إشكالية الهوية و الإنتماء في المجتمعات العربية و تأثيرها على الصراع السياسي دراسة مقارنة “بين أكراد العراق و أمازيغ المغرب

إشكالية الهوية و الإنتماء في المجتمعات العربية و تأثيرها على الصراع السياسي

دراسة مقارنة “بين أكراد العراق و أمازيغ المغرب”

ريام عبد الستار المفرجي

باحثة في سلك الدكتوراه

التخصص : العلوم السياسية

جامعة محمد الخامس / الرباط                                 

 

 

تقديم :

منذ أنهيار الدولة الإسلامية في زمن الخلافة العثمانية و الأمة المجتمعية ذات الهوية العربية تعاني من إشكالية دائمة تتمثل في حالة التمزق و الإنفصام بين الأنساق المختلفة لهذه الأمة .

نقول ” أمة ذات هوية عربية ” ، لكون أمتنا المجتمعية تتكون من أكثر من مكون ديني و عرقي و طائفي و قومي يشتركون بنفس الأرض و التاريخ بماضيه و حاضره و مستقبله ، و هذه من الثوابت التي لا تستطيع أي قوة إستعمارية أجنبية أن تغير هذه الحقيقة .

فلإنتماء :- هو حضور مجموعة متكاملة من التقاليد و القيم و الأعراف و التقاليد التي تغلغل في أعماقها الفرد فيحيا بها و تحيا به ، كما و يشكل ” الإنتماء ” جذر للهوية الأجتماعية للفرد داخل نسقه الأجتماعي . فلإنتماء هو إجابة عن سؤال الهوية في صيغة من نحن ؟  [1]

و بالرغم من ذلك فإن تاريخ منطقتنا العربية هو مجموعة من علامات الأستفهام التي لا يستطيع أي محلل إلا أن يقف حائرا ًغير قادر على تقديم إجابات مقنعة .

فيكفي أن نذكر بعض النماذج في دول العالم التي تتمتع بالتنوع ألاثني و العرقي و القومي ، و لكنها تعيش ضمن الحدود الترابية بحقوق و واجبات متساوية تحت مفهوم ” المواطنة ” .

إذا لماذا الفشل العربي في التعامل مع مشاكله ؟؟ ،على الرغم من انه يمتلك كل مصادر القوة البشرية و المادية لتحكم في مصيره ، وكذلك أن يكون طرفاً فاعلاُ في النظام الدولي .

وبرغم من ذلك نلاحظ غياب الإرادة الذاتية للمنطقة و أصبح الفشل هو العنصر الأبرز لملامح الوطن العربي في حل أزماته .

يمكن أن نربط ذلك إلى أسباب و وقائع تاريخية أرتبطت بالمنطقة و رسمت شكلها الحالي و نمت فكرت التجزئة بأنظمتنا و على أمتداد رقعتنا الجغرافية  وهي كتالي :

 

 

  • المرحلة العثمانية الطويلة التي انتهت بنهاية الحرب العالمية الأولى .
  • المرحلة الفرنكو – أنكليزية التي بدأت بتشكيل كيانات سياسية مجزئة داخل الوطن الواحد من جهة و تمهد الطريق للقوة الجديدة المتمثلة بالنفوذ الأمريكي بالمنطقة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية .
  • تشكل كيانات مستقلة داخل كيان الأمة العربية تمت ولادتها مع نهاية الحرب العالمية الثانية دون أن تقطع مع فكرت التجزئة و الكيانات الجزئية الإقليمية .[2]

و بالإستناد إلى العناصر السابقة فإن المسبب للأزمات العربية عادة ما يرتبط بعنصر خارجي يتمثل بالقوة الأستعمارية[3] ، إلا أن هنالك روابط مشتركة عديد تمثل نقاط الإلتقاء للهوية الجامعة للأمة العربية .

ولقد نظر العديد من مفكرين الفكر القومي العربي إلى أن الأمة المتجانسة مكونة من أصل واحد ، ومن ثقافة مشتركة ممتدة عبر تاريخ طويل ، و ما يبدوا من فوارق قائمة بين أبنائها فإنها ليس سوى فوارق عرضية زائفة  .[4]

يعتبر هذا الطرح هو الأقرب لواقع النسق المجتمعي للأمة العربية ، و أن كان التعدد الديني  القومي ، المذهبي هو السائد إلى أن هنالك ثوابت و نقاط مشتركة تجمع جميع أنساقه الإجتماعية المختلفة .

فلقد أعتمد الفكر القومي العربي على خمسة مرتكزات أساسية في تحديد هوية أنساق مجتمعنا و هي كتالي : –

  • اللغة العربية .
  • الجنس العربي .
  • الدين .
  • الثقافة .
  • التاريخ المشترك .[5]

 

و في السنوات الأخيرة، وما شهده الوطن العربي من تغيرات على مستوى الساحة العربية أجتماعياً و سياسياً عرف بال ” الربيع العربي ” ، و ما قبله من الغزو الأمريكي للعراق و أفغانستان شهدت المنطقة حالة من عدم التوازن و التجانس بين مكونتها تسببت في حالة من عدم الأستقرار أدت إلى بروز الولاءات الفرعية المتمثلة بالقبلية ، الإثنية ، العرقية ، المذهبية ، الدينية ، الخ ….

فهي نتيجة طبيعية لغياب الهوية الجامعة لكل هذه الأنساق الإجتماعية ، و التي تسببت في حالة ألا أستقرار و الأمان الجماعي بين هذه الأنساق .

إشكالية الدراسة : –

تواجدت في العالمين العربي و الإسلامي العديد من الأقليات التي أنصهرت ديمغرافيا و جيوسياسيا مع الأغلبية من باقي مكون المنطقة ، و إن كان هذا التنوع القومي هو أغناء للتراث الثقافي و الحضاري ، فان الأمر لم يكن بهذه الشفافية من الناحية السياسية لا سيما في الشرق الأوسط .

و مما تقدم فان الدراسة ستختص بدراسة خصوصية شعبين يتمتعان بتنوع ثقافي و تراثي ، و لكن يختلفان من الناحية السياسية هما ” القضية الكردية ” بالعراق و ” القضية الامازيغية ” بالمغرب ، حيث يعتبر الشعب الكردي بالعراق ثاني أكبر قومية بعد القومية العربية ، و كذلك في المغرب تعتبر القومية الأمازيغية ثاني أكبر قومية بعد العربية الشعبين يتمتعان بنسيج أجتماعي متوازن و متعايش عبر تاريخ طويل ، و لكن الظروف السياسية تختلف بهذين البلدين ، و ستحاول المقالة الإجابة عن التساؤل التالي :

إلى أي حد يمكن أن يكون الإنتماء للهوية الحضارية و الثقافية لأمتنا دوراً في تعزيز روح ” المواطنة “، في بناء دولة وطنية موحدة ، و سبيلاً لمواجهة التمزقات الطائفية و العرقية و الدينية ؟

 

و سيتفرع عنها ثلاثة أسئلة فرعية هي كتالي :

  • هل نحن عرب أم مسلمون أم أمة حضارية ذات نسق تعددي متجانس ؟
  • هل نحن أبناء الوطن أم أبناء العشيرة ؟
  • هل نحن أبناء الطائفة أم الدين ؟

 

سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة بالإستناد إلى الفرضيات التالية : –

  • تعتبر الأمة العربية ذات هوية حضارية تكونت عبر تراكم حضاري قديم منذ بداية البشرية ضمت قوميات و أديان و طوائف متعددة تمثل الزخم الحضاري لامتنا التي تثبتت هويتها بنزول القران الكريم على النبي العربي محمد ” صل الله عليه و سلم ” باللغة العربية التي تعد لغة متطورة للغات أخرى سبقتها بصورتها الحالية تنتمي لنفس المنطقة إذن الأمة العربية بهويتها الحالية بحكم الإسلام و القران الكريم ذات نسيج تعددي متجانس ثقافيا و حضاريا .

 

  • تعتبر القبيلة / العشيرة من أهم مميزات مجتمعنا و يشترك بها العرب و باقي القوميات والأقليات الأخرى و الشعب الكردي بالعراق ، و الأمازيغي بالمغرب يتمتعان بنظام قبلي يخضع لنفس القوانين التي تتبعها القبائل العربية .

 

  • تتمتع منطقتنا بتنوع ديني لكون منطقتنا العربية كانت مهد للعديد من الأديان السماوية و موطئ قدم للعديد من الأنبياء ، و مثلما العرب يمتازون بالتنوع الديني أي ليس جميعهم مسلمين ، فهنالك عرب مسيح ، صابئة مندائيين ، يهود ، و عبدة ديانات أخرى غير سماوية ، كذلك الشعبين الكردي و الأمازيغي فهم متعددين الأديان إذاً منطقتنا بنسيجها ذات هوية عربية بحكم القران الكريم الذي نزل بلغة العربية على النبي العربي محمد صل الله عليه و سلم ، و لكنها أيضا الأرض التي ولد و عاش بها النبي عيسى عليه السلام و النبي موسى عليه السلام جميعهم ينتمون لهذه الأرض .

 

إستنادا لما سبق سيتم تقسيم الموضوع إلى ثلاث محور أساسية هي التالي :

 

  • المحور الأول : الركائز البنيوية للخصوصية الثقافية و الحضارية لأمتنا العربية ” العراق و المغرب ” نموذجا .

 

  • المحور الثاني : القضية الكردية بالعراق بعد الاحتلال الأمريكي للعراق
  • المحور الثالث :خصوصية القضية الأمازيغية بالمغرب، ودورها في البناء المؤسساتي و الثقافي و التراثي للمغرب .

 

  • خاتمة و خلاصة .

 

المحور الأول : – الركائز البنيوية للخصوصية الثقافية و الحضارية لامتنا العربية .

ان التواصل و التفاعل الحضاري بين القوميات و الأديان ، و الطوائف المختلفة في كل امة مجتمعية التي تجسد بنيتها و خصوصيتها بين الأمم ، فان امتنا العربية وحدة من بين شعوب العالم التي تمتاز بهذا التراكم الحضاري و الثقافي ، الذي تكون عبر تاريخ طويل تجسد بالماضي المشترك و الحاضر و المستقبل .

 

ولو أخذنا الواقع العربي ، فهو مأزوم بالفكر ، و الفكر مأزوم بالواقع ، فان أهم تجليات الأزمة الطافية على السطح هي مسالة الهوية ، سواء تعلق الأمر بالعراق أو السودان أو لبنان ، و إن كانت مسالة الهوية أخذت طابعاً صدامياً ن و دموياً أحيانا في هذه البلدان ، فهي كامنة و قابلة للانفجار في بلدان أخرى و عليه فان سؤال الهوية كان حاضراً دائما في كل الأزمنة ، و اليوم لبس زي الديمقراطية في ظل التحولات التي شهدتها المنطقة ، فهنالك اليوم عدة تهديدات تهدد الوحدة الاجتماعية لانساق امتنا اليوم تتمثل بتهديدات الخارجية ، و هي قديمة في عالمنا العربي تعود أساسا إلى اتفاقية سايكس – بيكو لعام 1916 ، حيث هيأت الجغرافية السياسية التي فسحت المجال لظهور دول قطرية كونت انساق داخل النسق المجتمعي للأمة العربية سميت بالدولة الوطنية *، و هي بدورها أنتجت هوية وطنية تمايزت بتناقضات عديدة مع باقي الأنساق المجتمعية الداخلية في كل دولة قطرية عربية .

 

تسبب هذا بالإنسلاخ عن الهوية الإسلامية و العالم الإسلامي ، و من خلال دراستنا سنسلط الضوء على قضيتين لدولتين قطريتين هما : العراق و المغرب ،و تحديداً بما يخص القضية الكردية و القضية الامازيغية و دورها بتفاعلات الاجتماعية و السياسية خصوصا ترابط القضيتين الكردية ، الامازيغية بتراث العربي و الإسلامي .

 

 

 

 

*يعرف المفكر العربي عبد الله العروي” الدولة ” : بانها المجتمع السياسي ، المبني على الادلجة و على الجهاز ، و تجسد الادلجة مفهومي الشرعية و الإجماع ، و هي التحليل المزدوج للأخلاقيات و اجتماعيات الدولة . للمزيد من الاطلاع النظر الى كتاب مفهوم الدولة ، لعبد الله العروي ، ص 210 .

أولا : الخصوصية الكردية في العراق و تجربة الإقليم الفدرالي

 

يعتبر الشعب الكردي مكون أساسي من مكونات المجتمع العراقي يشترك معه تراثياً و حضاريا و تاريخيا بحكم الانصهار الديمغرافي و الجغرافي مع العرب، و عبر تاريخ العراق الطويل برزت عدة شخصيات كردية ساهمت في بناء الحضارة العربية و الإسلامية و الدفاع عن الأمة .

 

على سبيل الذكر القائد صلاح الدين الأيوبي ، الجهود الكبيرة للخليفة أبو مسلم الخرساني الذي ساهم في إرساء قواعد الدولة العباسية في ذلك الوقت ، و هم أيضا من تصدى جنبا الى جنب مع العرب للقائد المغولي هولاكو خان في القرن الثالث عشر ، و أستطاع الأكراد قتل 20 ألف جندي مغولي أمام قلعة اربيل في أشهر واقعة تلاحم بها العرب و الكرد للدفاع عن الأمة و الإسلام و الوطن[6] .

 

و لا يمكن إنكار دور الأكراد في البناء الحضاري و التراثي للمجتمع العراقي ، و الإسهام في بناء مؤسسات الدولة ، و لكن بقي الحلم الكردي بتأسيس دولة يسموها ” كردستان ” قائمة خصوصا مع بداية تشكل الجمعيات السياسية الكردية في القرن التاسع عشر من القرن العشرين .

 

فكردستان : – حسب الفكرة القومية الكردية هو الوطن المستلب و  المحتل من قبل مجموعة من الدول الإقليمية هي : إيران ، تركيا ، العراق ، سوريا ، و حسب هذه النظرية ، فان كردستان هي مناطق واسعة و شاسعة تمتد من من بحيرة أورمية في أقصى شمال الشرقي إلى ملاطية في الجنوب الغربي بطول حوالي 900 كم ، و عرض يبلغ حوالي 200 كم . [7]

 

هذا من جانب من جانب أخر إن المتتبع إلى الواقع التاريخي ، و الواقع الجغرافي ، و نتكلم هنا عن الحالة العراقية لا يوجد موقع على جغرافية العراق تدل على إن الشعب الكردي كان دولة مستقلة قائمة بهذه المنطقة ، فمثلا قلعة اربيل الشهيرة كانت عبارة عن معبد ضمن الحضارة العراقية القديمة و هي موقع ديني حسب الديانة العراقية القديمة ، و الرسومات الجدارية و الكتابات المسمارية القديمة تدل على ذلك .

 

إذا كان و ما زال الشعب الكردي شعبا ضمن المكون لباقي انساق الشعب العراقي الذين تعايشوا عبر تاريخ طويل على هذه الأرض بشكل مشترك .

 

و الشعب الكردي في العراق هم الأكثر حظا في تثبيت حقوقهم السياسية ليست فقط ” المواطنة ” فحسب بل منحهم مكاسب اكبر خصوصا بعد اتفاقية 11 آذار عام 1970 التي وقعها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي كان نائبا لرئيس الجمهورية آنذاك مع الزعيم الكردي الملا مصطفى البرزاني بإعلان إقليم فدرالي للكرد في شمال العراق ، و هذه الميزة لا يمتلكها باقي أكراد المنطقة ، أستطاع أكراد العراق من خلالها أن يؤسسوا نظامهم السياسي و الاقتصادي و النيابي بالمشاركة مع الحكومة المركزية في بغداد .

 

اذا ان الشعب الكردي جزء لا يتجزء من الشعب العراقي ككل ، و ان اقليم كردستان العراق هو جزء من التراب الوطني العراقي يعزز هذا الاقليم من المكانة الحضارية و الدولية للعراق في احترام قومياته ، و دليل على تعايش شعبه و تجانسه بعيدا عن التدخلات الخارجية .

 

 

ثانيا : – الخصوصية الامازيغية بالمغرب

 

للقطر المغربي تجربة أيضا مع التنوع في الثقافات و اللغات  و العادات و التقاليد ، و كما أسلفنا ، فإنها أغناء لأي شعب ، و دليل على عمق جذوره التاريخية في منطقته الإقليمية و مكانته الدولية ، فالشعب الامازيغي مكون أساسي من مكونات الشعب المغربي ، و هو كالشعب الكردي يرتكز في مناطق متعددة من شمال أفريقيا و أستقروا بها منها المغرب ، الجزائر .

 

كما ان للشعب الامازيغي لغة خاصة به سكنوا المنطقة منذ تاريخ طويل و تعايشوا مع العرب الفاتحين للإسلام . ساهم الامازيغ مع العرب لفتح اسبانيا ، أوربا ، وكانت اسبانيا مركز جذب للامازيغ خصوصا في عهد المرابطين و الموحدين ، و استمر نشر الإسلام بالمغرب نفسه على يد الامازيغ . [8]

 

 

إذا مما سبق فان الشعوب العربية عرفت التنوع الديني ، المذهبي ، العرقي ، القومي ، و تعايشت معه ، و لكن تواجه الحكومات العربية اليوم تحديدا أزمة في إدماج و استيعاب هذا التعدد ضمن مؤسسات الدولة ، دون الاعتماد على الأساس المذهبي ، القبلي ، الايديلوجي ، القومي باعتماد مبدأ ” المواطنة ” ، و إن كانت هنالك محاولات في الوطن العربي كما أسلفنا الذكر لدمج المكونات للمجتمع العربي ، و لكن ما تزال هنالك العديد من التحديات الإقليمية و الايديلوجية التي تقف حائلا لنجاح هذه التجربة السليمة في بناء الدولة بالوطن العربي .

 

 

المحور الثاني : القضية الكردية بالعراق بعد الاحتلال الأمريكي للعراق

 

برغم من توقيع اتفاقية 11 آذار 1970 ، التي تم بموجبها إعلان إقليم فدراليا للأكراد شمال العراق من قبل الحكومة المركزية في بغداد إلى أن الأوضاع التي مر بها العراق عام 1991 ، كانت هي بداية نقطة التحول في القضية الكردية على الساحة العراقية ، فكان لانسحاب الجيش العراقي للحكومة المركزية في بغداد المحطة الأولى في إرساء نظام حكم خاص بالشعب الكردي ضمن الحدود الترابية للعراق .[9]

 

 

كما كانت للانقسامات الداخلية التي أعقبت هذه المرحلة بين كل الكتل السياسية الكردية إضافة إلى ظروف الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق في ذلك الوقت جزء في فشل و تفكك المؤسسات الكردية الحديثة الولادة في الإقليم حتى عام 2004 أي بعد تغير الحكم في العراق ، فبدا الأكراد في إعادة ترتيب البيت الكردي داخليا بتوحيد الخطاب ، و تكتل الأحزاب السياسية الكردية ، أدى الى اكتساب اكبر قدر ممكن من المميزات للإقليم ، و كذلك المشاركة في العملية السياسية في الحكومة المركزية في بغداد .

 

 

 

 

 

 

إضافة إلى أن هنالك مجموعة من المميزات التي تميز بها الإقليم عن باقي المحافظات العراقية ساهمت في إرساء بوادر البناء المؤسساتي للإقليم و هي كتالي :

 

  • الاستقرار الأمني
  • النمو الاقتصادي
  • الحراك السياسي داخل الإقليم

إن العوامل السابقة ساعدت في نضج الفكر السياسي لدى الشعب الكردي ، حيث كان لهم دور مهم في مرحلة ما بعد نيسان 2003 ، و بروزهم على الساحة السياسية العراقية ، بأنهم اتخذوا قرارا استراتيجيا منذ بداية الاحتلال الأمريكي عام 2003 ، استنادا إلى قراءة عقلانية للواقع هو البقاء ضمن العراق فيدرالي موحد ، و التعاون مع القوى السياسية العراقية الأخرى في تحقيق قدر اكبر من المكاسب للأكراد ، مستخدمين بذلك أساليب عدة هي كتالي : –

  • أسلوب القوة الناعمة مع جميع الإطراف .
  • ترتيب البيت الكردي داخليا على جميع الأصعدة و توحيد القوى السياسية الكردية .
  • ممارسة الضغوط بين الحين و الأخر على الحكومة المركزية في بغداد لاتخاذ قرارات لمصلحة الأكراد .
  • إملاء شروطهم على العديد من المواد الى الدستور العراقي الدائم خصوصا في موضوع ” المناطق المتنازع عليها ” * .
  • امتلاكهم القدرة على تكريد السياسة العراقية خصوصا باستخدامهم حق النقض بآي قرار سياسي عراقي . 1[10]

إذا أمام الأكراد ، و في ظل الوضع العراقي الحالي خياران لا ثالث لهما ، أما الدخول في نزاعات لا متناهية بسبب قضية كركوك و المناطق المتنازع عليها ، أو التوافق مع باقي الأطراف العراقية ضمن صلاحياتهم في الإقليم داخل الحدود الترابية العراقية الذي فيه ضمانة لسلامة جيل أو أكثر …….

المحور الثالث : – خصوصية القضية الامازيغية بالمغرب ، و دورها في البناء المؤسساتي و الثقافي للتراث بالمغرب .

 

سنركز من خلال هذا المحور على دراسة السياق السسيلوجي،والسياسي/ الايديلوجي للامازيغ بالمغرب .

 

إن المسالة الامازيغية بالمغرب تشترك مع المسالة الكردية في العراق من حيث وضعية الامازيغ داخل النسق المجتمعي المغربي ، حيث استقر الامازيغ في الربع الشمالي الغربي من أفريقيا ، و التركيز على المعطيات الثقافية أكثر من المعطيات الطبيعية ، و من بينها استمرار اللغة الأمازيغية .[11]

 

حيث لا تتعدى مطالب الشعب الأمازيغي بالمغرب إلا بالاعتراف باللغة و الثقافة الأمازيغية ، و اقتسام الثروات الاقتصادية الطبيعية ، و هذه هي أهم الأستراتيجيات التي تبناها الفاعلين الامازيغ عبر الارتكاز على القوانين الدولية المتمثلة بحماية حقوق الإنسان وحقوق الشعوب الأصلية ضمن أنساقها المجتمعية .

 

و في هذا المحور سندرس الخصوصية الأمازيغية بجانبين و هي كتالي : –

 

  • القضية الأمازيغية في سياقها الاجتماعي : –

 

ينتمي الأمازيغي للأرض المغربية و يشترك مع باقي المغاربة بالتراث والثقافة المشتركة ، و ذلك عبر التعايش بين انساق المغرب المختلفة .

كما و يتميز الشعب الأمازيغي باللغة ألسانية الخاصة بهم ، كما هو الحال لأكراد العراق ، و لكن لا توجد منطقة خاصة بالأمازيغ  بل هم موزعين على عموم تراب المملكة المغربية  [12].

 

 

 

 

 

  1. القضية الأمازيغية في سياقها السياسي : –

 

لقد ركزت العديد من الدساتير المغربية على القضية الأمازيغية ، و في الحقيقة يمكن أن نعتبر بدات القضية تطرح بلاجندة السياسية المغربية بحدود ثمانيات القرن الماضي ، وصولا الى دستور فاتح يوليوز 2011 ، و كذلك الخطاب الملكي التوجيهي ” في 9 مارس 2011 ، الذي تحدث عن الامازيغ تتالف حوله عناصر التنوع المكونة للطابع التعددي للهوية المغربية ”  [13].

 

خاتمة :

 

إن. التنوع في الهوية المجتمعية تعتبر إغناء لاي بلد ، إلا أن تعدد الهوية في الوطن العربي يعتبر من الأزمات الدائمة بسبب تعدد الو لاءات القبلية و الدينية و القومية ، و بالرغم من محاولة بعض الحكومات العربية أستيعاب هذا التعدد للحفاظ على توازن الدولة كما هو الحال في ” التجربة الكردية بالعراق ” و ” التجربة الأمازيغية في المغرب ” .

 

و مازالت الدولة في الوطن العربي تعاني من مخاض في الاستقرار السياسي و الاجتماعي للدولة بخلق نوع من التوازن الداخلي ، هو احد الرهانات التي تواجهها الحكومات العربية و لتحقيق ذلك ينبغي التالي : –

 

  • استيعاب التعدد و التنوع القومي ، الديني ، المذهبي في البلاد العربية .
  • تهميش دور القبيلة و الو لاءات الجانبية التي تسبب بإحداث شرخ في نسيج مجتمعاتنا العربية .
  • تعزيز روح المواطنة بين جميع أطياف المجتمع لضمان الحفاظ على التوازن الداخلي لمجتمعاتنا العربية التي تتمتع بتنوع في الهوية المجتمعية

 

 

 

 

 

 

مراجع معتمدة

 

 

  1. محمد عمر احمد أبو عنزة ، واقع إشكالية الهوية العربية : بين الأطروحة القومية و الإسلامية ” رسالة ماجستير ، جامعة الشرق الأوسط / قسم العلوم السياسية ، سنة 2011.

 

  1. مسعود الظاهر ، الدولة و المجتمع بالمشرق العربي ، دار الآداب ، سنة الطبع 1991.

 

  1. كتاب الهوية و قضاياها في الوعي العربي المعاصر ، مجموعة مؤلفين ، سلسلة كتب المستقبل العربي 68 / مركز دراسات الوحدة العربية .

 

  1. هشام شرابي ، مقدمات لدراسة المجتمع العربي ، الدار المتحدة لنشر / لبنان ، ط 3 ، سنة الطبع 1984 .

 

 

  1. -محمد بودهان ، في الهوية الامازيغية للمغرب، ناشر : سلسلة في سبيل الامازيغية 5 ، الطبعة الثانية ، سنة النشر : 2013 .

 

 

  1. العربي عقون ، الامازيغ عبر التاريخ ” نظرة موجزة في الأصول و الهوية ” ، الناشر : التنوخي للطباعة و النشر و التوزيع ، الطبعة الأولى 2010.

 

 

  1. – محمد بودهان ، من هو العربي و من هو الامازيغي في المغرب ، مجلة هسبريس ، 1/ فبراير / 2013 .

 

 

  1. د ابتسام محمد العامري ، الأكراد و إستراتيجية بناء الدولة العراقية بعد الاحتلال جامعة بغداد ،الناشر : مركز الدراسات الإستراتيجية ، ،19/1/2014  . http://www.markazaliraq.net/?state=news&viewId=15865

 

  1. سيلين أوكلير ،الخيارات الدستورية لعراق ما بعد الحرب / معهد الديمقراطي الوطني ، الناشر : منتدى الاتحادات الفيدرالية ، سنة النشر : 2003 .

 

  1. عز الدين المناصرة ، المسالة الامازيغية في الجزائر و المغرب ، الناشر : دارلشروق، ص 96

 

  1. احمد تاج الدين ، الأكراد تاريخ شعب و قضية وطن ، الناشر : الدار الثقافية للنشر ، الطبعة الأولى ، سنة النشر : 2001  .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] – كتاب الهوية و قضاياها في الوعي العربي المعاصر ، مجموعة مؤلفين ، سلسلة كتب المستقبل العربي 68 / مركز دراسات الوحدة العربية ، ص 155 .

[2] – مسعود الظاهر، الدولة و المجتمع بالمشرق العربي ، دار الآداب ، سنة الطبع : 1991 ، ص 29 .

[3]  – هشام شرابي  ، مقدمات لدراسة المجتمع العربي ، الناشر : الدار المتحدة لنشر ، الطبعة الثالثة ، لبنان 1984، ص 120

[4] – محمد عمر احمد أبو عنزة ، واقع إشكالية الهوية العربية : بين الأطروحة القومية و الإسلامية ” رسالة ماجستير ، جامعة الشرق الأوسط / قسم العلوم السياسية ، سنة 2011 ،  ص 32 .

[5] – محمد عمر احمد ابو عنزة ، واقع إشكالية الهوية العربية : بين الأطروحة القومية و الإسلامية ” رسالة ماجستير ، نفس المرجع  ص 40 .

[6]  – احمد تاج الدين ،  الأكراد تاريخ شعب و قضية وطن ، الناشر : الدار الثقافية للنشر ، الطبعة الأولى ، سنة النشر : 2001  ، صص 5،6

[7]  – احمد تاج الدين ،  الأكراد تاريخ شعب و قضية وطن ،  نفس المصدر السابق ، ص 11

[8]  – عز الدين المناصرة ، المسالة الامازيغية في الجزائر و المغرب ، الناشر : دار الشروق ،  ص 96

[9]  – سيلين أوكلير ،الخيارات الدستورية لعراق ما بعد الحرب  / معهد الديمقراطي الوطني ، الناشر : منتدى الاتحادات الفيدرالية ، سنة النشر : 2003 ،  ص 16

*المناطق المتنازع عليها هي المناطق التي أطلقتها قيادة إقليم كردستان العراق على بعض النواحي و الأقضية المحاذية للإقليم ، و برزت هذه الظاهرة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ، و كما أنها تعتبر من أكثر المشاكل الشائكة في مواد الدستور العراقي الدائم بين العرب و الاكراد .

 

10 – د ابتسام محمد العامري ،  الأكراد و إستراتيجية بناء الدولة العراقية بعد الاحتلال جامعة بغداد ،الناشر : مركز الدراسات الإستراتيجية ، ،19/1/2014  . http://www.markazaliraq.net/?state=news&viewId=15865

[11]  – العربي عقون ، الامازيغ عبر التاريخ ” نظرة موجزة في الأصول و الهوية ” ، الناشر : التنوخي للطباعة و النشر و التوزيع ، الطبعة الأولى 2010 ، ص 20 .

 – محمد بودهان ، من هو العربي و من هو الامازيغي في المغرب ، مجلة هسبريس ، 1/ فبراير / 2013 .[12]

 -محمد بودهان ، في الهوية الامازيغية للمغرب، ناشر : سلسلة في سبيل الامازيغية 5 ، الطبعة الثانية ، سنة النشر : 2013 ، ص 32 [13]

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *