورده الوحيد من شأنها أن تسبب له ضررا يدفعه إلى الإقدام على تقديم الاستقالة، وأن قبول استقالته المقدمة بناء على إكراه يعيبها يجعل إنهاء العقد بالشكل الذي تم فيه غير مشروع ويؤدي إلى القول بأن الأجير تعرض لطرد تعسفي من طرف المشغلة، مما يكون معه القرار معللا بما يكفي وجاء مرتكزا على أساس سليم”[18].

المطلب الثاني: الاستقالة بين صور الإكراه وطرق الإثبات

هناك حالات مختلفة للاستقالة لا تكون مبنية على رغبة الأجير في مغادرة العمل، وإنما على أساس اضطراري، إذ الإرادة في هذه الحالة تكون معيبة بعيب الإكراه، وهذا الأخير يتخذ صورا متعددة، كتغيير العمل المسند إلى الأجير ومكانه أو المساس بحقوقه الشخصية أو الامتناع عن دفع أجره أو جزء منه لعدة أشهر أو تعرضه للسب والعنف المتواصلين، أو تقليص ساعات عمله دون مبرر أو غير ذلك من الأعمال التي قد يدعي الأجير أنها هي التي اضطرته وأكرهته على تقديم الاستقالة، وعلى الأجير هنا إثبات العناصر والجوانب التي تشكل هذا الإكراه، إذ بناء على الحجج التي يدلي بها يقرر القاضي ما إذا كانت الاستقالة قد منحت بحرية تامة أو ما إذا كان قد أكره على ذلك، وهو ما سنسعى في هذا المطلب إلى إيضاحه.

الفقرة الأولى: صور الإكراه على الاستقالة

يتخذ الإكراه الذي يتعرض له الأجير صورا مختلفة من أهمها:

أولا: التقليص من ساعات العمل

يكون المشغل ملزما بتوفير ساعات الشغل المحددة قانونا، ولا يمكنه بأي حال من الأحوال تخفيضها إلا وفقا لشروط معينة حددتها المادتين 185 و186 من م.ش[19] نظرا لما لهذا التخفيض من أثر على الأجر، وبالتالي فإن الإنهاء من جانب الأجير لعقد الشغل والذي ينتج جراء خرق المشغل لتلك الشروط لا يمكن أن يكيف على كونه استقالة حتى ولو أقدم الأجير فعلا على تقديمها لأنها صدرت كرد فعل على تصرف المشغل، مما يقتضي في مثل هذه الحالات البحث عن الإرادة الحقيقية للأجير، هل بالفعل إرادته كانت سليمة أم شابها إكراه؟.

إن المبرر الذي يعتده المشغل في كون الأزمة المؤقتة جعلت الأجير في حكم المستقيل لرفضه الاشتغال لمدة ساعة أو ساعتين في اليوم مبررا لا يستند إلى الشرعية، لأن رفضه في هذه الحالة لا يتعلق برفض العمل كأحد الأفعال التي توصف بخطأ جسيم، ولكن يرفض الأجير الأجر المقابل للساعة أو الساعتين من العمل، بمعنى أن رفضه للتخفيض رفض لضياع وسيلة عيشه، وكل تقديم للاستقالة في هذه الظروف لا يمكن أن يعتبر إلا فصلا مقنعا، فعدم احترام المشغل لالتزاماته هو الدافع الأساسي لمغادرة الأجير عمله، وهو ما تبناه قرار لمحكمة الاستئناف بالبيضاء الذي جاء فيه:” …وحيث إن الخفض إلى أجل غير محدود هو إخلال خطير ومساس بعنصر الأجر الذي يعتبر من أركان عقد الشغل (الأمر يتعلق بعناصر عقد الشغل وليس بأركانه كما عبر القرار عن ذلك خطأ) وتصرف المشغلة على هذا النحو يعد تعسفا في استعمال الحق أضر بالأجير ضررا فادحا والمتجلي في حرمانه من جزء مهم من أجرته التي هي مصدر عيشه هو وأسرته وطردا مقنعا…”[20].

كما أقرت محكمة النقض في قرار لها: ” أن تخفيض ساعات العمل إلى أربع أو ست ساعات في الأسبوع يعتبر فصلا تعسفيا مقنعا إذ لا يمكن للأجير أن يتعيش من أجر ساعة في اليوم، مما يعتبر معه هذا التخفيض من الأجر إخلالا بأهم عنصر في عقد العمل وهو الأجر، ويعتبر في حقيقته طردا من العمل”[21].

وهكذا، يتبين أن القضاء يكيف الاستقالة بأنها فصل مقنع كلما تبين له أن لجوء المشغل إلى تقنية تقليص ساعات العمل كان بهدف الضغط على الأجراء لمغادرة عملهم والتهرب من أداء التعويضات التي يقرها القانون لهذه الفئة في حالة فصلهم، لأن مثل هذه الاستقالة لا تكون برضا واقتناع الأجير.

ثانيا: تغيير العمل المسند إلى الأجير ومكانه

يعتبر العمل المسند إلى الأجير من العناصر الجوهرية في عقد الشغل، إذ يشكل الالتزام الرئيسي الذي يقع على عاتقه، ومع ذلك فإن مصلحة المقاولة قد تقتضي أن يقوم المشغل بإجراء تعديلات معينة في العمل أو الاختصاص المسند إلى الأجير، وهذه التعديلات إما أن تتعلق بنوع العمل أو بحجمه سواء كان ذلك بالزيادة أو النقصان.

وإذا كان المشغل يملك التعديل في عقد الشغل فينبغي ألا يكون  الهدف منه هو الإساءة إلى الأجير وإنما تحقيق صالح العمل في المقاولة، وإلا كان حقه في التعديل مشوبا بعدم المشروعية والتعسف، وبالتالي اعتبار الإنهاء الصادر من الأجير، ترتيبا على ذلك، إنهاء مدفوعا من قبل المشغل بما أحدثه من تعديل غير مشروع[22]، ومن ثم فإن المسؤولية عن الإنهاء تقع على عاتق المشغل حتى ولو صدرت المبادرة في هذا الشأن من الأجير[23]، فالإنهاء من جانبه لا يأخذ حكم الاستقالة وإنما يأخذ حكم الإنهاء التعسفي، لأن ترك الأجير عمله بعد التعديل الانفرادي لعقد الشغل لا يعد استقالة، وإنما هو فصل تعسفي مقنع، فالاستقالة يجب أن تكون نابعة من اختيار حر، وهو ما لا يتحقق في هذا الفرض[24].

وهكذا، فإن تشغيل الأجير في عمل يختلف في نوعه أو في ظروف أدائه أو درجته عن العمل المتفق عليه بمقتضى عقد الشغل يخول للأجير رفض هذا العمل، وكل مغادرة أو استقالة له من العمل بسبب ذلك يجعله في حكم المفصول فصلا تعسفيا. وفي هذا السياق ذهبت محكمة النقض في قرار لها: “لكن حيث إن الثابت لقضاة الموضوع اشتغال المطلوب مراقبا لإحدى آلات الطاعنة وهو ما لم تنازع فيه هذه الأخيرة التي وإن ادعت أنه كان يشتغل بداية حمالا فإنها لم تثبت ذلك لعدم الإدلاء بأي دليل كتابي ولم تقدم أي شاهد لتأكيد ما زعمت حسب الثابت من البحث المنجز ابتدائيا الذي لم يتم الاستماع خلاله لأي شاهد خلافا لما جاء بالوسيلة الأولى، وادعاؤها كونه قبل العمل الجديد لمدة شهرين قبل أن يمتنع عن إنجازه ظل بدوره دون إثبات، فيكون إجباره على إفراغ حمولة الشاحنة، إضافة إلى أنه عمل إضافي لعمله الأصلي، فهو بمثابة تغيير في طبيعة عمله يستوجب موافقته في غياب شرط صريح بعقد عمله يلزمه بذلك لما قد يلحقه جراءه من مضرة بسبب ثقل الأكياس البالغة حمولة الواحد منها خمسين كيلو غراما وهو ما تم حظره بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 289 من مدونة الشغل ….، لذا فإن رفضه القيام بالعمل الإضافي لا يعد مغادرة تلقائية للعمل بل هي مغادرة اضطرارية، ولا ضير عليه إن هو لم يستجب للإنذار بالرجوع ويكون في وضع المفصول من عمله وهو ما طبقه القرار الذي كان معللا تعليلا سليما وكافيا والوسيلتان على غير أساس”[25].

كما جاء في قرار آخر لمحكمة النقض أنه: “إذا كان من صلاحيات المشغل تدبير شؤون مقاولته بما يضمن حسن سير العمل بداخلها فإن ذلك رهين بعدم الإضرار بالأجراء، فتغيير عمل أحد الأجراء دون الاحتفاظ له بالأجرة التي يتقاضاها والمزايا التي كان يستفيد منها ورفض الأجير ذلك يعتبر فصلا مقنعا لهذا الأخير من عمله، لما ينطوي عليه ذلك من مساس بالأجر والذي يعتبر أهم عنصر في عقد الشغل لما له من دور معيشي وما يستتبع ذلك من تعديل في هذا العقد بإرادة المشغل المنفردة، ولا يكون الأجير الذي يرفض تغيير العمل مرتكبا لخطأ جسيم ويستحق التعويضات المترتبة عن إنهاء عقد الشغل للسبب المذكور”[26].

أما القرار رقم 257 الصادر بتاريخ 14/01/2013 فقد أكد أن: “إجبار الأجير على القيام بعمل إضافي لعمله الأصلي، يعتبر بمثابة تغيير في طبيعة عمله يستوجب موافقته، وفي غياب شرط صريح بعقد عمله يلزمه بذلك نظرا لما قد يعرض صحته أو سلامته للخطر، فإن رفضه القيام بالعمل الإضافي لا يعد مغادرة تلقائية للعمل بل هي مغادرة اضطرارية”[27].

وإلى جانب التعديل الذي قد يحدثه المشغل في طبيعة العمل أو نوعه فقد يلجأ هذا الأخير أيضا إلى تغيير مكان عمل الأجير، وقد يرى هذا الأخير أن هذا التغيير يشكل تعديلا جوهريا في عقده ليس الهدف منه مصلحة المقاولة وإنما هدفه الضغط عليه من أجل تقديم استقالته وذلك حتى يتحلل المشغل من كل تعويض قد يترتب له في ذمة الأجير[28]. وبهذا الشأن ذهبت محكمة النقض إلى أن: “…خلافا لما جاء في الوسيلة الثانية فإن الطاعن لما قام بإشعار الأجير بالالتحاق بالمقر الرئيسي لها بأكادير وفي حالة عدم الامتثال لهذا الإشعار فإنه سيعتبر في حكم المستقيل، فإن ذلك يشكل طردا تعسفيا مقنعا خاصة أن نقل الأجير من مقر عمله بتارودانت إلى مدينة أكادير يشكل تغييرا في بنود العقد الجوهرية ألا وهو محل العقد بشكل انفرادي من طرف المشغل دون موافقة الأجير على ذلك”[29].

كما جاء في قرار آخر: “حيث تبث صدق ما نعته الوسيلتان على القرار ذلك أن ما عللت به المحكمة من أن المشغلة لها الصلاحية التامة وتحت إعمال سلطتها التنظيمية والإدارية التي تخول لها الحق في تشغيل أجرائها حسب ما تتطلبه ظروف العمل حيث تم نقل الأجيرة من برشيد إلى الدار البيضاء مع توفير وسائل النقل التي وضعتها تحت إشارة الأجيرة وأن امتناعها عن العمل هو امتناع غير مبرر فهو تعليل غير مرتكز على أساس ويعتبر نقلها تغييرا جوهريا في بنود العقد الذي هو مكان العمل دون موافقتها أو يكون عقد العمل يسمح بذلك، وإقراره بتوفير وسائل النقل وأن الانتقال كان على جميع الأجيرات لا يشكل قرينة على موافقة مسبقة لكل قرار نقل اتخذته المشغلة فكان ما قضت به المحكمة من اعتبارها في حكم المستقيلة غير مرتكز على أساس ويتعين نقضه”[30].

ثالثا: المساس بحقوق الأجير الشخصية

يقصد بحقوق الشخصية الحقوق الوثيقة الصلة بشخصية كل إنسان، وتعبر عما له من سلطات مختلفة ترد على مقومات شخصيته، فتضمن له الانتفاع بنفسه وحمايتها من الاعتداء عليها[31]. ومن ضمن حقوق الأجراء الشخصية حقهم في اختيار مظهرهم، فكل أجير له الحق في اختيار مظهره، وكل قيد يرد بشأنه يعد باطلا طبقا لمقتضيات الفصل 109من ظ.ل.ع الذي يتم تفسيره استنادا إلى مفهوم النظام العام الاجتماعي، وهو ما يفيد أن أي شرط أو إجراء يفرضه المشغل على أجرائه بما يتعارض وحريتهم في اختيار مظهرهم الخارجي يجعل كل مغادرة للأجير لعمله بسبب ذلك إكراها له على تقديم استقالته، ومن تم يكون له الحق في الحصول على التعويضات المقررة عن الفصل التعسفي، ما لم يتعارض ذلك بالطبع مع مصلحة المقاولة. وهذا ما يتضح من قرار لمحكمة النقض أكدت فيه أن ارتداء الأجيرة للحجاب إلى جانب القبعة التي يفرض نظام العمل بالشركة ارتداؤها أثناء العمل لا يشكل إخلالا بنظام العمل ولا تأثير له على طبيعة العمل، وعليه فإن مطالبة المشغل لها بإزالة الحجاب يشكل مساسا بحق شخصي لها، مادام ذلك لم يحل دون قيامها بعملها على الوجه المطلوب، أو أنه يعرقله بأي شكل من الأشكال، ولأجل ذلك تعتبر مغادرتها لعملها بمثابة فصل مقنع تستحق معه التعويضات التي تخولها لها مدونة الشغل[32]. وقد ورد في هذا القرار ما يلي: “لئن كان نظام العمل داخل الشركة الطالبة يفرض على العاملين وضع قبعة واقية على الرأس، فإن استعمال “سترة الرأس” التي التزمت بها المطلوبة كطريقة خاصة في لباسها، إلى جانب القبعة المذكورة، قيامها بذلك لا يشكل إخلالا بنظام العمل، ولا يؤثر على طبيعة عملها ومن تم فإن مطالبة إدارة الشركة للمطلوبة “إزالة الحجاب الموضوع على رأسها” وكما جاء في مقال النقض يشكل مساسا بحق شخصي لها، في ظل خلو الملف مما يثبت أن ذلك يحول دون قيامها بعملها على الوجه المطلوب، أو أنه يعرقله بأي شكل من الأشكال.

ومن جهة ثانية، فإنه أمام تمسك المطلوبة بحقها الشخصي في طريقة معينة في لباسها، فإن مغادرتها لعملها إن تمت من قبلها أمام إصرار المسؤول عن الشركة الطالبة على التخلي عنها تعتبر طردا مقنعا من عملها تستحق معه التعويضات التي يخولها لها قانون الشغل، وهو ما انتهى إليه القرار المطعون فيه وعن صواب، وهذا التعليل المستمد من الوقائع الثابتة بالملف يحل محل التعليل المنتقد، ويبقى ما بالوسيلة لا سند له”[33].

رابعا: أخطاء المشغل الجسيمة

تعرضت المادة 40 من م.ش لبعض الأخطاء الجسيمة التي تصدر عن المشغل والتي تعتبر مغادرة الأجير بسببها بمثابة فصل تعسفي. وبالرغم من استعمال المشرع لعبارة “مغادرة الأجير لشغله” فإن هذه المغادرة قد تكون عن طريق تقديم استقالته المكتوبة أو دون تقديمه إياها، إذ العبرة بالسبب الدافع إلى هذه المغادرة أو الاستقالة، فالاستقالة تحت الضغط والإكراه تشكل فصلا مقنعا. ومن أبرز الأمثلة على الأفعال التي يؤاخذ بها الأجير المشغل والتي تبرر الإكراه على الاستقالة التحرش الجنسي، فهذا الأخير يحدث لدى الأجيرة[34] اضطرابا نفسيا وألما معنويا يجعلها تحت رهبة أن يلحقها أذى في شرفها وكرامتها مما يحملها على تقديم استقالتها. وهذا ما أكده القضاء في العديد من المناسبات نذكر منها القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الذي جاء فيه: “لمس المؤاجر يد الأجيرة وقول كلام الغزل في حقها ووضع صور الخلاعة أمامها يشكل تحرشا جنسيا ويجعل مغادرة الأجيرة للعمل نتيجة ذلك طردا تعسفيا لأن المؤاجر هو المرتكب للخطأ الجسيم بمفهوم القانون الوطني والدولي… ويعد التحرش الجنسي من ألوان إهانة المرأة وإذلالها وهو صورة من صور الظلم لإنسانيتها طبقا للشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية المصادق عليها”[35].

كذلك يعد السب والشتم من الأخطاء التي قد ترتكب من قبل المشغل وقد تجبر الأجير على ترك عمله، وفي هذا الشأن ذهبت محكمة النقض إلى أنه: “من الثابت من الحكم الجنحي تحت عدد…القاضي بإدانة الطالب من أجل جنحة الضرب والجرح والسب والشتم المؤيد استئنافيا، والذي كان ضحية له المطلوب، حيث تعرض للاعتداء والسب والشتم أثناء قيامه بعمله كأجير لدى الطالب، وغادره نتيجة لذلك، مما يشكل خطأ جسيما من قبل المشغل في حق الأجير، وتعتبر المغادرة بسبب ذلك طردا تعسفيا، وهو ما ينسجم مع مقتضيات المادة 40 من مدونة الشغل…خاصة وأن المغادرة لم تكن تلقائية في هذه النازلة، وإنما كانت بسبب النزاع الذي حصل بين الطرفين، وما ترتب عليه من اعتداء وسب”[36].

وإذا كانت الأخطاء الجسيمة المذكورة في المادة 40 من م.ش هي واردة على سبيل المثال، فإن هناك أخطاء أخرى يمكن اعتبارها مدعاة للدفع بالأجير إلى الاستقالة، ويبقى هنا للقضاء، في ظل سلطته التقديرية، البت فيما إذا كانت الأخطاء المرتكبة من قبل المشغل هي أخطاء خفيفة أم جسيمة، إذ أن هذه الأخيرة وحدها التي يمكن أن تبرر آثار الدفع إلى الاستقالة، أي التي تجعل من المستحيل بقاء العقد قائما[37]. وهذه الحالات ينبغي أخذها بالكثير من الدقة، لأننا سنكون أمام استقالة ستتخذ لباس الفصل أو العكس[38].

ومن بين حالات الإنهاء التي قد يثار اللبس بشأن ماهيته هل هو يندرج في إطار الفصل أم في إطار الاستقالة، الإنهاء الذي يتم من قبل الأجير جراء تعرضه لمضايقات معنوية أو ما يعرف بالتحرش المعنوي[39]. إن التحرش المعنوي يعد من أخطر الوسائل الماسة بالكرامة الإنسانية، وقد يلجأ إليه المشغل من أجل إجبار الأجير على تقديم استقالته، ومثال ذلك قيام المشغل بوضع أجير بغرفة ضيقة تفتقر للتهوية الملائمة وعزله عن باقي الأجراء محاولا ترك الانطباع لدى العاملين معه على أنه يعاني من اضطراب نفسي مما أثر على مستقبله المهني[40]، وقيام المشغل بتوجيه انتقادات جارحة للأجير أمام زملائه بالعمل[41]، وكذا إجبار الأجير على المثول كل صباح أمام رئيسه المباشر والقيام بمهام تختلف عن المهام التي يقوم بها والمتفق عليها في عقد الشغل[42].

وهكذا، إذا ثبت أن الأجير قد استقال من عمله بسبب تعرضه لمضايقات معنوية، فإن هذا الأخير يكون قد أنهى عقده تحت تأثير الإكراه، وبالتالي فإن رغبته في الاستقالة لا تجسدها إرادة واضحة ولا لبس فيها. وإذا كنا لم نعثر بين أحكام القضاء المغربي في المادة الاجتماعية، على حسب ما قدر لنا الاطلاع عليه، ما يشير إلى كون التحرش المعنوي من شأنه إكراه الأجير على تقديم استقالته، فإن لنا في القضاء الفرنسي خير ما نستشهد به في هذا الشأن فقد سبق لمحكمة النقض الفرنسية أن أكدت ذلك في أحد قراراتها، وذلك عندما اعتبرت أن الأجيرة التي بعثت برسالة إلى المشغل، بعد سبعة أيام من تقديمها للاستقالة، تشير فيها إلى أن استقالتها كانت بسبب المضايقات الأخلاقية التي تعرضت لها كانت مغادرتها للعمل لا تجسدها إرادة واضحة ولا لبس فيها، فالاستقالة تستوجب إبراز الأجيرة لإرادتها دون لبس في مغادرة المقاولة نهائيا، ومن تم كيفت المحكمة هذا الإنهاء بأنه فصل دون سبب حقيقي وجدي[43].

كما ذهبت محكمة النقض الفرنسية في قرار آخر إلى أن استقالة الأجيرة من عملها كانت بالفعل تحت الضغط، فهي قد أجبرت على إنهاء عقد الشغل بسبب أعمال التحرش المعنوي المنسوبة إلى رئيسها في العمل والتي سببت لها اضطرابا نفسيا، ومن ثم لم تُظهر رغبة واضحة لا لبس فيها على الاستقالة، لأن المضايقات الأخلاقية التي تعرضت لها الضحية قد غيرت رغبتها المعرب عنها في الاستقالة، فعدم وجود إرادة واضحة لا لبس فيها يجعل هذه الأخيرة موضع شك، مما يترتب عليه إعادة تكييف إنهاء عقد الشغل بأنه فصل دون سبب حقيقي وجدي[44]. لكن لا ينبغي أن يفهم من ذلك أن الاستقالة التي يقدمها الأجير بعد تعرضه لتحرش معنوي تكيف دائما بأنها فصل من دون سبب حقيقي وجدي وإنما قد يتعلق الأمر فقط بخرق من المشغل لالتزامه بسلامة النتيجة. وهذا ما أوضحته محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 19 نونبر 2014، إذ اعتبرت أن استقالة الأجير صادرة عن إرادة حرة لا لبس فيها للأسباب التالية: أن هذه الاستقالة لم تتضمن أي تحفظ، وأن هذه المضايقات حصلت قبل أكثر من 6 أشهر من تاريخ إنهاء العقد، كما أن المشغل وضع بسرعة حدا لهذه المضايقات الأخلاقية[45]، وبالتالي رفضت طلب النقض وأكدت قرار محكمة الاستئناف فيما يخص إدانة المشغل والتزامه بدفع تعويضات للأجير عن الأضرار الحاصلة له من جهة عن عدم قدرة المشغل على منع المضايقات، ومن جهة أخرى عن عواقب المضايقات التي تعرض لها في مكان العمل، باعتبار أن المشغل يتحمل المسؤولية عن عدم الوفاء بالتزاماته المتعلقة بالسلامة فيما يتعلق بصحة أجرائه[46]. وبالتالي، فإن تكييف استقالة الأجير أنها فصل من العمل دون سبب حقيقي وجدي بعد التعرض للتحرش المعنوي لا يتم تلقائيا، بل يتم استنادا إلى وقائع كل حالة على حدة، ولا سيما بالنظر إلى شروط الاستقالة والفترة الفاصلة بين التحرش المعنوي وإنهاء عقد العمل.

خامسا: إخلال المشغل بالتزاماته الناتجة عن عقد الشغل

قد يلجأ الأجير إلى إنهاء عقد الشغل بمبادرة منه نتيجة عدم تنفيذ المشغل لبعض التزاماته التعاقدية، فما هو التكييف الذي ينبغي إعطاؤه للإنهاء في هذه الحالة؟

في هذه الحالة لا يعتبر الأجير مستقيلا[47]، فمهما كانت الظروف يجب أن تنجم الاستقالة عن حرية واختيار، والحال هنا أن إخلال المشغل بالتزاماته الجوهرية التي يوجبها عليه قانون الشغل من شأنه أن يحمل الأجير على تقديم استقالته. فمن الواضح أن امتناع المشغل عن أداء أجر مجموعة من الأشهر قبل توقيع الاستقالة يجعل هذه الأخيرة عديمة الأثر لافتقارها التعبير بالإرادة الحرة عن الرغبة في اعتزال العمل، وهذا ما أكدته محكمة الاستئناف بأكادير في قرارها رقم 1353 الذي جاء فيه: “حيث ناقشت المحكمة تضمينات المقال الاستئنافي واطلعت على وثائق الملف فلاحظت أن استقالة المدعي من عمله المؤرخة في 24/10/1990 كانت بالفعل تحت ضغط ذلك أن المشغلة علقت صرف أجرته عن الأشهر يونيو إلى نهاية شتنبر 1990 بتقديم الاستقالة”[48].

أما محكمة النقض فقد اعتبرت في قرارها رقم 194 أن: “عدم أداء الأجور رغم العمل يشكل طردا مقنعا لما في ذلك من إخلال بأحد أركان العقد الجوهرية وهو الأجر الذي يعتبر مصدر العيش الوحيد للأجير، مما يؤكد أن المطلوب في النقض قد تم فصله من عمله بصفة تعسفية”[49].

وفي نفس السياق أكدت محكمة النقض الفرنسية أن تخفيض المشغل من أجر الأجير جراء التقليص من مسؤولياته وإلغاء بعض مهامه الأساسية دون الحصول على موافقته يعد تعديلا لعقد الشغل من جانب واحد مما يبرر أن الأجير كان مضطرا إلى إنهاء عقده[50]. ويكون المشغل مسؤولا أيضا عن إنهاء عقد الشغل في حالة اعتماده طريقة لحساب الأجر لا تتفق مع ما هو منصوص عليه في عقد الشغل[51]، أو امتناعه دون مبرر وبالرغم من المطالبات المستمرة من الأجير عن دفع كامل أجره المتغير ونفقاته المهنية[52].

وقد يضطر الأجير أيضا إلى تقديم استقالته إذا ما كان يزاول عمله في ظل ظروف غير صحية وغير ملائمة، وقد ورد في قرار لمحكمة النقض ما يلي: “حيث ثبت صحة ما نعاه الطالب على القرار المطعون فيه، ذلك أن الحفاظ على صحة وسلامة الأجراء وحمايتهم من الإصابات الناجمة عن العمل وتجنيبهم مخاطر العمل في أماكن غير مأمونة هي من الالتزامات الرئيسية الملقاة على عاتق المشغل، أصبغ عليها المشرع صفة النظام العام، ورتب على عدم احترامها جزاءات زجرية، وجاء بمقتضيات قانونية تعزز الضمانات الممنوحة للأجراء كلما تعلق الأمر بسلامتهم وصحتهم منصوص عليها في المواد 24 و281 إلى 344 من مدون الشغل، والثابت من وثائق القضية أن الأجير رفقة أجراء آخرين كانوا يشتغلون تحت أشعة الشمس الحارقة، وهو ما يتنافى مع ضرورة تجهيز أماكن الشغل تجهيزا يضمن سلامة الأجراء المنصوص عليها في المادة 281 من المدونة ومنصوص عليها أيضا في نصوص قانونية دولية كاتفاقية الصحة والسلامة المهنية الصادرة عن مؤتمر العمل الدولي في يونيو 1981، والقرار المطعون فيه اعتبر أن الأجير غادر العمل تلقائيا دون أن يبحث في ما أثير حول ظروف العمل خاصة وأن الشهود أكدوا على أن الأجراء احتجوا على تشغيلهم فوق سطح المقاولة وتحت أشعة الشمس، بل إن الشاهد محمد لخضاري صرح أن المسؤول أخبرهم بأن العامل الذي لم يرقه الأمر ما عليه إلا أن يغادر، وهو ما لا يمكن اعتباره إلا طردا مقنعا لكون الأجراء لم يغادروا بمحض إرادتهم بل تحت تأثير الظروف الغير الصحية والغير ملائمة في مكان العمل وهو ما يجعل القرار فاسد التعليل وخارق للمقتضيات القانونية المشار إليها أعلاه مما يعرضه للنقض”[53].

الفقرة الثانية: إثبات الأجير واقعة الإكراه

إذا كان أطراف العلاقة الشغلية يقصدون القضاء من أجل اقتضاء حقوقهم، فإن ذلك لا يتأتى لهم مباشرة، بل يتعين عليهم إثبات الإدعاء بالوسائل القانونية. وعليه، إذا ما قام الأجير المستقيل برفع دعوى ضد مشغله مدعيا أنه تعرض لضغوطات غير مشروعة من مشغله أكرهته على تقديم استقالته تعين عليه إثبات هذا الإكراه بشروطه التي عرضناها، وله ذلك بجميع وسائل الإثبات باعتبارها واقعة مادية، أي أن الوسائل المدنية الواردة في الفصل 404 من ظ.ل.ع ذات موقع في إثبات هذه الواقعة، وتظل أهم هذه الوسائل: شهادة الشهود، والإقرار، والقرينة، واليمين والنكول عنها، وهو ما سنتناوله على الشكل التالي:

أولا: شهادة الشهود

تعد شهادة الشهود من أهم وسائل الإثبات انتشارا على أرض الواقع والساحة القانونية، ذلك أن الأجير وفي سبيل إثبات واقعة الإكراه قد يتقدم إلى المحكمة بطلب إجراء بحث والاستماع إلى الشهود[54]، لكن يبقى الاستجابة إلى ذلك الطلب أمر موكول تقديره لقاضي الموضوع، فإذا رفض طلب إجراء البحث بعدما توفرت لديه العناصر الكافية فعليه تعليل ذلك تعليلا واضحا مبرزا الأسباب التي جعلته يرفض إجراء البحث والاستماع إلى شهادة الشهود[55].

وقد يحدث أن يدلي الطرفين، الأجير والمشغل، بالشهود ويلتمسا الاستماع إليهما معا فتتعارض شهادة شهود الأجير المثبتة لواقعة الإكراه على تقديم الاستقالة مع شهادة شهود المشغل النافية لها، فهنا تأخذ المحكمة بشهادة شهود الإثبات وتستغني عن شهود النفي عملا بالقاعدة الفقهية التي تقرر أن شهود الإثبات مقدمون على شهود النفي[56]. كما أن المحكمة قد تقتصر على شهادة شاهد واحد، مادام ليس هناك أي نص قانوني يمنع الأخذ بشهادة الشاهد الواحد[57]، بل ولا مانع من الاستماع إلى شهادة شاهد لازال في علاقة تبعية مع المشغل[58].

ولم يشترط المشرع المغربي شكلا خاصا لأداء الشهادة في نزاعات الشغل، إذ أن الأخذ بشهادة الأجراء لا يمكن أن يتم قبل أدائهم اليمين القانونية[59]، وبناء على استدعاء المحكمة لهم وحضورهم مجلس القضاء والتحقق من هويتهم، بحيث إذا تبث للمحكمة وجود علاقة قرابة أو مصاهرة بين الشاهد والأجير أو علاقة عدواة بين الشاهد والمشغل بحكم قضائي يمكن الاستغناء عن الشاهد وعدم الاستماع إليه، أو استبعاد شهادته إذا تم الاستماع إليه وثبتت العلاقة لاحقا.[60]

وإذا تم الأخذ بشهادة الشهود لإثبات واقعة الإكراه على تقديم الاستقالة، فإن المحكمة تكون ملزمة بتعليل أخذها ذاك تعليلا كافيا طالما أن أمر الأخذ بشهادة الشهود لا رقابة لمحكمة النقض عليه، فهو يدخل في إطار تقييم وتقدير القاضي لها، ولكن مسألة تعليل الأخذ بالشهادة يظل أمرا خاضعا لرقابة محكمة النقض.

ومن بين القرارات القضائية التي أخذت بشهادة الشهود لإثبات تعرض الأجير لضغط وإكراه لتقديم استقالته قرار محكمة النقض رقم 624 الذي جاء فيه: “…ومن جهة رابعة ثبت لمحكمة الموضوع بشهادة الشاهد عمر بنسالم أن المطلوب قد تعرض لضغط وإكراه لتقديم استقالته، حيث أكد أن ابن مدير عرقل سير عمله وأزاح جميع العمال الذين كان يشرف عليهم المطلوب حتى بقي وحده في المصلحة، كما حرمه من سيارة الخدمة ومن توقيع التذاكر المجانية للزبناء وهو ما أكده الشاهد عبد الله أزوير، كما أن ابن مدير الشركة قام بتوقيف عملية تصفيات حسابات مداخيل الشركة، وكل هذه المعطيات أكدت أن الاستقالة تمت تحت الضغط والإكراه، وهي بالتالي خالية من عنصر الرضا، زد على ذلك أن المطلوب اشتغل بعد تقديمها مدة شهرين وأخذ أجرته عنهما من مشغلته، مما يؤكد عدم استجابتها لهذه الاستقالة، ومحضر المعاينة لا أثر له فيما أثبته الشهود الذين لم يقدم في شأنهم أي تجريح وفق ما ينص عليه الفصل 80 من ق.م.م وعلى هذا الأساس جاء القرار معللا بما فيه الكفاية، والوسائل لا سند لها”[61].

ثانيا: الإقرار

الإقرار هو اعتراف شخص بحق عليه للآخر سواء قصد ترتيب هذا الحق في ذمته أو لم يقصده[62]، وهو ينعت بسيد الأدلة لكونه يجعل الوقائع المتنازع عليها ثابتة بناء على تصريح ممن يعتبر خصما في النزاع فيتمسك به ضده[63].

والإقرار نوعان، إقرار قضائي وآخر غير قضائي، وما يعنينا في هذا الصدد النوع الأول، أي ذلك الاعتراف الذي يقوم به أمام المحكمة الخصم أو نائبه المأذون له في ذلك إذنا خاصا[64]. ويتخذ هذا الأخير أحد شكلين، فقد يكون صريحا وهو ذلك الاعتراف الصادر مباشرة من المشغل ببعض ما ورد في مقال الأجير، كاعترافه في مجلس القضاء بوضع الأجير بغرفة ضيقة تفتقر للتهوية الملائمة وعزله عن باقي الأجراء، فهذه الواقعة التي أقر بها المشغل تصبح في غير حاجة إلى إثبات ويأخذ بها القاضي كواقعة ثابتة بالنسبة إلى الخصم الذي أقر بها، فإقرار المشغل بذلك يجعل واقعة التحرش المعنوي ثابتة في حقه، ومن تم إثبات واقعة الإكراه على الاستقالة عندما يكون الأجير قد غادر عمله جراء ذلك، وقد يكون ضمنيا يستخلص من بعض مواقف المشغل، فسكوته عن ما ورد بالمقال يعتبر بمثابة إقرار ضمني به ويعفي الأجير من إثباته.

ثالثا: القرائن

تعتبر القرائن من طرق الإثبات غير المباشرة، إذ لا يقع الإثبات بها مباشرة على الواقعة المراد إثباتها وإنما ينصب الإثبات على واقعة أخرى معلومة ومتصلة بها اتصالا وثيقا، فيترتب على إثبات هذه الواقعة الأخيرة ثبوت الواقعة المدعى بها أمام القضاء[65]. ويمكن للمحكمة، في إطار سلطتها التقديرية، أن تستعين بالقرائن للوقوف على تعرض الأجير لضغط دفعه إلى تقديم استقالته، وهذه القرائن إما أن تكون قانونية أو قضائية.

بالنسبة للقرينة القانونية فهي وقائع معلومة يحددها القانون لتكون حجة على وقائع أخرى مجهولة[66]، فأساس القرينة القانونية هو نص القانون الذي يقررها، فهو ركنها المنشأ فيها، فلا تقوم بدونه. ومن هذه القرائن القانونية حجية الأمر المقضي به، فالأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية تعتبر حجة على الوقائع التي تتضمنها وفق مقتضيات الفصل 418 من ظ.ل.ع، إذ يفترض في كل حكم قضائي أنه عنوان الحقيقة ويتضمن ما يتطابق مع الحقيقة، ومثل هذه القرائن هي قرائن قانونية قاطعة غير قابلة لإثبات عكسها على أساس أن الأصل في هذه القرائن أنه لا يجوز نقضها، ولكن لا تكون لهذا الحكم هذه القوة إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بالحق ذاته محلا وسببا. ويجوز للمحكمة أن تأخذ بهذه القرينة من تلقاء نفسها، بحيث يمكن للقاضي الاعتماد على حكم نهائي صادر بالإدانة في حق المشغل عن جنحة الاعتداء على الأجير أثناء قيامه بعمله بالضرب والسب والشتم كحجة لإثبات أن الأجير كان مكرها -جراء الاعتداء الذي تعرض له- على تقديم استقالته[67].

أما بالنسبة للقرينة القضائية فهي تعتمد على وقائع ومقارنتها لاستخراج الحقيقة منها[68]، فهذه القرائن عبارة عن أدلة يستخلصها القاضي باجتهاده وذكائه وإعمال فكره بناء على ما يراه من وقائع في موضوع الدعوى وظروفها المختلفة، بحيث يمكن للقاضي أن يستنبط، بما له من سلطة تقديرية، واقعة الإكراه على الاستقالة من ظروف ووقائع الدعوى التي قد يثبتها الأجير، أو قد يعتمد في ذلك على وقائع يستقيها من الأبحاث التي أمر بإجرائها. و لا يقبل القاضي، استنادا للفصل 455 من ظ.ل.ع، القرائن ولو كانت قوية وخالية من اللبس ومتوافقة إلا إذا تأيدت باليمين ممن يتمسك بها متى رأى وجوب أدائها[69].

وإذا كان تقدير القرائن مما يستقل به قاضي الموضوع، إلا أنه مع ذلك يجب أن يكون هذا التقدير معللا تعليلا كافيا، والمقصود من وجوب التعليل هو جعل الحكم مبنيا على أسباب واضحة ومقنعة ومؤدية للنتيجة التي انتهى إليها.

رابعا: توجيه اليمين والنكول عنها

أعطى المشرع المغربي لأطراف العلاقة التعاقدية إمكانية توجيه اليمين كوسيلة إثبات للخصم الذي يعوزه الدليل لإثبات دعواه، ولا يقر له خصمه بصحة ما يدعيه. وهذه اليمين نوعان:

وما يسترعي الاهتمام هنا اليمين الحاسمة التي قد تكون الملاذ الأخير للأجير لإثبات ما يدعيه، أي أنه إذا فقد الدليل لإثبات واقعة الإكراه على الاستقالة أسعفه القانون بتوجيه هذه اليمين إلى خصمه المشغل ليحسم بها النزاع[71]، فإذا أداها تم الحكم لصالحه، أما إن ردها أو نكل عنها فيكون على الأجير وجوب أدائها وإلا حكم ضده، وليس للقاضي أي مجال لسلطة تقدير ما إذا كان الحالف صادقا أم كاذبا في يمينه، فيتقيد بنتيجة حلف اليمين أو النكول عنها أو ردها. غير أن المشرع أجاز للقاضي أن يرفض توجيه اليمين الحاسمة إذا تبين له، وفقا لسلطته التقديرية، أنها واردة على وقائع غير حاسمة للنزاع أو أن الخصم قد عزز دعواه بوسائل إثبات قوية ليست محل طعن من الطرف الآخر، ولغير ذلك من الأسباب لمنع طالبها من التعسف في استعمال حقه[72].

وإذا تمكن الأجير من إثبات الإكراه الذي تعرض له، فإنه لا يعتبر في حكم المستقيل ويكيف القاضي هذا الإنهاء على أنه فصل تعسفي يرتدي قناع الاستقالة، وبالتالي تترتب عليه مختلف الآثار القانونية التي تستتبع هذا التكييف حيث يستحق الأجير تعويضا عما لحقه من ضرر، وهذا التعويض قد يكون عينيا كما يمكن أن يكون نقديا.

لذا، يجب، وفي جميع الأحوال، أن تنجم الاستقالة كما سبق القول عن إرادة حقيقية وحرة للأجير بهدف وضع حد لعقد الشغل بحيث تكون نيته اتجهت إلى ذلك عن اقتناع ورغبة واضحين، إذ لا يكفي مجرد التعبير عنها بل يتعين أن يتطابق ذلك التعبير الظاهر المتجلي في تقديم الاستقالة مع إرادته الباطنة. وهنا يبرز دور القاضي الاجتماعي لكشف ما إذا كان الإنهاء استقالة أو فصلا تعسفيا من خلال الحجج والأدلة المدلى بها أمامه.

[1]– و هذا ما أوردته محكمة الاستئناف بالبيضاء في أحد قراراتها، والذي جاء في حيثياته: “إن من حق أجراء المؤسسة أن يتقدموا باستقالتهم لوضع حد لعقد الشغل الرابط بينهم وبين مشغلهم وفق ما يراه كل أجير جديرا بمصلحته ….”.

– قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 1867، صادر بتاريخ 31 ماي 1989، ملف اجتماعي عدد 4389/87، مجلة المحاكم المغربية عدد 61، 1990، ص: 138.

[2]– تنص الفقرة الأولى من المادة 34 من م.ش: “يمكن إنهاء عقد الشغل غير محدد المدة بإرادة الأجير عن طريق الاستقالة المصادق على صحة إمضائها من طرف الجهة المختصة، ولا يلزمه في ذلك إلا احترام الأحكام الواردة في الفرع الثالث أدناه بشأن أجل الإخطار”.

[3]– Cass.soc, 21 mai 1980, n°78-41.833.

[4]– تعرض المشرع المغربي للإكراه كعيب من عيوب الرضا في الفصول من 46 إلى 51 من ظ. ل .ع، وعرفه الفصل 46 من نفس الظهير بأنه: “إجبار يباشر من غير أن يسمح به القانون، يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عملا بدون رضاه”.

[5]– محمد المهدي: الوجيز في نظرية العقد في ضوء القانون المدني المغربي، مطبعة أنفو-برانت، فاس، 2005، ص: 73.

[6]– محمد المهدي: م.س، ص:73.

[7] – Cass.soc, 17 juillet 1996, n° 93-42.122.

[8]– قرار عدد 393، صادر بتاريخ 23/02/2012، ملف اجتماعي عدد 356/5/2011، غير منشور.

وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية عندما اعتبرت أن الأجير الذي يقدم استقالته كتابة بناء على طلب المشغل جراء اكتشافه السرقة، وتحت التهديد بالفصل بسبب الخطأ الجسيم وتقديم شكوى جنائية ضده لا ينهي عقد شغله بحرية تامة.

– Cass.soc, 1er avril 1998, n° 95-45.044.

[9]– ينص الفصل 49 من ظ.ل.ع على أنه: “الإكراه يخول إبطال الالتزام وإن لم يباشره المتعاقد الذي وقع الاتفاق لمنفعته”.

[10]– قرار عدد 624، صادر بتاريخ 27/05/2009، ملف اجتماعي عدد 944/5/1/2008، مجلة الملف، العدد 17، 2010، ص: 229.

[11]– إدريس العلوي العبدلاوي: النظرية العامة للالتزام، نظرية العقد، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1996، ص: 394.

[12]– محمد الشرقاني: شرح القانون المدني، دار القلم، الرباط، 2003، ص: 125.

[13]– إدريس فجر: مساهمة في دراسة نظرية أسباب انقضاء عقد العمل، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، السنة الجامعية: 1998-1999، ص: 29.

[14]– قرار عدد 391، صادر بتاريخ 23/02/2012، ملف اجتماعي عدد 354/5/1/2011، غير منشور.

[15]– قرار عدد 1353، صادر بتاريخ 04/06/1992، ملف رقم 407/91، مجلة المرافعة، عدد 5، 1994، ص: 145.

[16]– قرار عدد 773، صادر بتاريخ 27/07/1999، ملف اجتماعي عدد 9/363، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 55، السنة 22، يناير 2000، ص: 282.

[17]– قرار عدد 965، صادر بتاريخ 30/09/2003، ملف اجتماعي عدد 264/5/1/2003، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 61، السنة 25، يناير 2003، ص: 287.

[18]– قرار عدد 76، صادر بتاريخ 19/01/2012، ملف اجتماعي عدد 1773/5/1/2010، مجلة قضاء محكمة الاستئناف بالرباط، العدد 3، 2013، ص: 147.

[19]– هذه الشروط منها ما هو موضوعي يهتم بتحديد النطاق الذي يلجأ في إطاره إلى استصدار قرار بتقليص ساعات العمل، ومنها ما هو مسطري يرمي إلى إتباع إجراءات معينة في سبيل صدور إذن بإجراء التقليص المطلوب. للمزيد من الإيضاح راجع:

– مليكة العراسي: “الحماية القانونية للأجراء عند تقليص ساعات العمل”، مجلة الملف، العدد 19، ماي 2012.

 

[20]– قرار عدد 1487، صادر بتاريخ 17 أبريل 1989، ملف اجتماعي عدد 1227/88، مجلة المحاكم المغربية، عدد 61، 1990، ص: 136.

[21]– قرار عدد 640، صادر بتاريخ 06/06/1995، ملف اجتماعي عدد 93/8761، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 52، يوليوز 1998، ص: 189.

كما جاء في قرار آخر لمحكمة النقض: “حيث إنه من التابث من أوراق أداء الأجر المدلى بها من قبل المطلوب، وهو الأمر الذي لم تنازع فيه الطالبة أن هذه الأخيرة قد عمدت إلى تخفيض ساعات عمل بعض عمالها، كما استغنت عن البعض الآخر وذلك بسبب توقفها عن تصدير منتوجاتها الجلدية نحو الخارج، وقد ترتب عن ذلك انخفاض في أجر المطلوب، مع أنه يتعين على المشغل المحافظة للأجير على أجره المعتاد الذي يعتبر عنصرا أساسيا في عقد الشغل، ومن ثم فإن مغادرة المطلوب لعمله ورغم ثبوتها من خلال الإنذار بالرجوع إلى العمل وكذا شهادة الشهود فإنها وأمام عدم موافقة المطلوب على تخفيض الأجر فإن ما اتخذته في حق الأجير يعتبر طردا مقنعا ويستحق معه المطلوب التعويضات المستحقة له قانونا..”

– قرار عدد397، صادر بتاريخ 8/04/2009، ملف اجتماعي عدد 744/51/2008، أشار إليه محمد سعد الجرندي: موقف محكمة النقض من تعديل بعض بنود عقد الشغل من قبل المشغل، التقرير السنوي لمحكمة النقض، 2013، ص: 118.

[22]– التعديل غير المشروع لعقد الشغل هو أساسا التعديل الجوهري الذي ليس له سند قانوني أو اتفاقي أو نظامي، إضافة إلى التعديل الثانوي الذي يشوبه التعسف.

[23]– تنبغي الإشارة هنا أن المشغل يتحمل مسؤولية إنهاء العقد إذا ما قام بإجراء التعديل بالفعل أما إذا ما اقترحه فقط على الأجير دون أن يصير هذا التعديل ساري المفعول، فإنه لا يتحمل أية مسؤولية إذا ما قام الأجير بتقديم استقالته. راجع بهذا الشأن:

Cass.soc, 27 juin 2007, n° 05-45.417 ; Cass.soc, 31 oct. 2007, n° 06-41.407.

[24]– مليكة بنزاهير: استقالة الأجير في إطار عقد العمل الفردي، الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي المنعقدة بالرباط يومي 25-26 فبراير 1992، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، مطبعة الأمنية، الرباط، 1993، ص: 241.

[25]– قرار عدد 257، صادر بتاريخ 14/02/2013، غير منشور، أشار إليه محمد سعد الجرندي: الدليل العملي لمدونة الشغل: قراءة تحليلية نقدية لمقتضيات المدونة مدعمة بأهم اجتهادات محكمة النقض، الجزء الأول، مطبعة صناعة الكتاب، الدار البيضاء، 2016، ص:92.

[26]– قرار عدد 613، صادر بتاريخ 13/04/2013، ملف اجتماعي عدد 1421/5/2/2012، التقرير السنوي لمحكمة النقض، الرباط، 2013، ص: 74.

[27]– قرار عدد 257، صادر بتاريخ 14/01/2013، ملف اجتماعي عدد 1143/5/2/2012، التقرير السنوي لمحكمة النقض، م س، ص: 74.

[28]– إن موافقة الأجير على تعديل مكان الشغل إما أن تكون صريحة أو ضمنية، وتكون صريحة إذا كان هذا التعديل مقررا بمقتضى عقد الشغل، أو اتفاقية جماعية، أو نص قانوني، بينما تكون ضمنية عندما تكون طبيعة الشغل هي إحدى أهم الأسباب التي تدفع المشغل إلى تعديل مكان شغل الأجير، فهنا تعتبر موافقة الأجير على إبرام العقد موافقة ضمنية منه على قبوله لتعديل المشغل لمكان عمله. للمزيد من التوسع راجع: عصام الوراري: حدود سلطة المشغل في تغيير مكان عمل الأجير، مجلة القضاء المدني، العدد 2، 2010.

[29]– قرار عدد 23، صادر بتاريخ 13/01/2011، ملف اجتماعي عدد 1464/5/1/2009، غير منشور.

[30]– قرار عدد 979، صادر بتاريخ 29/09/2004، ملف اجتماعي عدد 446/5/1/2004، غير منشور، أشار إليه محمد سعد الجرندي، م س، ص: 113.

[31]– محمد بنحساين: “أي توازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق الأجراء الشخصية؟”، مجلة القانون المغربي، العدد 27، 2015، ص: 51.

[32]– قرار عدد 1016، صادر بتاريخ 9 دجنبر 2010، ملف اجتماعي عدد 600/5/1/2009، نشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة، الغرفة الاجتماعية، السلسلة 2، 2011، الجزء 7، ص: 35.

[33]– الجدير بالذكر هنا أن هذه الحماية ليست مطلقة، بل يظل لها حدود إن هي تعارضت مع سير وظروف العمل داخل المقاولة، حيث يتم تغليب مصلحة هذه الأخيرة، فإذا كان للأجيرة أن تختار شكل لباسها وذلك بارتداء الحجاب أو إزالته، فإنها بالمقابل مجبرة على أن يكون لباسها بشكل لا يتعارض مع مصلحة المقاولة، فكلما كان المظهر الذي اختاره الأجير لا تأثير له على عمله وجب حماية هذا الحق، لكن إذا كان للمظهر المختار ضرر على المشغل وعلى مؤسسته، فيجوز فرض حدود على هذا الحق، وهو ما يمكن استشفافه من مفهوم المخالفة لقرار محكمة النقض المشار إليه أعلاه. وهو ما يتضح أيضا مما ذهبت إليه محكمة الاستئناف بباريس، حيث أقرت مشروعية الفصل استنادا إلى رفض الأجيرة التي كانت طبيعة عملها تقتضي التعامل مع عملاء المقاولة إزالة الحجاب، معللة قرارها أن رفض المشغل للحجاب يقوم على أسباب موضوعية ترتبط بمصلحة المقاولة، وبالتالي فالمشغل لم يتعسف في استخدام سلطته في الإدارة.

– C.A  Paris, 18ème Ch,  16 mars 2001, n° 1999/31302.

وعلى خلاف ذلك ذهب المجلس العمالي بباريس أن فصل الأجيرة التي ترتدي الحجاب لا يستند إلى سبب حقيقي وجدي، مادامت هذه الأجيرة لم تكن على اتصال مباشر مع العملاء.

-C.Prud.Paris, 17 décembre 2002, Réf n°02-3547, Tahli/Téléperformance France.

من هنا يتضح أن مصلحة المقاولة من شأنها تقييد حق الأجيرة في ارتداء الحجاب في بعض الحالات، أي متى كان العمل المنجز ذي صلة بعملاء المقاولة.

كما أنه ومنذ صدور القانون رقم  1192-2010 الصادر بتاريخ 11 أكتوبر 2010 أصبح يمنع إخفاء الوجه في الأماكن العامة، فهذا القانون له تأثير على ممارسة الحرية الدينية في أماكن العمل بالنسبة للأجراء المسلمين، وهذا الحظر يسري على وجه التحديد على الأجراء الذين يعملون في أماكن مفتوحة للعموم، كالمطاعم والمقاهي…، وزيادة على ذلك إذا كانت المقاولات الخاصة تستبعد من نطاق هذا الحظر الأماكن الخاصة، التي لا يوجد بها سوى أجراء المقاولة كالمكاتب، فإنه مع ذلك فيما يتعلق بأماكن المقاولة التي يكون فيها الأجراء على اتصال مع العموم فإن هذا الحظر سيطبق. فمهما كانت الاعتبارات وراء صدور هذا القانون، كالاعتبارات الأمنية والحفاظ على النظام العام، فإن هذا الأخير له تأثير كبير على الحرية الدينية في العمل. ومن هنا يطرح التساؤل التالي: كيف يمكن الاعتراف للأجير بحرية العقيدة وفي نفس الوقت السماح بهدم مظاهر هذه الحرية من خلال تقييد حريته في الظهور بمظهر يعكس معالم ديانته أثناء ممارسة عمله؟.

[34]– نخص هنا بالذكر الأجيرة لأنها تكون الأكثر تعرضا للتحرش الجنسي، فهي غالبا ما تتعرض لمضايقات أو القيام بأفعال أو التفوه بكلمات لا يمكن لها أن تتجنبها إلا بحصول مضرة، بحيث يكون جزاء عدم الاستجابة لذلك الفصل من الشغل أو النقل إلى شغل أقل ميزة أو تأخير الترقية.

[35]– قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ملف عدد 5382/2005، صادر بتاريخ 17/05/2007، مجلة المحاكم المغربية، عدد 109، يوليوز-غشت، 2007، ص: 140 وما بعدها.

[36]– قرار عدد 822، صادر بتاريخ 01/06/2011، ملف اجتماعي عدد 106/5/1/2010، مجلة قضاء محكمة النقض، العدد 74، يناير 2012، ص: 316 وما بعدها.

[37]– ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى تكييف إنهاء عقد الشغل بكونه فصل من العمل عندما يكون المشغل، بحكم الواقع، قد جعل من المستحيل على الأجير أن يستمر في تنفيذ عقد الشغل وأكرهه على الاستقالة.

« La rupture du contrat de travail s’analyse en un licenciement lorsque l’employeur, par son fait, a rendu impossible pour le salarié la poursuite du contrat de travail et l’a contraint à démissionner».

– Cass.soc, 22 septembre 1993, n° 92-41.441, Bull.civ.V n° 221, 1993, p : 151.

[38]– محمد سعيد بناني: قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل، علاقات الشغل الفردية، الجزء الثاني، المجلد الثاني، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2007، ص: 952.

[39]– التحرش المعنوي هو سلوك لا مبرر له يظهر على وجه الخصوص من خلال السلوكيات والكلمات والأفعال والإيماءات والكتابات، والتي من شأنها الإضرار بشخصية الفرد أو كرامته أو سلامته البدنية أو النفسية أو يعرض عمله للخطر أو يضر ببيئة العمل.

– Hirigoyen Marie.France: Le harcèlement moral, la violence perverse au quotidien, La Découverte, 2003, p:55.

[40]– Cass.soc, 29 juin 2005, n° 03-44.055.

[41]– Cass.soc, 8 juillet 2009, n° 08-41.638.

[42]– Cass.soc, 27 octobre 2004, n° 04-41.008 ; Cass.soc, 6 avril 2011, n° 10-30.284 ; Cass.soc, 24 novembre 2009, n° 08-43.047.

[43]– Cass.soc, 4 juin 2009, n° 07-45239

[44]– Cass.soc, 18 janvier 2012, n° 10-19.883.

[45]– la Cour de cassation a déclaré :” les termes de la lettre de démission, qui ne comportait aucune réserve, et constaté, d’une part, que les faits de harcèlement s’étaient produits plus de six mois avant la rupture, d’autre part, que l’employeur y avait rapidement mis fin, la cour d’appel a pu décider que la démission du salarié n’était pas équivoque …… l’employeur, tenu d’une obligation de sécurité de résultat en matière de protection de la santé et de la sécurité des travailleurs, manque à cette obligation, lorsqu’un salarié est victime sur le lieu de travail d’agissements de harcèlement moral ou sexuel exercés par l’un ou l’autre de ses salariés, quand bien même il aurait pris des mesures en vue de faire cesser ces agissements”.

– Cass.soc, 19 novembre 2014, n°13-17.729, Bull.civ.V, 2014, n° 267.

[46]– فوفقا للمادتين L.1152-4 وL.4121-2 من قانون العمل الفرنسي يتعين على المشغل اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من كافة أعمال التحرش المعنوي التي يمكن أن يتعرض لها الأجراء داخل أماكن العمل. والتزامه هذا التزام بنتيجة وليس التزام بوسيلة.

[47]– voir : Cass.soc, 15 mars 2006, n° 03-45031, Bull.civ.V n° 109, p : 103 ; Cass.soc, 13 décembre 2006, n° 04-40.527, Bull.civ.V n° 375, p : 361 ; Cass.soc, 30 octobre, n° 06-43.327, Bull.civ.V n° 177.

[48]– قرار محكمة الاستئناف بأكادير رقم 1353، صادر بتاريخ 4/6/1992، ملف رقم 407/91، مجلة المرافعة، العدد 5، 1994، ص: 145.

وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية أيضا بقولها:

« Ayant constaté que la lettre de démission était accompagnée d’un décompte des sommes que le salarié prétendait lui être dues au titre des heures supplémentaires, de primes de productivité et de frais, la cour d’appel, qui a déduit de ces circonstances que la manifestation de la volonté de démissionner du salarié était équivoque, a statué à bon droit par une requalification en licenciement sans cause réelle et sérieuse ».

[49]– قرار رقم 194، صادر بتاريخ 07/02/2013، ملف اجتماعي عدد 1736/5/2/2012، غير منشور.

بشأن القضاء الفرنسي أنظر:  Cass.soc. 25 mai 2011, n°09-66671

[50]– Cass.soc, 9 janvier 2008, n° 06-45.230.

[51]– Cass.soc, 19 octobre 2007, n° 06-43.829.

[52]– Cass.soc, 25 avril 2007, n° 05-44.903.

[53]– قرار رقم 1203، صادر بتاريخ 14/05/2015، ملف اجتماعي عدد 661/5/1/2014، نشرة قرارات محكمة النقض، الغرفة الاجتماعية، السلسلة 4، الجزء 19، 2015، ص: 45.

[54]– ينص الفصل 71 من ق.م.م على أنه: “يجوز الأمر بالبحث في شأن الوقائع التي يمكن معاينتها من طرف الشهود والتي يبدو التثبت منها مقبولا ومفيدا في تحقيق الدعوى”.

ويتم الأمر بهذا الإجراء، إما تلقائيا أو بناء على طلب أحد الأطراف، بواسطة حكم تمهيدي بعد تعيين الأجير للأشخاص المراد إجراء بحث معهم.

[55]– بشرى العلوي: الفصل التعسفي للأجير على ضوء العمل القضائي، رسالة لنيل الدبلوم الجامعي العالي، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، الرباط، السنة الجامعية: 2005-2006، ص: 231.

جاء في قرار لمحكمة النقض أن: “حيث تبين صحة ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك أنه من الثابت من المقال الاستئنافي الذي تقدمت به الطالبة أنها التمست إجراء بحث لإثبات واقعة ترك موروث المطلوبين لعمله، إلا أن المحكمة المطعون في قرارها ورغم جدية هذا الدفع لم تستجب لإجراء بحث، مع أن الأمر يتعلق بواقعة مادية يمكن إثباتها بشهادة للشهود من خلال الاستماع إليهم بجلسة البحث ولم تتعرض لهذا الملتمس كما لم تعلل رفضها له، مما تكون معه قد بنت قرارها على تعليل ناقص وعرضته للنقض”.

– قرار عدد 1863، صادر بتاريخ 27/7/2012، ملف اجتماعي عدد 458/5/2/2012. مشار إليه في:

http://www.jurisprudencemaroc.com/lecture.php?id_fichier=160 تم الاطلاع 17/10/2017 على الساعة: 19:20.

[56]– قرار المجلس الأعلى عدد 461/2004، صادر بتاريخ 05/05/2004، ملف اجتماعي عدد 78/04، غير منشور، أشارت إليه بشرى العلوي: م. س،  ص: 233.

– قرار المجلس الأعلى عدد 782، صادر بتاريخ 14/07/2004، ملف اجتماعي عدد 334/5/1/2004، مجلة القصر، عدد 12 شتنبر 2005، ص: 232.

[57]– قرار المجلس الأعلى عدد 534، صادر بتاريخ 19/10/1987، ملف اجتماعي عدد 8061 /87، مجلة المحاكم المغربية، عدد 56، 1988، ص: 81.

[58]– هذا ما كرسه قضاء النقض المغربي من خلال قرارات عديدة نذكر منها:

– قرار عدد صادر بتاريخ 25/06/1990، ملف اجتماعي عدد 10088/89، مجلة الإشعاع، عدد 7، 1992، ص: 104.

– قرار عدد 666 صادر بتاريخ 16/06/2004، ملف اجتماعي عدد 117/2004، غير منشور، أشارت إليه بشرى العلوي: م س، ص: 66.

– قرار عدد 699 صادر بتاريخ 26/08/2010، ملف اجتماعي عدد 802/5/1/2009، أشار إليه عمر أزوكار، قضاء محكمة النقض في مدونة الشغل، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2013، ص: 143.

[59]– ذهبت محكمة النقض إلى أن: “مادام أن الشاهدة لم يتم الاستماع إليها واكتفى فقط المشغل بالإدلاء بصورة لتصريح لها، فإن هذا غير كاف لأن الشهادة المعتمدة هي التي تؤدى عنها اليمين القانونية”.

– قرار عدد 301، صادر بتاريخ 31/03/2004، ملف اجتماعي عدد 1251/5/1/2003، أشار إليه: محمد لفروجي، الإثبات أمام القضاء من خلال اجتهادات المجلس الأعلى لسنوات 2000-2005، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2005، ص: 181.

[60]– محمد سعد جرندي: وسائل الإثبات في قضايا نزاعات الشغل بين التشريع والقضاء بالمغرب، نوافذ قضائية، العدد الثالث، 2016، ص: 25.

[61]– قرار محكمة النقض عدد 624، صادر بتاريخ 27/05/2009، ملف اجتماعي عدد 944/5/1/2008، مجلة الملف، العدد 17، 2010، ص: 229.

[62]– عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني نظرية الالتزام بوجه عام، الجزء الثاني، الإثبات – آثار الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة، 1968، ص: 471.

[63]– خالد سعيد: الإثبات في المنازعات المدنية، دراسة علمية وعملية على ضوء القانون المغربي والاجتهاد القضائي لمحكمة النقض، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، 2014، ص: 105.

[64]– الفصل 405 من ظ.ل.ع.

[65]– الحسن هوداية: وسائل الإثبات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، الجزء الأول: القرائن القانونية والقضائية في المادتين الجنائية والمدنية، دار القلم، الرباط، الطبعة الأولى،2011، ص: 3.

[66]– ينص الفصل 450 من ظ.ل.ع على أنه: ” القرينة القانونية هي التي يربطها القانون بأفعال أو وقائع معينة كما يلي:

1- التصرفات التي يقضي القانون ببطلانها بالنظر إلى مجرد صفاتها لافتراض وقوعها مخالفة لأحكامه؛

2- الحالات التي ينص فيها على أن الالتزام أو التحلل منه ينتج من ظروف معينة كالتقادم؛

3- الحجية التي يمنحها القانون للشيء المقضي به”. وهذه القرائن القانونية واردة على سبيل الحصر ولا يجوز التوسع في النص القانوني المنشئ لها أو القياس عليه.

[67]– وهو ما كرسته محكمة النقض في قرار لها جاء فيه: “من الثابت من الحكم الجنحي تحت عدد…القاضي بإدانة الطالب من أجل جنحة الضرب والجرح والسب والشتم المؤيد استئنافيا، والذي كان ضحية له المطلوب، حيث تعرض للاعتداء والسب والشتم أثناء قيامه بعمله كأجير لدى الطالب، وغادره نتيجة لذلك، مما يشكل خطأ جسيما من قبل المشغل في حق الأجير، وتعتبر المغادرة بسبب ذلك طردا تعسفيا، وهو ما ينسجم مع مقتضيات المادة 40 من مدونة الشغل…خاصة وأن المغادرة لم تكن تلقائية في هذه النازلة، وإنما كانت بسبب النزاع الذي حصل بين الطرفين، وما ترتب عليه من اعتداء وسب”.

– قرار عدد 822، صادر بتاريخ 01/06/2011، سبقت الإشارة إليه.

[68]– بشرى العلوي: م س، ص: 236.

[69]– اليمين التي يقصدها المشرع هنا هي اليمين المتممة باعتبار أننا في مجال الإثبات فيه متروك للسلطة المطلقة للقاضي من جهة، وأن هاته اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه متى رأى ذلك ضروريا من جهة أخرى، فالقاضي هو الذي يستخلص القرائن وهو يملك حق توجيه هاته اليمين للخصوم لتدعيم وتعزيز قرائنه متى رأى ضرورة لذلك .

 

[70]– إدريس العلوي العبدلاوي: وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، المطابع الفرنسية والمغربية، الرباط، 1971، ص: 178.

[71]– اليمين الحاسمة يمكن توجيهها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى أمام محكمة الموضوع، بل يمكن توجيهها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، ولا يمكن توجيهها لأول مرة أمام محكمة النقض. ويصدر بها حكم تمهيدي يؤكد توفر شروط توجيهها، إلا أن توجيهها دون أمر تمهيدي لا يؤدي إلى بطلان إجراءاتها، لأن النص القانوني لم يشترط إصدار أمر تمهيدي بها، على خلاف اليمين المتممة، فالقاضي إذا كان له اطلاع بوقائع النزاع ومحتويات الملف يمكنه بمجرد طلب اليمين الحاسمة أن يعرضها على المدعى عليه الحاضر، أو يستدعيه للحضور شخصيا، ويؤدي اليمين أمامه.

[72]– خالد سعيد: م س، ص: 224.

Exit mobile version