Site icon مجلة المنارة

أسباب عدم فعالية آليات مكافحة الإرهاب دراسة مقارنة

أسباب عدم فعالية آليات مكافحة الإرهاب دراسة مقارنة

Reasons for ineffectiveness of counter-terrorism mechanisms A comparative study

محسين أبري

MOHSSINE ABARRI

أستاذ التعليم العالي في القانون

Professor of Higher Education in Law

المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الدار البيضاء سطات

The regional center for education and training professions for Casablanca

ملخص :

انطلاقا من المؤشرات المتعددة لواقع الإرهاب، يتضح لنا التزايد والتطور الذي يعرفه هذا النمط الإجرامي، ومقابل ذلك تبدو أنظمة المكافحة القائمة عاجزة عن مواجهته والحد من تزايده، ومن أجل العمل على تجاوز هذا العجز وتعزيز نظام المكافحة، لابد لنا في البداية من رصد الثغرات والعيوب التي تشوبه وتحول دون فعاليته ونجاعته.

هناك تلازم بين النظام الدولي للمكافحة والأنظمة الوطنية المختلفة، ومن شأن البحث في محتوى هذه العلاقة أن يكشف لنا عن عدة معوقات تؤثر بشكل واضح على مستوى المكافحة وتجعلها قاصرة عن مسايرة مظاهر الإرهاب المختلفة وسرعة تطورها وأوجهها ومجالات ممارستها(1).

ومن أجل تقييم فعلي لمردودية أنظمة المكافحة يتعين علينا كخطوة أولى إبراز النقص التي يطبعها سواء على المستوى الدولي أو على الصعيد الوطني، ثم نتناول سبل تدعيم وتقوية المكافحة وجعلها أكثر نجاعة وفعالية في مواجهة تطور جرائم الإرهاب.

كلمات مفتاح: مكافحة الإرهاب , فعالية المكافحة ,نجاعة مواجهة الإرهاب

 

Summary :

Based on the multiple indicators of the reality of terrorism, it is clear to us the increase and development that this criminal pattern defines, and in return for that the existing control systems seem unable to confront it and limit its increase, and in order to work to overcome this deficit and strengthen the control system, we must first monitor the gaps and defects that It is tainted and inhibited by its efficacy and efficacy.

There is a correlation between the international system of combat and the different national systems, and research into the content of this relationship reveals to us several obstacles that clearly affect the level of control and make it deficient in keeping pace with the various manifestations of terrorism, the speed of its development, its aspects and areas of practice

Inder to effectively assess the effectiveness of the control systems, we must, as a first step, highlight the deficiencies that characterize them, whether at the international level or at the national level, and then address ways to support and strengthen the fight and make it more effective and effective in facing the development of terrorist crimes Key word  : The fight against terrorism, the effectiveness of the fight, the effectiveness of combating terrorism 

 

تقديم:

يكتسي جانب المكافحة الخاص بجرائم الإرهاب على اختلاف مظاهرها والمجالات التي تستهدفها أهمية قصوى على اعتبار أنه يجسد التطبيق العملي لمختلف المقتضيات المسطرية والموضوعية التي يوفرها  سواء القانون الدولي  بمختلف مكوناته ,أو القوانين الوطنية التي عالجت جرائم الإرهاب ,وأفردت لها نصوص ومقتضيات خاصة.

وتكمن أهمية جانب المكافحة في أنه يسلط الضوء على مختلف ألآليات الدولية الموظفة في مجال المكافحة كما يرصد مكامن الضعف والخلل التي تحول دون تحقيق النجاعة المطلوبة ,والتصدي المناسب لهدا النوع من الجرائم ,كما أنها لا تساعد على مسايرة وثيرة تطور هده الجرائم سواء من حيث الأساليب المعتمدة ,أو من خلال تتبع الاستراتيجيات التي يتبناها الإرهابيون ,والأهداف التي يترصدون بها ويستهدفونها .

ومن شأن تشخيص أنظمة المكافحة المختلفة ,والوقوف على أوجه القصور ,وغياب النجاعة في التصدي للجرائم الإرهابية المختلفة والمتطورة ,أن يوفر أرضية مناسبة لطرح سبل بديلة كفيلة  بتدعيم وتقوية مكافحة الإرهاب بمختلف تجلياته ومظاهرة الحديثة ,كما سيساهم هدا الطرح في توفير مناعة وحصانة ضرورية في مواجهة الخطر الإرهابي وما يمثله من خطورة على استقرار المجتمع من خلال استهداف  وتهديد أمنه الاقتصادي ,الاجتماعي والسياسي,وهو ما سنتناوله من خلال المحاور التالية :

المحور الأول: مظاهر عجز نظام المكافحة الدولي

المحور الثاني  : مظاهر عجز أنظمة المكافحة الوطنية

المحور الثالث: سبل تدعيم وتقوية أنظمة المكافحة

 

 

 

 

 

المحور  الأول: مظاهر عجز نظام المكافحة الدولي.

إن الغاية المتوخاة من خلال هذا االبحث هو الوقوف عند أوجه القصور والعجز التي تطبع النظام الدولي للمكافحة وتحول دون أدائه للدور الأساسي المنوط به، ويمكننا في هذا السياق إرجاع مظاهر هذا العجز من جهة إلى ضعف ومحدودية النظام التجريمي الدولي,، والذي تعتريه عدة ثغرات تجرده من كل قوة وفاعلية ومن جهة ثانية يعتبر عدم الالتزام بنظام التسليم في جرائم الإرهاب مظهرا آخر من مظاهر ضعف النظام الدولي الذي يقوم بدور أساسي في تفعيل مختلف القواعد والأحكام ، وينظاف الى ذلك عجز القضاء الدولي المتمثل أساسا في المحكمة الجنائية الدولية عن الاضطلاع باختصاصاتها في مجال متابعة ومحاكمة الجرائم الإرهابية .لقد تم رصد ثلاثة مظاهر أساسية لمحدودية نظام المكافحة الدولي وعجزه عن مواجهة الجرائم الإرهابية وتتمثل في ما يلي:

أولا- قصور النظام التجريمي الدولي

ثانيا- عدم فعالية نظام التسليم

ثالثا- عجز القضاء الدولي في مواجهة الإرهاب

أولا-قصور النظام ألتجريمي الدولي

يتألف النظام ألتجريمي الخاص بجرائم الإرهاب من مجموعة من القواعد والمبادئ المستوحاة إما من المؤتمرات الدولية لتوحيد القانون الجنائي، أو من الاتفاقيات الدولية المبرمة في هذا الإطار، إلى جانب مقررات وتوصيات الأمم المتحدة الصادرة في الموضوع، وإذا ما أخذنا مختلف هذه القواعد والأحكام مجتمعة فإننا لا نجدها تؤلف نظاما تجريميا متكاملا حول الإرهاب باعتباره جريمة قائمة ومستقلة بذاتها.

لقد شكلت اتفاقية “جنيف” لسنة 1937 إطار أوليا لمعالجة الجريمة الإرهابية وإيجاد مقتضيات خاصة بمكافحته(1)، إلا أن عدم مصادقة أغلبية الدول عليها وبالتالي عدم دخولها حيز

التطبيق أفقد أحكامها كل قيمة عملية.

وبالنسبة لباقي الاتفاقيات الأخرى نجد أنها لم تعالج سوى أشكال معينة أو مظاهر خاصة للإرهاب، مثل تحويل أو اختطاف الطائرات، كاتفاقية “لاهاي” و” طوكيو” و” مونريال”، أو الاعتداء على الأشخاص المتمتعين بحماية دولية خاصة كاتفاقية واشنطن ,

إن مجمل الاتفاقيات الخاصة السالفة الذكر لم تركز على بنية تجريمية متكاملة ، بل ركزت على آثار العمل الإرهابي كأساس ومناط للتجريم، حيث يعتبر معيار أو عنصر الرعب وتهديد الأمن والسلم الدوليين هما أساس القواعد العقابية الصادرة عنها دون اعتماد بنية تجريمية قارة للإرهاب كجريمة لها مقومات خاصة بها.

من خلال تفحص أغلب القواعد والأحكام الصادرة عن جل الاتفاقيات الدولية الخاصة بمظاهر الإرهاب المختلفة، يبدو استعمال معيار القياسAnalogie”” كضابط أساسي في تجريم الفعل وإقرار قواعد زجرية للمعاقبة عليه(1)،بل إننا نجد بعض الاتفاقيات لم تعتمد أي وسيلة أو معيار للتجريم كما هو الشأن بالنسبة لاتفاقية “طوكيو” والتي تقرر إجراءات أو تدابير للمحافظة ليس إلا(2).

انطلاقا من الملاحظات السابقة يمكن الجزم بأن النظام ألتجريمي الدولي لم يطرح من خلال مختلف القواعد والأحكام التي تضمنها بنية تجريمية خاصة بالإرهاب، أو بصيغة أخرى أنه لم يتناول تجريم الإرهاب باعتباره أسلوب عمل خاص له خصائص وضوابط معينة، بل اكتفى فقط باعتماد الآثار الناجمة عن هذا الفعل الإجرامي كأساس لتجريم مجموعة من الأفعال الموازية(3).

نرى مع الأستاذ محمد مهنى أن القانون الدولي قد فشل في معالجة الإرهاب كجريمة خاصة، وأنه لا يمكن الاعتداد بالنصوص التي تطرقت لبعض الأشكال الخاصة من الإرهاب، حيث تعتبر غير كافية للإحاطة بالموضوع لما اتسمت به من عمومية وتجريد.

ثانيا- عدم فعالية نظام التسليم:

يشكل التسليم في جرائم الإرهاب أحد أبرز العوامل الكفيلة بتعزيز سبل المكافحة والحد من تنامي هذا النمط الإجرامي، مما حدا بجل الاتفاقيات والقوانين الدولية إلى أن تؤكد على مبدأ اعتبار جرائم الإرهاب بمثابة جرائم مشمولة بحكم القانون بإجراء التسليم، سواء تم التنصيص على ذلك في الاتفاقيات الثنائية أم لا (4).

وإذا كانت قاعدة التسليم في الجرائم الإرهابية تمثل أحد المعالم البارزة في مجال القانون  الجنائي الدولي، فإن تطبيقها العملي والتزام مختلف الدول بها قد يتعارض مع قاعدة أخرى لاتقل أهمية وهي قاعدة عدم التسليم في الجرائم السياسية 5).

إن من شأن وجود القاعدتين السالفتين داخل النظام القانوني الدولي ن يؤدي إلى تناقض Antinomie””،بين القواعد وكذا اختلاف على مستوى التطبيق، مما يشكل ثغرة قانونية ميزت جل النصوص والاتفاقيات الدولية الخاصة بالإرهاب(1)،وقد اتخذ تطبيق مبدأ التسليم في الاتفاقيات

الدولية مظهرين أساسيين:

1: عمدت بعض الاتفاقيات الخاصة بالإرهاب على إخضاع مبدأ الالتزام بالتسليم إلى المقتضيات والشروط الدستورية والقانونية المعمول بها داخل كل دولة على حـدة.

أمثلـة:

– أوردت اتفاقية لاهاي لسنة 1970 والمتعلقة بتجريم الاعتداء على سلامة الطيران في الفصل الثامن مايلي: ” أن فعل تغيير اتجاه الطائرة يندرج بحكم القانون في حالات التسليم…ويخضع التسليم للشروط الأخرى المحددة بمقتضى القانون الداخلي للدولة…“.

نفس المقتضى نجده في اتفاقية 1979 المتعلقة بأخذ الرهائن والتي تنص في فصلها العاشر:

تخضع الاستجابة لطلب التسليم للمقتضيات الداخلية للدولة المقدم إليها الطلب…

كما أن الفصل التاسع من نفس الاتفاقية يعطي الحق للدولة في رفض التسليم وذلك لاعتبارات عرقية أو دينية أو سياسية…(2) .

انطلاقا من المقتضيات السابقة يتضح لنا أن إعمال مبدأ التسليم في جرائم الإرهاب مرتبط بإرادة الدول من خلال مقتضياتها التشريعية الداخلية، الشيء الذي قد يعطل عمليا هذا المبدأ.

2: تعطيل مبدأ التسليم من خلال التنصيص على مجموعة من القيود الخاصة بتفسير النصوص أو بتكييف الأفعال المجرمة وتطبيق اتفاقية التسليم بصددها(3).

إن التنصيص على مبدأ التسليم يصبح دون جدوى مادامت ترد عليه مجموعة من القيود التي تحد من فعاليته وتطبيقه.

أمثلـة:

نسوق في هذا الإطار مقتضيات اتفاقية واشنطن لسنة 1971 والتي نصت في الفصل السادس

منها على أنه ” لا يمكن تفسير أي من مقتضيات هذه الاتفاقية بشكل يضر بحق اللجوء“.

أما الاتفاقية الأوربية لمكافحة الإرهاب لسنة 1977، فبعد أن قضت في فصلها الثاني على مايلي: ” يبقى للدولة صلاحية تكييف الفعل على أنه جريمة سياسية” ، مما يفيد عمليا تعطيل تطبيق التسليم بصددها نجدها تنص في الفصل الخامس على أنه:” لا يمكن تفسير أحكام هذه الاتفاقية بأنها تنشئ التزاما بالتسليم، إذا تبين للدولة المقدم إليها الطلب لأسباب معقولة أن طلب التسليم المتعلق بجرائم الفصل الأول أو الثاني تم من أجل متابعة ومعاقبة الشخص لأسباب واعتبارات عرقية أو دينية أو وطنية أو سياسية أو بان وضعية هذا الشخص قد تتعرض للخطر لإحدى الاعتبارات

يتبين لنا من خلال مختلف مظاهر استعمال مبدأ التسليم الخاص بالجرائم الإرهابية سواء من خلال ربطه بقوانين داخلية أو عن طريق وضع قيود على تطبيقه، أنه تم إفراغ هذا المبدأ من مضمونه الحقيقي، وبالتالي العمل على الحد من فعاليته كأداة ناجحة في مواجهة مرتكبي جرائم الإرهاب المختلفة(1).

إن من شأن التعارض الموجود بين قاعدة عدم التسليم لأسباب سياسية، وبين مبدأ التسليم في جرائم الإرهاب أن يزيد من تفاقم هذه الجرائم وتناميها تحت غطاء المقاومة السياسية التي تشكل ذريعة للإفلات من العقاب، وبالتالي تمرير مختلف أشكال العنف الإجرامي الإرهابي(2).

إن التسليم يجسد أحد أبرز معالم السياسة الجنائية الحديثة مما يقتضي معه إيلاءه المكانة المناسبة ضمن قواعد القانون الدولي، ولن يتأتى ذلك مالم يتم إيجاد صيغة مناسبة للفصل بين الاعتبار السياسي كظرف مميز للجريمة، وبين مبدأ التسليم كقاعدة أساسية لتكريس الشرعية الدولية واحترام القانون.

ثالثا: عجز القضاء الدولي عن مواجهة الإرهاب

يطرح القضاء الجنائي الدولي الخاص بالإرهاب عدة إشكالات ترتبط بوجوده كجهاز قائم الذات على الواقع وكذا بطبيعة المهام التي يستأثر بها لأجل ذلك، وتتعدد مظاهر فشل وعجز القضاء الدولي الخاص بالإرهاب سواء من ناحية إنشائه وتكوينه أو على مستوى المهام والاختصاصات المنوطة به.

المستوى الأول: إنشاء وتكوين قضاء مختص بالإرهاب

يتطلب إنشاء جهاز قضائي دولي يعهد إليه بالبث في قضايا الإرهاب، ضرورة وجود إرادة تشريعية دولية وموحدة يتم بلورها في إطار نصوص تشريعية نافذة وملزمة، وهو ماتم التنصيص عليه ضمن إطار اتفاقية روما بتاريخ 17 يوليوز 1998، إلا أن هذا لا يحول دون تسجيل ملاحظات أساسية تخص إنشاء هيئة قضائية دولية دائمة.

1-غياب واقعية تشريعية

تعد هذه الملاحظة أهم سمة تميز جل القواعد الخاصة بإنشاء محكمة جنائية مختصة في الإرهاب، حيث إذا ما انطلقنا من اتفاقية جنيف لسنة1937 المتعلقة بمحكمة جنائية دولية ، سنجد أن هناك تعارض بين وجود إرادة بضرورة مكافحة جرائم الإرهاب، وبالتالي الحاجة إلى جهاز قضائي مختص لهذه الغاية، وبين التجسيد الفعلي لذلك على مستوى النصوص والقواعد التي تضمنتها هذه الاتفاقية وهي الملاحظة التي عبر عنها الفقيه ”  Donnedieu de Vabres ” قائلا:

” Il fallait subordonner l’élégance des constructions et même les inspirations de la logique à l’enseignement des faits au nécessité de la pratique (1)

إن اتفاقية جنيف لسنة 1937 وإن عبرت عن رغبة مختلف الدول في خلق قضاء مختص بالإرهاب يتمتع بالحياد والاستقلال التام ويساهم بشكل فعال في مكافحة هذه الجرائم، إلا أنها فشلت في ترجمة هذه الإرادة على مستوى النصوص والقواعد التي تضمنتها.

أما بالنسبة لاتفاقية روما لسنة 1998 فقد حاولت من خلال مقتضياتها إرساء نوع من الواقعية التشريعية، على أن المعارضة التي لقيها نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة من طرف بعض الدول قد يؤثر سلبا على عمل هذه الهيئة، ويحول دون ترجمة مقتضيات الاتفاقيات الدولية على مستوى القرارات القضائية.

تفتقر جل النصوص الخاصة بإنشاء جهاز قضائي دولي خاص بجرائم الإرهاب إلى الواقعية التشريعية الكافية لبلورة إرادة المجتمع الدولي، وصياغتها في إطار نصوص حية ومدها بالوسائل الكفيلة بدعمها من أجل ضمان احترام القانون الدولي والمقتضيات الاتفاقية وتجاوز الطابع الشكلي الذي يميز العديد من المؤسسات الدولية(2).

2-غياب مقتضيات إلزامية:

لعل أهم ملاحظة يمكن تسجيليها بصدد مختلف القواعد والمقتضيات المتعلقة بإنشاء محكمة جنائية دولية هو غياب الطابع الإلزامي سواء من حيث الصياغة أو على مستوى مضمون القواعد والنصوص، وينص الفصل الثاني من اتفاقية جنيف الخاصة بإنشاء محكمة جنائية دولية على أن ” للأطراف المتعاقدة صلاحية إحالة متهم أمام المحكمة الجنائية الدولية عوض محاكمته أمام قضائها المختص أو القيام بتسلميه…“.(3).

فانطلاقا من نص هذه المادة نلاحظ أن المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية ذو طابع اختياري””Facultatif، ذلك لأنها لا تقوم مقام القضاء الوطني إلا بناء على إرادة صريحة من الدولة

المعنية,.

إن وضعية المحكمة الجنائية الدولية تكتسي طابعا قانونيا مرتبطا بإرادة الدول والتي بإمكانها تعطيل إختصاص هذا الجهاز سيما إذا لم تكن طرفا فيها(1).

الواقع أن خلق وإنشاء جهاز قضائي دولي مختص في القضايا الجنائية يتطلب من جهة إرادة تشريعية واقعية وفعلية يتم ترجمتها في شكل نصوص وقواعد تنظيمية، ومن جهة ثانية إضفاء الطابع الإلزامي على مختلف النصوص والقواعد لتمكينها من أن تكون نافذة وكذا إلزام كافة الدول الأعضاء باحترام قراراتها والالتزام بها تحت طائلة المسؤولية(2).

المستوى الثاني: اختصاصات وصلاحيات المحكمة الجنائية الدولية

إلى جانب القواعد الخاصة بإنشاء وتكوين محكمة جنائية دولية وما يشوبها من عيوب ونواقص، لابد من الإشارة كذلك إلى الجانب المتعلق بالصلاحيات والاختصاصات المسندة لهذا الجهاز والتي تثير عدة ملاحظات نتطرق إليها كما يلي:

1-غياب الاختصاص الشامل والفعلي في قضايا الإرهاب

إن اتفاقية جنيف الخاصة بمكافحة ومعاقبة الإرهاب لاتقد م من خلال مقتضياتها “الفصلين الثاني والثالث” إطارا يستجمع مختلف مظاهر وأشكال الإرهاب، حيث أنها ركزت على بعض الأعمال الإرهابية نذكر منها: الاعتداءات على رؤساء الدول والحكومات إلى جانب تهديد الأمن والاستقرار وكذا حيازة الأسلحة والمتفجرات. أما بالنسبة لاتفاقية روما وطبقا للمادة الخامسة من قانونها الأساسي، نجد أنها حددت اختصاص المحكمة في أربعة أنواع من الجرائم ” جرائم الإبادة، جرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب وجرائم العدوان”، ولم يتم التعرض لجريمة الإرهاب كجريمة خاضعة لاختصاص هذه المحكمة(3).

أما من الناحية الشخصية فإن نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ينحصر في الجرائم الإرهابية المرتكبة من قبل أشخاص ذاتيين ولا ترد مقتضيات، سواء في إطار اتفاقية جنيف أو اتفاقية

روما،  تنص على مسؤولية وضلوع الدولة أو الأشخاص المعنوية في ارتكاب الإرهاب(1).

إن اتفاقية جنيف لسنة 1937 لم تبلور إطار شاملا لجرائم الإرهاب مما انعكس سلبا على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، كما أن عدم دخول هذه الاتفاقية حيز التطبيق أدى عمليا إلى تجميد اختصاصات وصلاحيات المحكمة واعتبارها لاغية وغير مؤهلة لمباشرة أي اختصاص أما بالنسبة لاتفاقية روما لسنة 1998، وبالرغم من ايجابية المقتضيات التي تتضمنها فإن واقع الممارسة الفعلي هو الكفيل بإعطاء تقييم لدور هذا الجهاز في مواجهة الجرائم عامة والجرائم الإرهابية على وجه الخصوص.

2- غيـاب الاستقلالية والحيـاد

إذا ما انكببنا على دراسة مختلف النصوص التنظيمية الخاصة بتشكيل هيئة المحكمة الجنائية الدولية سيما كيفية اختيار القضاة، سواء من خلال أحكام اتفاقية جنيف التي تنص في فصلها السادس على أن اختيار القضاة يتم انتقائهم من طرف قضاة محكمة العدل الدولية بلاهاي، أو بالنسبة لاتفاقية روما لسنة 1948 التي ينص نظامها الأساسي على أن اختيار القضاة يتم بواسطة مجلس الدول الأطراف من بين القضاة الذين ترشحهم الدول الأعضاء في المحكمة) (2)،

فانطلاقا من طريقة اختيار القضاة وترشيحهم ضمن إطار المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، يتضح بشكل جلي تأثير الدول الأطراف بالمجلس على سير عمل هذه الهيئة القضائية، والتي تكون غير محصنة ضد التأثيرات السياسية ، إن من شأن المس باستقلالية القضاء بصفة عامة أن يؤثر سلبا على حياد هذا الجهاز في تناوله للقضايا المعروضة عليه واتخاذ القرارات الصائبة بصددها.

والواقع أن المقتضيات والنصوص التنظيمية الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية لا تراعي مبدأ استقلالية القضاء كدعامة أساسية في تعزيز الدور الذي تقوم به، وتوفير الحياد المطلوب للبت في القضايا دون الأخذ بعين الاعتبار الضغوطات الخارجية والاعتبارات المختلفة.

المحور  الثاني: مظاهر عجـز أنظمة المكافحة الوطنية

تكتسي مكافحة الإرهاب على الصعيد الوطني أهمية بالغة، لدورها في احتواء ومعاقبة مختلف مظاهر هذه الجريمة التي تهدد استقرار الدولة ككيان، كما أنها قد تستهدف الأفراد أو الأموال، إلا أن أنظمة المكافحة الوطنية وعلى اختلاف توجهاتها تعاني من قصور في المعالجة وانعدام في الفعالية.

وتكمن أهم مظاهر عجز أنظمة المكافحة في محدودية أنظمة التجريم إلى جانب غياب تنسيق وتعاون فعلي بين مختلف التشريعات في مواجهة الإرهاب، وهو ما سنتناوله كمايلي:

– محدودية أنظمة التجريم الوطنية

-غياب التنسيق والتعاون بين مختلف التشريعات الجنائية

أولا- محدودية أنظمة التجريم الوطنية:

تعاني التشريعات الوطنية في إطار معالجتها لموضوع الإرهاب من مظاهر قصور عدة تهم من جهة غياب قوانين متكاملة حول الموضوع، إضافة إلى غلبة الطابع العقابي على جل المقتضيات، مقابل نقص ملحوظ للقواعد الخاصة بالوقاية والمكافحة.

1– غياب قوانين خاصة بالإرهاب

باستثناء بعض التشريعات الجنائية التي أفردت للإرهاب قانونا خاصا، كما هو الشأن بالنسبة للتشريع الألماني والإسباني والإيطالي والجزائري والمغربي، فقد اكتفت باقي التشريعات بإدخال تعديلات على قوانينها الجنائية من خلال إدراج بعض المقتضيات الخاصة بالإرهاب مثل التشريع الفرنسيوالتشريع المصري والتشريع اللبناني. (1)

إن المعالجات التشريعية المختلفة للإرهاب لاتوفر إطارا قانونيا متكاملا يستجمع مختلف

جوانب هذه الظاهرة الإجرامية، ويشمل مختلف أشكالها ومظاهرها، ذلك أن جل القوانين الصادرة في الموضوع اتسمت بطابع تجزيئي في المعالجة، حيث تناولت جوانب خاصة للإرهاب كاختطاف الطائرات وأخذ الرهائن والإرهاب الاقتصادي والإرهاب المعلوماتي. (2).

إن جرائم الإرهاب بحكم طبيعتها التركيبية تتطلب معالجة أكثر شمولية تأخذ بعين الاعتبار كل جوانبها وخصوصياتها لتجاوز الطرح التجزيئي الذي ميز مختلف التشريعات الصادرة في الموضوع.

2– الطابع الزجري لقوانين الإرهاب.

انطلاقا من دراستنا لمختلف القوانين التشريعية الصادرة في موضوع الإرهاب، تبين لنا بشكل واضح غلبة الطابع الزجري على جل المقتضيات، حيث أولت جل التشريعات عناية خاصة بالجانب المتعلق بالعقوبة والظروف المشددة لها، وقد اتسمت العقوبات المخصصة لمختلف جرائم الإرهاب بطابع التشديد، سيما في بعض أنواع الجرائم كجرائم اختطاف الطائرات وأخذ الرهائن واستهداف الأشخاص المتمتعين بحماية دولية، حيث تراوحت العقوبة بين السجن المؤبد والإعدام كحد أقصى والسجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات كحد أدنى.

ولم تكتف التشريعات الخاصة بالإرهاب بتقرير عقوبات مشددة، بل نصت كذلك على عقوبات تكميلية وتدابير وقائية إضافية من شأنها تعزيز العقوبة الأصلية وتدعيم دورها الزجري.

ومن خلال طبيعة العقوبات المحددة في إطار النصوص الخاصة بالإرهاب، اتضح لنا توجه

مختلف التشريعات نحو مضاعفة العقوبة قياسا بالجرائم التقليدية، وإذا أمكن تبرير هذا المنحى بالخطورة الاستثنائية لجرائم الإرهاب، فإنه لا يمكننا استساغته بشكل مطلق نظرا لتعارضه مع مبدأ تفريد العقاب، ولافتقاره للشرعية الجنائية التي يتطلبها القانون.

لقد كشف لنا واقع الإرهاب المتزايد أن تشديد العقوبة لا يشكل أسلوبا تشريعيا مناسبا وكفيلا للحد من تزايد هذه الجرائم، بل يتعين أن تكتسي العقوبة طابعا تقويميا يرمي إلى جانب زجر الجناة

إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع

3- ضآلة المقتضيات الخاصة بالوقاية والمكافحة

من خلال دراستنا للنصوص التشريعية المختلفة الخاصة بالإرهاب تبين لنا أن الجانب العقابي يشكل حيزا هاما من المعالجة التشريعية،في حين تفتقر أغلب التشريعات إلى نصوص خاصة بالوقاية والمكافحة(1)(1).

وتكتسي المقتضيات الخاصة بالوقاية والمكافحة أهمية بالغة في محاربة الجريمة بصفة عامة وجرائم الإرهاب بصفة خاصة، على اعتبار أن إعمالها من شأنه الحد من تزايد هذه الجريمة من خلال منع أسبابها وشروطها.

إن عدم الاهتمام بمقتضيات الوقاية والمكافحة يعكس النظرة التشريعية الضيقة لموضوع الإرهاب، مما أفرز نصوص جنائية تعطي أولوية كبرى للعقوبة على حساب اعتماد اجراءات خاصة بالمكافحة والوقاية،إن إعادة النظر في أسلوب معالجة جرائم الإرهاب يقتضي إيلاء جانب المكافحة والوقاية أهمية خاصة

ثانيا- غياب التنسيق والتعاون بين مختلف التشريعات الجنائية :

إن التطور المتزايد لجرائم الإرهاب سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، لم يواكبه تنسيق

وتعاون بين مختلف التشريعات في مواجهة هذه الظاهرة الإجرامية، مما يطرح العديد من الإشكالات

القانونية والصعوبات في تنفيذ المقتضيات التشريعية الوطنية والدولية.

وتبرز في هذا الإطار عدة مظاهر تجسد غياب تعاون بين مختلف التشريعات الوطنية، مما يؤثر بشكل بالغ على مكافحة الجريمة الإرهابية، ومن أبرزها نذكر مشكل الالتزام بالتسليم و مشكل التعارض بين أحكام النص الجنائي الوطني والاتفاقيات الدولية.

1-مشكل الالتزام بالتسليم

يعد الالتزام بالتسليم – كما أسلفنا-أحد المظاهر البارزة لوجود تعاون وتنسيق بين مختلف التشريعات الوطنية والدولية، ويخضع التسليم إلى المقتضيات التشريعية الداخلية إلى جانب الاتفاقيات الدولية والاتفاقيات الثنائية المبرمة في هذا الإطار(، ويثير التسليم بالرغم من وجود مقتضيات وطنية خاصة به وأيضا اتفاقيات دولية وثنائية إشكالا يتعلق برفض الدول الالتزام بطلبات التسليم المقدمة إليها، لاعتبارات تتعلق باحترام حق اللجوء وكذا عدم جواز التسليم في الجرائم السياسية، كما سبق القول.

إن عدم احترام الدول لمبدأ التسليم في الجرائم الإرهابية رغم التنصيص عليه في مختلف القوانين الجنائية الداخلية وكذا المعاهدات والاتفاقيات الدولية، يعكس  غياب التنسيق بين مختلف الدول المعنية وعدم احترامها للمعاهدات والمواثيق التي تصادق عليها.

2- مشكل التعارض بين أحكام النص الجنائي الوطني والاتفاقيات الدولية

إن طبيعة جرائم الإرهاب تقتضي خضوعها من جهة لأحكام التشريعات الوطنية، ومن جهة ثانية لمقتضيات الاتفاقيات الدولية أو الثنائية التي تبرمها الدول فيما بينها،   وقد يطرح تطبيق مختلف المقتضيات السابقة مشكل التعارض بين أحكامها ومقتضياتها، مما يثير إشكالية القانون الواجب التطبيق، هل هو القانون الوطني أم الدولي وماهو موقف الفقه والقضاء من هذا الإشكال؟.

مبدأ أولوية المعاهدة الدولية على القانون الداخلي

تعتبر المعاهدة قاعدة قانونية ملزمة وهو ما أكدته اتفاقية “فيينا” في الفصل 26 الذي جاء فيه:” إن كل

معاهدة معمول بها تربط بين الأطراف يجب أن تنفذها هذه الأطراف عن حسن نية”(1)، ويستند مبدأ  إلزامية المعاهدات الدولية إلى كل من الممارسات الدولية ونصوص المواثيق الدولية المختلفة(2).

إلا أن التأكيد على مبدأ أولوية المعاهدات الدولية على القانون الداخلي لا يحول دون حدوث تعارض بين أحكامهما. مما يطرح إشكالية القانون الواجب التطبيق؟.

وقد اختلفت الأنظمة القانونية في تناولها لهذا الموضوع بين نظرتين: نـظرية ثنائية القانـون ونظرية وحدة القانون، فالنظرية الأولى والتي يتزعمها الفقيه” Heinrich Tripel” ترى بأن القانون الدولي والقانون الداخلي يشكلان نظامين قانونين متساويين مستقل أحدهما عن الآخر، ويترتب على الأخذ بهذه النظرية أن القواعد الدولية لا تكون ملزمة في دائرة القانون الداخلي ولايلتزم القاضي الوطني بتطبيقها إلا إذا تحولت إلى قواعد داخلية وفقا للإجراءات الشكلية المتبعة في وضع وإصدار القوانين الداخلية.  أما النظرية الثانية التي يتزعمها “Kelson” فترى أن قواعد القانون الدولي وقواعد القانون الداخلي تشكل وحدة منطقية ومتناسقة، بمعنى أن النظام القانوني بجميع فروعه يكون وحدة لا تقبل التجزئة(3).

يتضح مما سبق أن كلا النظريتين تتبنيان أثر المعاهدة على القانون الداخلي، فنظرية ثنائية القانون تتطلب تحول المعاهدة إلى قانون داخلي من أجل ترتيب آثارها القانونية، أما نظرية وحدة القانون فإنها تكتفي بإبرام المعاهدة لكي تنفذ دون أن يتطلب ذلك تحولها إلى قاعدة داخلية(4).

موقف دساتير الـدول:

اختلفت دساتير الدول فيما بينها في مدى الأخذ بنظرية ثنائية القانون أو نظرية وحدة القانون كأساس تقوم عليه القوة الإلزامية للقانون الدولي في مواجهة القواعد الوطنية، ومن الدول التي نصت

صراحة في دساتيرها على أولوية المعاهدة الدولية على التشريع الداخلي نذكر:

– دستور فرنسا: طبقا للمادة 55 من دستور4 أكتوبر 1958 (دستور الجمهورية الخامسة) فإن المعاهدات والاتفاقيات التي تتم المصادقة أو الموافقة عليها طبقا للأوضاع المقررة قانونا يكون لها بمجرد

النشر قوة تفوق قوة القوانين الداخلية بشرط تطبيق الطرف الآخر المعاهدة أو الاتفاقية(1).

– دستور ألمانيا: طبقا للمادة 25 من دستور23 ماي 1949 الألماني (المسمى بدستور بون) فإن قواعد القانون الدولي تعتبر جزءا أساسيا ومكملا للقانون الفيدرالي، وهي تأتي في مرتبة أسمى من القوانين الداخلية، وتنشأ مباشرة حقوق والتزامات بالنسبة لسكان التراب الفيدرالي(2).

دستور الجزائر: تنص المادة 132 من الدستور الجزائري ل 28 نوفمـبر 1996 عـلى” إن  ” المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية، حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور تسمو على القانون“.

– دستور موريتانيا: تنص المادة 80 من الدستور الموريتاني المؤرخ في 20 يوليوز 1991 على أن: ” للمعاهدات والاتفاقيات الموافق عليها كذلك سلطة أعلى من سلطة القوانين وذلك فور نشرها شريطة أن يطبق الطرف الثاني المعاهدة أو الاتفاقية“.

– دستور مصر: تنص المادة :”151 من دستورسنة 2014 على ما يلي:” يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور. • ممثل الدولة للشؤون الخارجية الوضعية القانونية للمعاهدات ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. • الاستفتاءات وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن اى جزء من إقليم الدولة“.

 – الدستور المغربي: على خلاف الدساتير السابقة التي نصت صراحة على أولوية المعاهدة الدولية على القانون الداخلي، نجد أن الدستور المغربي لم يتطرق إلى ذلك بل اكتفى من خلال ديباجته على التأكيد أن المغرب يحترم التزاماته الدولية المترتبة عن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي يصادق عليها أو ينضم إليها، وبأنه يتمسك بالشرعية الدولية وبسمو نظام القانوني الدولي على النظام القانوني الداخلي طالما لايمس ذلك بالنظام الملكي أو بدين الدولة: الإسلام، وهكذا جاء في الفقرة الثالثة من تصدير الدستور: ” وإدراكا منها- أي المملكة المغربية- لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في هذه المنظمات، تتعهد بالالتزام بما تقتضيه

مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا((1)

موقف القضاء المغربي

استنادا إلى موقف المحاكم المغربية من مسألة مدى أولوية المعاهدة الدولية أو القانون الداخلي وسمو أحدهما على الآخر في حالة التعارض، نجدها تميل إلى تغليب مقتضيات الاتفاقيات الدولية على التشريعات الداخلية، ويتضح هذا التوجه في العديد من القرارات نذكر من بينها:

1- قرار محكمة الاستئناف بالرباط، الغرفة المدنية، بتاريخ 15 ماي 1969 في قضية مارك مايلان “Meylan”، وتتعلق بطلب إعادة التسجيل بجدول نقابة هيئة المحامين بالبيضاء، وقرار آخر صادر عن ذات المحكمة بتاريخ 16 ديسمبر 1969 في قضية “فرانسواز كازالز” “”Gazalz، تتعلق بطلب التسجيل بجدول هيئة المحامين بالبيضاء كمتمرنة، وفي هذين القرارين قضت المحكمة بسمو الاتفاقية القضائية المغربية الفرنسية المؤرخة في 5 أكتوبر 1957 والبروتوكول الملحق بها المؤرخ في 20 ماي 1965 على القانون الوطني.

2- قرار المجلس الأعلى، الغرفة الإدارية، بتاريخ 1 أكتوبر 1976، في قضية مارك ميلان-السابق ذكرها- في مواجهة مجلس هيئة محامي الدارالبيضاء، حيث قضى المجلس بتأييد قرار محكمة الاستئناف القاضي بإعطاء الأولوية في التطبيق لمعاهدة 1957 وبروتوكول 1965، مستعينا- بالإضافة إلى ذلك- بالتأويل الرسمي الذي أعطته وزارة الشؤون الخارجية المغربية وسفارة فرنسا بالمغرب، والقاضي بعدم تعارض المقتضيات الدولية مع المرسوم الملكي المنظم لنقابات المحامين. وللإشارة، فإن القضية هنا تتعلق بمحامي فرنسي لايحسن اللغة العربية (لغة الترافع طبقا لقانون التوحيد لسنة 1965)، وقد قضى المجلس الأعلى بأنه “لايجوز رفض طلب تقييد أحد المحامين الفرنسيين في نقابة المحامين المغاربة بسبب عدم معرفة اللغة العربية، ويجب على المعني بالأمر إذا كان لا يحسن اللغة العربية أن ينتدب زميلا يحسن هذه اللغة في جميع أعمال المسطرة غير الكتابية دون أن يمنعه ذلك من مؤازرة الخصوم في الجلسات”(1).

3-قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 29 أبريل 1964 ، حيث قضت المحكمة- بمناسبة نظر نازلة تتعلق بمسؤولية الناقل الجوي- بسمو اتفاقية فأرسوفا لسنة 1929 الخاصة بالنقل الجوي على قواعد القانون الجوي الوطني .وهكذا جاء في حيثيات هذا القرار: ” يجب أن تطبق على النقل الجوي بالمغرب اتفاقية فارسوفيا” (2.

4-قرار المجلس الأعلى بتاريخ 29 يونيو 1960، في طعن بالنقض موجه ضد حكم يتعلق بكمبيالة وقد جاء في هذا القرار: ” لا يضع الفصل 147 من القانون التجاري، الذي أخذ في فقرته السادسة بمقتضيات الفصل 631 من القانون الموحد الخاص بالسفتجة (الكمبيالة) والسند الإذني الذي تبنته الاتفاقية الدولية لجنيف بتاريخ 07 يونيو 1930 المصادق عليها من طرف المغرب أية طريقة للإثبات(3

انطلاقا من مواقف الفقه والاجتهاد القضائي يتضح مدى أهمية المعاهدة الدولية وسموها من حيث التطبيق على القانون الداخلي، وضرورة التزام التشريعات الوطنية المختلفة باحترام هذا المبدأ من خلال ملاءمة قوانينها ونصوصها الداخلية مع المقتضيات والمبادئ التي تقرها المعاهدات الدولية.

إن التعارض بين القانون الوطني والاتفاقيات الدولية في مجال جرائم الإرهاب يتعلق أساسا بمسألة تسليم المجرمين، حيث إن هناك مقتضيات وطنية تنص على عدم إمكانية التسليم خاصة في الجرائم السياسية، في حين تقضي الاتفاقيات الدولية الخاصة بالإرهاب بضرورة التزام الدول المتعاقدة بهذا المبدأ، وكذا بتضمين المقتضيات الخاصة به ضمن الاتفاقيات الثنائية التي تعقدها.

ويلاحظ في هذا الإطار غياب تنسيق وتعاون بين مختلف التشريعات الوطنية بصدد تطبيق مختلف النصوص والمقتضيات الخاصة بالإرهاب، سواء ذات الطابع الوطني أو تلك الخاصة بتطبيق المعاهدات والمواثيق الدولية، مما يؤدي إلى تعطيل كافة النصوص التشريعية الخاصة بموضوع الإرهاب مما سيؤثر سلبا على سياسة المكافحة والوقاية.

المحور الثالث: سبل تدعيم وتقوية أنظمة مكافحة الإرهاب :

التطرق لمحور تدعيم أنظمة المكافحة ,يقتضي منهجيا وموضوعيا التطرق الى سبل تقوية نظام المكافحة الدولي وسبل تقويته وزيادة فعاليته ,كما يستتبع التعرض الى سبل تحصين وزيادة النجاعة بالنسبة لأنظمة المكافحة الوطنية وهو ما سنتناوله على الشكل التالي:

اولا : تدعيم نظام مكافحة الإرهاب الدولي :

ننطلق في هذه النقطة من الملاحظات المسجلة حول نظام مكافحة الإرهاب الدولي ,لنقترح سبل تدعيمه وتعزيزه ليصبح أكثر فعالية في مواجهة مختلف جرائم الإرهاب ,من خلال تقوية وتطوير النصوص التجريمية ,وكذا آلية التسليم المعتمدة ,فظلا عن تقوية دور القضاء الدولي في التصدي للجرائم الإرهابية  التي لم تطلها القوانين والمحاكم الوطنية المختصة.

أ- تقوية النظام التجريمي الدولي الخاص بالإرهاب

ب- تدعيم آلية  التسليم في جرائم الإرهاب

ج- تكريس اختصاص القضاء الدولي في قضايا الإرهاب

اتضح لنا من خلال تناول نظام التجريم الدولي للإرهاب والمتمثل في مجموعة من الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة ,وجود أوجه عدة للنقص والقصور تتمثل في غياب بنية تجريمية متكاملة لجرائم الإرهاب ,كما أن تطور مختلف المقتضيات الدولية لو يواكب ويساير تطور أسلوب ونمط الجريبة الإرهابية  ,والتي عرفت طفرة سواء من حيث تنوع المجال {كما هو الشأن في المجال الرقمي..} ,أو من حيث الأساليب والوسائل المعتمدة لتحقيق الأهداف المختلفة في المشاريع الإرهابية العابرة للقارات بفضل وسائل وتقنيات التواصل الإلكتروني.

ويقتضي هذا القصور تعزيز وتطوير نظام مكافحة الإرهاب الدولي ,وجعله أكثر قابلية لاستيعاب الأشكال  والمظاهر الحديثة للجرائم الإرهابية الدولية .”[1]

اتضح من خلال التطرق لنظام التسليم المعمول به على الصعيد الدولي ,غياب النجاعة والفعالية في

تطبيق مقتضيات وآليات تسليم المجرمين بين الدول ,وضمان متابعتهم عن المنسوب اليهم من الأفعال الإرهابية المقترفة مما يأدي  عدم متابعة الإرهابيين  وافلاتهم من المتابعة والعقاب.

ومهما اختلفت أسباب ومبررات عدم التزام الدول بمسطرة تسليم الإرهابيين ,وضمان عدم افلاتهم من العقاب ,نجد ان نظام التسليم الدولي الخاص بجرائم الإرهاب في حاجة ماسة الى تقوية وتطوير من أجل التزام فعلي من قبل الدول المعنية بتسليم الإرهابيين الى الدولة ذات الاختصاص ,أو الى المحكمة الجنائية الدولية لتطبيق النصوص التجريمية المناسبة ,وضمان عدم تكرار الاعتداءات الإرهابية واتساع نطاقها  .

ان من شأن احترام الدول لمبدأ التسليم او المتابعة في جرائم الإرهاب أن يساهم بشكل فاعل في محاصرة تمدد نطاق جرائم الإرهاب ,ومتابعة المتورطين فيه وطنيا او دوليا احتراما  لمبدأ عدم الإفلات من العقاب.

ج- تكريس اختصاص القضاء الدولي في قضايا الإرهاب:

يعد القضاء الدولي في الجرائم الإرهابية  حجر الزاوية الأساسي في نظام المكافحة الدولي ,وتضطلع المحكمة الجنائية الدولية بدور رائد في سياسة المكافحة ,ومتابعة المجرمين بغض النظر عن مكان تواجدهم ,ويعتبر اختصاصها الشامل في القضايا الإرهابية الدولية نقطة قوة في مكافحة الجريمة الإرهابية .

الا أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية مرتبط من الناحية المسطرية بتسليم الدول الأعضاء للمجرمين أو المشتبهين اليها للمتابعة ,مما قد يشكل عائقا قويا يحد ةمن صلاحياتها وقد يغل يدها في المتابعة في حالة رفض التسليم او كون الدولة المعنية ليست عضوا ضمن اعضاء المحكمة الجنائية الدولية ,مما يحول دون بسط اختصاص المحكمة و بالتالي افلات الجناة من المتابعة والعقاب.” [2]

من أجل متابعة لمرتكبي جرائم الإرهاب الدولي يتعين من جهة اكمال مصادقة باقي الدول على ميثاق روما والتزامهم بمقتضياته وضوابطه ,كما  يجب تعزيز دور المحكمة من خلال تكريس فعلي لاختصاصها في جرائم الإرهاب الدولية ,من خلال التزام الدول –سيما الأعضاء- بمبدأ تسليم المجرمين لمتابعتهم أمام المحكمة الدولية .

على انه يجب الملاحظة على وجود ترابط فعلي بين مكونات نظام مكافحة الإرهاب على الصعيد الدولي من خلال وجود قانون واتفاقيات دولية متكاملة تأسس لنظام تجريمي فعال وكامل وقابل للتطور بشكل يوازي تطور الإرهاب الدولي وآلياته ومظاهره الحديثة ,فضلا على تفعيل نظام التسليم من لذن الدول المعنية ,وأخيرا تقوية لدور المحكمة الجنائية الدولية في متابعة المتورطين في الارهاب الدولي ومعاقبتهم على الأفعال المرتكبة .

ومن شأن تقوية نظام المكافحة كمن خلال تدعيم عناصره المحورية ,ان يأسس لعدالة دولية كفيلة بمواجهة الإرهاب الدولي من خلال انخراط فعلي لمكونات المجتمع الدولي في خطوات وآليات المكافحة انطلاقا من مقتضيات التجريم ألإلزامية ومرورا باحترام مبدأ التسليم أو المتابعة ,وصولا الى تكريس اختصاص المحكمة الدولية ضمانا لعدم الإفلات من العقاب ,وتدعيما لمواجهة آفة الإرهاب وانعكاساتها الوخيمة على الأمن والسلم العالميين.

خاتمة :

تناولنا من خلال هذا البحث مختلف جوانب نظام المكافحة الخاص بجرائم الإرهاب , حيث تطرقنا لتشخيص أولي أبرزنا من خلاله مختلف مظاهر المكافحة سواء من الناحية  التشريعية ,الإجرائية والقضائية  .

وحاولنا من خلال هذه الدراسة تناول مستويات المكافحة ,سواء على الصعيد الدولي والهياة المختصة ,او على المستوى الوطني  وكيفية تصدي الدول للتهديدات والجرائم الإرهابية التي ترتكب فوق ترابها او تستهدف مواطنيها ومصالحها..

ولم نكتف فقط في هذا السياق بمجرد تشخيص لمواطن الضعف ومكامن الخلل ,بل تجاوزنا ذلك الى اقتراح سبل دعم انظمة المكافحة وزيادة نجاعتها وفعاليتها في مواجهة التطور الإرهابي المعاصر والتصدي لمرتكبيها من خلال إعمال مجموعة من الإجراءات والتدابير ذات الطابع الوقائي والردعي.

ومن خلال هذه الدراسة يمكن الخروج بمجموعة من الخلاصات والاستنتاجات نجملها في ما يلي:

-ضرورة تعزيز أنظمة المكافحة سواء الوطنية أو الدولية بمقتضيات تجريمية متكاملة وفاعلة  تستوعب مختلف أشكال الجريمة الإرهابية وتواكب تطورها ,وتكفل متابعة مرتكبيها  سواء أما القضاء الوطني او الدولي.

-يحتاج نظام التسليم الخاص بجرائم الإرهاب الى اعادة النظر في مقوماته ومسطرته ,والتزام الدول به بشكل يساهم في التصدي للإرهاب ومحاصرة مقترفيه ,والحيلولة دون إفلاتهم من العقاب .الشيء الذي لن يتأتى دون احترام لقاعدة المحاكمة أو التسليم كمبدأ يأطر تعامل الدول مع الإرهاب بمختلف مظاهره وأشكاله.

-يضطلع القضاء الجنائي الوطني أو الدولي –المتمثل في المحكمة الجنائية الدولية بدور فعال ومؤثر في مجال التصدي للإرهاب ,ومعاقبة المتورطين فيه ,والحد من التهديد الذي يمثله على السلم والأمن العالميين. على ان القيام بهذا الدور يقتضي على المستوى الوطني ايجاد قضاء مختص بالجرائم الإرهابية – كما هو الشأن في المغرب-  يتسم بما يكفي من الكفاءة والخبرة والحيادية والتجرد للبث في قضايا الإرهاب وإيجاد العقوبات  والتدابير الكفيلة ليس فقط بعدم ارتكاب الجرم الإرهابي ,بل المساهمة في مكافحة أسبابه ودوافعه .أما على المستوى الدولي فتفعيل دور المحكمة الجنائية الدولية يبقى رهينا بمصادقة كل الدول علة ميثاقها  الأساسي ,والتزامهم الفعلي باختصاصها في الجرائم الإرهابية ذات الطابع الدولي و التي لم تخضع للقضاء الوطني .

– طبيعة الجرائم الإرهابية الحديثة يستلزم اعمال البعد الإستباقي والتوقعي في مختلف مكونات المكافحة سواء على مستوى النصوص التجريمية ,او من خلال مقتضيات تسليم المجرمين ,او عند المتابعة وتنفيذ الأحكام والعقوبات .ومن شأن هذا التوجه أن يساهم في ارساء نظام مكافحة متكامل وفعال وقابل للتطور وفق واقع الجريمة الإرهابية ومتغيراته.

–  إن كل  اجراءات وتدابير المكافحة الخاصة بالجرائم الإرهابية سواء على الصعيد الوطني او الدولي, لا يمكن أن توفر النجاعة الكافية ما لم تصاحبها سياسة اجتماعية واقتصادية وثقافية ونفسية ترمي الى مكافحة أسباب الإرهاب ,واقتلاع جذوره وظروف  قيامه ,أي مكونات البيئة التي تنتجه وتوفر له شروط القيام ,مما يستلزم تظافر الجهود بين الدول والهياة الدولية المختصة للتصدي للإرهاب ومكافحة مظاهره المختلفة.

-لقد أصبحت بعض الدول المعنية بمكافحة الإرهاب- منها المغرب- تشكل إطارا مرجعيا لباقي الدول في بلورة سياسة مكافحة ناجعة وفاعلة ,مما فتح المجال لتنسيق محكم بين الدول المعنية وأجهزتها المختصة بمكافحة الجريمة الإرهابية ,من خلال تبادل المعلومات والخبرات والتجارب ,في سبيل محاصرة الجريمة الإرهابية وامتداداتها الجغرافية, وقد مكن هذا التنسيق بين الأجهزة من استباق مجموعة من العمليات الإرهابية وإنقاد العديد من الضحايا وهو ما يعتبر نقطة ضوء ,ولبنة أساسية من أجل نظام مكافحة يعتمد على تنسيق الجهود واستثمار التجارب الإيجابية في سبيل التصدي لأشكال الإرهاب المختلفة.

 

 (1)  ” L’article 2 de la convention de Genève du 16/11/1937 oblige chaque état contractant d’incriminer dans ses législations interne: https://legal.un.org/avl/pdf/ls/RM/LoN_Convention_on_Terrorism.pdf

1- Le terrorisme tels qu’il est défini dans l’article premier.

2- Les faits énumérés par les paragraphes 1 à 5 de l’article 2,  il en est ainsi des attentats contre les chefs de l’état (article 2- 1 er) les dégâts causes au biens de l’état ( Art 2- 2 éme), la création de danger commune susceptible de mettre des vies humaine en péril ( art 2- 3 eme) – la tentative ainsi que l’utilisation à cette fin d’armes de munitions d’explosifs”. Eric David, op cit, P:116.

(1) ” Il s’agit d’incrimination de certains forme d’actions criminelles par analogie ou assimilation au terrorisme, toute fois aucune d’entre eux n’incrimine le terrorisme en tant que crime distinct”. Mohamed Mehana, op cit , P:552.

(2)  أنظر في هذا الشأن الفصل 11 من اتفاقية طوكيو 1963 والمتعلق بالاسترجاع” Restitution “،مشار إليه في مؤلف محمد مهنا المرجع السابق، ص: 559.

(3)  “لقد أفرزت تقنية التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب العديد من الأدوات القانونية التي عنيت بتحديد إطار قانوني لمتابعة الظاهرة، إلا أنه مع ذلك يمكن القول بأن الجماعة الدولية بمختلف مكوناتها قد اختارت التعامل مع الظاهرة على أصعدة مختلفة وبمرونة متفاوتة.

إن استعراض مختلف عناصر وآليات الترسانة القانونية لزجر الإرهاب يستدعي إبداء ملاحظة أولية تتلخص في كون هذه العناصر ليست من حصيلة واحدة، بل تختلف باختلاف درجة التركيز على العنصر المجرم وبتباين أوجه النشاط المجرم وأخيرا باختلاف المجموعة الدولية”. محمد السعيد المعتصم به رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا ,كلية العلوم القانونية الرباط 1985ص: 303.

(4)  أحمد رفعت، الإرهاب الدولي ,مركز الدراسات العربي الأوروبي .الطبعة الأولى 1998 ص: 144.

  (1 Mohamed Mehana  Le terrorisme et la crise du droit international moderne. par Mohamed Mehanna. Thèse de doctorat en Droit public. Sous la direction de René Chiroux  clement Ferrand1  1989  . p550

.

(2)  نفس المقتضيات تضمنتها كل من:

– اتفاقية جنيف الخاصة بمكافحة الإرهاب لسنة 1937 الفصل الثامن

– اتفاقية واشنطن الخاصة بمكافحة الإرهاب لسنة 1971 الفصل الثالث والخامس والسابع.

– اتفاقية مونريال الخاصة بالأعمال الإجرامية الموجهة ضد الملاحة الجوية المدنية لسنة 1971 الفصل الثامن.

3/  David Eric Eléments de droit pénal international  la répression national et international des infractions internationales 4 me édit Bruxelles Edition Bruylant 1994 P212

1)   Mohamed Mehana, op cit, P : 564

(2) إلهام محمد العاقل، مبدأ عدم تسليم المجرمين في الجرائم السياسية، المرجع السابق، ص: 252.

(1)     Donnedieu De Vabres , la répression international du Terrorisme, Revue de droit international

de S Glaser · ‎1973 p72

.

(2)   طبقا لمقتضيات المادة 17 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة، فإن الولاية الجنائية للمحكمة على الجرائم الداخلة في اختصاصها لا تسري إلا عندما تعجز أو تعزف المحاكم الوطنية عن متابعة الأشخاص المتورطين في هذه الجرائم.

(3)  تنص المادة 13 من النظام الأساسي لاتفاقية روما على أن مسطرة المتابعة أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة تكون بناء على الطلب من دولة طرف في النظام العام أو بإحالة من مجلس الأمن بناء على مقتضيات الفصل السابع من ميثاق منظمة الأمم المتحدة أو بمبادرة من المدعي العام مما يفسر غياب الطابع الإلزامي للمتابعة أمام القضاء الدولي.

(1)  بررت الولايات المتحدة معارضتها لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة من أن تصبح أداة سياسية ضد تصرفات جنودها المنتشرين في مناطق كثيرة من العالم.

انظر محاضرة للأستاذ “John Washborn” منسق للمنظمات غير الحكومية للتحالف من أجل المحكمة الجنائية الدولية في الحلقة الأكاديمية التي أقامها المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة في القاهرة مابين 24 و27 ماي 2001.

مشار إليها في مقال عبد الحسين شعبان، المرجع السابق ، ص: 68 هامش11.

(2) ” إن حلم تحقيق عدالة جنائية دولية تتجاوز المفهوم الضيق للسيادة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول…سيبدأ في التحقق ابتداء من بداية يوليوز 2002 تاريخ البداية الفعلية لنشاط المحكمة الجنائية الدولية الدائمة. لكن لكي يتحقق الحلم بطريقة أعمق وأشمل، يتعين تعزيز هذا المكسب القانوني الكبير بتوسيع دائرة المصادقة على النظام الأساسي للمحكمة وسن تشريعات وطنية ليس فقط لإنفاد نظام روما وإنما كذلك للتنصيص على أن الأفعال التي يجرمها نظام روما هي أفعال كذلك مجرمة  في القانون الوطني أينما ارتكبت وأيا كان ضحيتها”. مقال لعزالدين غفران وأحمد الحجامي، المرجع السابق ، ص: 9.

(3)  إن عدم التنصيص على جرائم الإرهاب في إطار المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة لايفيد استبعاد جرائم الإرهاب من دائرة اختصاصها.

 (1).  باستثناء نص المادة 27 /2 الخاصة بسريان القواعد الإجرائية، بغض النظر عن الحصانة التي يتمتع بها الأشخاص الرسميون،سواء على الصعيد الوطني أو الدولي.

(2) ويقول الأستاذ “Antonie Sottle”للتعبير عن هذا السياق أن إتباع هذا الأسلوب يتعارض مع استقلال المحكمة الجنائية الدولية والذي يتعين الحفاظ عليه.

(1)  يتضح من مقتضيات التشريع الفرنسي الخاص بالإرهاب أنه لم يستحدث جرائم جديدة بل اكتفى بإضافة ظروف مشددة عامة لجرائم قائمة حيث أخضع هذه الجرائم لقواعد خاصة تتعلق بالاختصاص والإجراءات، وهو ما أكده موقف القضاء الفرنسي في القرار الجنائي بتاريخ 7 مارس 1987    Crim 7 Mars 1987 Bull crim N° 186 .  : اجتهاد قضائي مشار إليه في مؤلف مدحت رمضان، المرجع السابق، ص: 91 هامش 139.

(2)  أحمد محمد رفعت، الإرهاب في ضوء أحكام القانون الدولي  والاتفاقيات الدولية  وقرارات الأمم المتحدة  دار النهضة العربية القاهرة ,1992 ، ص: 191-192

 

(1)  مدحت رمضان، المرجع السابق، ص: 81-82.

(1)  نجاة بضراني، مدخل لدراسة القانون، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة الثانية 2001، ص: 221-222.

(2)  تؤكد معاهدة فيينا على مبدأ أولوية المعاهدات الدولية على القانون الداخلي وعلى ضرورة احترامه وهذا ما يتجلى من خلال الفصل 27 منها الذي جاء فيه:” لا يجوز أن يستند أحد الأطراف إلى مقتضيات قانونه الداخلي لتبرير عدم تنفيذ معاهدة ما”.

(3)  فريد الحاتمي القانون المطبق على عقود النقل البحري للبضائع- نظرة حول القانون المغربي- مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية العدد 33، 1994، ص: 148 وما بعدها.

(4) محمد لديدي، الالتزام بالمعاهدات الدولية وترجيحها على القانون الداخلي، مقال منشور بمجلة حقوق الإنسان، المجلد الثالث، دراسات تطبيقية عن العالم العربي، دار العلم للملايين، بيروت لبنان الطبعة الأولى نونبر 1989 ص: 177 وما بعدها.

مقال مشار إليه في مؤلف نجاة بضراني، المرجع السابق، ص: 222 هامش رقم 709.

(1)  Article 55: de la constitution Française du 4 octobre 1958 énonce que: “les traités ou accords régulièrement ratifiés  approuvés ont dés leur publication, une autorité supérieure à celle des lois, sous réserves, pour chaque accord ou Traité, de son application par l’autre partie”.

مشار إليه في مرجع نجاة بضراني، المرجع السابق، ص: 223 هامش رقم: 713.

(2)  انظر في نفس الإطار الفصل 10 من دستور 27 دجنبر 1947 الذي ينص على مايلي:

” L’ordre juridique italien se conforme aux règles du droit international généralement reconnues”

 (1)  بالرجوع إلى الفصل 31 من الدستور نجده اكتفى بالنص على أن المعاهدات يوقعها ويصادق عليها الملك، ومع ذلك فإن الفقه والقضاء يميلان إلى تغليب المعاهدة على القانون الوطني عند التصديق أو الإنضمام إليها لاعتبارات منها:

1- أن الدستور أعلن في ديباجته عن التزام المغرب باحترام المواثيق والمبادئ والحقوق والواجبات بوصفه عضوا في المنظمات الدولية

2- أن المغرب صادق على اتفاقية فيينا لسنة 1969 حول قانون المعاهدات التي تنص على أنه لايجوز لطرف أن يستدل بمقتضيات قانونية محلية ليبرر عدم تنفيذ المعاهدة (الفصل27).

3- أن العديد من النصوص التشريعية تغلب صراحة المعاهدة على التشريع الوطني نذكر منها :                            =

=- ظهير 6 شتنبر 1958 بشأن قانون الجنسية

– ظهير 8 نونبر 1958 بشأن تسليم المجرمين( منشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 19 دجنبر 1958 الصفحة: 2057.

– ظهير 23 يونيو 1916 المتعلق بحماية الملكية الصناعية

– ظهير 2 مارس 1973 المتعلق بمغربة بعض القطاعات والأنشطة (منشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 7 مارس 1973 ص: 392).

– ظهير 27 شتنبر 1957 المحدث للمجلس الأعلى (منشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 18 أكتوبر 1957 ص: 136).

الظهير الشريف رقم 1.93.162 بتاريخ 10 شتنبر 1993 المتعلق بقانون تنظيم مهنة المحاماة ( منشور بالجريدة الرسمية عدد 4222 بتاريخ 29 شتنبر 1993).

– ظهير شريف رقم 20-00-1 ، بتاريخ 15 فبراير 2000، الصادر بتنفيذ القانون رقم 00-2 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة (منشور بالجريدة الرسمية عدد 4810 بتاريخ 06 يوليوز 2000 ص: 604)

هذه الظهائر مشار إليها في مؤلف نجاة بضراني ، المرجع السابق، ص: 227-228.

(1)  قرار مدني عدد 249 مؤرخ ب01 أكتوبر 1976، منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد، العدد 5 سنة 1979 ، ص: 145 وما بعدها. مشار إليه في مؤلف نجاة بضراني ، المرجع السابق، ص: 229.

(2)  قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية، بتاريخ 25 أكتوبر 1964 ص: 97. مشار إليه في مؤلف نجاة بضراني ، المرجع السابق، ص: 229.

(3)  قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية، بتاريخ 25 يوليوز 1960 ، ص: 79. مشار إليه في مؤلف نجاة بضراني ، المرجع السابق، ص: 229.

– وقد أكد المجلس الأعلى نفس التوجه في القرار الصادر بتاريخ 2 أبريل 1997 في الملف التجاري عدد 2171 ردا على وسيلة أثارها الطاعن لخرق قرار محكمة الاستئناف بتازة في الملف المدني عدد 553/94 مقتضيات الفصل 11 من معاهدة نيويورك لسنة 1966  لمنشورة بالجريدة الرسمية عدد 3225 بتاريخ 21 ماي 1980 وقد جاء في حيثيات القرار ما يلي:

” لكن حيث إنه إذا كان الفصل 11 من ميثاق الأمم المتحدة المؤرخ في 16 دجنبر 1966 المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليها من المغرب بتاريخ 18 نونبر 1979 يقضي بأنه ” لا يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي” فإن القرار المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي القاضي بتحديد مدة الإكراه البدني في حق الطالب في حالة امتناعه عن الأداء ولم يحدده في حالة عدم استطاعته الأداء أو عدم قدرته عليه يكون غير خارق للفصل المذكور وتبقى الوسيلة عديمة الأساس…”.

إدريس بالمحجوب، سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الداخلي مقال منشور بمجلة القسطاس “مجلة قانونية لهيئة المحامين بمكناس” السنة 2 عدد 2 أكتوبر 1998. ص: 135-142.

في نفس السياق قضت محكمة التمييز الأردنية في قرار لها بأنه: ” لا يصح الاستناد إلى اتفاقية الرياض ” الخاصة بتسليم المجرمين” أثناء النظر بطلب تسليم صادر عن دولة غير مصادقة على هذه الاتفاقية”.

=ذهب الاجتهاد القضائي الفرنسي إلى ترجيح تطبيق الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني مستندا على الفصل 55 من الدستور الفرنسي حيث جاء في حيثيات القرار الصادر عن محكمة النقض الغرفة الجنائية بتاريخ21 أكتوبر 1970 مايلي:

” Attendu d’une part qu’aux termes de l’article 55 de la Constitution du 4 Octobre 1958 les traités ou accords régulièrement ratifiés et approuvés ont dés leur publication une autorité supérieure à celles des lois, sous réserve pour chaque accord ou traité , de son application par l’autre parti…

attendu qu en  l’état de ce texte, c’est par l’exacte application de l’article 55 de la constitution que les juges d’appel ont estimé ne pas devoir faire application aux vins importés des dispositions de l’article 4 du code du vin….

Attendu ont l’état de ces constatations de fait  nonobstant tous motifs surabondants voire erronés , l’arrêt attaqué a donner une base légale à décision ; qu’ainsi le moyen doit être écarté….Par ces motifs rejette”.

Chambre Criminelle 21 Octobre 1970 D 1971 .221 , Juris Classeur pénal  1971 II 16671

Jean Pradel et André Varinard, Les grand arrêtès du droit criminel Edition Dalloz Paris 1995, Tome 1, P: 46-49.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]” أصدرت  الخارجية الأميركية في  24ماي تقريرها السنوي الخاص بالإرهاب لعام 2019، الذي تضمن ملاحظات بشأن التعاون الإقليمي لمكافحة “الإرهاب”، وذكر العديد من حالات توظيف قوانين المكافحة كغطاء ضد المعارضين والناشطين السياسيين، وإدراج آخرين ضمن قوائم منع الدخول لأراضيهم. https://www.aljazeera.net/news/2020/6/25

 

[2] ستطيع المحكمة تلقائياً ممارسة سلطة قضائية على الجرائم المرتكبة في أراضي أي دولة عضو أو المرتكبة من أشخاص ينتمون لأي دولة عضو. الدول الأعضاء يجي أن تتعاون مع المحكمة, بما في ذلك تسليم المشتبه فيهم عندما تطلب المحكمة منهم ذلك . https://www.marefa.org

Exit mobile version